الملكة مارغريته الثانية... حقبة فاصلة في تاريخ الدنمارك امتدت 52 سنة

تنحيها يعني أنْ لا نساء على عروش أوروبا حالياً

الملكة مارغريته الثانية
الملكة مارغريته الثانية
TT

الملكة مارغريته الثانية... حقبة فاصلة في تاريخ الدنمارك امتدت 52 سنة

الملكة مارغريته الثانية
الملكة مارغريته الثانية

عام 2016 وقبيل زيارة لها لألمانيا، سُئلت ملكة الدنمارك مارغريته الثانية، خلال مقابلة مع مجلة «دير شبيغل» عمّا إذا كانت لديها خطط للتخلي عن العرش لصالح ابنها الأمير فريدريك، وكان ردها آنذاك أنه «سيصبح ملكاً عندما لا أعود موجودة». ثم إن رفض الملكة مارغريته التنحي عن العرش قبل مماتها كررته أكثر من مرة منذ تنصيبها في مطلع عام 1972، ولهذا كان إعلانها في خطاب ليلة رأس السنة الماضية أنها قرّرت التخلى عن العرش لصالح ابنها، مفاجئاً لكثيرين وتبعته حملة تخمينات حول الأسباب التي دفعتها إلى هذا القرار. ذلك أنها ما زالت بصحة جيدة نسبياً لسيدة في عمرها البالغ 83 سنة. وواقع الأمر أنها لا تزال نشيطة في تلبية التزامات رسمية، ولقد أعلنت أنها ستبقى تؤديها حتى بعد تنحيها عن العرش. كثيرون قالوا إن المخاوف من انفصال وشيك بين ولي العهد فريدريك، وزوجته الأميرة ماري، الأسترالية الأصل، كان السبب الأساسي الذي دفع الملكة إلى التنحي. وما يجدر ذكره هنا، أن شائعات الخيانة تلاحق الأمير منذ أشهر، وبالأخص بعدما التُقطت صورٌ له مع الممثلة المكسيكية جينوفيفا كازانوفا. وعلى الرغم من نفي الممثلة وجود علاقة بينها وبين الأمير، ورفض القصر الملكي التعليق على «الشائعات»، ازدادت المخاوف من قرب نهاية زواجه ومغادرة الأميرة ماري عائدةً إلى أستراليا... حتى جاء إعلان الملكة مارغريت المفاجئ تنحيها عن العرش لصالحه. ولقد فسّر كثيرون الخطوة بأنها جاءت لإنقاذ زواجه.

أياً تكن الأسباب التي دفعت مارغريته الثانية إلى إعلان اعتزامها التنحّي عن العرش في آخر أيام العام المنصرم، فإنها ستكون آخر ملكة تحكم حالياً في أوروبا، فبمغادرتها موقعها لن يتبقى في «القارة العجوز» إلا الملوك، وإن كانت ولاية العهد في السويد، «جارة» الدنمارك، تشغلها الأميرة فيكتوريا، بكر أبناء الملك كارل الـ16 غوستاف، وفي هولندا للأميرة كاترينا آماليا، بكر بنات الملك فيلهلم ألكسندر.

52 سنة على العرش

تغادر الملكة مارغريته موقعها بعد 52 سنة أمضتها على العرش الدنماركي، وهي ما زالت محبوبة من الدنماركيين الذين يعدّونها «والدة الأمة». ومع أن العائلة المالكة في الدنمارك لا تتدخل في السياسة، مثلها في ذلك مثل كل العائلات المالكة في أوروبا، فإن مارغريته الثانية لم تتردّد في الانضمام إلى النقاش الدائر منذ سنوات في الدنمارك حول الهجرة، الذي تحول إلى مادة سياسية أساسية توصل الأحزاب أو تُسقطها.

وفي هذا السياق، تجدر الإشارة إلى أنه حتى الحزب الاشتراكي الحاكم تبنّى سياسات يمينية متطرفة مناوئة للهجرة منذ وصوله إلى السلطة عام 2019، على الرغم من أن أحزاب يسار الوسط –مثله- تعتمد تاريخياً سياسات منفتحة ومتعاطفة تجاه المهاجرين واللاجئين. ففي ظل حكومة ميته فريدريكسون الاشتراكية تحوّلت الدنمارك إلى إحدى أكثر دول أوروبا تشدداً فيما يتعلق بالهجرة، إذ تبنت قوانين صارمة مثل سحب الإقامات من السوريين وإعادة ترحيلهم إلى بلادهم.

