أبوظبي... عاصمة سياحية هادئة

وجهة آمنة للعائلات ومحبي المغامرات

تتميز أبوظبي بشواطئها الجميلة (شاترستوك)
تتميز أبوظبي بشواطئها الجميلة (شاترستوك)
TT

أبوظبي... عاصمة سياحية هادئة

تتميز أبوظبي بشواطئها الجميلة (شاترستوك)
تتميز أبوظبي بشواطئها الجميلة (شاترستوك)

لأن أبوظبي تتمتع بصفات المدن السياحية العالمية، ولكنها أكثر أمناً وأماناً، تناسب العائلات وتناسب أيضاً سفر السيدات بمفردهن، خاصة وأن هناك إقبالاً كبيراً على السفر الفردي للنساء حول العالم، ففي هذه المدينة تشعر بالأمان إلى حد كبير؛ وهذا ما جعلها تحتل المرتبة الأولى في عام 2021 بصفتها أكثر مدينة آمنة في العالم، متفوقة على مونتريال وميونخ، فتنتشر في جميع طرقاتها وعلى متن وسائل النقل وعند الشواطئ الكثير من كاميرات المراقبة؛ مما يجعل السرقات ومضايقات السياح أمراً نادراً. هذا من ناحية الأمن، أما من الناحية السياحية، فأبوظبي تضم الكثير من النشاطات والمعالم السياحية التي تضعها على خريطة أجمل المدن التي يمكن أن يتمتع بها السائح بالطعام والثقافة وزيارة المعالم القديمة والحديثة في الوقت نفسه. أبوظبي كسرت أرقاماً قياسية كثيرة؛ ففيها أكبر سجادة في العالم تجدها في مسجد الشيخ زايد، كما تضم أكبر لوحة فسيفسائية في العالم، وأكبر نفق هوائي للقفز، وأعلى جدار تسلق اصطناعي، وأسرع لعبة في العالم تابعة لعالم فيراري في جزيرة ياس.

تتميز أبوظبي بشواطئها الجميلة (شاترستوك)

هذه هي أبوظبي باختصار، هيّا لنتعرف على عاصمة الإمارات بإسهاب، لا يمكن أن تذكر أبوظبي دون مقارنتها مع شقيقتها الكبرى دبي؛ وذلك لأنهما مدينتان سياحيتان رائعتان، ولكن بمزايا مختلفة على رغم المسافة القريبة التي تربط بينهما والتي لا تزيد على ساعة إلى ساعة ونصف بالسيارة، ولكن المقارنة جميلة وتصبّ في مصلحة السائح الذي يفوز بالنهاية بزيارة المدينتين.

دبي أكبر من أبوظبي من حيث المساحة وتشتهر بالحياة الليلية الصاخبة فيها، وبفنادقها الراقية ومطاعمها العالمية الجميلة ولكن وفي الوقت نفسه تجد فيها المطاعم الشعبية والفنادق الاقتصادية؛ مما يجعل الإقامة فيها أرخص من تلك التي تتوفر في أبوظبي التي تعدّ وجهة أغلى من حيث الأسعار بالمقارنة مع دبي، ولكنها أكثر هدوءاً منها وتتمتع بشواطئ رائعة وفيها الكثير من المواقع التقليدية التي تعكس تاريخ الإمارات، بالنهاية المدينتان تستحقان الزيارة بالطبع.

إذا كانت زيارتك إلى أبوظبي بهدف العمل تستطيع تصميم برنامج سياحي سريع لرؤية أشهر معالمها في وقت قصير، وإذا كنت من المهتمين بالثقافة والطعام فلا بد من زيارة متحف اللوفر الذي افتتح عام 2007 بشراكة فرنسية - إماراتية؛ فهذا المتحف أكثر من رائع لأكثر من سبب، بدءاً بالهندسة المعمارية الجميلة على هيئة مدينة مصغرة تنتشر فيها المباني البيضاء وواحة من الماء وسقف رائع لمبناه، ومروراً بالقطع الفنية الغربية والشرقية والمعارض المؤقتة مثل المعرض الحالي الذي يحكي قصة سينما بوليوود، ومعرض للفنان رامبرينت، وانتهاء بالأكل في أحد مطاعم ومقاهي المتحف، مثل مطعم «فوكيتس» الرائد عالمياً الذي يقدم المأكولات التي اشتهر بها في فرعه عند شارع الشانزليزيه في باريس منذ عام 1899، ويشرف عليه الشيف بيير غانيير الحائز نجوم ميشلان للتميز.

