«حزب مانديلا» مضطر لتقاسم السلطة للمرة الأولى في تاريخه

«المؤتمر الوطني الأفريقي» يسعى لائتلاف حكومي إثر نكسته الانتخابية

لافتات انتخابية من مختلف الأنواع في الشوارع (آ ب)
لافتات انتخابية من مختلف الأنواع في الشوارع (آ ب)
TT

«حزب مانديلا» مضطر لتقاسم السلطة للمرة الأولى في تاريخه

لافتات انتخابية من مختلف الأنواع في الشوارع (آ ب)
لافتات انتخابية من مختلف الأنواع في الشوارع (آ ب)

بعد 30 سنة من احتكار الحكم في جنوب أفريقيا بات حزب «المؤتمر الوطني الأفريقي» مضطراً إلى تقاسم السلطة مع حزب أو أكثر من أحزاب المعارضة، إثر انتخابات تشريعية أفقدته الأغلبية المطلقة في البرلمان للمرة الأولى في تاريخه؛ ما يثير مخاوف بشأن إمكانية حدوث اضطرابات سياسية «غير مسبوقة» في الأشهر المقبلة، إثر تحول سياسي وصفه مراقبون بأنه «الأكثر دراماتيكية» في تاريخ البلاد منذ القضاء على الفصل العنصري. إذ أعلنت اللجنة الانتخابية النتائج الرسمية، الأحد الماضي، حصول «المؤتمر الوطني الأفريقي» على 159 مقعداً فقط من أصل 400؛ ما يُشكل تراجعاً قاسياً للحزب الذي كان يمتلك 230 مقعداً في البرلمان المنتهية ولايته، لا سيما وأن الحزب اعتاد حصد الغالبية المطلقة منذ انتخابات عام 1994، التي كتبت نهاية الفصل العنصري، ودفعت بزعيمه التاريخي نيلسون مانديلا لرئاسة البلاد.

فاز حزب المؤتمر الوطني الأفريقي، في الانتخابات العامة الأخيرة بجنوب أفريقيا، بنحو 42 في المائة من مقاعد البرلمان، متراجعاً عن نسبة الـ57.5 في المائة التي حازها في انتخابات عام 2019. ولقد احتفظ حزب المعارضة الرئيس «التحالف الديمقراطي» اليميني المؤيد لقطاع الأعمال، بالمركز الثاني بـ21.6 في المائة – مترجماً بـ87 مقعداً. حل ثالثاً حزب «أومكونتو وي سيزوي» (إم كيه) - أو «رمح الأمة» - الذي انتزع نسبة 14.7 في المائة (49 مقعداً) في مفاجأة لكثيرين كونه حزباً جديداً شكّله الرئيس السابق جاكوب زوما، وجاء رابعاً حزب «مناضلون من أجل الحرية الاقتصادية» الماركسي بنحو 9 في المائة من مقاعد البرلمان.

في ضوء هذا النتيجة، سيضطر «المؤتمر الوطني الأفريقي» إلى تشكيل حكومة ائتلافية؛ كون النتائج لا تؤهله منفرداً لذلك، رغم تصدّره عدد المقاعد في البرلمان. ولذا؛ دعا الرئيس الجنوب الأفريقي سيريل رامافوزا، عقب إعلان النتائج، جميع القوى السياسية إلى «العمل معاً»، كما أكّد «المؤتمر»، الذي يتزعمه رامافوزا «اعتزامه إجراء مناقشات مع أحزاب سياسية أخرى بهدف تشكيل حكومة ائتلافية».

ناخبة تدلي بصوتها في أحد مراكز الاقتراع (آ ب)

ظروف غير مواتية

النتيجة النهائية التي شكّلت منعطفاً سياسياً في تاريخ البلاد السياسي، جاءت في الواقع متماشية مع استطلاعات الرأي العام؛ إذ شهدت الأسابيع الأخيرة السابقة على إجرائها تحذيرات من احتمال فقدان الحزب الحاكم غالبيته البرلمانية.

لقد شكّلت الانتخابات، وفق حمدي عبد الرحمن، أستاذ العلوم السياسية بجامعة زايد في دولة الإمارات العربية المتحدة، «نقطة تحوّل في تاريخ جنوب أفريقيا منذ نهاية الفصل العنصري». وأوضح عبد الرحمن في تقرير نشره أخيراً «مركز المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة»، أن الأمر «يرتبط في أحد جوانبه بأنها تصادف الذكرى الثلاثين لأول انتخابات تُجرى بعد سقوط نظام الفصل العنصري عام 1994»، وأن هذه الانتخابات كانت «الأكثر تنافسية منذ تولي حزب المؤتمر الوطني الأفريقي السلطة».

وبدورها، قالت الدكتورة نرمين توفيق، الباحثة في الشأن الأفريقي والمنسق العام في مركز «فاروس» للاستشارات والدراسات الاستراتيجية في مصر، خلال لقاء مع «الشرق الأوسط»، إن الانتخابات «أُجريت وسط زخم على المستوى الداخلي في جنوب أفريقيا أو على مستوى تحركاتها الدولية في دعم فلسطين».

