رحلة بالقطار إلى أومبريا «قلب إيطاليا الأخضر»

إقليم الكمأ والجبن وزيت الزيتون

أومبريا إقليم الساحات والكاتدرائيات (نيويورك تايمز)
أومبريا إقليم الساحات والكاتدرائيات (نيويورك تايمز)
TT

رحلة بالقطار إلى أومبريا «قلب إيطاليا الأخضر»

أومبريا إقليم الساحات والكاتدرائيات (نيويورك تايمز)
أومبريا إقليم الساحات والكاتدرائيات (نيويورك تايمز)

يُعرف إقليم أومبريا الحبيس، الذي يطلق على نفسه «قلب إيطاليا الأخضر»، بالكمأ وزيت الزيتون والجبن، كما أن لديه ثروات ثقافية هائلة، والتي يوجد الكثير منها في البلدات الواقعة على التلال هناك مثل أورفيتو وبيروغيا وأسيزي.

لدى ثلاث مدن واقعة فوق التلال في هذه المنطقة الحبيسة ثروات ثقافية ومأكولات شهية ومناظر خلابة، إليك كيفية الوصول إليهم من روما وفلورنسا.

أومبريا إقليم شهير بالكاتدرائيات والمباني التاريخية (نيويورك تايمز)

ويمكنك الاستمتاع بالنقوش وفن الفسيفساء الرائع الموجود على واجهة كاتدرائية أورفيتو الشهيرة التي تعود للقرون الوسطى، ومشاهدة اللوحات الجدارية المذهلة للرسام الإيطالي الشهير جيوتو دي بوندوني المذهلة في بازيليك سان فرنسيسكو (كاتدرائية سان فرنسيسكو) في أسيزي واستكشاف معرض أومبريا الوطني في بيروغيا والذي يحتوي على أعمال فنية تعود إلى القرن الثالث عشر.

ويمكنك الوصول بسهولة إلى الكنوز الثقافية والأكلات الشهية الموجودة في هذه المنطقة بالقطار من مدينة روما، التي تقع إلى جنوب الإقليم مباشرة، أو من فلورنسا الواقعة في الشمال.

وفي حال رغبت في الذهاب إلى هناك من روما، فإن مدينة أورفيتو تعدّ نقطة انطلاق مثالية، فهي تقع على بُعد ما يزيد قليلاً على ساعة عن الإقليم، مع توفر قطار كل ساعة تقريباً، في حين يغادر البعض من محطة تيرميني الرئيسية، ويغادر آخرون من محطة تيبورتينا الضخمة متعددة الطوابق، التي يسهل الوصول إليها من خلال استخدام مترو أنفاق روما.

وعادةً ما تبلغ التكلفة ما بين 9 يورو (نحو 10 دولارات) و17 يورو (نحو 18.50 دولاراً) للتذكرة الواحدة، أما من فلورنسا، فعليك أن تقوم بالرحلة في الاتجاه المعاكس، بدءاً من المدن الواقعة في الشمال مثل أسيزي وبيروجيا، ثم ستستمر إلى أورفيتو، والتي يمكنك الذهاب منها بسهولة إلى روما.

شوكولاتة باشي انطلقت من إقليم أومبريا (نيويورك تايمز)

وبسبب موقع إقليم أومبريا فوق التلال، فإنك ستحتاج أثناء زيارة كل مدينة فيه إلى صعود التل من محطة القطار، وقد حلّت كل مدينة هناك هذه المشكلة بطريقة مختلفة بعض الشيء، ففي أورفيتو، سيأخذك قطار جبلي (تكلفة التذكرة 1.3 يورو) إلى داخل المدينة، التي تقع على جرف صخري، وتطل على الوادي الأخضر المحيط والتلال البعيدة.

وفوق أعلى نقطة في مدينة أورفيتو تقع أبراج الكاتدرائية الضخمة، والتي تم تشييدها على مدى قرون عدة، ابتداءً من عام 1290م، لإحياء ذكرى معجزة محلية تتعلق بنزيف كاهن في بلدة بولسينا القريبة في 1263م، وما زال القماش الملطخ بالدماء موجوداً داخل الكاتدرائية حتى اليوم.

