دار «فالنتينو» تفتح حواراً جريئاً عن معنى «الذكورية» في عالم اليوم

أسابيع الموضة الرجالية تتمايل على رياح التغيير

 أُقيم عرض "فالنتينو" في جامعة ميلانو Università degli Studi di Milano (أ.ب)
أُقيم عرض "فالنتينو" في جامعة ميلانو Università degli Studi di Milano (أ.ب)
TT

دار «فالنتينو» تفتح حواراً جريئاً عن معنى «الذكورية» في عالم اليوم

 أُقيم عرض "فالنتينو" في جامعة ميلانو Università degli Studi di Milano (أ.ب)
أُقيم عرض "فالنتينو" في جامعة ميلانو Università degli Studi di Milano (أ.ب)

هذا الأسبوع شهد منافسة فنية وثقافية وإبداعية بين مدينتين. فلورنسا التي تفخر بمعرضها السنوي «بيتي أومو»، وميلانو التي تحتضن أسبوع الموضة مرتين في السنة. تمخَضت هذه المنافسة على أزياء تتمايل على رياح التغيير وتحمل بين طياتها ديناميكية تُشجع الرجل على معانقة موضة هادئة تمنحه الراحة من دون أن تتنازل عن الأناقة الراقية. خفت وهج اللوغوهات وأحجامها كما هدأ صراخ الألوان وحل محلها تفصيل مدروس لكن يراعي ميول زبائن شباب وذوقهم. هذه الديناميكية عكسها أيضاً واقع قطاع الأزياء الرجالية الذي ينمو بنسبة 5.8 في المائة سنوياً وهناك توقعات بأن يصل إلى 548 مليار دولار سنوياً خلال السنوات الأربع القادمة، حسب دراسة أفادت بها شركة «يورومونيتور».

التفصيل الرسمي والذكوري تم تخفيفه بتنسيقه مع قطع شبابية (رويترز)

في معرض «بيتي أومو» مثلاً كانت الأزياء الرسمية، وعلى رأسها البدلات المفصلة، هي الغالبة. كان واضحاً أن خياطي ومصممي إيطاليا وغيرهم ممن رفعوا شعار الأناقة الرسمية لعقود أدركوا أن استمراريتهم تعتمد على جيل يريد التفرّد والاختلاف ونجح في فرض رغباته نظراً لإمكانياته المادية العالية. من هذا المنظور حتى أكثرهم تشدداً طرح تصاميم مفصلة نسَقوها مع قطع «سبور» مثل الشورتات عوض البناطيل الطويلة. كذلك الأمر في ميلانو، الذي أعاد فيه بعض المصممين تشكيل الهوية الذكورية. أكثر من عبَر عن هذا الأمر بيير باولو بيتشولي، مصمم دار «فالنتينو» الذي قدم عرضه في جامعة ميلانو جامعة ميلانو Università degli Studi di Milano، بحضور طلاب إلى جانب موظفين وضيوف من كل أنحاء العالم، وكأنه كان يعرف أن تشكيلته لربيع وصيف 2024 ستفتح حواراً فلسفياً.

بيير باولو بيتشيولي قدَم اقتراحات متنوعة تتيح لكل واحد تنسيقها بالشكل الذي يناسب ميوله وشخصيته وذوقه (رويترز)

انطلق المصمم من مقطعين من رواية «القليل من الحياة» A Little Life لهانيا باناغيهارا يقول في واحد منها: «... أحياناً، يُمكن إعادة ترميم الأشياء المُحطّمة. وفي معظم الحالات، تُدرك أنّه بغض النظر عمّا تضرّر، فإنّ الحياة تُعيد ترتيب نفسها للتعويض لك عن الخسارة، وأحياناً تقوم بذلك بشكل رائعٍ يفوق توقّعاتك». ويقول في الثاني: «كِبَرنا كثيراً إلى درجة أن أصبحنا شباباً مرّة أخرى». كانت هذه الكلمات الشرارة التي حفّزت المصمم لاستكشاف «وجهة نظر جديدة وحديثة تتناول سيرة الرجال، وتطور اختيارهم للملابس إلى جانب واقع الرجولة في يومنا هذا».

سترة مفصلة مع بنطلون قصير (شورب) (رويترز)

بعنوان «فالنتينو ذا ناراتيفز» Valentino the Narratives تغوص التشكيلة في التغيرات التي تشهدها الثقافة في زمننا من خلال تقييم الماضي وكيف يؤثر على الحاضر من جهة، وهو ما ترجمه في إضفاء الحيوية على البدلات والمعاطف وما شابه من قطع كلاسيكية، وأيضاً من خلال تقييم مفهوم الذكورة.

المنشور الذي وزعته الدار جاء فيه أن ما قدَمته «إعادة تقييم مفهومنا للذكوريّة من خلال الملابس المُرتبطة بها». ترجمة هذا تمثل في لعبها على التناقضات «إذ يمكن أن نجد الطاقة في الضعف، والقوّة في الرقّة، والمثاليّة في عدم الامتثال». وتستمر الدار في طرح تساؤلات عدة تتعلق بالمتعارف عليه وما يتعرض له من خضَات وتغيرات، والبحث عن حلول لتخطّي القواعد المترسِخة لتحقيق المعادلة بينهما.

