جبهة جنوب لبنان مفتوحة على كل الاحتمالات... والعين على هدنة غزة

مع تزايد القلق الداخلي أمنياً وسياسياً واقتصادياً

هوكستين  يتباحث ورئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي (الشرق الأوسط)
هوكستين يتباحث ورئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي (الشرق الأوسط)
TT

جبهة جنوب لبنان مفتوحة على كل الاحتمالات... والعين على هدنة غزة

هوكستين  يتباحث ورئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي (الشرق الأوسط)
هوكستين يتباحث ورئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي (الشرق الأوسط)

بعد ستة أشهر على المواجهات العسكرية بين «حزب الله» وإسرائيل لا تزال جبهة جنوب لبنان مفتوحة على كل الاحتمالات مع تصاعد العمليات العسكرية ورفع سقف التهديدات من قِبل الطرفين. وبالتوازي، تتجه الأنظار إلى ما ستفضي إليه المفاوضات الجارية حول هدنة غزة كي يُبنى على الشيء مقتضاه، مع أنه ليس ثمة ضمانات بانسحاب التهدئة في غزة - إذا ما تحققت - إلى لبنان. والحال، أنه على الرغم ربط «حزب الله» التفاوض ووقف العمليات بوقف إطلاق النار في غزة، فإن إسرائيل لا تزال ترفض - عبر مواقف مسؤوليها - هذا الأمر، فارضة شروطاً لا يزال «حزب الله» ولبنان الرسمي يرفضانها؛ ما يعني بقاء احتمال توسّع الحرب موجوداً مع تفاوت في التقديرات.

تحت شعار «مساندة غزة» أطلق «حزب الله» نيرانه الأولى من جبهة جنوب لبنان، يوم 8 أكتوبر (تشرين الأول) 2023 باتجاه إسرائيل، بعد إطلاق عملية «طوفان الأقصى». وحصل ذلك عبر تنفيذ مجموعات «الشهيد القائد الحاج عماد مغنية» هجوماً على ثلاثة مواقع إسرائيلية في منطقة مزارع شبعا، «على طريق تحرير ما تبقى من أرضنا اللبنانية المحتلة وتضامناً مع المقاومة الفلسطينية والشعب الفلسطيني...»، بحسب ما أعلن في بيان له.

يومذاك، أعلن «حزب الله» أنه على اتصال مباشر مع قيادة حركة «حماس» في الداخل والخارج. وقال مسؤول الإعلام في لجان المقاومة في فلسطين «أبو مجاهد» إن «مؤازرة (حزب الله) منسّقة مع المقاومة الفلسطينية ورسالة للعدو»، قبل أن يعود أمين عام الحزب حسن نصر الله لينفي علمه بالعملية، وينفي أيضاً مسؤولية إيران عنها، قائلاً: «عدم علم أحد بمعركة (طوفان الأقصى) يثبت أنها فلسطينية بالكامل».

غير أن هذه المساندة تحوّلت مواجهات مفتوحة بين الحزب وإسرائيل، التي لم تكتفِ باستهداف مراكز عسكرية للحزب، بل اعتمدت سياسة الاغتيالات. ومن ثم، وسّعت نطاق القصف الجغرافي داخل العمق اللبناني كاسرة قواعد الاشتباك مرات عدة. وهي أيضاً اعتمدت توسيع إطار «حرب الاغتيالات» التي تجاوزت خطوط المناطق الحدودية والجنوبية، بحيث وصلت إلى قلب الضاحية الجنوبية لبيروت. وفي الضاحية نفذت إسرائيل عملية اغتيال نائب رئيس حركة «حماس» صالح العاروري وستة آخرين بواسطة صواريخ موّجهة أطلقتها طائرة حربية إسرائيلية.

الشيخ نعيم قاسم (رويترز)

توسّع عمليات الاستهداف

وعادت آلة الحرب الإسرائيلية، لاحقاً، لتغتال عدداً من القياديين عبر استهدافهم في سياراتهم أو منازلهم. ولقد نفّذت إحدى العمليات في منطقة جدرا، التابعة لقضاء الشوف بجبل لبنان شمال شرقي مدينة صيدا، على الطريق التي تربط بيروت بالجنوب، على مسافة نحو 60 كيلومتراً عن الحدود، حيث استهدفت قيادياً في حركة «حماس». وأيضاً، قصفت بعلبك إلى الشمال من محافظة البقاع في أول عملية تستهدف العمق اللبناني بهذا الحجم منذ «حرب تموز/يوليو» 2006، بالإضافة إلى استهداف مدينة النبطية وبلدة كفررمّان، المجاورة لها، في عمليات وُصفت بالنوعية طالت مسؤولين في الحزب داخل شقق سكنية.

لقد تركّز هذا القصف على بنى تحتية لـ«حزب الله» في محاولات يبدو أن الغاية منها لقطع خطوط الإمداد، ومنها مخازن أسلحة ومراكز عسكرية، وهو ما أعلنته مرات عدة إسرائيل. ولكن كذلك، طال القصف الكنائس والجوامع والمدارس والمراكز الصحية بما يخالف القوانين والأعراف الدولية.

