الأزياء تتحول إلى ميدان لتسجيل الأهداف والانتصارات

«الكاب»... يستعيد فخامته التاريخية بانسيابية

أميرة ويلز في فستان من علامة «صافيا» بتصميم لفت لها الأنظار وحقق لها هدفاً في مرمى غريمتها ميغان ماركل (رويترز)
أميرة ويلز في فستان من علامة «صافيا» بتصميم لفت لها الأنظار وحقق لها هدفاً في مرمى غريمتها ميغان ماركل (رويترز)
TT

الأزياء تتحول إلى ميدان لتسجيل الأهداف والانتصارات

أميرة ويلز في فستان من علامة «صافيا» بتصميم لفت لها الأنظار وحقق لها هدفاً في مرمى غريمتها ميغان ماركل (رويترز)
أميرة ويلز في فستان من علامة «صافيا» بتصميم لفت لها الأنظار وحقق لها هدفاً في مرمى غريمتها ميغان ماركل (رويترز)

كم يبدو اليوم شبيهاً بالأمس. تتغير الألوان والخطوط والأشكال، ويبقى الهدف واحداً يتلخص في رغبة محمومة لرسم صورة تصرخ بالتميُّز والتألّق والانتصار. هذا على الأقل فيما يتعلق بأناقة أفراد العائلة المالكة البريطانية؛ فالموضة بالنسبة لهم كانت ولا تزال لغة بليغة بصمتها. كانت الأميرة الراحلة ديانا أكثر مَن أثار الانتباه إلى قوتها كوسيلة للانتقام، عندما ظهرت في عام 1994 بفستان أسود من دار «فرساتشي» بتصميم أنثوي مثير في اليوم الذي كان يُفترض أن يبث فيه التلفزيون لقاء أجراه زوجها، الأمير تشارلز آنذاك، اعترف فيه بخيانتها. بأناقتها وصورتها المفعمة بالأنوثة والجمال شَفَتْ غليل كلّ محبيها، عندما جعلت المقارنة بينها وبين كاميلا، المرأة التي خانها تشارلز معها، مجحفة في حق هذه الأخيرة.

أميرة ويلز لدى وصولها حفل Royal Variety Performance (أ.ف.ب)

كرَّت السنوات، وها هي كاثرين، زوجة ابنها (الأمير ويليام) تحذو حذوها، وتستعمل الموضة وسيلة لإيصال رسالة تحدٍّ. هذه المرة إلى «سلفتها» ميغان دوقة ساسكس. المنافسة بين السلفتين على سرقة الأضواء، ومحاولة كل واحدة تسجيل هدف على حساب الأخرى ليس جديداً؛ فهي تطفو على السطح كل فينة وأخرى، إلا أنها احتدمت في الأسبوع الماضي، بعد نشر كتاب بعنوان «إند غايم» (Endgame) للصحافي والكاتب أوميد سكوبي، الذي يشك معظم البريطانيين في أنه البوق الذي تستعمله ميغان ماركل لتسريب أسرار العائلة المالكة. في كتابه شنَّ سكوبي حملة شرسة ضد كايت ميدلتون.

ولأن الأسرة المالكة مكبلة بقيود البروتوكول وسياسة «لا تُبرِّر أو تُفسِر»، فإن الرد يأتي عادة من خلال الأزياء والمجوهرات. وهكذا تحول الفستان الذي ظهرت به أميرة ويلز إلى مادة ممتعة لقراءة ردها على التُهم والانتقادات الموجهة لها في الكتاب؛ بدءاً من برودها إلى مزاعم أنها تساءلت عن لون بشرة وشعر طفل ميغان ماركل والأمير هاري، قبل أن يرى النور.

