«سيلين» تقدم عرضها الرجالي لربيع وصيف 2024 بعد طول انتظار

بعد تأجيله تم تقديمه كفيلم بحبكة مثيرة وصور غنية

كانت الأقمشة اللامعة حاضرة حتى في القطع المفصلة (سيلين)
كانت الأقمشة اللامعة حاضرة حتى في القطع المفصلة (سيلين)
TT

«سيلين» تقدم عرضها الرجالي لربيع وصيف 2024 بعد طول انتظار

كانت الأقمشة اللامعة حاضرة حتى في القطع المفصلة (سيلين)
كانت الأقمشة اللامعة حاضرة حتى في القطع المفصلة (سيلين)

في شهر يوليو (تموز) الماضي، كان المفترض أن تقيم دار «سيلين» عرضها الرجالي لربيع وصيف 2024، لكن وبسبب أحداث الشغب والمظاهرات التي اشتعلت إثر مقتل شاب جزائري على يد رجل شرطة، ارتأى مصممها هادي سليمان تأجيله والعمل على تقديمه بطريقته غير التقليدية. وكانت النتيجة فيلماً بعنوان Delusional Daydream (أوهام حلم يقظة) تم عرضه في آخر أيام شهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي. لا التاريخ ولا الأسلوب جديدان. فالمصمم أعلن سابقاً أنه سيقدم تشكيلاته فقط عندما يرى أنها جاهزة ومكتملة بعيداً عن إملاءات الموضة وبرامجها الرسمية. وهذا تحديداً ما غلب على تشكيلته هاته: روح التمرد على المتعارف عليه والخروج عن السيناريوهات المتوقعة. أشرف على كل صغيرة وكبيرة فيه بما في ذلك تصوير الفيلم، ليحمل كل بصماته والمصادر التي يستلهم منها، مثل الرقص والموسيقى والفنون بكل أشكالها وأيضاً الخطوط الرشيقة.

كانت الأقمشة اللامعة حاضرة حتى في القطع المفصلة (سيلين)

يأخذنا هادي سليمان في الفيلم إلى ثلاثة مواقع؛ الأول قاعة «لاغايتي ليريك» الواقعة بداخل مسرح قديم يعود تاريخ تشييده إلى 1862، ويتميز بمعمار هوسماني رائع. منه يُدخلنا إلى أجواء غنية مُزيَنة جوانبها بمرايا تعكس جمال المكان وأناقة الأزياء والأكسسوارات على حد سواء. من هناك انتقل بنا إلى سينما «لوغران ريكس» الأيقونية، التي يعود تاريخها إلى الثلاثينات من القرن الماضي. فيها صوَر لقطاته الخارجية، التي جاءت هي الأخرى تعبق بسحر «سيلين» الباريسي ولمسات هادي سليمان الجريئة. في آخر لقطة من الفيلم مثلاً يقف عارض في زي مثير تتطاير أحد جوانبه، أعلى السقف وكأنه تمثال يُعبِر عن الحرية والرغبة في التحليق. المحطة الثالثة كانت «مونتي كارلو أوبرا غارنييه»، حيث يظهر راقص الباليه المعروف لوريد سيدل بين الفينة والأخرى وهو يؤدي حركات راقصة تعبر عن المرونة والحركة في رمزية لما تتمتع به الأزياء من مرونة وراحة رغم تصاميمها الضيقة.

تتمتع بعض الأحذية بكعب طوله 5 سنتمترات (سيلين)

تكتمل القصة بتراقص الصور بين الكلاسيكي، بمعنى الحرفية وتقاليد الحياكة الراقية، مع إيقاعات تستحضر صخب النوادي الليلية في بداية الألفية. أشرطة حرير واسعة تلف الخصر وسترات تبرق بتطريزات ذهبية أحياناً وبنطلونات بخصر منخفض تم تضييقه أسفل الكاحل ليسمح بظهور حذاء بكعب ارتفاعه 5 سنتميترات، وفيونكات ضخمة تزين الخصر. هذه وغيرها من الصور والتفاصيل نجحت في خلق صورة مثيرة هي مزيج من الجرأة والابتكار في أقصى حالاتهما.

