قماش التويد يترقى إلى عالم المجوهرات الرفيعة

«شانيل» تكتب فصلاً ثانياً من قصة حبها بعنوان «تويد دو شانيل»

سوار Tweed Royal من الذهب الأصفر والذهب الأبيض والماس والياقوت، وهو قطعة قابلة للتحويل (شانيل)
سوار Tweed Royal من الذهب الأصفر والذهب الأبيض والماس والياقوت، وهو قطعة قابلة للتحويل (شانيل)
TT

قماش التويد يترقى إلى عالم المجوهرات الرفيعة

سوار Tweed Royal من الذهب الأصفر والذهب الأبيض والماس والياقوت، وهو قطعة قابلة للتحويل (شانيل)
سوار Tweed Royal من الذهب الأصفر والذهب الأبيض والماس والياقوت، وهو قطعة قابلة للتحويل (شانيل)

يُذكر التويد فيقفز اسم «شانيل» إلى الذهن. خامة أصبحت لصيقة بها منذ عشرينات القرن الماضي وتعود قصتها إلى علاقة حب ربطت غابرييل شانيل بآرثر كابيل، دوق ويستمنستر آنذاك. كان الحب الوحيد في حياتها، وترك مصرعه المفاجئ إثر حادثة أليمة فراغاً لم يُعوضه أحد في قلبها.

ولأن الدوق البريطاني كان يهمها بكل تفاصيله، كانت تحب ما يحب وتلبس ما يلبس، وليس أدل على هذا من سترته التويد. استلفتها منه، ربما في أمسية باردة، وما إن وضعتها على كتفيها حتى شعرت بالدفء، وثار بداخلها إحساس أن هذه القطعة يمكن أن تجمع العملية الأسكوتلندية بالرقة الفرنسية. وهذا ما كان.

حوّلت التوید من مجرد نسيج قطني مضلع، يحتكره الرجل إلى قطع أيقونية ترتبط بالدار ارتباطاً وثيقاً. روَضت خشونة خامته وأضفت عليه أنوثة تسُر العين. الآن يظهر في كل تشكيلات الدار بشكل أو بآخر. حيناً في جاكيتات مفصلة وأحياناً كثيرة في تنورات قصيرة أو فساتين سهرة تتماوج وتتحرك مع كل خطوة وكأنه حرير.

بيد أن هذه الخفة والتقنيات المتطورة لا ترقى لما قدمته الدار مؤخراً من مجوهرات رفيعة، مستوحاة من هذا القماش. 64 قطعة مصفوفة بالأحجار الكريمة تبدو من بعيد وكأنها من مغزولة بمناول أسكوتلندية، وليس على أيادي صاغة في بلاس فاندوم. اختيار عنوان المجموعة «تويد دو شانيل» Tweed De Chanel كان بسيطاً ومباشراً.

قلادة Tweed Royal من الذهب الأصفر والذهب الأبيض والماس والياقوت، وهي قطعة قابلة للتحويل، إذ يمكن تبديل الماسة الرئيسية المعلقة تحت رأس الأسد مع الماسة على شكل كمثرى بحجم أصغر على جسم الخاتم، أو استعمال رأس الأسد كبروش.

باتريس لوغيرو، مدير استوديو تصميم مجوهرات شانيل الرفيعة، يقول إن لهذه المجموعة مكانة خاصة في نفسه، لهذا حرص فيها على التعبير عن تطور هذا القماش وكيف تم تأنيثه على مراحل، مترجماً اهتمامه هذا «بالتعمق في هذا النسيج ودراسة كيف يُغزل بأشكال تتعانق فيها الخيوط بحُب».

منطلقاً من هذه النقطة، عمل وفريق عمله على ابتكار ما يُشبه هذا النسيج مستعيضاً عن القطن بالأحجار الكريمة. والنتيجة أن كل قطعة في المجموعة تبدو كما لو كانت مطرزة بخيوط ذهبية ومستهلمة من عالم الـ«هوت كوتور» بأهدابها المتدلية أو زخرفاتها وتخريماتها التي تحاكي التويد. لم تكن العملية صعبة بالنسبة لباتريس. فقد تشبع بثقافة الدار وفهم أُسُسها المتجذرة في الـ«هوت كوتور». كل ما كان عليه هو أن يدفع بعجلة الإبداع إلى مكان غير مسبوق يُترجم فيها التويد بشكل جديد.

