«فندي» وستيفانو بيلاتي... لقاء الأصدقاء

القوة الناعمة كما تصورها ستيفانو بيلاتي (تصوير: جو)
القوة الناعمة كما تصورها ستيفانو بيلاتي (تصوير: جو)
TT

«فندي» وستيفانو بيلاتي... لقاء الأصدقاء

القوة الناعمة كما تصورها ستيفانو بيلاتي (تصوير: جو)
القوة الناعمة كما تصورها ستيفانو بيلاتي (تصوير: جو)

عندما التحق المصمم كيم جونز بدار «فندي» في عام 2020، بدأ سلسلة من التعاونات بعيدة كل البُعد عن المفهوم المتعارف عليه، والذي كان قائماً على تعاونات مع فنانين. التعاون الذي فكّر فيه هو وسيلفيا فنتوريني فندي كان أقرب إلى حوار مع أصدقاء مقرّبين على المستويين الشخصي والمهني. استُهلت هذه المبادرة بتعاون مع دوناتيلا فيرساتشي في 2021، تلتها أخرى مع مارك جاكوبس، والآن مع ابن روما ستيفانو بيلاتي، الذي قال عنه كيم جونز إن «ستيفانو من أكثر المصمّمين الذين أعجبتُ بهم... فأنا أتطلع إليه بوصفه قدوة». وتابع: «إنه ليس مجرد صديق بالنسبة إلي؛ بل هو مُلهم، ونظرته الحداثية تُثيرني... إنه مصمم يتطلع دائماً إلى المستقبل، ولا يكتفي بطرح الأسئلة؛ بل يقترح الحلول أيضاً».

ستيفانو بيلاتي (تصوير: جاكلين لاندفيك)

ستيفانو بيلاتي؛ الذي وُلد في ميلانو، يعيش حالياً في برلين؛ لما تعرفه من نهضة فنية كبيرة تروقه وتناسب هواه. استقر فيها بعد أن ترك دار «زيغنا» وفيها أطلق علامته الخاصة «راندم آيدانتيتيز (Random Identities)»، التي تُعبر عن أسلوب حداثي يمكن القول إنه يسبح ضد التيار.

لكن كل ما في التشكيلة التي قدّمها لـ«فندي» لخريف وشتاء 2024 تؤكد أنه يبادل الدار الرومانية التقدير، أو على الأصح يحترم الصداقة التي تربطه بكل من كيم جونز وسيلفيا فندي. لم يُخيّب الآمال فيه، وردّ الجميل عبر تصميمات صبّ فيها كل ما يملكه من خبرة في مجال التفصيل من دون أن يهز شخصية «فندي». لم يجد أي صعوبة، فخلفه تجربة تمتد إلى نحو 3 عقود، قضاها في استوديوهات «جيورجيو أرماني» و«برادا» و«ميوميو»؛ وإن كانت الفترة التي قضاها في دار «سان لوران»، من 2004 إلى 2012، خلفاً لتوم فورد، هي التي دفعته إلى الواجهة وجعلت نجمه يبزغ على المستوى العالمي. بعدها قضى 3 سنوات في «زيغنا» يضخ فيها دماء العصر والتجديد.

كبح المصمم خياله لتأتي التشكيلة راقية لا تُلغي بصمات «فندي»

انطلق بيلاتي في هذه التشكيلة من سؤال مهم وفق قوله: «كيف يمكنني أن أحافظ على بصمتي وفي الوقت ذاته أستكشف عالم (فندي)؟». يتابع: «كان هذا لقاء عالمين بالنسبة إلي: ميلان التي وُلدت فيها وتشبعت بأناقتها، وروما التي تنتمي إليها (فندي) بتحررها وحرفيتها... اكتشفت أن في روما دائماً المزيد والمخفي».

