«أروى ودلما» قصة نجاح سعودية في عالم الرياضة الإقليمية

فارسة الخيل تقفز بابنتها نحو العالمية

الفارسة والمدربة أروى المطبقاني في إحدى بطولات قفز الحواجز (الشرق الأوسط)
الفارسة والمدربة أروى المطبقاني في إحدى بطولات قفز الحواجز (الشرق الأوسط)
TT

«أروى ودلما» قصة نجاح سعودية في عالم الرياضة الإقليمية

الفارسة والمدربة أروى المطبقاني في إحدى بطولات قفز الحواجز (الشرق الأوسط)
الفارسة والمدربة أروى المطبقاني في إحدى بطولات قفز الحواجز (الشرق الأوسط)

تحظى قصة فارسة الخيل المتميزة أروى المطبقاني، وابنتها الشابة دلما ملحس، بتأثير كبير في عالم الفروسية المحلي، وتعدّان قدوتين للفتيات الطموحات اللاتي يسعين لتحقيق النجاح في هذه الرياضة الشيقة. وتجسد هذه القصة صورة أم وابنتها تشتركان في شغفهما بالخيل وتسعيان لتحقيق أحلامهما.

تعود بداية رحلة فارسة الخيل، أروى المطبقاني إلى سنوات الطفولة حين بدأت تتعلم فنون ركوب الخيل وتتدرب بجدية واجتهاد في الإسطبل العائلي. وعلى مر السنين، تطوّرت مهاراتها وسرعان ما بدأت تشارك في البطولات المحلية والإقليمية، حيث حققت نجاحاً باهراً وتميّزت بموهبتها الفريدة وإصرارها على تحقيق الانتصارات.

حصدت أروى عدداً كبيراً من الألقاب في الاتحاد الدّولي والوطني واللجنة الأولمبية السعودية، ممّا جعلها أحد الأسماء المعروفة في هذا المجال. إلا أن اللقب الذي تعتز به بشكل خاص هو دورها في تحقيق ابنتها دلما للميدالية البرونزية في أولمبياد الشباب عام 2010 في سنغافورة.

الفارسة السعودية دلما ملحس أثناء مشاركتها في أحد بطولات الفروسية (الشرق الأوسط)

تُعدّ أروى المطبقاني، أول امرأة سعودية تنضم إلى عضوية مجلس إدارة الاتحاد السعودي للفروسية عام 2008، وهذه العضوية مكنتها من المشاركة بفعالية في تطوير الفروسية داخل المملكة. وفي الوقت الحالي، تتولّى مناصب استشارية وإدارية، وتساهم بخبرتها ومعرفتها في وضع استراتيجيات وبرامج تهدف إلى دعم هذا القطاع وتطويره، وذلك بما يتماشى مع أهداف رؤية 2030.

انتقلت أروى المطبقاني من فارسة إلى مدربة وصاحبة أكبر وأقدم مدرسة وإسطبل للخيول في جدة، من خلال رحلة مليئة بالزخم، تقول لـ«الشرق الأوسط»: «كانت رحلة غنية بالتحديات والإنجازات. نقاط القوة في هذه الرحلة تتمثل في الشغف العميق بالفروسية والإصرار على التميز والابتكار، كما أن الخبرة الطويلة محلياً وعالمياً في هذا المجال ساعدتني على فهم احتياجات الفرسان والخيول على حد سواء، وتطوير برامج تدريبية تعتمد على أحدث الأساليب والممارسات العالمية».

مع مرور الوقت، بدأت أروى تنقل حبها للفروسية إلى ابنتها الموهوبة دلما، فمنذ صغرها، كانت تشاهد والدتها وهي تتنافس وتحقق النجاحات، وهذا ألهمها وأشعل الشغف داخلها. بدأت أروى تتعلّم فنون ركوب الخيل منذ سنّ مبكرة وتتدرب بجدية تحت إشراف والدتها.

استثمرت أروى في ابنتها دلما ملحس، التي رأت فيها شبابها وعكفت على الاعتناء بها من طفولتها لتجعل منها فارسة متميزة، ومن أجل ذلك قرّرت العودة إلى مجال الفروسية بتأسيس مدرسة «تريو سبورتينغ»، لتقديم نهج متجدّد في التدريب على الفروسية يركّز بشكل أساسي على الشباب، ويتوافق مع الرؤى العصرية لتطوير هذه الرياضة وتوفير بيئة داعمة لتنمية مواهبهم وتحفيزهم على الوصول للمستويات العالمية.

دربت أروى المطبقاني وأشرفت على إخراج فرسان وفارسات انطلقوا نحو العالمية من خلال «تريو سبورتينغ» فهي تؤمن بأهمية التخصّيص في التدريب، وتركز على تطوير المهارات الأساسية والتقنية، بالإضافة إلى اللياقة البدنية والجانب الذهني للرياضيين، كما تحرص على استخدام أحدث الأساليب التدريبية والتوجيه الشخصي لضمان تحقيق كل فارس لأقصى إمكاناته.

