إضاءة على التنافس السياسي بين حزبي تايوان الكبيرين

تساي إنغ ون (آ ف ب)
تساي إنغ ون (آ ف ب)
TT

إضاءة على التنافس السياسي بين حزبي تايوان الكبيرين

تساي إنغ ون (آ ف ب)
تساي إنغ ون (آ ف ب)

ما و تسي تونغ (آ ف ب)

> يهيمن حزبان رئيسيان على نظام الأحزاب السياسية في تايوان في الوقت الحالي، هما: الحزب الديمقراطي التقدمي (يسار وسط)، وحزب «الكومينتانغ» – أو الحزب الوطني الصيني (يمين قومي). وفي قلب صراع التوجهين تبقى الصين التساؤل الأبدي في الساحة السياسية التايوانية. وتجدر الإشارة هنا، إلى أن الحزب الديمقراطي التقدمي معروف بتوجهاته الليبرالية بفضل دعمه القوي لحقوق الإنسان والقضايا البيئية. وفي المقابل، يُعرف «كومينتانغ» بأنه حزب قومي ووطني وجمهوري وكان حزب السلطة الوحيد في تايوان حتى أواخر عقد الثمانينات.

لاي تشينغ تي، الرئيس المنتخب حديثاً من الحزب الديمقراطي التقدمي، يؤمن باستمرار هوية دولة تايوان السيدة المستقلة، ويرفض علناً مطالبات الصين التاريخية الإقليمية بالسيادة على تايوان من منطلق أنها كانت دائماً تابعة للوطن الصيني. وفي حين يبني الديمقراطيون التقدميون مبدأهم على أن شعب الجزيرة وحده المؤهل لتحديد مصيره، يطالب حزب «الكومينتانغ» الوطني القومي ببناء علاقات أوثق بالصين، لا سيما أن هذا الحزب ظل يحكم الصين حتى هرب إلى تايوان عام 1949 بعد خسارة الوطنيين بقيادة رئيسهم الجنرال تشيانغ كاي شيك، «الحرب الأهلية الصينية»، أمام الشيوعيين بقيادة ماو تسي تونغ.

تشيانغ كاي شيك (غيتي)

وبالنسبة لحملة الانتخابات الأخيرة، نشرت تقارير إعلامية صوراً لأنصار الحزب الديمقراطي التقدمي و«الكومينتانغ»، وهم يلوحون بالأعلام ويحملون الملصقات، ويتجمّعون في ملعبين متقاربين في مدينة تايبيه الجديدة، حيث العاصمة التايوانية. ولقد صوّر الحزب الديمقراطي التقدمي الانتخابات «اختياراً بين الديمقراطية والاستبداد»، وانتقد الديمقراطيون التقدميون هو يو إيه، عمدة العاصمة تايبيه ومحيطها، وهو من قياديي «الكومينتانغ» بأنه «مؤيد للصين» بصورة مبالغ فيه. وفي حين رفع مؤيدو الحزب الديمقراطي التقدمي أعلام الحزب الخضراء المميزة مرددين «اختر الأشخاص المناسبين، وسر في الطريق الصحيح»... رفع مناصرو «الكومينتانغ» لافتات تحمل شعار «نريد السلام لا الحرب». ولقد رأى محللون أن بكين دعمت بالفعل حزب «الكومينتانغ» خلال الانتخابات الأخيرة، من منطلق إيمان هذا الحزب بالتقارب والتعاون الثنائي والابتعاد عن المواجهة. والحقيقة أن هو يو إيه (66 سنة)، عمدة تايبيه الجديدة ورئيس الشرطة السابق، يرفض استقلال تايوان، غير أنه تجنّب إلى حد كبير التعبير عن موقفه من الصين خلال الحملة الانتخابية الأخيرة، الأمر الذي أثار انتقادات ضده. وكمثال، تهرّب الرجل من الإجابة عن سؤال حول «سياسة الصين الواحدة» - التي تعترف بحكومة صينية واحدة فقط مقرها بكين - في منتدى جامعي خلال يونيو (حزيران) 2023، ما أثار تساؤلات حول قدرته على إدارة العلاقات الدبلوماسية المحفوفة بالمخاطر.

