«مراقبة الطيور» في مصر... متى تبدأ؟ وأين تتجه؟

السياحة البيئية تجذب السياح الأجانب

مصر من أبرز مسارات هجرة الطيور من الشمال إلى الجنوب (محمد وجيه - الشرق الأوسط)
مصر من أبرز مسارات هجرة الطيور من الشمال إلى الجنوب (محمد وجيه - الشرق الأوسط)
TT

«مراقبة الطيور» في مصر... متى تبدأ؟ وأين تتجه؟

مصر من أبرز مسارات هجرة الطيور من الشمال إلى الجنوب (محمد وجيه - الشرق الأوسط)
مصر من أبرز مسارات هجرة الطيور من الشمال إلى الجنوب (محمد وجيه - الشرق الأوسط)

لمحبي السياحة البيئية بشكل عام، ومراقبة الطيور على وجه الخصوص، تستقبل مصر أسراباً مُتنوعة وغنيّة من الطيور المهاجرة هذه الأيام، باعتبارها محطة رئيسية في مسار الهجرة التي تقطعها تلك الطيور من الشمال وصولاً لأفريقيا بداية من فصل الخريف، فتبدو العديد من المناطق في مصر وجهة لطيور الفلامنغو، والبجع، والبلشونات، والزرزور، والسمان، والنوارس واللقالق، وغيرها.

مصر من أبرز مسارات هجرة الطيور من الشمال إلى الجنوب (محمد وجيه - الشرق الأوسط)

وتنشط خلال تلك الفترة، التي تمتد من بدايات الخريف وحتى مارس (آذار) المقبل، دعوات لاستغلال هذا الموسم لدعم واحدة من أوجه السياحة البيئية، وهي سياحة «مراقبة الطيور»، سواء من النشطاء في هذا المجال، أو الهواة. ما جعل الحكومة المصرية تظهر اهتماماً واسعاً بتلك السياحية، عبر تشجيع مشاهدة هجرة الطيور، خاصة بمدينة شرم الشيخ على البحر الأحمر، وبالفعل تقوم العديد من الشركات السياحية بتنظيم رحلات في هذا المجال، بالإضافة إلى عقد العديد من المؤتمرات التي تحث على الترويج لهذا النوع المختلف من السياحة.

سياحة مراقبة الطيور تنشط خلال هذه الفترة من العام (محمد وجيه - الشرق الأوسط)

«هناك من يتعرف على هذا النوع من السياحة بالمصادفة، ثم سرعان ما يطلب الخروج في جولات استكشافية للطيور»، كما يشير أحمد منصور، خبير السياحة البيئية ومراقبة الطيور، الذي يقول لـ«الشرق الأوسط»، إن «هذا الوقت من العام وحتى الربيع يجتذب قطاعاً كبيراً من هُواة أو محترفي مراقبة وتصوير الطيور من كل دول العالم»، ويضيف: «تكون الطيور المهاجرة عبارة عن مجموعات صغيرة تخرج مع شروق الشمس وحتى الظهر، أو قبل غروب الشمس بساعات، فتلك هي الأوقات الأنسب لهذا النوع من السياحة البيئية».

تصوير الطيور المهاجرة في مدينة رشيد شمالي مصر (محمد وجيه - الشرق الأوسط)

طيور خجولة

وضمن أبرز المناطق لرؤية أسراب الطيور، يُنظم منصور هذا النوع من الرحلات في محافظة الفيوم (شمال صعيد مصر)، التي يُعدد بها المناطق المُحببة الجاذبة للطيور المهاجرة مثل الفلامنغو، يقول: «أعمل في مجال مراقبة الطيور منذ أكثر من عشرين عاماً في الفيوم، حيث تتنوع في الفيوم البيئة الزراعية والصحراوية، والمياه المالحة في بحيرة قارون، علاوة على المستنقعات والبرك الصغيرة والنباتات، وهناك محمية وادي الريان التي تجمع بين المياه العذبة ومزارع السمك».

ويجذب هذا النوع من السياحة جنسيات كثيرة لا سيما من الأميركيين، والبريطانيين، والكنديين، والإيطاليين. كما أن له طبيعة خاصة، بخلاف سياحة السفاري وغيرها من الأنشطة الصاخبة. يشير منصور: «نخرج في مجموعات صغيرة، وننصح الجميع بارتداء ملابس بعيدة عن الألوان القوية، وأن نحافظ على الهدوء الشديد، خاصة أن هناك أنواعاً من الطيور (خجولة) تختفي بمجرد شعورها باقتراب بشر».

