زيارة الأسواق القديمة... شغف سياحي لا ينتهي

لها ميزة خاصة ومسكونة بعبق التاريخ والأصالة

مطاعم جميلة في سوق جبيل القديمة (فيسبوك)
مطاعم جميلة في سوق جبيل القديمة (فيسبوك)
TT

زيارة الأسواق القديمة... شغف سياحي لا ينتهي

مطاعم جميلة في سوق جبيل القديمة (فيسبوك)
مطاعم جميلة في سوق جبيل القديمة (فيسبوك)

لكل سوق قديمة في مدن العالم هويتها وخصوصيتها، وغالبية تلك الأماكن تعبق بتاريخ طويل وبالتراث والأصالة. بعض تلك الأسواق تم ترميمه ليبدو بحلّة جديدة مع الحفاظ على طابعه القديم.

ففي لبنان على سبيل المثال، تجد أشهر الأسواق القديمة في مدن صيدا وطرابلس ودوما وحصرون وراشيا وبعلبك وجبيل والبترون. لنكتشف أقدمها وأجملها...

سوق صيدا القديمة المميزة بقناطرها الشاهدة على الزمن (فيسبوك)

سوق صيدا القديمة مشوار ذكريات

تعدّ أحد أقدم الأسواق في لبنان مبنيةً بأسلوب العمارة التراثية، حيث تجذب السياح والمقيمين. تتألف من عدة أزقة، فيشعر زائرها بأنه في قلب صفحات تاريخية، تبرز فيها القناطر الحجرية وتلتصق الحوانيت والدكاكين والمحال التجارية على أنواعها. كل ما يخطر على بالك من حلويات وأدوات منزلية وعطور وبخور وأزياء شعبية وغيرها تجده فيها. الواجهة الساحلية لهذه الأسواق تحتلها مقاهي رصيف شعبية. يتجمع حول طاولاتها الكبار والصغار للتسلية والاسترخاء، مع كوب شاي ونارجيلة أو بعض المرطبات والحلويات والمثلجات، ومع ساندوتش فلافل وطبق كنافة تحلو تلك الجلسات. شوارع ضيقة تضم أسواق الذهب والثياب والنجارين، الذين يشتهرون بصناعة العلب الخشبية. يحفر الاسم عليها حسب الطلب، ويحملها الزوار ذكرى من مدينة تراثية. تشتهر هذه الأسواق بالحفاظ على مهن في طريقها للاندثار، من بينها صناعة الكراسي وتقشيشها والقباقيب والطاولات المستديرة الصغيرة، وكذلك الأواني النحاسية ومناخل العجن، بأسعار منخفضة، حيث يتسوق منها زوارها العباءات والقبعات والملابس المطرزة. وينتهي المشوار بتناول حلو الملبن أو «الحلاوة» المصنوعة يدوياً كموروث ينتقل من جيل إلى آخر.

مطاعم جميلة في سوق جبيل القديمة (فيسبوك)

سوق جبيل القديمة محطات تاريخية

كانت تعبر فيه عربات الخيل التركية التجارية بين متاجر الحرفيين والنجارين والإسكافيين التي اشتهرت بها السوق آنذاك. خلال العامين 1975 و2013، شهدت السوق حملة ترميم واسعة. شملت أبوابها الخشبية العريضة وأرضياتها المرصوصة بالبلاط، وأسقفها حيث استخدم فيها القرميد الأحمر والحجر الرملي. حالياً تمنع السيارات من دخولها، وهي مخصصة للمشاة الذين يتنزهون فيها ويشترون التذكارات من محلاتها. طرابيش لبنانية وعباءات ونحاسيات مزخرفة يدوياً تجدها في أسواق جبيل القديمة. وفي مقاهٍ ومطاعم تنتشر على جانبيها تحلو الجلسات الطويلة، بينها لبنانية بامتياز حيث الأطباق الأصيلة. وأخرى يرتشف الناس فيها فنجان القهوة إثر غداء عائلي من المطبخ الإيطالي. كل ما يباع في أسواق جبيل القديمة مصنوع في لبنان. قطع أثرية وزجاج ملوّن وحرف فينيقيّة أعيد تصنيعها من جديد تستقطب زوار هذه السوق، يشترونها ليعرضونها في بيوتهم كي يستعيدوا ذكرى لا تنسى من مدينة عريقة.

