تداول السلطة في السنغال... محطات فارقة

عبدالله واد (آ ف ب)
عبدالله واد (آ ف ب)
TT

تداول السلطة في السنغال... محطات فارقة

عبدالله واد (آ ف ب)
عبدالله واد (آ ف ب)

> مثّلت السنغال واحدة من الدول الأفريقية الأكثر استقراراً منذ استقلالها عن فرنسا عام 1960. وتحولت البلاد التي كانت مستعمرة فرنسية منذ القرن الـ17، جمهورية ذات حكم ذاتي من بين مجموعة المستعمرات الفرنسية.

وبالفعل، عكست التجربة السياسية السنغالية نضجاً للديمقراطية في البلاد وقدرة على تحقيق الانتقال السلمي للسلطة وإجراء الإصلاحات السياسية، مع أن هذه التجربة مرّت بالعديد من المنعطفات التي رسخت إيمان السنغاليين وتمسكهم بأهمية احترام الخيار الديمقراطي.

ليوبولد سنغور (آ ف ب)

منذ عام 1960 إلى عام 2000 هيمن على حكم السنغال حزب واحد هو «الاتحاد التقدمي السنغالي» الذي سُمي منذ عام 1976 «الحزب الاشتراكي»، وقاد هذا الحزب في البداية الرئيس السابق ليوبولد سيدار سنغور، الشاعر والمفكّر الذي تنحى عام 1981، ليرث بعده الحكم رئيس الوزراء السابق عبده ضيوف.

لقد أنشأت السنغال بين عامي 1970 و1980 مؤسسات ديمقراطية وأقرّت تعددية الأحزاب، وأعيد انتخاب الرئيس ضيوف مرات عدة أعوام 1983 و1988 و1993، قبل أن يقرّ بهزيمته عام 2000 أمام خصم الاشتراكيين «الأدائم» عبد الله واد، الذي تزعم منذ عام 1974 «الحزب الديمقراطي» السنغالي وهو حزب ذو نزعة ليبرالية.

وخلال عقدَي الثمانينات والتسعينات تمكّنت المعارضة السنغالية، التي كان واد أبرز رموزها من تحقيق مكاسب ديمقراطية ملموسة، من بينها إيجاز قانون انتخابي متفق عليه، وإنشاء جهاز مستقل للإشراف على الانتخابات، ثم تحقيق التعددية الشاملة التي مهدت الطريق لظهور مئات الأحزاب السياسية في البلاد.

كان فوز عبد الله واد بالرئاسة عام 2000 أول تداول سلمي للسلطة بعد 40 سنة من النظام الاشتراكي، واعتُبر «نموذجياً» بين الحالات الانتقالية الديمقراطية في أفريقيا.

وفي يناير (كانون الثاني) 2001، وافق السنغاليون، عبر استفتاء، على الدستور الجديد الذي طرحه الرئيس واد بنسبة فاقت 90 في المائة من الأصوات، وتضمن ذلك الدستور ضمانات عديدة لترسيخ الانتقال السلمي للسلطة.

عبده ضيوف (آ ف ب)

ويوم 25 فبراير (شباط) 2007 أعيد انتخاب واد في الجولة الأولى من الانتخابات بنسبة 55.9 في المائة من الأصوات، عقب عملية اقتراع جرت بإشراف مراقبين دوليين صادقوا جميعهم على نتائجها.

وفي الانتخابات التي أجريت عام 2012، خاض الرئيس واد سباقاً محموماً مع المعارضة بقيادة ماكي سال، ففاز سال يومذاك جامعاً 65.8 في المائة من الأصوات ليغدو الرئيس الرابع للسنغال منذ الاستقلال.

أما آخر انتخابات رئاسية، في 24 فبراير 2019، فحظيت بمشاركة واسعة من الناخبين تجاوزت نسبة 66 في المائة من إجمالي من لهم حق التصويت وتنافس فيها خمسة مرشحين، يتقدمهم الرئيس سال، الذي ترشح لولاية ثانية، ورغم من ارتفاع حدة المنافسة جرت عملية التصويت بهدوء وشفافية، وانتهت بفوز سال من الجولة الأولى بعد حصوله على 58 في المائة من الأصوات الصحيحة.