متحف اللوفر بمبناه الجميل (شاترستوك)

ولمحبي المقاهي يقدم مقهى المتحف جلسات خارجية وداخلية مع قائمة مخصصة للأطفال، المقهى من تصميم جان نوفيل، ويطل على مباني أبوظبي الشاهقة. ولمحبي المشروبات والوجبات الخفيفة فيقدم «مارتا بار» أطباقاً مبتكرة وصحية في أجواء راقية جداً.

ولمحبي المشي (عندما يسمح الطقس بذلك) ننصح بزيارة كورنيش أبوظبي الذي يعدّ من أهم الوجهات السياحية في المدينة، فهذا الكورنيش يمتد على مسافة 8 كلم ويضم الكثير من المقاهي والمطاعم ويناسب العائلات والأطفال؛ لأنه يضم ممرات خاصة للدراجات الهوائية والـ«سيغ ويز» والـ«سكوترز» الكهربائية بالإضافة إلى ملاعب خاصة وشاطئ جميل تقام بمحاذاته الكثير من النشاطات السنوية، مثل النشاطات الترفيهية ومهرجانات خاصة بفنون الطهي والموسيقى ويقصدها سكان وزوار المدينة لمشاهدة الألعاب النارية ليلة رأس السنة.

جامع الشيخ زايد

جامع الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، صرح إسلامي يُعرف اليوم باسم «مسجد الشيخ زايد» أو «المسجد الكبير»، ويعدّ سادس أكبر مسجد في العالم من حيث المساحة، المسجد مفتوح أمام الجميع من الطوائف والأديان كافة، فيتعين على جميع الزوار الالتزام بمعايير خاصة باللبس المحتشم، ويمكن شراء عبايات من المحال التابعة للمركز التجاري القريب من المسجد (تأجير العبايات ألغي بسبب الجائحة)، أنصح بالالتحاق بدليل سياحي يقوم بشرح مفصل عن تاريخ المسجد وما تشاهد فيه من روعة حقيقية، تنظم الجولات كل نصف ساعة، وهي مجانية ويقوم بها عاملون ومتطوعون في المسجد، من أجمل ما يمكنك أن تشاهده داخل المسجد السجادة التي صُنعت في إيران وعمل على تنفيذها 1200 شخص متخصص بنسج السجاد، بالإضافة إلى 20 فنياً، فهي مؤلفة من أكثر من مليوني عقدة وتزن 47 طناً وكلفت نحو 30 مليون درهم إماراتي. أجمل وقت للزيارة عند الغروب، يسمح داخل وخارج المسجد بالتصوير، ولكن في أماكن محددة فاتبع التعلميات الخاصة بالتصوير.

زيارات مناسبة للعائلات والأطفال

تُعد جزيرة ياس وجهة مثالية للعائلات التي تبحث عن أنشطة ترفيهية استثنائية؛ إذ يمكن للأطفال الذين لا تتجاوز أعمارهم 12 عاماً الدخول مجاناً إلى عالم فيراري أبوظبي، وياس ووتروورلد أبوظبي، وعالم وارنر براذرز أبوظبي، بشرط قيام أحد البالغين بمرافقتهم، كما بإمكانهم الإقامة وتناول الطعام مجاناً عند حجز إحدى باقات الإقامة بأسعار تبدأ من 478 درهماً إماراتياً لكل بالغ. ويمكن للعائلات الاستفادة من العروض المجزية عند الإقامة لليلتين وثلاث ليالٍ، بأسعارٍ تبدأ من 631 درهماً إماراتياً و784 درهماً إماراتياً على التوالي لكل بالغ، بالإضافة إلى سباقات الكارتينج في حلبة مرسى ياس التي تقدّم للأطفال تجربة قيادة مجانية لا تفوت. وتستطيع العائلات الاستمتاع بعرض الإقامة مع وجبتين بأسعار تبدأ من 150 درهماً إماراتياً لكل بالغ، والذي يتيح للأطفال تناول الطعام مجاناً. ويمكن للأهالي الاسترخاء خلال فترة إقامتهم، مع خصم خاص للعائلات بنسبة 20 في المائة على الخدمات في جميع فنادق الوجهة.