تجربة التسوّق المميزة تُوفّرها هذه السوق لزوارها حيث لا تشبه غيرها. فهي تُعد سوقاً تاريخية مشهورة ومتنوعة، تتميّز بمتاجرها المتنوّعة ومنتجاتها الفريدة.

دكاكين قديمة في سوق البترون (فيسبوك)

الأسواق القديمة في البترون مزيج العراقة

السير في الأسواق القديمة يشكل متعة لضيوف البترون، فيطلعون على خصائص دكاكينها العتيقة والحديثة معاً. في هذه البقعة من البترون تتوزع محلات صغيرة تبيع الخضار والفواكه، وأخرى التذكارات والفولارات الحريرية وهدايا أخرى تعجب المارة، فتستوقفهم لساعات. وحديثاً صارت تضم مطاعم ومقاهي مشهورة، من بينها «قهوة زيتونة» و«كافيه مرشاق» و«ديفي». ويؤلف بعضها مع بعض مزيجاً من العراقة والحداثة، تجذب السائح وتعرفه على خصائص هذه المدينة التراثية.

تعود السوق بتاريخها إلى القرن التاسع عشر، التي تم رصفها بأحجار البازلت بين عامي 2003 و2004. وتتميز أبنية وبيوت السوق بقبابها المصنوعة من الحجر الرملي. وتم تشييدها على يد التجار والصناع البرجوازيين في ذاك الوقت. اليوم، تستضيف السوق عدداً كبيراً من المحلات التجارية ومخازن الكرفانات والفنادق والشركات، وتُعد وجهة للسياح ومحبي الآثار.

تعد سوق جبيل من أجمل الأسواق القديمة (فيسبوك)

أسواق طرابلس بألف عنوان

لا بد لمن يزور منطقة الشمال أن يزور أسواق طرابلس القديمة، التي تحمل ألف عنوان بحوانيتها ومحالها التجارية ومخابزها وأفرانها. تنتشر في السوق العربات الخشبية التي تبيع الكعك الطرابلسي اللذيذ، محشوة بالجبن أو الزعتر ومتوجة بالسمسم المحمص. ومن يعطش يمكنه الارتواء بكوب عصير تمر هندي أو جلاب. أما أنواع المكسرات والقلوبات والبهارات على أنواعها فتجدها في حوانيتها الضيقة القديمة.

سوق العطّارين من أشهر وأقدم أسواق المدينة. اشتهرت في طرابلس منذ عقود طويلة ويعود تاريخها إلى نحو 700 سنة ماضية. وتزخر بالسلع والمنتجات المتنوّعة بأسعار تناسب الجميع. ومن يقصدها فلا بد أن يعرج على محلات التوابل والمخلّلات والمخابز القديمة، وعلى محلات الخضراوات والفواكه والعطور والبخور والأعشاب.

أسواق يتداخل بعضها ببعض، وتشكل عناوين لصناعات محلية تشتهر بها المدينة. والنزهة فيها تطول بين أسواق البازركان والصاغة والنحاسين. ومن أشهر معالمها سوق الصابون التي تكتظ بمعامل هذه الصناعة، فتنتج الصابون البلدي التقليدي وتبيع أجود أنواعه.

وداخل السوق نجد حمّام العبد، وهو الوحيد الذي لا يزال يعمل، ويقصده الزوار للاستحمام أو التمتع بهندسته الساحرة. وتتميز قاعته الخارجية بسقفها العالي المدوّر، وبزجاجياتها الملوّنة التي تعكس أشعة الشمس إلى الداخل.