وبعد أن تتجول في شوارع هذه المدينة الخلابة، يمكنك العودة إلى الطبيعة الساحرة الواقعة بالقرب من المكان الذي نزلت فيه من القطار الجبلي؛ إذ يمكنك الاستمتاع هناك بمشاهدة المناظر الطبيعية الخلابة للتلال والوديان، ثم يمكنك الذهاب لزيارة «Pozzo di San Patrizio» أو بئر القديس باتريك، ففي عام 1527، بعد نهب روما العنيف، عندما نهبت جيوش الإمبراطور الروماني المقدس شارل الخامس المدينة، لجأ البابا كليمنت السابع إلى أورفيتو، التي كانت جزءاً من دولته البابوية، ولأنه أراد أن تكون المدينة جاهزة لتحمّل الحصار، فقد تم تصميم بئر بعمق 53 متراً من قِبل المهندس المعماري الفلورنسي أنطونيو دا سانغالو الأصغر (الذي عمل أيضاً في كنيسة القديس بطرس في روما)، مع درجين منفصلين، يحتوي كل منهما على 248 درجة، ويتم لفهما معاً في شكل حلزون مزدوج؛ إذ كانت تستطيع الحمير أن تنزل أحد الدرجين من أجل حمل الماء ثم تعود إلى الخارج عن طريق الدرج الآخر، وتسمح لك التذكرة (تبلغ تكلفتها 5 يورو) بالسير إلى أسفل البئر ومشاهدة تفاصيله المعمارية وتجربة الضوء المخيف هناك، الذي يتلاشى أثناء نزولك على الدرج ثم يعود ببطء بينما تعود إلى الخارج عن طريق الدرج الآخر.

ويستغرق القطار من أورفيتو إلى بيروغيا نحو ساعتين، بما في ذلك محطة تغيير عربة القطار في تيرونتولا كورتونا، ومن محطة قطار بيروغيا، يمكن عبور الميدان واستقلال قطار صغير (تكلفة التذكرة 1.5 يورو)، حيث تضعك محطة بينشيتو في قلب المركز التاريخي لمدينة بيروجيا، المُطلّة على التلال والوديان المحيطة.

وعند ذهابك إلى هناك، فإنك ستصبح قريباً جداً من ميدان الرابع من نوفمبر والكاتدرائية ونافورة ماجيوري، وهي نافورة من القرون الوسطى تضم حوضين رائعين من الرخام الوردي والأبيض، أحدهما داخل الآخر، محاطين ببلاط رخامي منحوت يمثل أشهر السنة والأبراج.

ومن المحتمل أيضاً أن ترى الكثير من الطلاب هناك؛ وذلك لأن بيروجيا باتت مدينة جامعية منذ عام 1308م، فقد كان سيزار بورجيا الشهير طالباً في جامعة بيروجيا في أواخر القرن الخامس عشر، وكان يلعب دوراً رئيسياً في توسيع سُلطة الحكومة البابوية خلال عصر النهضة، حيث قاتلت قوات الدولة البابوية الدول الفردية للمدن؛ ولهذا السبب تمكن كليمنت السابع من اللجوء إلى أورفيتو (وبناء البئر)، وبحلول ذلك الوقت، حكم الباباوات مدينة أومبريا، واستمروا في ذلك حتى توحيد إيطاليا في القرن التاسع عشر.

وسيمكنك أيضاً رؤية متاجر الشوكولاتة في الميدان هناك، وفي جميع أنحاء المدينة، كما يمكنك زيارة مصنع شوكولاتة «بيروغينا» الذي يقع على بُعد بضع كيلومترات؛ إذ تشتهر بيروجيا بالشوكولاتة، ولا سيما الشوكولاتة بالبندق التي تنتجها شركة «Baci» الشهيرة.

ولتناول وجبة غداء سريعة وممتازة هناك، يمكنك شراء خبز البانيني وأطباق اللحوم الباردة المحلية والأجبان المتاحة في متجر «Mr. Norcy» (تكلفة الغداء 10 يوروات أو أقل).

وفي زيارة حديثة إلى هناك، رأيت أطول طابور في المدينة موجود أمام مطعم «Antica Porchetteria Granieri» الذي يقدم الشطائر منذ عام 1916 في ميدان جياكومو ماتيوتي؛ إذ يقدم الشيف هناك شطائر اللحم يبلغ طولها نحو ستة أقدام (55 سنتيمتراً).

ومن بيروجيا، تستغرق الرحلة نحو 20 دقيقة بالقطار إلى أسيزي (تبلغ تكلفة التذكرة من 3 إلى 5.25 يورو)، ومن أجل صعود التل هناك والذهاب إلى وسط المدينة، يمكنك أن تستقل إحدى الحافلات التي تتواجد أمام محطة القطار.