مراقب الطيور أحمد منصور خلال واحدة من رحلات مشاهدة الطيور في الفيوم (الشرق الأوسط)

وإضافة إلى محافظة الفيوم، تبرز وجهات أخرى لمشاهدة الطيور المهاجرة في مصر منها محافظة بورسعيد (شمال مصر)، ومحافظة البحر الأحمر التي بها أكثر من وجهة مميزة، منها جبل الزيت (غرب خليج السويس)، ومنطقة الجلالة بالعين السخنة، ومدينتا شرم الشيخ والجونة.

سياحة بيئية وعلمية

وإلى جانب كونها من أبرز وجهات السياحة البيئية في مصر، فإن مراقبة الطيور هي كذلك شكل من أشكال السياحة العلمية. يتذكر الخبير السياحي المصري: «قمت قبل عدة أعوام بالإعلان عن رصد طائر (أنثى البط الرخماء)، وهي نوع من الطيور المهددة بالانقراض، ولم يتم رصدها في مصر قبل 100 عام، في هذا الوقت بمجرد أن تم الإعلان عن هذا، تم تنظيم مؤتمر علمي بحضور عدد من علماء البيئة والمصورين المحترفين من خارج مصر، باعتبار ذلك حدثاً بيئياً، فالطيور لها الدور الرئيسي في التوازن البيئي على سطح الأرض، يقابلها تهديدات مختلفة بداية من الصيد، وتحتاج إلى دعم بيئي كبير، وأعتقد أن رعاية مهرجانات لمراقبة الطيور سيكون له دور أكبر في الترويج لهذا النوع من السياحة، خاصة أن هناك وجهات مختلفة ومتفرقة في مصر لرصد الطيور المهاجرة».

مسارات مميزة

وتعد مصر من أبرز مسارات الطيور المهاجرة على مستوى العالم بسبب عوامل الجذب الرئيسية المتوفرة بها لتلك الطيور، لا سيما منطقة البحر الأحمر، حيث البيئات الجبلية والبحرية والساحلية المناسبة لاحتياجات تلك الطيور، وتعد استراحة متميزة لهم. تقول منال عبد الوهاب، مُراقبة طيور مصرية، والتي درست مشروع صيانة الطيور الحوامة المهاجرة التابع لوزارة البيئة: «هناك ازدياد في حالة الاهتمام بمراقبة الطيور، سواء من المصريين أو الأجانب، وهذا النوع من السياحة البيئية يحتاج إلى رفع الوعي به من خلال تنظيم مهرجانات لمشاهدة وتصوير الطيور، ودعم هذا البرنامج على قوائم شركات السياحة».

ويعدُّ التصوير الفوتوغرافي من أبرز الأنشطة التي ترافق سياحة مراقبة الطيور، كما يقول المصوّر المصري محمد وجيه، المواظب على رحلات مراقبة الطيور في منطقة رشيد (شمال مصر)، إنه «يتعرف على أنواع مختلفة من الطيور المهاجرة، خلال موسمي الهجرة إلى أفريقيا، والعودة من بلادها من جدد، ويقول: «أعتقد أن السياحة بيئية في رشيد والمناطق المجاورة مثل مدينة مطوبس والبرلس، من المناطق التي يمكن تنشيط السياحة البيئية بها، خاصة أنها تمثل مناطق مفتوحة سواء لهواة أو مُحترفي التصوير الفوتوغرافي للطيور، وهو قطاع كبير على مستوى العالم» كما يقول في حديثه لـ«الشرق الأوسط».

أسراب الفلامنغو تصل إلى مصر في الخريف (محمد وجيه - الشرق الأوسط)

ويضيف وجيه: «تلك المناطق غنية بالبحيرات والبرك والمستنقعات والأراضي الرطبة الساحلية، التي تمثل نقاط جذب لتلك الطيور، وهناك كثير ممن يشاهدون تلك الرحلات عبر مقاطع الفيديو أو منصات المشاهدة الذين يُسحرون بهذا التنوع، لذلك فهذا النوع من السياحة واعد، ويمكن استثماره بشكل أكبر خاصة أنه ممتد على فترة زمنية موسمية محددة كل عام».


