كشمير... لقبها «الجنة على الأرض» وطبيعتها شاهدة على ذلك

دليلك إلى أهم ما يمكنك القيام به فيها

قوارب صغيرة ملونة تأخذك في نزهات فريدة بين أحضان الجبال (شاتر ستوك)
قوارب صغيرة ملونة تأخذك في نزهات فريدة بين أحضان الجبال (شاتر ستوك)
TT

كشمير... لقبها «الجنة على الأرض» وطبيعتها شاهدة على ذلك

قوارب صغيرة ملونة تأخذك في نزهات فريدة بين أحضان الجبال (شاتر ستوك)
قوارب صغيرة ملونة تأخذك في نزهات فريدة بين أحضان الجبال (شاتر ستوك)

استقبلت كشمير الخلابة، قمة السياحة الشهيرة لـ«مجموعة العشرين» للمرة الأولى في تاريخها. وكان لهذا الحدث، الذي عُقد في الأسبوع الأخير من مايو (أيار) على ضفاف بحيرة «دال» الشهيرة في سريناغار، تأثير إيجابي في قطاعي السياحة والتجارة في المنطقة.

نظراً لأن هذا الحدث العالمي يمثل دفعاً مهماً للسياحة، سنركز على بعض النشاطات المهمة التي تقدمها «الجنة على الأرض» للسياح؛ بسبب مناظرها الجميلة وصفائها ومشاهدها الخلابة. ربما يكون الصيف أو الشتاء هو ما يخبئ شيئاً للزائرين في كل موسم لأنه لدى كشمير الكثير لتقدمه. إذا كنتم تخططون لزيارة هذه البقعة الرائعة، فقد أعددنا قائمة بأفضل الأشياء التي يمكن فعلها، وأفضل التجارب التي يمكن مشاهدتها عندما تزورون كشمير.

طبيعة خلابة تجذب السائحين الباحثين عن الهدوء والراحة (شاتر ستوك)

 

رحلة «قارب شيكارا» في بحيرة «دال»

ما أن يصل المرء إلى سريناغار لا يكون خط سير الرحلة كاملاً من دون رحلة شيكارا.

«شيكارا» هو نوع تقليدي من زوارق التجديف الخفيفة من طراز «غوندولا» التي تُشاهد في الغالب تجوب مياه بحيرة «دال» الصافية، باستثناء البحيرات الأخرى. إنه أحد أكثر المظاهر إثارة للإعجاب والاسترخاء للعطلة في كشمير، ويجب إدراجه في برنامج رحلتك إن كنت ترغب في تجربة الجمال السريالي لهذه المنطقة على وجهها الأكمل. يعتبر «قارب شيكارا» رمزاً ثقافياً، إضافة إلى المنازل العائمة في البحيرة.

واحدة من أجمل اللحظات لكل سائح، حيث يمكنك أن تشعر بالاسترخاء، وشهود مجد الطبيعة، ونمط الحياة الكشميرية، والأسواق العائمة، ومجموعة متنوعة من الزهور. الإبحار وسط المياه الزرقاء الصافية يمنحك شعوراً رائعاً بأنك سوف ترغب في زيارة هذا المكان مراراً وتكراراً.

أشهر مكان في وادي كشمير، حيث يمكنك الاستمتاع بركوب «قارب شيكارا» هو بحيرة «دال» الرائعة، بمناظرها البديعة ومحيطها الرائع. كما أن بحيرة «نيغين» مميزة كذلك للاستمتاع بالركوب على متن القارب. إنها أكثر هدوءاً، وسكينة، وتحيط بها قمم مكللة بالثلوج، وتنقلكم إلى مناظر فاتنة من شروق الشمس وغروبها.

 

المنازل العائمة في كشمير

كلما كان هناك ذكر لكشمير، لا يمكن للمرء إلا أن يفكر في «قوارب شيكارا» والمنازل العائمة الملونة على البحيرات المتلألئة. إنه حلم كل سائح في كشمير أن يقضي يومين في أحد المنازل العائمة في بحيرة «دال».