... وأسلحة جديدة

عسكرياً، كشف «حزب الله» الذي نفّذ أكثر من ألف عملية خلال خمسة أشهر، من جهته، عن أسلحة جديدة للمرة الأولى، أبرزها صواريخ «بركان» ومنصة الصواريخ «ثأر الله» و«فيلق»، قبل أن يسجل تطوراً جديداً نهاية الشهر الماضي، تمثل في استخدامه منظومة دفاع جوّي متطوّرة أدت إلى إسقاط مسيّرة إسرائيلية كبيرة من نوع «هرمس 450» بصاروخ أرض - جو فوق منطقة إقليم التفاح بشمال جنوب لبنان، وهذا بعدما سبق له أن أسقط مسيّرات صغيرة عبر استخدام تقنيات الحرب الإلكترونية. وللعلم، المسيّرة «هرمس 450» هي الثالثة من حيث الحجم التي تمتلكها إسرائيل بعد «هرمس 900» (الثانية)، في حين تعد طائرة «إيتان» أو «هيرون تي» الأخطر والأكبر من حيث الحجم، وينفذ بواسطتها معظم عمليات الاغتيال الإسرائيلية في لبنان. وفي حينه، ردّت إسرائيل بقصف ما ادعت أنها مستودعات أسلحة في بعلبك.

استمرار التصعيد... مقدمة لحرب واسعة؟

التصعيد المستمر بين «حزب الله» وإسرائيل يضع المواجهات بينهما أمام كل الاحتمالات، لا سيما مع التهديدات المستمرة من قِبل إسرائيل. وهذا ما عبّر عنه أخيراً وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت، بعد لقائه قبل أيام المبعوث الأميركي آموس هوكستين؛ إذ قال: «التوتر المستمر مع (حزب الله) على الحدود اللبنانية يقرّب الوضع من التصعيد العسكري». ولكن في المقابل، يعتبر «حزب الله» على لسان نائب أمينه العام نعيم قاسم «أنه بنسبة 90 في المائة لن تكون هناك حرب واسعة في لبنان»، وإن كان يؤكد في الوقت عينه استعداد الحزب لها «في ما لو حصلت غداً!»، ولقد جدّد قاسم أخيراً القول: «نحن في موقع دفاعي وليس في موقع هجومي... جبهة دفاعية ومحدودة ونقوم بالتضحيات من أجل عدم جر لبنان إلى حرب»، مجدداً القول: «موقفنا واضح... فما دامت الحرب موجودة على غزة فهذا يعني أن جبهة لبنان متأثرة بها، وعندما تتوقف في غزة تتوقف في لبنان».

وبينما يرفض الجانب الإسرائيلي ربط أي هدنة قد تتحقق في غزة بوضع جبهة الجنوب، على عكس ما يعلنه «حزب الله»، أبدى مسؤولون أميركيون خشيتهم من تنفيذ إسرائيل توغّلاً برّياً في لبنان خلال أشهر. فقد نقلت شبكة الـ«سي إن إن» الأسبوع الماضي، عن مسؤولين أميركيين كبار قولهم إن هناك قلقاً داخل الإدارة الأميركية من أن تكون إسرائيل تخطط لتوغّل برّي في لبنان يمكن حدوثه في غضون أشهر إذا فشلت الجهود الدبلوماسية في إبعاد جماعة «حزب الله» اللبنانية عن الحدود مع إسرائيل.

مع هذا، ورغم إمكانية توسع الحرب، يستبعد اللواء الركن المتقاعد عبد الرحمن شحيتلي، خلال حوار مع «الشرق الأوسط»، احتمال التوغّل البري الإسرائيلي في جنوب لبنان لأسباب عدة. وهو يرى أنه، في حال حدث، سيكون مقتصراً على القرى الأمامية القريبة من الحدود بنحو 5 إلى 6 كيلومترات تحت دعم النيران المباشر للقوى المهاجمة، ولكن ليس أبعد من ذلك.

شحيتلي وصف ما يحصل اليوم بالحرب التحضيرية، وأوضح «إسرائيل تريد الحرب على الجبهة الشمالية... إنما لم يتكوّن لديها الإمكانيات والمعطيات الكافية حتى الآن لخوضها، وهذا في وقت لم تتغير فيه المعادلة القتالية لدى (حزب الله) الذي خسر حتى الآن نحو 250 مقاتلاً في ما كان نصر الله أعلن أن لديه مئة ألف مقاتل».

في الوقت عينه، يعتقد الدكتور سامي نادر، مدير «معهد الشرق الأوسط للشؤون الاستراتيجية» بأن احتمالات استمرار الحرب لا تزال مرتفعة. وفي لقاء مع «الشرق الأوسط» أشار نادر إلى أن «إسرائيل ستتفرّغ أكثر للجبهة الشمالية في حال التوصل إلى هدنة في غزة». واعتبر أن الأمور «مرتبطة بموازين القوى التي لم تتبدَّل حتى الساعة، والتي لا تسمح بإقفال الجبهة وتطبيق القرار 1701، كما أن إسرائيل لم تحقق أهدافها لغاية الآن، إلا إذا حصلت عملية عسكرية مفاجئة وتغيّرت الموازين لصالح أحد الطرفين».