في عام 2018 ظهرت ميغان ماركل بفستان من علامة «صافيا» بنفس اللون والتصميم الذي ظهرت به أميرة ويلز مؤخراً

المتعارَف عليه أن اختيار أزياء المشاهير والطبقات الملكية يتم قبل أسابيع، إن لم نقل: أشهر، إلا أن هذا لا يمنع من احتدام التأويلات والتفسيرات حول أسباب اختياره بهذا اللون والتصميم تحديداً، لا سيما أنه سبق لدوقة ساسكس أن ظهرت بفستان مماثل في عام 2018 لدى زيارتها لفيجي رفقة زوجها الأمير هاري. كان بنفس اللون تقريباً والتصميم، ومن نفس علامة «صافيا». هذا التشابه بكل ما يثيره من مقارنات لم يُثن أميرة وايلز عن الظهور به، وكأنها تضمن مسبقاً أنه سيلفت لها الأنظار. والأهم من هذا، سينجح بتصميمه ذي الأكتاف العالية والـ«كاب» الطويل، في توضيح مكانتها المهمة في السلم الملكي... كل هذا من دون أن تنطق بكلمة.

وإذا كان هناك فرق بين الأمس واليوم، فإنه في الأسلوب؛ فبينما اعتمدت الراحلة ديانا على فستان ناعم وأنثوي يُبرز مفاتنها بشكل واضح للانتقام من الأمير تشارلز آنذاك، فإن كاثرين، أميرة ويلز الحالية، اختارت فستاناً لا يعتمد على كشف المفاتن بل بتصميم يرتقي بها إلى مستوى أكثر سمواً، وطبعاً يناسب ثقافة العصر، كما يناسب شخصيتها المتحفظة؛ فالمنافسة هنا ليست مع رجل تُذكِّره بأنوثتها الطاغية، بل مع امرأة تُذكّرها بمكانتها.

أما على مستوى الأناقة والموضة وبعيداً عن الرسائل الملغومة، فإنها ليست المرة الأولى التي تظهر فيها كاثرين، أميرة ويلز بفستان مع «كاب»؛ فقد استحلت هذا التصميم منذ ظهورها بفستان سهرة يقطر ذهباً، على شكل «كاب»، لدى حضورها حفل افتتاح فيلم «جيمس بوند: تايم تو داي فور» في سبتمبر (أيلول) من عام 2021، كان بتوقيع المصممة البريطانية جيني باكام، وسجَّلت من خلاله هدفاً رائعاً رسخ مكانتها كملكة مستقبلية وكفرد تعتمد عليه بريطانيا لربط الماضي بالمستقبل.

إطلالة متألقة تراعي البروتوكول ظهرت بها أميرة ويلز لدى استقبالها رئيس كوريا الجنوبية وزوجته (رويترز)

منذ أسبوعين تقريباً، ظهرت بـ«كاب» وقبعة باللون الأحمر عند استقبالها يون سوك، رئيس كوريا الجنوبية، وزوجته كيم كيون هي. هنا أيضاً كان مظهرها ملكياً بكل المقاييس؛ فالمناسبة كانت تستدعي التميز، والكل يعرف أنه ليس هناك مَن يتقن فن البروتوكول أكثر من بريطانيا عند استقبالها للملوك ورؤساء الدول.

ارتدت الـ«كاب» الأحمر فوق فستان باللون ذاته كان مزيجاً بين تقاليد الماضي وأناقة الحاضر، كما كان لفتة دبلوماسية وذكية للضيفين. فاللون الأحمر ليس فقط لون أعياد الميلاد التي على الأبواب، بل هو أيضاً من رموز علم كوريا الجنوبية إلى جانب الأزرق الذي اختارته كاميلا زوجة الملك تشارلز الثالث في المناسبة ذاتها. ربما كان الأمر صدفة، وربما كان عملية منسَّقة بينهما ليُكمِلا بعضهما، إلا أنهما في الحالتين أكدتا أن البروتوكول البريطاني لا يترك أي شيء للصدف. بينما جاء مظهر كاميلا هادئاً ورزيناً يعكس عمرها، جاء مظهر كايت ديناميكياً يضج بالحيوية وبعض الشقاوة أيضاً.