أكثر من هذا، أصبحت الدنمارك أول دولة أوروبية ترحّل إلى سوريا، رغم المخاطر هناك، وشملت أوامر الترحيل نحو 100 لاجئ كانوا قد حصلوا على إقامات في الدنمارك. وأيضاً، تبنى البرلمان قوانين جديدة أدت إلى وقف العمل باتفاقيات الأمم المتحدة الخاصة بقبول عدد معين من اللاجئين. وجرى تشديد قوانين لمّ الشمل للاجئين، و«شرعنة» سحب ممتلكات مثل الذهب والأموال من المتقدّمين للحصول على طلبات لجوء لدفع نفقاتهم.

موجة رفض الهجرة

في هذا الصدد، لا بد من القول، إنه حتى قبل وصول الاشتراكيين إلى السلطة وإدخالهم هذه التغييرات الجذرية، كان المزاج الشعبي العام في الدنمارك قد تحوّل إلى عداء واضح تجاه المهاجرين طالبي اللجوء. ولقد ركبت الملكة مارغريته الثانية نفسها الموجة لتنضم في التعبير عن المزاج السلبي تجاه المهاجرين وتتبناه علانية.

إذ أعلنت الملكة في عام 2016 خلال مقابلة مع مجلة «دير شبيغل» الألمانية أن «الدنمارك ليس بلداً متعدد الثقافات، بل هو بلد يعيش فيه أشخاص لديهم جذور وخلفيات وديانات مختلفة، منذ أكثر من 30 سنة».

وجاء هذا الكلام تعليقاً على سؤال حول ما إذا كانت ترى بلادها بالشكل نفسه الذي يرى ملك النرويج هارالد بلاده، كما وصفه في خطاب قبل فترة بأنه «حديث» ويضم مَن «يؤمن بالرّب ومَن يؤمن بالله» في إشارة إلى المسلمين.

مقابلة صريحة جداً

وتبع ذلك بأيام كتاب نشره الصحافي توماس لارسن، استناداً إلى مقابلات مع الملكة انتقدت فيها إخفاق بعض اللاجئين والمهاجرين في الاندماج في المجتمع الدنماركي. إذ قالت: «ليس قانون الطبيعة أن يصبح المرء دنماركياً بمجرد العيش في الدنمارك». وأردت القول إن «بعض الجماعات» أفضل من غيرها على صعيد الاندماج، وعدّدت على سبيل المثال المهاجرين الوافدين من جنوب شرقيّ آسيا، بينما «نجد آخرين يجدون صعوبة أكبر في التأقلم وإيجاد إيقاعهم في الدنمارك».

ومن ثمّ وصفت الملكة الدنماركيين بأنهم كانوا «سذّجاً» عندما توهموا أن «الاندماج ليس صعباً على الطرفين... لقد اعتقدنا أن هذه الأمور تحصل بشكل تلقائي، وأنه إذا سار المرء في شوارع كوبنهاغن وشرب من مياه البلدية وركب الحافلة، فإنه سيصبح دنماركياً. لقد كان الأمر بدهياً بالنسبة إلينا واعتقدنا أنه سيكون أيضاً بدهياً للوافدين إلينا من أجل العيش هنا، لكنّ الأمر لم يكن كذلك».

وفيما يمكن عدّه تحريضاً ضد المهاجرين، تابعت مارغريته الثانية كلامها، حسب الكتاب، قائلةً إنه «لا يجوز للمرء الاستسلام للمبالغة في الآداب، بل يجب أحياناً التجرؤ على إبداء ملاحظات إرشادية... ويجب من وقت إلى آخر أن تضع الأشخاص جانب الحائط وتقول: إنَّ هذا غير مقبول!». واستطردت: «عندما تصل أعداد كبيرة من الأشخاص بخلفيات مختلفة وديانة معينة، فإنهم يخاطرون بأن يعزلوا أنفسهم بغضّ النظر عن الإرادة».

هذه التصريحات غير الاعتيادية للملكة أثارت انتقادات وتساؤلات حول ما إذا كانت قد بدأت تتدخل في السياسة، وهو ما يشكّل خروجاً عن العُرف بل حتى عن الدستور. وفي حينه، صرّح لارس هوفباكي سورنسن، أستاذ التاريخ المتخصص في العائلة الملكية الدنماركية، في تصريحات تلفزيونية، بأن «الملكة أصبحت حادة أكثر فأكثر في تعليقاتها»، وباتت «تتحرك مباشرة نحو حافة التدخل السياسي، وأنها تشير بالإصبع إلى بُعد المشكلات الاجتماعية وتدفعنا إلى التفكير بها بطرق جديدة من دون أن تتكلّم عن حلول لهذه المشكلات. وإذا بدأت ذلك فعلاً، فإنها ستكون قد تجاوزت الخط نحو التدخل السياسي الصريح».