توفر المنازل العائمة في كشمير خياراً فريداً للبقاء. تعد جولات المنازل العائمة، الراسية على ضفاف بحيرتي سريناغار الجميلتين: (دال ونيغين)، مثالية لسياح العطلات العائلية، وللأزواج في شهر العسل، إضافة إلى المسافرين المنفردين. ويمكن للسياح أيضاً الاستمتاع بالتسوّق في المنازل العائمة، إذ يطوف عديد من البائعين حول هذه المنازل العائمة، ويبيعون كل شيء من الحرف اليدوية الكشميرية، إلى الأطباق المشوية.

تكمن أصول المنازل العائمة ضمن فصول من تاريخ كشمير. يُقال إن الملوك الأصليين منعوا الزوار الأجانب، لا سيما البريطانيين، من بناء المنازل في المنطقة، الأمر الذي أدى إلى نشوء مفهوم «المنزل العائم».

تُصنع المنازل العائمة في كشمير من خشب الأرز الذي يبقى صحياً حتى بعد بقائه لسنوات في المياه.

الميزة الرئيسية داخل المنازل العائمة هي ألواح الخشب المنحوتة.

هذه تجربة لا تتكرر إلا مرة واحدة في العمر، ويمكنك بالفعل التطلع إلى رحلة لا تُنسى في أحد تلك القوارب الملونة.

تشتهر كشمير بطبيعتها الخلابة (شاتر ستوك)

رحلة تلفريك غوندولا

ركوب تلفريك، هو أحد أكثر الأشياء إثارة وإمتاعاً في كشمير.

يعتبر «غولمارغ غوندولا»، ثاني أكبر وأعلى مشروع للتلفريك في آسيا، وثاني أكبر مشروع للتلفريك في العالم، وهو أكبر معلم من معالم الجذب في غولمارغ. والمناظر الخلابة للجبال والوادي أثناء ركوب التلفريك لا مثيل لها ولا تُنسى.

بينما تتنقلون في التلفريك المبجل، سوف تشاهدون بعضاً من أجمل المناظر البانورامية للمنطقة المحيطة من أعلى. واستناداً إلى وقت زيارتكم، يمكن أن تشمل هذه المشاهد حقولاً خضراء شاسعة، وتضاريس صخرية، وأشجار الصنوبر الخضراء الطويلة، والجبال المكسوة بالثلوج، ومنحدرات مغطاة بالثلوج، وغير ذلك الكثير.

 

الطيران المظلي والتزلج

بالنسبة لمدمني الأدرينالين جميعهم، تقدّم كشمير مجموعة متنوعة من الأنشطة الرياضية الجوية. يُعد الطيران المظلي والتزلج من أشهر الأنشطة الرياضية الجوية التي تُقدمها كشمير. إن المنظر الفريد للأودية الخضراء يجعل من التحليق المظلي أحد أكثر الأمور إثارة للاهتمام في كشمير.

التزلج في غولمارغ يجلب لك السعادة، والمتعة، والمغامرة، والطبيعة. يعتبر غولمارغ، الواقعة على مسافة 56 كيلومتراً جنوب سريناغار، وتوفر المنحدرات الطبيعية، والمنحدرات الثلجية، والثلوج، والغوندولا، منتجع التزلج الرئيسي في البلاد ومقصداً سياحياً شتوياً شهيراً.

 

رياضة الغولف

هنالك ميزة جميلة أخرى لوادي كشمير الرائع، ألا وهي رياضة الغولف على ارتفاعات عالية وأخرى منخفضة.

يوجد في كشمير بعض أجمل ملاعب الغولف القياسية. وتشتهر هذه المتنزهات بشعبية كبيرة بين السكان المحليين والسياح أيضاً. والمتنزهات على الطراز الدولي. وتفخر كشمير بأعلى ملعب للغولف الذي يضم 18 حفرة في العالم في غولمارغ. كما توجد ملاعب غولف في سريناغار وباهالغام أيضاً. ممارسة الغولف في وادي كشمير بين أحضان الطبيعة الرائعة هي تجربة ممتازة.