إطلالة شبابية استعمل فيها هادي الجلد والخطوط الضيقة (سيلين)

ينتهي الفيلم وتتذكر أن كل ما في العرض، من تفاصيل وتصاميم وأجواء موسيقية، تُعبِر عن شخصية المصمم الرافضة لكل ما هو تقليدي، إضافة إلى ميله إلى المثير من الجانب الحسِي، حتى وإن تطلّب تكسير الخط الفارق بين الأنوثة ومفهوم الذكورة. فقط عُنصر التمرّد كان الخيط الذي يربط بينها. في بيانها الصحافي، تشرح الدار أن عنصر التمرّد هذا مُستمد من نيويورك وتلك الطاقة التي كانت تسودها في بداية الألفية. ففي ذلك الوقت كانت نيويورك مرتعاً للفنانين الشباب. كل منهم يريد التعبير عن هويته بلغته الفنية الخاصة ليرسم مساره. كان رفضهم التقاليد والأفكار المتوارثة هو القاسم المشترك في أغلب أعمالهم.

بعض الإطلالات تستحضر مغنيّ الروك بلمسة أكثر عصرية (سيلين)

انبهار هادي سليمان بهذا العالم الخفي حيناً والصاخب حيناً آخر، وما نتج عنه من حركات فنية وشبابية، كان الدافع الذي جعله يرغب في توثيق هذا المشهد الفني الناشئ في تشكيلته هاته. استحضر فنانين من أمثال دان كولين وماثيو سيرليتي وسلاتر برادلي وداش سنو وغيرهم مصدر إلهام. بيد أن التركيز الأكبر كان على الفنان داش سنو، ربما لأنه قصة قائمة بذاتها. فقد كان ينتمي إلى واحدة من أغنى العائلات الأميركية، ومع ذلك فضل حياة التمرد والتحرر ليموت في عز شبابه فقيراً بجرعة زائدة مخلَفاً أعمالاً مثيرة تلتقط روح اللحظة بأسلوب سردي جميل. كانت كل لقطة يلتقطها بكاميرته كافية لتحكي ألف قصة بتسلسل عجيب.

إطلالات جريئة تعتمد على التفاصيل والخطوط الضيقة (سيلين)

هذه الروح المتمردة على المتعارف عليه واللقطات التي تسرد حكايا تتأرجح بين الحياكة الراقية والحلم والوهم هي أيضاً ما غلبت على تشكيلة قال عنها سليمان «إنها العرض الذي لم يكن أبداً».


مقالات ذات صلة

5 قطع لن تخسري إذا استثمرتِ فيها حالياً

لمسات الموضة الجينز لا يزال يتصدر منصات الموضة العالمية مثل عرض «ليبرتين» خلال أسبوع نيويورك الأخير (إ.ب.أ)

5 قطع لن تخسري إذا استثمرتِ فيها حالياً

مهما تغيرت المواسم والأذواق، هناك قطع من الموضة تتحدى الزمن وتعتبر بمثابة استثمار سعره فيه.

جميلة حلفيشي (لندن)
لمسات الموضة دخول ماريا مصممةَ أزياءٍ إلى دار جواهر بادرة رحبت بها أوساط الموضة (بولغاري)

ماريا كاترانتزو تستوحي من حمامات كاراكالا مجموعة «كالا»

لم تستغرق كاترانتزو طويلاً لتتأكد أن حمامات كاراكالا وزهرة الكالا بشكلها العجيب نبعان يمكن أن تنهل منهما.

جميلة حلفيشي (لندن)
لمسات الموضة في توديع جمهورها بلاس فيغاس أبدعت أديل غناء وإطلالة (كلوي)

المغنية أديل تُودّع لاس فيغاس بفستان من «كلوي»

اختتمت نجمة البوب البريطانية أديل سلسلة حفلاتها الموسيقية في لاس فيغاس، نيفادا، بالدموع. كانت آخِر ليلة لها على خشبة مسرح «الكولوسيوم» بقصر سيزار في لاس فيغاس،…

«الشرق الأوسط» (لندن)
لمسات الموضة حوَّلت «لورو بيانا» الواجهات إلى احتفالية بإرثها وحرفييها وأيضاً بالثقافة البريطانية التي تمثلها معلمة مثل «هارودز» (لورو بيانا)

«لورو بيانا» تحتل واجهات «هارودز» لتحتفل بمئويتها وإرثها

مع اقتراب نهاية كل عام، تتسابق المتاجر والمحلات الكبيرة على التفنن في رسم وتزيين واجهاتها لجذب أكبر نسبة من المتسوقين إلى أحضانها.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق في عقدها الثامن اختار إريك جدّته «مانيكان» تعرض تصاميمه (حساب المُصمّم على إنستغرام)

إريك ماتيو ريتر وجدّته هدى زيادة... جيلان يلتقيان على أجنحة الموضة

معاً؛ زوّدا عالم الأزياء بلمسة سبّاقة لم يشهدها العالم العربي من قبل. التناغُم بينهما لوّن عالم الموضة في لبنان بنفحة الأصالة والشباب.