ومن جهته، يتكلّم العميد المتقاعد خليل الحلو عن «حرب استنزاف يتعرّض لها (حزب الله) في الجنوب من قِبَل الإسرائيلي الذي يملك زمام المبادرة في الجنوب، ويقصف بشكل ممنهج وتدميري، وليس فقط رداً على الصواريخ التي يطلقها (حزب الله)». ثم يذكّر الحلو بالموقف الإسرائيلي الرافض ربط جبهتَي الجنوب وغزة، قائلاً لـ«الشرق الأوسط» إن «مسار المفاوضات والتصعيد العسكري في غزة والتهديد بتنفيذ عملية في رفح لا يعكس أن هناك اتجاهاً للتهدئة».

مفاوضات التهدئة...العين على هدنة غزةفي أي حال، منذ اليوم الأول لاشتعال جبهة جنوب لبنان بدأت تنشط الجهود السياسية على خط التهدئة والسعي لمنع توسّع الحرب التي قد تخلّف تداعيات كارثية على لبنان الذي يعاني أصلاً أوضاعاً اقتصادية واجتماعية صعبة. ولقد سجلت في هذا الإطار زيارات لوفود أجنبية ودبلوماسيين تحت العناوين نفسها، وتحوّل المسؤولون في لبنان إلى «سعاة بريد» بين هؤلاء و«حزب الله» الذي يملك القرار بشأن الحرب، وهو ما لاقى بدوره رفضاً من قبل بعض الأفرقاء.

وبينما يؤكد المسؤولون اللبنانيون على ضرورة تطبيق القرار 1701 من قبل جميع الأطراف ووقف الانتهاكات الإسرائيلية، تطالب إسرائيل بإخلاء المنطقة الحدودية من مقاتلي «حزب الله» وتراجع مقاتليه إلى مسافات تتراوح بين 7 و10 كيلومترات، وهو ما رفضه «حزب الله» ولبنان.

وفي سياق موازٍ، زار خلال الأشهر الخمسة المبعوث الأميركي آموس هوكستين بيروت ثلاث مرات كان آخرها بداية هذا الأسبوع، حين أطلق «رسالة تهديد» إلى المسؤولين اللبنانيين بأن «الهدنة في غزة لن تمتد بالضرورة تلقائياً إلى لبنان... والتصعيد أمر خطير ولا شيء اسمه حرب محدودة». وبعد مغادرة هوكستين بيروت، قال رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، إن الأخير قدّم مقترحاً بالتهدئة على الحدود اللبنانية الإسرائيلية، وهو ما يتولى درسه رئيس مجلس النواب نبيه برّي، على أن تبدأ مباحثات غير مباشرة لوقف الأعمال القتالية على حدود لبنان مع إسرائيل خلال شهر رمضان المبارك الأسبوع المقبل، لكن نائب أمين عام «حزب الله» نعيم قاسم كان حاسماً في موقفه حول مساعي هوكستين بالقول: «لا أجوبة لدينا قبل وقف إطلاق النار في غزة... وهوكستين يستطيع أن يقول ما يشاء ولن نقبل بأن يفرض علينا الإسرائيلي شروطه».

للعلم، طرح هوكستين، الذي لا يختلف كثيراً عما عُرف بـ«الورقة الفرنسية» للحل، يتضمن انتشار الجيش اللبناني في منطقة عمل قوات «اليونيفيل» وإخلاء المنطقة من المظاهر المسلحة والمراكز العسكرية، أي إبعاد عناصر «حزب الله» عن الحدود. ويتضح من كل الطروحات، أنها لا تشمل حسم الأمر بالنسبة إلى المناطق المحتلة من إسرائيل في جنوب لبنان، وبالذات القسم الشمالي من بلدة الغجر ومزارع شبعا وتلال كفر شوبا، بل التركيز على تكريس الهدوء على جبهتي الحدود.

رفض الانزلاق للحرب ... واستثمارها سياسياً

على صعيد آخر، منذ الأيام الأولى لبدء المواجهات بين إسرائيل و«حزب الله» في جنوب لبنان ارتفعت أصوات معارضة رفضاً لزج لبنان بالحرب وتفرّد الحزب بقرار السلم والحرب. ثم تزايدت التحذيرات من «استثمار» الحرب في الداخل اللبناني للحصول على مكاسب سياسية في المرحلة المقبلة، وعلى رأسها رئاسة الجمهورية والفراغ المستمر منذ سنة ونصف السنة والحكومة المقبلة واستحقاقات سياسية واقتصادية، وذلك في ظل تمسّك كل فريق بموقفه، ورفض «حزب الله» وحلفاؤه التخلي عن مرشحهم رئيس «تيار المردة» سليمان فرنجية.

إذ قال رئيس حزب «القوات» اللبنانية سمير جعجع: «في المفاوضات الجارية بين محور الممانعة والموفدين الغربيين، وخاصة الأميركييّن، حول إعادة انتشار (حزب الله) في الجنوب وأمور أخرى، فإنّ محور الممانعة ينهي حديثه بالقول: هذه الأمور لكي تتمّ تحتاج إلى وضع داخلي يتّصل بملفّ رئاسة الجمهوريّة والحكومة... الأمر الذي يُفهَمُ منه أنّ هذا المحور يضع رئاسة الجمهورية والحكومة المقبلة في إطار المفاوضات الجارية حول وضعه في الجنوب. ولكن رئاسة الجمهوريّة ليست بدلاً عن ضائع، ولن تكون جائزة ترضية لمحور المقاومة، ولن تكون أمراً ملحقاً لأيّ صفقة لا من قريب ولا من بعيد».