بحلول فصل الصيف، تنشط نوادي الغولف في كشمير مع اللاعبين المتلهفين إلى الانطلاق بعد سكون الشتاء. دخل الغولف إلى جامو وكشمير من قبل البريطانيين على الأرجح في أواخر القرن التاسع عشر.

بحسب أغلب السجلات، أُقيم أول ملعب للغولف في غولمارغ (على مسافة نحو 52 كيلومتراً على الطريق من سريناغار)، في وقت ما بين 1890 - 1891 بواسطة العقيد نيفيل تشامبرلين. ويقع على ارتفاع 2650 متراً، وهو أعلى ملعب غولف أخضر في أي مكان في العالم. وتصميم الملعب أيضاً مختلف بشكل لافت للنظر عن معظم ملاعب الغولف الأخرى - المنحدرات الأرضية على طول المنطقة الكاملة من الملعب، وهو ملعب بمعيار (72). إن كنت تخطط لممارسة الغولف بصورة منتظمة خلال فترة إقامتك في كشمير، فمن الممكن الحصول على عضوية مؤقتة، التي سوف تسهّل لك استخدام الملعب طوال فترة وجودك هناك.

 

رحلات السفاري البرية

رحلات السفاري في كشمير مهمة تتطلب توافر الخرائط لعديد من المستكشفين ممن يبحثون عن وجهات جديدة بعيدة عن متناول السياحة. إن الوصول إلى حافة القمم الشاهقة في سلسلة جبال «بير بانجال» و«كاراكورام» هي طريقة ممتازة للتعرف أكثر بالقمم الشامخة. إن وادي كشمير الهادئ المحاط بجبال الهيمالايا العظمى يعد موطناً لأناس يقطنون الجبال مثل البدو. ورحلات السفاري في كشمير مثيرة للغاية بقدر ما هي تحدٍ هائل.

 

مسيرة سريناغار التراثية القديمة

يقولون، امشِ أكثر لتعرف أكثر. ويصدق القول نفسه على سريناغار. التنزه في الشوارع من بين أفضل الأمور التي يتعين ممارستها في سريناغار. مع بعض الأبنية التي يزيد عمرها على 4 قرون، والحدائق التي لا يقل وصفها عن الجنة، والمدينة تتميز بالعمارة التي تتأثر بثلاثة أنماط مختلفة، وثلاث ديانات مختلفة. يعد السير عبر البلدة القديمة أحد الأشياء الهادئة التي يجب القيام بها في كشمير. زوروا الأبنية الرائعة بما فيها جامع مسجد الذي يضم 370 عموداً مصنوعاً من شجرة القيقب. تجول عبر أزقة سريناغار القديمة التي تحتوي على أسواق قديمة تبيع التوابل والفاكهة الجافة والخيوط.

 

جولة الحياة البرية

تُزين الجبال المغطاة بالثلوج والغابات الكثيفة في جامو وكشمير بعضاً من أروع وأندر أنواع النباتات والحيوانات. أفضل حماية برية ضمن حدود أكثر من 7 محميات للحياة البرية والمتنزهات الوطنية في جامو وكشمير، يمكنك استكشاف هذه الأنواع من الحياة البرية بزيارة أي من هذه الأماكن بما في ذلك حديقة «هيميس» الوطنية، وحديقة «كيشتوار» الوطنية، وحديقة «داشيغام» الوطنية، وحديقة «كازيناغ» الوطنية، وحديقة «سليم علي» الوطنية.

النمر الثلجي، وغزال المسك، والدب البني، وسنجاب المرموط، والثعلب الأحمر، ودب الهيمالايا الأسود، والعقبان الذهبية، وطائر المنول البهي، ونسور الغريفون، هي من بعض الأنواع النادرة الموجودة في هذه المنطقة.

