«ماكسمارا» تبحث عن البرد في عز الصيف

من رحم الأساطير الاسكندنافية تنسج حكايا نسوية

من رحم الأساطير استوحت الدار الكثير من الإطلالات (ماكسمارا)
من رحم الأساطير استوحت الدار الكثير من الإطلالات (ماكسمارا)
TT

«ماكسمارا» تبحث عن البرد في عز الصيف

من رحم الأساطير استوحت الدار الكثير من الإطلالات (ماكسمارا)
من رحم الأساطير استوحت الدار الكثير من الإطلالات (ماكسمارا)

كان اختيار بيوت الأزياء للوجهات التي سافرت إليها هذا العام لعرض تشكيلات «الريزورت» لعام 2024 غريبة بعض الشيء. فخط الـ«ريزورت» أو «كروز» كما يسميه البعض، القائم أساساً على السفر والبحث عن أشعة الشمس أينما كانت، جمع تناقضات مثيرة. مثلاً وبينما سافرت «ديور» إلى المكسيك و«شانيل» إلى لوس أنجليس و«كارولينا هيريرا» إلى ريو دي جانيرو، اختارت «ماكسمارا» السويد. بلد لا يشتهر بشمسه ولا بمنتجعاته الصيفية. فالصورة التي تقفز إلى الأذهان عندما تُذكر أي مدينة من مدن هذا البلد، هي لثلوج تغطي التلال والسهول والطرقات. لكن هذا تحديداً ما جعل «ماكسمارا» تختارها بعد أن كانت وجهاتها السابقة دافئة. صرحت قائلة: «عندما يتحول الطقس من اللون الأصفر إلى البرتقالي إلى الأحمر الغامق، يتطلّع المسافرون إلى المناطق الشمالية بحثاً عن الأماكن الباردة».

بيد أن برودة الطقس ليست وحدها ما شجعت الدار الإيطالية على أن تجعل استوكهولم وجهتها لعرض تشكيلتها لعام 2024. فهناك أيضاً المناظر الطبيعية والقصص الملحمية المنسوجة بعناصر من الفولكلور. وطبعاً أساطير الفايكنج، فضلاً عن عنصر لا يقل أهمية هو العنصر النسوي.

استمدت الكثير من التصاميم إيحاءاتها من الأساطير والفولكلور (ماكسمارا)

فقد انطلقت «ماكسمارا» من خيوط شكّلت الثقافة الاسكندنافية، ونسجت من خيوطها تشكيلة متكاملة الأطراف. تقول الدار إنها استمدت فكرتها من نساء كان لهن تأثير قوي ومستمر على ثقافة أوروبا الشمالية ككل. من هؤلاء، ذكرت ملكة السويد كريستينا، التي كانت رمز الحركة النسوية حتى قبل اختراع هذا المصطلح وظهور موجة «تحرير المرأة» في القرن التاسع عشر، وأيضاً الكاتبة سلمى لاغرلوف، التي أصبحت في عام 1909 أول امرأة على الإطلاق تفوز بجائزة نوبل. وكانت سلمى التي ولدت لعائلة سويدية ثرية عام 1858، قد طورت أفكاراً تتعارض مع القيم التقليدية في عصرها. وككاتبة، دافعت عن التغيير الاجتماعي والتقدم فيما يخص دور المرأة.

وكما نسجت سلمى لاغرلوف حكايات الحياة المعاصرة والأساطير الإقليمية والأساطير الكلاسيكية وزخارف الحكايات الخيالية، نسجت «ماكسمارا» من خيوط الصوف والكشمير والقطن تصاميم تخاطب امرأة واثقة من أنوثتها واستقلاليتها على حد سواء. كان من البديهي أن يكون الصوف بكل أنواعه الأداة التي صيغت منها العديد من التصاميم، بحكم أن التشكيلة معروضة في بلد معروف بطقسه البارد.

بحكم أن استكهولم غير معروفة بدفئها، كانت الغلبة لتصاميم تميل إلى الشتوي (ماكسمارا)

تصاميم مستقيمة وأخرى بأكمام ضيقة وتنورات تلامس الكاحل وسترات تتدلى منها كابات لتغطي الكوع، إضافة إلى بلوزات أنيقة يمكن تنسيقها مع ربطات عنق. هذا قليل من كثير قدمته الدار لتحتفل بحركة كل ما فيها يصرخ بالنسوية لكن بلغة العصر. بيد أنها لم تنس أن هناك جانباً متمرداً في شخصية هذه المرأة جسّدته الدار من خلال تصاميم يمكن القول إنها على نقيض الأولى من ناحية أنها تتميز ببعض الدراما. فهناك سترات تميل إلى الانتفاخ، وتنورات قصيرة جداً، إلى جانب تصاميم بشرّابات ودبابيس مرصّعة، تعكس الزخارف الشعبية.