مقالات ذات صلة

السعودية تستقطب شركات طيران وتفتح مسارات جديدة في 2024

الاقتصاد صورة لوزيرة السياحة البحرينية فاطمة الصيرفي مع مسؤولي برنامج الربط الجوي السعودي خلال مؤتمر مسارات العالم (الشرق الأوسط) play-circle 00:46

السعودية تستقطب شركات طيران وتفتح مسارات جديدة في 2024

تحدّث الرئيس التنفيذي لبرنامج الربط الجوي السعودي، ماجد خان، لـ«الشرق الأوسط»، عن نجاح البرنامج، هذا العام، في جذب 12 شركة طيران.

بندر مسلم (المنامة)
يوميات الشرق الرياض تستضيف أكبر الفعاليات الترفيهية الشتوية في العالم (الشرق الأوسط)

1000 فعالية سياحية يشهدها «شتاء السعودية» لخَلْق تجارب لا تُنسى

تتيح منصة «روح السعودية» للسياح والزوار الراغبين في معلومات إضافية عن برنامج هذا العام، الاطّلاع على العروض والباقات والخصومات الخاصة.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
سفر وسياحة نافورة بحيرة لومان الاشهر في المدينة (شاترستوك)

جنيف... أناقة بالخط العريض

هل تعلم بأن أكثر من %40 من سكان مدينة جنيف هم من غير السويسريين؟ والسبب هو أن هذه المدينة تضم العديد من المنظمات الدولية مثل الأمم المتحدة والصليب الأحمر.

جوسلين إيليا (جنيف)
سفر وسياحة مشهد الغروب يؤكد استثنائية التجربة البصرية (حساب «C-Lounge» في «فيسبوك»)

مغيب الشمس من سطوح بيروت... استثنائية التجربة البصرية

تحلو الجلسة المُطلَّة على مشهد يُبهج النفس ويهدِّئ همَّ الأيام. في بيروت، تتعدَّد الأماكن المشرفة على العاصمة ببحرها ومبانيها وأفقها البعيد حيث تتوارى الشمس

فاطمة عبد الله (بيروت)
الاقتصاد يقوم عدد من مقدمي طلبات التأشيرات في مركز التأشيرات بالرياض بإكمال إجراءات طلباتهم (الشرق الأوسط)

نمو طلبات تأشيرات «شنغن» في السعودية بنسبة 23 % هذا العام

كشفت شركة «في إف إس غلوبال» عن أن الطلب على تأشيرات «شنغن» في السعودية شهد نمواً ملحوظاً بنسبة 23 في المائة هذا العام.

فتح الرحمن يوسف (الرياض)

جنوب سردينيا القسم الجميل والمهمل في إيطاليا

جزيرة نائية تسكنها نسبة قليلة من الإيطاليين (نيويورك تايمز)
جزيرة نائية تسكنها نسبة قليلة من الإيطاليين (نيويورك تايمز)
TT

جنوب سردينيا القسم الجميل والمهمل في إيطاليا

جزيرة نائية تسكنها نسبة قليلة من الإيطاليين (نيويورك تايمز)
جزيرة نائية تسكنها نسبة قليلة من الإيطاليين (نيويورك تايمز)

كان الضجيج نادراً في جنوب سردينيا منذ مدة طويلة، يقول البعض ربما منذ انحدار الحضارة النوراجية من العصر البرونزي في المنطقة. ومع ذلك، في ثاني أكبر جزيرة إيطالية، حيث تفوق الأغنام عدد السكان إلى حد كبير، هناك طاقة جديدة لا لبس فيها في «كالياري»، عاصمة البحر الأبيض المتوسط الصغيرة، والريف المحيط بها.

تشتهر سردينيا بطبيعتها وشواطئها الجميلة (نيويورك تايمز)

يقول المؤرخ المحلي فينتورينو فارغييو، بينما كنا نشاهد احتفال الأزياء الشعبية السنوي في سانت إفيزيو في المدينة: «لقد اعتدنا أن نعدّ أنفسنا ريفيين، معزولين في هذه الجزيرة النائية. لكن سكان سردينيا بدأوا يدركون أن ثقافتنا لها قيمة حقيقية بالنسبة إلينا وللأجانب».