 

المطبخ الكشميري

كما هي الحال في أي وجهة أخرى في أنحاء العالم جميعها، فإن تجربة المطبخ المحلي من أهم الأشياء التي ينبغي فعلها في كشمير. وكشمير هي جنة للطعام، وليس فقط من حيث المناظر الطبيعية. رحلة الطعام في كشمير هي تجربة لا بد من ممارستها مع الأطعمة الشهية المحلية التي ستأخذك في رحلة متنوعة وممتعة مدى الحياة.

يمكنك العثور على التأثيرات المغولية والعربية هنا أيضاً مع التأثيرات المحلية.

يجب أن يكون «روغان جوش» أول طبق يتبادر إلى الذهن عند التفكير في المطبخ الكشميري. وهو عبارة عن كاري لحم الضأن لذيذ المذاق، المصنوع بمزيج من التوابل والزبادي والبصل المحمر.

يعتبر «غوشتابا» من الأطعمة الفاخرة التقليدية ذات النكهة الراقية الذي نشأ بوصفه طبقاً للملوك. نتيجة لذلك، يُجهز فقط في منازل كشمير في المناسبات الملكية. إنه بالأساس عبارة عن كرات لحم الضأن المفرومة والمطهية في مرق اللبن مع مجموعة متنوعة من التوابل. يمكن أن تجعلك النكهات المغرية ترغب في تناول أكثر من وجبة واحدة.

يُستخدم الزبادي في كثير من الأطعمة الكشميرية، ولا يستثنى من ذلك «يخني الضأن بالكاري»، الاسم المعروف جيداً في الطعام الكشميري التقليدي. ويُحضر لحم الضأن في مرق مصنوع من الزبادي، وأزهار الماوال، ومعجون البصل، وأوراق النعناع الجافة. سوف تجعلك رائحة الهيل الأسود والأخضر، إضافة إلى الشمر، تتوق إلى الطعام فوراً.

إن كنت تعتقد بأنه لا يوجد ما يكفي من الأطباق النباتية في المطبخ الكشميري، فأنت مخطئ. «ليدر تشامان» هو جبن كشميري مطبوخ في مرق كريمي غني. والجبن القريش والصلصة في كشمير كلاهما باللون الأصفر. يمكنك العثور على هذا الطبق في كل منزل تقريباً. وحتى غير النباتيين لن يتمكنوا من مقاومة هذا الطعم التقليدي الرائع. وهو بلا شك أكثر الأطعمة النباتية شعبية في كشمير.

«الكافا» هو مشروب مشهور في أنحاء كشمير جميعها. وهو شاي عشبي أخضر منقوع في الزعفران مع اللوز والجوز. ويمكن تناوله في أي وقت، وهناك 20 نوعاً مختلفاً منه. وبعض الناس يفضلون إضافة الحليب إليه. ويُعرف أيضاً باسم «موغال تشاي» في بعض القرى والمناطق.

 

التسوق

يُعد التسوق أحد أكثر الأمور شيوعاً في كشمير. وأنا لا أعني فقط التحف والتذكارات الأخرى. إذ يمكن للسياح هنا التسوق لشراء ملابس يدوية كشميرية فاخرة، وشالات الباشمينا، وأدوات نحاسية قديمة مثل الساموفار (وعاء إعداد الشاي)، وسجاد «النامدا» المنسوج يدوياً، وملابس «فيرين» المحلية، وحجر زفير «دودا» الكشميري باهظ الثمن. ثم هنالك الزهور، والفواكه، والخضراوات التي تُباع في «زوارق شيكارا» في بحيرة «دال». وأكثر مما تشتريه، فإن طريقة الشراء هي السبب في إثارتك ومتعتك هنا.


