تجارة الكوكايين... خطر مُحدق بدول غرب أفريقيا

الأمم المتحدة تدق ناقوس الخطر... والبحث يتركز على آلية محلية لمحاربته

عملية إحراق مخدرات في النيجر (آ ب)
عملية إحراق مخدرات في النيجر (آ ب)
TT

تجارة الكوكايين... خطر مُحدق بدول غرب أفريقيا

عملية إحراق مخدرات في النيجر (آ ب)
عملية إحراق مخدرات في النيجر (آ ب)

تضاعف خلال العقد الأخير، وبشكل لافت، حجم المخدرات التي تعبر من دول غرب أفريقيا، مرسلة من أميركا اللاتينية نحو الأسواق الأوروبية، إذ تشير تقارير الأمم المتحدة إلى أن سلطات دول غرب أفريقيا صادرت 13 كيلوغراماً من الكوكايين سنوياً في الفترة من 2015 إلى 2020، وهو الرقم الذي تضاعف إلى أكثر من مائة مرّة عام 2022. إلا أن ما يثير القلق أكثر هو العلاقة ما بين شبكات تهريب المخدرات والجماعات الإرهابية الموجودة في منطقة الساحل الأفريقي، وكيف تحوّلت هذه التجارة إلى أكبر مصدر لتمويل الإرهاب، حتى إنها غدت البديل المفضل لـ«تجارة» خطف الرهائن الغربيين وطلب فديات لإطلاقهم.

لوسيا بيرد من «المبادرة العالمية لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية»

أصدر «مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة»، أخيراً، تقريره لعام 2023، ودقّ فيه ناقوس خطر تجارة المخدرات على دول غرب أفريقيا. ولقد أفاد التقرير بأن منطقة الساحل وجنوب الصحراء الكبرى أصبحت بؤرة لتهريب المخدرات نحو الدول الأوروبية، وذلك في حين تواجه منطقة الساحل مخاطر الإرهاب والتغير المناخي والهجرة غير الشرعية، كما أنها تعيش موجة انقلابات عسكرية بسبب انعدام الاستقرار السياسي.

شبكة طرق

جدير بالذكر أن دول غرب أفريقيا لطالما شكلت معبراً مهماً لتجار المخدرات الآتية من دول أفريقيا اللاتينية، بسبب موقعها الجغرافي كمحطة مهمة على الطريق نحو أوروبا وإسرائيل. وهكذا لعقود طويلة ظلت هذه الدول محطة عبور للسفن والطائرات المحملة بالمخدّرات، من دون أن تلفت انتباه أي أحد، وهي عمليات كان يتورطُ فيها كبار المسؤولين المدنيين والعسكريين، ويتجاهلها السكان المحليون لأنهم لا يرون فيها أي خطر عليهم ما دامت بلدانهم محطة عبور فقط.

بل، بالعكس، فإنَّ بعض المجتمعات المحلية أضحت تتّخذ من حماية المهرّبين وتقديم الخدمات لهم مصدر دخل معتبر، في ظل غياب الدولة وضعفها وانتشار الفساد في أجهزتها الإدارية، بالإضافة إلى أن المهرّبين يغدقون أموالاً طائلة على مجتمعات فقيرة تعد بمختلف المقاييس محرومة وتعاني التهميش والظلم.

طرق نقل الكوكايين عبر الدول الأفريقية متعددة ومتشعبة، ولكن بعض التقارير تشير إلى أن أبرزها تلك التي تمرّ عبر مراكز على شواطئ غينيا وموريتانيا والسنغال، ثم تنقلُ الكميات المهرّبة براً عبر الصحراء الكبرى (من مالي والنيجر) نحو دول شمال أفريقيا (كالمغرب والجزائر وليبيا)، ومنه تعبر البحر الأبيض المتوسط نحو أوروبا.

بيد أنه مع تطوّر شبكات تهريب المخدرات ونموها، أصبحت الشبكات تستخدم طائرات شحن لنقل الكوكايين من دول في أميركا الجنوبية نحو الصحراء الكبرى، ولعل من أشهر عمليات التهريب العملاقة تلك التي استخدمت فيها طائرة من نوع بوينغ 727 حلقت من فنزويلا عام 2009، حاملة ما بين 7 أطنان إلى 11 طناً من الكوكايين، وحطّت وسط الصحراء في شمال مالي، بين مدينتي غاو وتمبكتو.

الطائرة، التي عرفت آنذاك لدى الإعلام باسم «الخطوط الجوية للكوكايين»، لا تزال بقايا هيكلها ماثلة في المنطقة الصحراوية، بعدما تخلى عنها المهرّبون حين أفرغوا حمولتها وشحنوها على متن سيارات عابرة للصحراء توجّهت على الفور نحو شواطئ البحر الأبيض المتوسط. ومع أن الإعلام اهتم بالطائرة المذكورة كثيراً في أعقاب اكتشاف هيكلها عام 2009، فإن السلطات المالية لم تحرّك في حينه أي ساكنٍ، في ظل تمتع شبكات التهريب بنفوذ واسع.