عالم فيراري أبوظبي

تقدم عالم فيراري أبوظبي للضيوف والعائلات مجموعة متنوعة من الألعاب الحماسية والمرافق الترفيهية التي سجلت الكثر من الأرقام القياسية العالمية، والتي تتيح للضيوف من مختلف الفئات العمرية فرصة قضاء أوقات عامرة بالمرح والترفيه بعيداً عن حر الصيف، بما فيها عروض الدرون، والأوبرا، والفقرات البهلوانية، والعروض الموسيقية على الإيقاعات الإيطالية، كما تتوفر صفوف إعداد البيتزا، ومحطات الطهي الحية، وغيرها من الأنشطة الحصرية لتجربة صيفية رائعة.

عالم فيراري وفيه أسرع لعبة في العالم (شاترستوك)

ياس ووتروورلد أبوظبي

تقدم ياس ووتروورلد أبوظبي تجارب فريدة مستوحاة من الثقافة الإماراتية العريقة للغوص بحثاً عن اللؤلؤ، وتوفر الوجهة المائية الرائدة، مجموعةً متنوعة من العروض الممتعة التي تلبي جميع الأذواق، بما فيها يوم السيدات، الذي يتيح لهنّ الاستمتاع داخل المدينة المائية وسط أجواء من الراحة والخصوصية، وفعالية ليالي الأضواء، التي تقدم فيها عروض وفقرات بهلوانية ضوئية مذهلة.

عالم وارنر براذرز أبوظبي

يحتضن عالم وارنر براذرز أبوظبي ست مناطق ترفيهية مع أكثر من 35 من شخصيات « الأنيميشن» والـ«دي سي سوبر هيروز»، ليقدم لضيوفه تجربة فريدة ومميزة. كما وتدعو المدينة الترفيهية الداخلية الأكبر في العالم ضيوفها للاستمتاع بلحظات لا تُنسى في موسم «دي سي سوبر هيروز»، خلال الفترة الممتدة بين 2 يوليو (تموز) و4 سبتمبر (أيلول). كما سيتمكن الضيوف من لقاء شخصيات الـ«دي سي سوبر هيروز» الجدد وفريق الأبطال «جستس لييغ» والاستمتاع بالأنشطة والفعاليات الترفيهية العائلية المختلفة التي ستنشر أجواء الفرح والبهجة في المدينة الترفيهية.

كلايم أبوظبي

يُعدّ كلايم أبوظبي مرفق الترفيه الرياضي والمغامرات الداخلية الأبرز في دولة الإمارات العربية المتحدة، حيث تتيح لهم اختبار تجارب ترفيهية مفعمة بالحماس في أكبر نفق هوائي للقفز الحر الداخلي، وأعلى جدار تسلق داخلي في المنطقة. ويقدم كلايم أبوظبي لزواره فرصةً لصقل مهاراتهم، والاستمتاع بلحظات مميزة مع العائلة والأصدقاء، من خلال الأنشطة المتنوعة والتجارب الرياضية المشوقة التي تناسب جميع المستويات والفئات العمرية.

أين تأكل؟

تنتشر في أبوظبي مطاعم عالمية كثيرة، مثل هاكاسان وزوما وغيرها، ولكن المطاعم التي جربناها وكانت لافتة، فكان اثنان منها تابعان لفندق «قصر الامارات»، الأول يقدم المشاوي الغربية ولحم الواغو والخضراوات المحضّرة بابتكارات رائعة على الطريقة الأوروبية، اسم المطعم «باربيو القصر»، ولمحبي الطعام الإيطالي أنصحكم بزيارة مطعم Talea by Antonio Guida الذي يقدم تجربة إيطالية فريدة تعتمد على الرائحة والمذاق والشكل.

تتميز العاصمة الإماراتية بوجود عدد كبير من المطاعم العالمية فيها (الشرق الأوسط)

من المطاعم الإيطالية الجيدة في أبوظبي أيضاً، مطعم «سولي» Sole التابع لفندق «كونراد إتحاد تاورز»، وهذا المطعم يعتمد على تقديم الأسماك والأطباق الإيطالية التي تتغير بحسب المواسم في إيطاليا، ويقدم المطعم أيضاً أطباق السمك بحسب الصيد اليومي، فجربنا سمك الـ«سول» والبطاطس مع الكمأة السوداء.