بصمته الخاصة تجلت في عودته إلى حقبة مهمة أثرت كثيراً على أسلوبه ونظرته إلى الموضة، ألا وهي عشرينات القرن الماضي. حقبة شهدت الشرارة لحركة نسوية طالبت فيها المرأة بحقوقها وحريتها في الاختيار، وهو ما انعكس على شكل موضة، أو على الأقل زرع بذرة التغيير من الكورسيهات والقيود التي كانت مفروضة، إلى البدلات ذات البنطلونات الواسعة التي كانت مِلكاً للرجل وحده. أما كيف ترجم بيلاتي هذه الصورة لخريف وشتاء 2024؟ فعبر أزياء امرأة شابة ذات مقاييس صبيانية أيضاً. الفرق أنه لم يُلغ أنوثتها تماماً. فقصّة الشعر القصير التي ظهرت في العشرينات حل محلها شعر منطلق أو متماوج بلامبالاة.

اللعب على الذكوري والأنثوي كان مثيراً (فندي)

كل هذا أعاد صياغته بأسلوب لا يُفرّق بين الجنسين، مستحضراً صورة النجمة جولي آندروز في فيلم «فيكتور وفيكتوريا» الذي لعبت فيه دور امرأة تتنكر في زي رجل. الفتاة التي جسّدها بيلاتي هنا تحمل هي الأخرى مواصفات صبيانية جريئة ومتحدية، وكل ما فيها يُخلّف الانطباع بأن قوتها تكمن في نعومتها. فحتى عندما تعتمد إطلالة رجالية مثل البدلة والبنطلون الواسع بطيات أمامية، تبقى مفعمة بالأنوثة. هو يعرف تماماً أن فتاته المعاصرة هاته لا تحتاج إلى أن تتحدى التقاليد، بعد أن تغير كثير من المفاهيم الاجتماعية القديمة. فالبذرة التي زرعتها جداتها في العشرينات، أنعشتها الأمهات في الستينات والثمانينات، مما جعل الطريق مُعبّدة أمامها لكي تختار ما تريد. ومع ذلك لم يغب عنصر التحدي في الصورة التي رسمها؛ إذ يظهر في طريقة دمجها الرجالي بالأنثوي.

كانت التشكيلة لقاء بين أناقة ميلانو وانطلاق روما (فندي)

هذا الجانب الأنثوي كان لفتة لشخصية «فندي» ورغبة من بيلاتي في أن يُبرز أيقوناتها الكلاسيكية والمعاصرة على حد سواء، بتوظيف الحرفية والتقاليد المتوارثة التي تتمتع بها، وتلك اللمسة الراقية التي لا تغيب. كان واضحاً أن بيلاتي كبح خياله الميّال للحداثة، لتأتي النتيجة كلاسيكيات راقية تلتقي فيها البورجوازية باللامبالاة الأرستقراطية. حتى الإطلالات المخصصة للرجل؛ بما فيها قمصان قصيرة بعض الشيء من الحرير أو الجلد، نسّقها بشكل لا يتعارض مع رجولته. تصاميم النساء في المقابل، كانت أكثر تحرراً وجنوحاً للذكوري؛ الأمر الذي لا يترك أدنى شك في أنها ستروق الجنس الخشن أيضاً، ولن نستغرب أن تتعرض لسرقات من قبله.


مقالات ذات صلة

​هادي سليمان يغادر «سيلين» ومايكل رايدر مديرها الإبداعي الجديد

لمسات الموضة صورة أرشيفية لهادي سليمان تعود إلى عام 2019 (أ.ف.ب)

​هادي سليمان يغادر «سيلين» ومايكل رايدر مديرها الإبداعي الجديد

أعلنت دار «سيلين» اليوم خبر مغادرة مديرها الإبداعي هادي سليمان بعد ست سنوات. لم يفاجئ الخبر أحداً، فإشاعات قوية كانت تدور في أوساط الموضة منذ مدة مفادها أنه…

لمسات الموضة حافظ أسبوع باريس على مكانته بثقة رغم أنه لم ينج تماماً من تبعات الأزمة الاقتصادية (لويفي)

الإبداع... فن أم صناعة؟

الكثير من المصممين في موقف لا يُحسدون عليه، يستنزفون طاقاتهم في محاولة قراءة أفكار المسؤولين والمستهلكين، مضحين بأفكارهم من أجل البقاء.