ومنذ ذلك الوقت جرت مياه كثيرة تحت الجسر، فقد تغيّرت المنطقة وتحوّلت إلى مركز الحرب العالمية ضد الإرهاب، بعدما تمركزت فيها مجموعات مسلحة موالية لتنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما انهارت الأنظمة السياسية والسلطات المركزية على وقع انقلابات عسكرية متلاحقة في كل من مالي والنيجر وبوركينا فاسو وتشاد... وغرقت المنطقة، عموماً، في أزمة متعددة الأبعاد، وغدا مشروع «الدولة الوطنية» فيها أكثر هشاشة من أي وقت مضى، على وقع احتدام الصراع الدولي ما بين الغرب وروسيا على أراضيها.

التهريب مستمر!

وسط الفوضى العارمة التي اجتاحت منطقة الساحل ودول غرب أفريقيا، لم تتوقف شبكات تهريب المخدرات عن النمو والتوسع، إذ لا يكاد يمضي شهر واحد من دون توقيف شحنة جديدة من المخدرات على الحدود بين هذه الدول. وكانت أحدث عملية كبيرة من هذا النوع، قد وقعت منتصف أبريل (نيسان) 2024 في قرية سنغالية صغيرة على الحدود مع مالي. وهناك تمكنت وحدة من الجمارك السنغالي من توقيف شاحنة آتية من مالي أخفي على متنها 1.1 طن من الكوكايين، ما عُد بالتالي أكبر وأخطر كمية مخدرات تصادرها السنغال على أراضيها.

كانت شحنة الكوكايين هذه مخفية في طابق سرّي من شاحنة تبريد، وموزّعة على 984 لوحاً وضعت في أكياس محفوظة بعناية كبيرة، وحسب السلطات السنغالية فإن قيمة الشحنة تصل إلى أكثر من 146 مليون دولار.

هذا الخبرُ حظي بتغطية كبيرة من وسائل الإعلام المحلية في السنغال، وذكرت صحف محلية أن تحقيقاً فتح في القضية، إلا أنه يواجه صعوبات بسبب ضعف التنسيق الأمني مع سلطات مالي، كما أن سائق الشاحنة نجح بالفرار قبل أن تعتقله السلطات السنغالية، ما زادَ من تعقيد الملف، وطرح كثيراً من علامات الاستفهام.

من جهة ثانية، يُذكر أنه في عام 2022 أوقفت السنغال شاحنة مماثلة آتية من مالي أيضاً، كانت على متنها هذه المرة كمية زنتها 300 كيلوغرام من الكوكايين، وعلى الرغم من التحقيق الذي فتحته السلطات، فإنه لم يفض إلى أي نتيجة. ولكن تظل أكبر شحنة كوكايين ضبطتها السلطات السنغالية شحنة زنتها 3 أطنان كانت منقولة على متن سفينة شحن جرى توقيفها قبالة الشواطئ السنغالية خلال شهر نوفمبر (تشرين الثاني) 2023.

أما في موريتانيا، فقد أوقفت سلطاتها الأمنية خلال يوليو (تموز) من العام الماضي (2023) سفينة تحمل 1.2 طن من الكوكايين، في عملية وصفتها السلطات بأنها الكبرى في تاريخ البلد. وهي بالفعل ضخمة جداً بالمقارنة مع عملية تهريب وقعت عام 2007، حين أوقف الأمن الموريتاني طائرة تحملُ 600 كيلوغرام من الكوكايين في مطار نواذيبو، العاصمة الاقتصادية للبلاد وثاني أهم مدن موريتانيا. وكان قد أوقف في طائرة 2007 الشهيرة عدة مهربين أجانب وموريتانيين، من بينهم عسكريون مرموقون، ولكن أفرج عن معظمهم في وقت لاحق، وبعضهم استفاد من عفو رئاسي بعد سنوات قليلة من السجن.

أما سفينة عام 2023 فقد احتفت بها السلطات الموريتانية، وعرضت حمولتها أمام وسائل الإعلام، معلنة أنها تعمل على تفكيك شبكة للتهريب. وبالفعل، أوقفت عدة أشخاص أجانب وموريتانيين، لكن مع ذلك لم تتوقف عمليات التهريب، بل يكفي أن نعرف أنه في عام 2023 وحده أتلفت موريتانيا 2.3 طن من الكوكايين صادرتها من المهربين.

وفي سياق متصل، أشار تقرير «مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة» إلى أنه في عام 2022 صودرت كمية تزن 1.4 طن من الكوكايين في مالي وتشاد وبوركينا فاسو والنيجر (دول الساحل)، وهذا رقم مرعب بالمقارنة مع 13 كيلوغراماً فقط كانت متوسط الكوكايين المُصادر خلال الفترة من 2013 حتى 2020. وعدّ المكتب الأممي في تقريره أن حوادث ضبط المخدرات صارت شائعة جداً في منطقة الساحل وغرب أفريقيا، وأن الكوكايين هو أكثر أنواع المخدرات التي تُصادرها. وهو ما يعني أن المنطقة تحوّلت حقاً إلى «بؤرة» لا تستغني عنها شبكات التهريب لنقل بضاعتها نحو الأسواق الأوروبية والآسيوية، وإن كان التقرير الأممي يشير أيضاً إلى مخاطر أخرى تواجه منطقة الساحل، فهي لم تعد مجرد منطقة عبور، بل أصبحت سوقاً للاستهلاك أيضاً.