في المقابل، ثمة جهات ودوائر أيّدت كلام الملكة، ورأت فيه تعبيراً عن توجهات الدنماركيين. فقد كتبت صحيفة «برلينسكه» اليمينية افتتاحية تساءلت فيها عما إذا كانت الملكة «تتشارك الآراء حول الاندماج مع حزب الشعب الدنماركي (وهو حزب يميني متطرف)». وتابعت الصحيفة لترد على سؤالها بالقول: «على الأرجح لا، غير أن الملكة تعبّر عن صوت معظم الدنماركيين... وآراؤها تدلّ على موهبة متميزة لجهة قياس درجة الحرارة السياسية».

عائلة متنوعة الأصول

والمفارقة في مواقف الملكة مارغريته من الهجرة أن عائلتها المالكة نفسها -مثل سائر العائلات المالكة الأوروبية - متنوعة الأصول بشكل كبير. ذلك أن زوجها الملك هنريك (توفي عام 2018) مواطناً فرنسياً، وغيّر اسمه من هنري إلى هنريك ليصبح أكثر «دنماركية»، والأميرة ماري زوجة ابنها فريدريك، ولي العهد، أسترالية، والزوجة الأولى لابنها الثاني يواكيم، من هونغ كونغ، وزوجته الثانية والحالية فرنسية. ثم إن الملكة نفسها تتحدر من عائلة كلوغسبورغ المتفرعة من عائلة أولدنبورغ الألمانية التي تنتمي إليها معظم العائلات الملكية في أوروبا ومنها العائلات المالكة في بريطانيا والنرويج والسويد واليونان.

ومع أن زوج الملكة مارغريته تعلّم اللغة الدنماركية بسرعة نسبياً، فإن الدنماركيين لطالما سخروا من لكنته وانتقدوه بسبب قلة إتقانه اللغة الدنماركية كما يجب بنظرهم، والحال أن الملك هنريك كان يتكلمها بلكنة فرنسية ثقيلة.

تعارُف الزوجين

عندما تعرّفت مارغريته على زوجها عام 1965، كان هنري دو لابورد دو مونبيزا -وهذا اسمه الأصلي- دبلوماسياً يعمل في السفارة الفرنسية بالعاصمة البريطانية لندن. وكانت مارغريته يومذاك تبلغ من العمر 25 سنة وتدرس العلوم السياسية في «معهد لندن للاقتصاد والعلوم السياسية»، وكانت قبلاً قد درست في جامعتَي كمبريدج والسوربون.

وبعد سنتين من لقائهما، تزوّجا وانتقل هنري إلى الدنمارك متخلياً عن مهنته ومتفرغاً لتمضية بقية حياته إلى جانب ولية العهد آنذاك. وخلال هذه الفترة تعلم اللغة الدنماركية وغيّر اسمه إلى هنريك واعتنق مذهب العائلة الملكية، وهو البروتستانتية اللوثرية، متخلياً عن مذهبه الكاثوليكي. وأنجب الزوجان ولدَين هما فريدريك (المولود عام 1968) ويواكيم (عام 1969).

... مارغريته ملكة

جرى تنصيب مارغريته ملكة وهي في سن الـ31، بعد وفاة أبيها الملك فريدريك التاسع في يناير (كانون الثاني) 1972، لتغدو أول ملكة للدنمارك. ولكن، ما يجدر ذكره أنه عندما وُلدت مارغريته ما كان من المفترض أن تَخْلُف أباها، إذ إن القوانين آنذاك لم تكن تسمح للإناث بتولي العرش. بل كان من المفترض أن يعتلي العرش عمُّها (شقيق الملك). لكنَّ فريديريك عوضاً عن ذلك، عمل مع الحكومة على تغيير القوانين وهو ما استغرق موافقة من برلمانَين متتاليين ثم استفتاءً شعبياً. وبعد تغيير القانون تمكن فريديك من أن يورِّث ابنته العرش، لتصبح أول امرأة تحكم الدنمارك، ويصير هنري أول أمير من دون مهام واضحة، وهو ما عقّد عليه تقبّله دوره زوجاً للملكة من دون لقب ملك ولا وظائف واضحة ومحدّدة.

وبالطبع، زاد ذلك من شعور هنري العام بأنه سيبقى دائماً «غريباً» في الدنمارك انتقادات الصحافة الدائمة له، والتركيز المستمر على لكنته. وكان يعبّر عن استيائه بشكل علنيّ بعيد عن الدبلوماسية. وفي عام 2002 غادر إلى فرنسا مستاءً بعد أن كلّفت الملكة ابنها فريدريك بأن يمثّلها في حفل رسمي، الأمر الذي أغضب زوجها الذي قال إنه شعر بـ«الإهانة والإذلال»، وبأنه أصبح «ثالثاً» في العائلة المالكة.