جميلة حلفيشي (لندن)
لمسات الموضة عرض ريتشارد كوين كان مفعماً بالأمل والتفاؤل... وهو ما ترجمه بالورود والألوان الفاتحة (أ.ف.ب)

أسبوع لندن للموضة يسترجع أنفاسه... ببطء

تشعر أحياناً أن مصمميه يتلذذون بالأزمات ويستمدون منها أكسجين الابتكار. هذا العام يحتفل بميلاده الـ40 مؤكداً أن الأزمات لم تقضِ عليه بقدر ما زادته عزماً.

جميلة حلفيشي (لندن)
لمسات الموضة اكتسب الريش هذه المرة مرونة وديناميكية شبابية (آسبري لندن)

الأميرة نورة الفيصل تضخ «آسبري لندن» بالحيوية

تأمل «آسبري» أن تحقق لها هذه المجوهرات نفس النجاح المبهر الذي حققته كبسولة الحقائب في العام الماضي. كانت الأسرع مبيعاً في تاريخها الممتد لأكثر من 200 عام.

جميلة حلفيشي (لندن)
لمسات الموضة بنطلون الجينز الواسع... كيف تلبسينه على طريقة النجمات؟

بنطلون الجينز الواسع... كيف تلبسينه على طريقة النجمات؟

يجمع الأناقة بروح بوهيمية، لكن للأسف لا يناسب الكل؛ لهذا يحتاج إلى بعض الحيل كي تتمكن صغيرات الحجم تحديداً من الاستمتاع به، مثلهن مثل عارضات الأزياء.

جميلة حلفيشي (لندن)

​هادي سليمان يغادر «سيلين» ومايكل رايدر مديرها الإبداعي الجديد

صورة أرشيفية لهادي سليمان تعود إلى عام 2019 (أ.ف.ب)
صورة أرشيفية لهادي سليمان تعود إلى عام 2019 (أ.ف.ب)
TT

​هادي سليمان يغادر «سيلين» ومايكل رايدر مديرها الإبداعي الجديد

صورة أرشيفية لهادي سليمان تعود إلى عام 2019 (أ.ف.ب)
صورة أرشيفية لهادي سليمان تعود إلى عام 2019 (أ.ف.ب)

أعلنت دار «سيلين» اليوم خبر مغادرة مديرها الإبداعي هادي سليمان بعد ست سنوات. لم يفاجئ الخبر أحداً، فإشاعات قوية كانت تدور في أوساط الموضة منذ مدة مفادها أنه سيغادرها وسط توقعات بأن محطته المقبلة ستكون دار «شانيل». وهذه الأخيرة لم تُعلن حتى الآن عمن سيخلف مصممتها السابقة فيرجيني فيار.

صورة أرشيفية لهادي سليمان وهو يحيي الحضور بعد عرضه لربيع وصيف 2023 في عام 2022 (أ.ف.ب)

في اليوم نفسه أعلنت «سيلين» تعيين مايكل رايدر خليفة لسليمان، وهو ما يؤكد أن الأمر كان مقرراً منذ فترة، وأن الإعلان عنه كان مسألة وقت فقط.

على العكس من هادي سليمان، الذي يثير كثيراً من الجدل بين معجب بأسلوبه الرشيق وبين منتقد له، فإن القليل من الناس سمعوا باسم مايكل رايدر من قبل، رغم أنه بدأ مسيرته المهنية في دار «بالنسياغا» قبل أن ينتقل إلى دار «سيلين» للعمل مع المصممة فيبي فيلو، وهو ما جعله خياراً مناسباً؛ وفق سيفيرين ميرل، الرئيسة التنفيذية التي صرّحت بأنه «يعرف جينات الدار وإرثها جيداً».

مايكل رايدر مصمم «سيلين» الجديد (سيلين)

وخلال أسبوع باريس الأخير، كان الكل ينتظر إعلان «شانيل» عن اسم مصممها الجديد، خصوصاً أن تشكيلتها لربيع وصيف 2025 تم تصميمها وتنفيذها على يد فريق في غياب مدير إبداعي. وبما أن التجارب أكدت أنه لا دخان من دون نار، فإن الإشاعات بأن اختيارها وقع على سليمان ربما تتأكد قريباً. إذا صح الأمر، فإنه سيصبح أكثر مصمم تنقل بين بيوت الأزياء الكبيرة، حيث سبق له العمل مع «ديور»، و«سان لوران»، و«سيلين».