2024... سيكون «عام الفانيلا» في عالم العطور

سحره يكمن في دفئه والحنين إلى ذكريات الماضي الجميل

بدأت الفانيلا تسترجع مكانتها في صناعة العطور الدافئة والمريحة (أوجار)
بدأت الفانيلا تسترجع مكانتها في صناعة العطور الدافئة والمريحة (أوجار)
TT

2024... سيكون «عام الفانيلا» في عالم العطور

بدأت الفانيلا تسترجع مكانتها في صناعة العطور الدافئة والمريحة (أوجار)
بدأت الفانيلا تسترجع مكانتها في صناعة العطور الدافئة والمريحة (أوجار)

يشهد عالم العطور تشكل ملامح صيحات وتوجهات جديدة يبدو أنها ستهيمن على عام 2024، من أبرزها عودة الفانيلا (الفانيليا) القوية.

بالتأكيد الفانيلا ليست من المكونات الجديدة، بل على العكس تماماً، كانت جزءًا أساسياً في صناعة العطور الحديثة الفاخرة على مدى أكثر من قرن. ربما تكون البداية كما نعرفها الآن بفضل شركة «غيرلان» الفرنسية، التي كان لها السبق في إضافة هذا المكون إلى عطرها الأيقوني «جيكي»، عام 1921 بشكل صريح. ونظرا لنجاحه، لم يغب هذا المكون عن الكثير من عطورها الدافئة والناجحة على حد سواء. مؤخرا مثلا طرحت عطرها جيرليناد Guerlinade، الذي تدخل فيه ست مواد خام على رأسها الفانيلا، الورد، البرغموت، السوسن، الياسمين وحبوب التونكا، ما جعل قوامه ساحرا، وكذلك عطر «فانيلا بلانيفوليا» الذي يغني اسمه عن أي شرح.

عطر «فاني بلانيفوليا» (غيرلان)

بيد أن ما تجدر إليه الإشارة أن شركة «غيرلان» لم تكن البادئة في استعمالها. فهذه التوابل العطرية التي تستخرج من بساتين الفاكهة الاستوائية بغابات أميركا الوسطى والجنوبية، وكذلك المكسيك، تضرب جذورها في حضارات قديمة بأميركا اللاتينية منذ عصر المايا، قبل أن تتحول إلى واحدة من أكثر النكهات والعطور شعبية على مستوى العالم، وتدخل في صناعة الأطعمة والمشروبات وكذلك العطور ومستحضرات التجميل.

الجديد حاليا أن مصنعي العطور يتسابقون لمنح هذا المكون حضورا أقوى في خلطاتهم. قد يكون السبب اشتياق العملاء في الفترة الأخيرة لمشاعر الراحة والسكينة وحنينهم لذكريات الماضي. وطبعا ليس هناك أكثر من رائحة الفانيلا تسهم في بث شعور بالطمأنينة وتعزز الشعور بالسلام والهدوء.

هناك حنين لذكريات الماضي يرتبط برائحة الفانيلا ما يشجع على استعمالها (أوجار)

ولا تقتصر ميزات الفانيلا على عبقها الآسر وتأثيرها اللطيف على الحالة المزاجية، وإنما يعتبر زيت الفانيلا كذلك غنياً بمضادات الأكسدة، يمكن استعماله لتجديد البشرة، وهو ما يُفسر إدخاله في مستحضرات العناية بالبشرة ومستحضرات التجميل ككل. وحتى من ناحية تمازج الخلاصات العطرية مع بعضها، فإن العطارين يرون في الفانيلا مكوناً مميزاً تتنوع استخداماته، وسرعة اندماجه وتناغمه مع عدد لا حصر له من العناصر العطرية الأخرى.

على سبيل المثال، غالباً ما تحتوي عطور العنبر على الفانيلا. ومن الأمثلة الحديثة على ذلك الإصدار الجديد من «غوتشي غيلتي»: «(إكسير)، الذي تتراقص فيه روائح الأزهار العنبرية والمندورا الفاكهية مع خلاصة الفانيلا وحبوب التونكا الفواحة». وبالمثل، غالباً ما تحتوي العطور الخشبية على الفانيلا لإثراء الروح المخملية الناعمة بها.

