أسبوع لندن لربيع وصيف 2024... مسك ختامه كان سعودياً

لأول مرة مصممات سعوديات في برنامجه الرسمي

العارضة هيلينا كريستنسن مع مجموعة من عارضات «أتولييه حكايات» (خاص)
العارضة هيلينا كريستنسن مع مجموعة من عارضات «أتولييه حكايات» (خاص)
TT

أسبوع لندن لربيع وصيف 2024... مسك ختامه كان سعودياً

العارضة هيلينا كريستنسن مع مجموعة من عارضات «أتولييه حكايات» (خاص)
العارضة هيلينا كريستنسن مع مجموعة من عارضات «أتولييه حكايات» (خاص)

يوم الثلاثاء الماضي، كان آخر أيام أسبوع لندن للموضة. كان أسبوعاً حافلاً استرجعت فيه العاصمة البريطانية إيقاعها بعد سنوات عجاف بسبب جائحة «كورونا» التي تلاها الحداد على الملكة إليزابيث الثانية في العام الماضي.

العارضة هيلينا كريستنسن مع مجموعة من عارضات «أتولييه حكايات» (خاص)

هذا اليوم كان من نصيب السعودية، فلأول مرة تشارك علامتان سعوديتان هما «آرام» للمصممة أروى العماري، و«أتولييه حكايات» للشقيقتين عبير وعلياء عريف في البرنامج الرسمي. ليس هذا فحسب بل بدعم قوي من مجلس الموضة البريطانية و«فيلم العلا». هذا الأخير استحدث منذ سنتين تقريباً مبادرة خاصة بالموضة والسينما أطلق عليها اسم «العلا تبتكر». هذه المبادرة هي التي أوصلت هاتين العلامتين إلى لندن.

أروى العماري مع عارضات في تصاميم بتوقيعها (خاص – العارض)

مكان العرض كان فندق «لو22» الواقع على بعد دقائق من منطقة «مايفير». كان يعجّ بحضور من جنسيات مختلفة. القاسم المشترك بينهم أن دافعهم كان الفضول لاستكشاف مواهب من منطقة باتوا يسمعون الكثير عنها وعن إنجازاتها في السنوات الأخيرة، بعد أن كان كل ما يعرفونه عنها أنها غنية بالثروات، وأنها سوق استهلاكي مهم للموضة. تصيح جين سو، وهي صينية أميركية تعمل مراسلة لصحيفة في جنوب أفريقيا معبرة عن إعجابها «السمع ليس كالنظر»، وتضيف ضاحكة: «أو اللمس. انظري إلى جمال الأقمشة ونقشاتها. بالفعل هي رائعة لم أكن أتوقع أن تكون بهذه الحرفية والتميز».

المصممات أروى العماري وعبير وعلياء عريف مع محمد التركي (خاص)

منظمة الموضة البريطانية التي أشرفت على هذا المشروع من باب شراكتها مع «العلا تبتكر» كان لها أيضاً دور في هذا الإقبال. فقد أخذت على عاتقها الترويج له واستقطاب حضور من مستوى عال له. كارولينا راش، وهي المدير التنفيذي للمجلس، كانت في استقبالهم. تُرحِب بكل واحد بدفء وحميمية، كون أغلبهم من ضيوف الأسبوع المخلصين. صرحت بأن «هذا التعاون جاء بشكل عضوي، وآمل أن يُثمر تعاونات أخرى تصب في مصلحة عملية الإبداع».

وتتابع أن Alula Creates منصة رائعة؛ لأنها تأسست خصيصاً لدعم مبدعات في مجالات الموضة والأفلام وغيرها من الفنون. الجميل فيها أيضاً أنها تستهدف فتح جسر تتواصل فيه هؤلاء المبدعات السعوديات مع منصات عالمية أخرى، وهو ما يساهم في تسليط الضوء عليهن، وفي الوقت ذاته يُعزِز مفهوم التبادل الثقافي والفنون بعيون أنثوية».