مقالات ذات صلة

جولة على أجمل أسواق العيد في ألمانيا

سفر وسياحة أسواق العيد في ميونخ (الشرق الاوسط)

جولة على أجمل أسواق العيد في ألمانيا

الأسواق المفتوحة تجسد روح موسم الأعياد في ألمانيا؛ حيث تشكل الساحات التي تعود إلى العصور الوسطى والشوارع المرصوفة بالحصى

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد جانب من المنتدى التاسع لمنظمة الأمم المتحدة لسياحة فن الطهي المقام في البحرين (الشرق الأوسط) play-circle 03:01

لجنة تنسيقية لترويج المعارض السياحية البحرينية السعودية

كشفت الرئيسة التنفيذية لهيئة البحرين للسياحة والمعارض سارة أحمد بوحجي عن وجود لجنة معنية بالتنسيق فيما يخص المعارض والمؤتمرات السياحية بين المنامة والرياض.

بندر مسلم (المنامة)
يوميات الشرق طائرة تُقلع ضمن رحلة تجريبية في سياتل بواشنطن (رويترز)

الشرطة تُخرج مسنة من طائرة بريطانية بعد خلاف حول شطيرة تونة

أخرجت الشرطة امرأة تبلغ من العمر 79 عاماً من طائرة تابعة لشركة Jet2 البريطانية بعد شجار حول لفافة تونة مجمدة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق أشخاص يسيرون أمام بوابة توري في ضريح ميجي بطوكيو (أ.ف.ب)

اليابان: اعتقال سائح أميركي بتهمة تشويه أحد أشهر الأضرحة في طوكيو

أعلنت الشرطة اليابانية، أمس (الخميس)، أنها اعتقلت سائحاً أميركياً بتهمة تشويه بوابة خشبية تقليدية في ضريح شهير بطوكيو من خلال نقش حروف عليها.

«الشرق الأوسط» (طوكيو)
يوميات الشرق سياح يصطفون للدخول إلى معرض أوفيزي في فلورنسا (أ.ب)

على غرار مدن أخرى... فلورنسا الإيطالية تتخذ تدابير لمكافحة السياحة المفرطة

تتخذ مدينة فلورنسا الإيطالية التاريخية خطوات للحد من السياحة المفرطة، حيث قدمت تدابير بما في ذلك حظر استخدام صناديق المفاتيح الخاصة بالمستأجرين لفترات قصيرة.

«الشرق الأوسط» (روما)

قرى مصرية تبتكر نوعاً جديداً من السياحة التقليدية

قرية النزلة بمحافظة الفيوم قبلة عالمية لصناعة الفخار اليدوي (رويترز)
قرية النزلة بمحافظة الفيوم قبلة عالمية لصناعة الفخار اليدوي (رويترز)
TT

قرى مصرية تبتكر نوعاً جديداً من السياحة التقليدية

قرية النزلة بمحافظة الفيوم قبلة عالمية لصناعة الفخار اليدوي (رويترز)
قرية النزلة بمحافظة الفيوم قبلة عالمية لصناعة الفخار اليدوي (رويترز)

في الخلف من البقع السياحية السحرية بأنحاء مصر، توجد قرى مصرية تجذب السائحين من باب آخر، حيث يقصدونها للتعرف على الحرف التقليدية العتيقة والصناعات المحلية التي تنتجها هذه القرى وتتخصص فيها منذ عشرات السنوات، وفاقت شهرتها حدود البلاد.

ويشتهر كثير من القرى المصرية بالصناعات اليدوية، ذات البعدين التراثي والثقافي، مثل صناعة أوراق البردي، والأواني الفخارية، والسجاد اليدوي وغيرها، وهي الصناعات التي تستهوي عدداً كبيراً من الزوار، ليس فقط لشراء الهدايا التذكارية من منبعها الأصلي للاحتفاظ بها لتذكرهم بالأيام التي قضوها في مصر؛ بل يمتد الأمر للتعرف عن قرب على فنون التصنيع التقليدية المتوارثة، التي تحافظ على الهوية المصرية.

«الشرق الأوسط» تستعرض عدداً من القرى التي تفتح أبوابها للسياحة الحرفية، والتي يمكن إضافتها إلى البرامج السياحية عند زيارة مصر.