سوق محلية!

«المكتب» كشف أيضاً في تقريره الأخير، أن منطقة الساحل تعيش ما يشبه حالة «الانفجار» في إنتاج واستهلاك الكوكايين والقنب والمواد الأفيونية، الأمر الذي يعني أن سوقاً جديدة بدأت يتشكل، وأن مستهلكين محليين صاروا مستهدفين من طرف تجار المخدرات.

ولفت التقرير إلى «زيادة حادة» في الاتجار بالمواد المخدرة، مع الإنتاج وتوزيع المواد المخدرة للاستهلاك الداخلي. وفي هذا السياق قال فرنسوا باتويل، مدير أبحاث «المكتب» في منطقتي غرب ووسط أفريقيا، إن الإنتاج «أصبحَ محلياً أكثر فأكثر». وأردف المسؤول الأممي أنّ «النيجر، على سبيل المثال، فكّكت مختبرين لمعالجة الكوكايين وتحويله إلى (كراك)... إذ يقوم التجار بزيادة الاستهلاك المحلي؛ لكون (الكراك) أرخص بكثير من الكوكايين. وهذا يسمح للمتاجرين بقطع الكوكايين وبيعه بسعر أرخص بكثير، ولكن لعدد أكبر من الناس بسعر أقل».

في هذا الإطار، بدأت تنمو شبكات تستهدف الأسواق المحلية، تتولى تسويق المخدرات وبيعها، وفق ما أعلنته لوسيا بيرد، مديرة «مرصد غرب أفريقيا للاقتصادات غير المشروعة» في «المبادرة العالمية لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية». إذ قالت بيرد في تصريحات بهذا الشأن «لقد تلقينا تقارير عن ارتفاع استهلاك الكوكايين في أغاديز (شمال النيجر) مدفوعاً بالدفع العيني؛ حيث يتقاضى المهربون الصغار رواتبهم من المخدرات، ويفرغونها في الأسواق المحلية لأنهم لا يملكون اتصالات في وجهات استهلاك أكثر ربحاً».

وأضافت بيرد أن هذا الاقتصاد المحلي القائم على بيع الكوكايين ظهر منذ عام 2020، وصار أكثر شيوعاً «لأنه يتجاوز الحاجة إلى المدفوعات النقدية ويستغل الاختلافات في أسعار المخدرات عبر القارات». وأوضحت أن من شأن هذا النوع من الاقتصاد «أن يزيد كميات المخدرات المهرّبة عبر الطريق البرية، والتي تمر من موانئ غرب أفريقيا عبر بعض المناطق الأكثر تضرراً من النزاع في منطقة الساحل».

انتشار الإدمان!

هذا، ومع ازدهار تسويق الكوكايين ومختلف أنواع المخدرات في دول الساحل وغرب أفريقيا، ارتفعت معدلات الإدمان وخاصة في أوساط الشباب، حسب ما تؤكده مختلف الدراسات التي أجريت في المنطقة، والتي كان من أشهرها دراسة «شبكة غرب أفريقيا للوبائيات المعنية بتعاطي المخدرات» (ويندو). ولقد حاولت هذه الدراسة، التي أجريت بتنسيق مع «المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا» (إيكواس)، أن تتطرق إلى دراسة تطور تعاطي المخدرات في المنطقة خلال الفترة ما بين 2020 و2022، ومن ثم توصلت إلى وجود أرقام مقلقة لأعداد من يعانون من اضطرابات تعاطي المؤثرات العقلية.

في هذا السياق، قالت فاتو سو سار، مفوضة التنمية البشرية والشؤون الاجتماعية في الـ«إيكواس»، إن «الناشئة الذين تتراوح أعمارهم من 10 سنوات إلى 29 سنة هم أكثر من يتعاطون المخدرات»، لكن سبب الإدمان الأول هو تعاطي الحشيش. كذلك أفادت الدراسة بأن الحشيش يُعد أكثر أنواع المخدرات انتشاراً في السوق المحلية الأفريقية، وازداد انتشاره بشكل كبير خلال السنوات الأخيرة، حين صادرت سلطات المنطقة 139 طناً من الحشيش عام 2020، ولكن هذه الكمية تضاعفت عام 2022 لتتجاوز 631 طناً.