في عام 2020 كتب قسم المجوهرات تحت إشراف باتريس لوغيرو، مدير استوديو تصميم مجوهرات شانيل الفاخرة الفصل الأول من هذه المجموعة. أبدعوا 45 قطعة تحت عنوان «تويد دو شانيل» Tweed De chanel. لكن لم يُسعفه الحظ للسفر بها واستعراض جمالها للعالم بسبب جائحة «كورونا».

أقراط Tweed Cambon من الذهب الأصفر والذهب الأبيض والماس والماس الأصفر والبلور الصخري من مجموعة «تويد سولاي» (شانيل)

مجموعة أسئلة انطلق منها باتريس لوغير منذ البداية مثل: «كیف یمكن تحویل الذھب والماس إلى مادة لينة بمرونة الصوف الأسكوتلندي؟ وكيف یمكن ضخ الحيوية وإبراز المزيد من البريق على المعدن والأحجار؟»، للإجابة عن ھذه الأسئلة، كان لا بد من تطوير تقنیات خاصة لوصل الأحجار ورصها على المعدن، وكانت النتيجة مبهرة قلادات وخواتم وأساور تداخل فيها الماس واللؤلؤ وأحجار الیاقوت بشكل متناغم. وحتى بعد اجتياح «كورونا» العالم، لم يترك لها المجال لإحباط عزيمته. بالعكس استغلها في البحث لصياغة أشكال أكثر ابتكاراً.

الآن تتكون المجموعة من 64 قطعة عوض 1345 قطعة فقط من المجموعة الأولى انضمت إلى المجموعة الجديدة. في المعرض الذي أقامته دار «شانيل» في لندن تم تقسيم هذه المجموعة إلى خمسة أقسام، أو بالأحرى فصول، يحكي كل واحد منها قصة بدأت بـ«كان يا ما كان» ببطلة اسمها غابرييل شانيل.

ركّز القسم الأول على التويد كنمط فني، بينما ركَز الثاني على رموز الدار وأيقوناتها الأخرى، بدءاً من النجوم والمذنبات والأفلاك التي حلمت بها وهي في الميتم، إلى التعويذات والتمائم التي تفاءلت بها وتُمثلها زهرة الكاميليا. هذا عدا الأشرطة التي لا تغيب في الأزياء والإكسسوارات التي تطرحها الدار وصورة الأسد، بُرجها الفلكي.

قلادة Tweed Céleste من الذهب الأبيض والذهب الأصفر والماس والياقوت والجزع (شانيل)

تجدر الإشارة إلى أن المذنبات والنجوم والأفلاك من الشعارات ظهرت في أول وآخر مجموعة مجوهرات رفيعة صممتها غابرييل شانيل في عام 1932. حينها ثار عليها صاغة «بلاس فاندوم» وأرغموها على الانسحاب من عالمهم. كانت تصاميمها ثورية بالنسبة لهم، ومجرد الدخول معها في منافسة أصابتهم بالقلق. لكن رسمات ومجموعة من هذه القطع التاريخية لا تزال منجم أفكار للدار. في هذه المجموعة مثلاً تجسّدت المُذنبات في قطع يتخللها بريق الأحجار الكريمة ليلقي بظلاله المُشعة عليها باللونين الأسود والأزرق مزين بالألماس الأصفر والياقوت.

قلادة Tweed Camélia من الذهب الوردي والذهب الأبيض والماس والياقوت الوردي.

زهرة الكاميليا أيضاً من الرموز التي استعملتها غابريال شانيل كثيراً لتفاؤلها بها. لم تكن هذه الوردة ترمز بالنسبة لها لامرأة رومانسية بقدر ما كانت ترمز لامرأة مستقلة ومتحررة. في مجموعة «TWEED DE CHANEL»، ظهرت مطرزة بالذهب الوردي ومرصعة بأحجار الياقوت الوردي والفوشيا.