وفي الإطار نفسه، حذّر رئيس حزب «الكتائب اللبنانية» النائب سامي الجميل من غياب لبنان الرسمي عن الاتصالات والمفاوضات التي تحصل للوصول إلى حل بين «حزب الله» وإسرائيل، مؤكداً أن «الأولوية تبقى ألا تحصل أي تسوية على حساب سيادة الدولة...». ولم يكن موقف «التيار الوطني الحر» - الحليف السابق لـ«حزب الله» - مختلفاً عن معارضيه المسيحيين، وهو ما كرّس التباعد أكثر بينهما. إذ قال رئيس «التيار» جبران باسيل: «نحن مع (حزب الله) لحماية لبنان، أما تحرير القدس فمن مسؤولية الفلسطينيين». وكان لافتاً أيضاً موقف الرئيس اللبناني السابق ميشال عون منتقداً فتح جبهة الجنوب ضد إسرائيل تضامناً مع غزة. وحذّر عون أيضاً من صفقة رئاسية قائلاً: «ترجمة تطورات غزة والجنوب بصفقة رئاسية أمر غير جائز سيادياً، وإلا تكن تضحيات الشهداء ذهبت سدى، وتكون أكبر خسارة للبنان».

مع هذا، في هذا الإطار، يعتبر المحلل السياسي علي الأمين في حوار مع «الشرق الأوسط» أن «حزب الله» سيستثمر الحرب في الداخل اللبناني وبشكل أساسي في الانتخابات الرئاسية. ويتابع: «لا شكّ أن الحزب الذي يمسك بالسلطة سيقلب المعادلات وسيقول إنه انتصر حتى لو كان مهزوماً، وسيحاول بذلك أن يحصل على المكاسب السياسية والدليل أن الحرب تستثمر اليوم لمنع إجراء الانتخابات الرئاسية».

خسائر الحرب... بشرية واقتصادية

> شملت خسائر الحرب، لبنانياً، خلال خمسة أشهر خسائر بشرية واقتصادية وزراعية وسياحية وغيرها؛ ما سينعكس سلباً على قطاعات أخرى في المرحلة المقبلة. إذ أسفرت المواجهات عن مقتل 302 شخص على الأقل في لبنان، غالبيتهم من مقاتلي «حزب الله» و51 مدنياً بينهم ثلاثة صحافيين، وفق حصيلة جمعتها «وكالة الصحافة الفرنسية»، بينما أحصى الجيش الإسرائيلي مقتل عشرة جنود وسبعة مدنيين. وتعرّض الاقتصاد اللبناني لخسائر تقدر بين 7 و10 مليارات دولار، وفق ما أعلن وزير الاقتصاد أمين سلام. وقدّرت الخسائر التي أصابت القطاع الزراعي بـ2.5 مليار دولار أميركي، وأعلن وزير الزراعة عباس الحاج حسن، القضاء على عشرات الآلاف من الدونمات الزراعية نتيجة القصف الإسرائيلي بالفوسفور الأبيض، إضافة إلى نحو 5 آلاف شجرة زيتون، وإن كان المسح الميداني الدقيق لا يزال صعباً مع استمرار القصف، وفق الحاج حسن. وإضافة إلى نزوح أكثر من 90 ألف شخص من بلدات الجنوب، سجّل تدمير حتى الآن نحو ألف منزل، وفق ما أعلن وزير الداخلية بسام مولوي، وتضرّر نحو خمسة آلاف منزل. وبحسب تقرير أولي لـ«برنامج الأمم المتحدة الإنمائي»، سجل خسائر كبيرة في الماشية والدواجن وتربية الأحياء المائية، وأدى القصف بقذائف الفوسفور إلى زيادة تلوث المحاصيل ومصادر المياه؛ مما يشكّل تهديداً للماشية وصحة الإنسان، كما عانت محاصيل رئيسية مثل الزيتون والخروب والحبوب والمحاصيل الشتوية كثيراً، كما أدى العنف إلى تقييد وصول الصيادين المحليين إلى مناطق الصيد. وتضرّرت القطاعات الاقتصادية الرئيسية، كالسياحة والخدمات والزراعة، أكثر من غيرها، وهي التي توفّر فرص العمل والدخل لنسبة كبيرة من سكان لبنان، كما أن احتمال انكماش الاقتصاد بات مرتفعاً، بحسب التقرير نفسه. ولم يسلم أيضاً القطاع الطبي من الحرب؛ إذ استهدفت إسرائيل مراكز صحية مرات عدة، وقُتل سبعة عمال إنقاذ ومسعفين جراء القصف الإسرائيلي، بحسب وزارة الصحة اللبنانية. وحذّر فابريتسيو كاربوني، المدير الإقليمي للجنة الدولية للصليب الأحمر في الشرق الأوسط، من أن تصعيد القتال على الحدود الجنوبية للبنان سيفاقم معاناة المستشفيات التي تعاني أصلاً نقص النقود في البلد الذي يمر بأزمة مالية. أما مدير مستشفى مرجعيون، فذكر أن في المستشفى 14 سرير طوارئ، وهو يعاني لمواصلة العمل بسبب نقص الموظفين ونقص الوقود الضروري. ويعمل المستشفى بمولدات الكهرباء الخاصة به 20 ساعة يومياً وينفق 20 ألف دولار شهرياً على الوقود.