تناقضت الخامات في بعض الإطلالات بين الساتان والقطن والصوف لتخلق تناغماً دافئاً (ماكسمارا)

ورغم أن التصاميم كانت بخطوط مدروسة بعيدة كل البعد عن أي مبالغات، فإنها لم تقاوم تكرار نقشة لصيقة هي الأخرى بالأساطير ظهرت في مجموعة موجهة للمناسبات المهمة من خلال فساتين من الموسلين أو الحرير تنسدل على الجسم فتمنحه حرية، وأخرى تحدده فتُبرز جمالياته.

غطت الورود مجموعة من الإطلالات على شكل فساتين من الموسلين أو الحرير تنسدل على الجسم فتمنحه حرية (ماكسمارا)

هذه النقشة شملت سبعة أنواع من الزهور البرِية، تقول الأسطورة إن أي شخص يعثر على واحدة منها محظوظ للغاية على شرط أن يضعها تحت وسادته قبل النوم لكي يستجيب القدر لمراده ويحقق أحلامه. أما باقي الألوان الغالبة على هذه التشكيلة فكانت الغلبة فيها للأبيض والأسود وألوان ترابية وحياذية مثل البيج. كان الهدف منها من جهة تعزيز صورة امرأة قوية تميل إلى كل ما هو بسيط، ومن جهة أخرى الثقافة الاسكندنافية التي تعشق كل ما هو هادئ ويميل إلى الطبيعة.


مقالات ذات صلة

ساعة طاولة بمراوح جاهزة للإقلاع

لمسات الموضة الساعة مصنوعة من مزيج من النحاس والفولاذ والألمنيوم وتأتي بعدة ألوان (إم بي&إف)

ساعة طاولة بمراوح جاهزة للإقلاع

يتم إطلاق ساعة «ألباتروس» في 5 إصدارات محدودة؛ كل منها يقتصر على 8 قطع فقط، بألوان: الأزرق، والأحمر، والأخضر، والعنبري، والأسود.

«الشرق الأوسط» (لندن)
لمسات الموضة ساعة بحركة «فلايباك» من البلاتين (إم بي & إف)

«شانيل» و«إم بي آند إف» توقّعان شراكة مستقلة

أعلنت «شانيل» و«إم بي آند إف» (MB&F) حديثاً عن توقيع شراكة مهمة بينهما، مؤكّدة مرة أخرى أنها تطمح للمزيد من التميز والتفرد.

«الشرق الأوسط» (لندن)
لمسات الموضة قدمت الدار مجموعة متكاملة للرجل والمرأة مفعمة بالأناقة رغم اعتمادها على كلاسيكيات الدار (جيڤنشي)

«جيڤنشي» تُساوي بين الرجل والمرأة

غاب عن دار «جيڤنشي» مدير إبداعي يقودها ويحدد اتجاهاتها بعد خروج مصممها السابق، الأميركي ماثيو ويليامز منها منذ سنة تقريباً.

«الشرق الأوسط» (لندن)
لمسات الموضة عقد «باسيفلورا» مرصع بالألماس والياقوت والزمرد في محاكاة للنباتات المائية (ديفيد موريس)

مجموعة من «ديفيد موريس» تتعدى الصورة السطحية لما هو أعمق

ليس جديداً أن تُلهم المحيطات والبحار عالم الموضة والمجوهرات. فقد ألهمت قبل ذلك الأدب والرسم والموسيقى.

جميلة حلفيشي (لندن)
لمسات الموضة إطلالات رتيبة تلعب على المضمون اعتمد عليها السياسيون الأميركيون (إ.ب.أ)

حرب الأناقة بين السياسيات والساسة في أميركا

ألوان أزياء الساسة الحاليين متشابهة ومتكررة وكأنهم عقدوا هدنة مع الموضة تنص على ابتعادهم عن كل ما يخض المتعارف عليه أو يُعبِّر عن تفرد شخصي.