السياحة الحرفية تزدهر في القرى المصرية وتجتذب السائحين (صفحة محافظة المنوفية)

ـ الحرانية

قرية نالت شهرتها من عالم صناعة السجاد والكليم اليدوي ذي الجودة العالية، والذي يتم عرضه في بعض المعارض الدولية، حيث يقوم أهالي القرية بنقش كثير من الأشكال على السجاد من وحي الطبيعة الخاصة بالقرية.

والسجاد الذي يصنعه أهالي القرية لا يُضاهيه أي سجاد آخر بسبب عدم استخدام أي مواد صناعية في نسجه؛ حيث يتم الاعتماد فقط على القطن، والصوف، بالإضافة إلى الأصباغ النباتية الطبيعية، من خلال استخدام نباتي الشاي والكركديه وغيرهما في تلوين السجاد، بدلاً من الأصباغ الكيميائية، ما يضفي جمالاً وتناسقاً يفوق ما ينتج عن استخدام الأجهزة الحديثة.

تتبع قرية الحرانية محافظة الجيزة، تحديداً على طريق «سقارة» السياحي، ما يسهل الوصول إليها، وأسهم في جعلها مقصداً لآلاف السائحين العرب والأجانب سنوياً، وذلك بسبب تميُزها، حيث تجتذبهم القرية ليس فقط لشراء السجاد والكليم، بل للتعرف على مراحل صناعتهما المتعددة، وكيف تتناقلها الأجيال عبر القرية، خصوصاً أن عملية صناعة المتر المربع الواحد من السجاد تستغرق ما يقرُب من شهر ونصف الشهر إلى شهرين تقريباً؛ حيث تختلف مدة صناعة السجادة الواحدة حسب أبعادها، كما يختلف سعر المتر الواحد باختلاف نوع السجادة والخامات المستخدمة في صناعتها.

فن النحت باستخدام أحجار الألباستر بمدينة القرنة بمحافظة الأقصر (هيئة تنشيط السياحة)

ـ القراموص

تعد قرية القراموص، التابعة لمحافظة الشرقية، أكبر مركز لصناعة ورق البردي في مصر، بما يُسهم بشكل مباشر في إعادة إحياء التراث الفرعوني، لا سيما أنه لا يوجد حتى الآن مكان بالعالم ينافس قرية القراموص في صناعة أوراق البردي، فهي القرية الوحيدة في العالم التي تعمل بهذه الحرفة من مرحلة الزراعة وحتى خروج المنتج بشكل نهائي، وقد اشتهرت القرية بزراعة نبات البردي والرسم عليه منذ سنوات كثيرة.

الرسوم التي ينقشها فلاحو القرية على ورق البردي لا تقتصر على النقوش الفرعونية فحسب، بل تشمل أيضاً موضوعات أخرى، من أبرزها الخط العربي، والمناظر الطبيعية، مستخدمين التقنيات القديمة التي استخدمها الفراعنة منذ آلاف السنين لصناعة أوراق البردي، حيث تمر صناعة أوراق البردي بعدة مراحل؛ تبدأ بجمع سيقان النبات من المزارع، ثم تقطيعها كي تتحول إلى كُتل، على أن تتحول هذه الكتل إلى مجموعة من الشرائح التي توضع طبقات بعضها فوق بعض، ثم تبدأ عملية تجفيف سيقان النباتات اعتماداً على أشعة الشمس للتخلص من المياه والرطوبة حتى تجف بشكل تام، ثم تتم الكتابة أو الرسم عليها.

وتقصد الأفواج السياحية القرية لمشاهدة حقول نبات البردي أثناء زراعته، وكذلك التعرف على فنون تصنيعه حتى يتحول لأوراق رسم عليها أجمل النقوش الفرعونية.

تبعد القرية نحو 80 كيلومتراً شمال شرقي القاهرة، وتتبع مدينة أبو كبير، ويمكن الوصول إليها بركوب سيارات الأجرة التي تقصد المدينة، ومنها التوجه إلى القرية.