توجد في أبوظبي مطاعم عالمية كثيرة (الشرق الأوسط)

ولمحبي المأكولات اللبنانية بطريقة عصرية جداً، فلا بد من الأكل في مطعم «إم شريف سي كافيه» الموجود داخل فندق «روز وود» في جزيرة الماريه، هذا المطعم استثنائي من حيث الموقع المطل على الماء مباشرة وعلى أجمل منظر لمباني المدينة جميلة التصميم، أما بالنسبة للأطباق فحدث ولا حرج؛ لأنها متنوعة جداً ولذيذة وتجمع ما بين النكهات التقليدية والعصرية في الوقت نفسه، من ألذ ما يمكن تذوقه الباذنجان المشوي مع الروبيان وبرغر السمك وبالطبع أطباق الحلوى على أنواعها.


مقالات ذات صلة

جولة على أجمل أسواق العيد في ألمانيا

سفر وسياحة أسواق العيد في ميونخ (الشرق الاوسط)

جولة على أجمل أسواق العيد في ألمانيا

الأسواق المفتوحة تجسد روح موسم الأعياد في ألمانيا؛ حيث تشكل الساحات التي تعود إلى العصور الوسطى والشوارع المرصوفة بالحصى

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد جانب من المنتدى التاسع لمنظمة الأمم المتحدة لسياحة فن الطهي المقام في البحرين (الشرق الأوسط) play-circle 03:01

لجنة تنسيقية لترويج المعارض السياحية البحرينية السعودية

كشفت الرئيسة التنفيذية لهيئة البحرين للسياحة والمعارض سارة أحمد بوحجي عن وجود لجنة معنية بالتنسيق فيما يخص المعارض والمؤتمرات السياحية بين المنامة والرياض.

بندر مسلم (المنامة)
يوميات الشرق طائرة تُقلع ضمن رحلة تجريبية في سياتل بواشنطن (رويترز)

الشرطة تُخرج مسنة من طائرة بريطانية بعد خلاف حول شطيرة تونة

أخرجت الشرطة امرأة تبلغ من العمر 79 عاماً من طائرة تابعة لشركة Jet2 البريطانية بعد شجار حول لفافة تونة مجمدة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق أشخاص يسيرون أمام بوابة توري في ضريح ميجي بطوكيو (أ.ف.ب)

اليابان: اعتقال سائح أميركي بتهمة تشويه أحد أشهر الأضرحة في طوكيو

أعلنت الشرطة اليابانية، أمس (الخميس)، أنها اعتقلت سائحاً أميركياً بتهمة تشويه بوابة خشبية تقليدية في ضريح شهير بطوكيو من خلال نقش حروف عليها.

«الشرق الأوسط» (طوكيو)
يوميات الشرق سياح يصطفون للدخول إلى معرض أوفيزي في فلورنسا (أ.ب)

على غرار مدن أخرى... فلورنسا الإيطالية تتخذ تدابير لمكافحة السياحة المفرطة

تتخذ مدينة فلورنسا الإيطالية التاريخية خطوات للحد من السياحة المفرطة، حيث قدمت تدابير بما في ذلك حظر استخدام صناديق المفاتيح الخاصة بالمستأجرين لفترات قصيرة.

«الشرق الأوسط» (روما)

قرى مصرية تبتكر نوعاً جديداً من السياحة التقليدية

قرية النزلة بمحافظة الفيوم قبلة عالمية لصناعة الفخار اليدوي (رويترز)
قرية النزلة بمحافظة الفيوم قبلة عالمية لصناعة الفخار اليدوي (رويترز)
TT

قرى مصرية تبتكر نوعاً جديداً من السياحة التقليدية

قرية النزلة بمحافظة الفيوم قبلة عالمية لصناعة الفخار اليدوي (رويترز)
قرية النزلة بمحافظة الفيوم قبلة عالمية لصناعة الفخار اليدوي (رويترز)

في الخلف من البقع السياحية السحرية بأنحاء مصر، توجد قرى مصرية تجذب السائحين من باب آخر، حيث يقصدونها للتعرف على الحرف التقليدية العتيقة والصناعات المحلية التي تنتجها هذه القرى وتتخصص فيها منذ عشرات السنوات، وفاقت شهرتها حدود البلاد.