وهنا يرجع المتخصصون انتشار الحشيش في غرب أفريقيا إلى كونه ينمو بسهولة في الظروف المناخية للمنطقة، ولكونه سهل التعاطي (التدخين)، ويتوافر بسهولة، ثم إنه أرخص ثمناً من المخدرات الأخرى، على حد تعبير خبير من كوت ديفوار. لكن يبقى القول، إن تقارير جديدة أشارت إلى أن الكوكايين كان أكثر المخدرات التي تعاطاها المدمنون في السنغال خلال عام 2021، إذ شكل المدمنون عليه نسبة 60 في المائة من المحتجزين في مراكز العلاج من الإدمان، أما في كوت ديفوار فقد ارتفعت هذه النسبة لتصل إلى 80 في المائة، مقابل انخفاضها في نيجيريا إلى 46 في المائة. وسط الفوضى العارمة في منطقة الساحل لم تتوقف شبكات تهريب المخدرات عن النمو والتوسع

وسط الفوضى العارمة في منطقة الساحل لم تتوقف شبكات تهريب المخدرات عن النمو والتوسع

توقيف مهربين مشتبه بهم (أ ف ب)

المخدرات مصدر مهم لتمويل الإرهاب عبر منطقة الساحل

> قبل 10 سنوات كانت الجماعات الإرهابية في منطقة الساحل الأفريقي تعتمد في تمويلها، بالدرجة الأولى، على اختطاف الرعايا الغربيين، والحصول على فديات من أجل الإفراج عنهم. ولكن بعد التدخل العسكري الفرنسي في الساحل عام 2013، بدأت تجارة الرهائن الغربيين تتراجع أكثر فأكثر. في المقابل كانت المجموعات الإرهابية ترتبط مع شبكات التهريب بعلاقات معقّدة، خصوصاً في شمال مالي، حيث تشير التقارير إلى أن المعادلة التقليدية كانت تقوم على أن شبكات التهريب تستغل ثغرات الحدود البرية والبحرية والجوية لنقل المخدرات، في حين تتولى المجموعات الإرهابية مهمة التأمين عبر الصحراء. بيد أن التقرير الأخير لـ«مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة»، تطرّق إلى تغلغل المجموعات الإرهابية في هذه التجارة، حيث أضحت أكثر حضوراً إلى جانب شبكات تهريب المخدرات التقليدية. وهكذا صار تهريب المخدرات المصدر الأول لتمويل أنشطة المجموعات الإرهابية التي تموّل نفسها بشكل خاص من خلال جباية الضرائب والرسوم الأخرى مقابل الحماية أو المرور الآمن عبر المناطق التي يسيطر عليها الإرهابيون. وأضاف التقرير أن المجموعات الإرهابية، سواء تلك التي تبايع تنظيم «القاعدة» أو تلك التي ترتبط بتنظيم «داعش»، متورّطة في نقل شحنات المخدّرات، بما في ذلك الكوكايين وصمغ القنب. وفي هذا السياق، صرّح فرنسوا باتويل، مدير أبحاث غرب ووسط أفريقيا في «مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة»، بأن الجماعات الإرهابية أصبحت أكبر مستفيد من نشاط تهريب المخدرات. وتابع من ثم «إن هذه التجارة تمكّنهم من شراء الأسلحة، وتوسيع دائرة النفوذ، عن طريق رشوة وكلاء إنفاذ القانون في مناطق معينة أو بعض المسؤولين المنتخبين». وأوضح المسؤول الأممي أنه «في النيجر، بعد ضبط 214 كيلوغراماً من الكوكايين في عام 2022، اعتُقل رئيس بلدية، كان قد جرى تخزين الكوكايين في سيارته». وللعلم، على ضفاف سوق تهريب المخدرات، تنمو راهناً أنشطة مجرّمة أخرى، مثل أنشطة غسل الأموال التي تدرّ عوائد مجزية على شبكات التهريب وعلى المتعاونين معها، والتي يتورط فيها عدد من كبار المسؤولين وقادة المجتمعات المحلية في منطقة الساحل. وهذا ما أشار إليه تقرير الأمم المتحدة الأخير، متناولاً «العلاقة الوطيدة بين نمو شبكات تهريب المخدرات في منطقة الساحل، وانتشار الفساد الإداري والمالي، وتحوّل هذه الدول إلى منصات ضخمة لغسل الأموال وتبييضها». وفي هذا الإطار يقول ليوناردو سانتوس سيماو، الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة لغرب أفريقيا: «يجب على دول منطقة الساحل، إلى جانب المجتمع الدولي، اتخاذ إجراءات عاجلة ومنسقة وشاملة لتفكيك شبكات الاتجار بالمخدرات».


مقالات ذات صلة

تركيا: صدامات بين الشرطة ومحتجين بعد عزل رئيسي بلديتين معارضين

شؤون إقليمية محتجون أشعلوا النار في الشوارع المحيطة ببلدية تونجلي في شرق تركيا بعد عزل رئيسه وتعيين وصي عليها (إعلام تركي)

تركيا: صدامات بين الشرطة ومحتجين بعد عزل رئيسي بلديتين معارضين

وقعت أعمال عنف ومصادمات بين الشرطة ومحتجين على عزل رئيسَي بلدية منتخبَين من صفوف المعارضة في شرق تركيا، بعد إدانتهما بـ«الإرهاب»، وتعيين وصيين بدلاً منهما.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية وزير الخارجية التركي هاكان فيدان خلال اجتماع لجنة التخطيط بالبرلمان التركي (الخارجية التركية)