مقالات ذات صلة

«تيفاني أند كو» تُشعل مجوهراتها بالنيران والشهب

لمسات الموضة أقراط أذن من مجموعة «شوتينغ ستار» من الماس والذهب الأصفر والجمشت (تيفاني أند كو)

«تيفاني أند كو» تُشعل مجوهراتها بالنيران والشهب

للكثير من بيوت الأزياء أو المجوهرات ولادتان: ولادة تأسيسية؛ بمعنى تاريخ انطلاقها، وولادة ثانية تكون في الغالب إبداعية تبث فيها روحاً فنية تغير مسارها وتأخذها…

«الشرق الأوسط» (لندن)
لمسات الموضة حشد من رجال الشرطة والجيش لتأمين العاصمة الفرنسية قبل افتتاح ألعاب باريس (رويترز)

ماذا أرتدي في الأولمبياد؟ كن أنيقاً وابقَ مرتاحاً

الإرشادات المناسبة للملابس لتحقيق التوازن بين الأناقة والراحة عند حضور الألعاب الأولمبية الصيفية هذا العام.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
لمسات الموضة من مجموعة "عريس صيف 2024" للمصمّم اللبناني نمر سعادة (دار أزياء نمر سعادة)

«عرسان» نمر سعادة يرتدون البدلة الملوّنة

ذهب مصمّم الأزياء اللبناني المتخصّص في الموضة الرجاليّة إلى أقصى الجرأة، عندما قرّر أن يُلبِس عريس الموسم بدلة ملوّنة.

كريستين حبيب (بيروت)
لمسات الموضة يقدر سعرها بأكثر من مليون دولار والأحجار هي السبب (فابيرجيه)

بيضة «فابيرجيه» الجديدة بمليون دولار… فمن يشتري؟

بيضة بمليون دولار.

جميلة حلفيشي (لندن)
لمسات الموضة أشرف على المشروع فريق  من الباحثين من مختلف المجالات وكبار الخبراء في الذكاء الاصطناعي، واستغرق العمل عليه 3 سنوات (برونيللو كوتشينيللي)

كيف زاوج برونيللو كوتشينيللي بين الأعمال اليدوية والتكنولوجيا

من المفترَض ألا يفاجئنا المصمم برونيللو كوتشينيللي، وهو يقدم لنا درساً عن الزواج المثالي بين الإبداع البشري وقدرات الذكاء الاصطناعي، وهو الذي يبيع لنا بدلات…

جميلة حلفيشي (لندن)

«تيفاني أند كو» تُشعل مجوهراتها بالنيران والشهب

أقراط أذن من مجموعة «شوتينغ ستار» من الماس والذهب الأصفر والجمشت (تيفاني أند كو)
أقراط أذن من مجموعة «شوتينغ ستار» من الماس والذهب الأصفر والجمشت (تيفاني أند كو)
TT

«تيفاني أند كو» تُشعل مجوهراتها بالنيران والشهب

أقراط أذن من مجموعة «شوتينغ ستار» من الماس والذهب الأصفر والجمشت (تيفاني أند كو)
أقراط أذن من مجموعة «شوتينغ ستار» من الماس والذهب الأصفر والجمشت (تيفاني أند كو)

للكثير من بيوت الأزياء أو المجوهرات ولادتان: ولادة تأسيسية؛ بمعنى تاريخ انطلاقها، وولادة ثانية تكون في الغالب إبداعية تبث فيها روحاً فنية تغير مسارها وتأخذها إلى آفاق جديدة لا يمكن تخيلها. هذا ما ينطبق على دار المجوهرات «تيفاني أند كو»، إلى حد كبير.

وُلدت، أول مرة، على يد تشارلز لويس تيفاني في عام 1837، وثاني مرة على يد جان شلومبرجيه في عام 1956، بعد لقاء مع وولتر هوفينغ، مجلس إدارة «تيفاني أند كو» آنذاك، ليبدأ فصل جديد من تاريخ «تيفاني أند كو». فقد أدخل شلومبرجيه الأحجار المتوهجة والأشكال المبتكرة التي لا تزال من أيقونات الدار إلى اليوم. تعترف الدار وكل المصممين الذين توالوا على قيادتها، أنه كان مصمِّماً فذاً خلَف أرشيفاً غنياً لا يزالون يغرفون منه إبداعات وتُحفاً فريدة، كان آخِرها مجموعة «تيفاني سيليست: بلو بوك 2024». وكما يشير اسمها، استعانت فيها ناتالي فيديل، الرئيسة الإبداعية للمجوهرات الرفيعة، بخيال شلومبرجيه وتطلعه للسماء، لتصوغ قِطعاً تستمد بريقها من أشعة الشمس والنجوم والأفلاك والمجرّات البعيدة.

