كيف تقضي أفضل الأوقات بـ«عروس الصعيد» المصري؟

مزارات متنوعة في المنيا تجمع التراث الشعبي بالحضارة القديمة

الطبيعة الساحرة إحدى عوامل جذب السياح في عروس الصعيد (تصوير ياسر الرسول)
الطبيعة الساحرة إحدى عوامل جذب السياح في عروس الصعيد (تصوير ياسر الرسول)
TT

كيف تقضي أفضل الأوقات بـ«عروس الصعيد» المصري؟

الطبيعة الساحرة إحدى عوامل جذب السياح في عروس الصعيد (تصوير ياسر الرسول)
الطبيعة الساحرة إحدى عوامل جذب السياح في عروس الصعيد (تصوير ياسر الرسول)

بعض الأمكنة حين تزورها لا تكفيك رحلة واحدة إليها وإن طالت، ومن أبرز هذه الأماكن في مصر هي محافظة «المنيا» أو «عروس الصعيد» كما يطلق عليها المصريون. في المنيا (جنوب مصر) ستجد نفسك حائراً بين زيارة المعالم الأثرية أو التزود بثقافة التراث الشعبي المصري الصعيدي، حيث المتاحف والمعابد بجانب البيوت العتيقة، وكذلك المساحات المدهشة المفتوحة على الحياة والبشر؛ وغير ذلك من معالم الثراء الحضاري والإنساني.

يستقبلك النيل بمنظره الخلاب؛ فتتوقف طويلاً أمام المساحات الخضراء الممتدة وشمس الحضارة والصيادين بكدّهم وانسياب حركتهم، إلى أن تقرر أن تتوجه إلى مكان إقامتك فتجد الكثير من الفنادق والمنتجعات ذات المستوى الرفيع؛ ما يعني تمتعك بالراحة والاستجمام، والاستمتاع بكل اللحظات التي ستقضيها بها.

"فرقة ملوي" التراثية .. عندما يُحكى التاريخ عبر الفن (الفرقة)

سيحيط بك التاريخ وأجواء الحضارات من كل جانب؛ ففي المدينة التي تبعد عن القاهرة نحو 4 ساعات بالقطار، تستطيع زيارة الكثير من الأماكن الأثرية، وتتعرف على المزيد من الحضارات المصرية، في مقدمة هذه الأماكن أنصحك بزيارتها مقابر «بني حسن» التي تتكون من جزأين، علوي وسفلي، إذا نزلت إلى السفلي، ستخوض مغامرة يسيطر عليها أجواء الإثارة ولن تنجو من الإحساس بالخوف، حيث السراديب المتداخلة، وإذا اخترت أن تصعد إلى أعلى ستبهرك عظمة ومهارة المصريين القدماء المعمارية، وتتأمل مهارة المصري القديم في النحت بدقة في الصخر باستخدام أدوات بسيطة مثل الأزاميل والمطارق الخشبية، وستشاهد كذلك سجلاً كاملاً للحياة اليومية في عصر الدولة الوسطى من التاريخ المصري دُوّن على الجدران.

الأماكن الأثرية شاهدة على الحضارة المصرية القديمة في المنيا (تصوير ياسر الرسول)

وفي «تل العمارنة» سيحدثك أهلها في فخر بأنك تقف على أرض مقدسة، حيث عاش هنا أخناتون وزوجته نفرتيتي بعدما اختارها لإقامة عاصمة مملكته «أخت آتون» من أجل عبادة الإله الواحـد «آتون»، وستعرف عبر زيارتك المكان أيضاً سر أهمية «قرص الشمس» في هذه الحضارة القديمة، ولماذا تخرج منه أشعة تنتهى بأيدٍ بشرية، وعلاقة ذلك بالحياة والكون كله.

