كالينينغراد ذات الطابع الأوروبي وجهة بديلة لمخرجين روس يستخدمونها موقع تصوير

تظهر هذه الصورة التي التُقطت في 14 يوليو 2023 ممثلين يلعبون أدوارهم في موقع تصوير فيلم في بلدة جيليزنودوروجني بمنطقة كالينينغراد في روسيا (أ.ف.ب)
تظهر هذه الصورة التي التُقطت في 14 يوليو 2023 ممثلين يلعبون أدوارهم في موقع تصوير فيلم في بلدة جيليزنودوروجني بمنطقة كالينينغراد في روسيا (أ.ف.ب)
TT

كالينينغراد ذات الطابع الأوروبي وجهة بديلة لمخرجين روس يستخدمونها موقع تصوير

تظهر هذه الصورة التي التُقطت في 14 يوليو 2023 ممثلين يلعبون أدوارهم في موقع تصوير فيلم في بلدة جيليزنودوروجني بمنطقة كالينينغراد في روسيا (أ.ف.ب)
تظهر هذه الصورة التي التُقطت في 14 يوليو 2023 ممثلين يلعبون أدوارهم في موقع تصوير فيلم في بلدة جيليزنودوروجني بمنطقة كالينينغراد في روسيا (أ.ف.ب)

بمنازلها الألمانية الطابع وكنائسها وشوارعها النموذجية، باتت كالينينغراد التي تشكل جيباً روسياً واقعاً بين بولندا وليتوانيا، بمثابة نسخة مقلدة من أوروبا، يستخدمها المخرجون السينمائيون الروس بديلاً في ظل استحالة تصوير أفلامهم في الغرب بسبب العقوبات المفروضة على بلدهم منذ غزوه أوكرانيا.

فوفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، فإن منطقة كالينينغراد وعاصمتها التي تحمل اسمها، اللتين احتلهما الجيش الأحمر، عام 1945، احتفظتا بهندستهما المعمارية التي طبعت ما كان يُعرف ببروسيا الشرقية، مما أضفى مناخاً أوروبياً على كونيغسبرغ السابقة.

وشكَّل ذلك عنصر جذب للمخرجين والمنتجين المفتقرين إلى العملات الأجنبية الباحثين عن ديكورات بعيدة عن النمط السوفياتي.

فالمنتج نيكيتا سابرونوف مثلاً الذي اختار أخيراً كالينينغراد لتصوير مسلسل «جي دي آر» (ألمانيا الشرقية بالروسية)، لاحظ أن «التصوير في كالينينغراد عملي جداً». وأضاف: «سلطاتها ترحِّب بنا بأذرع مفتوحة، وندفع كل شيء بالروبل، والممثلون الثانويون (الكومبارس) يتحدثون الروسية».

تدور أحداث المسلسل في برلين أثناء سقوط الجدار بين شطريها في نهاية عام 1989. في البداية، كان من المقرر تصويره في ألمانيا. لكن الهجوم الروسي على كييف جعل «أوروبا تغلق الباب عملياً في وجه السينمائيين الروس»، على ما قال المنتج لـ«وكالة الصحافة الفرنسية».

وما كان من فريق عمل الفيلم إلا أن لجأ إلى كالينينغراد حيث أعاد بناء جزء من جدار برلين في وسط المدينة في الربيع الماضي.

وأوضح أن «كالينينغراد حلت بصورة مثالية محل الشطرين الشرقي والغربي من برلين»، وهما مدينتان تتميزان بالهندسة المعمارية الجرمانية والسوفياتية.

تُظهر هذه الصورة التي تم التقاطها في 17 يوليو 2023 ممثلين يلعبون أدوارهم في موقع تصوير في بلدة جيليزنودوروجني بمنطقة كالينينغراد في روسيا (أ.ف.ب)

دعم حكومي

وتعكس كثرة عمليات التصوير في كالينينغراد الوضع الجيد نسبياً على غير ما هو متوقع للسينما الروسية، رغم عزلتها عن المشهد الثقافي الدولي والهجرة الجماعية لقياديي القطاع مخافة تجنيدهم في الجيش.

حصل الإنتاج الوطني من جهة على دعم حكومي كبير، وأفاد من جهة أخرى من مقاطعة هوليوود وأوروبا، وهذا حرر نحو 80 في المائة من السوق الروسية.