تقول أروى: «خلال خبرتي التي تمتد لأكثر من ثلاثة عقود في عالم الفروسية، شاهدت كثيراً من الفرسان الموهوبين يمرون بأبواب (تريو سبورتينغ). من الصعب تحديد فارس مفضل، لأن كلّ واحد منهم يحمل قصة فريدة من الشغف والإصرار. ولكن، إذا كان لا بدّ من الإشارة إلى الفرسان الواعدين، فإني أتطلع بشكل خاص إلى الجيل الجديد الذي يتمتع بالشغف والتفاني والرغبة في تحقيق النجاح على الساحة الدّولية. أرى فيهم إمكانات كبيرة ليس فقط في التميّز داخل الميدان، بل في كونهم سفراء للفروسية السعودية حول العالم».

تتمنى أروى المطبقاني وابنتها دلما ملحس للفروسية أن تستمر بالنمو والازدهار، ليس فقط رياضة وإنما أيضاً ثقافة وتراثاً يجسدان الشجاعة، والانضباط، والتناغم بين الإنسان والحيوان.

ووجهت أروى نصيحة للشباب ومحبي هذه الرياضة، بقولها: «الفروسية مسار يتطلب الصبر، والإصرار، والالتزام. ابدأوا بتعلم أساسيات الركوب بشكل صحيح، ولا تترددوا في طلب النصيحة من المحترفين. كونوا لطفاء وصبورين مع الخيول؛ فهي شريكتكم في هذه الرحلة ولها روح تتعب كما نتعب نحن، وهي تتألّم كما نتألم، فالفرس ليست آلة ميكانيكية».

تُعدّ أروى ودلما مثالاً حيّاً على قدرة المرأة على تحقيق النجاح في المجالات التي تهتم بها، وتعكس قصتهما قوة العلاقة بين الأم والابنة وقدرتهما على تحقيق الأهداف المشتركة من خلال العمل الجاد والتفاني.



هند الفهاد: أنحاز للأفلام المعبرة عن روح المغامرة

هند الفهاد على السجادة الحمراء مع لجنة تحكيم آفاق عربية (إدارة المهرجان)
هند الفهاد على السجادة الحمراء مع لجنة تحكيم آفاق عربية (إدارة المهرجان)
TT

هند الفهاد: أنحاز للأفلام المعبرة عن روح المغامرة

هند الفهاد على السجادة الحمراء مع لجنة تحكيم آفاق عربية (إدارة المهرجان)
هند الفهاد على السجادة الحمراء مع لجنة تحكيم آفاق عربية (إدارة المهرجان)

عدّت المخرجة السعودية هند الفهاد مشاركتها في لجنة تحكيم مسابقة «آفاق السينما العربية» بمهرجان القاهرة السينمائي في دورته الـ45، «تشريفاً تعتز به»، ومسؤولية في الوقت نفسه، مؤكدة أن «السينما العربية حققت حضوراً جيداً في المهرجانات الدولية». وأشارت، في حوارها مع «الشرق الأوسط»، إلى أنها تنحاز للأفلام التي تُعبر عن أصالة الفكرة وروح المغامرة، منوهة بعملها على فيلمها الطويل الأول منذ 3 سنوات، لكنها لا تتعجّل تصويره؛ كون الأفلام الطويلة تتطلّب وقتاً، ولا سيما الأفلام الأولى التي تحمل تحديات على صُعُد القصة والإنتاج والممثلين، مُشيدة بالخطوات التي قطعتها السينما السعودية عبر أفلام حقّقت صدى محلياً ودولياً على غرار «نورة» و«مندوب الليل».

بدأت هند الفهاد عملها عام 2012، فأخرجت 4 أفلام قصيرة شاركت في مهرجانات عدة وهي: «بسطة» الذي فاز بجائزة في «مهرجان دبي» 2015، و«مقعد خلفي»، و«ثلاث عرائس وطائرة ورقية»، و«المرخ الأخير» الذي جاء ضمن فيلم «بلوغ»، وتضمّن 5 أفلام قصيرة لـ5 مخرجات سعوديات، وشارك قبل 3 أعوام في «مهرجان القاهرة السينمائي».

