الموضة الراقية تُجمل صورة باريس

لخريف وشتاء 2023 - 2024 أزياء فنية تنافست مع سحر الأمكنة

بدا عرض «شانيل» مزيجاً بين الأناقة واللامبالاة وكأنه نزهة على نهر السين  (شانيل)
بدا عرض «شانيل» مزيجاً بين الأناقة واللامبالاة وكأنه نزهة على نهر السين (شانيل)
TT

الموضة الراقية تُجمل صورة باريس

بدا عرض «شانيل» مزيجاً بين الأناقة واللامبالاة وكأنه نزهة على نهر السين  (شانيل)
بدا عرض «شانيل» مزيجاً بين الأناقة واللامبالاة وكأنه نزهة على نهر السين (شانيل)

في الأسبوع الماضي انقسمت باريس إلى «مدينتين». واحدة تعيش فيها فئة مسحوقة تصرخ تحت وطأة الألم والتمييز العرقي وشُح الفرص، والثانية تعيش فيها فئة تصرخ هي الأخرى لكن بحب الفن والجمال. وهذه الفئة تدعمها السلطات الحكومية بتسليمها مفاتيح معالمها ومآثرها ومتاحفها على أمل أن تُرسل صورة أكثر إيجابية عن العاصمة الفرنسية. فقد تنجح الموضة فيما لم تنجح فيه السياسة. على الأقل بأن تُغطي على ردات الفعل العنيفة التي ولّدتها سياسات التهميش على مدى عقود. فمقتل الشاب نائل مرزوقي برصاصة شرطي فرنسي لم تثر الغضب فحسب، بل فتحت جروحات قديمة وملفات عمرها أكثر من 40 عاماً من التهميش وفشل سياسات الإدماج والعدالة فيما يخص أبناء الضواحي من المهاجرين تحديداً.

منظر النيران والسيارات المكسرة جعل بعض محبي الموضة، ممن كانوا لا يغيبون عن أسبوع باريس للأزياء الراقية، يشعرون كما لو أن حرباً أهلية قد اندلعت في العاصمة الفرنسية، الأمر الذي دفعهم إلى إلغاء رحلاتهم في آخر لحظة. أما من حضروا فاكتشفوا أنهم في عالم سريالي وأن العاصمة الفرنسية انقسمت إلى عالمين. عالم يصرخ ألماً وغضباً يتمركز في الضواحي فقط، وعالم يصرخ بالفنية والجمال ويتمركز في الوسط. ومع ذلك من الخطأ اتهام عالم الموضة بالتجرد من المشاعر أو الانفصال عن الواقع. فهو صناعة كأي صناعة أخرى يجب أن تستمر حركتها في الدوران.

كانت دار «سيلين» الوحيدة التي ألغت عرضها الرجالي قبل يوم واحد من انطلاق أسبوع الـ«هوت كوتور» حيث صرّح مصممها هادي سليمان أن «إقامة عرض أزياء في وقت تشهد فيه العاصمة الفرنسية كل هذه التطورات، يبدو من وجهة نظري، غير مناسب»، فيما ألغت دار «بالنسياغا» حفلاً ضخماً كانت ستقيمه بعد عرضها. فيما عداهما، لم تتنازل باقي بيوت الأزياء عن استعراض قدراتها الإبداعية والمادية بكل ما أوتيت من إمكانات. حفلات وعروض ضخمة أقاموها في أماكن ساحرة لا يحلم الإنسان العادي بدخولها. على الأقل ليس بسهولة.

لم يضاهِ جمال قصر دو شانتيلي في عرض «فالنتينو» سوى شاعرية التصاميم (فالنتينو)

دار «فالنتينو» مثلاً نقلت ضيوفها إلى قصر «دي شانتيلي»، واحد من أشهر القصور الشاهدة على المعمار الفرنسي الكلاسيكي في القرن الـ17، هذه المرة أيضاً فتح بيير باولو جدلاً فكرياً حول علاقة الإنسان بالمكان. باختياره قصر «دو شانتيلي» مسرحاً، ومنحه هذه التشكيلة عنوان «قصر» Un chateau من دون أي تعريف أو تحديد، كان كمن يقول إن القصور يمكن أن تُفتح للجميع، تماماً مثل الـ«هوت كوتور»؛ قد لا يستطيع الكل الوصول إليها واقتناءها، لكن يمكن للجميع تذوقها والاستمتاع بها، مثل أي لوحة فنية. فالقصر بمفهوم بيير باولو تحول من مجرد مكان أو مبنى إلى فكرة تُلخص الجمال وتاريخ سكانه وأناقتهم. وطبعاً بتصميمه الهندسي وحدائقه الغناء كان يُمثِل أيضاً الحرفية والدقة التي جسدها المصمم في كل قطعة تم عرضها على خلفيته ساعة غروب الشمس.