وحقاً، أعلن هنري أنه سيعود إلى فرنسا لـ«التفكير» في دوره ضمن العائلة الملكية. وبقي هناك 3 أسابيع عاد بعدها إلى الدنمارك متغيباً عن حضور حفل زفاف ملكي في هولندا إلى جانب زوجته. وفي عام 2008، أعلنت الملكة «خلق» لقب جديد للذكور في العائلة يأخذ اسم عائلة زوجها هنريك، وهو «كونت مونبيزا»، اعترافاً بجذور زوجها الفرنسية.

مع هذا بقي هنري-هنريك يشكو حرمانه لقب «ملك» لدرجة أنه أعلن في عام 2017 أنه لا يريد أن يُدفَن إلى جانب زوجته في التابوت الزجاجي الذي كلَّفت مارغريته فناناً بتصميمه ليصبح نصباً تذكارياً واستغرق إعداده داخل كاتدرائية روسكيلده 20 سنة. إذ قال في تصريحات لمجلة دنماركية في أغسطس (آب) 2017، إنه لا يريد أن يُدفَن بالقرب من الملكة، «وإذا أرادت أن أُدفن بالقرب منها، عليها أن تمنحني لقب ملك». وبعد شهر من كلامه هذا، أعلن القصر الملكي في سبتمبر (أيلول) أن الأمير هنريك يعاني الخَرَف وأنه سيتوقف عن أداء مهامه الرسمية.

وبعد أشهر قليلة، توفي هنريك في فبراير (شباط) 2018، واحترمت الملكة قراره ألا يُدفن في التابوت الزجاجي، كاسرةً الأعراف الدنماركية السارية بدفن الملك وزوجته متجاورين. وعوضاً عن ذلك، أُحرق جثمانه ونُثر نصف الرماد في البحر ووضع النصف الآخر في مكان خاص داخل حدائق قصر فريدينسبورغ الملكي.

شرخٌ عائليٍّ ثانٍ

أخيراً، لم تُغضب الملكة مارغريته فقط زوجها برفضها منحه لقب ملك طوال حياتها، بل أحدثت أيضا شرخاً مع ابنها الأصغر يواكيم وعائلته عندما أعلنت عام 2022 أن نسل يواكيم، أي أطفاله الثلاثة وأولادهم في المستقبل، لن يتمكنوا من استخدام لقب أمير وأميرة ابتداءً من مطلع عام 2023، وأنه لن يسمح لهم باستخدام إلا لقب «كونت مونبيزا» أو «كونتسية مونبيزا». وبرّرت الملكة قرارها بأنه سيُسمح لأبناء يواكيم بالعيش «حياة طبيعية من دون أن يكونوا مقيّدين باعتبارات وواجبات قد يربطهم بها انتماؤهم للعائلة الملكية». وفي أي حال، تسبب قرار الملكة في غضب يواكيم وعائلته، مما دفع بالملكة إلى إصدار بيان تُعرب فيه عن أسفها لـ«الحزن» الذي تسبب به قرارها، ولكن من دون التراجع عنه. ومن ثمّ، دفع قرار الملكة تجريد أبناء يواكيم من ألقابهم، بيواكيم إلى الإعلان أنه هو وحده الذي سيحضر مراسم تنصيب شقيقه ملكاً، من دون عائلته.



منطقة الساحل... ساحة صراع بين الغرب وروسيا

طائرة ميراج 2000 فرنسية في قاعدة بنيامي، عاصمة النيجر، يوم 5 يونيو 2021 (أ.ب)
طائرة ميراج 2000 فرنسية في قاعدة بنيامي، عاصمة النيجر، يوم 5 يونيو 2021 (أ.ب)
TT

منطقة الساحل... ساحة صراع بين الغرب وروسيا

طائرة ميراج 2000 فرنسية في قاعدة بنيامي، عاصمة النيجر، يوم 5 يونيو 2021 (أ.ب)
طائرة ميراج 2000 فرنسية في قاعدة بنيامي، عاصمة النيجر، يوم 5 يونيو 2021 (أ.ب)

يسدلُ الستارُ على آخر مشاهد عام 2024 في منطقة الساحل الأفريقي، ورغم أن هذه الصحراء الشاسعة ظلت رتيبة لعقود طويلة، فإن المشهد الأخير جاء ليكسر رتابتها، فلم يكن أحد يتوقع أن ينتهي العام والمنطقة خالية من القوات الفرنسية، وأن يحل محلها مئات المسلحين الروس، وأنّ موسكو ستكون أقربَ من باريس لكثير من أنظمة الحكم في العديد من بلدان القارة السمراء.ورغم أن الفرنسيين كانوا ينشرون في الساحل أكثر من 5 آلاف جندي لمحاربة الإرهاب، بينما أرسل الروس بدورهم مرتزقة شركة «فاغنر» للمساعدة في المهمة نفسها، التي فشل فيها الفرنسيون، فإن الإرهاب ما زال يتمدد، بل إنه ضرب في قلب دول الساحل هذا العام، كما لم يفعل من قبل.