جميلة حلفيشي (لندن)

«جيڤنشي» تُساوي بين الرجل والمرأة

قدمت الدار مجموعة متكاملة للرجل والمرأة مفعمة بالأناقة رغم اعتمادها على كلاسيكيات الدار (جيڤنشي)
قدمت الدار مجموعة متكاملة للرجل والمرأة مفعمة بالأناقة رغم اعتمادها على كلاسيكيات الدار (جيڤنشي)
TT

«جيڤنشي» تُساوي بين الرجل والمرأة

قدمت الدار مجموعة متكاملة للرجل والمرأة مفعمة بالأناقة رغم اعتمادها على كلاسيكيات الدار (جيڤنشي)
قدمت الدار مجموعة متكاملة للرجل والمرأة مفعمة بالأناقة رغم اعتمادها على كلاسيكيات الدار (جيڤنشي)

غاب عن دار «جيڤنشي» مدير إبداعي يقودها ويحدد اتجاهاتها بعد خروج مصممها السابق، الأميركي ماثيو ويليامز منها منذ سنة تقريباً، ولم يغب أسلوب مؤسسها أوبير دو جيڤنشي الذي ودعها قبله بعقود. طبعاً مع بعض التعديلات التي فرضتها إملاءات العصر ومتطلبات جيل جديد من الزبائن. في تشكيلة موجهة لربيع 2025، سخية ابتكاراً وعدداً، التزم الفريق المسؤول عن إبداعها، بأسلوب المؤسس، أوبير دو جيڤنشي. أسلوب أنيق في تفاصيله وأرستقراطي في تفصيله. أضافوا إليه نكهة مطعمة ببعض الجرأة والشقاوة حتى لا يبقى سجين الماضي.

قدمت الدار تشكيلة ديمقراطية ساوت بين الرجل والمرأة من حيث عدد التصاميم (جيڤنشي)

تساوى في هذه التشكيلة الاهتمام بالجنسين. فرّقتهما التفاصيل وجمعتهما مفردات تلعب على الطابع الرسمي والمفصل من دون التنازل أو تجاهل معايير الراحة والانطلاق.

تفسر الدار الأمر بحرصها على «السمات التي تُميّزها عن باقي بيوت الأزياء وفي الوقت ذاته تدخل في صميم جيناتها، مثل مونوغرام 72 الذي ظهر هنا بحلة جديدة، ونقشات جلود الحيوانات، وكرات الخيوط، والعُقد والفيونكات الصغيرة، والأسود الذي لوّن العديد من الفساتين المنسدلة».

نقشات النمر والفهد ظهرت في العديد من الأزياء والأكسسوارات على حد سواء (جيڤنشي)

يبدو كل هذا أيضاً واضحاً في القصّات الناعمة التي ارتبطت بالدار، أضيفت إليها لمسات جديدة، رغم جُرأتها وخروجها عن النص الذي كتبه أوبير دو جيڤنشي في الخمسينات، تستحضر شغفه بالألوان الهادئة والتصاميم الأنثوية البعيدة كل البعد عن البهرجة والتكلّف، نذكر منها مثلاً وشاحاً مسائياً مصنوعاً من الصوف تم تنسيقه مع بنطلون واسع مصنوع من القطن باللون الزهري الباهت، وبدلة توكسيدو مُنسّقة مع قطعة تنسدل على الجسم بنعومة، وهلم جرا من القطع المستلهمة من إرث الدار والمترجمة بلغة العصر.

معطف بياقة مبتكرة تستحضر أسلوب ملهمة أوبير دو جيڤنشي... النجمة أودري هيبورن (جيڤنشي)

بصمته التي وضعته في مصاف الكبار من الخمسينات إلى أوائل السبعينات، برزت كذلك في الأحجام التي رغم سخائها لا تبتعد كثيراً عن الجسم حتى تحافظ على رشاقته، وكذلك في الألوان، من دون أن ننسى نقشة جلد الفهد التي عاد إليها فريق العمل وظهرت في الأزياء والأكسسوارات على حد سواء. اللافت أنه مثلما لم تغب روح وأسلوب أوبير، لم تغب صورة ملهمته النجمة أودري هيبورن. معطف مصنوع من الصوف الناعم بأكتاف بارزة يلتفّ حول الجسم مثلاً، يُذكّرنا بها: كيف كانت ستزيد من أناقته وجرأته وهي تضعه على أكتافها في مناسبة مهمة، أو يحضن خصرها بحزام في رحلة سافاري؟! معطف آخر مزوّد بياقة مستديرة تزينه عقدة على شكل فيونكة أيضاً ذكّرنا بها، إضافة إلى معطف بأكمام هندسية مصنوع من الجلد اللامع باللون الأسود، إضافة إلى مجموعة من الفساتين الخاصة بالنهار أو بالسهرة.