تحرص «أوجار» في عطورها على أن تستعمل فقط الخلاصات الطبيعية والثمينة (أوجار)

من الأمثلة الجديدة على ذلك عطر «إنسون كويفر»، من دار «أوجار» العربية، ليمزج مجموعة من العناصر الكلاسيكية المميزة بعالم العطور الشرقية مع الفانيلا، التي تصفها الدار بـ«ذهب العطارين».

داخل قارورة «إنسون كويفر» يقترن «اللبان، المستخرج من جبال سلطنة عمان، وعشبة المر الثمينة التي تنمو في قلب أفريقيا، وصمغ إيليمي، ذاك الكنز الثمين المستخرج من أعماق آسيا» بخلاصة الفانيلا الطبيعية.

لكن أهم شيء اعتمدته شركة «أوجار» هو عناصر تضمن الصحة والسلامة، بالابتعاد تدريجياً عن المكونات الاصطناعية المشتقة من البترول التي ثبتت أضرارها الصحية. فما ينبغي الانتباه إليه هنا أن الفانيلا في عالم العطور ليست دوماً طبيعية، وإنما هناك كذلك الفانيلين الاصطناعي وإيثيل الفانيلين اللذان يحظيان باستعمال كبير، لأنهما أرخص بعشرين مرة على الأقل من الفانيلا الطبيعية، ويتجاوز الإنتاج السنوي منهما نحو 20.000 طن متري.

في المقابل يستمدّ عطر Encens Cuivre الوحي من الأساطير القديمة، فيكتب سطور حكاية عنوانها ثلاثة كنوز مستخرجة من أعماق الأرض، وهي اللبان وعشبة المرّ والذهب. فقد رمزت هذه المواد الثمينة على مر العصور إلى الروحانية والفخامة. وما علينا إلا أن نتخيل ما سينتج عنه التقاء هذه المواد الطبيعية الثمينة: اللّبان، المستخرج من جبال سلطنة عمان؛ وعشبة المرّ التي تنمو في قلب أفريقيا، وصمغ إيليمي، المستخرج من أعماق آسيا مع خلاصة الفانيلا الطبيعية، الملقّبة بـ«ذهب العطّارين»، تزيدها قاعدة من المسك سحرا دافئا يخلِّف وراءه شذى آسرا.


مقالات ذات صلة

«دولتشي آند غابانا» تطلق عطراً للكلاب

لمسات الموضة عطر خاص بالكلاب يحمل اسم «فافيه» (دولتشي آند غابانا)

«دولتشي آند غابانا» تطلق عطراً للكلاب

أطلقت «دولتشي آند غابانا» عطراً خاصاً بالكلاب يحمل اسم «فافيه».

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق يشارك المصور العالمي فلاديمير أنطاكي زوار المعرض جولته في أزقة الرياض (هيئة المتاحف)

«درب البخور» شريان اقتصادي وطريق عبور تاريخية في رحلة صناعة العطور

منذ العصور القديمة لعبت الجزيرة العربية أرض اللبان والعنبر والمر دوراً رئيسياً في تركيب العطور وقدم العالم العربي على اتساعه أنواعاً من الزهور لإثراء الوصفات.

عمر البدوي (الرياض)
لمسات الموضة تم الكشف عن هذه المجموعة بمناسبة افتتاح الدار لأول محل مجوهرات وساعات مستقل بنيويورك (شانيل)

عطر «شانيل نمبر 5» يصل إلى عالم المجوهرات الرفيعة

عطر عمره أكثر من قرن. تتوارثه الحفيدات عن الأمهات والجدات، وفي كل مرة ينجح في دغدغة الحواس بإحيائه ذكريات لأشخاص مروا بحياتنا أو أثروها.

«الشرق الأوسط» (لندن)
لمسات الموضة كل العطور التي ابتكرها هادي سليمان حتى الآن مستلهمة من تجاربه الخاصة (سيلين)

خلي بالك من «زوزو»... العطر الجديد لـ«سيلين»

«زوزو» هو آخر عطر في سلسلة العطور المتخصصة التي طرحها المصمم هادي سليمان لدار «سيلين». ولولا أننا نجهل مدى ثقافته بالسينما العربية، لدفعنا الحماس للقول أن…

«الشرق الأوسط» (لندن)
لمسات الموضة كاورلينا أدريانا هيريرا في إحدى رحلاتها إلى منطقة الشرق الأوسط (كارولينا هيريرا)

كارولينا هيريرا تبعث رسالة حب بخلاصات شرقية

قبل أن تُؤجِج المجموعات الرمضانية الاهتمام بمنطقة الشرق الأوسط في شهر رمضان الفضيل وتجعل صناع الموضة يتنافسون على طرح أزياء وإكسسوارات خاصة وحصرية، كانت العطور.