تركيا تحذر من جرّ العراق إلى «دوامة العنف»

حذرت تركيا من جرّ العراق إلى «دوامة العنف» في منطقة الشرق الأوسط، في حين رجحت «انفراجة قريبة» في ملف تصدير النفط من إقليم كردستان.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
آسيا صورة أرشيفية لهجوم سابق في كابول (رويترز)

مقتل 10 أشخاص في هجوم على مزار صوفي بأفغانستان

قتل 10 مصلين عندما فتح رجل النار على مزار صوفي في ولاية بغلان في شمال شرقي أفغانستان، وفق ما أفاد الناطق باسم وزارة الداخلية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
شؤون إقليمية أكراد يرفعون صور أوجلان في مظاهرة للمطالبة بكسر عزلته (رويترز)

تركيا: أوجلان إلى العزلة مجدداً بعد جدل حول إدماجه في حل المشكلة الكردية

فرضت السلطات التركية عزلة جديدة على زعيم حزب «العمال الكردستاني» عبد الله أوجلان بعد دعوة رئيس حزب «الحركة القومية» دولت بهشلي للسماح له بالحديث بالبرلمان

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
الخليج يضطلع «اعتدال» بمهام منها رصد وتحليل المحتوى المتعاطف مع الفكر المتطرف (الشرق الأوسط)

«اعتدال» يرصد أسباب مهاجمة «الفكر المتطرف» الدول المستقرّة

أوضح «المركز العالمي لمكافحة الفكر المتطرّف (اعتدال)» أن استقرار الدول «يفيد التفرغ والتركيز على التنمية؛ خدمة لمصالح الناس الواقعية».

غازي الحارثي (الرياض)

هواجس متفاوتة لدول «حوض المحيطين الهندي والهادئ» إزاء عودة ترمب

من لقاء الزعيمين الصيني شي جينبينغ والهندي ناريندرا مودي في مدينة قازان الروسية اخيراً (رويترز)
من لقاء الزعيمين الصيني شي جينبينغ والهندي ناريندرا مودي في مدينة قازان الروسية اخيراً (رويترز)
TT

هواجس متفاوتة لدول «حوض المحيطين الهندي والهادئ» إزاء عودة ترمب

من لقاء الزعيمين الصيني شي جينبينغ والهندي ناريندرا مودي في مدينة قازان الروسية اخيراً (رويترز)
من لقاء الزعيمين الصيني شي جينبينغ والهندي ناريندرا مودي في مدينة قازان الروسية اخيراً (رويترز)

يأتي فوز دونالد ترمب في انتخابات الرئاسة الأميركية وعودته الوشيكة إلى البيت الأبيض يوم يناير (كانون الثاني) 2025 نقطة تحوّل مهمة وسط اضطرابات غير عادية في النظام العالمي. وبديهي أن ولاية ترمب الثانية لا تشكّل أهمية كبرى في السياسة الداخلية الأميركية فحسب، بل ستؤثر إلى حد كبير أيضاً على الجغرافيا السياسية والاقتصاد في آسيا. وفي حين يتوقع المحللون أن يركز الرئيس السابق - العائد في البداية على معالجة القضايا الاقتصادية المحلية، فإن «إعادة ضبط» أجندة السياسة الخارجية لإدارته ستكون لها آثار وتداعيات في آسيا ومعظم مناطق العالم، وبالأخص في مجالات التجارة والبنية التحتية والأمن. وبالنسبة لكثيرين في آسيا، يظل السؤال المطروح هنا هو... هل سيعتمد في ولايته الجديدة إزاء كبرى قارات العالم، من حيث عدد السكان، تعاملاً مماثلاً لتعامله في ولايته الأولى... أم لا؟

توقَّع المحللون السياسيون منذ فترة أن تكون منطقة حوض المحيطين الهندي والهادئ في طليعة اهتمامات السياسة الخارجية عند إدارة الرئيس الأميركي السابق العائد دونالد ترمب. ومعلومٌ أن استراتيجية ترمب في فترة ولايته الأولى، إزاء حوض المحيطين الهندي والهادئ شددت على حماية المصالح الأميركية في الداخل. والمتوقع أن يظل هذا الأمر قائماً، ويرجح أن يؤثّر على نهج سياسته الخارجية تجاه المنطقة مع التركيز على دفع الازدهار الأميركي، والحفاظ على السلام من خلال القوة، وتعزيز نفوذ الولايات المتحدة.

منطقة حوض المحيطين الهندي والهادئ التي يقطن كياناتها نحو 65 في المائة من سكان العالم، تشكل راهناً نقطة محورية للاستراتيجية والتوترات الجيوسياسية، فهي موطن لثلاثة من أكبر الاقتصادات على مستوى العالم (الصين والهند واليابان) ولسبع من أكبر القوات العسكرية في العالم. ويضاف إلى ذلك أنها منطقة اقتصادية رئيسية تمثل 62 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي العالمي وتسهم بنسبة 46 في المائة من تجارة السلع العالمية.