ماكسيما ملكة هولندا في فستان بـ«كاب» من تصميم «إيريس فان هيربين» (أ.ف.ب)

بيد أنه لا بد من التنويه أن الـ«كاب» ليس حكراً على عائلة ويندسور البريطانية؛ فقد ظهر في عدة مناسبات ملكية أوروبية مؤخراً. منذ أسبوع فقط، افتتحت ملكة هولندا، ماكسيما، معرضاً فنياً في متحف الفنون التزيينية بباريس، أقامته دار «إيريس فان هيربن» Iris Van Herpen للأزياء الراقية برفقة بريجيت ماكرون، وهي ترتدي فستاناً مبتكراً يحمل كل بصمات فان هيربن الفنية نسَّقته مع «كاب» من الحرير الشفاف. غني عن القول إنه أبرز أناقتها وأسلوبها الخاص؛ فما لا يعرفه البعض عن ملكة هولندا أنها تتمتع بأسلوب جريء يواكب صرعات الموضة التي تُروضها دائما لتناسب أسلوب ملكة. المتتبع لها في السنوات الأخيرة لا بد أن يلاحظ أنها من أكثر المدمنات على الـ«كاب»، فقد ظهرت به في عدة مناسبات رسمية وغير رسمية على حد سواء. تتغير ألوانه وخاماته وتطريزاته ولا تتغير فخامته. ليتزيا ملكة إسبانيا وماتيلد ملكة بلجيكا وشارلين أميرة موناكو أيضا تألقن به. حتى كاميلا، ملكة بريطانيا، ظهرت به خلال زيارتها الرسمية إلى قصر الإليزيه بباريس رفقة زوجها منذ بضعة أشهر. ولن نبالغ عندما نقول إنه كان من أكثر إطلالاتها توفيقاً وتألقاً لحد الآن. كان رحيماً بعُمرها ومقاييس جسدها، فضلاً عن أنه منحها إطلالة في غاية الفخامة بلونه الأزرق الغامق وتطريزاته الخفيفة التي نُفذت في ورشات دار «ديور».

عندما قدمت دار «فالنتينو» الكاب في تشكيلتها لربيع وصيف 2020 بكت المغنية سيلين ديون تأثراً بجمالها (فالنتينو)

هذا الظهور المكثف للـ«كاب» في الآونة الأخيرة ليس له سوى تفسير واحد، وهو أنه قطعة العام بلا منازع، لا سيما أن المصممين باتوا يتفننون فيه ويطرحونه بتصاميم في غاية الأناقة والحداثة، وليس أدل على هذا من تصاميم دار «بيربري» البريطانية التي تطرحه للأيام العادية بشكل أنيق وعملي، ودار «فالنتينو» التي تطرحه بدرامية انتزعت الدموع من عيون المغنية سيلين ديون وهي تتابعها في يناير (كانون الثاني) من عام 2019، وإيلي صعب الذي صاغه بمهارة مستشرق عاشق للأساطير ومواكب لتطورات العصر. كان النجم في تشكيلته لخريف وشتاء 2023 - 2024، وقال إيلي إنه استوحاه من قصص الأساطير ومشاهد سينمائية أثرت مخيلته. لكنه يعود ليُصحح أن المجموعة قد «تكون مستوحاة من العصور الوسطى لكنها راسخة في الحاضر»؛ فرغم أن كل إطلالة في العرض كانت تستحضر صوراً لشخصيات من التاريخ أو من قصص الأساطير، فإنها لا تفتقد الحداثة والتفاصيل المثيرة، سواء تم تجسيدها في إطلالة مستوحاة من صورة كايت بلانشيت في فيلم «Elizabeth» أو من أنجلينا جولي في «Maleficent» أو من إطلالة صوفي مارسو في «Braveheart» وماريون كوتيار في «ماكبث» وهلم جرّا.

لم يبخل إيلي صعب على الـ«كابات» التي طرحها بالتطريز والتفاصيل الغنية (إيلي صعب)

فـ«الكاب» بنظر إيلي صعب ورقة رابحة تُضفي على أي قطعة مهما كانت بساطتها كثيراً من الفخامة والتميُّز. خضع على يد كل المصممين الذين اقترحوه في تشكيلاتهم الأخيرة لعملية تفكيك صارمة جعلته أكثر انسيابية وخفة مراعاة لمتطلبات العصر وحاجة امرأة اليوم لقطعة مرنة ومطواعة؛ فمما يذكره التاريخ أنها عندما انتبهت أول مرة إلى جماليات الـ«كاب» في بداية القرن العشرين، لم تتوانَ عن سرقته من خزانة الرجل بمساعدة مصممين، نذكر منهم بول بواريه، قدموه لها بحجم كبير ودرامي يليق بحفلات الأوبرا والحفلات التنكرية التي كانت رائجة في أوساط الطبقات الراقية والفنية آنذاك. تغير الزمن ومعه ظروف المرأة، الأمر الذي استدعى التخفيف من حجمه وزخرفاته ليدخل المناسبات النهارية من أوسع الأبواب. دار «بيربري» مثلاً تطرحه بديلاً للمعطف كذلك بيوت أزياء أخرى مثل «كارولينا هيريرا» و«ماكسمارا» وغيرها. أما لمناسبات السهرة والمساء، فحدث ولا حرج.