لم يكن الإرهاب حجةً للتدخل العسكري الأجنبي فقط، وإنما كان حجة جيوش دول الساحل للهيمنة على الحكم في انقلابات عسكرية أدخلت الدول الثلاث، مالي، النيجر وبوركينا فاسو، في أزمة حادة مع جيرانها في المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (إيكواس)، انتهت بالقطيعة التامة وانسحاب الدول الثلاث من المنظمة الإقليمية التي كانت حتى وقت قريب تمثّلُ حلماً جميلاً بالاندماج والتكامل الاقتصادي.

بالإضافة إلى تصاعد الإرهاب والعزلة الإقليمية، حمل عام 2024 معه لدول الساحل تداعيات مدمرة للتغيّر المناخي، فضرب الجفاف كثيراً من المحاصيل الزراعية، وجاءت بعد ذلك فيضانات دمّرت ما بقي من حقول وقرى متناثرة في السافانا، وتسببت في موت الآلاف، وتشريد الملايين في النيجر وتشاد ومالي وبوركينا فاسو.

صورة وزعها الجيش الفرنسي لمقاتلين من المرتزقة الروس خلال صعودهم إلى مروحية في شمال مالي في أبريل 2022 (الجيش الفرنسي - أ.ب)

الخروج الفرنسي

الساحل الذي يصنّف واحدة من أفقر مناطق العالم وأكثرها هشاشة، كان يمثّلُ الجبهة الثانية للحرب الروسية - الأوكرانية، فكان مسرحاً للصراع بين الغرب وروسيا، وقد تصاعد هذا الصراع في عام 2024، وتجاوز النفوذ السياسي والاستراتيجي، إلى ما يشبه المواجهة المباشرة من أجل الهيمنة على مناجم الذهب واليورانيوم وحقول النفط، والموارد الهائلة المدفونة في قلب صحراء يقطنها قرابة 100 مليون إنسان، أغلبهم يعيشون في فقر مدقع.

يمكن القول إن عام 2024 محطة فاصلة في تاريخ الوجود العسكري الفرنسي في منطقة الساحل، خصوصاً أن الفرنسيين دخلوا المنطقة مطلع القرن التاسع عشر، تحت غطاء تجاري واقتصادي، ولكن سرعان ما تحوّل إلى استعمار عسكري وسياسي، هيمن بموجبه الفرنسيون على المنطقة لأكثر من قرن من الزمان، وبعد استقلال هذه الدول، ظلت فرنسا موجودة عسكرياً بموجب اتفاقات للتعاون العسكري والأمني.

ازداد الوجود العسكري الفرنسي في منطقة الساحل بشكل واضح، عام 2013، بعد أن توجّه تنظيم «القاعدة» إلى منطقة الساحل الأفريقي، ليتخذ منها مركزاً لأنشطته بعد الضربات التي تلقاها في أفغانستان والعراق، ومستغلاً في الوقت ذاته الفوضى التي عمّت المنطقة عقب سقوط نظام العقيد الليبي معمر القذافي عام 2011. حينها أصبح الفرنسيون يقودون «الحرب العالمية على الإرهاب» في الساحل، وأطلقوا عملية «سيرفال» العسكرية في يناير (كانون الثاني) 2013، التي تحوّلت عام 2014 إلى عملية «برخان» العسكرية التي كان ينفق عليها الفرنسيون سنوياً مليار يورو، وينشرون فيها أكثر من 5 آلاف جندي في دول مالي والنيجر وبوركينا فاسو وتشاد.

على وقع هذه الحرب الطاحنة بين الفرنسيين وتنظيم «القاعدة»، وانتشار الجنود الفرنسيين بشكل لافت في شوارع المدن الأفريقية، تصاعد الشعور المعادي لفرنسا في الأوساط الشعبية، ما قاد إلى انهيار الأنظمة السياسية الموالية لباريس، وسيطر عسكريون شباب على الحكم في مالي والنيجر وبوركينا فاسو، وكان أول قرار اتخذوه هو «مراجعة» العلاقة مع فرنسا، وهي مراجعة انتهت بالقطيعة التامة.

حزمت القوات الفرنسية أمتعتها وغادرت مالي، ثم بوركينا فاسو والنيجر، ولكن المفاجأة الأكبر جاءت يوم 28 نوفمبر (تشرين الثاني) 2024 حين قررت تشاد إنهاء اتفاقية التعاون العسكري مع فرنسا، وهي التي ظلت دوماً توصف بأنها «حليف استراتيجي» للفرنسيين والغرب في المنطقة.

