«جدة» آخر محطات المعتمر للتسوق والسياحة

فن التعامل والمدينة التاريخية والبحر عوامل جذب

شارع أبو عنبة في جدة التاريخية
شارع أبو عنبة في جدة التاريخية
TT

«جدة» آخر محطات المعتمر للتسوق والسياحة

شارع أبو عنبة في جدة التاريخية
شارع أبو عنبة في جدة التاريخية

بعد قضاء أيام معدودة في مكة المكرمة، وأخرى في المدينة المنورة، تكون مدينة جدة آخر محطات المعتمر قبل الرحيل صوب بلاده. في جدة مدينة الـ3 آلاف عام يتمتع الزائر ببحرها، وينال مع وجبات الإفطار والسحور لمحات من أحيائها القديمة وأسواقها.

برحة ذاكر من المواقع التي شهدت كثيراً من الفعاليات الرمضانية (فريق برنامج جدة التاريخية)

وعموماً لا يحتاج من يزور المدينة وقتاً طويلاً للتعود عليها فتكفيه سويعات قليلة ليسلك مسالك العارفين بها، رغم اختلاف العادات واللغات، وهذا مرده لتاريخ المدينة الثري وثقافتها المتناغمة، إضافة إلى فن التعامل الذي عُرف عن قاطني المدينة والعاملين فيها وسهولة اللهجة الحجازية. يحدد المعتمر قبل الوصول للسعودية موعداً لـ«زيارة جدة»، وفق روايات عدد من المعتمرين الذين التقت معهم «الشرق الأوسط»، مضيفين أن أهم أولوياتهم هي زيارة المناطق التاريخية والتجول فيها. وفي المدينة التاريخية الخيارات متعددة، فهناك كثير من البرامج المترافقة مع شهر رمضان، منها احتفالية «أنورت ليالينا» التي تشمل 14 فعالية، ووصل عدد زوارها إلى أكثر مليون زائر حتى منتصف رمضان، ويتوقع أن يصل إلى مليوني زائر مع نهاية الشهر، وهذا الوجود والحركة الديناميكية يبحث عنهما الزائر بوجهٍ عام، والمعتمر على وجه الخصوص.

باب جديد في مدينة جدة وعرض فلكلور شعبي (فريق برنامج جدة التاريخية)

يقول سمير قمصاني، وهو مستشار سياحي، لـ«الشرق الأوسط»، إن الفعاليات المقامة حالياً والترتيبات والتنظيم جعل من زيارة جدة التاريخية جزءاً مهماً من برنامج رحلة المعتمر. وأضاف قمصاني أن التسوق أمر مهم للمعتمرين، خاصة في المنطقة التاريخية التي ينتشر فيها أكثر من 5 آلاف محل لبيع السلع التقليدية مثل السبح، وسجادات الصلاة، والعطور العربية، والأزياء السعودية، موضحاً أن البعض يقبل أيضاً على شراء السلع ذات الطابع العالمي «ماركات» لتنافسية السعر مع كثير من دول العالم.

المدينة التاريخية أحد عوامل جذب المعتمرين لجدة (فريق برنامج جدة التاريخية)

وبالعودة للخيارات المتاحة أمام المعتمرين، فهناك كثير من المراكز التجارية، فجدة تحتضن أكثر من 350 مركزاً وسوقاً تجارية، وهو ما يمثل 21 في المائة من إجمالي الأسواق والمراكز التجارية في السعودية. ويبقى الساحل الغربي لـ«جدة» التي تعد أكبر المدن السعودية المطلة على البحر الأحمر، من الوجهات الرئيسة. إذ يرصد يومياً تدفق مجموعات نحو شواطئ المدينة للاستمتاع بهواء البحر والإفطار في أجواء لطيفة، تصل فيها درجة الحرارة إلى 29 درجة. من جانبه، قال العم أحمد حسين، مالك محل لبيع الملابس، إن المدينة التاريخية تستقبل الزوار والمعتمرين على مدار العام، وينتعش سوقها بمختلف السلع، إلا أنه في شهر رمضان ترتفع عمليات البيع والشراء، ويزداد الطلب على الملابس التقليدية للنساء والرجال.