مقالات ذات صلة

«مساعدة الصمّ»... مبادرة تُثلج قلب مجتمع منسيّ في لبنان

يوميات الشرق مؤسِّسة المبادرة مع فريقها المُساعد للنازحين الصمّ (نائلة الحارس)

«مساعدة الصمّ»... مبادرة تُثلج قلب مجتمع منسيّ في لبنان

إهمال الدولة اللبنانية لمجتمع الصمّ يبرز في محطّات عدّة. إن توجّهوا إلى مستشفى مثلاً، فليس هناك من يستطيع مساعدتهم...

فيفيان حداد (بيروت)
الاقتصاد صائغ يعرض قطعة من الذهب في متجره بمدينة الكويت (أ.ف.ب)

الذهب يواصل مكاسبه مع احتدام الحرب الروسية - الأوكرانية

ارتفعت أسعار الذهب، يوم الخميس، للجلسة الرابعة على التوالي مدعومة بزيادة الطلب على الملاذ الآمن وسط احتدام الحرب الروسية - الأوكرانية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد ناقلة نفط خام في محطة نفط قبالة جزيرة وايدياو في تشوشان بمقاطعة تشجيانغ (رويترز)

النفط يرتفع وسط قلق بشأن الإمدادات جراء التوترات الجيوسياسية

ارتفعت أسعار النفط، يوم الخميس، وسط مخاوف بشأن الإمدادات بعد تصاعد التوتر الجيوسياسي المرتبط بالحرب الروسية - الأوكرانية.

«الشرق الأوسط» (سنغافورة)
شؤون إقليمية آموس هوكستين (أ.ف.ب)

هوكستين يصل إلى تل أبيب قادماً من بيروت: هناك أمل

وصل المبعوث الأميركي، آموس هوكستين، إلى إسرائيل قادماً من لبنان، في إطار جهود الوساطة لوقف إطلاق النار بين «حزب الله» والدولة العبرية.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
صحتك أطفال سوريون في مخيم ببلدة سعد نايل في منطقة البقاع (أ.ف.ب)

الحرب تؤثر على جينات الأطفال وتبطئ نموهم

لا يعاني الأطفال الذين يعيشون في بلدان مزقتها الحرب من نتائج صحية نفسية سيئة فحسب، بل قد تتسبب الحرب في حدوث تغييرات بيولوجية ضارة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )

هواجس متفاوتة لدول «حوض المحيطين الهندي والهادئ» إزاء عودة ترمب

من لقاء الزعيمين الصيني شي جينبينغ والهندي ناريندرا مودي في مدينة قازان الروسية اخيراً (رويترز)
من لقاء الزعيمين الصيني شي جينبينغ والهندي ناريندرا مودي في مدينة قازان الروسية اخيراً (رويترز)
TT

هواجس متفاوتة لدول «حوض المحيطين الهندي والهادئ» إزاء عودة ترمب

من لقاء الزعيمين الصيني شي جينبينغ والهندي ناريندرا مودي في مدينة قازان الروسية اخيراً (رويترز)
من لقاء الزعيمين الصيني شي جينبينغ والهندي ناريندرا مودي في مدينة قازان الروسية اخيراً (رويترز)

يأتي فوز دونالد ترمب في انتخابات الرئاسة الأميركية وعودته الوشيكة إلى البيت الأبيض يوم يناير (كانون الثاني) 2025 نقطة تحوّل مهمة وسط اضطرابات غير عادية في النظام العالمي. وبديهي أن ولاية ترمب الثانية لا تشكّل أهمية كبرى في السياسة الداخلية الأميركية فحسب، بل ستؤثر إلى حد كبير أيضاً على الجغرافيا السياسية والاقتصاد في آسيا. وفي حين يتوقع المحللون أن يركز الرئيس السابق - العائد في البداية على معالجة القضايا الاقتصادية المحلية، فإن «إعادة ضبط» أجندة السياسة الخارجية لإدارته ستكون لها آثار وتداعيات في آسيا ومعظم مناطق العالم، وبالأخص في مجالات التجارة والبنية التحتية والأمن. وبالنسبة لكثيرين في آسيا، يظل السؤال المطروح هنا هو... هل سيعتمد في ولايته الجديدة إزاء كبرى قارات العالم، من حيث عدد السكان، تعاملاً مماثلاً لتعامله في ولايته الأولى... أم لا؟

توقَّع المحللون السياسيون منذ فترة أن تكون منطقة حوض المحيطين الهندي والهادئ في طليعة اهتمامات السياسة الخارجية عند إدارة الرئيس الأميركي السابق العائد دونالد ترمب. ومعلومٌ أن استراتيجية ترمب في فترة ولايته الأولى، إزاء حوض المحيطين الهندي والهادئ شددت على حماية المصالح الأميركية في الداخل. والمتوقع أن يظل هذا الأمر قائماً، ويرجح أن يؤثّر على نهج سياسته الخارجية تجاه المنطقة مع التركيز على دفع الازدهار الأميركي، والحفاظ على السلام من خلال القوة، وتعزيز نفوذ الولايات المتحدة.