وبالفعل بدأ الفرنسيون حزم أمتعتهم ومغادرة تشاد دون أي تأخير، وغادرت مقاتلات «ميراج» الفرنسية قاعدة عسكرية في عاصمة تشاد، إنجامينا، يوم الثلاثاء 10 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، في حين بدأ الحديث عن خطة زمنية لخروج أكثر من ألف جندي فرنسي كانوا يتمركزون في تشاد.

ربما كان تطور الأحداث خلال السنوات الأخيرة يوحي بأن الفرنسيين في طريقهم إلى فقدان نفوذهم التقليدي في منطقة الساحل، ولكن ما يمكن تأكيده هو أن عام 2024 شكّل «لحظة الإدراك» التي بدأ بعدها الفرنسيون يحاولون التحكم في صيغة «الخروج» من الساحل.

صورة جماعية لقادة دول "الإيكواس" خلال قمتهم في أبوجا بنيجيريا يوم 15 ديسمبر 2024 (أ.ف.ب)

لقد قرَّر الفرنسيون التأقلم مع الوضع الجديد في أفريقيا، حين أدركوا حجم الجهد الضائع في محاولة المواجهة والضغط على الأنظمة العسكرية المتحالفة مع روسيا، فهذه الأنظمة لا تتوقف عن «إذلال» القوة الاستعمارية السابقة بقرارات «استفزازية» على غرار اعتقال 4 موظفين بالسفارة الفرنسية في بوركينا فاسو، واتهامهم بالتجسس، وبعد عام من السجن، أُفرج عنهم بوساطة قادها العاهل المغربي الملك محمد السادس يوم 19 ديسمبر 2024.

وفي النيجر، قرَّر المجلس العسكري الحاكم، في يونيو (حزيران) 2024، إلغاء رخصة شركة فرنسية كانت تستغل منجماً لليورانيوم شمال البلاد، وسبق أن قرَّرت النيجر، على غرار مالي وبوركينا فاسو، منع وسائل الإعلام الفرنسية من البث في البلاد بعد أن اتهمتها بنشر «أخبار كاذبة».

يدخل مثل هذه القرارات ضمن مسار يؤكد أن «النقمة» تجاه الفرنسيين في دول الساحل تحوّلت إلى قرار نهائي بالقطيعة والخروج من عباءة المستعمِر السابق. وفي ظل مخاوف من اتساع رقعة هذه القطيعة لتشمل دولاً أفريقية أخرى ما زالت قريبةً من باريس، وضع الفرنسيون خطةً لإعادة هيكلة وجودهم العسكري في أفريقيا، من خلال تخفيض قواتهم المتمركزة في السنغال، وكوت ديفوار، والغابون، وجيبوتي.

أسند الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون مهمة إعداد هذه الخطة إلى جان-ماري بوكل، حين عيّنه في شهر فبراير (شباط) 2024 مبعوثاً خاصاً إلى أفريقيا، وهي المهمة التي انتهت في نحو 10 أشهر، قدّم بعدها تقريراً خاصاً سلّمه إلى ماكرون، يوم 27 نوفمبر الماضي، ينصح فيه بتقليص عدد القوات الفرنسية المتمركزة إلى الحد الأدنى، وتَحوُّل القواعد العسكرية إلى «مراكز» أكثر مرونة وخفة، هدفها التركيز على التدريب العسكري، وجمع المعلومات الاستخباراتية، وتعزيز الشراكات الاستراتيجية.

الأميركيون أيضاً

حين كان الجميعُ يتحدَّث خلال العقدين الأخيرين عن الانتشار العسكري الفرنسي، والنفوذ الذي تتمتع به باريس في منطقة الساحل وغرب أفريقيا، كان الأميركيون حاضرين ولكن بصمت، ينشرون مئات الجنود من قواتهم الخاصة في النيجر؛ لمساعدة هذا البلد في حربه ضد جماعات مثل «القاعدة»، و«بوكو حرام»، و«داعش». واستخدم الأميركيون في عملياتهم قاعدة جوية في منطقة «أغاديز» خاصة بالطائرات المسيّرة التي تمكِّنهم من مراقبة الصحراء الكبرى وتحركات «القاعدة» من جنوب ليبيا وصولاً إلى شمال مالي.

ولا يزال الأميركيون أوفياء لاستراتيجية الحضور العسكري الصامت في أفريقيا، على العكس من حلفائهم الفرنسيين وخصومهم الروس، ولكن التحولات الأخيرة في منطقة الساحل أرغمتهم على الخروج إلى العلن، خصوصاً حين بدأت مجموعة «فاغنر» تتمتع بالنفوذ في النيجر. حينها أبلغ الأميركيون نظام الحكم في نيامي بأنه لا مجال لدخول «فاغنر» إلى بلد هم موجودون فيه.

وحين اختارت النيجر التوجه نحو روسيا و«فاغنر»، قرَّر الأميركيون في شهر أغسطس (آب) 2024 سحب قواتهم من النيجر، وإغلاق قاعدتهم العسكرية الجوية الموجودة في شمال البلاد.