كانت أوبرا غارنييه مسرحاً رائعاً لتشكيلة ستيفان رولان المستوحاة من ماريا كالاس (ستيفان رولان)

«شانيل» أيضاً قدمت عرضاً مثيراً على ضفاف نهر السين، لأن النهر حسب قول المصممة فيرجيني فيار «يرمز للطاقة الإبداعية التي تتدفق عبر باريس. فهو رومانسي وصاخب، ومنفتح على العالم». المصمم ستيفان رولان في المقابل اختار «أوبرا غارنييه» لتقديم تشكيلة استوحاها من نجمة الأوبرا ماريا كالاس، فيما عادت «ديور» إلى «رودان» متحفها المفضل. الطريف أن دار «لويس فويتون» استغلت الأسبوع لتُغري ضيوفه لحضور حفل في متحف أورسي بعد كشفها الستار عن ساعة جديدة. استولت على المتحف لليلة كاملة لتُمكِنهم من التجول بين ردهاته وقاعاته بحرية، في إشارة واضحة أن أي عرض يحتاج إلى قصة تبدأ في مكان ما لكي تُلهب الخيال.

وهكذا بعيداً عن صور الشغب التي بثتها شاشات التلفزيونات وأسهبت في تحليلها الصحف المحلية والعالمية على حد سواء، أثبتت الموضة أنها بقدر ما تُقدم خيارات بعيدة كل البعد عما يمكن أن يتخيله سُكان الضواحي، فهي مثلهم ترفض أن يُسلب حقها في التعبير عن نفسها، ولا سيما أن السؤال الأزلي عن مدى جدوى الـ«هوت كوتور» في عصرنا هذا عاد إلى الواجهة ليستفز صناعها وعشاقها على حد سواء.

كانت كل إطلالة في عرض «سكاباريللي» تحية لفنان (سكاباريللي)

هؤلاء يردون أن هذا الخط الذي يتوجه إلى زبونات قليلات جداً قد يكون بالنسبة لبعض بيوت الأزياء مجرد وسيلة لبيع العطور ومستحضرات التجميل، بينما تستعمله أخرى لتلميع صورتها، على أمل استقطاب زبائن جدد من كل أنحاء العالم. لكنه بالنسبة للمصممين يُمثِل فرصة لكي يحلقوا بخيالهم إلى أبعد مستوى. ففيه يختبرون أفكاراً جديدة وجريئة في الوقت ذاته، ويغرفون من الفنون من دون قيد أو شرط. وهذا ما نراه في تشكيلات مصممين من أمثال الثنائي «فكيتور أند رولف» وإيريس فان هيربن وغيرهما ممن يشطحون بخيالهم ويقدمون ابتكارات تحتاج إلى بعض الشرح أحياناً. في الجهة المقابلة، هناك مصممون يعرفون أن هذه التصاميم مهما كانت نسبة الإبداع الذي يصبونه فيها، يجب أن تجد طريقها إلى خزانة امرأة مقتدرة وتُقدِر الجمال والفنية، الأمر الذي يُحتِم عليهم تقديم تصاميم تُخفي بين طيات فنيتها الجامحة وتفاصيلها المعقدة عملية وأناقة مريحة. وهذا بحد ذاته معادلة صعبة لا ينجح فيها إلا الكبار والمتمرسون في الحرفة.

وراء البساطة التي غلبت على عرض «ديور» كانت هناك أناقة رفيعة وتفصيل محسوب (أ.ف.ب)

عروض كل من إيلي صعب و«شانيل» و«ديور» و«فالنتينو» وستيفان رولان والسعودي محمد آشي نجحت في تحقيق هذه المعادلة إلى حد ما. لم تطغ الفنية على العملية بل تلازم الاثنان معاً في صورة مثيرة لمست وجدان المرأة وأيقظت عنصر الحلم الذي تقوم عليه الموضة بالأساس.