قطع خزفية من انتاج قرية "تونس" بمحافظة الفيوم (هيئة تنشيط السياحة)

ـ النزلة

تُعد إحدى القرى التابعة لمركز يوسف الصديق بمحافظة الفيوم، وتشتهر بصناعة الفخار اليدوي، وقد أضحت قبلة عالمية لتلك الصناعة، ويُطلق على القرية لقب «أم القرى»، انطلاقاً من كونها أقدم القرى بالمحافظة، وتشتهر القرية بصناعة الأواني الفخارية الرائعة التي بدأت مع نشأتها، حيث تُعد هذه الصناعة بمثابة ممارسات عائلية قديمة توارثتها الأجيال منذ عقود طويلة.

يعتمد أهل القرية في صناعتهم لتلك التحف الفخارية النادرة على تجريف الطمي الأسود، ثم إضافة بعض المواد الأخرى عليه، من أبرزها الرماد، وقش الأرز، بالإضافة إلى نشارة الخشب، وبعد الانتهاء من عملية تشكيل الطمي يقوم العاملون بهذه الحرفة من أهالي القرية بوضع الطمي في أفران بدائية الصنع تعتمد في إشعالها بالأساس على الخوص والحطب، ما من شأنه أن يعطي القطع الفخارية الصلابة والمتانة اللازمة، وهي الطرق البدائية التي كان يستخدمها المصري القديم في تشكيل الفخار.

ومن أبرز المنتجات الفخارية بالقرية «الزلعة» التي تستخدم في تخزين الجبن أو المش أو العسل، و«البوكلة» و«الزير» (يستخدمان في تخزين المياه)، بالإضافة إلى «قدرة الفول»، ويتم تصدير المنتجات الفخارية المختلفة التي ينتجها أهالي القرية إلى كثير من الدول الأوروبية.

شهدت القرية قبل سنوات تشييد مركز زوار الحرف التراثية، الذي يضمّ عدداً من القاعات المتحفية، لإبراز أهم منتجات الأهالي من الأواني الفخارية، ومنفذاً للبيع، فضلاً عن توثيق الأعمال الفنية السينمائية التي اتخذت من القرية موقعاً للتصوير، وهو المركز الذي أصبح مزاراً سياحياً مهماً، ومقصداً لهواة الحرف اليدوية على مستوى العالم.

صناعة الصدف والمشغولات تذهر بقرية "ساقية المنقدي" في أحضان دلتا النيل (معرض ديارنا)

ـ تونس

ما زلنا في الفيوم، فمع الاتجاه جنوب غربي القاهرة بنحو 110 كيلومترات، نكون قد وصلنا إلى قرية تونس، تلك اللوحة الطبيعية في أحضان الريف المصري، التي أطلق عليها اسم «سويسرا الشرق»، كونها تعد رمزاً للجمال والفن.

تشتهر منازل القرية بصناعة الخزف، الذي أدخلته الفنانة السويسرية إيفلين بوريه إليها، وأسست مدرسة لتعليمه، تنتج شهرياً ما لا يقل عن 5 آلاف قطعة خزف. ويمكن لزائر القرية أن يشاهد مراحل صناعة الخزف وكذلك الفخار الملون؛ ابتداء من عجن الطينة الأسوانية المستخدمة في تصنيعه إلى مراحل الرسم والتلوين والحرق، سواء في المدرسة أو في منازل القرية، كما يقام في مهرجانات سنوية لمنتجات الخزف والأنواع الأخرى من الفنون اليدوية التي تميز القرية.