«الشرق الأوسط» (لندن)

حرب الأناقة بين السياسيات والساسة في أميركا

إطلالات رتيبة تلعب على المضمون اعتمد عليها السياسيون الأميركيون (إ.ب.أ)
إطلالات رتيبة تلعب على المضمون اعتمد عليها السياسيون الأميركيون (إ.ب.أ)
TT

حرب الأناقة بين السياسيات والساسة في أميركا

إطلالات رتيبة تلعب على المضمون اعتمد عليها السياسيون الأميركيون (إ.ب.أ)
إطلالات رتيبة تلعب على المضمون اعتمد عليها السياسيون الأميركيون (إ.ب.أ)

كم تختلف ليلة قبول نائبة الرئيس الأميركي كامالا هاريس، ترشيح الحزب الديمقراطي لها عن البارحة. في هذه الليلة تكررت أمامنا صور تابعناها لسنوات إن لم نقل عقوداً. صور تصيب الناظر بالملل لرتابتها ولعبها على المضمون. المقصود هنا ليس الخطابات بل إطلالات السياسيين الأميركيين، التي افتقدت، ألواناً وتفاصيل، إلى الجُرأة التي يحتاج إليها بعضهم، لكسب قلوب الناخبين صوتاً وصورة. جاءت ألوانهم متشابهة ومتكررة وكأنهم عقدوا هدنة مع الموضة ابتعدوا بموجبها عن كل ما يخض المتعارف عليه أو يُعبِّر عن تفرُّد شخصي.

الأمس كان مختلفاً، وليس أدل على هذا من إطلالات رؤساء من أمثال جي إف كيندي ورونالد ريغان. وبينما يقول البعض إن الأول لم يكن جريئاً بقدر ما كان يتمتع بكاريزما تُعزز وسامته وتميزه بغض النظر عن أزيائه وإكسسواراته، فإن الكل يتفق أن الثاني، ريغان، كان الأكثر أناقة من بين كل من رأسوا الولايات المتحدة الأميركية. نظرة سريعة إلى صور قديمة له تُظهره ببدلات بألوان الزيتون والبن إلى جانب الألوان الكلاسيكية مثل الأزرق والكحلي، وكأنه كان يواجه بدفء هذه الألوان وثقتها برودة العلاقات مع الاتحاد السوفياتي السابق.

اللعب على المضمون

بعد التسعينات من القرن الماضي، انتقلت هذه البرودة إلى خزانات سياسيين جُدد اختاروا تغييب كل ما هو مختلف وجريء لصالح ما هو متكرر ومألوف. المشكلة فيه أنه مغرق في الرسمية، بدءاً من البدلات بألوان الرمادي والأزرق الغامق إلى ربطات العنق بألوان تتوخى إضفاء بعض الحيوية عليها، مثل البنفجسي والأزرق السماوي، لكنها تبقى هي الأخرى أسيرة الدرجات الكلاسيكية.

لم تكن إطلالة باراك أوباما مختلفة أو مميزة... فقط اعتمد فيها على ما يتمتع به من كاريزما (إ.ب.أ)

من بين هذا الجيل، يمكن القول إن باراك أوباما كان حالة شاذة من ناحية أنه كانت له صولات في مجال الموضة. لم تكن دائماً موفقة ولا حتى مقصودة أو محسوبة، لكنها لم تؤذ صورته، بل أصبحت مع الوقت تُحسب له. مثلاً ظهوره في إحدى المناسبات ببنطلون جينز واسع وباهت، عرَّضه للكثير من الانتقادات. هذا التصميم الواسع أصبح اليوم موضة يتبناها جيل «زي» بكل أريحية. بيد أن باراك مثل جي إف كيندي يدين بالكثير للكاريزما التي يتمتع بها. فخلال مؤتمر الحزب الديمقراطي الأخير، شد الحضور بخطابه وطريقة إلقائه، أما من حيث الصورة، فهي لم تختلف عن باقي المشاركين: بدلة كلاسيكية بصف أزرار واحد بلون رمادي داكن، مع قميص أبيض وربطة عنق بلون سماوي، وبالتالي لا يمكن وصفها بالإطلالة الجريئة.