مقالات ذات صلة

سامر البرقاوي لـ«الشرق الأوسط»: هاجسي فكريّ قبل أن يكون إنتاجياً

يوميات الشرق وحدها الثقة بمَن يعمل معهم تُخفّف الحِمْل (صور المخرج)

سامر البرقاوي لـ«الشرق الأوسط»: هاجسي فكريّ قبل أن يكون إنتاجياً

ينظر المخرج السوري سامر البرقاوي إلى ما قدَّم برضا، ولا يفسح المجال لغصّة من نوع «ماذا لو أنجرتُ بغير هذا الشكل في الماضي؟»... يطرح أسئلة المستقبل.

فاطمة عبد الله (بيروت)
يوميات الشرق تعبُ مصطفى المصطفى تجاه أن يكون الدور حقيقياً تسبَّب في نجاحه (صور الفنان)

مصطفى المصطفى: ننجح حين نؤدّي الدور لا وجهات نظرنا

اكتسبت الشخصية خصوصية حين وضعها النصّ في معترك صراع الديوك. بمهارة، حضن الديك ومنحه الدفء. صوَّره مخلوقاً له وجوده، ومنحه حيّزاً خاصاً ضمن المشهد.

فاطمة عبد الله (بيروت)
يوميات الشرق كاميرا السوري أحمد الحرك تألّقت في «تاج» وتحلم برونالدو

كاميرا السوري أحمد الحرك تألّقت في «تاج» وتحلم برونالدو

بين الوجوه ما يُنجِح الصورة من المحاولة الأولى، وبينها غير المهيّأ للتصوير. يتدخّل أحمد الحرك لالتقاط الإحساس الصحيح والملامح المطلوبة.

فاطمة عبد الله (بيروت)
يوميات الشرق الفنان المصري دياب حمل السلاح من أجل «مليحة» (الشرق الأوسط)

دياب: لن أجامل أحداً في اختيار أدواري

أكد الفنان المصري دياب أنه وافق على مسلسل «مليحة» ليكون بطولته الأولى في الدراما التلفزيونية من دون قراءة السيناريو، وذكر أنه تعلّم حمل السلاح من أجل الدور.

أحمد عدلي (القاهرة )
يوميات الشرق استلهمت الكثير من نجمي العمل بسام كوسا وتيم حسن (إنستغرام)

فايا يونان لـ«الشرق الأوسط»: الشهرة بمثابة عوارض جانبية لا تؤثر عليّ

تابعت فايا يونان دورها على الشاشة الصغيرة في مسلسل «تاج» طيلة شهر رمضان. فكانت تنتظر موعد عرضه كغيرها من مشاهديه.

فيفيان حداد (بيروت)

سوق البحرين العتيقة... روح البلد وعنوان المقاهي القديمة والجلسات التراثية

سوق المنامة القديم (إنستغرام)
سوق المنامة القديم (إنستغرام)
TT

سوق البحرين العتيقة... روح البلد وعنوان المقاهي القديمة والجلسات التراثية

سوق المنامة القديم (إنستغرام)
سوق المنامة القديم (إنستغرام)

«إن أعدنا لك المقاهي القديمة، فمن يُعِد لك الرفاق؟» بهذه العبارة التي تحمل في طياتها حنيناً عميقاً لماضٍ تليد، استهل محمود النامليتي، مالك أحد أقدم المقاهي الشعبية في قلب سوق المنامة، حديثه عن شغف البحرينيين بتراثهم العريق وارتباطهم العاطفي بجذورهم.

فور دخولك بوابة البحرين، والتجول في أزقة السوق العتيقة، حيث تمتزج رائحة القهوة بنكهة الذكريات، تبدو حكايات الأجداد حاضرة في كل زاوية، ويتأكد لك أن الموروث الثقافي ليس مجرد معلم من بين المعالم القديمة، بل روح متجددة تتوارثها الأجيال على مدى عقود.

«مقهى النامليتي» يُعدُّ أيقونة تاريخية ومعلماً شعبياً يُجسّد أصالة البحرين، حيث يقع في قلب سوق المنامة القديمة، نابضاً بروح الماضي وعراقة المكان، مالكه، محمود النامليتي، يحرص على الوجود يومياً، مرحباً بالزبائن بابتسامة دافئة وأسلوب يفيض بكرم الضيافة البحرينية التي تُدهش الزوار بحفاوتها وتميّزها.