تجدر الإشارة إلى أن «العلا تبتكر» وُلدت من رحم «فيلم العلا» لتتوجه إلى الموضة تحديداً، وهو ما يمكن اعتباره بداية طبيعية ومبشرة تثلج الصدور. فعلاقة الموضة والسينما طويلة تعود إلى عقود. وسرعان ما أكدت للجميع أنهما وجهان لعملة واحدة بالنظر إلى أن أزياء الأفلام جزء لا يتجزأ من بناء الشخصية وأحياناً كثيرة تكون البطل الصامت. من هذا المنظور تنوي «العلا تبتكر» أن تجعل الموضة سانداً مهماً للمبدعات السعوديات في مجالات الإخراج والتمثيل على حد سواء، وهو ما بدأ فعلياً مؤخراً بظهور نجمات بفساتين بتوقيعات سعودية في مناسبات فنية عالمية مثل حفل «فانيتي فير» الذي يقام بعد توزيع جوائز الأوسكار في لوس أنجليس. في دورته الأخيرة، مثلاً شاركت كل «آرام» و«أتولييه حكايات»، الأمر الذي سيساهم في إثارة الانتباه إلى صناعة الموضة في المملكة من خلال مصمميها.

كارولين راش الرئيس التنفيذي لمجلس الموضة البريذانية مع العارضة هيلينا كريستنس والأختين عبير وعلياء عريف (خاص)

يوم الثلاثاء الماضي، انطلقت المرحلة الأولى. شاركت فيها علامتا «آرام» و«أتولييه حكايات»، فيما اختُير كل من الفنانة والمؤثرة السعودية ميلا الزهراني والعارضتين العالمتين هيلينا كريستنسن وإيفا هيرزوغوفا سفيرات لها. كانت الفكرة من مشاركة هذا الثلاثي إضفاء البريق ولمسة عالمية على الحدث، وأيضاً جذب حضور لم يكن يعرف الكثير عن المصممات المشاركات، لكنه تفاجأ بأن كل أفكاره المسبقة كانت خاطئة. لم تكن هناك عبايات أو ملابس تراثية بقدر ما كانت هناك إبداعات يمكن أن تنافس الكبار في عقر دارهم. الأفكار والتصاميم وُلدت في السعودية، لكن تم تنفيذها في مشغل إميليا ويكستيد باعتباره جزءاً من تبادل الثقافات وتعزيز الشراكة بين الغرب والشرق، وهو ما تعتز به لندن عموماً. فهي كانت ولا تزال حاضنة للشباب والمبدعين من كل الجنسيات.

كان من الممكن أن تحتضن المزيد من المصممين السعوديين ممن أثبتوا أنفسهم على الساحة. يأتيني الجواب أن هذه مجرد بداية، مع العلم أن اختيار العلامتين لم يأت من باب الصدفة أو الحظ، بل نتيجة دراسات واختبارات أكدت أنهما في المستوى العالمي. وهذا ما أكدته أروى العماري مؤسسة «آرام». تقول وهي تشير إلى قطع تتنافس مع بعضها لإثارة الإعجاب، مطبوعة بنقشات أصبحت ماركة مسجلة لها، إنها استوحت هذه التشكيلة من الأندلس «كتاب قرأته عن زرياب. شد انتباهي كيف كان يهتم بأناقته وبأدق التفاصيل التي تتعلق بمظهره، ما جعلني أشعر أنه أول مؤثر ظهر في تاريخنا». زيارة قريبة قامت بها إلى قصر غرناطة وقصر الحمراء أيضاً سكنت وجدانها وألهبت خيالها، وهو ما لخّصته العماري في فساتين مفعمة بالأنوثة والفخامة، غلبت عليها الخطوط الهندسية التي تميز حدائق قصر الحمراء من دون أن ننسى ألوانها الدافئة. في القاعة المجاورة، التي كانت مخصصة لتشكيلة «أتولييه حكايات»، كانت الأجواء مختلفة بدءاً من الألوان إلى القصات، حيث اكتسبت الألوان هدوءاً، والتصاميم جرأة، لنتذكر سريعاً أن هذه العلامة التي أطلقتها الأختان في عام 2012 كانت دائماً تجنح إلى الابتكار والتصاميم العصرية باستعمال تقنيات معقدة وحديثة.