وحقاً، تزامنت الانتخابات الجنوب أفريقية هذه المرة مع ظروف «غير مواتية» للحزب الحاكم، بحسب الباحث المصري في الشؤون الأفريقية الدكتور عطية عيسوي، الذي أشار لـ«الشرق الأوسط»، إلى «تراجع شعبية المؤتمر الوطني الأفريقي؛ نظراً لعجزه عن تحقيق آمال الشعب وتطلعاته، لا سيما مع تفاقم مشاكل المياه والكهرباء والمساكن، وارتفاع معدلات الجريمة، وكذلك ارتفاع معدل البطالة إلى ما بين 32 و46 في المائة في بعض المناطق».

وفي حين أذكر عيسوي أن «النتائج جاءت كما كان متوقعاً»، فهو استدرك قائلاً إنه «لم يكن يتوقع هبوط شعبية المؤتمر الوطني بهذا القدر الكبير، وحصول حزب (جاكوب) زوما على نحو 15 في المائة من الأصوات، وانخفاض نسبة تأييد حزب المناضلين من أجل الحرية الاقتصادية إلى 9 في المائة فقط».

أزمات وتحديات

في الواقع، تسود حالة من الإحباط وخيبة الأمل الشارع الجنوب أفريقي، بسبب تضاؤل قدرة الدولة على تقديم الخدمات الأساسية، بحسب مراقبين يلقون باللوم على «الفساد»، كسبب رئيسي لـ«التدهور السريع» في البنية التحتية. ويُظهِر استطلاع أجرته أخيراً مؤسسة «أفروباروميتر» أن «ثلاثة أرباع المواطنين الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و20 سنة متشائمون بشأن مستقبل بلادهم، بسبب الفساد والبطالة».

هذا، وأصبحت موجة الاستياء من أداء «المؤتمر الوطني الأفريقي» واضحة، خصوصاً بين سكان المدن عام 2021، عندما أظهرت استطلاعات الرأي الحكومية المحلية عام 2021 أن الحزب يخسر غالبيته في العديد من البلديات الكبيرة.

في المقابل، ترى بولين باكس، نائب مدير برنامج أفريقيا في «مجموعة الأزمات الدولية»، أن أداء الحزب ليس «قاتماً في المطلق»، بحسب تقرير للبرنامج نشره موقع المجموعة أخيراً. وهو يلفت إلى «نجاح حزب المؤتمر في اعتماد نظام رعاية اجتماعية واسع النطاق، وحصده دعماً شعبياً على جبهة السياسة الخارجية».

انتصار للديمقراطية

وفي الاتجاه الإيجابي ذاته، اعتبر إبراهيم إدريس، الباحث المتخصص في الشأن الأفريقي المقيم في الولايات المتحدة، نتائج الانتخابات «انعكاساً للديمقراطية في جنوب أفريقيا». وقال لـ«الشرق الأوسط» إنه «على الرغم من خسارة الحزب الحاكم غالبيته المطلقة، تُعدّ النتائج انتصاراً للديمقراطية تؤهل الحزب لتصحيح مساره». وتتفق نرمين توفيق، هنا، في أن «الانتخابات عكست مستوى ديمقراطية مرتفعاً يُسجّل لرامافوزا». وما يُذكر، أن الرئيس رامافوزا، كان قد وعد بانتخابات «حرة وعادلة وذات مصداقية وسلمية». وعلّق بعد إعلان النتائج «لقد تكلّم شعبنا، وسواءً أحببنا ذلك أم لا، علينا أن نحترم اختياراته».

وما يستحق التنويه، وكما سبق القول، أنه رغم الخسارة لا يزال «المؤتمر» أكبر حزب في البرلمان الجديد، الذي سيكون عليه انتخاب الرئيس المقبل خلال يونيو (حزيران) الحالي.

الرئيس سيريل رامافوزا (آ ف ب)

«سيناريوهات» التحالف

بموجب النتائج؛ على «المؤتمر» بناء تحالفات تتيح له تشكيل الحكومة، وهنا يرى الدكتور عيسوي أنها «ستتحقق مقابل تنازلات مؤلمة ومساومات قبل التشكيل وبعده؛ إذ سيبقى سيف المتحالفين معه مسلطاً على رقبة حزب المؤتمر إن قاوم التنازلات مستقبلاً؛ ما سيعرّض الحكومة للانهيار».