ليس أدل على هذا من بيير باولو بكيولي، مصمم دار «فالنتينو»، الذي تقمص في تشكيلته لخريف وشتاء 2023 - 2024 دور رسام وشاعر في آن واحد. قدم تشكيلة بعنوان «Un Chateau» أي «قصر» واختزل فيها كل معاني الابتكار والاختبار من دون أن ينسى جانب التسويق، بدءاً من حرفيتها إلى كونها مفعمة بالأنوثة والشاعرية. لم يكن هو الوحيد المدفوع بهذه الرغبة المحمومة في الابتكار والإبداع، فأغلب المصممين إما غرفوا من أعمال فنانين، أو تقمصوا هذا الدور بشكل أو بآخر.

كانت كل إطلالة في عرض «سكاباريللي» تحية لفنان (سكاباريللي)

كان هذا واضحاً منذ اليوم الأول من الأسبوع، الذي افتُتح بعرض «سكاباريللي» الساعة الـ10 صباحاً في «لوبوتي باليه»، أي «القصر الصغير»، رغم أن هذا الاسم لا يُعبِر عنه أبداً بالنظر إلى كونه قد استوعب حوالي 500 ضيف.

كانت الأجواء خارج قاعة العرض تلتهب ببريق الإكسسوارات الذهبية ذات الأحجام الكبيرة التي تشتهر بها الدار. كان واضحاً استمتاع الضيوف، رجالاً ونساءً، باستعراضها، سواء أكانت بروشات أو أحزمة أو أقراط أذن، كادت تسرق الأضواء من الأزياء نفسها. كان المنظر سريالياً بعض الشيء، لكنه كان يتماشى مع أسلوب الدار التي كوّنت شخصيتها منذ تأسيسها في القرن الماضي على أسس فنية. لهذا لم يكن غريباً أن يكون التركيز في هذه التشكيلة على باقة من الفنانين، الذين تعاملت معهم المؤسسة إلسا سكاباريللي في العشرينات والثلاثينات من القرن الماضي، أو فنانين معاصرين. مصمم الدار الحالي دانييل روزبيري صرّح أنه تعمّد أن تأتي الأساسيات «بأسلوب سريالي يختزل بين جوانبه صراعاً بين الحرية والعصيان وشعور تختلط فيه العفوية بالجموح».

أما كيف ترجم روزبيري هذه الرؤية الفنية، فبالعودة إلى تلك العلاقة التي ربطت إلسا سكياباريلي بفنانين من عصرها «جرأتهم، ألوانهم، أسلوب عملهم» حسب قوله. ومن هذا المنظور، كانت كل قطعة تقريباً تحمل طابعاً مستقى من فنان ما. من أعمال لوسيان فرويد، مثلاً ولدت قطع حريرية تتميز بباييت تتلألأ، ومن فسيفساء النحات جاك ويتن استوحت تنورة وسترة كأنها مرآة متكسرة، ومن الفنانة سارة لوكاس، استلهمت تنورة على شكل كرة. غني عن القول إن اللون الأزرق الذي ظهر في عدة قطع استلهم من أزرق إيف كلاين، إضافة إلى كثير من الأشكال السريالية من سالفادور دالي، هذا عدا عن لوحات ماتيس ومنحوتات جياكوميتي.

في اليوم نفسه ظُهراً، قدمت «ديور» اقتراحاتها لخريف وشتاء 2023 - 2024. قالت إنها استوحته من روما الكلاسيكية، مسقط رأس مصممتها ماريا غراتزيا تشيوري. في متحف «رودان» قدّمت عرضاً مختلفاً عما قدمته في المواسم الماضية، إذ قللت من استخدام الطبقات المتعددة والتول والـ«تي-شيرتات». في المقابل، أبدعت قطعاً تبدو من بعيد بسيطة، لكنه السهل الممتنع بكل ما يعنيه هذا الوصف من كلمة. فساتين طويلة ومعاطف رشيقة بألوان ودرجات محايدة، بعضها بلمسات ذهبية وفضية هادئة بحياكة دقيقة تُخفيها بليسيهات أو طيات.