مقالات ذات صلة

5 قطع لن تخسري إذا استثمرتِ فيها حالياً

لمسات الموضة الجينز لا يزال يتصدر منصات الموضة العالمية مثل عرض «ليبرتين» خلال أسبوع نيويورك الأخير (إ.ب.أ)

5 قطع لن تخسري إذا استثمرتِ فيها حالياً

مهما تغيرت المواسم والأذواق، هناك قطع من الموضة تتحدى الزمن وتعتبر بمثابة استثمار سعره فيه.

جميلة حلفيشي (لندن)
لمسات الموضة دخول ماريا مصممةَ أزياءٍ إلى دار جواهر بادرة رحبت بها أوساط الموضة (بولغاري)

ماريا كاترانتزو تستوحي من حمامات كاراكالا مجموعة «كالا»

لم تستغرق كاترانتزو طويلاً لتتأكد أن حمامات كاراكالا وزهرة الكالا بشكلها العجيب نبعان يمكن أن تنهل منهما.

جميلة حلفيشي (لندن)
لمسات الموضة في توديع جمهورها بلاس فيغاس أبدعت أديل غناء وإطلالة (كلوي)

المغنية أديل تُودّع لاس فيغاس بفستان من «كلوي»

اختتمت نجمة البوب البريطانية أديل سلسلة حفلاتها الموسيقية في لاس فيغاس، نيفادا، بالدموع. كانت آخِر ليلة لها على خشبة مسرح «الكولوسيوم» بقصر سيزار في لاس فيغاس،…

«الشرق الأوسط» (لندن)
لمسات الموضة حوَّلت «لورو بيانا» الواجهات إلى احتفالية بإرثها وحرفييها وأيضاً بالثقافة البريطانية التي تمثلها معلمة مثل «هارودز» (لورو بيانا)

«لورو بيانا» تحتل واجهات «هارودز» لتحتفل بمئويتها وإرثها

مع اقتراب نهاية كل عام، تتسابق المتاجر والمحلات الكبيرة على التفنن في رسم وتزيين واجهاتها لجذب أكبر نسبة من المتسوقين إلى أحضانها.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق في عقدها الثامن اختار إريك جدّته «مانيكان» تعرض تصاميمه (حساب المُصمّم على إنستغرام)

إريك ماتيو ريتر وجدّته هدى زيادة... جيلان يلتقيان على أجنحة الموضة

معاً؛ زوّدا عالم الأزياء بلمسة سبّاقة لم يشهدها العالم العربي من قبل. التناغُم بينهما لوّن عالم الموضة في لبنان بنفحة الأصالة والشباب.

فيفيان حداد (بيروت)

الرياض تشهد عناق النجوم ببريق الترتر واللؤلؤ

سيلين ديون وإيلي صعب وعلاقة عمرها 25 عاماً (رويترز)
سيلين ديون وإيلي صعب وعلاقة عمرها 25 عاماً (رويترز)
TT

الرياض تشهد عناق النجوم ببريق الترتر واللؤلؤ

سيلين ديون وإيلي صعب وعلاقة عمرها 25 عاماً (رويترز)
سيلين ديون وإيلي صعب وعلاقة عمرها 25 عاماً (رويترز)

بعد عام تقريباً من التحضيرات، حلت ليلة 13 نوفمبر (تشرين الثاني). ليلة وعد إيلي صعب أن تكون استثنائية ووفى بالوعد. كانت ليلة التقى فيها الإبداع بكل وفنونه، وتنافس فيها بريق النجوم من أمثال مونيكا بيلوتشي، وسيلين ديون، وجينفر لوبيز، وهالي بيري ويسرا، وغيرهن مع لمعان الترتر والخرز واللؤلؤ. 300 قطعة مطرزة أو مرصعة بالأحجار، يبدو أن المصمم تعمد اختيارها ليرسل رسالة إلى عالم الموضة أن ما بدأه منذ 45 عاماً وكان صادماً لهم، أصبح مدرسة ومنهجاً يقلدونه لينالوا رضا النساء في الشرق الأوسط.