وبين حضورها المهرجان في أحد أفلامها قبل سنوات، ومشاركتها بلجنة تحكيم العام الحالي، ترى هند الفهاد فرقاً كبيراً، موضحة: «أن أكون مشاركة في فيلم ويعتريني القلق والترقب شيء، وأن أكون أحد الأعضاء الذين يُسمّون هذه المشروعات شيء آخر، هذا تشريف ومسؤولية، إذ أشاهد الأفلام بمنظور البحث عن الاختلاف والتميز وأساليب جديدة لصناع أفلام في تناول موضوعاتهم، وأجدني أنحاز للأفلام التي تعبّر عن أصالة الفكرة وتقدم حكاية لا تشبه أي حكاية، وتنطوي على قدر من المغامرة الفنية، هذه من الأشياء المحفزة في التحكيم، وقد ترأستُ قبل ذلك لجنة تحكيم أفلام الطلبة في مهرجان أفلام السعودية».

لا تتعجل الفهاد فيلمها الطويل الأول (الشرق الأوسط)

وعن رؤيتها للسينما العربية بعد مشاهدتها أحدث إنتاجاتها في «مهرجان القاهرة»، تقول هند الفهاد: «لا شك في أنها قطعت خطوات واسعة في السنوات الأخيرة بحضورها في المهرجانات الكبرى؛ لأن لدينا حكايات تخصّنا، وهناك مخرجون ومخرجات أثبتوا حضورهم القوي عبر أفكار وأساليب متباينة، وأنا أقول دائماً إن الفكرة ليست في القصة، وإنما في كيف تروي هذه القصة ليتفاعل معها الجمهور في كل مكان».

وتكشف المخرجة السعودية عن استعدادها لتصوير فيلمها الروائي الطويل الأول الذي تعمل عليه منذ سنوات، قائلة: «كتبته المخرجة هناء العمير، ووصلنا أخيراً لنسخة السيناريو المناسبة، لكن الأفلام الطويلة، ولا سيما الأولى تحتاج إلى وقت للتحضير، خصوصاً إذا كان في المشروع تحديات على صُعُد القصة والممثلين والإنتاج».

وتتابع هند: «لم أحدّد بعدُ توقيت التصوير. وعلى الرغم من أنه مشروعي الأساسي، لكن هناك مشروعات أخرى أشتغل عليها، وفي تعدّدها أضمن استمرارية العمل لأكون حاضرة في المجال، فقد تكون هناك فكرة رائعة، لكن حين تُكتب نكتشف أنه من الصعب تنفيذها، لأسباب عدة».

وعن نوعية الفيلم تقول: «اجتماعيّ دراميّ، تدور أحداثه في غير الزمن الحالي. وانتهت مرحلة تطوير النص لفيلمي القصير، ووصل إلى النسخة المناسبة، وأنا، الآن، أختار أبطاله، وهو يروي حكاية تبدو في ظاهرها بسيطة، وتحمل أوجهاً عدّة، فأنا لا أُعدّ الأفلام القصيرة مرحلة وانتهت، بل أحب العمل عليها بشغف كبير في ظل ما أريده، والمعطيات من حولي وكيف أتقاطع مع هذه الأشياء».

وحاز مشروع فيلمها الطويل «شرشف» على منحة إنتاج من معمل البحر الأحمر، وترى هند الفهاد أن التّحدي الحقيقي ليس في التمويل؛ لأن النص الجيد والسيناريو المكتمل يجلبان التمويل، مُشيدة بتعدّد جهات الدعم في المملكة من منطلق الاهتمام الجاد بالسينما السعودية لتأسيس بنية قوية لصناعة السينما أوجدت صناديق تمويل متعددة.

وعلى الرغم من عمل هند الفهاد مستشارة في تطوير المحتوى والنصوص الدرامية، فإنها تواصل بجدية الانضمام إلى ورش السيناريو؛ بهدف اكتساب مزيد من الخبرات التي تُضيف لها بصفتها صانعة أفلام، وفق تأكيدها.

هند الفهاد على السجادة الحمراء مع لجنة تحكيم آفاق عربية (إدارة المهرجان)

بدأت هند الفهاد مشوارها قبل القفزة التي حققتها صناعة السينما السعودية. وعن ذلك تقول: «كنا نحلم بخطوة صغيرة فجاءنا بحرٌ من الطموحات، لذا نعيش لحظة عظيمة لتمكين المرأة ورعاية المواهب المحلية بشكل عام، وقد كنّا نتطلع لهذا التّحول، وأذكر في بداياتي أنه كان وجود السينما أَشبه بالحلم، لا شك في أن نقلة كبيرة تحقّقت، لكن لا تزال التجربة في طور التشكيل وتتطلّب وقتاً، ونحن مهتمون بتطوير المواهب من خلال مشاركتها في مشروعات عربية وعالمية لاكتساب الخبرات، وقد حقّقت أعمالٌ مهمة نجاحاً دولياً لافتاً على غرار (نورة) و(مندوب الليل)».

وتُعبر هند الفهاد عن طموحاتها قائلة: «أتطلع لأحكي قصصنا للعالم، فالسينما هي الصوت الذي يخترق جميع الحواجز».