تقول المصممة إنها استوحتها من أنماط تُذكرها بالعصور الكلاسيكية القديمة التي فتحت عليها عيونها منذ نعومة أظافرها في روما. كان كل شيء من حولها يضج بمعالم ومنحوتات فنية، جسّدتها هنا في فساتين محددة عن الخصر، تنسدل على الجسم بهندسية محسوبة. لم تكن هناك تطريزات كثيرة، لمسات بسيطة فقط من اللؤلؤ والخيوط المعدنية أضافت فخامة على أقمشة مترفة بالأساس.

في اليوم الثاني من الأسبوع، قدمت دار «شانيل» عرضين. الأول الساعة الـ10 صباحاً، والثاني الساعة الـ12 ظهراً، لكي تستوعب عدد ضيوفها. كعادتها جعلت المناسبة تتعدى مجرد عرض أزياء إلى تجربة يعيشها الحضور بكل تفاصيلها. على طول الطريق، إلى مكان العرض، تراصت أكشاك تُقدم تذكارات على شكل صور ملونة، وأخرى بالأبيض والأسود. وطبعاً مع إمكانية التقاط صور خاصة تُشعل مواقع التواصل الاجتماعي.

كانت أوبرا غارنييه مسرحاً رائعاً لتشكيلة ستيفان رولان المستوحاة من ماريا كالاس (ستيفان رولان)

بدأ العرض وظهرت سفيرة «شانيل» كارولين دو ميغريه بمعطف أزرق كحلي طويل، بعدها ظهر سرب من العارضات يمشين بثقة على الأحجار المرصوفة بفضل أحذية بكعوب متوسطة. كان السيناريو المكتوب أن تعطي العارضات الانطباع بأنهن يتجولن على ضفاف النهر بشكل عادي. فها هي واحدة تحمل كلبها المدلل، وأخرى تحمل سلّة من الزهور، وأخريات تتشابك أياديهن وهن تتبادلن الأحاديث والابتسامات كأي صديقات يقضين يوماً ممتعاً معاً، فيما بدا برج إيفل ومراكب سياحية في خلفية المشهد. المديرة الفنية لـ«شانيل» فيرجيني فيار شرحت فكرتها قائلة: «هذه المرة نحن في باريس نفسها، حيث الأرصفة والشوارع والحجارة المرصوفة الملوّنة بكل ما توحيه من رقي وبساطة». وتتابع: «يلعب العرض على الأضداد والتناقضات؛ الأناقة وعدم التكلف والقوة والرقة، وهو ما نسميه في (شانيل) بالجاذبية».

ولتعزيز فكرتها، جعلت الأزياء هي الأخرى مزيجاً من الأناقة واللامبالاة، زاوجت فيها معاطف مستلهمة من خزانة الرجل وتايورات كلاسيكية بجاكيتات ذات أطوال مختلفة، نسقتها مع تنورات تصل إلى ما تحت الركبة، وتصاميم أخرى ذات طابع بوهيمي تجلى في قمصان فضفاضة وأوشحة غطت الشعر وأضفت على الإطلالات مبالاة وفي الوقت ذاته أناقة عصرية. وطبعاً لم يغب التويد الناعم في هذه التشكيلة، إلى جانب القطن الحريري والأورغانزا والدانتيل المرصع بأنماط نباتية وغرافيكية. فرموز الدار يجب أن تحضر دائماً لتوطد علاقة الحب والسحر التي تربطها بزبائنها والحالمين بها.

في اليوم الأخير، وبعد 3 أيام مُكثفة من العروض، كان كل من عرضي محمد آشي الساعة الـ10 صباحاً، و«فندي» الساعة 2:30 ظهراً، مسك الختام.