في هذه الأثناء، تواصل المعارضة طرح مثال أوكرانيا وروسيا، مدعية أن أوكرانيا حُرّضت على الحرب مع روسيا من خلال محاولتها الانضمام إلى حلف شمال الأطلسي (الناتو). ويبدو الأمر كما لو أن المعارضين يقولون «لا ينبغي لتايوان أن تحاول بناء تحالفات على المسرح العالمي، لأن ذلك قد يشعل حرباً مع الصين». بناء عليه، فإن الإيحاء هو أن أي ناخب تايواني يصوت لصالح الحزب الديمقراطي التقدمي، فهو عملياً يصوّت لصالح الحرب. وبالتالي، يعزّز هذا الواقع القلق خلال الفترة المقبلة مع استمرار رفض القادة الصينيين عقد أي لقاء مع الرئيسة تساي، وكذلك وصفهم نائب الرئيسة والرئيس المنتخب لاي بأنه «انفصالي». وبالفعل، يعتقد خبراء أن العلاقات بين الصين وتايوان ستظل متوترة، مع استبعاد أن تغير بكين نهجها تجاه الدولة - الجزيرة بشكل كبير، واستبعاد تقبل الشعب التايواني تقديم أي تنازلات كبيرة للصين.


مقالات ذات صلة

تطوّر العلاقات السعودية ـ الصينية... شراكة استراتيجية على مختلف الأصعدة

حصاد الأسبوع الرئيس الصيني شي جينبينغ مستقبلاً خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز في بكين في مارس 2017 (أ.ف.ب)

تطوّر العلاقات السعودية ـ الصينية... شراكة استراتيجية على مختلف الأصعدة

عقدت أخيراً في الرياض الجولة الثانية من المشاورات السياسية بين وزارة الخارجية السعودية ووزارة الخارجية الصينية، وترأس الجانب السعودي نائب وزير الخارجية وليد

وارف قميحة (بيروت)
حصاد الأسبوع صادرات السيارات الألمانية إلى أميركا في قلب التأزم المحتمل مع ترمب (أ ف ب)

ألمانيا تتأهّب لانتخابات تعِد اليمين باستعادة الحكم

عوضاً عن بدء ألمانيا استعداداتها للتعامل مع ولاية جديدة للرئيس الأميركي «العائد» دونالد ترمب والتحديات التي ستفرضها عليها إدارته الثانية، فإنها دخلت أخيراً في

راغدة بهنام (برلين)
حصاد الأسبوع  زارا فاغنكنيشت (رويترز)

وضع الليبراليين مُقلق في استطلاعات الرأي

يحلّ حزب «البديل من أجل ألمانيا» اليميني المتطرف راهناً في المركز الثاني في استطلاعات الرأي للانتخابات الألمانية المقبلة، وتصل درجة التأييد له إلى 18 في

حصاد الأسبوع روبيو play-circle 01:45

ترمب يختار روبيو وزيراً للخارجية بعدما تأكد من ولائه وتبنّيه شعارات «ماغا»

بينما يراقب العالم السياسات الخارجية للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، التي ستتحدّد على أساس شعاره «جعل أميركا عظيمة مرة أخرى» (ماغا)، بادر ترمب إلى تشكيل.

إيلي يوسف (واشنطن)
حصاد الأسبوع مواقف روبيو غير قاطعة من حرب أوكرانيا (غيتي)

نظرة إلى سجلّ سياسات روبيو الخارجية

يعد نهج وزير الخارجية الأميركي المرشح ماركو روبيو في السياسة الخارجية بأنه «تدخلي» و«متشدد». ذلك أن روبيو دعم غزو العراق عام 2003، والتدخل العسكري في ليبيا،

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

نظرة إلى سجلّ سياسات روبيو الخارجية

مواقف روبيو غير قاطعة من حرب أوكرانيا (غيتي)
مواقف روبيو غير قاطعة من حرب أوكرانيا (غيتي)
TT

نظرة إلى سجلّ سياسات روبيو الخارجية

مواقف روبيو غير قاطعة من حرب أوكرانيا (غيتي)
مواقف روبيو غير قاطعة من حرب أوكرانيا (غيتي)

يعد نهج وزير الخارجية الأميركي المرشح ماركو روبيو في السياسة الخارجية بأنه «تدخلي» و«متشدد». ذلك أن روبيو دعم غزو العراق عام 2003، والتدخل العسكري في ليبيا، كما أيّد تصدي المملكة العربية السعودية للمتمردين الحوثيين في اليمن.