الصور التي نشرتها الوكالات وغيرها تشير إلى أن الهدف من التشكيلة هو تغيير نظرة جيل كامل إلى البذلات الرسميّة وإغرائه بتبنِيها ليس كرمز للقوّة والنجاح فحسب بل أيضاً كوسيلة للتعبير عن الفرديّة. بيير باولو نجح في مهمته حيث قدَم اقتراحات متنوعة تتيح لكل واحد تنسيقها بالشكل الذي يناسب ميوله وشخصيته وذوقه. وكأن هذا لا يكفي، فذهب إلى اقتراح إطلالات جاهزة نسَق فيها السترات والمعاطف الرسميّة بالسراويل القصيرة أي الـ«شورتات» وطبع فيها على القمصان وروداً وأزهاراً.

ظهرت في العرض قطعا مطبوعة بالورود مع ربطات عنق (أ.ب)

فقطع ملابس العمل الكلاسيكيّة «المُرتبطة بالزي بشكله الذكوري التقليديّ» حسب قول الدار، تم تعزيزها هي الأخرى بلمسات مُرهفة ورومانسية باستعمال الأزهار على طيّات الصدر. ومن مفهوم «كينتسوغي» Kintsugi اليابانيّ، الذي يعني «الترميم بالذهب» ويرمز إلى تقدير العيوب وجمال القطعة التي تمّ إصلاحها، سلّط بيير باولو بتشيولي الضوء في هذه المجموعة أيضاً على الهشاشة كنقطة محورية تحتفل بقدرة الإنسان على المقاومة والصمود في وجه المصاعب، لتبدو قطع الملابس العصرية وكأنّها مصنوعة من الذكريات، تماماً مثل دورة الحياة التي عبر عنها هانيا ياناغيهارا في روايته «كبرنا كثيراً إلى درجة أن أصبحنا شباباً مرّة أخرى».

أُقيم عرض "فالنتينو" في جامعة ميلانو Università degli Studi di Milano (أ.ب)


مقالات ذات صلة

في حفل افتتاح «أولمبياد باريس 2024» أكدت الموضة أنها الوجه الجميل لفرنسا

لمسات الموضة إطلالة لايدي غاغا وفريقها صُممت ونُفذت في ورشات «ديور» لتعكس أجواء ملاهي باريس الراقصة (صوفي كار)

في حفل افتتاح «أولمبياد باريس 2024» أكدت الموضة أنها الوجه الجميل لفرنسا

كانت تصاميم ماريا غراتزيا تشيوري، المديرة الإبداعية لـ«ديور»، أنيقة، لكنها افتقرت للقوة الكافية لكي تسرق الأضواء من النجمات.

جميلة حلفيشي (لندن)
لمسات الموضة أقراط أذن من مجموعة «شوتينغ ستار» من الماس والذهب الأصفر والجمشت (تيفاني أند كو)

«تيفاني أند كو» تُشعل مجوهراتها بالنيران والشهب

للكثير من بيوت الأزياء أو المجوهرات ولادتان: ولادة تأسيسية؛ بمعنى تاريخ انطلاقها، وولادة ثانية تكون في الغالب إبداعية تبث فيها روحاً فنية تغير مسارها وتأخذها…

«الشرق الأوسط» (لندن)
لمسات الموضة حشد من رجال الشرطة والجيش لتأمين العاصمة الفرنسية قبل افتتاح ألعاب باريس (رويترز)

ماذا أرتدي في الأولمبياد؟ كن أنيقاً وابقَ مرتاحاً

الإرشادات المناسبة للملابس لتحقيق التوازن بين الأناقة والراحة عند حضور الألعاب الأولمبية الصيفية هذا العام.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
لمسات الموضة من مجموعة "عريس صيف 2024" للمصمّم اللبناني نمر سعادة (دار أزياء نمر سعادة)

«عرسان» نمر سعادة يرتدون البدلة الملوّنة

ذهب مصمّم الأزياء اللبناني المتخصّص في الموضة الرجاليّة إلى أقصى الجرأة، عندما قرّر أن يُلبِس عريس الموسم بدلة ملوّنة.

كريستين حبيب (بيروت)
لمسات الموضة يقدر سعرها بأكثر من مليون دولار والأحجار هي السبب (فابيرجيه)

بيضة «فابيرجيه» الجديدة بمليون دولار… فمن يشتري؟

بيضة بمليون دولار.