وأعلن الأميركيون خطةً لإعادة تموضع قواتهم في غرب أفريقيا، فتوجَّهت واشنطن نحو غانا وكوت ديفوار وبنين، وهي دول رفعت من مستوى تعاونها العسكري مع الولايات المتحدة، وتسلّمت مساعدات عسكرية كانت موجهة إلى النيجر، عبارة عن مدرعات وآليات حربية.

دبابة فرنسية على مقربة من نهر النيجر عند مدخل مدينة غاو بشمال مالي يوم 31 يناير 2013 (أ.ب)

البديل الروسي

لقد كانت روسيا جاهزة لاستغلال تراجع النفوذ الغربي في منطقة الساحل، وهي المتمركزة منذ سنوات في ليبيا وجمهورية أفريقيا الوسطى، فنشرت المئات من مقاتلي «فاغنر» في مالي أولاً، ثم في بوركينا فاسو والنيجر، كما عقدت صفقات سلاح كبيرة مع هذه الدول.

لكن موسكو حاولت في العام الماضي أن ترفع من مستوى تحالفها مع دول الساحل إلى مستويات جديدة. فبالإضافة إلى الشراكة الأمنية والعسكرية، كان الروس يطمحون إلى شراكة اقتصادية وتجارية.

ولعل الحدث الأبرز في هذا الاتجاه كان جولة قام بها وفد روسي بقيادة نائب رئيس الوزراء ألكسندر نوفاك، نهاية نوفمبر الماضي، وقادته إلى دول الساحل الثلاث: مالي وبوركينا فاسو والنيجر.

كان الهدف من الجولة هو «تعزيز الشراكة الاقتصادية»، مع تركيز روسي واضح على مجال «الطاقة». فقد ضم الوفد الروسي رجال أعمال وفاعلين في قطاع الطاقة، وسط حديث عن اتفاقات لإقامة محطات لإنتاج الطاقة الشمسية، تتولى شركات روسية تنفيذها في الدول الثلاث.

وفي شهر سبتمبر (أيلول) الماضي، وقَّع رؤساء مالي وبوركينا فاسو والنيجر اتفاقاً مع وكالة الفضاء الروسية، ستقدم بموجبه الوكالة الروسية لهذه الدول «صور الأقمار الاصطناعية»؛ من أجل تعزيز مراقبة الحدود وتحسين الاتصالات، أي أن روسيا أصبحت العين الرقيبة على دول الساحل بعد أن أُغمضت العين الفرنسية. هذا عدا عن نجاح روسيا في اللعب بورقة الأمن الغذائي، فكان القمح الروسي أهم سفير لموسكو لدى دول الساحل، وفي العام الماضي أصبحت موسكو أكبر مورِّد للحبوب لهذه الدول التي تواجه مشكلات كبيرة في توفير حاجياتها من الغذاء، فأصبح القمح الروسي يسيطر على سوق حجمها 100 مليون نسمة.

رغم المكاسب التي حققتها روسيا في منطقة الساحل الأفريقي، فإن عام 2024 حمل معه أول هزيمة تتعرَّض لها مجموعة «فاغنر» الخاصة، منذ أن بدأت القتال إلى جانب الجيش المالي، قبل سنوات عدة.

جاء ذلك حين تصاعدت وتيرة المعارك بين الجيش المالي والمتمردين الطوارق، إثر انسحاب مالي من اتفاقية الجزائر المُوقَّعة بين الطرفين عام 2015، ودخل الطرفان في هدنة بموجبها امتدت لقرابة 10 سنوات. لكن الهدنة انتهت حين قرر الماليون الزحف العسكري نحو الشمال حيث يتمركز المتمردون.

استطاع الجيش المالي، المدعوم من «فاغنر»، أن يسيطر سريعاً على كبريات مدن الشمال، حتى لم تتبقَّ في قبضة المتمردين سوى قرية صغيرة، اسمها تينزواتين، على الحدود مع الجزائر، وعلى مشارفها وقعت معركة نهاية يوليو (تموز) 2024، قُتل فيها العشرات من الجيش المالي و«فاغنر»، ووقع عدد منهم في الأسر.

كانت هزيمة مفاجئة ومذلة، خصوصاً حين نشر المتمردون مقاطع فيديو لعشرات الجثث المتفحمة، بعضها يعود لمقاتلين من «فاغنر»، كان من بينهم قائد الفرقة التي تقدّم الدعم للجيش المالي من أجل استعادة السيطرة على شمال البلاد.