ونتيجة لذلك، صدرت أعمال روسية مخصصة للأطفال أكثر بمرتين مما طُرح سنة 2022، بينما ارتفعت بنسبة 30 في المائة الأفلام الروسية التي تُبث عبر منصات البث التدفقي، وارتفعت نسبة الأعمال المعروضة عبر التلفزيون بـ25 في المائة، بحسب مجلة «بولتين كينوبروكاتشيكا» المهنية، مع العلم أن هذه الإنتاجات تبقى محصورة بشكل أساسي في روسيا.

وسنة 2022، رفعت السلطات المبلغ المخصص لدعم لإنتاجات إلى 14.9 مليار روبل، أي نحو 162 مليون دولار. وتُعدّ المساعدات جزءاً من استراتيجية فلاديمير بوتين المتمثلة في الاستبدال بكل ما هو مُستورد، كالسيارات والمنتجات الهندسية والمواد الغذائية والأعمال السينمائية، أخرى روسية.

ويعود استمرار المجال السينمائي بصورة كبيرة إلى هذا الدعم. ورغم صعوبة تحديد الأرقام الخاصة بهذا القطاع، تشير صحيفة «آر بي كاي» الإلكترونية إلى أن فيلماً واحداً فقط، هو عمل كوميدي، كان مُربحاً من بين 26 فيلماً صدرت في العام الماضي، وحظيت بدعم من الأموال المخصصة للقطاع السينمائي.

على أي حال، تستفيد كالينينغراد من ازدهار الأعمال الروسية، مع العلم أن المنطقة شهدت أعمال تصوير أفلام سينمائية أصلاً منذ 5 سنوات.

وفي يوليو ، استضافت كالينينغراد أعمال تصوير فيلم روائي تدور أحداثه في أوروبا الشرقية عام 1944.

تُظهر هذه الصورة التي تم التقاطها في 17 يوليو 2023 ممثلين يلعبون أدوارهم في موقع تصوير في بلدة جيليزنودوروجني بمنطقة كالينينغراد في روسيا (أ.ف.ب)

«هوليوود روسية»

وتقول مصممة الديكور في طاقم العمل يوليا ماكوشينا، في حديث إلى «وكالة الصحافة الفرنسية»، إن هذه المنطقة التي تتميز بأسطح أبنيتها المكسوة بالبلاط الأحمر والشوارع المرصوفة بالحصى والمحاطة بالأشجار وسط مناظر طبيعية ريفية، هي آخر منطقة ذات طابع أوروبي بقيت لنا».

وخلال الحرب الباردة، كانت كالينينغراد تشكل موقع تصوير يفضله المخرجون السوفيات لتصوير مشاهد عن اشتباكات بين الجيش الأحمر والنازيين في أوروبا.

وراهناً، ترغب السلطات الإقليمية في توسيع نطاق ديكوراتها من خلال برنامج ترميم كبير.

ويقول وزير الثقافة والسياحة في المنطقة أندريه إرماك لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «منذ عام 2022، أصبحنا الموقع الأوروبي المثالي للروس، ونستقبل سنوياً نحو 10 أعمال تصوير لأعمال سينمائية».

وتنتشر الإعلانات التي توفر تدريبات في المجال السينمائي في كل زاوية من كالينينغراد، في حين يجري العمل على تشييد استوديو عملاق، رغبة في أن تصبح هذه المنطقة «هوليوود روسية مطلة على بحر البلطيق»، بحسب وسائل إعلام محلية.

وتواجه المنطقة تحديات لوجيستية كبيرة تتفاقم بسبب العقوبات؛ إذ تقع على بُعد أكثر من ألف كيلومتر من موسكو ومُحاطة بدول أعضاء في «حلف شمال الأطلسي» و«الاتحاد الأوروبي».

وتضم ليتوانيا التي تقيد العبور البري لبعض السلع، الطريق البحري الأطول والأغلى في المنطقة.

وفي حديث إلى «وكالة الصحافة الفرنسية»، يقول المنتج أرتيوم سودجان: «لحسن الحظ، لا تغطي الثلوج موانئ كالينينغراد طيلة السنة، ويُدفع جزء من تكاليف النقل الخاصة بنا.