فيفيان حداد (بيروت)

هل حان الوقت ليصالح صناع الموضة ميلانيا ترمب؟

في الدورة الأولى من رئاسة زوجها اعتمدت ميلانيا عدة إطلالات أنيقة كان لدار «دولتشي أند غابانا» نصيب كبير فيها (خاص)
في الدورة الأولى من رئاسة زوجها اعتمدت ميلانيا عدة إطلالات أنيقة كان لدار «دولتشي أند غابانا» نصيب كبير فيها (خاص)
TT

هل حان الوقت ليصالح صناع الموضة ميلانيا ترمب؟

في الدورة الأولى من رئاسة زوجها اعتمدت ميلانيا عدة إطلالات أنيقة كان لدار «دولتشي أند غابانا» نصيب كبير فيها (خاص)
في الدورة الأولى من رئاسة زوجها اعتمدت ميلانيا عدة إطلالات أنيقة كان لدار «دولتشي أند غابانا» نصيب كبير فيها (خاص)

صناع الموضة وعلى غير عادتهم صامتون بعد فوز دونالد ترمب الساحق. السبب أنهم خائفون من إدلاء آراء صادمة قد تُكلفهم الكثير بالنظر إلى أن الناخب الأميركي هذه المرة كان من كل المستويات والطبقات والأعراق والأعمار. وهنا يُطرح السؤال عما ستكون عليه علاقتهم بميلانيا ترمب، بعد أن عبَّر العديد منهم رفضهم التعامل معها بأي شكل من الأشكال بعد فوز ترمب في عام 2016.

بدت ميلانيا هذه المرة أكثر ثقة وقوة (دي بي آي)

المؤشرات الحالية تقول بأنه من مصلحتهم إعادة النظرة في علاقتهم الرافضة لها. فميلانيا عام 2024 ليست ميلانيا عام 2016. هي الآن أكثر ثقة ورغبة في القيام بدورها كسيدة البيت الأبيض. وهذا يعني أنها تنوي الحصول على كل حقوقها، بما في ذلك غلافها الخاص أسوة بمن سبقنها من سيدات البيت الأبيض.

تجاهُلها في الدورة السابقة كان لافتاً، وفيه بعض التحامل عليها. فصناع الموضة بقيادة عرابة الموضة، أنا وينتور، ورئيسة مجلات «فوغ» على مستوى العالم، كانوا موالين للحزب الديمقراطي ودعموه بكل قواهم وإمكانياتهم. جمعت وينتور التبرعات لحملات كل من باراك أوباما وهيلاري كلينتون ثم كامالا هاريس، ولم تُخف رفضها لما يمثله دونالد ترمب من سياسات شعبوية. شاركها الرأي معظم المصممين الأميركيين، الذين لم يتأخروا عن التعبير عن آرائهم عبر تغريدات أو منشورات أو رسائل مفتوحة على مواقع التواصل الاجتماعي. كانت ميلانيا هي الضحية التي دفعت الثمن، وذلك بعدم حصولها على حقها في تصدر غلاف مجلة «فوغ» كما جرت العادة مع من سبقنها. ميشيل أوباما مثلاً ظهرت في ثلاثة إصدارات.

أسلوبها لا يتغير... تختار دائماً ما يثير الانتباه وأناقة من الرأس إلى أخمص القدمين

لم ترد ميلانيا حينها، ربما لأنها لم تكن متحمسة كثيراً للعب دورها كسيدة البيت الأبيض وكانت لها أولويات أخرى. تركت هذا الدور لابنة ترمب، إيفانكا، مُبررة الأمر بأنها تريد التفرغ وقضاء معظم أوقاتها مع ابنها الوحيد، بارون، الذي كان صغيراً ويدرس في نيويورك. لكن الصورة التي تداولتها التلفزيونات والصحف بعد إعلان فوز ترمب الأخير، كانت مختلفة تماماً عن مثيلتها في عام 2016. ظهرت فيها ميلانيا أكثر ثقة واستعداداً للقيام بدورها. والأهم من هذا فرض قوتها.

طبعاً إذا تُرك الأمر لأنا وينتور، فإن حصولها على غلاف خاص بها مستبعد، إلا أن الأمر قد يتعدى قوة تأثير أقوى امرأة في عالم الموضة حالياً. فهي هنا تواجه عدداً لا يستهان به من القراء الذين انتخبوا ترمب بدليل النتائج التي أثبتت أنه يتمتع بقاعدة واسعة من كل الطبقات والمستويات.