وحذّر الباحث المصري من «احتمال هدر معظم الوقت في الخلافات بين الأحزاب ومحاولات تسويتها، لتبقى القضايا الملحّة بلا حلّ». وأردف: «تشكيل حكومة ائتلافية لن يكون أمراً سهلاً ما يجعل المؤتمر مضطراً إلى تقديم تنازلات كبيرة قد تصل إلى الإحجام عن إعادة ترشيح رامافوزا للرئاسة حال تحالفه مع حزب زوما». وسبق لحزب زوما الإعلان أنه لن يتفاوض مع المؤتمر طالما بقي رامافوزا رئيساً له. لكن الأمين العام لحزب المؤتمر الوطني فيكيل مبالولا قال: «لن يُملي علينا أي حزب سياسي شروطاً كهذه».

وبدوره، أكد اتحاد النقابات العمالية، والمتحالف مع «المؤتمر الوطني الأفريقي» - وهو الاتحاد الأكبر نفوذاً في جنوب أفريقيا - أن أي ائتلاف سيُشكَّل من جانب الحزب يجب أن يضمن احتفاظ الرئيس رامافوزا بمنصبه. وبينما يحذّر إدريس من «تأثير حدة الصراع الشخصي بين رامافوزا وزوما»، فهو يلفت إلى «ضغوط عدة تدفع لإتمام التحالف بينهما، خاصةً، وأن مشاركة حزب التحالف الديمقراطي اليميني (بغالبيته البيضاء) في الحكومة قد يشكّل خطراً على البلاد، وكذلك الأمر بالنسبة لحزب مناضلون من أجل الحرية الاقتصادية اليساري».

في هذه الأثناء، يأمل مجتمع الأعمال والمستثمرين، طبعاً، بتحالف بين المؤتمر الوطني الأفريقي والتحالف الديمقراطي؛ كون مثل هذا الاتفاق من شأنه أن «يعني الاستقرار والمسؤولية المالية والتحوّل إلى ما هو أبعد من إرث الفصل العنصري»، وفق تقرير نشره مركز «تشاتام هاوس» البريطاني للباحث في الشؤون الأفريقية كريستوفر فاندوم. لكن فاندوم يقول إنه «بينما يشكل الاتفاق مع حزب المؤتمر الوطني الأفريقي فرصة للتحالف الديمقراطي لدخول الحكومة، فهو في الوقت عينه يتناقض مع مبادئ الحزب، الذي قام أساساً على الدعوة للتخلص من المؤتمر الوطني لا دعم بقائه في السلطة».

من ناحية أخرى، في رسمه لسيناريوهات التحالف قال حمدي عبد الرحمن، الأستاذ بجامعة زايد، إن «التعاون مع التحالف الديمقراطي وحزب زوما، قد يؤدي إلى توترات داخل الحزب الحاكم يمكن أن تعمّق حالة اللايقين السياسي... أما الحلف مع حزب المناضلين من أجل الحرية الاقتصادية، فقد يدفع البلاد للابتعاد عن اتجاهات رامافوزا المؤيدة للأعمال التجارية وتشجيع القطاع الخاص؛ ما يهدّد بإثارة أزمة اقتصادية حادة في المدى المتوسط».

وفي هذا الصدد، رأى عطية عيسوي «احتمال اتفاق المؤتمر الوطني مع حزب التحالف الديمقراطي، الأقرب له في السياسات؛ كونه لا ينتهج سياسيات درامية كحزب مناضلون من أجل الحرية الاقتصادية».

تراجع «حزب مانديلا» من 57.5% في عام 2019 إلى 42% في الانتخابات العامة الأخيرة

رامافوزا باقٍ

حيال مصير رئاسة سيريل رامافوزا، فإن خسارة «المؤتمر الوطني الأفريقي» غالبيته البرلمانية لا تعني بالضرورة خسارته مقعد الرئيس، وهنا يرجح عيسوي «استمرار رامافوزا كونه المرشح المفضل من القليلين الباقين من القيادات التي كافحت الفصل العنصري، وهو شخص هادئ ومتواضع ويعرف كيف يخاطب الداخل والخارج».

لكن صحيفة «النيويورك تايمز» الأميركية اعتبرت أن «رامافوزا يواجه تهديداً خطيراً لطموحه بتولي فترة ولاية ثانية... ومن المتوقع أن يلقي المنتقدون باللوم في التعثر الأخير على رامافوزا، كما قد يحاولون تغييره، لا سيما أنه من دون الغالبية البرلمانية المطلقة لن يستطيع المؤتمر بمفرده اختيار الرئيس».

وعليه، تثير النتائج مخاوف من اندلاع أعمال عنف في الفترة المقبلة، بل رجّحت باكس، من مجموعة الأزمات الدولية، «اندلاع أعمال عنف خلال الأسبوعين التاليين للانتخابات بالتوازي مع محاولات تشكيل ائتلاف حكومي».

في مطلق الأحوال، بحسب مراقبين، قد تدفع الانتخابات الأخيرة إلى تحول سياسي في جنوب أفريقيا يسير نحو اعتماد نظام التعددية الحزبية بدلاً من نموذج «الحزب المهيمن»، وأن الفترة المقبلة ستشهد «اختباراً لقدرة البلاد على استخدام الديمقراطية في تشكيل تحالفات محلية ومعالجة الأزمات».