3 محاور

ويرجّح فيفيك ميشرا، خبير السياسة الأميركية في «مؤسسة أوبزرفر للأبحاث»، أنه «في ولاية ترمب الثانية، ستوجّه استراتيجية واشنطن لهذه المنطقة عبر التركيز على ثلاثة محاور تعمل على ربط المجالات القارية والبحرية في حيّزها. وستكون العلاقات الأميركية - الصينية في نقطة مركز هذه المقاربة، مع توقع أن تعمل التوترات التجارية على دفع الديناميكيات الثنائية... إذ لا يزال موقف ترمب من الصين حازماً، ويهدف إلى موازنة نفوذها المتنامي في المجالين الاقتصادي والأمني على حد سواء».

إضافة إلى ما سبق، يرى ميشرا أن «لدى سياسة ترمب في حوض المحيطين الهندي والهادئ توقعات كبيرة من حلفاء أميركا الرئيسيين وشركائها في المنطقة، بما في ذلك اضطلاع الهند بدور أنشط في المحيط الهندي مع التزامات عسكرية أكبر من الحلفاء مثل اليابان وأستراليا». ويرجّح الخبير الهندي، كذلك، «أن تتضمن رؤية ترمب لحوض المحيطين الهندي والهادئ الجهود الرامية إلى إرساء الاستقرار في الشرق الأوسط، لا سيما من خلال تعزيز التجارة والاتصال مع المنطقة، لتعزيز ارتباطها بالمجال البحري لحوض المحيطين الهندي والهادئ».

الحالة الهندية

هناك الكثير من الأسباب التي تسعد حكومة ناريندرا مودي اليمينية في الهند بفوز ترمب. إذ تقف الهند اليوم شريكاً حيوياً واستثنائياً بشكل خاص في الاستراتيجيتين الإقليمية والدولية للرئيس الأميركي العائد. وعلى الصعيد الشخصي، سلَّط ترمب إبان حملته الانتخابية الضوء على علاقته القوية بمودي، الذي هنأه على الفور بفوزه في الانتخابات.

وهنا يقول السفير الهندي السابق آرون كومار: «مع تأمين ترمب ولاية ثانية، تؤشر علاقته الوثيقة برئيس الوزراء مودي إلى مرحلة جديدة للعلاقات الهندية - الأميركية. ومع فوز مودي التاريخي بولاية ثالثة، ووعد ترمب بتعزيز العلاقات بين واشنطن ونيودلهي يُرتقب تكثّف الشراكة بينهما. وبالفعل، يتفّق موقف ترمب المتشدد من بكين مع الأهداف الاستراتيجية لنيودلهي؛ ولذا يُرجح أن يزيد الضغط على بكين وسط تراجع التصعيد على الحدود. ويضاف إلى ذلك، أن تدقيق ترمب في تصرفات باكستان بشأن الإرهاب قد يوسّع النفوذ الاستراتيجي الهندي في كشمير».

كومار يتوقع أيضاً «نمو التعاون في مجال الدفاع، لا سيما في أعقاب صفقة الطائرات المسيَّرة الضخمة التي بدأت خلال ولاية ترمب الأولى. ومع الأهداف المشتركة ضد العناصر المتطرّفة في كندا والولايات المتحدة، يمهّد تحالف مودي - ترمب المتجدّد الطريق للتقدم الاقتصادي والدفاعي والدبلوماسي... إذا منحت إدارة ترمب الأولوية للتعاون الدفاعي والتكنولوجي والفضائي مع الهند، وهي قطاعات أساسية تحتل مركزها في الطموحات الاستراتيجية لكلا البلدين». وما يُذكر أن ترمب أعرب عن نيته البناء على تاريخه السابق مع الهند، المتضمن بناء علاقات تجارية، وفتح المزيد من التكنولوجيا للشركات الهندية، وإتاحة المزيد من المعدات العسكرية الأميركية لقوات الدفاع الهندية. وبصفة خاصة، قد تتأكد العلاقات الدفاعية بين الهند والولايات المتحدة، في ظل قدر أعظم من العمل البيني المتبادل ودعم سلسلة الإمداد الدفاعية.

السياسة إزاء الصين

أما بالنسبة للصين، فيتوقع كثيرون استنساخ ترمب سياساته المتشددة السابقة، ويرى البعض أنه خلال ولايته الثانية يمتلك القدرة على قيادة مسار احتواء أوسع تجاه بكين. بدايةً، كما نتذكر، حمّل ترمب الحكومة الصينية مسؤولية جائحة «كوفيد - 19»، التي قتلت أكثر من مليون أميركي ودفعت الاقتصاد الأميركي إلى ركود عميق. وسواء عبر الإجراءات التجارية، أو العقوبات، أو المطالبة بالتعويضات، سيسعى الرئيس الأميركي العائد إلى «محاسبة» بكين على «الأضرار» المادية التي ألحقتها الجائحة بالولايات المتحدة والتي تقدَّر بنحو 18 تريليون دولار أميركي.