ويشتهر كثير من القرى المصرية بالصناعات اليدوية، ذات البعدين التراثي والثقافي، مثل صناعة أوراق البردي، والأواني الفخارية، والسجاد اليدوي وغيرها، وهي الصناعات التي تستهوي عدداً كبيراً من الزوار، ليس فقط لشراء الهدايا التذكارية من منبعها الأصلي للاحتفاظ بها لتذكرهم بالأيام التي قضوها في مصر؛ بل يمتد الأمر للتعرف عن قرب على فنون التصنيع التقليدية المتوارثة، التي تحافظ على الهوية المصرية.

«الشرق الأوسط» تستعرض عدداً من القرى التي تفتح أبوابها للسياحة الحرفية، والتي يمكن إضافتها إلى البرامج السياحية عند زيارة مصر.

السياحة الحرفية تزدهر في القرى المصرية وتجتذب السائحين (صفحة محافظة المنوفية)

ـ الحرانية

قرية نالت شهرتها من عالم صناعة السجاد والكليم اليدوي ذي الجودة العالية، والذي يتم عرضه في بعض المعارض الدولية، حيث يقوم أهالي القرية بنقش كثير من الأشكال على السجاد من وحي الطبيعة الخاصة بالقرية.

والسجاد الذي يصنعه أهالي القرية لا يُضاهيه أي سجاد آخر بسبب عدم استخدام أي مواد صناعية في نسجه؛ حيث يتم الاعتماد فقط على القطن، والصوف، بالإضافة إلى الأصباغ النباتية الطبيعية، من خلال استخدام نباتي الشاي والكركديه وغيرهما في تلوين السجاد، بدلاً من الأصباغ الكيميائية، ما يضفي جمالاً وتناسقاً يفوق ما ينتج عن استخدام الأجهزة الحديثة.

تتبع قرية الحرانية محافظة الجيزة، تحديداً على طريق «سقارة» السياحي، ما يسهل الوصول إليها، وأسهم في جعلها مقصداً لآلاف السائحين العرب والأجانب سنوياً، وذلك بسبب تميُزها، حيث تجتذبهم القرية ليس فقط لشراء السجاد والكليم، بل للتعرف على مراحل صناعتهما المتعددة، وكيف تتناقلها الأجيال عبر القرية، خصوصاً أن عملية صناعة المتر المربع الواحد من السجاد تستغرق ما يقرُب من شهر ونصف الشهر إلى شهرين تقريباً؛ حيث تختلف مدة صناعة السجادة الواحدة حسب أبعادها، كما يختلف سعر المتر الواحد باختلاف نوع السجادة والخامات المستخدمة في صناعتها.

فن النحت باستخدام أحجار الألباستر بمدينة القرنة بمحافظة الأقصر (هيئة تنشيط السياحة)

ـ القراموص

تعد قرية القراموص، التابعة لمحافظة الشرقية، أكبر مركز لصناعة ورق البردي في مصر، بما يُسهم بشكل مباشر في إعادة إحياء التراث الفرعوني، لا سيما أنه لا يوجد حتى الآن مكان بالعالم ينافس قرية القراموص في صناعة أوراق البردي، فهي القرية الوحيدة في العالم التي تعمل بهذه الحرفة من مرحلة الزراعة وحتى خروج المنتج بشكل نهائي، وقد اشتهرت القرية بزراعة نبات البردي والرسم عليه منذ سنوات كثيرة.

الرسوم التي ينقشها فلاحو القرية على ورق البردي لا تقتصر على النقوش الفرعونية فحسب، بل تشمل أيضاً موضوعات أخرى، من أبرزها الخط العربي، والمناظر الطبيعية، مستخدمين التقنيات القديمة التي استخدمها الفراعنة منذ آلاف السنين لصناعة أوراق البردي، حيث تمر صناعة أوراق البردي بعدة مراحل؛ تبدأ بجمع سيقان النبات من المزارع، ثم تقطيعها كي تتحول إلى كُتل، على أن تتحول هذه الكتل إلى مجموعة من الشرائح التي توضع طبقات بعضها فوق بعض، ثم تبدأ عملية تجفيف سيقان النباتات اعتماداً على أشعة الشمس للتخلص من المياه والرطوبة حتى تجف بشكل تام، ثم تتم الكتابة أو الرسم عليها.