محمد آشي لعب على الأحجام والتفاصيل الفنية بشكل يراعي الـ«هوت كوتور» وأسلوبه الخاص (أ.ف.ب)

بالنسبة لمحمد آشي، كان هذا أول عرض له منذ التحاقه بالبرنامج الرسمي للفيدرالية الفرنسية للـ«هوت كوتور» كأول سعودي. ليس من المبالغة القول إنه محطة مفصلية في مسيرته. ظل لسنوات وجهاً مألوفاً في باريس، واشتهر بأسلوب فني أكسبه شعبية واسعة في الوطن العربي وخارجه. فآشي الذي بدأ مسيرته منذ حوالي 10 سنوات لم يتنازل في تشكيلته لخريف وشتاء 2023 - 2024 عن استعمال طيات الأوريغامي والفخامة في التفاصيل والمواد. لم يُغير أسلوبه بقدر ما طوّره ليتناسب ومتطلبات العصر.


مقالات ذات صلة

هل حان الوقت ليصالح صناع الموضة ميلانيا ترمب؟

لمسات الموضة في الدورة الأولى من رئاسة زوجها اعتمدت ميلانيا عدة إطلالات أنيقة كان لدار «دولتشي أند غابانا» نصيب كبير فيها (خاص)

هل حان الوقت ليصالح صناع الموضة ميلانيا ترمب؟

قامت ميلانيا بالخطوة الأولى بدبلوماسية ناعمة بإعلانها أنها امرأة مستقلة ولها آراء خاصة قد تتعارض مع سياسات زوجها مثل رأيها في حق المرأة في الإجهاض وغير ذلك

جميلة حلفيشي (لندن)
لمسات الموضة اعتمد المصمم على التفاصيل الجريئة حتى يمنح كل زي ديناميكية خاصة (خاص)

فؤاد سركيس يرسم لوحة ملونة بالالوان والتفاصيل في مجموعته لـ 2025

في أحدث مجموعاته لموسم خريف وشتاء 2025، يعيد المصمم فؤاد سركيس رسم هوية جديدة لمعنى الجرأة في الموضة. جرأة اعتمد فيها على تفاصيل الجسم وتضاريسه. تتبعها من دون…

«الشرق الأوسط» (لندن)
لمسات الموضة الأميرة المغربية لالة حسناء تتوسط الشيخة المياسة بنت حمد آل ثاني وتانيا فاريس والفائزين بجوائز 2024 (خاص)

7 فائزين بجوائز «فاشن تراست آرابيا» ومراكش ثامنهم

على الرغم من عدم فوز أي مغربي أو مغربية بأي جائزة هذا العام، فإن مراكش كانت على رأس الفائزين.

جميلة حلفيشي (مراكش)
لمسات الموضة ناعومي كامبل في أكثر من عقد من المجموعة (بولغري)

كيف ألهمت أنابيب نقل الغاز «بولغري»؟

احتفلت «بولغري» مؤخراً بطرح نسخ جديدة من مجموعة «توبوغاس» عادت فيها إلى البدايات.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق من ألف ليلة (المعرض)

معرض عن ليزا بِين أول عارضة أزياء في العالم

قد لا يبدو اسمها مألوفاً للأجيال الجديدة، لكن ليزا فونساغريفس (1911 ـ 1992) كانت واحدة من أيقونات الموضة في النصف الأول من القرن الماضي.

«الشرق الأوسط» (باريس)

علياء السالمي... تحمل تقاليد الماضي إلى الحاضر

مصممة الأزياء التراثية علياء السالمي (الشرق الأوسط)
مصممة الأزياء التراثية علياء السالمي (الشرق الأوسط)
TT

علياء السالمي... تحمل تقاليد الماضي إلى الحاضر

مصممة الأزياء التراثية علياء السالمي (الشرق الأوسط)
مصممة الأزياء التراثية علياء السالمي (الشرق الأوسط)

تقول المصممة علياء السالمي لـ«الشرق الأوسط» إن من أهم اللحظات التي أثّرت فيها مؤخراً وزادت من عزيمتها واعتزازها على حد سواء، كانت ظهور البعثة السعودية والمشاركين في العرض الافتتاحي لـ«أولمبياد باريس 2024» بتصاميمها، وحديثاً إطلالة ديما بن باز في «روائع الأوركسترا السعودية» التي أقيمت في لندن.

تصميم ارتدته ديما بن باز خلال حفل «روائع الأوركسترا السعودية» في لندن (الشرق الأوسط)

رغم هذه اللحظات الثمينة، فإن علياء ليست جديدة على عالم الإبداع. في قلب المملكة العربية السعودية، حيث تتلاقى الأصالة مع الحداثة، تبرز بصفتها من ألمع الأسماء في عالم تصميم الأزياء التراثية. وهذا ما يجعلها تتعدى مجرد أنها مصممة، إلى سفيرة للتراث والثقافة.