منطقة حوض المحيطين الهندي والهادئ التي يقطن كياناتها نحو 65 في المائة من سكان العالم، تشكل راهناً نقطة محورية للاستراتيجية والتوترات الجيوسياسية، فهي موطن لثلاثة من أكبر الاقتصادات على مستوى العالم (الصين والهند واليابان) ولسبع من أكبر القوات العسكرية في العالم. ويضاف إلى ذلك أنها منطقة اقتصادية رئيسية تمثل 62 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي العالمي وتسهم بنسبة 46 في المائة من تجارة السلع العالمية.

3 محاور

ويرجّح فيفيك ميشرا، خبير السياسة الأميركية في «مؤسسة أوبزرفر للأبحاث»، أنه «في ولاية ترمب الثانية، ستوجّه استراتيجية واشنطن لهذه المنطقة عبر التركيز على ثلاثة محاور تعمل على ربط المجالات القارية والبحرية في حيّزها. وستكون العلاقات الأميركية - الصينية في نقطة مركز هذه المقاربة، مع توقع أن تعمل التوترات التجارية على دفع الديناميكيات الثنائية... إذ لا يزال موقف ترمب من الصين حازماً، ويهدف إلى موازنة نفوذها المتنامي في المجالين الاقتصادي والأمني على حد سواء».

إضافة إلى ما سبق، يرى ميشرا أن «لدى سياسة ترمب في حوض المحيطين الهندي والهادئ توقعات كبيرة من حلفاء أميركا الرئيسيين وشركائها في المنطقة، بما في ذلك اضطلاع الهند بدور أنشط في المحيط الهندي مع التزامات عسكرية أكبر من الحلفاء مثل اليابان وأستراليا». ويرجّح الخبير الهندي، كذلك، «أن تتضمن رؤية ترمب لحوض المحيطين الهندي والهادئ الجهود الرامية إلى إرساء الاستقرار في الشرق الأوسط، لا سيما من خلال تعزيز التجارة والاتصال مع المنطقة، لتعزيز ارتباطها بالمجال البحري لحوض المحيطين الهندي والهادئ».

الحالة الهندية

هناك الكثير من الأسباب التي تسعد حكومة ناريندرا مودي اليمينية في الهند بفوز ترمب. إذ تقف الهند اليوم شريكاً حيوياً واستثنائياً بشكل خاص في الاستراتيجيتين الإقليمية والدولية للرئيس الأميركي العائد. وعلى الصعيد الشخصي، سلَّط ترمب إبان حملته الانتخابية الضوء على علاقته القوية بمودي، الذي هنأه على الفور بفوزه في الانتخابات.

وهنا يقول السفير الهندي السابق آرون كومار: «مع تأمين ترمب ولاية ثانية، تؤشر علاقته الوثيقة برئيس الوزراء مودي إلى مرحلة جديدة للعلاقات الهندية - الأميركية. ومع فوز مودي التاريخي بولاية ثالثة، ووعد ترمب بتعزيز العلاقات بين واشنطن ونيودلهي يُرتقب تكثّف الشراكة بينهما. وبالفعل، يتفّق موقف ترمب المتشدد من بكين مع الأهداف الاستراتيجية لنيودلهي؛ ولذا يُرجح أن يزيد الضغط على بكين وسط تراجع التصعيد على الحدود. ويضاف إلى ذلك، أن تدقيق ترمب في تصرفات باكستان بشأن الإرهاب قد يوسّع النفوذ الاستراتيجي الهندي في كشمير».

كومار يتوقع أيضاً «نمو التعاون في مجال الدفاع، لا سيما في أعقاب صفقة الطائرات المسيَّرة الضخمة التي بدأت خلال ولاية ترمب الأولى. ومع الأهداف المشتركة ضد العناصر المتطرّفة في كندا والولايات المتحدة، يمهّد تحالف مودي - ترمب المتجدّد الطريق للتقدم الاقتصادي والدفاعي والدبلوماسي... إذا منحت إدارة ترمب الأولوية للتعاون الدفاعي والتكنولوجي والفضائي مع الهند، وهي قطاعات أساسية تحتل مركزها في الطموحات الاستراتيجية لكلا البلدين». وما يُذكر أن ترمب أعرب عن نيته البناء على تاريخه السابق مع الهند، المتضمن بناء علاقات تجارية، وفتح المزيد من التكنولوجيا للشركات الهندية، وإتاحة المزيد من المعدات العسكرية الأميركية لقوات الدفاع الهندية. وبصفة خاصة، قد تتأكد العلاقات الدفاعية بين الهند والولايات المتحدة، في ظل قدر أعظم من العمل البيني المتبادل ودعم سلسلة الإمداد الدفاعية.

السياسة إزاء الصين

أما بالنسبة للصين، فيتوقع كثيرون استنساخ ترمب سياساته المتشددة السابقة، ويرى البعض أنه خلال ولايته الثانية يمتلك القدرة على قيادة مسار احتواء أوسع تجاه بكين. بدايةً، كما نتذكر، حمّل ترمب الحكومة الصينية مسؤولية جائحة «كوفيد - 19»، التي قتلت أكثر من مليون أميركي ودفعت الاقتصاد الأميركي إلى ركود عميق. وسواء عبر الإجراءات التجارية، أو العقوبات، أو المطالبة بالتعويضات، سيسعى الرئيس الأميركي العائد إلى «محاسبة» بكين على «الأضرار» المادية التي ألحقتها الجائحة بالولايات المتحدة والتي تقدَّر بنحو 18 تريليون دولار أميركي.