شمس الطبيعة والحضارة التي أضاءت الجنوب (تصوير ياسر الرسول)

ويُعد «متحف ملوي» مكاناً آخر لا تفوتك زيارته في المنيا؛ حيث يحتوي على آثار تعود إلى حقب مختلفة، ويحمل لك «إسطبل عنتر» مجموعة أخرى من الحكايات الشيقة المُحملة بعبق التاريخ؛ فحين تزور على سبيل المثال المعبد المنحوت في الصخر ستعرف لماذا اختارت الملكة حتشبسوت والملك تحتمس الثالث بناءه في هذا المكان خصوصاً، وما علاقته بتقديس القطة في الحضارة المصرية القديمة، ومن أين اكتسب المكان أيضاً اسم «إسطبل عنتر»، وارتباطه بالقصص العربية الشعبية في مرحلة أخرى من التاريخ، أيضاً أمامك فرصة لزيارة عدد من المساجد والأديرة الأثرية بمساحاتها الزراعية التي تعانق السماء.

تنتشر المعابد الفرعونية في المنيا (تصوير ياسر الرسول)

إذا زرت منطقة «تونا الجبل» فإنك من الصعب أن تغادرها من دون أن تشاهد مقبرة «إيزادورا» التي يرقد فيها مومياء فتاة رومانية جميلة، توصف بأنها أول «شهيدة للحب»، وهي الفتاة نفسها التي ألهمت طه حسين رائعته «دعاء الكروان»، حين تصل إلى المقبرة عليك صعود عدد من الدرجات، وما يزيد من إحساسك بالمرقد المهيب، ويبهرك هيئة الأسد التي تعلوه قوقعة ذات زخارف ترمز للمعبودة الفرعونية إيزيس، وسيلفت نظرك بيت شعر حفره والد «إيزادورا» لها على الجدار، ترجمته هي «وداعاً يا صغيرتي فأنتِ الآن حورية».

وسيروي لك المرشد قصة هذه الجميلة التي أضاعها الحب، مثلما فعل بـ«هنادي» بطلة رواية عميد الأدب.

الخضرة سمة أساسية في المحافظة (تصوير ياسر الرسول)

لكن هذه الزيارات لأشهر الأمكنة الأثرية في المنيا رغم أهميتها وزخمها التاريخي هناك من ينافسها بقوة في اجتذاب السياح إليها؛ فحين تتجه إلى «عروس الصعيد» سيبهرك الحضور الطاغي للمراكز والنشاطات والكيانات الثقافية التي تجمع تراث الجنوب وتاريخه، وتقدمها لك عبر صياغات فلكلورية شعبية تراثية. وستدهشك عروض «فرقة ملوي» التي سترد لك الكثير من حكايات ويوميات أهل المدينة عبر الموسيقى والغناء والرقص، أما متحف الفنان التشكيلي الراحل حسن الشرق، وجهة السياح من مختلف الجنسيات، سيستقبلك بترحاب شديد في طريقك إلى مقابر «بني حسن» ليروي لك عبر لوحاته، اقتنى «اللوفر» بعضاً منها، روائع الحكي الشعبي العربي مثل «سيرة أبو زيد الهلالي» والأساطير، إضافة إلى تناوله عراقة الألعاب والفنون التقليدية كلعبة التحطيب.

النيل يأخذك إلى حكايات الطبيعة والبشر (تصوير الرسول)

وإذا كنت من محبي تذوق الأكلات المحلية، فإن الأمر هذه المرة لن يتوقف عند عَدّها «محلية» فقط، إنما سيمتد ليشمل كونها تراثية عتيقة تعود إلى آلاف السنين؛ على سبيل المثال تستطيع الاستمتاع بالمذاق المميز لـ«الكِشك الصعيدي»، وهو أكلة فولكلورية موسمية اشتهرت بها المنيا، منذ أن كانت عاصمة مصر القديمة «أشمون»، ويعود تاريخ صناعته إلى الملك أحمس الذي أخذ على عاتقه تحرير مصر من الغزاة.

متحف الفنان حسن الشرق (صفحة المتحف على فيسبوك)

أيضاً، أنصحك أن تجرب الملوخية المجففة، والبامية المجففة (الويكا)، الخبز الشمسي، خبز البتاو، الشلولو، الهايش (الفايش)، وكذلك الجبن الضاني؛ فكلها أكلات شهية ومفيدة للغاية، وقبل ذلك تعبق بتراث مصر وحضارتها، والمدهش أنك أثناء تناول الطعام ستجد من يروي الحكاية التاريخية أو الأسطورة الخاصة بكل منها.