جميلة حلفيشي (لندن)

كيف يختار الرجال ملابس العمل بشكل أنيق؟

أشخاص يسيرون أمام متجر علامة الأزياء البريطانية «بربري» في شارع نيو بوند في لندن (أ.ف.ب)
أشخاص يسيرون أمام متجر علامة الأزياء البريطانية «بربري» في شارع نيو بوند في لندن (أ.ف.ب)
TT

كيف يختار الرجال ملابس العمل بشكل أنيق؟

أشخاص يسيرون أمام متجر علامة الأزياء البريطانية «بربري» في شارع نيو بوند في لندن (أ.ف.ب)
أشخاص يسيرون أمام متجر علامة الأزياء البريطانية «بربري» في شارع نيو بوند في لندن (أ.ف.ب)

شارك ديريك جاي، خبير الموضة، المعروف بنقده اللاذع لخيار الموضة السيئة للسياسيين، وقلقه من تدهور جودة الملابس في الولايات المتحدة - خاصة للرجال - على مدى العقود الماضية، ببعض النصائح في حديث لمجلة «Fortune» للرجال الذين يرغبون في تحسين مظهرهم في المكتب.

تحديات الموضة في الوقت الحاضر

لم تكن موضة الرجال أفضل من حيث الإمكانات، ولكن لم يكن من الصعب أن ترتدي بشكل جيد بسبب وجود كثير من الخيارات.

قال جاي للمجلة: «في الماضي، كنت تذهب إلى متجر جيد في منطقتك، وهم يبيعون لك المظهر الكامل... الآن عليك شراء الملابس من أماكن متعددة، ما يجعل الأمر أكثر صعوبة».

نصائح للرجال حول ماذا يرتدون في العمل

يؤكد جاي أن اختيار الملابس المناسبة للمكتب يعتمد على كثير من العوامل مثل مجال العمل، المدينة، الوظيفة، وحتى المكتب الفردي.

ولكنه ينصح بشكل عام أن يرتدي الرجال ملابس تجعلهم يشعرون بالرضا، قد يعني ذلك التخلي عن البنطلونات القطنية العادية والسترات المنتفخة والبحث عن علامات تجارية وأنماط جيدة.

قال جاي: «هناك عدد قليل جداً من القواعد في هذه المرحلة»، مضيفاً أنه «من الأسهل الآن أن تتجرأ في اختيار ملابسك، حتى من خلال القيام بشيء بسيط مثل تبديل القميص الأبيض بآخر أزرق... عليك فقط أن تقبل أنه إذا كنت تريد أن ترتدي بشكل جميل، فسوف تبرز، وهذا ليس أمراً سيئاً».

كيف تبدأ بتجربة أسلوبك الخاص؟

يقول جاي إن أحد الأشياء التي تمنع الرجال من التجريب، هو عدم معرفة أين يتوجهون للإلهام أو حتى ما هو المتاح. ولمن يرغبون في تطوير أسلوبهم الشخصي، يقترح استخدام منصات مثل «إنستغرام» بشكل أكثر إبداعاً.

ويمكن للمهتمين بموضة الثمانينات على سبيل المثال، أن يجدوا علامة تجارية تتقن هذا الأسلوب، ويتابعوها على الشبكة الاجتماعية، ثم يستكشفوا قسم الصور الموسومة لديهم.

ومن هناك، يمكنهم العثور على أشخاص آخرين يعجبهم أسلوبهم ويتابعونهم لرؤية ما هي العلامات التجارية الأخرى التي يرتدونها، باستخدام ميزة العلامة المرجعية لحفظ المشاركات الأكثر إلهاماً.

ولفت جاي إلى أن أساس ما تفعله هو بناء مكتبة ذهنية من الصور التي تحبها، ومع مرور الوقت، ستلاحظ أن الرجال يميلون إلى ارتداء جاكيتات قصيرة قليلاً وبنطلونات عالية الخصر، أو يرتدون نسيجاً معيناً.

أساسيات الملابس التي يجب أن تستثمر فيها

أوضح جاي بقوله إن على الرجال أن يستثمروا في بعض القطع الأساسية التي تضيف أناقة لمظهرهم مثل: سترة رياضية مصممة، وبنطلونات صوفية رمادية، أو بنية وقمصان أو بولوهات مصممة، وسترة محبوكة، وأحذية جلدية عالية الجودة.

وبالنسبة للملابس الخارجية، خاصة، ينصح جاي بالاستثمار فيها بشكل أكبر؛ أما في المناخات الحارة، فإن الأحذية عالية الجودة تكون خياراً جيداً.

ورجح جاي أن الأزياء تبدو أفضل مع قطعة طبقات، والجاكيت يجعل الخصر يبدو أنحف ويبني الأكتاف.

الأهمية الثقافية للملابس

يؤكد جاي على أهمية النظر إلى الملابس من منظور ثقافي أكثر من اتباع الاتجاهات السائدة فقط.

على سبيل المثال، حذاء «Adidas Sambas»، ليس مجرد موضة عابرة، بل له تاريخ طويل في المجتمعات الرياضية والهيب هوب، ما يجعله دائم الجاذبية.

ولا تفكر في هل الأزرق يتناسب مع الأخضر، هذا ليس مشروعاً علمياً. فكر في الأمر كلغة ثقافية، الموضة هي وسيلة للتعبير عن هويتنا واستكشافها.

بتبني هذه النصائح، يمكن للرجال أن يبدوا بأفضل حالاتهم في المكتب، مع الحفاظ على راحتهم وثقتهم في نفس الوقت.