 

جاكوب زوما (آ ب)

أبرز الأحزاب السياسية في جنوب أفريقيا

> في ظل انتخابات عامة وُصفت بأنها «الأكثر خطورة وسخونة» في جنوب أفريقيا منذ سنوات، برزت قوى سياسية فاعلة على السطح. ونافست هذه القوى الحزب الحاكم وقوّضت هيمنته المستمرة منذ 30 سنة. ولقد شهدت الانتخابات تنافس أعضاء من 52 حزباً على 400 مقعد في البرلمان، من بينهم أربع قوى رئيسية، هي:- حزب «المؤتمر الوطني الأفريقي»الحزب الحاكم بزعامة الرئيس سيريل رامافوزا. أُسّس عام 1912 باسم «المؤتمر الوطني الأصلي لجنوب أفريقيا»، قبل أن يتغير اسمه إلى الاسم الحالي عام 1923. بدأ كحركة تحرّر وطني إبّان حقبة الفصل العنصري، وحشد الحزب الرأي العام الدولي بموازاة العمل المسلح. وانتُخب زعيمه نيلسون مانديلا رئيساً للبلاد عام 1994 في أول انتخابات ديمقراطية حصل فيها الحزب على 60 في المائة من الأصوات.ولكن، منذ عام 2009، تراجعت شعبية الحزب تدريجياً بسبب فضائح الفساد، ونكوصه بوعوده بشأن تحسين الأوضاع الاقتصادية. وشهد الحزب أيضاً انقسامات داخلية دفعت لتشكيل أحزاب جديدة، مثل «حزب مؤتمر الشعب» عام 2008، و«المناضلون من أجل الحرية الاقتصادية» عام 2013، وأخيراً حزب زعيمه السابق جاكوب زوما في نهاية نهاية العام الماضي.- التحالف الديمقراطيأُسّس عام 2000، ويتزعمه جون ستينهوزن. وكان قد احتل المركز الثاني في الانتخابات التي أُجريت أعوام 2004 و2009 و2014 و2019.تعود جذور هذا الحزب إلى الحزب الديمقراطي الذي أُسّس عام 1989، وعارض الفصل العنصري. وهو يُعد حزباً ليبرالياً للسكان البيض، لكنه الآن يضم أعضاء من أعراق مختلفة. وكان قد رفع خلال الانتخابات الأخيرة شعار «أنقذوا جنوب أفريقيا»، وتضمن برنامجه مكافحة الفساد والجريمة، وتحسين الرعاية الصحية، والتعليم، وتوصيل الكهرباء والمياه النظيفة.- المناضلون من أجل الحرية الاقتصاديةأُسّس عام 2013، ويتزعمه يوليوس ماليما. احتل المركز الثالث في انتخابات 2014 و2019.كان ماليما، عضواً قيادياً ورئيساً لرابطة شباب «لمؤتمر الوطني الأفريقي»، لكنه طُرد من «المؤتمر» عام 2012 بسبب تصريحات أثارت جدلاَ وقتها. هذا، ويرتدي نواب الحزب المناضلون في البرلمان زياً أحمر للتعبير عن تعاطفهم مع محنة الطبقة العاملة. وهو يتبنى نهجاً يسارياً يدعو إلى تأميم المناجم والبنوك ومصادرة الأراضي لإعادة توزيعها.- حزب «أومكونتو وي سيزوي» (أم كي)أُسّس هذا الحزب رئيس جنوب أفريقيا السابق جاكوب زوما يوم 16 ديسمبر (كانون الأول) 2023. وأطلق عليه نفس اسم الجناح العسكري لـ«المؤتمر الوطني الأفريقي»، أي «رمح الأمة».يتبنى الحزب خطاباً تحريضياً مشوباً بالتطرف الشعبوي. ويتكلم عن إبدال النظام الدستوري الحالي بالنظام البرلماني غير المقيد؛ الأمر الذي يثير مخاوف بشأن مستقبل الديمقراطية الدستورية في البلاد. وللعلم، ينظر كثيرون لحزب زوما على أنه فصيل سياسي لـ«المؤتمر الوطني الأفريقي»، ويرى آخرون أنه ربما يكون حيلة من جانب زوما لتفادي التُّهم الموجهة إليه، والتي قد تدفع به إلى السجن مرة أخرى.