مقالات ذات صلة

جولة على أجمل أسواق العيد في ألمانيا

سفر وسياحة أسواق العيد في ميونخ (الشرق الاوسط)

جولة على أجمل أسواق العيد في ألمانيا

الأسواق المفتوحة تجسد روح موسم الأعياد في ألمانيا؛ حيث تشكل الساحات التي تعود إلى العصور الوسطى والشوارع المرصوفة بالحصى

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد جانب من المنتدى التاسع لمنظمة الأمم المتحدة لسياحة فن الطهي المقام في البحرين (الشرق الأوسط) play-circle 03:01

لجنة تنسيقية لترويج المعارض السياحية البحرينية السعودية

كشفت الرئيسة التنفيذية لهيئة البحرين للسياحة والمعارض سارة أحمد بوحجي عن وجود لجنة معنية بالتنسيق فيما يخص المعارض والمؤتمرات السياحية بين المنامة والرياض.

بندر مسلم (المنامة)
يوميات الشرق طائرة تُقلع ضمن رحلة تجريبية في سياتل بواشنطن (رويترز)

الشرطة تُخرج مسنة من طائرة بريطانية بعد خلاف حول شطيرة تونة

أخرجت الشرطة امرأة تبلغ من العمر 79 عاماً من طائرة تابعة لشركة Jet2 البريطانية بعد شجار حول لفافة تونة مجمدة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق أشخاص يسيرون أمام بوابة توري في ضريح ميجي بطوكيو (أ.ف.ب)

اليابان: اعتقال سائح أميركي بتهمة تشويه أحد أشهر الأضرحة في طوكيو

أعلنت الشرطة اليابانية، أمس (الخميس)، أنها اعتقلت سائحاً أميركياً بتهمة تشويه بوابة خشبية تقليدية في ضريح شهير بطوكيو من خلال نقش حروف عليها.

«الشرق الأوسط» (طوكيو)
يوميات الشرق سياح يصطفون للدخول إلى معرض أوفيزي في فلورنسا (أ.ب)

على غرار مدن أخرى... فلورنسا الإيطالية تتخذ تدابير لمكافحة السياحة المفرطة

تتخذ مدينة فلورنسا الإيطالية التاريخية خطوات للحد من السياحة المفرطة، حيث قدمت تدابير بما في ذلك حظر استخدام صناديق المفاتيح الخاصة بالمستأجرين لفترات قصيرة.

«الشرق الأوسط» (روما)

مصر تعوّل على «سوق السفر العالمي» لتنشيط السياحة

الجناح المصري في «بورصة لندن للسياحة» حظي بتفاعل الزوار (وزارة السياحة والآثار المصرية)
الجناح المصري في «بورصة لندن للسياحة» حظي بتفاعل الزوار (وزارة السياحة والآثار المصرية)
TT

مصر تعوّل على «سوق السفر العالمي» لتنشيط السياحة

الجناح المصري في «بورصة لندن للسياحة» حظي بتفاعل الزوار (وزارة السياحة والآثار المصرية)
الجناح المصري في «بورصة لندن للسياحة» حظي بتفاعل الزوار (وزارة السياحة والآثار المصرية)

تُعوّل مصر على اجتذاب مزيد من السائحين، عبر مشاركتها في فعاليات سياحية دولية، أحدثها «سوق السفر العالمي» (WTM)، التي افتتح خلالها وزير السياحة والآثار المصري، شريف فتحي، جناح بلاده المُشارك في الدورة الـ43 من المعرض السياحي الدولي، الذي تستمر فعالياته حتى 7 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي بالعاصمة البريطانية لندن.

ووفق فتحي، فإن وزارته تركّز خلال مشاركتها بالمعرض هذا العام على إبراز الأنماط والمنتجات السياحية المتعدّدة الموجودة في مصر، واستعراض المستجدات التي تشهدها صناعة السياحة في مصر.

هدايا تذكارية بالجناح المصري (وزارة السياحة والآثار المصرية)

ووفق بيان وزارة السياحة والآثار، فإن «الجناح المصري المشارك شهد خلال اليوم الأول إقبالاً من الزوار الذين استمتعوا بالأنشطة التفاعلية الموجودة به، والأفلام التي تُبرز المقومات المختلفة والمتنوعة للمقصد السياحي المصري، كما شهد اليوم الأول عقد لقاءات مهنية مع ممثّلي شركات السياحة والمنشآت الفندقية المصرية».