من عرض إيلي صعب في الرياض (رويترز)

لقاء الموضة بالموسيقى

كان من المتوقع أن تكون ليلة خاصة بالموضة، فهذه أولاً وأخيراً ليلة خاصة بإيلي صعب، لكنها تعدت ذلك بكثير، أبهجت الأرواح وغذَّت الحواس وأشبعت الفضول، حيث تخللتها عروض فنية ووصلات موسيقية راقصة لسيلين ديون، وجينفر لوبيز، ونانسي عجرم، وعمرو دياب وكاميلا كابيلو. غنت لوبيز ورقصت وكأنها شابة في العشرينات، ثم نانسي عجرم وعمرو دياب، واختتمت سيلين ديون الفعالية بثلاث أغنيات من أشهر أغانيها وهي تتفاعل مع الحضور بحماس. لم تقف وعكتها الصحية التي لا تزال آثارها ظاهرة عليها مبرراً لعدم المشاركة في الاحتفال بمصمم تُكنّ له كل الحب والاحترام. فإيلي صعب صديق قبل أن يكون مصمم أزياء تتعامل معه، كما قالت. يؤكد إيلي الأمر في لقاء جانبي، قائلاً: «إنها علاقة عمرها 25 عاماً».

وهذا ما جعل الحفل أشبه بأغنية حب.

هالي بيري وهي تلبس فستان الأوسكار الأيقوني نفسه الذي ارتدته عام 2002 (خاص)

هالي بيري التي ظهرت في أول العرض بالفستان الأيقوني الذي ظهرت به في عام 2002 وهي تتسلم جائزة الأوسكار بوصفها أول ممثلة سمراء، دمعت عيناها قبل العرض، وهي تعترف بأن هذه أول مرة لها في الرياض وأول مرة تقابل فيها المصمم، رغم أنها تتعامل معه منذ عقود. وأضافت أنه لم يكن من الممكن ألا تحضر المناسبة؛ نظراً للعلاقة التي تربطهما ببعض ولو عن بُعد.

يؤكد إيلي عمق هذه العلاقة الإنسانية قائلاً: «علاقتي بهالي بيري لم تبدأ في عام 2002، بل في عام 1994، حين كانت ممثلة صاعدة لا يعرفها المصممون». وأضاف ضاحكاً: «لا أنكر أن ظهورها بذلك الفستان شكَّل نقلة مهمة في مسيرتي. ويمكنني القول إنه كان فستاناً جلب الحظ لنا نحن الاثنين. فيما يخصني، فإن ظهورها به وسَّع قاعدة جمهوري لتشمل الإنسان العادي؛ إذ إنها أدخلتني ثقافة الشارع بعد أن كنت معروفاً بين النخبة أكثر». غني عن القول أن كل النجمات المشاركات من سيلين وجينفر لوبيز إلى نانسي عجرم من زبوناته المخلصات. 80 في المائة من الأزياء التي كانت تظهر بها سيلين ديون مثلاً في حفلات لاس فيغاس من تصميمه.

عرض مطرَّز بالحب والترتر

بدأ عرض الأزياء بدخول هالي بيري وهي تلبس فستان الأوسكار الأيقوني نفسه. لم يتغير تأثيره. لا يزال أنيقاً ومبتكراً وكأنه من الموسم الحالي. تلته مجموعة تقدر بـ300 قطعة، أكثر من 70 في المائة منها جديدة لخريف وشتاء 2025 ونسبة أخرى من الأرشيف، لكنها كلها كانت تلمع تطريزاً وترصيعاً إما بالترتر والخرز أو اللؤلؤ. فالتطريز لغة أتقنها جيداً وباعها للعالم. استهجنها المصممون في البداية، وهو ما كان يمكن أن يُحبط أي مصمم صاعد يحلم بأن يحفر لنفسه مكانة بين الكبار، إلا أنه ظل صامداً ومتحدياً. هذا التحدي كان واضحاً في اختياراته لليلته «1001 موسم من إيلي صعب» أيضاً بالنظر إلى كمية البريق فيها.