مقالات ذات صلة

«لورو بيانا» تحتل واجهات «هارودز» لتحتفل بمئويتها وإرثها

لمسات الموضة حوَّلت «لورو بيانا» الواجهات إلى احتفالية بإرثها وحرفييها وأيضاً بالثقافة البريطانية التي تمثلها معلمة مثل «هارودز» (لورو بيانا)

«لورو بيانا» تحتل واجهات «هارودز» لتحتفل بمئويتها وإرثها

مع اقتراب نهاية كل عام، تتسابق المتاجر والمحلات الكبيرة على التفنن في رسم وتزيين واجهاتها لجذب أكبر نسبة من المتسوقين إلى أحضانها.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق في عقدها الثامن اختار إريك جدّته «مانيكان» تعرض تصاميمه (حساب المُصمّم على إنستغرام)

إريك ماتيو ريتر وجدّته هدى زيادة... جيلان يلتقيان على أجنحة الموضة

معاً؛ زوّدا عالم الأزياء بلمسة سبّاقة لم يشهدها العالم العربي من قبل. التناغُم بينهما لوّن عالم الموضة في لبنان بنفحة الأصالة والشباب.

فيفيان حداد (بيروت)
لمسات الموضة كان حب إيلي صعب الإنسان الخيط الذي جمع كل الفنانين الذين حضروا الاحتفالية (رويترز)

5 أشياء تدين بها صناعة الموضة العربية لإيلي صعب

المهتمون بالموضة، من جهتهم، يكنون له الاحترام، لرده الاعتبار لمنطقة الشرق الأوسط بوصفها تملك القدرة على الإبهار والإبداع.

جميلة حلفيشي (لندن)
الاقتصاد صورة تُظهر واجهة متجر دار الأزياء الإيطالية «فالنتينو» في وسط روما (أ.ف.ب)

للمرة الأولى منذ الركود العظيم... توقعات بانخفاض مبيعات السلع الفاخرة عالمياً

من المتوقع أن تنخفض مبيعات السلع الفاخرة الشخصية عالمياً في عام 2025 لأول مرة منذ الركود العظيم، وفقاً لدراسة استشارية من شركة «بين».

«الشرق الأوسط» (روما)
لمسات الموضة في الدورة الأولى من رئاسة زوجها اعتمدت ميلانيا عدة إطلالات أنيقة كان لدار «دولتشي أند غابانا» نصيب كبير فيها (خاص)

هل حان الوقت ليصالح صناع الموضة ميلانيا ترمب؟

قامت ميلانيا بالخطوة الأولى بدبلوماسية ناعمة بإعلانها أنها امرأة مستقلة ولها آراء خاصة قد تتعارض مع سياسات زوجها مثل رأيها في حق المرأة في الإجهاض وغير ذلك

جميلة حلفيشي (لندن)

كيف ألهمت أنابيب نقل الغاز «بولغري»؟

ناعومي كامبل في أكثر من عقد من المجموعة (بولغري)
ناعومي كامبل في أكثر من عقد من المجموعة (بولغري)
TT

كيف ألهمت أنابيب نقل الغاز «بولغري»؟

ناعومي كامبل في أكثر من عقد من المجموعة (بولغري)
ناعومي كامبل في أكثر من عقد من المجموعة (بولغري)

في منتصف القرن الماضي، كان فن الـ«آرت ديكو» والقطع المصنعة من البلاتين تُهيمن على مشهد المجوهرات الفاخرة. في خضم هذه الموجة التي اكتسحت الساحة، ظلت دار «بولغري» وفيّة لأسلوبها المتميز بالجرأة، واستعمال الذهب الأصفر والأحجار الكريمة المتوهجة بالألوان.

رغم أن عقداً واحداً يكفي فإن استعمال أكثر لا يؤثر بقدر ما يزيد من الفخامة (بولغري)

في هذه الفترة أيضاً ابتكرت تقنية خاصة بها، أصبحت تعرف بـ«توبوغاس»، وتستمد اسمها من الأنابيب التي كانت تستخدم لنقل الغاز المضغوط في عشرينات القرن الماضي. ففي تلك الحقبة أيضاً بدأ انتشار التصميم الصناعي في أوروبا، ليشمل الأزياء والديكور والمجوهرات والفنون المعمارية وغيرها.

ظهر هذا التصميم أول مرة في سوار ساعة «سيربنتي» الأيقونية (بولغري)

في عام 1948، وُلدت أساور بتصميم انسيابي يتشابك دون استخدام اللحام، تجسَّد في سوار أول ساعة من مجموعتها الأيقونية «سيربنتي». أدى نجاحها إلى توسعها لمجموعات أخرى، مثل «مونيتي» و«بارينتيسي» و«بولغري بولغري».