وتشارك مصر هذا العام بجناح يضم 80 مشاركاً، من بينهم 38 شركة سياحة، و38 فندقاً، بالإضافة إلى شركتَي طيران، هما: شركة «Air Cairo»، وشركة «Nesma»، إلى جانب مشاركة محافظتَي البحر الأحمر وجنوب سيناء، وجمعية «الحفاظ على السياحة الثقافية».

وصُمّم الجناح من الخارج على شكل واجهة معبد فرعوني، مع شعار على هيئة علامة «عنخ» (مفتاح الحياة)، في حين صُمّم الجناح من الداخل على شكل صالات صغيرة للاستقبال، بدلاً من المكاتب (Desks).

وتمت الاستعانة بمتخصصين داخل الجناح المصري؛ لكتابة أسماء زائري الجناح المصري باللغة الهيروغليفية على ورق البردي، وبشكل مجاني خلال أيام المعرض، بجانب عازفة للهارب تعزف المقطوعات الموسيقية ذات الطابع الفرعوني.

جانب من الإقبال على جناح مصر في «بورصة لندن» (وزارة السياحة والآثار المصرية)

ويُعدّ «سوق السفر العالمي» معرضاً مهنياً، يحظى بحضور كبار منظّمي الرحلات، ووكلاء السياحة والسفر، وشركات الطيران، والمتخصصين في السياحة من مختلف دول العالم.

واقترح فتحي خلال لقائه بوزيرة السياحة اليونانية إمكانية «الترويج والتسويق السياحي المشترك لمنتج السياحة الثقافية في البلدين بعدد من الدول والأسواق السياحية، لا سيما أن مصر واليونان لديهما تكامل سياحي في هذا الشأن». على حد تعبيره.

واستعرض الوزير المصري المقومات السياحية المتعددة التي تتمتع بها بلاده، كما تحدث عن المتحف المصري الكبير، وما سيقدمه للزائرين من تجربة سياحية متميزة، لا سيما بعد التشغيل التجريبي لقاعات العرض الرئيسية الذي شهده المتحف مؤخراً.

فتحي خلال تفقّده للجناح المصري بـ«بورصة لندن» (وزارة السياحة والآثار المصرية)

وتوقّع الوزير المصري أن تشهد بلاده زيادة في أعداد السائحين حتى نهاية العام الحالي بنسبة 5 في المائة عن العام الماضي، خلال مؤتمر صحافي عقده في المعرض، وأشار إلى أهمية السوق البريطانية بالنسبة للسياحة المصرية، حيث تُعدّ أحد أهم الأسواق السياحية الرئيسية المستهدفة، لافتاً إلى ما تشهده الحركة السياحية الوافدة منها من تزايد، حيث يصل إلى مصر أسبوعياً 77 رحلة طيران من مختلف المدن بالمملكة المتحدة.

وأكّد على أن «مصر دولة كبيرة وقوية، وتدعم السلام، وتحرص على حماية حدودها، والحفاظ على زائريها، وجعْلهم آمنين، حيث تضع أمن وسلامة السائحين والمواطنين في المقام الأول، كما أنها بعيدة عن الأحداث الجيوسياسية»، لافتاً إلى أن هناك تنوعاً في جنسيات السائحين الوافدين إلى مصر من الأسواق السياحية المختلفة، حيث زارها خلال العام الحالي سائحو أكثر من 174 دولة حول العالم.

الجناح المصري في «بورصة لندن» للسياحة (وزارة السياحة والآثار المصرية)

وأعرب فتحي عن تفاؤله بمستقبل الساحل الشمالي المصري على البحر المتوسط، وما يتمتع به من مقومات سياحية متميزة، خصوصاً مدينة العلمين الجديدة، ومشروع رأس الحكمة بصفته أحد المشروعات الاستثمارية الكبرى التي تشهدها منطقة الساحل الشمالي، لافتاً إلى أنه من المتوقع أن يجذب هذا المشروع أكثر من 150 مليار دولار استثمارات جديدة، ويساهم في إضافة ما يقرب من 130 ألف غرفة فندقية.