في المقابل، أدان روبيو هجوم حركة «حماس» في أكتوبر (تشرين الأول) 2023 على غلاف قطاع غزة، وأعرب بقوة عن دعمه لإسرائيل و«عن حقها في الدفاع عن النفس»، داعياً إلى القضاء التام على «حماس» في القطاع الفلسطيني المحتل.

وعندما سُئل عما إذا كانت هناك طريقة ما لوقف «حماس» من دون التسبّب في خسائر بشرية جسيمة في صفوف مدنيي غزة، قال روبيو - بالحرف - إن إسرائيل لا تستطيع التعايش «مع هؤلاء المتوحشين... يجب القضاء عليهم». وتابع في الاتجاه نفسه ليقول: «إن (حماس) مسؤولة بنسبة 100 في المائة» عن الخسائر البشرية الفلسطينية في غزة.

أما فيما يتعلق بإيران فالمعروف عن روبيو أنه يدعم العقوبات الصارمة وإلغاء الاتفاق النووي معها. وإزاء هذه الخلفية يرى محللون أن اختياره لمنصب وزير الخارجية ربما يعني تطبيقاً أكثر صرامة للعقوبات النفطية على كلّ من إيران وفنزويلا.

ومن جهة ثانية، بصفة ماركو روبيو نائباً لرئيس لجنة الاستخبارات في مجلس الشيوخ وعضواً في لجنة العلاقات الخارجية، فإنه يناقش في الكثير من الأحيان التهديدات العسكرية والاقتصادية الأجنبية، ولعل من أبرزها ما تعدّه واشنطن تهديد الصين. وهو يحذّر بشدّة من أن كلاً من الصين وإيران وكوريا الشمالية وروسيا تتعاون بشكل متزايد ضد الولايات المتحدة. وسبق له أن قال في خطاب ألقاه خلال مارس (آذار) الماضي: «إنهم جميعاً يشتركون في هدف واحد. إنهم يريدون إضعاف أميركا، وإضعاف تحالفاتنا، وإضعاف مكانتنا وقدراتنا وإرادتنا».

وحول الصين بالذات، فيما يتعلق بالأمن القومي وحقوق الإنسان، فإنه يحذر من الصين. وفي حين يأمل روبيو بنمو اقتصادي أكبر نتيجة للتجارة معها، فإنه يعتقد أن على واشنطن دعم الديمقراطية والحرية والاستقلال الحقيقي لشعب هونغ كونغ.

أما بالنسبة لروسيا، فقد أدان روبيو غزو روسيا لأوكرانيا، خلال فبراير (شباط) 2022، بيد أنه صوّت مع 15 جمهورياً في مجلس الشيوخ ضد حزمة مساعدات عسكرية بقيمة 95 مليار دولار لأوكرانيا وإسرائيل وشركاء آخرين جرى تمريرها في أبريل (نيسان).

ثم في نوفمبر (تشرين الثاني) 2024، وصف الأوكرانيين بأنهم «شجعان وأقوياء بشكل لا يصدق»، لكنه قال إن الحرب في أوكرانيا وصلت إلى «طريق مسدود»، و«يجب إنهاؤها» عبر التفاوض لتجنب المزيد من الضحايا، بدلاً من التركيز على استعادة كل الأراضي التي استولت عليها موسكو.

في المقابل، يدعم وزير الخارجية المرشّح الشراكةَ التجارية والتعاون مع الحلفاء عبر المحيط الهادئ، ويدعو إلى تعزيز الوجود العسكري الأميركي في تلك المنطقة، لافتاً إلى أن الولايات المتحدة «تخاطر بالاستبعاد من التجارة العالمية ما لم تكن أكثر انفتاحاً على التجارة».