مقالات ذات صلة

جولة على أجمل أسواق العيد في ألمانيا

سفر وسياحة أسواق العيد في ميونخ (الشرق الاوسط)

جولة على أجمل أسواق العيد في ألمانيا

الأسواق المفتوحة تجسد روح موسم الأعياد في ألمانيا؛ حيث تشكل الساحات التي تعود إلى العصور الوسطى والشوارع المرصوفة بالحصى

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد جانب من المنتدى التاسع لمنظمة الأمم المتحدة لسياحة فن الطهي المقام في البحرين (الشرق الأوسط) play-circle 03:01

لجنة تنسيقية لترويج المعارض السياحية البحرينية السعودية

كشفت الرئيسة التنفيذية لهيئة البحرين للسياحة والمعارض سارة أحمد بوحجي عن وجود لجنة معنية بالتنسيق فيما يخص المعارض والمؤتمرات السياحية بين المنامة والرياض.

بندر مسلم (المنامة)
يوميات الشرق طائرة تُقلع ضمن رحلة تجريبية في سياتل بواشنطن (رويترز)

الشرطة تُخرج مسنة من طائرة بريطانية بعد خلاف حول شطيرة تونة

أخرجت الشرطة امرأة تبلغ من العمر 79 عاماً من طائرة تابعة لشركة Jet2 البريطانية بعد شجار حول لفافة تونة مجمدة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق أشخاص يسيرون أمام بوابة توري في ضريح ميجي بطوكيو (أ.ف.ب)

اليابان: اعتقال سائح أميركي بتهمة تشويه أحد أشهر الأضرحة في طوكيو

أعلنت الشرطة اليابانية، أمس (الخميس)، أنها اعتقلت سائحاً أميركياً بتهمة تشويه بوابة خشبية تقليدية في ضريح شهير بطوكيو من خلال نقش حروف عليها.

«الشرق الأوسط» (طوكيو)
يوميات الشرق سياح يصطفون للدخول إلى معرض أوفيزي في فلورنسا (أ.ب)

على غرار مدن أخرى... فلورنسا الإيطالية تتخذ تدابير لمكافحة السياحة المفرطة

تتخذ مدينة فلورنسا الإيطالية التاريخية خطوات للحد من السياحة المفرطة، حيث قدمت تدابير بما في ذلك حظر استخدام صناديق المفاتيح الخاصة بالمستأجرين لفترات قصيرة.

«الشرق الأوسط» (روما)

مساعٍ سعودية لتحويل 8 مدن واعدة إلى وجهات عالمية

التعاون يستهدف تحسين جودة الحياة عبر تجديد الحدائق والمرافق البلدية بشكل مبتكر (واس)
التعاون يستهدف تحسين جودة الحياة عبر تجديد الحدائق والمرافق البلدية بشكل مبتكر (واس)
TT

مساعٍ سعودية لتحويل 8 مدن واعدة إلى وجهات عالمية

التعاون يستهدف تحسين جودة الحياة عبر تجديد الحدائق والمرافق البلدية بشكل مبتكر (واس)
التعاون يستهدف تحسين جودة الحياة عبر تجديد الحدائق والمرافق البلدية بشكل مبتكر (واس)

وسط مسعى السعودية لتنمية مدنها والارتقاء بمعايير جودة الحياة العصرية وتوسيع نطاق العروض السياحية، أبرم عدد من الجهات في القطاعين الخاص والحكومي اتفاقيات بارزة مؤخّراً في هذا الإطار، وشهد معرض «سيتي سكيب» العالمي في الرياض توقيع عدد من هذه الاتفاقيات.