مقالات ذات صلة

لقطات جوية تظهر انتهاك كوريا الشمالية للعقوبات المفروضة على النفط الروسي

آسيا سفينة تتبع كوريا الشمالية في ميناء روسي (صورة نشرتها مجموعة «أوبن سورس سنتر»)

لقطات جوية تظهر انتهاك كوريا الشمالية للعقوبات المفروضة على النفط الروسي

خلص تحليل لصور التقطتها أقمار اصطناعية إلى ترجيح أن كوريا الشمالية تلقت أكثر من مليون برميل من النفط من روسيا على مدى ثمانية أشهر.

«الشرق الأوسط» (سيول)
أوروبا الرئيس الروسي فلاديمير بوتين (أ.ب)

بوتين يأمر بـ«اختبارات» في الوضع القتالي للصاروخ «أوريشنيك»

أمر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بإنتاج كمية كبيرة من الصاروخ الباليستي الجديد فرط الصوتي «أوريشنيك» ومواصلة اختباره في الأوضاع القتالية.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
الولايات المتحدة​ وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف (د.ب.أ)

روسيا: تصرفات بايدن بشأن أوكرانيا محاولة لـ«إفساد» عمل إدارة ترمب

نقلت وكالة «سبوتنيك» للأنباء عن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف قوله (الجمعة) إن تصرفات إدارة الرئيس بايدن بشأن أوكرانيا محاولة لـ«إفساد» عمل إدارة ترمب.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
أوروبا قبة مبنى مجلس الشيوخ في الكرملين خلف برج سباسكايا وسط موسكو 4 مايو 2023 (رويترز)

روسيا: قصف أوكرانيا بصاروخ فرط صوتي تحذير للغرب

قال الكرملين، الجمعة، إن الضربة التي وُجّهت لأوكرانيا باستخدام صاروخ باليستي فرط صوتي تم تطويره حديثاً تهدف إلى تحذير الغرب.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
أوروبا الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماع في الكرملين 21 نوفمبر 2024 (أ.ب) play-circle 00:21

بوتين يهدد باستهداف الدول التي تسمح لأوكرانيا باستخدام أسلحتها لقصف روسيا

حذّر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين من أن بلاده يمكن أن تستخدم صواريخها الجديدة ضد الدول التي تسمح لأوكرانيا بإطلاق صواريخها على روسيا.

«الشرق الأوسط» (موسكو)

مصر تعوّل على «سوق السفر العالمي» لتنشيط السياحة

الجناح المصري في «بورصة لندن للسياحة» حظي بتفاعل الزوار (وزارة السياحة والآثار المصرية)
الجناح المصري في «بورصة لندن للسياحة» حظي بتفاعل الزوار (وزارة السياحة والآثار المصرية)
TT

مصر تعوّل على «سوق السفر العالمي» لتنشيط السياحة

الجناح المصري في «بورصة لندن للسياحة» حظي بتفاعل الزوار (وزارة السياحة والآثار المصرية)
الجناح المصري في «بورصة لندن للسياحة» حظي بتفاعل الزوار (وزارة السياحة والآثار المصرية)

تُعوّل مصر على اجتذاب مزيد من السائحين، عبر مشاركتها في فعاليات سياحية دولية، أحدثها «سوق السفر العالمي» (WTM)، التي افتتح خلالها وزير السياحة والآثار المصري، شريف فتحي، جناح بلاده المُشارك في الدورة الـ43 من المعرض السياحي الدولي، الذي تستمر فعالياته حتى 7 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي بالعاصمة البريطانية لندن.

ووفق فتحي، فإن وزارته تركّز خلال مشاركتها بالمعرض هذا العام على إبراز الأنماط والمنتجات السياحية المتعدّدة الموجودة في مصر، واستعراض المستجدات التي تشهدها صناعة السياحة في مصر.

هدايا تذكارية بالجناح المصري (وزارة السياحة والآثار المصرية)

ووفق بيان وزارة السياحة والآثار، فإن «الجناح المصري المشارك شهد خلال اليوم الأول إقبالاً من الزوار الذين استمتعوا بالأنشطة التفاعلية الموجودة به، والأفلام التي تُبرز المقومات المختلفة والمتنوعة للمقصد السياحي المصري، كما شهد اليوم الأول عقد لقاءات مهنية مع ممثّلي شركات السياحة والمنشآت الفندقية المصرية».