مقالات ذات صلة

هل اقتربت أميركا من تغيير هوية «الجيل» الذي يحكم واشنطن؟

حصاد الأسبوع لقطة من مناظرة الثلاثاء الرئاسية (رويترز)

هل اقتربت أميركا من تغيير هوية «الجيل» الذي يحكم واشنطن؟

يُجمِع خبراء المناظرات الرئاسية الأميركية على أن الانتصارات فيها لا تُترجم بالضرورة فوزاً في الانتخابات، والمرشحون الذين يتألقون في المناظرات لا يفوزون دائماً

إيلي يوسف (واشنطن)
حصاد الأسبوع يقدّم بارنييه نفسه على أنه رجل ينتمي إلى اليمين لكن ليس اليمين البورجوازي القومي المتعصّب بل اليمين الاجتماعي

ميشال بارنييه رئيس الحكومة الفرنسية الجديد... هل يكون الرجل المعجزة الذي ينقذ عهد ماكرون؟

بعد 25 سنة أمضاها ميشال بارنييه في بروكسل (1999 – 2021) مفوضاً أوروبياً متنقلاً في مناصب عديدة، منها مسؤول عن السوق الأوروبية الداخلية ونائب لرئيس المفوضية،

ميشال أبونجم (باريس)
حصاد الأسبوع الرئيس الموريتاني ولد الغزواني يستقبل رئيس الوزراء الإسباني سانتشيز ورئيسة المفوضية الأوروبية فون در لاين في نواكشوط 
(آ فب)

إسبانيا تحاول التحكّم بهاجس التعامل مع المهاجرين

عندما فازت إسبانيا بكأس الأمم الأوروبية لكرة القدم، أواسط يوليو (تموز) الفائت، كان النجم الأبرز في الفريق الوطني الأمين جمال، وهو لاعب من أب مغربي وصل قبل 19

شوقي الريّس (مدريد)
حصاد الأسبوع الرئيس عبد المجيد تبّون (رويترز)

فوز منتظر للرئيس عبد المجيد تبّون في انتخابات الرئاسة الجزائرية

يتوجه الجزائريون اليوم إلى مراكز الاقتراع لاختيار رئيس جديد. وهذه هي ثاني استحقاقات رئاسية بعد الحراك الذي طال سنتين تقريباً، وشهد خروج ملايين الجزائريين إلى

أنيسة مخالدي (باريس)
حصاد الأسبوع  تأتي رئاسة تراوري في فترةٍ تواجه خلالها بوركينا فاسو تحديات أمنية وإقليمية بعدما فقدت السيطرة على نحو 40 في المائة من مساحتها، للجماعات المسلّحة

إبراهيم تراوري... رئيس بوركينا فاسو وقائد حربها الشرسة ضد «الإرهاب»

رغم تعهّد النقيب إبراهيم تراوري، رئيس بوركينا فاسو، بألا يبقى في السلطة، فإنه مدّد فترة الحكم الانتقالي خمس سنوات إضافية، راهناً إجراء الانتخابات التي كان من

فتحية الدخاخني (القاهرة)

صواريخ «العمق الروسي» تتحدّى «خطوط بوتين الحمراء»

بوتين (رويترز)
بوتين (رويترز)
TT

صواريخ «العمق الروسي» تتحدّى «خطوط بوتين الحمراء»

بوتين (رويترز)
بوتين (رويترز)

هل يقترب العالم من حافة المواجهة الكبرى؟ سؤال تردّد كثيراً، خلال الأيام الأخيرة، بعدما وجّه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين تحذيراً عُدَّ الأقوى في لهجته للغرب. لم يتردّد الكرملين في إعلان «نفاد صبر» روسيا، وهو يتكلم عن «القرار الغربي» الذي «طُبخ» خلف أبواب مغلقة، وينتظر اللحظة المناسبة لإعلانه رسمياً. ولقد بدت موسكو واثقة، الأسبوع الفائت، بأن حلف شمال الأطلسي «ناتو» منح عملياً كييف «الضوء الأخضر» لاستهداف العمق الروسي باستخدام صواريخ أميركية وبريطانية الصنع، حتى لو يُذكَر ذلك علناً. ومع أن الكلام الروسي عن «انخراط مباشر» للغرب، وخصوصاً الولايات المتحدة وبريطانيا، تكرَّر كثيراً خلال الأشهر الماضية، فإن الجديد هنا تمثَّل في عنصرين: أولهما إطلاق بوتين تهديداً مباشراً بأن المواجهة ستكون مباشرة مع الغرب، هذه المرة، وثانيهما اشتعال المنصات الإعلامية الروسية بتصريحات نارية أطلقها «صقور الحرب» الذين لوّحوا طويلاً بأنه حان وقت «المواجهة الحاسمة» مع الغرب. وهكذا، وقف ديمتري مدفيديف، نائب رئيس مجلس الأمن الروسي، مهدّداً بـ«محو أوروبا»، وقال إن صبر روسيا «قارب على النفاد» ملوِّحاً بقدرات نووية قادرة على «صَهر» مدن أوروبية. هذه ليست المرة الأولى التي يهدد فيها مدفيديف باستخدام السلاح النووي. وهي عبارات كرَّرها مسؤولون آخرون؛ بينهم سيرغي ريابكوف، نائب وزير الخارجية والخبير الأبرز في روسيا بشؤون الأمن الاستراتيجي والعلاقات مع واشنطن، الذي تخلّى عن حذره الدبلوماسي المعتاد، وهدّد بـ«رد وحشي» لموسكو إذا سمح الغرب لكييف باستهداف العمق الروسي بصواريخه.