مجموعة من الزوار قدموا من دولة الكويت حرصوا على زيارة مقهى النامليتي في سوق المنامة القديمة (الشرق الأوسط)

يؤكد النامليتي في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن سوق المنامة القديمة، الذي يمتد عمره لأكثر من 150 عاماً، يُعد شاهداً حيّاً على تاريخ البحرين وإرثها العريق، حيث تحتضن أزقته العديد من المقاهي الشعبية التي تروي حكايات الأجيال وتُبقي على جذور الهوية البحرينية متأصلة، ويُدلل على أهمية هذا الإرث بالمقولة الشعبية «اللي ما له أول ما له تالي».

عندما سألناه عن المقهى وبداياته، ارتسمت على وجهه ابتسامة وأجاب قائلاً: «مقهى النامليتي تأسس قبل نحو 85 عاماً، وخلال تلك المسيرة أُغلق وأُعيد فتحه 3 مرات تقريباً».

محمود النامليتي مالك المقهى يوجد باستمرار للترحيب بالزبائن بكل بشاشة (الشرق الأوسط)

وأضاف: «في الستينات، كان المقهى مركزاً ثقافياً واجتماعياً، تُوزع فيه المناهج الدراسية القادمة من العراق، والكويت، ومصر، وكان يشكل ملتقى للسكان من مختلف مناطق البلاد، كما أتذكر كيف كان الزبائن يشترون جريدة واحدة فقط، ويتناوبون على قراءتها واحداً تلو الآخر، لم تكن هناك إمكانية لأن يشتري كل شخص جريدة خاصة به، فكانوا يتشاركونها».

وتضم سوق المنامة القديمة، التي تعد واحدة من أقدم الأسواق في الخليج عدة مقاه ومطاعم وأسواق مخصصة قديمة مثل: مثل سوق الطووايش، والبهارات، والحلويات، والأغنام، والطيور، واللحوم، والذهب، والفضة، والساعات وغيرها.

وبينما كان صوت كوكب الشرق أم كلثوم يصدح في أرجاء المكان، استرسل النامليتي بقوله: «الناس تأتي إلى هنا لترتاح، واحتساء استكانة شاي، أو لتجربة أكلات شعبية مثل البليلة والخبيصة وغيرها، الزوار الذين يأتون إلى البحرين غالباً لا يبحثون عن الأماكن الحديثة، فهي موجودة في كل مكان، بل يتوقون لاكتشاف الأماكن الشعبية، تلك التي تحمل روح البلد، مثل المقاهي القديمة، والمطاعم البسيطة، والجلسات التراثية، والمحلات التقليدية».

جانب من السوق القديم (الشرق الاوسط)

في الماضي، كانت المقاهي الشعبية - كما يروي محمود النامليتي - تشكل متنفساً رئيسياً لأهل الخليج والبحرين على وجه الخصوص، في زمن خالٍ من السينما والتلفزيون والإنترنت والهواتف المحمولة. وأضاف: «كانت تلك المقاهي مركزاً للقاء الشعراء والمثقفين والأدباء، حيث يملأون المكان بحواراتهم ونقاشاتهم حول مختلف القضايا الثقافية والاجتماعية».

عندما سألناه عن سر تمسكه بالمقهى العتيق، رغم اتجاه الكثيرين للتخلي عن مقاهي آبائهم لصالح محلات حديثة تواكب متطلبات العصر، أجاب بثقة: «تمسكنا بالمقهى هو حفاظ على ماضينا وماضي آبائنا وأجدادنا، ولإبراز هذه الجوانب للآخرين، الناس اليوم يشتاقون للمقاهي والمجالس القديمة، للسيارات الكلاسيكية، المباني التراثية، الأنتيك، وحتى الأشرطة القديمة، هذه الأشياء ليست مجرد ذكريات، بل هي هوية نحرص على إبقائها حية للأجيال المقبلة».

يحرص العديد من الزوار والدبلوماسيين على زيارة الأماكن التراثية والشعبية في البحرين (الشرق الأوسط)

اليوم، يشهد الإقبال على المقاهي الشعبية ازدياداً لافتاً من الشباب من الجنسين، كما يوضح محمود النامليتي، مشيراً إلى أن بعضهم يتخذ من هذه الأماكن العريقة موضوعاً لأبحاثهم الجامعية، مما يعكس اهتمامهم بالتراث وتوثيقه أكاديمياً.

وأضاف: «كما يحرص العديد من السفراء المعتمدين لدى المنامة على زيارة المقهى باستمرار، للتعرف عن قرب على تراث البحرين العريق وأسواقها الشعبية».