في كل زياراتها السابقة مع زوجها كانت تظهر في قمة الأناقة رغم رفض الموضة لها

ميلانيا أيضاً لعبت دورها جيداً، وقامت بالخطوة الأولى بدبلوماسية ناعمة. عكست صورة جديدة تظهر فيها كشخصية مستقلة عن زوجها وسياساته، لا سيما بعد تصريحاتها خلال الحملة الانتخابية بأنها تدعم حق المرأة في الإجهاض، مؤكدة أن هذا قرار يخصها وحدها، ولا يجب أن يخضع لأي تدخل خارجي، وهو ما يتناقض مع موقف زوجها بشأن هذه القضية التي تُعد رئيسية في الانتخابات الأميركية. كتبت أيضاً أنها ملتزمة «باستخدام المنصة ودورها كسيدة أولى من أجل الخير».

أسلوبها لا يروق لكل المصممين لكلاسيكيته واستعراضه للثراء لكنه يعكس شخصيتها (أ.ف.ب)

كانت رسائلها واضحة. أعلنت فيها للعالم أنها ذات كيان مستقل، وأن لها آراء سياسية خاصة قد لا تتوافق بالضرورة مع آراء زوجها، وهو ما سبق وعبرت عنه في مكالمة شخصية مع صديقة تم تسريبها سابقاً بأنها ترفض سياسة زوجها في فصل أطفال المهاجرين عن عائلاتهم، وأنها أصيبت بالصدمة عندما علمت بها. وبالفعل تم التراجع عن هذا القرار في يونيو (حزيران) 2018 بعد عاصفة من الجدل.

وحتى إذا لم تُقنع هذه التصريحات أنا وينتور وصناع الموضة، فهي تمنح المصممين نوعاً من الشرعية للتراجع عن تعهداتهم السابقة بعدم التعامل معها. بالنسبة للموالين لدونالد ترمب والحزب الجمهوري، فإن الظلم الذي لحق بميلانيا ترمب بعدم احتفال صناع الموضة بها، لا يغتفر. فهي لا تفتقد لمواصفات سيدة البيت الأبيض، كونها عارضة أزياء سابقة وتتمتع بالجمال وأيضاً بذوق رفيع. ربما لا يعجب ذوقها الكل لميله إلى العلامات الكبيرة والغالية، إلا أنه يعكس شخصية كلاسيكية ومتحفظة.

وحتى إذا لم تنجح أنا وينتور في إقناع المصممين وبيوت الأزياء العالمية، وتبقى على إصرارها عدم منحها غلافها المستحق في مجلة «فوغ»، فإن صوت الناخب المرتفع يصعب تجاهله، لا سيما في ظل الأزمة الاقتصادية الحالية. وهذا ما يعود بنا إلى طرح السؤال ما إذا كان من مصلحة صناع الموضة الأميركيين محاباة ميلانيا وجذبها لصفهم. فقوتها هذه المرة واضحة وبالتالي سيكون لها هي الأخرى صوت مسموع في تغيير بعض السياسات، أو على الأقل التخفيف من صرامتها.

إيجابيات وسلبيات

لكن ليس كل صناع الموضة متخوفين أو قلقين من دورة ثانية لترمب. هناك من يغمره التفاؤل بعد سنوات من الركود الاقتصادي الذي أثر بشكل مباشر على قطاع الموضة. فعندما يقوى الاقتصاد الأميركي فإن نتائجه ستشمل كل القطاعات. ربما تتعلق المخاوف أكثر بالتأشيرات وزيادة الضرائب على الواردات من الصين تحديداً. فهذه أكبر مورد للملابس والأنسجة، وكان صناع الموضة في الولايات المتحدة يعتمدون عليها بشكل كبير، وهذا ما جعل البعض يستبق الأمور ويبدأ في تغيير سلاسل الإنتاج، مثل شركة «بوما» التي أعلنت أنها مستعدة لتغيير مورديها لتفادي أي عوائق مستقبلية. الحل الثاني سيكون رفع الأسعار وهو ما يمكن أن يؤثر على القدرة الشرائية للمستهلكين بنحو 50 مليار دولار أو أكثر في العام. فتهديدات ترمب برفع التعريفات الجمركية على الواردات الصينية بنسبة 60 في المائة لا بد أن تؤثر على المستهلك العادي، رغم نيات وقناعات ترمب بأن تحجيم دور الصين سيمنح الفرص للصناعة الأميركية المحلية. المشكلة أنه ليس كل المصممين الذين يتعاملون مع الموردين والمصانع في الصين منذ سنوات لهم الإمكانيات للبدء من الصفر.