وتتمثل إحدى ميزات المبيت في مدينة أسيزي في أنه يمكنك تجنب الزحام الشديد والتواجد في كاتدرائية سان فرنسيسكو في الصباح الباكر (يفتح المكان أبوابه للزوار في الساعة 6 صباحاً).

وتعدّ هذه الكاتدرائية إحدى أعظم المعالم الفنية في إيطاليا، كما أنها أيضاً وجهة رئيسية للجولات الدينية والحج؛ إذ يبدأ مسار الحج في توسكانا، ويتركز في أسيزي، ثم ينتقل إلى روما، وهي المسافة التي تبلغ نحو 300 ميل مجتمعة، ونظراً لحب القديسين هناك الشديد للحيوانات، فإنه يتم تشجيع الحجاج على جلب كلابهم معهم، والذين يتم استضافتهم بشكل جيد في أسيزي أيضاً، في منطقة خاصة بالقرب من الكاتدرائية.

الساحة الرئيسة في بيروجيا (نيويورك تايمز)

ويوجد هناك أيضاً قبر القديس فرنسيس، الذي عاش في الفترة من 1181م إلى 1226م، والذي أصبح قديساً بعد عامين من وفاته، وهو أيضاً الوقت الذي بدأ فيه بناء الكنيسة، وقد وُلِد فرنسيس ابناً لتاجر ثري في أسيزي، وكرّس نفسه للدين، ولا يزال شخصية محبوبة للغاية هناك.

وتوجد في الكنيسة السفلية لوحات جدارية لسيمون مارتيني وبييترو لورينزيتي والكثير منهم لجيوتو ومدرسته الفنية؛ ولذا عليك التأكد من أن يكون برفقتك أحد المرشدين السياحيين لمساعدتك في فك رموز اللوحات الجدارية الأربعة الموجودة في القبو، وهي من أعمال جيوتو وأحد أتباعه المقربين، والتي تقدم صورة للقديسين في مجدهم، فضلاً عن رموز الفضائل الفرنسيسكانية الثلاث.

أين تأكل؟

تعدّ أسيزي مدينة ساحرة لتناول الطعام أيضاً؛ إذ ينبغي عليك تجربة تناول الطعام في شرفة حديقة مطعم «بوكا دي سان فرنشيسكو» الرائع، والذي يقع داخل أحد المباني القديمة الجميلة، ويقدم أطباق مثل السباغيتي ألا بوكا، والمعكرونة محلية الصنع مع الفطر واللحوم والأعشاب، أو كارلاشيا، وهو عبارة عن كريب مخبوز مع الجبن ولحم بروسكيوتو ولحم العجل (تكلفة العشاء نحو 35 إلى 40 يورو).

يشتهر إقليم أومبريا بمطاعمه الجميلة (نيويورك تايمز)

ويمكنك أيضاً تناول الطعام في « Osteria da Santu Mangionedraws» وهو مطعم غير رسمي يقع داخل مزرعة (سيخبرك مالكها باسم الخنزير الذي تم تصنيع النقانق من لحمه)، ولديه بعض الطاولات الرائعة الموجودة في الهواء الطلق والتي يمكنك من خلالها الاستمتاع بالنظر إلى مباني المدينة القديمة والوادي الواقع أسفلها (تكلفة الغداء هناك نحو 20 يورو).

خدمة «نيويورك تايمز»


مقالات ذات صلة

متى وكيف تحجز أرخص تذاكر طيران ومقعد في درجة رجال الأعمال بأقل سعر؟

سفر وسياحة متى وكيف تحجز أرخص تذاكر طيران ومقعد في درجة رجال الأعمال بأقل سعر؟

متى وكيف تحجز أرخص تذاكر طيران ومقعد في درجة رجال الأعمال بأقل سعر؟

هذا الصيف، يتجه الجميع للاستمتاع بالاستجمام على شاطئ البحر، أو مطاردة سحر عواصم العالم المختلفة، أو مجرد الاسترخاء في وجهات مريحة

«الشرق الأوسط» (لندن)
عالم الاعمال «ساوث ميد - طلعت مصطفى» رفاهية وفخامة في أكبر مارينا عالمية

«ساوث ميد - طلعت مصطفى» رفاهية وفخامة في أكبر مارينا عالمية

يمتلك مشروع «ساوث ميد» - أحدث مشروعات «مجموعة طلعت مصطفى» بالساحل الشمالي الغربي لمصر - كل المقومات اللازمة ليصبح وجهة عالمية جديدة بجنوب البحر المتوسط.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
يوميات الشرق السفر مع أفراد العائلة يمكن أن يكون أمراً صعباً بشكل خاص (رويترز)

لإجازة عائلية من دون مشكلات... ضع 7 حدود قبل السفر وخلاله

حتى أجمل التجارب في الأماكن الخلابة يمكن أن تنهار أمام الخلافات العائلية.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
سفر وسياحة المدينة القديمة في ميكونوس الأكثر زحمة في الجزيرة (شاترستوك)

ميكونوس... جزيرة ترقص مع الريح

بعد أيام من الراحة والاستجمام في سانتوريني، جزيرة الرومانسية والهدوء والتأمل، أكملنا مشوارنا في التنقل ما بين أجمل جزر اليونان، واخترنا ميكونوس.