وتقصد الأفواج السياحية القرية لمشاهدة حقول نبات البردي أثناء زراعته، وكذلك التعرف على فنون تصنيعه حتى يتحول لأوراق رسم عليها أجمل النقوش الفرعونية.

تبعد القرية نحو 80 كيلومتراً شمال شرقي القاهرة، وتتبع مدينة أبو كبير، ويمكن الوصول إليها بركوب سيارات الأجرة التي تقصد المدينة، ومنها التوجه إلى القرية.

قطع خزفية من انتاج قرية "تونس" بمحافظة الفيوم (هيئة تنشيط السياحة)

ـ النزلة

تُعد إحدى القرى التابعة لمركز يوسف الصديق بمحافظة الفيوم، وتشتهر بصناعة الفخار اليدوي، وقد أضحت قبلة عالمية لتلك الصناعة، ويُطلق على القرية لقب «أم القرى»، انطلاقاً من كونها أقدم القرى بالمحافظة، وتشتهر القرية بصناعة الأواني الفخارية الرائعة التي بدأت مع نشأتها، حيث تُعد هذه الصناعة بمثابة ممارسات عائلية قديمة توارثتها الأجيال منذ عقود طويلة.

يعتمد أهل القرية في صناعتهم لتلك التحف الفخارية النادرة على تجريف الطمي الأسود، ثم إضافة بعض المواد الأخرى عليه، من أبرزها الرماد، وقش الأرز، بالإضافة إلى نشارة الخشب، وبعد الانتهاء من عملية تشكيل الطمي يقوم العاملون بهذه الحرفة من أهالي القرية بوضع الطمي في أفران بدائية الصنع تعتمد في إشعالها بالأساس على الخوص والحطب، ما من شأنه أن يعطي القطع الفخارية الصلابة والمتانة اللازمة، وهي الطرق البدائية التي كان يستخدمها المصري القديم في تشكيل الفخار.

ومن أبرز المنتجات الفخارية بالقرية «الزلعة» التي تستخدم في تخزين الجبن أو المش أو العسل، و«البوكلة» و«الزير» (يستخدمان في تخزين المياه)، بالإضافة إلى «قدرة الفول»، ويتم تصدير المنتجات الفخارية المختلفة التي ينتجها أهالي القرية إلى كثير من الدول الأوروبية.

شهدت القرية قبل سنوات تشييد مركز زوار الحرف التراثية، الذي يضمّ عدداً من القاعات المتحفية، لإبراز أهم منتجات الأهالي من الأواني الفخارية، ومنفذاً للبيع، فضلاً عن توثيق الأعمال الفنية السينمائية التي اتخذت من القرية موقعاً للتصوير، وهو المركز الذي أصبح مزاراً سياحياً مهماً، ومقصداً لهواة الحرف اليدوية على مستوى العالم.

صناعة الصدف والمشغولات تذهر بقرية "ساقية المنقدي" في أحضان دلتا النيل (معرض ديارنا)

ـ تونس

ما زلنا في الفيوم، فمع الاتجاه جنوب غربي القاهرة بنحو 110 كيلومترات، نكون قد وصلنا إلى قرية تونس، تلك اللوحة الطبيعية في أحضان الريف المصري، التي أطلق عليها اسم «سويسرا الشرق»، كونها تعد رمزاً للجمال والفن.

تشتهر منازل القرية بصناعة الخزف، الذي أدخلته الفنانة السويسرية إيفلين بوريه إليها، وأسست مدرسة لتعليمه، تنتج شهرياً ما لا يقل عن 5 آلاف قطعة خزف. ويمكن لزائر القرية أن يشاهد مراحل صناعة الخزف وكذلك الفخار الملون؛ ابتداء من عجن الطينة الأسوانية المستخدمة في تصنيعه إلى مراحل الرسم والتلوين والحرق، سواء في المدرسة أو في منازل القرية، كما يقام في مهرجانات سنوية لمنتجات الخزف والأنواع الأخرى من الفنون اليدوية التي تميز القرية.