في مجموعتها الجديدة تلوّنت الأشكال الانسيابية المتموجة والأجسام المتحركة بدرجات دافئة من البرتقالي، جسَّدها المصور والمخرج جوليان فالون في فيلم سلط الضوء على انسيابية شبكات الذهب الأصفر ومرونتها، واستعان فيه براقصين محترفين عبّروا عن سلاستها وانسيابيتها بحركات تعكس اللفات اللولبية اللامتناهية لـ«توبوغاس».

بيد أن هذه التقنية لم تصبح كياناً مهماً لدى «بولغري» حتى السبعينات. فترة أخذت فيها هذه التقنية أشكالاً متعددة، ظهرت أيضاً في منتجات من الذهب الأصفر تُعبر عن الحرفية والفنية الإيطالية.

ظهرت تقنية «توبوغاس» في مجوهرات شملت أساور وساعات وعقوداً (بولغري)

لكن لم يكن هذا كافياً لتدخل المنافسة الفنية التي كانت على أشدّها في تلك الحقبة. استعملتها أيضاً في مجوهرات أخرى مثل «بارينتيسي»، الرمز الهندسي المستوحى من الأرصفة الرومانية. رصَّعتها بالأحجار الكريمة والألماس، وهو ما ظهر في عقد استخدمت فيه «التنزانيت» و«الروبيت» و«التورمالين الأخضر» مُحاطة بإطار من الأحجار الكريمة الصلبة بأشكال هندسية.

بعدها ظهرت هذه التقنية في ساعة «بولغري توبوغاس»، تتميز بسوار توبوغاس الأنبوبي المرن، ونقش الشعار المزدوج على علبة الساعة المصنوعة من الذهب الأصفر والمستوحى من النقوش الدائرية على النقود الرومانية القديمة. تمازُج الذهب الأصفر والأبيض والوردي، أضفى بريقه على الميناء المطلي باللكر الأسود ومؤشرات الساعة المصنوعة من الألماس.

من تقنية حصرية إلى أيقونة

تزينت بمجوهرات الدار نجمات عالميات فكل ما تقدمه يُعدّ من الأيقونات اللافتة (بولغري)

«بولغري» كشفت عن مجموعتها الجديدة ضمن مشروع «استوديو بولغري»، المنصة متعددة الأغراض التي تستضيف فيها مبدعين معاصرين لتقديم تصوراتهم لأيقوناتها، مثل «بي زيرو1» و«بولغري بولغري» و«بولغري توبوغاس». انطلق هذا المشروع لأول مرة في سيول في مارس (آذار) الماضي، ثم انتقل حديثاً إلى نيويورك؛ حيث تستكشف الرحلة الإرث الإبداعي الذي جسدته هذه المجموعة من خلال سلسلة من أعمال التعاون من وجهات نظر فنية متنوعة.

قوة هذه التقنية تكمن في تحويل المعدن النفيس إلى أسلاك لينة (بولغري)

بين الحداثة والتراث

قدّم الفنان متعدد المواهب، أنتوني توديسكو، الذي انضم إلى المنصة منذ محطتها الأولى ترجمته للأناقة الكلاسيكية بأسلوب امتزج فيه السريالي بالفن الرقمي، الأمر الذي خلق رؤية سردية بصرية تجسد التفاعل بين الحداثة والتراث. منح الخطوط المنسابة بُعداً ميتافيزيقياً، عززته التقنيات التي تتميز بها المجموعة وتحول فيه المعدن النفيس إلى أسلاك لينة.

تطورت هذه التقنية لتشمل قطعاً كثيرة من مجموعات أخرى (بولغري)

ساعده على إبراز فنيته وجمالية التصاميم، الفنان والمصمم الضوئي كريستوفر بودر، الذي حوَّل الحركة اللامتناهية وتدفق اللوالب الذهبية في «بولغري توبوغاس» إلى تجربة بصرية أطلق عليها تسمية «ذا ويف» أو الموجة، وهي عبارة عن منحوتة ضوئية حركية تتألف من 252 ضوءاً يتحرك على شكل أمواج لا نهاية لها، تتكسر وتتراجع في رقصة مستمرة للضوء والظل، لكنها كلها تصبُّ في نتيجة واحدة، وهي تلك المرونة والجمالية الانسيابية التي تتمتع بها المجموعة، وتعكس الثقافة الرومانية التي تشرَّبتها عبر السنين.