اللون الأسود لم يغب وظهر في الكثير من القطع الناعمة للمرأة تحديداً (جيڤنشي)

فالأزياء الموجهة لمناسبات المساء والسهرة لم تقل إبداعاً. هي الأخرى جاءت تتراقص على نغمات من الماضي وديناميكية الحاضر، مثل فستان سهرة مفتوح من الخلف ومشدود بالأحجار والخرز. استخدمت فيه الدار قماش الساتان وزينته بكرات من الريش باللون الأبيض. تفاصيل أخرى استُلهمت من الأرشيف كان تأثيرها قوياً لا سيما بعد تخفيفها من جرعتها الحداثية وموازنتها بين الكلاسيكي والعصري، الأمر الذي جنّبها أي مبالغة. من هذه التفاصيل نذكر الأكتاف الناعمة، والأزرار الذهبية المصقولة، والعُقَد، والتطريزات التي زيّنت الحواشي. اكتفت بمغازلة هذه التصاميم عِوض منافستها.

رافقت الأحزمة العريضة سترات التوكسيدو لكن بألوان خففت من رسميتها (جيڤنشي)

المجموعة الرجالية ضاهت المجموعة النسائية رقياً وديناميكية. تشير الدار إلى أنها هي الأخرى مستمدة من شخصية أوبير المرحة كما يتذكرها أصدقاؤه، وكما عاشها المقرّبون منه. لم تخلُ من تصاميم كلاسيكية، تحديداً سترات التوكسيدو مرفوقة بمكملاتها الأساسية، مثل الأحزمة العريضة، علماً أن هذه الأحزمة تخففت من رسميتها بفضل ألوان تباينت بين البرتقالي المائل للبنّي أو البنفسجي. ظهرت أيضاً تأثيرات عسكرية وأخرى متأثرة بالموسيقى والفنّ بكل أنواعه. حتى نقشة القطّ التي ظهرت لأوّل مرّة في آخر تشكيلة قدمها الأميركي ماثيو ويليامز للدار في يناير (كانون الثاني) الماضي، حضرت. ربما لأنها، كما قال حينها، مستوحاة من حقبة السبعينات. عاد إليها فريق التصميم بشكل فني مموّه بعض الشيء.

جاكيت بنقشات مستلهمة من ملابس العسكر زيّنته عيون قط بخضرة الزمرد أضفت عليها مظهراً سريالياً (جيڤنشي)

زيّنوا جاكيت واسعاً يتميز بهذه النقشة وبتصميم يميل إلى العسكري، بعيون لقط تتوهج باللون الأخضر وكأنها من الزمرد، الأمر الذى ارتقى به وأضفى عليه طابعاً سريالياً. الرجل أيضاً حصل على عدد لا يستهان به من المعاطف الأنيقة، منها معطف بتصميم «دافل» الكلاسيكي، وآخر بتصميم «تيدي» الواسع، فضلاً عن مجموعة من الكنزات المفتوحة التي يمكن أن تأخذ مكان سترة مفصلة بالنسبة لشاب لا يميل للرسميات. لهذا الرجل أيضاً، قدمت الدار مجموعة مصنوعة من الكشمير المحبوك وأخرى من الشامواه، علاوةً على بدلات رياضية تجمع الأناقة بـ«السبور».

ولأن هذه الإطلالات لا تكتمل من دون أحذية، واصلت الدار تعاونها مع علامة «Bogs» التي قدمت لها أحذية لكل المناسبات. منها ما هو خاص بالتنزه في الهواء الطلق وشتى أنواع الرياضات، وما هو مناسب مع بدلة مفصلة، بما في ذلك حذاء سنيكرز «G Move» وحذاء موكاسان من الجلد والشامواه مستوحى من الأسلوب الشخصي لأوبير دو جيڤنشي، إضافة إلى أحذية بنقشات الفهد والنمر.