جوسلين إيليا (ميكونوس-اليونان)
العالم جواز سفر سنغافوري (أ.ف.ب)

سنغافورة تُتوج بلقب صاحبة أقوى جواز سفر في العالم

تفوقت سنغافورة على فرنسا وألمانيا وإيطاليا وإسبانيا لتصبح صاحبة أقوى جواز سفر في العالم حيث يمكن لحاملي جواز سفر سنغافوري دخول 195 دولة دون تأشيرة دخول.

«الشرق الأوسط» (سنغافورة)

ستيفاني قبلان تروّج للبنان عبر لهجات مناطقه

تُلاقي تفاعلاً ملحوظاً من أهالي المناطق (الشرق الأوسط)
تُلاقي تفاعلاً ملحوظاً من أهالي المناطق (الشرق الأوسط)
TT

ستيفاني قبلان تروّج للبنان عبر لهجات مناطقه

تُلاقي تفاعلاً ملحوظاً من أهالي المناطق (الشرق الأوسط)
تُلاقي تفاعلاً ملحوظاً من أهالي المناطق (الشرق الأوسط)

يحتار «البلوغرز» والمدوّنون، عبر وسائل التواصل الاجتماعي، أي موضوعات عليهم مقاربتها لاستقطاب متابعين لهم. وغالباً ما تأتي الأفكار متشابهة. ولكن المخرجة اللبنانية ستيفاني قبلان عرفت كيف تنطلق في هذا الإطار، واختارت الإضاءة على لهجات المناطق اللبنانية بوصفها محتوى لمنشوراتها الإلكترونية. ومنذ إطلالتها الأولى عبر حساباتها على «تيك توك» و«إنستغرام» و«فيسبوك» حصدت النجاح. نجاح لم يقتصر على متابعيها من لبنانيين، وإنما شمل بلداناً عربية وغربية، أعجب المقيمين فيها بسبب المحتوى المرتبط بالجذور. فاللهجات كما اللغات تحيي تراث الأوطان وتقاليدها. ومن هذا الباب بالذات، تفاعل متابعو ستيفاني معها؛ إذ راح كل منهم يطالبها بزيارة بلدتهم أو بلادهم.

كل ينتمي إلى مكان ما يحمل خصوصية في عاداته وتقاليده. وتشكل اللهجة التي يتحدثون بها علامة فارقة لهم، فتشير إلى انتمائهم بوضوح مطبقين من خلالها مقولة «من لهجتهم تعرفونهم».

تُلاقي تفاعلاً ملحوظاً من أهالي المناطق (الشرق الأوسط)

استهلت قبلان مشوارها هذا من عقر دارها مدينة البترون. هذه البلدة التي تشكل مسقط رأسها تتمتع بلهجة شمالية مشهورة بها. وتقول لـ«الشرق الأوسط»: «أهل البترون يحشرون حرف الشين في كل كلمة ينطقون بها. (أيش) و(ليش) و(معليش) و(أبعرفش) و(أبديش) وغيرها. ولكل منطقة مصطلحات خاصة تُعرف بها. فإذا أخذنا كلمة طاولة نجدها بعدة نسخ: (سكملة) و(وقافة) و(ترابيزة)، حتى الساندويتش له أسماء مختلفة كـ(لفافة) و(عروس) و(لقمة). جذبتني هذه اللهجات وقررت أن أغوص فيها من باب الإضاءة عليها».