ظهرت أيضاً في أقراط بأحجار من الألماس الأصفر «فانسي إنتانس» يزيد وزنه عن قيراطين

كان واضحاً فيها نظرة جان شلومبرجيه الفنية لهذه الأفلاك. نظرة تلخص معنى المجاز الشاعري والفني على حد سواء. وقد سبَق للمصممة ناتالي أن قدمت مجموعة، في بداية العام، بهذه التيمات وجَّهتها لفصل الربيع، وسلّطت فيها الضوء على ستة تصاميم هي: «وينغز»، و«آرو»، و«كونستيلايشن»، و«أيكونيك ستار»، و«راي أوف لايت»، و«أبولو». ثم عادت إليها مؤخراً في مجموعة موجّهة للصيف، قسمتها إلى ثلاثة فصول هي: «بيكوك»، و«شوتينغ ستار»، و«فلايمز».

في قطعة «بيكوك» استعملت ناتالي الأحجار النابضة بالحياة كالتنزانيت والتورمالين الأخضر والألماس (تيفاني أند كو)

فصل «بيكوك» أو الطاووس مثلاً، مُستوحى، كما يدل اسمه، من ريش هذا الطائر القزحي الذي اعتقد علماء الطبيعة الأوروبيون عندما سمعوا مواصفاته أول الأمر، أنه مِن نَسْج الخيال. ولحد الآن، لا تزال ألوان ريشه تشدُّ الأنفاس وتثير شعوراً بالرهبة أمام جمالها. ناتالي استعملت، لترجمة صورته، الأحجار النابضة بالحياة كالتنزانيت والتورمالين الأخضر والألماس. قلادة أخرى من هذا الفصل، تضم نحو 17 حجراً من التنزانيت المقصوص بأسلوب كوشن يزيد وزنها عن 108 قراريط، بينما يعرض بروش «بيكوك» أحجار التنزانيت المقصوصة بأسلوب كوشن يزيد وزنها عن 13 قيراطاً.

في مجموعة «شوتينغ ستار» يُلتقط الضوء عبر شرائط الألماس المتألّقة والذهب الأصفر المنساب من الجمشت (تيفاني أند كو)

أما فصل «شوتينغ ستار» أو «الشهاب» فهو أيضاً مُستوحى من الأرشيف الذي خلفه جان شلومبرجيه، ترجمته المصممة بصورة ظلية كلاسيكية للنجوم مع شرائط متصاعدة تحاكي ترديد المسارات المتلألئة للشهاب. تجسدت هذه الصورة في قلادة من الألماس مرصّعة بأكثر من 78 قيراطاً من الجمشت. وتُلتقط ظاهرة الضوء في أحد التجليات عبر شرائط الألماس المتألّقة والمزينة بالذهب الأصفر التي تنساب حول الجمشت الكبير الفخم، وفي تجلٍّ آخر، عبر عرض مبهر للألماس المتألّق.

قلادة «فلايمز» من البلاتينوم والذهب الأصفر يرصعها أكثر من 53 قيراطاً من الألماس (تيفاني أند كو)

الفصل الثالث «فلايمز» أو «الشُّعلة»، فمستوحى هو الآخر من مجموعة «فلايمز» لجان شلومبرجيه. أثارت بانعكاساتها ناتالي فأعادت صياغتها في قلادة من البلاتينوم والذهب الأصفر عيار 18 يرصعها أكثر من 53 قيراطاً من الألماس، ويبلغ الألماس ذو القصّات المتفاوتة أكثر من 46 قيراطاً. غنيٌّ عن القول إن هذه الأحجار تتخذ شكل لهب النار، وقد ظهرت أيضاً في أقراط بأحجار من الألماس الأصفر «فانسي إنتانس» يزيد وزنه عن قيراطين - كل منهما مُحاط بلمسات دقيقة من الألماس الأبيض.