تطوّر العلاقات السعودية ـ الصينية... شراكة استراتيجية على مختلف الأصعدة

الرئيس الصيني شي جينبينغ مستقبلاً خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز في بكين في مارس 2017 (أ.ف.ب)
الرئيس الصيني شي جينبينغ مستقبلاً خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز في بكين في مارس 2017 (أ.ف.ب)
TT

تطوّر العلاقات السعودية ـ الصينية... شراكة استراتيجية على مختلف الأصعدة

الرئيس الصيني شي جينبينغ مستقبلاً خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز في بكين في مارس 2017 (أ.ف.ب)
الرئيس الصيني شي جينبينغ مستقبلاً خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز في بكين في مارس 2017 (أ.ف.ب)

عقدت أخيراً في الرياض الجولة الثانية من المشاورات السياسية بين وزارة الخارجية السعودية ووزارة الخارجية الصينية، وترأس الجانب السعودي نائب وزير الخارجية وليد الخريجي، وترأس الجانب الصيني نظيره نائب الوزير دنغ لي. وبحث الجانبان تطوير العلاقات الثنائية، مع مناقشة المستجدات التي تهم الرياض وبكين. يذكر أن العلاقات السعودية الصينية شهدت تطوراً ملحوظاً خلال السنوات الأخيرة، إذ تعززت الشراكة بين البلدين على مختلف الأصعدة الاقتصادية والسياسية والثقافية. وتعود العلاقات الدبلوماسية بين المملكة العربية السعودية وجمهورية الصين الشعبية إلى عام 1990، عندما افتتحت سفارتا البلدين رسمياً في العاصمتين بكين والرياض. مع أن علاقات التعاون والتبادل التجاري بين البلدين بدأت قبل عقود. وعام 1979، وقّع أول اتفاق تجاري بينهما، واضعاً الأساس لعلاقات قوية مستمرة حتى يومنا هذا.

 