وبهدف تحسين جودة الحياة في عدد من المدن الواعدة في السعودية، أعلنت «أسفار»، الشركة السعودية للاستثمار السياحي، إحدى شركات صندوق الاستثمارات العامة السعودي، عن توقيع مذكرة تفاهم مع «وزارة البلديات والإسكان»، ووفقاً للمسؤولين، سيوفّر هذا التعاون الاستراتيجي فرصاً ترفيهية وثقافية ورياضية جديدة في الأماكن العامة غير المستغلة، ما يسهم في نمو قطاع السياحة في البلاد.

تعزيز الثقافة المحلية والجمال الطبيعي للمناطق

وفي حديث خاص لـ«الشرق الأوسط»، قال الدكتور فهد بن مشيط، الرئيس التنفيذي لشركة أسفار: «نسعى إلى تحويل المدن الواعدة في السعودية إلى وجهات عالمية من خلال استثمارات استراتيجية تعزز الثقافة المحلية، وتبرز الجمال الطبيعي الفريد لكل منطقة». وأضاف أن هذه المبادرات «تمثِّل خطوة مهمة في رحلتنا المستمرة نحو بناء شراكات قوية وتوحيد الجهود بين القطاعين العام والخاص لدفع عجلة السياحة في السعودية».

جانب من التوقيع بين «وزارة البلديات والإسكان» و«أسفار» إحدى شركات صندوق الاستثمارات العامة السعودي. (الشرق الأوسط)

وبحسب ابن مشيط، تتطلّع «أسفار» إلى تعزيز علاقتها مع البلديات وهيئات تطوير المناطق التي تستثمر فيها لتحقيق مهمتها، كاشفاً عن التزام بـ«ترسيخ مكانة السعودية على خريطة السياحة العالمية، وأن نكون جسراً نحو نمو مستدام يحقق قيمة طويلة الأمد للمجتمعات السعودية عبر كافة مناطق السعودية وإثراء تجارب الزوار».

تحويل المساحات إلى وجهات حيوية

وعلمت «الشرق الأوسط» أن التعاون الاستراتيجي يستهدف أيضاً تحويل المساحات غير المستغلة إلى وجهات مجتمعية حيوية، ما يساعد في تحسين جودة الحياة في عدد من المدن الواعدة في السعودية عبر تجديد الحدائق والمرافق البلدية بشكل مبتكر، وذلك تماشياً مع مشروع «بهجة» المبادرة الوطنية للوزارة، بهدف تنمية المدن وتعزيز رفاهية سكانها وتجربة زوارها نحو تحقيق مفهوم جودة الحياة، كما يتناغم مع ما تلتزم به «أسفار» من تحويل المدن الواعدة إلى وجهات سياحية بارزة، تحقيقاً لمستهدفات «رؤية السعودية 2030».

التعاون يستهدف تحسين جودة الحياة عبر تجديد الحدائق والمرافق البلدية بشكل مبتكر (واس)

8 مدن واعدة

ووفقاً لمصادر «الشرق الأوسط»، جاءت الـ8 مدن الواعدة، التي ستعمل «أسفار» على تحويلها إلى وجهات سياحية بارزة كالتالي: الأحساء، الباحة، الجوف، حائل، الخبر، ينبع، الطائف، الدمام.

وفي الإطار ذاته، أُبرمت الاثنين اتفاقية ثلاثية، جمعت أمانة المنطقة الشرقية، وهيئة تطوير المنطقة الشرقية، وشركة «أسفار»، بحضور خالد البكر الرئيس التنفيذي لبرنامج جودة الحياة في السعودية، وهدفت الاتفاقية إلى تعزيز الاستثمار السياحي في مدينة الخبر، ودعم أهداف برنامج جودة الحياة في السعودية، وتضمّنت الاتفاقية إلى جانب تعزيز الوجهات السياحية والترفيهية في المنطقة الشرقية، وتحديداً مدينة الخُبر، تطوير موقع «الكورنيش الجنوبي» ليصبح وجهة سياحية متكاملة ورائدة في القطاع السياحي للمواطنين، المقيمين والزوار على حد سواء.