في كالياري، هناك زيادة في الفخر، إلى جانب موجة من التنمية الجديدة، أغلبها يهدف إلى زيادة الأعداد المتزايدة بالفعل من السياح. في حي مارينا الذي يتغيّر بسرعة، وهو معقل سابق لصيادي الأسماك، صار اليوم مزيجاً نابضاً بالحياة من المهاجرين والمقيمين منذ مدة طويلة، سوف يُنشئ متنزه، جرى تصميمه من قبل المهندس المعماري «ستيفانو بويري»، حديقة مورّقة على طول الواجهة البحرية. سوف يوصل خط قطار خفيف المارينا بضواحي كالياري، ويجري إنشاء ميناء جديد، من المتوقع أن يكون عام 2026 لنقل سفن الرحلات البحرية بعيداً، ما يسمح للسفن الشراعية بالرسو (وإنفاق الأموال) في وسط كالياري.

«لاي» من أشهر الأجبان في جنوب سردينيا (نيويورك تايمز)

بالنسبة إلى كالياري والجنوب الذي يمتد على طول ساحل رملي أبيض وبحر أزرق من الشواطئ الخلابة يمكن أن يثبت المد السياحي إما أنه مدمر وإما أنه نعمة للمنطقة التي تعاني من نقص الفرص. منذ عقود مضت، أصبحت «كوستا إزميرالدا» في شمال سردينيا ملعباً ومنتجعاً للأثرياء مثل ميلانو على البحر الأبيض المتوسط التي ترمز إلى كيفية استعمار السياح لمنطقة ما.

جبن محلي الصنع في سردينيا (نيويورك تايمز)

لكن هل يمكن إنشاء صورة أكثر انسجاماً من السفر في الجنوب؟ مع السياحة المفرطة التي أصبحت الآن لعنة عديد من المواقع الإيطالية، زرت المنطقة وسألت السكان المحليين: ما الذي قد يشكّل مستقبلاً أفضل؟

قال سامويلي موسكاس، أحد مؤسسي «سابوريس»، وهو مطعم خلاّب ومقهى في مارينا: «هذه المدينة تتطوّر لتناسب السياح». يتميّز المطعم بمظهر باريسي رائع، ولكنه يقدّم قائمة طعام محلية وزواراً محليين، وهو واحد من كثير من المطاعم الحضرية في كالياري التي تنافس تلك الموجودة في المدن الإيطالية الكبرى. قدّم لي موسكاس الذي بدأ رحلته في «سابوري دي سردينيا»، وهو متجر قريب للأغذية، الذي كان يضم «سابوريس» وجاره القريب «بيبيت»؛ طبقاً من الهليون البري من شمال سردينيا، وأشار إلى أنني كنت الشخص الوحيد غير السرديني في غرفة الطعام. ثم قال: «لقد أنشأنا هذا المكان لمجتمعنا. ونرحّب بالسياح أيضاً، لكننا نريد منهم أن ينغمسوا في ثقافتنا، في مكان خاص بنا».

مقارنة بالمدن الإيطالية الأخرى، قد تبدو المواقع الثقافية في كالياري قليلة بعض الشيء، رغم أن المتحف الأثري يحتوي على مجموعة رائعة من القطع الأثرية النوراجية والفينيقية والرومانية القديمة في سردينيا، بما في ذلك الرماة النوراجيون المنحوتون على الحجر، والمعروفون باسم عمالقة «مونتي براما». وفي أماكن أخرى، هناك مواقع مثل «غياردينو سونورو»، وهو تركيب خارجي من منحوتات حجرية لصنع الموسيقى من قِبل الفنان المحلي «بينوكيو سيولا»، وكاتدرائية الباروك مع قبوها المقوّس المغطى بالبلاط الذي يُصوّر ما يقرب من 200 قديس.

جزيرة نائية تسكنها نسبة قليلة من الإيطاليين (نيويورك تايمز)

إنها مدينة يكون الاستمتاع بها بشكل أفضل من خلال التجول. يُعدّ شاطئ «بويتو» الذي يمتد لمسافة أميال مكاناً رائعاً للخروج في كالياري خلال الطقس الدافئ، مع نوادي الشاطئ ومطاعم المأكولات البحرية الكلاسيكية مثل مطعم «ريستورانتي كالاموسكا» على حافة الماء. تتجمع طيور الفلامنغو الوردية، وهي أكثر سكان المدينة تقديراً، بالقرب من مسطحات «مولينتارغيوس» الملحية. يتدفق السياح والسكان المحليون على حد سواء إلى حصن سانت ريمي، أفضل نقطة مراقبة في هذه المدينة ذات التلال المتحدرة. وفي وقت مبكر من المساء، تمتلئ ساحة «غيتانو أورو» بالشباب الذين يتجمعون حول بار «فينيريا فيلانوفا»، ويتوجهون لتناول العشاء في المطاعم الكلاسيكية مثل مطعم «تراتوريا ليليكو»، الذي يرجع تاريخه إلى عام 1938، أو أحد مطاعم الجيل الجديد مثل «ريتروبانكو»، و«وسابوريس».