ولشهرة القرية أصبحت تجتذب إليها عشرات الزائرين شهرياً من جميع أنحاء العالم، وعلى رأسهم المشاهير والفنانون والكتاب والمبدعون، الذين يجدون فيها مناخاً صحياً للإبداع بفضل طقسها الهادئ البعيد عن صخب وضجيج المدينة، حيث تقع القرية على ربوة عالية ترى بحيرة قارون، مما يتيح متعة مراقبة الطيور على البحيرة، كما تتسم بيوتها بطراز معماري يستخدم الطين والقباب، مما يسمح بأن يظل جوها بارداً طول الصيف ودافئاً في الشتاء.

مشاهدة مراحل صناعة الفخار تجربة فريدة في القرى المصرية (الهيئة العامة للاستعلامات)

ـ ساقية المنقدي

تشتهر قرية ساقية المنقدي، الواقعة في أحضان دلتا النيل بمحافظة المنوفية، بأنها قلعة صناعة الصدف والمشغولات، حيث تكتسب المشغولات الصدفية التي تنتجها شهرة عالمية، بل تعد الممول الرئيسي لمحلات الأنتيكات في مصر، لا سيما في سوق خان الخليلي الشهيرة بالقاهرة التاريخية.

تخصصت القرية في هذه الحرفة قبل نحو 60 عاماً، وتقوم بتصدير منتجاتها من التحف والأنتيكات للخارج، فضلاً عن التوافد عليها من كل مكان لاحتوائها على ما يصل إلى 100 ورشة متخصصة في المشغولات الصدفية، كما تجتذب القرية السائحين لشراء المنتجات والأنتيكات والتحف، بفضل قربها من القاهرة (70 كم إلى الشمال)، ولرخص ثمن المنتجات عن نظيرتها المباعة بالأسواق، إلى جانب القيمة الفنية لها كونها تحظى بجماليات وتشكيلات فنية يغلب عليها الطابع الإسلامي والنباتي والهندسي، حيث يستهويهم التمتع بتشكيل قطعة فنية بشكل احترافي، حيث يأتي أبرزها علب الحفظ مختلفة الأحجام والأشكال، والقطع الفنية الأخرى التي تستخدم في التزيين والديكور.

الحرف التقليدية والصناعات المحلية في مصر تجتذب مختلف الجنسيات (معرض ديارنا)

ـ القرنة

إلى غرب مدينة الأقصر، التي تعد متحفاً مفتوحاً بما تحويه من آثار وكنوز الحضارة الفرعونية، تقبع مدينة القرنة التي تحمل ملمحاً من روح تلك الحضارة، حيث تتخصص في فن النحت باستخدام أحجار الألباستر، وتقديمها بالمستوى البديع نفسه الذي كان يتقنه الفراعنة.

بزيارة القرية فأنت على مشاهد حيّة لأهلها وهم يعكفون على الحفاظ على تراث أجدادهم القدماء، حيث تتوزع المهام فيما بينهم، فمع وصول أحجار الألباستر إليهم بألوانها الأبيض والأخضر والبني، تبدأ مهامهم مع مراحل صناعة القطع والمنحوتات، التي تبدأ بالتقطيع ثم الخراطة والتشطيف للقطع، ثم يمسكون آلات تشكيل الحجر، لتتشكل بين أيديهم القطع وتتحول إلى منحوتات فنية لشخصيات فرعونية شهيرة، مثل توت عنخ آمون، ونفرتيتي، وكذلك التماثيل والأنتيكات وغيرها من التحف الفنية المقلدة، ثم يتم وضع المنتج في الأفران لكي يصبح أكثر صلابة، والخطوة الأخيرة عملية التلميع، ليصبح المنتج جاهزاً للعرض.

ويحرص كثير من السائحين القادمين لزيارة المقاصد الأثرية والسياحية للأقصر على زيارة القرنة، سواء لشراء التماثيل والمنحوتات من المعارض والبازارات كهدايا تذكارية، أو التوجه إلى الورش المتخصصة التي تنتشر بالقرية، لمشاهدة مراحل التصنيع، ورؤية العمال المهرة الذين يشكلون هذه القطع باستخدام الشاكوش والأزميل والمبرد، إذ يعمل جلّ شباب القرية في هذه الحرفة اليدوية.