ووفقاً للمحلل الأمني الهندي سوشانت سارين، فإن دبلوماسية «الذئب المحارب» الصينية، ودعم بكين حرب موسكو في أوكرانيا، والقضايا المتزايدة ذات الصلة بالتجارة والتكنولوجيا وسلاسل التوريد، تشكل مصدر قلق كبيراً لحكومة ترمب الجديدة. ومن ثم، ستركز مقاربة الرئيس الأميركي تجاه الصين على الجانبين الاقتصادي والأمني، مع التأكيد على حاجة الولايات المتحدة إلى الحفاظ على قدرتها التنافسية في مجال التكنولوجيات الناشئة.

آسيا ... تنتظر مواقف ترمب بعد انتصاره الكبير (رويترز)

التجارة والاقتصاد

أما الخبير الاقتصادي سيدهارت باندي، فيرى أنه «يمكن القول إن التجارة هي القضية الأكثر أهمية في جدول أعمال السياسة الأميركية تجاه الصين... وقد تتصاعد الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين في ظل حكم ترمب».

وحقاً، في التقييم الصيني الحالي، يتوقع أن تشهد ولاية ترمب الثانية تشدداً أميركياً أكبر حيال بشأن العلاقات التجارية والاقتصادية الثنائية؛ ما يؤدي إلى مزيد من التنافر بين الاقتصادين. وللعلم، في وقت سابق من العام الحالي، وعد خطاب ترمب الانتخابي بتعرفات جمركية بنسبة 60 في المائة أو أعلى على جميع السلع الصينية، وتعرفات جمركية شاملة بنسبة 10 في المائة على السلع من جميع نقاط المنشأ. ومن ثم، يرجّح أيضاً أن تشجع هذه الاستراتيجية الشركات الأميركية على تنويع سلاسل التوريد الخاصة بها بعيداً عن الصين؛ ما قد يؤدي إلى تسريع الشراكات مع دول أخرى في منطقة المحيطين الهندي والهادئ».

ما يستحق الإشارة هنا أن ترمب كان قد شن حرباً تجارية ضد الصين بدءاً من عام 2018، حين فرض رسوماً جمركية تصل إلى 25 في المائة على مجموعة من السلع الصينية. وبعدما كانت الصين عام 2016 الشريك التجاري الأول للولايات المتحدة، مع أكثر من 20 في المائة من الواردات الأميركية ونحو 16 في المائة من إجمالي التجارة الأميركية، فإنها تراجعت بحلول عام 2023 إلى المرتبة الثالثة، مع 13.9 في المائة من الواردات و11.3 في المائة من التجارة.

وبالتالي، من شأن هذا التحوّل منح مصداقية أكبر لتهديدات ترمب بإلغاء الوضع التجاري للدولة «الأكثر رعاية» المعطى للصين وفرض تعرفات جمركية واسعة النطاق. ومع أن هذه الإجراءات سترتب تكاليف اقتصادية للأميركيين، فإن نحو 80 في المائة من الأميركيين ينظرون إلى الصين نظرة سلبية.

يتوقع كثيرون استنساخ ترمب سياساته المتشددة السابقة إزاء الصين

الشق العسكري

من جهة ثانية، يتوقع أن يُنهي ترمب محاولات الشراكة الثنائية السابقة، بينما يعمل حلفاء الولايات المتحدة الآسيويون على تعزيز قدراتهم العسكرية والتعاون فيما بينهم. ومن شأن تحسين التحالفات والشراكات الإقليمية، بما في ذلك «ميثاق أستراليا وبريطانيا والولايات المتحدة»، وميثاق مجموعة «كواد» الرباعية (أستراليا والهند واليابان والولايات المتحدة)، وتحسين العلاقات بين اليابان وكوريا الجنوبية بشكل كبير، والتعاون المتزايد بين اليابان والفلبين، تعزيز موقف ترمب في وجه بكين.

شبه الجزيرة الكورية

فيما يخصّ الموضوع الكوري، يتكهن البعض بأن ترمب سيحاول إعادة التباحث مع كوريا الشمالية بشأن برامجها للأسلحة النووية والصواريخ الباليستية. وفي حين سيكون إشراك بيونغ يانغ في هذه القضايا بلا شك، حذراً وحصيفاً، فمن غير المستبعد أن تجد إدارة ترمب الثانية تكرار التباحث أكثر تعقيداً هذه المرة.

الصحافي مانيش تشيبر علَّق على هذا الأمر قائلاً إن «إدارة ترمب الأولى كانت لها مزايا عندما اتبعت الضغط الأقصى الأولي تجاه بيونغ يانغ، لكن هذا لن يتكرّر مع إدارة ترمب القادمة، خصوصاً أنه في الماضي كانت روسيا والصين متعاونتين في زيادة الضغوط على نظام كوريا الشمالية». بل، وضعف النفوذ التفاوضي لواشنطن في الوقت الذي قوي موقف كوريا الشمالية. ومنذ غزو روسيا لأوكرانيا وبعد لقاء الرئيس الكوري الشمالي كيم جونغ أون بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين في سبتمبر (أيلول) 2023، عمّقت موسكو وبيونغ يانغ التعاون في مجالات الاقتصاد والعلوم والتكنولوجيا.

الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ اون (رويترز)

مكاسب حربية لكوريا الشمالية

أيضاً، تشير التقديرات إلى أن كوريا الشمالية كسبت على الأرجح 4.3 مليار دولار من شحنات المدفعية إلى روسيا خلال الحرب وحدها، وقد تكسب أكثر من 21 مليون دولار شهرياً من نشر قواتها في روسيا. وفي المقابل، تستفيد من روسيا في توفير الأسلحة والقوات والتكنولوجيا لمساعدة برامج الصواريخ الكورية الشمالية. وتبعاً لمستوى الدعم الذي ترغب الصين وروسيا في تقديمه لكوريا الشمالية، قد تواجه إدارة ترمب القادمة بيونغ يانغ تحت ضغط دبلوماسي واقتصادي متناقص وهي مستمرة في تحسين برامج الأسلحة وتطويرها.

أما عندما يتعلق الأمر بكوريا الجنوبية، فيلاحظ المحللون أن فصلاً جديداً مضطرباً قد يبدأ للتحالف الأميركي - الكوري الجنوبي مع عودة دونالد ترمب إلى البيت الأبيض. ويحذر المحللون من أن سياسة «جعل أميركا عظيمة مجدداً» التي ينتهجها الحزب الجمهوري قد تشكل مرة أخرى اختباراً صعباً للتحالف بين سيول وواشنطن الذي دام عقوداً من الزمان، مذكرين بالاضطرابات التي شهدها أثناء فترة ولايته السابقة من عام 2017 إلى عام 2021. ففي ولايته السابقة، طالب ترمب بزيادة كبيرة في المساهمة المالية لسيول في دعم القوات الأميركية في شبه الجزيرة الكورية. وأثناء حملته الانتخابية الحالية، وصف كوريا الجنوبية بأنها «آلة للمال» بينما يناقش مسألة تقاسم تكاليف الدفاع، وذكر أن موقفه بشأن القضية لا يزال ثابتاً. وفي سياق متصل، قال الصحافي الكوري الجنوبي لي هيو جين في مقال نشرته صحيفة «كوريان تايمز» إنه «مع تركيز الولايات المتحدة حالياً على المخاوف الدولية الرئيسية كالحرب في أوكرانيا والصراع في الشرق الأوسط، يشير بعض المحللين إلى أن أي تحولات جذرية في السياسة تجاه شبه الجزيرة الكورية في ظل إدارة ترمب قد تؤجل. لكن مع ذلك؛ ونظراً لنهج ترمب الذي غالباً يصعب التنبؤ به تجاه السياسة الخارجية، يمكن عكس هذه التوقعات».

حقائق

أميركا والهند... و«اتفاقية التجارة الحرة»

في كي فيجاياكومار، الخبير الاستثماري الهندي، يتوقع أن يعيد الرئيس الأميركي العائد دونالد ترمب النظر مجدداً بشأن المفاوضات حول «اتفاقية التجارة الحرة»، وكانت قد عُرفت مفاوضات مكثفة في الفترة 2019 - 2020 قبل أن يفقد السلطة، والتي لم يبدِ الرئيس السابق جو بايدن أي اهتمام باستكمالها.وعوضاً عن الضغط على نيودلهي بشأن خفض انبعاثات الكربون، «من المرجح أن يشجع ترمب الهند على شراء النفط والغاز الطبيعي المسال الأميركي، على غرار مذكرة التفاهم الخاصة بمصنع النفط والغاز الطبيعي المسال في لويزيانا لعام 2019، والتي كانت ستجلب 2.5 مليار دولار من الاستثمارات من شركة (بترونيت إنديا) إلى الولايات المتحدة، لكنها تأجلت لعام لاحق».ثم يضيف: «بوجود شخصيات مؤثرة مثل إيلون ماسك، الذي يدعو إلى الابتكار في التكنولوجيا والطاقة النظيفة، ليكون له صوت مسموع في دائرة ترمب، فإن التعاون بين الولايات المتحدة والهند في مجال التكنولوجيا يمكن أن يشهد تقدماً ملحوظاً. ومن شأن هذا التعاون دفع عجلة التقدم في مجالات مثل استكشاف الفضاء، والأمن السيبراني، والطاقة النظيفة؛ ما يزيد من ترسيخ مكانة الهند باعتبارها ثقلاً موازناً للصين في حوض المحيطين الهندي والهادئ».في المقابل، لا يتوقع معلقون آخرون أن يكون كل شيء على ما يرام؛ إذ تواجه الهند بعض التحديات المباشرة على الأقل، بما في ذلك فرض رسوم جمركية أعلى وفرض قيود على التأشيرات، فضلاً عن احتمال المزيد من التقلبات في أسواق صرف العملات الأجنبية. وثمة مخاوف أيضاً بشأن ارتفاع معدلات التضخم في الولايات المتحدة في أعقاب موقفها المالي والتخفيضات الأقل من جانب بنك الاحتياطي الفيدرالي، وهو ما قد يخلف تأثيراً غير مباشر على قرارات السياسة النقدية في بلدان أخرى بما في ذلك الهند.