تقول علياء إنها ومنذ صغرها كانت مفتونة بجمال الأزياء التراثية، والسبب يعود إلى صالون الأزياء النسائية الذي افتتحته جدتها لوالدها في نهاية الثمانينات، وشاركت فيه بحب التصميم مع والدتها. كان من الطبيعي أن تختار التخصص في الأزياء التراثية.

فقد تشبّعت بفكرة أن «لكل تصميم قصة، وكل قصة تحمل في طياتها جزءاً من الهوية السعودية، ونجحت في التقاطها وترجمتها بأسلوب يضمن استمرارها».

تشرح أنها استوحت تصاميم البعثات السعودية «الأولمبية» و«البارالمبية» للنساء، من ثوب «النشل» الذي عكس فخامة الهوية الثقافية بلونه الذهبي ونقوشه الدقيقة، وللرجال من الثوب والبشت، مع اختلاف الألوان وفق أيام الاحتفال؛ وفقاً لبروتوكول لبس البشت في المملكة العربية السعودية.

تصاميم النساء للبعثة السعودية الأولمبية والبارالمبية من ثوب النشل باللون الذهبي (الشرق الأوسط)

لكنها لا تتقيد بالماضي وتقاليده بشكل حرفي، فتصاميمها تعكس التراث والثقافة السعودية في سياق عصري يتناسب مع الفعاليات العالمية ويواكب التطورات فيما يخص النقوش والقصات والخامات، وحتى الألوان، التي تجاري فيها توجهات الموضة العالمية.

لمسات من التراث على تصاميم عصرية تواكب أحدث التصاميم العالمية (الشرق الأوسط)

فهي تؤكد أنها توازن بين التراث والابتكار... الأول يظهر في اهتمامها بالنقوش، التي تعدّها جزءاً أساسياً من تصاميمها، والثاني يظهر في القصات والخامات، «وهذا ما يجعلها غنية بالتفاصيل ومتنوعة وفق كل منطقة تستلهم منها... فلكل منطقه ثقافتها وتطريزاتها وألوانها. حتى الأقمشة المستخدمة تختلف في حياكتها من منطقة إلى أخرى وفق المناخ»؛ ففي المناطق الباردة، كانت تصنع من الصوف والفراء، وفي المناطق الصحراوية والساحلية كانت تحاك بالحرير والقطن صيفاً.

الممثلة السعودية إلهام علي بتصميم بخامة التل من توقيع علياء السالمي (الشرق الأوسط)

ومع تنوع الأقمشة، تنوعت أيضاً الأزياء، ووفق علياء السالمي، فإن «هناك أزياء خاصة بالمناسبات والأفراح، وأزياء خاصة بالعمل، فأزياء المناسبات تكون مزخرفة بخيوط حريرية أو معدنية من الذهب أو الفضة بشكل أكبر من الأزياء العملية اليومية، وتصنع من أفضل أنواع الحرير والصوف والقطن وبألوان مختلفة. وبما أن العروس في الأفراح، مثلاً، ترتدي أكثر من زي، فهناك زي خاص بليلة الحناء يختلف تماماً عن زي يوم الزفاف، كما يجري العمل به في كثير من الثقافات».

تصاميم رجالية شاركت فيها علياء السالمي مع منسق المظهر طارق يحي (الشرق الأوسط)

بعد مشاركتها الأخيرة في «أولمبياد باريس» ونجاحها في جذب الأنظار، تتطلع علياء إلى دخول عوالم أزياء الرجل، لا سيما أن تجربتها لن تكون جديدة؛ فقد سبق أن تعاونت في عام 2022 مع منسق المظهر طارق يحيى عبر مجموعة محدودة كانت ردود الفعل عليها جد إيجابية.

هي الأخرى لن تخلو من اللمسات التراثية التي ترى علياء أنها «ما تُميز المصممين السعوديين، وتظهر في أغلب ما يطرحونه. كل واحد منهم يلتقط خيطاً ينسج منه أساليب مبتكرة بأحدث التقنيات».