ووفقاً للمحلل الأمني الهندي سوشانت سارين، فإن دبلوماسية «الذئب المحارب» الصينية، ودعم بكين حرب موسكو في أوكرانيا، والقضايا المتزايدة ذات الصلة بالتجارة والتكنولوجيا وسلاسل التوريد، تشكل مصدر قلق كبيراً لحكومة ترمب الجديدة. ومن ثم، ستركز مقاربة الرئيس الأميركي تجاه الصين على الجانبين الاقتصادي والأمني، مع التأكيد على حاجة الولايات المتحدة إلى الحفاظ على قدرتها التنافسية في مجال التكنولوجيات الناشئة.

آسيا ... تنتظر مواقف ترمب بعد انتصاره الكبير (رويترز)

التجارة والاقتصاد

أما الخبير الاقتصادي سيدهارت باندي، فيرى أنه «يمكن القول إن التجارة هي القضية الأكثر أهمية في جدول أعمال السياسة الأميركية تجاه الصين... وقد تتصاعد الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين في ظل حكم ترمب».

وحقاً، في التقييم الصيني الحالي، يتوقع أن تشهد ولاية ترمب الثانية تشدداً أميركياً أكبر حيال بشأن العلاقات التجارية والاقتصادية الثنائية؛ ما يؤدي إلى مزيد من التنافر بين الاقتصادين. وللعلم، في وقت سابق من العام الحالي، وعد خطاب ترمب الانتخابي بتعرفات جمركية بنسبة 60 في المائة أو أعلى على جميع السلع الصينية، وتعرفات جمركية شاملة بنسبة 10 في المائة على السلع من جميع نقاط المنشأ. ومن ثم، يرجّح أيضاً أن تشجع هذه الاستراتيجية الشركات الأميركية على تنويع سلاسل التوريد الخاصة بها بعيداً عن الصين؛ ما قد يؤدي إلى تسريع الشراكات مع دول أخرى في منطقة المحيطين الهندي والهادئ».

ما يستحق الإشارة هنا أن ترمب كان قد شن حرباً تجارية ضد الصين بدءاً من عام 2018، حين فرض رسوماً جمركية تصل إلى 25 في المائة على مجموعة من السلع الصينية. وبعدما كانت الصين عام 2016 الشريك التجاري الأول للولايات المتحدة، مع أكثر من 20 في المائة من الواردات الأميركية ونحو 16 في المائة من إجمالي التجارة الأميركية، فإنها تراجعت بحلول عام 2023 إلى المرتبة الثالثة، مع 13.9 في المائة من الواردات و11.3 في المائة من التجارة.

وبالتالي، من شأن هذا التحوّل منح مصداقية أكبر لتهديدات ترمب بإلغاء الوضع التجاري للدولة «الأكثر رعاية» المعطى للصين وفرض تعرفات جمركية واسعة النطاق. ومع أن هذه الإجراءات سترتب تكاليف اقتصادية للأميركيين، فإن نحو 80 في المائة من الأميركيين ينظرون إلى الصين نظرة سلبية.

يتوقع كثيرون استنساخ ترمب سياساته المتشددة السابقة إزاء الصين

الشق العسكري

من جهة ثانية، يتوقع أن يُنهي ترمب محاولات الشراكة الثنائية السابقة، بينما يعمل حلفاء الولايات المتحدة الآسيويون على تعزيز قدراتهم العسكرية والتعاون فيما بينهم. ومن شأن تحسين التحالفات والشراكات الإقليمية، بما في ذلك «ميثاق أستراليا وبريطانيا والولايات المتحدة»، وميثاق مجموعة «كواد» الرباعية (أستراليا والهند واليابان والولايات المتحدة)، وتحسين العلاقات بين اليابان وكوريا الجنوبية بشكل كبير، والتعاون المتزايد بين اليابان والفلبين، تعزيز موقف ترمب في وجه بكين.

شبه الجزيرة الكورية

فيما يخصّ الموضوع الكوري، يتكهن البعض بأن ترمب سيحاول إعادة التباحث مع كوريا الشمالية بشأن برامجها للأسلحة النووية والصواريخ الباليستية. وفي حين سيكون إشراك بيونغ يانغ في هذه القضايا بلا شك، حذراً وحصيفاً، فمن غير المستبعد أن تجد إدارة ترمب الثانية تكرار التباحث أكثر تعقيداً هذه المرة.

الصحافي مانيش تشيبر علَّق على هذا الأمر قائلاً إن «إدارة ترمب الأولى كانت لها مزايا عندما اتبعت الضغط الأقصى الأولي تجاه بيونغ يانغ، لكن هذا لن يتكرّر مع إدارة ترمب القادمة، خصوصاً أنه في الماضي كانت روسيا والصين متعاونتين في زيادة الضغوط على نظام كوريا الشمالية». بل، وضعف النفوذ التفاوضي لواشنطن في الوقت الذي قوي موقف كوريا الشمالية. ومنذ غزو روسيا لأوكرانيا وبعد لقاء الرئيس الكوري الشمالي كيم جونغ أون بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين في سبتمبر (أيلول) 2023، عمّقت موسكو وبيونغ يانغ التعاون في مجالات الاقتصاد والعلوم والتكنولوجيا.

الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ اون (رويترز)

مكاسب حربية لكوريا الشمالية

أيضاً، تشير التقديرات إلى أن كوريا الشمالية كسبت على الأرجح 4.3 مليار دولار من شحنات المدفعية إلى روسيا خلال الحرب وحدها، وقد تكسب أكثر من 21 مليون دولار شهرياً من نشر قواتها في روسيا. وفي المقابل، تستفيد من روسيا في توفير الأسلحة والقوات والتكنولوجيا لمساعدة برامج الصواريخ الكورية الشمالية. وتبعاً لمستوى الدعم الذي ترغب الصين وروسيا في تقديمه لكوريا الشمالية، قد تواجه إدارة ترمب القادمة بيونغ يانغ تحت ضغط دبلوماسي واقتصادي متناقص وهي مستمرة في تحسين برامج الأسلحة وتطويرها.

أما عندما يتعلق الأمر بكوريا الجنوبية، فيلاحظ المحللون أن فصلاً جديداً مضطرباً قد يبدأ للتحالف الأميركي - الكوري الجنوبي مع عودة دونالد ترمب إلى البيت الأبيض. ويحذر المحللون من أن سياسة «جعل أميركا عظيمة مجدداً» التي ينتهجها الحزب الجمهوري قد تشكل مرة أخرى اختباراً صعباً للتحالف بين سيول وواشنطن الذي دام عقوداً من الزمان، مذكرين بالاضطرابات التي شهدها أثناء فترة ولايته السابقة من عام 2017 إلى عام 2021. ففي ولايته السابقة، طالب ترمب بزيادة كبيرة في المساهمة المالية لسيول في دعم القوات الأميركية في شبه الجزيرة الكورية. وأثناء حملته الانتخابية الحالية، وصف كوريا الجنوبية بأنها «آلة للمال» بينما يناقش مسألة تقاسم تكاليف الدفاع، وذكر أن موقفه بشأن القضية لا يزال ثابتاً. وفي سياق متصل، قال الصحافي الكوري الجنوبي لي هيو جين في مقال نشرته صحيفة «كوريان تايمز» إنه «مع تركيز الولايات المتحدة حالياً على المخاوف الدولية الرئيسية كالحرب في أوكرانيا والصراع في الشرق الأوسط، يشير بعض المحللين إلى أن أي تحولات جذرية في السياسة تجاه شبه الجزيرة الكورية في ظل إدارة ترمب قد تؤجل. لكن مع ذلك؛ ونظراً لنهج ترمب الذي غالباً يصعب التنبؤ به تجاه السياسة الخارجية، يمكن عكس هذه التوقعات».

حقائق

أميركا والهند... و«اتفاقية التجارة الحرة»

في كي فيجاياكومار، الخبير الاستثماري الهندي، يتوقع أن يعيد الرئيس الأميركي العائد دونالد ترمب النظر مجدداً بشأن المفاوضات حول «اتفاقية التجارة الحرة»، وكانت قد عُرفت مفاوضات مكثفة في الفترة 2019 - 2020 قبل أن يفقد السلطة، والتي لم يبدِ الرئيس السابق جو بايدن أي اهتمام باستكمالها.وعوضاً عن الضغط على نيودلهي بشأن خفض انبعاثات الكربون، «من المرجح أن يشجع ترمب الهند على شراء النفط والغاز الطبيعي المسال الأميركي، على غرار مذكرة التفاهم الخاصة بمصنع النفط والغاز الطبيعي المسال في لويزيانا لعام 2019، والتي كانت ستجلب 2.5 مليار دولار من الاستثمارات من شركة (بترونيت إنديا) إلى الولايات المتحدة، لكنها تأجلت لعام لاحق».ثم يضيف: «بوجود شخصيات مؤثرة مثل إيلون ماسك، الذي يدعو إلى الابتكار في التكنولوجيا والطاقة النظيفة، ليكون له صوت مسموع في دائرة ترمب، فإن التعاون بين الولايات المتحدة والهند في مجال التكنولوجيا يمكن أن يشهد تقدماً ملحوظاً. ومن شأن هذا التعاون دفع عجلة التقدم في مجالات مثل استكشاف الفضاء، والأمن السيبراني، والطاقة النظيفة؛ ما يزيد من ترسيخ مكانة الهند باعتبارها ثقلاً موازناً للصين في حوض المحيطين الهندي والهادئ».في المقابل، لا يتوقع معلقون آخرون أن يكون كل شيء على ما يرام؛ إذ تواجه الهند بعض التحديات المباشرة على الأقل، بما في ذلك فرض رسوم جمركية أعلى وفرض قيود على التأشيرات، فضلاً عن احتمال المزيد من التقلبات في أسواق صرف العملات الأجنبية. وثمة مخاوف أيضاً بشأن ارتفاع معدلات التضخم في الولايات المتحدة في أعقاب موقفها المالي والتخفيضات الأقل من جانب بنك الاحتياطي الفيدرالي، وهو ما قد يخلف تأثيراً غير مباشر على قرارات السياسة النقدية في بلدان أخرى بما في ذلك الهند.