تعد ستيفاني ما تقوم به جسر تواصل بين مختلف بلدات لبنان ومدنه. وكذلك وسيلة لتعريف جيل الشباب إلى أصولهم وتقاليدهم. فجولاتها لم تقتصر فقط على مدينة البترون وإنما طالت قراها وجرودها. وزارت مناطق أخرى تقع في جنوب لبنان مثل مدينة جزين. تروي لـ«الشرق الأوسط» كيف اختارت هذا المحتوى. فهي إضافة إلى شغفها بالإخراج كانت تتمنى لو درست الترجمة. تجيد التكلم بخمس لغات، وفي الوقت نفسه تحب اكتشاف لهجات موطنها. «هذا المجال واسع جداً ويتعلق بالتاريخ والجغرافيا لكل منطقة. هناك احتلالات وانتدابات شهدها لبنان، أثرت في لهجات مناطقه وعلى عادات أهله. وعندما نتعمّق في هذا الموضوع يصبح الأمر بمثابة متعة. فلا أشبع من البحث عن قاموس كل بلدة ومصطلحاتها الخاصة بكلمات تستخدمها في أحاديثها».

تسير ستيفاني في شوارع مدينتها التي تعج بسيّاح عرب وأجانب. وكذلك بزوّار من المنطقة وجوارها، خصوصاً من بيروت. وأول سؤال تطرحه على الزائر «إنت من وين؟»، ومن هناك تنطلق بتحضير محتواها الإلكتروني. وتعلّق لـ«الشرق الأوسط»: «أحب هذا التفاعل المباشر مع الناس. واكتشاف لهجتهم أمر يعنيني كثيراً؛ لأنني أتوق إلى التعرف على لبنان بأكمله».

عندما تلتقي زائراً غير لبناني يأخذ الحديث معه منحى آخر. «أحيانا أستوقف شخصاً من الأردن أو مصر أو العراق. وبالصدفة أدرك أنه غير لبناني ونبدأ معاً في التكلم عن لهجته. وتفاجأت بوجود كلمات متشابهة نستخدمها جميعاً في بلداننا العربية. فكلمة (ليش) رائجة جداً في المنطقة العربية. وكل منا يلفظها على طريقته».

توقع ستيفاني كل منشور لها بكلمة «وهيك». فصارت بمثابة «توقيع» خاص بفيديوهات مصورة تختتمها بها. كما عمدت إلى طبع سلسلة قمصان قطنية تحمل هذه الكلمة وغيرها من عبارات بترونية مثل «أيش في». «انطلقت في هذه الخطوة من باب تحقيق انتشار أوسع للهجاتنا اللبنانية، وأطلقت عليها اسم (كلمات)». من تصميمها وتوقيعها باتت هذه القمصان تطلب من مدن لبنانية وعربية. وتتابع: «في إحدى المرات ارتديت قميصاً كتب عليه عبارة (وهيك). فوصلتني مئات الرسائل تطالبني بواحدة منها. من هناك بدأت هذه الفكرة تشق طريقها ولاقت تجاوباً كبيراً من متابعيَّ».

عبارة «أيش ما أيش؟» مشهورة في البترون (الشرق الأوسط)

وتخطط ستيفاني حالياً لتوسيع فكرة محتواها؛ ليشمل التقاليد العريقة.

«لقد جسست النبض حول هذا الموضوع في مناسبة عيد الفطر وأعياد رأس السنة وغيرها، وتفاعل معي المتابعون من خلال تعريفي على عبارات يستخدمونها للتهنئة بهذه المناسبات. وأفكر في توسيع نشاطاتي لأقف على عادات وتراث بلدي وغيره».

في المخابز والمقاهي، كما على الطرق وفي الأزقة والأحياء الشعبية، تتنقل ستيفاني قبلان. تحمل جهازها الخلوي وتسجل أحاديث لأهل بلدة معينة. تبدأ بسؤال «شو أشهر الكلمات عندكم؟»، وتوضح: «الجميل في الموضوع أن الناس تحب التحدث معي في هذا الإطار. وهو ما أكد لي نظريتي أن الشعب اللبناني محب وقريب إلى القلب. ومهما اختلف موقع البلدة، بعيدة كانت أو قريبة، فالجميع يكون مرحباً ومضيافاً، ويتفاعل بسرعة بعرض لهجته».

تفكر ستيفاني بتوسيع محتوى صفحاتها الإلكترونية ليشمل بلداناً عربية (الشرق الأوسط)

تشير ستيفاني إلى أن هذا المحتوى يزوّدها بثقافة لبنانية لم تكن تتوقعها. «تخيلي أن لبنان مع كل صغر مساحته يملك هذا الكمّ من اللهجات المختلفة. وبعض بلداته تتمسّك باستعمال كلمات قديمة ورثها أباً عن جد، كي يكمل مشوار اللهجات هذا. إنه أمر رائع أن أكتشف كل هذا الحب للبنان من أبنائه. فأسعد بالتحدث معهم، وعلينا أن نكون فخورين بلهجاتنا ونعمل على الحفاظ عليها دائماً».