كامالا هاريس مع زوجها دوغلاس إيمهوف وتيم وولتز وزوجته خلال المؤتمر (أ.ف.ب)

دوغ إيمهوف، زوج كامالا هاريس، الذي قد يُصبح زوج أول امرأة ترأس الولايات المتحدة الأميركية، حاول إخفاء افتقاده إلى كاريزما الأناقة ببدلة بلون أزرق داكن مائل إلى الكُحلي وقميص أبيض وربطة عنق أيضاً بالأزرق. لم تخدم مقاييس جسمه بالنظر إلى ياقة البدلة التي لم تكن بمقاس عنقه أو الاكتاف التي تدلت عن مستواها الطبيعي. حتى البنطلون بدا من تحت السترة وكأن حزامه منخفض عن مستوى الخصر بسنتيمرات.

كامالا وميشيل... صورة أجمل

ضمن هذه الصورة النمطية أو الرتيبة، التي تبناها السياسيون الأميركيون، تألقت كامالا هاريس وميشيل أوباما. كل واحدة منهما قدمت درساً في الأناقة الكلاسيكية العصرية بلغتها، فيما ظل التفصيل القاسم المشترك بينهما.

تألقت كامالا ببدلة باللون الأزرق الداكن وبلوزة من الحرير من علامة «كلوي» بدرجة من الأزرق (أ.ف.ب)

لم تكسر كامالا القاعدة التي اعتمدتها منذ ظهورها على الساحة: بدلة رسمية تتكون من جاكيت وبنطلون واسع أو مستقيم، غالباً بلون حيادي. هذه المرة، في المقابل، رشّت جرعة مختلفة كان الهدف منها أن تتميز عن الحضور، الذي احتشد داخل مركز المؤتمر، بفساتين أو قمصان باللون الأبيض، تكريماً لنساء قُدن الحركة النسوية في بداية القرن الماضي وحاربن للحصول على حق التصويت في الانتخابات، وفُزن به في 1920. كامالا لم تعتمد اللون الأبيض مثلهن، مع أن هذا كان متوقعاً منها، بل درجات من الأزرق لوَّنت بدلة رسمية وبلوزة من الحرير من دار الأزياء الفرنسية «كلوي». تصميمها الذي يُعقد حول العنق يُذكر بمارغريت ثاتشر، رئيسة الوزراء البريطانية الراحلة التي كانت تفضله في قمصانها. قد يكون الأمر مجرد صدفة «مرحب بها» لأنها خلقت انطباعاً في غاية الأناقة والثقة. تجدر الإشارة إلى أن هذه الإطلالة ظهرت في العديد من عروض الأزياء الأخيرة التي كان هدفها دمج النسائي بالذكوري. كامالا نجحت في استعمالها بشكل سلس وبعيد عن أي صرعات.

تتكون إطلالة ميشيل أوباما من بنطلون مستقيم بالكاد يلامس الكاحل وجاكيت من دون أكمام من ماركة «مونس» (رويترز)

فيما يتعلق بميشيل أوباما، كانت إطلالتها تجسيداً للموضة «الحياتية» كما نتابعها في شوارع الموضة والمناسبات. أي أنها لا تحمل أي مضامين أو رسائل سياسية. فميشيل رددت في الكثير من اللقاءات أنها بعيدة عن السياسة ولا تميل إليها، وأنها وجدت نفسها مُقحمة فيها بسبب زوجها. كانت هذه التصريحات تأتي كلما سُئلت عن احتمالية ترشيحها لنفسها رئيسةً للولايات المتحدة الأميركية بالنظر للشعبية التي تتمتع بها. شعبية اكتسبتها من خطاباتها الملهمة وكتاباتها.

في المؤتمر الأخير، ظلت مخلصة لرأيها بأنها كأي امرأة تريد أن تستمتع بحياتها من دون قيود رسمية تمليها عليها السياسة. أو هذا على الأقل ما قالته إطلالتها المكونة من بنطلون مستقيم بالكاد يلامس الكاحل، وجاكيت من دون أكمام. الاثنان من ماركة «مونس»، مع العلم أن ظهورها من دون أكمام في هذه المناسبة ليس جديداً. كان دائماً ماركتها المسجلة حتى عندما كانت سيدة البيت الأبيض.

اقرأ أيضاً