ساهمت في تنسيق العرض كارين روتفيلد، رئيسة تحرير مجلة «فوغ» النسخة الفرنسية سابقاً، والمعروفة بنظرتها الفنية الجريئة. كان واضحاً أنها تُقدّر أهمية ما كان مطلوباً منها. فهذه احتفالية يجب أن تعكس نجاحات مسيرة عمرها 45 عاماً لمصمم وضع صناعة الموضة العربية على الخريطة العالمية. اختير لها عنوان «1001 موسم من إيلي صعب» لتستعرض قوة المصمم الإبداعية والسردية. قال إنه استوحى تفاصيلها من عالم ألف ليلة وليلة. لكن حرص أن تكون اندماجاً بين التراث العربي والابتكار العصري. فكل تصميم كانت له قصة أو يسجل لمرحلة كان لها أثر على مسيرته، وبالتالي فإن تقسيم العرض إلى مجموعات متنوعة لم يكن لمجرد إعطاء كل نجمة مساحة للغناء والأداء. كل واحدة منهم عبَّرت عن امرأة تصورها إيلي في مرحلة من المراحل.

جينفر لوبيز أضفت الشباب والحيوية على العرض (خاص)

جينفر لوبيز التي ظهرت بمجموعة من أزيائه وهي ترقص وتقفز وكأنها شابة في العشرينات، كانت تمثل اهتمامه بمنح المرأة حرية الحركة، بينما كانت نانسي عجرم بفستانها الكلاسيكي المرصع بالكامل، تعبّر عن جذور المصمم اللبناني وفهمه لذوق المرأة العربية ككل، ورغبتها في أزياء مبهرة.

أما المغنية كاميلا كابيلو فجسدت شابة في مقتبل العمر ونجح في استقطابها بتقديمه أزياء مطعَّمة ببعض الجرأة تعكس ذوق بنات جيلها من دون أن تخرج عن النص الذي كتبه لوالدتها. كانت سيلين ديون، مسك الختام، وجسَّدت الأيقونة التي تمثل جانبه الإبداعي وتلك الأزياء التي لا تعترف بزمان أو مكان.

حب للرياض

بعد انتهاء العرض، وركض الضيوف إلى الكواليس لتقديم التحية والتبريكات، تتوقع أن يبدو منهكاً، لكنه كان عكس ذلك تماماً. يوزع الابتسامات على الجميع، يكرر لكل من يسأله أن أكثر ما أسعده، إلى جانب ما شعر به من حب الحضور والنجوم له، أنه أثبت للعالم «أن المنطقة العربية قادرة على التميز والإبداع، وأن ما تم تقديمه كان في المستوى الذي نحلم به جميعاً ونستحقه».

وأضاف: «أنا ممتن لهذه الفرصة التي أتاحت لي أن أبرهن للعالم أن منطقتنا خصبة ومعطاءة، وفي الوقت ذاته أن أعبّر عن حبي للرياض. فأنا لم أنس أبداً فضل زبونات السعودية عليّ عندما كنت مصمماً مبتدئاً لا يعرفني أحد. كان إمكانهن التعامل مع أي مصمم عالمي، لكن ثقتهن في كانت دافعاً قوياً لاستمراري».

سيلين ديون أداء مبهر وأناقة متألقة (خاص)

أسأله إن كان يخطر بباله وهو في البدايات، في عام 1982، أن يصبح هو نفسه أيقونة وقدوة، أو يحلم بأنه سيدخل كتب الموضة بوصفه أول مصمم من المنطقة يضع صناعة الموضة العربية على خريطة الموضة العالمية؟ لا يجيب بالكلام، لكن نظرة السعادة التي كانت تزغرد في عيونه كانت أبلغ من أي جواب، وعندما أقول له إنه مصمم محظوظ بالنظر إلى حب الناس له، يضحك ويقول من دون تردد نعم أشعر فعلاً أني محظوظ.