وتشارك مصر هذا العام بجناح يضم 80 مشاركاً، من بينهم 38 شركة سياحة، و38 فندقاً، بالإضافة إلى شركتَي طيران، هما: شركة «Air Cairo»، وشركة «Nesma»، إلى جانب مشاركة محافظتَي البحر الأحمر وجنوب سيناء، وجمعية «الحفاظ على السياحة الثقافية».

وصُمّم الجناح من الخارج على شكل واجهة معبد فرعوني، مع شعار على هيئة علامة «عنخ» (مفتاح الحياة)، في حين صُمّم الجناح من الداخل على شكل صالات صغيرة للاستقبال، بدلاً من المكاتب (Desks).

وتمت الاستعانة بمتخصصين داخل الجناح المصري؛ لكتابة أسماء زائري الجناح المصري باللغة الهيروغليفية على ورق البردي، وبشكل مجاني خلال أيام المعرض، بجانب عازفة للهارب تعزف المقطوعات الموسيقية ذات الطابع الفرعوني.

جانب من الإقبال على جناح مصر في «بورصة لندن» (وزارة السياحة والآثار المصرية)

ويُعدّ «سوق السفر العالمي» معرضاً مهنياً، يحظى بحضور كبار منظّمي الرحلات، ووكلاء السياحة والسفر، وشركات الطيران، والمتخصصين في السياحة من مختلف دول العالم.

واقترح فتحي خلال لقائه بوزيرة السياحة اليونانية إمكانية «الترويج والتسويق السياحي المشترك لمنتج السياحة الثقافية في البلدين بعدد من الدول والأسواق السياحية، لا سيما أن مصر واليونان لديهما تكامل سياحي في هذا الشأن». على حد تعبيره.

واستعرض الوزير المصري المقومات السياحية المتعددة التي تتمتع بها بلاده، كما تحدث عن المتحف المصري الكبير، وما سيقدمه للزائرين من تجربة سياحية متميزة، لا سيما بعد التشغيل التجريبي لقاعات العرض الرئيسية الذي شهده المتحف مؤخراً.

فتحي خلال تفقّده للجناح المصري بـ«بورصة لندن» (وزارة السياحة والآثار المصرية)

وتوقّع الوزير المصري أن تشهد بلاده زيادة في أعداد السائحين حتى نهاية العام الحالي بنسبة 5 في المائة عن العام الماضي، خلال مؤتمر صحافي عقده في المعرض، وأشار إلى أهمية السوق البريطانية بالنسبة للسياحة المصرية، حيث تُعدّ أحد أهم الأسواق السياحية الرئيسية المستهدفة، لافتاً إلى ما تشهده الحركة السياحية الوافدة منها من تزايد، حيث يصل إلى مصر أسبوعياً 77 رحلة طيران من مختلف المدن بالمملكة المتحدة.

وأكّد على أن «مصر دولة كبيرة وقوية، وتدعم السلام، وتحرص على حماية حدودها، والحفاظ على زائريها، وجعْلهم آمنين، حيث تضع أمن وسلامة السائحين والمواطنين في المقام الأول، كما أنها بعيدة عن الأحداث الجيوسياسية»، لافتاً إلى أن هناك تنوعاً في جنسيات السائحين الوافدين إلى مصر من الأسواق السياحية المختلفة، حيث زارها خلال العام الحالي سائحو أكثر من 174 دولة حول العالم.

الجناح المصري في «بورصة لندن» للسياحة (وزارة السياحة والآثار المصرية)

وأعرب فتحي عن تفاؤله بمستقبل الساحل الشمالي المصري على البحر المتوسط، وما يتمتع به من مقومات سياحية متميزة، خصوصاً مدينة العلمين الجديدة، ومشروع رأس الحكمة بصفته أحد المشروعات الاستثمارية الكبرى التي تشهدها منطقة الساحل الشمالي، لافتاً إلى أنه من المتوقع أن يجذب هذا المشروع أكثر من 150 مليار دولار استثمارات جديدة، ويساهم في إضافة ما يقرب من 130 ألف غرفة فندقية.