تُعدّ الصين اليوم الشريك التجاري الأكبر للمملكة العربية السعودية، وانعكست العلاقات المتنامية بين البلدين بشكل كبير على التعاون الاقتصادي والتجاري بينهما؛ إذ أسهمت في وصول حجم التبادل التجاري إلى أكثر من 100 مليار دولار أميركي في عام 2023. تستورد الصين النفط الخام من السعودية بشكل رئيسي، وتعدّ المملكة أكبر مورد للنفط إلى الصين، إذ تصدر ما يقرب من 1.7 مليون برميل يومياً. ولقد تجاوزت الاستثمارات الصينية في المملكة حاجز الـ55 مليار دولار. وبحسب تقرير لـ«edgemiddleeast»، ضخّت الصين 16.8 مليار دولار في المملكة في 2023 مقابل 1.5 مليار دولار ضختها خلال عام 2022، استناداً إلى بيانات بنك الإمارات دبي الوطني، وهي تغطي مشاريع في البنية التحتية والطاقة والصناعات البتروكيماوية. وفي المقابل، استثمرت المملكة في عدد من المشاريع داخل الصين، منها الاستثمارات في قطاعات التكنولوجيا والنقل. واستضافت الرياض أيضاً في شهر يونيو (حزيران) من هذا العام «مؤتمر الأعمال العربي الصيني» الذي استقطب أكثر من 3600 مشارك. وبعد أسبوعين فقط، أرسلت السعودية وفداً كبيراً بقيادة وزير الاقتصاد السعودي إلى مؤتمر «دافوس الصيفي» في الصين. وبالإضافة إلى هذا الزخم الحاصل، دعت الصين المملكة العربية السعودية كضيف شرف إلى «معرض لانتشو الصيني للاستثمار والتجارة» الذي أقيم من 7 إلى 10 يوليو (تموز) من هذا العام. وكانت وزارة الاستثمار السعودية حثّت الشركات على المشاركة بفاعلية في المعرض، والجناح السعودي المعنون «استثمر في السعودية». كذلك وقّعت السعودية والصين اتفاقيات متعددة لتعزيز التعاون في قطاع الطاقة، بما في ذلك مشاريع الطاقة المتجددة. وتسعى المملكة لتحقيق «رؤية 2030» التي تهدف إلى تقليص الاعتماد على النفط وتعزيز استخدام الطاقة المتجددة، في حين تسعى الصين إلى تأمين إمدادات الطاقة اللازمة لتنميتها الاقتصادية. وبالفعل، جرى أخيراً توقيع اتفاقية بين شركة «تي سي إل تشونغ هوان» لتكنولوجيا الطاقة المتجددة الصينية، وشركة توطين للطاقة المتجددة، وشركة «رؤية للصناعة» السعوديتين، لتأسيس شركة باستثمار مشترك، من شأنها دفع توطين إنتاج الرقائق الكهروضوئية في المملكة العربية السعودية. ووفقاً للاتفاقية، يبلغ إجمالي حجم الاستثمار في المشروع المشترك نحو 2.08 مليار دولار. التعاون السياسي والدبلوماسي تتعاون المملكة والصين على مستوى عالٍ في القضايا الدولية والإقليمية. وتستند العلاقات السياسية بين البلدين إلى احترام السيادة الوطنية والامتناع عن التدخل في الشؤون الداخلية. كذلك تتبادل الدولتان الدعم في المحافل الدولية، مثل الأمم المتحدة ومنظمة التعاون الإسلامي، ولقد لعبت الصين دوراً محوَرياً في الوساطة بين السعودية وإيران، ما أدى إلى تحقيق نوع من التوافق بين البلدين، أسهم في توطيد الاستقرار، وقلّل من حدة التوترات، وعزّز من الأمن الإقليمي. الزيارات الرسمية والقمم المعروف أنه في مارس (آذار) 2017، قام الملك سلمان بن عبد العزيز بزيارة رسمية للصين حيث التقى الرئيس الصيني شي جينبينغ. وخلال الزيارة، وُقّعت 14 اتفاقية ومذكرة تفاهم، تضمنت التعاون في مجالات الطاقة والاستثمارات والعلوم والتكنولوجيا. وفي وقت سابق، كان خادم الحرمين الشريفين الراحل الملك عبد الله بن عبد العزيز قد زار الصين رسمياً عام 2006، كانت تلك الزيارة بمثابة نقطة تحوّل في تعزيز العلاقات الثنائية، وشملت مباحثات مع القيادة الصينية وشهدت توقيع اتفاقيات عدة في مجالات الطاقة والتجارة والاستثمار. كما زار ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان الصين في فبراير (شباط) 2019 كجزء من جولته الآسيوية. خلال هذه الزيارة، وقّعت 35 اتفاقية تعاون بين البلدين بقيمة تجاوزت 28 مليار دولار، وشملت مجالات النفط والطاقة المتجددة والبتروكيماويات والنقل. بعدها، في ديسمبر (كانون الأول) 2022، قام الرئيس الصيني شي جينبينغ بزيارة تاريخية إلى الرياض، حيث شارك في «قمة الرياض»، التي جمعت قادة دول مجلس التعاون الخليجي والصين. وتركّزت هذه القمة على تعزيز العلاقات الاقتصادية والتجارية والأمنية بين الجانبين، وخلالها وقّع العديد من الاتفاقيات في مجالات الطاقة والبنية التحتية والتكنولوجيا. من الزيارات البارزة الأخرى، زيارة وزير الخارجية الصيني إلى السعودية في مارس (آذار) 2021، حيث نوقش التعاون في مكافحة جائحة «كوفيد 19» وتعزيز العلاقات الاقتصادية،