ولشهرة القرية أصبحت تجتذب إليها عشرات الزائرين شهرياً من جميع أنحاء العالم، وعلى رأسهم المشاهير والفنانون والكتاب والمبدعون، الذين يجدون فيها مناخاً صحياً للإبداع بفضل طقسها الهادئ البعيد عن صخب وضجيج المدينة، حيث تقع القرية على ربوة عالية ترى بحيرة قارون، مما يتيح متعة مراقبة الطيور على البحيرة، كما تتسم بيوتها بطراز معماري يستخدم الطين والقباب، مما يسمح بأن يظل جوها بارداً طول الصيف ودافئاً في الشتاء.

مشاهدة مراحل صناعة الفخار تجربة فريدة في القرى المصرية (الهيئة العامة للاستعلامات)

ـ ساقية المنقدي

تشتهر قرية ساقية المنقدي، الواقعة في أحضان دلتا النيل بمحافظة المنوفية، بأنها قلعة صناعة الصدف والمشغولات، حيث تكتسب المشغولات الصدفية التي تنتجها شهرة عالمية، بل تعد الممول الرئيسي لمحلات الأنتيكات في مصر، لا سيما في سوق خان الخليلي الشهيرة بالقاهرة التاريخية.

تخصصت القرية في هذه الحرفة قبل نحو 60 عاماً، وتقوم بتصدير منتجاتها من التحف والأنتيكات للخارج، فضلاً عن التوافد عليها من كل مكان لاحتوائها على ما يصل إلى 100 ورشة متخصصة في المشغولات الصدفية، كما تجتذب القرية السائحين لشراء المنتجات والأنتيكات والتحف، بفضل قربها من القاهرة (70 كم إلى الشمال)، ولرخص ثمن المنتجات عن نظيرتها المباعة بالأسواق، إلى جانب القيمة الفنية لها كونها تحظى بجماليات وتشكيلات فنية يغلب عليها الطابع الإسلامي والنباتي والهندسي، حيث يستهويهم التمتع بتشكيل قطعة فنية بشكل احترافي، حيث يأتي أبرزها علب الحفظ مختلفة الأحجام والأشكال، والقطع الفنية الأخرى التي تستخدم في التزيين والديكور.

الحرف التقليدية والصناعات المحلية في مصر تجتذب مختلف الجنسيات (معرض ديارنا)

ـ القرنة

إلى غرب مدينة الأقصر، التي تعد متحفاً مفتوحاً بما تحويه من آثار وكنوز الحضارة الفرعونية، تقبع مدينة القرنة التي تحمل ملمحاً من روح تلك الحضارة، حيث تتخصص في فن النحت باستخدام أحجار الألباستر، وتقديمها بالمستوى البديع نفسه الذي كان يتقنه الفراعنة.

بزيارة القرية فأنت على مشاهد حيّة لأهلها وهم يعكفون على الحفاظ على تراث أجدادهم القدماء، حيث تتوزع المهام فيما بينهم، فمع وصول أحجار الألباستر إليهم بألوانها الأبيض والأخضر والبني، تبدأ مهامهم مع مراحل صناعة القطع والمنحوتات، التي تبدأ بالتقطيع ثم الخراطة والتشطيف للقطع، ثم يمسكون آلات تشكيل الحجر، لتتشكل بين أيديهم القطع وتتحول إلى منحوتات فنية لشخصيات فرعونية شهيرة، مثل توت عنخ آمون، ونفرتيتي، وكذلك التماثيل والأنتيكات وغيرها من التحف الفنية المقلدة، ثم يتم وضع المنتج في الأفران لكي يصبح أكثر صلابة، والخطوة الأخيرة عملية التلميع، ليصبح المنتج جاهزاً للعرض.

ويحرص كثير من السائحين القادمين لزيارة المقاصد الأثرية والسياحية للأقصر على زيارة القرنة، سواء لشراء التماثيل والمنحوتات من المعارض والبازارات كهدايا تذكارية، أو التوجه إلى الورش المتخصصة التي تنتشر بالقرية، لمشاهدة مراحل التصنيع، ورؤية العمال المهرة الذين يشكلون هذه القطع باستخدام الشاكوش والأزميل والمبرد، إذ يعمل جلّ شباب القرية في هذه الحرفة اليدوية.