صورة من التوغل الأوكراني في كورسك (رويترز)

اللهجة الحادة من جانب «الصقور» في موسكو عكست حقاً اقتراب الكرملين من تبنّي خيارات حازمة في حال جرى تجاوز آخر «الخطوط الحمراء» التي حدّدها سيد الكرملين.

خلال العام الأخير، بالتوازي مع نجاح موسكو في توسيع سيطرتها بمناطق الدونباس، واجهت موسكو اختراقات واسعة أسقطت عدداً من «خطوطها الحمراء» التي وضعت في وقت سابق. وبالتالي، غدا استهداف المنشآت العسكرية ومراكز البنى التحتية ومستودعات الطاقة في القرم ومناطق عدة أخرى تنتهك «الأراضي الروسية»، وفقاً للتعريف الروسي للحدود، حدثاً يكاد يكون يومياً. كذلك حمل التوسع باستخدام المُسيّرات، ووصولها إلى مناطق بعيدة عن الحدود داخل العمق الروسي، انتهاكاً جديداً رسم ملامح جديدة لقواعد الاشتباك.

في هذه الأثناء، نفّذ الغرب وعوده بمواصلة إمداد أوكرانيا بتقنيات عسكرية متطوّرة، متجاهلاً كل تحذيرات الكرملين في هذا الإطار. وكان الأبرز توغّل كورسك، في أغسطس (آب) الماضي، ومنظرُ تجوّل الدبابات الألمانية والآليات الأميركية والبريطانية داخل الأراضي الروسية، للمرة الأولى منذ الحرب العالمية الثانية، كان مُوجعاً جداً للروس.

ستولتنبرغ (روينرز)

«ضوء أخضر» يهزّ «الخطوط الحمراء»

لقد اختبر الغرب بقسوة، عبر تلك التطورات، مستوى «الصبر الاستراتيجي» لبوتين، وردّات فعله على الانتهاكات المتكررة للخطوط الحمراء التي وضعها لنفسه.

وأخيراً، جاء الكلام عن إعطاء كييف «الضوء الأخضر» لضرب مواقع في العمق الروسي بصواريخ «أطلسية» ليضع الكرملين أمام حسابات صعبة وهو يواجه اختراقاً محتملاً لآخِر «خطوطه الحمراء».

خيارات بوتين

كان لافتاً أن الكرملين، رغم تحذير بوتين الصارم، لم يبادر إلى التلويح بتحركات حازمة، بل علّق الناطق الرئاسي ديمتري بيسكوف على التصريحات النارية التي أطلقها عدد من المقرّبين للرئيس الروسي، بالإشارة إلى أن بوتين «يتلقّى توصيات من عدد من الخبراء البارزين، لكنه يعتمد التروّي في اتخاذ قراراته النهائية».

ويبدو أن هذه العبارات فُهِمت في الغرب بشكل متسرّع، إذ جاءت تصريحات ينس ستولتنبرغ، الأمين العام لـ«ناتو»، في مقابلة مع صحيفة «التايمز» البريطانية، لتزيد الغضب عند الروس، فقد قال المسؤول الأطلسي إن «السماح لكييف بشن ضربات صاروخية بعيدة المدى في عمق روسيا لن يكسر خطاً أحمر فيؤدي إلى التصعيد». وأردف أنه يدعم الدول - ومنها بريطانيا وفرنسا - التي دعت إلى إعطاء كييف الإذن باستخدام الصواريخ الطويلة المدى.

على الفور، جدّد الكرملين تحذيره، ورأى بيسكوف أن رغبة قيادة كتلة «ناتو» في تجاهل كلمات بوتين حول عواقب الهجمات التي تشنها الأسلحة الغربية على روسيا «أمر خطير للغاية واستفزازي»، واتهم الحلف بأنه ينطلق من «رغبة متفاخرة بألّا تأخذ تصريحات الرئيس الروسي على مَحمل الجِد... وهذه خطوة قصيرة النظر وغير مهنية، على الإطلاق».

وهكذا، بين تحذيرات بوتين و«ثقة» الغرب بأن روسيا لن تستطيع القيام بخطوات فعالة لمواجهة الاستحقاق الخطير، يدرس الكرملين الخيارات المُتاحة للردّ، وسط ازدياد كلام داخل روسيا عن احتمال اللجوء إلى أسلحة غير تقليدية إذا ما تعرّضت روسيا، فعلياً، لهجمات من شأنها أن تهدد سيادتها وسلامة أراضيها.

للتوضيح، فإن هذه العبارة تحديداً «تهديد السيادة وسلامة الأراضي» هي التي تحدد شرط استخدام كل القدرات الروسية التقليدية وغير التقليدية، وفقاً لاستراتيجية الأمن القومي لروسيا.