في الوقت الحالي، لا تزال كالياري تبدو وكأنها مدينة تنتمي إلى سكانها، على عكس فلورنسا أو البندقية أو غيرهما من المدن التي يكتظ بها السياح. قال جوزيبي دي مارتيني، المدير العام لمطعم «ريتروبانكو»: «لكننا نريد زيادة الزوار هنا». وأضاف: «يجب أن تصبح كالياري عاصمة البحر الأبيض المتوسط».

يُعد جبن «لاي» سبباً كافياً لزيارة المنطقة. ففي «سينوس»، ورشته الصغيرة، يتبع تقليداً سردينياً قديماً لصنع الأجبان الطبيعية باستخدام الحليب الطازج من الأغنام التي تملكها عائلته. ويقول: «يُصبح الطعام المصنوع بطريقة واعية وسيلة لنقل الثقافة»، بينما كنا غارقين حتى مرافقنا في الحليب الساخن، ونسكب اللبن الرائب في وعاء نحاسي مسخن بالنار. يمكن للضيوف زيارة المتجر لتذوق أجبانه العتيقة الرائعة أو، كما فعلت، تجربة صناعتها بأنفسهم.

في منطقة «سولسيس» المجاورة، واجهت تفسيراً آخر لـ«سردينيا»، حيث يتم الجمع بين الحرف التقليدية والتصميم المعاصر بلا خجل. «بريتزايدا» هي الاستوديو الإبداعي لكل من «إيفانو أتزوري» و«كاير تشينڨن»، وهما مهاجران من كاليفورنيا وميلانو، يصممان وينتجان الأثاث مع الحرفيين المحليين. هذا الربيع، افتتح الثنائي «لوكسي بيا»، وهي مجموعة من بيوت الضيافة الحجرية المحيطة بها أشجار الزيتون والحقول الخضراء. أعادا بناء المساكن وفقاً للأسلوب التقليدي للمنطقة وملأوها بأسرّة «بريتزايدا» ذات الإطارات الخشبية المنحوتة المذهلة، وطاولات جانبية من الفلين المنحوت، وغير ذلك من القطع المعاصرة المصنوعة يدوياً.

طبيعة جميلة في واحدة من أكبر جزر إيطاليا (نيويورك تايمز)

لاحقاً، استقللت دراجة كهربائية للوصول إلى «تومبي دي جيغانتي»، وهو موقع «نوراجيكي» مع مسارات المشي لمسافات طويلة تطل على التلال المشجرة. تقع شواطئ الأحلام «بورتو بينو»، و«سو بورتو دي سو تريغو»، و«إيس سوليناس» في البحر الأبيض المتوسط على مسافة قصيرة بالسيارة، وكذلك مجتمع الصيد الغني بالتاريخ في جزيرة «سانت أنتيوكو»، المتصلة بالجزيرة الرئيسية عبر جسر بري رفيع.

في أعماق «سولسيس»، وهي منطقة معروفة بأعمال التعدين السابقة، وعلى طول الساحل الجنوبي الغربي، افتُتح «لو ديون بيسيناس» في مايو (أيار)، بوصفه فندقاً فخماً في مستودع سابق للتعدين، وهي محاولة طموحة لتحويل منطقة فارغة الآن من الصناعة إلى وجهة ذات طابع طبيعي. أصبحت الحديقة المحيطة جزءاً من درب المشي «سانتا باربرا»، باتباع المسارات التي كان يسير عليها عمال المناجم ذهاباً وإياباً من العمل. لكن موطن الجذب الحقيقي هو العزلة الرائعة للفندق وشاطئه المواجه للغروب، والمدعوم بشكل كبير ببعض أطول الكثبان الرملية في أوروبا «ربما الجزء الأكثر عزلة من ساحل سردينيا»، كما قالت المالكة «مارسيلا تيتوني»، التي قضت 10 سنوات في تجديد الفندق: «ما أفضل طريقة لإحيائه سوى من خلال الزوار وهذا العمل المفعم بالمحبة؟».

* خدمة «نيويورك تايمز»