صواريخ «ناتو» ولكن... هل تشكل الصواريخ خطراً جدياً؟

هذا السؤال يبرز بشكل واسع حالياً في تحليلات الخبراء الروس والغربيين. والكلام يدور بالدرجة الأولى حول نظاميْ «أتاكامز» الأميركي، و«ستورم شادو» البريطاني - الفرنسي، إذ يصل مدى الصاروخين إلى نحو 300 كيلومتر، في أحسن الأحوال. وهذا المدى لا يسمح بتهديد الجزء الأعظم من المناطق الروسية، بل يضع في دائرة الخطر فقط مساحة محددة على طول الحدود لا تصل حتى إلى العاصمة موسكو.

بهذا المعنى، ستكون منطقة القرم كلها ومحيط مدن كورسك وبيلغورود وروستوف وبعض المدن المهمة الأخرى في مرمى نيران كييف، وهي أصلاً تقع في المرمى حالياً، مع فارق القوة التدميرية للصواريخ الغربية. والنقطة الأبرز هنا تتمثل في القدرة المباشرة على استهداف منشآت حساسة للغاية، بينها مراكز «القيادة والسيطرة» في روستوف، مثلاً، التي منها تُدار العمليات الحربية في أوكرانيا.

إلا أن الأهم بالنسبة إلى الكرملين أن التغاضي عن تطوّر من هذا النوع سيشجع الغرب على مزيد من الانتهاكات اللاحقة، وربما تطوير قدرات أوكرانيا على ضرب مواقع أكثر حساسية لموسكو.

والحال أن أوكرانيا نجحت حقاً في توجيه ضربات مُوجعة إلى مناطق حساسة باستخدام مُسيّرات طُوّرت وزيد مداها لتتجاوز في بعض الحالات 700 أو 800 كيلومتر، لذا فإن التهديد مع الصواريخ الغربية يغدو أكبر، وفقاً للخبراء.

النقطة الثانية المهمة هنا هي المقصود بعبارة «العمق الروسي». فعندما تطلب أوكرانيا من الغرب العون في استهداف مناطق في الداخل الروسي، يظهر على الفور تباين لدى الأوساط الغربية بين السماح بتوجيه ضربات «إلى مناطق أوكرانية محتلة»، أو مناطق «ينطلق منها الخطر على الأراضي الأوكرانية»، دون الإشارة بشكل مباشر إلى استهداف المدن الكبرى والمواقع الحساسة للغاية والبعيدة عن خطوط التَّماس، وفق الفهم الأوكراني القائم على توفير معادلة «ردع متكافئ». والمعنى المقصود أن استهداف المدن الأوكرانية ومنشآت البنى التحتية في مدن بعيدة عن خطوط التَّماس يجب أن يقابله «وصول نيران المعارك إلى المدن الروسية».

لذا ترى موسكو أن إعطاء الغرب «الضوء الأخضر» يعني الانخراط بشكل مباشر في الحرب. وهذا أمر أوضحه بوتين بعبارة إن «الناتو لا يناقش فحسب إمكانية استخدام القوات المسلّحة الأوكرانية أسلحة غربية بعيدة المدى، بل يناقش المشاركة المباشرة في الصراع». وبالنسبة له، فإن أوكرانيا تضرب، بالفعل، الأراضي الروسية بطائرات دون طيار ووسائل أخرى. لكن عندما يتعلّق الأمر باستخدام أسلحة غربية عالية الدقة وبعيدة المدى، «ينبغي أن يكون مفهوماً أن مثل هذه العمليات تجري بمشاركة أفراد عسكريين من دول التحالف، ذلك أنهم وحدهم يمكنهم المشاركة في مهام إطلاق أنظمة الصواريخ وتوجيهها».

تغيير جوهر الصراع

في ضوء ما سبق، يرى الكرملين أن الحرب الأوكرانية قد تكون مُقبلة على تغيير مباشر في جوهر الصراع، وأيضاً في رقعته الجغرافية. وهو يقول بوضوح إن موسكو ستتخذ قراراتها «بناء على التهديدات التي تظهر أمامها».

هذه العبارة بالغة الوضوح لجهة أن موسكو سترى أي البلدان ستعطي «الضوء الأخضر» لأوكرانيا، وستُقْدم على تزويدها بالمُعدات اللازمة لذلك، وأيضاً البلدان التي ستُؤمّن التسهيلات اللوجستية المطلوبة لوصول هذه الإمدادات وتشغيلها على الأراضي الأوكرانية. وفي هذا السياق، لا تُخفي موسكو أنها تدرس خيارات الرد بناءً على تلك المعطيات، ومن هنا جاء التلويح الروسي بأن «ساحة الصراع قد تنتقل إلى أوروبا بشكل مباشر».

إن الخيارات التي يضعها الكرملين لا تستثني، بطبيعة الحال، الردّ النووي في حال دعت الحاجة القصوى لذلك. ولا بد من التذكير بأن بوتين كان قد أمر، خلال الصيف، بإجراء تدريبات غير مسبوقة على السلاح النووي التكتيكي. وشملت التدريبات عدة مراحل تعكس مستوى الجدية والتأهب، بينها عمليات نقل الرؤوس النووية، وتخزينها في مناطق قريبة من خطوط التَّماس المفترضة، ثم تفجير رؤوس نووية تكتيكية؛ أي محدودة الحجم... بما يكفي - مثلاً - لتدمير مدينة صغيرة.

طبعاً، تلك التدريبات استهدفت عدوّاً وهمياً أو افتراضياً. لكن اللافت، خلال اليومين الماضيين، أن قيادة هذا السلاح وجّهت رسالة علنية إلى القائد الأعلى للقوات المسلحة «أي بوتين» تؤكد أنها باتت على أعلى درجات التأهب والاستعداد.

وإذا كانت هذه الرسالة لا تعكس، بالضرورة، تأهباً من جانب الكرملين لاستخدام السلاح النووي بشكل مباشر، فهي - بلا شك - تدخل ضمن الضغوط الروسية على الغرب، وإظهار مستوى الجدية لدى الكرملين للتعامل مع أي تطوّر منتظَر.

3 خيارات لموسكو للرّد على التحديات

بينها فتح جبهات جديدة

قبل أن تنزلق الأمور على الجبهة الروسية - الأوكرانية نحو استخدام السلاح غير التقليدي، وفقاً لرغبات معسكر «الصقور» الروسي، الداعي إلى حسم المواجهة سريعاً، تبرز أمام «الكرملين»، وفقاً لخبراء، رزمة من الخيارات الأخرى التي يبدو أنها قد تُبلور المراحل الأولى من التعامل الروسي مع التهديدات الجديدة. خبراء عسكريون يشيرون، اليوم، إلى ثلاثة مستويات من الرد الروسي المحتمل، يمكن أن تكون مترافقة ومتزامنة، أو يُنتقى بعضها تدريجياً. غير أنها جميعاً لا تستثني مواصلة ضغط الكثافة النارية على كل الجغرافيا الأوكرانية، مع تركيز أساسي على مواقع تجمُّع الأسلحة والخبراء الأجانب ومنشآت الطاقة والإمدادات المختلفة. المستوى الأول يتمثل في تنشيط استهداف الناقلات الغربية التي تحمل الإمدادات إلى أوكرانيا. وهذا يعني استهداف السفن والطائرات وغيرها من الناقلات على الأراضي الأوكرانية، وفي أجواء أوكرانيا ومياهها الإقليمية، خلال المرحلة الأولى. وربما لاحقاً إذا دعت الحاجة إلى استهدافها في مناطق عدة أخرى. والمستوى الثاني يقوم على توجيه ضربات محددة إلى «مناطق انطلاق الخطر». والمقصود هنا مناطق في محيط أوكرانيا تُستخدم لتخزين ونقل المُعدات الغربية إلى كييف، أو قد تُستخدم بصورة مباشرة محطاتِ انطلاق لبعض الهجمات. ووفق خبراء عسكريين، فإن هذا المستوى من الرد محفوف بمخاطر الانزلاق نحو مواجهة مباشرة مع «ناتو»، لكنهم يدافعون عن هذا الخيار بالإشارة إلى أن الضربات الروسية يجب أن تكون محددة ودقيقة، وأن تكون ذرائعها واضحة أيضاً. وهنا لا بد من التذكير بالسجال الذي أثاره الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، عندما دعا الغرب أخيراً إلى المساعدة المباشرة في أنظمة الحماية الجوية لأوكرانيا؛ بمعنى أن ينخرط الغرب في تشكيل مظلة جوية تحمي أجواء بلاده. وهذا قد يتطلب إطلاق دفاعات جوية من مناطق مجاورة لأوكرانيا، مثل بولندا ورومانيا. وهنا، لا تُخفي بولندا - مثلاً - تأييدها خطوات من هذا النوع، ولقد برَّرت موقفها بالقول إن عليها «التصدي لصواريخ روسية قد تخترق الأجواء الأوكرانية، وتسقط على أراضي بولندا». لكن مثل هذا المدخل يوفر لموسكو الذرائع الكافية لتبنّي أحد خيارات الرد على التهديد المتصاعد، وفقاً لوجهة نظرها. أخيراً، المستوى الثالث للرد الروسي يقوم على نقل التهديد بتسليح خصوم واشنطن، إلى دائرة التنفيذ العملي، وكان بوتين قد لوَّح بذلك الخيار قبل أشهر. وراهناً يرى خبراء أن موسكو تستطيع مساعدة خصوم واشنطن، وحليفاتها على إيقاع ضربات مُوجعة بالولايات المتحدة في مناطق عدة من العالم. وفي هذا الإطار، يرى بعض الخبراء أن مناطق، مثل سوريا والعراق، قد تشهد تصعيداً قوياً ضد مصالح واشنطن، فضلاً عن مناطق أخرى عدة.