طائرة ميراج فرنسية تُقلع من قاعدة في إنجامينا... (أ.ف.ب)

المفاجأة الأوكرانية

اللافت بعد هزيمة «فاغنر» والجيش المالي في «معركة تينزواتين» هو اكتشاف دور لعبته أوكرانيا في دعم المتمردين من أجل كسر كبرياء روسيا، من خلال إذلال «فاغنر»، وهو ما أكدته مصادر أمنية وعسكرية أوكرانية.

تحدَّثت مصادر عدة عن حصول المتمردين في شمال مالي على تدريب خاص في أوكرانيا، واستفادتهم من طائرات مسيّرة حصلوا عليها من كييف مكّنتهم من حسم المعركة بسرعة، بالإضافة إلى معلومات استخباراتية وفّرتها لهم المخابرات الأوكرانية وكان لها الأثر الكبير في الهزيمة التي لحقت بقوات «فاغنر» وجيش مالي.

لم يكن لأوكرانيا، في الواقع، أي نفوذ في منطقة الساحل الأفريقي، ولا يتجاوز حضورها سفارات شبه نائمة، لكنها وبشكل مفاجئ ألحقت بروسيا أول هزيمة على صحراء مالي، وأصبحت تطمح لما هو أكثر من ذلك. ولكن مالي أعلنت بعد مرور أسبوع على «معركة تينزواتين»، قطع علاقاتها الدبلوماسية مع أوكرانيا، وتبعتها في ذلك النيجر وبوركينا فاسو، كما تقدَّمت مالي بشكوى إلى مجلس الأمن الدولي تتهم فيها أوكرانيا بدعم «الإرهاب» في منطقة الساحل الأفريقي.

رغم مكاسب روسيا في الساحل، إلا إن عام 2024 حمل معه أول هزيمة لمجموعة «فاغنر» منذ أن بدأت القتال إلى جانب جيش مالي

قادة مالي الكولونيل أسيمي غويتا، والنيجر الجنرال عبدالرحمن تياني، وبوركينا فاسو النقيب إبراهيم تراوري خلال لقاء لـ "تحالف دول الساحل" في نيامي، عاصمة النيجر، يوم 6 يوليو الماضي (رويترز)

خطر الإرهاب

في 2024 كثّفت جيوش دول الساحل حربها ضد التنظيمات الإرهابية، ونجحت في تحقيق مكاسب مهمة، وقضت على مئات المقاتلين من تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، وقد ساعدت على ذلك الشراكة مع روسيا، حيث حصلت جيوش الساحل على أسلحة روسية متطورة، كما كان هناك عامل حاسم تَمثَّل في مسيّرات «بيرقدار» التركية التي قضت على مئات المقاتلين.

لكن الخطوة الأهم في الحرب، جاءت يوم 6 مارس (آذار) 2024، حين أعلن قادة جيوش دول مالي والنيجر وبوركينا فاسو إنشاء «قوة عسكرية مشتركة»؛ لمواجهة الجماعات الإرهابية التي تنشط في المنطقة، خصوصاً في المناطق الحدودية، ما قلّص من قدرة التنظيمات الإرهابية على التنقل عبر الحدود.

في هذه الأثناء قرَّرت دول الساحل رفع مستوى هذا التعاون مطلع يوليو 2024، من خلال تشكيل «تحالف دول الساحل»؛ بهدف توحيد جهودها في مجال محاربة الإرهاب، ولكن أيضاً مواقفها السياسية والاقتصادية والاستراتيجية، قبل أن تتجه نحو تشكيل عملة موحدة وجواز سفر موحد.

في غضون ذلك، لم تتوقف التنظيمات الإرهابية عن شنِّ هجماتها في الدول الثلاث، ولعل الهجوم الأهم في العام الماضي ذاك الذي نفَّذه تنظيم «القاعدة» يوم 17 سبتمبر الماضي ضد مطار عسكري ومدرسة للدرك في العاصمة المالية باماكو. شكّل الهجوم الذي خلّف أكثر من 70 قتيلاً، اختراقاً أمنياً خطيراً، أثبت من خلاله التنظيم الإرهابي قدرته على الوصول إلى واحدة من أكثر المناطق العسكرية حساسية في قلب دولة مالي.

في يوم 28 يناير 2024 أعلنت الأنظمة العسكرية الحاكمة، في مالي والنيجر وبوركينا فاسو، الانسحاب من المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (إيكواس)، التي فرضت عقوبات ضد دول الساحل إثر الانقلابات العسكرية التي وقعت فيها، وفي يوليو عادت لتُشكِّل «تحالف دول الساحل».

يؤكد التحالف الجديد رغبة هذه الدول في الانسحاب من المنظمة بشكل نهائي، ولكنه في المقابل يرسم ملامح الصراع الدولي في المنطقة. فتحالف دول الساحل يمثّل المحور الموالي لروسيا، أما منظمة «إيكواس» فهي الحليف التقليدي لفرنسا والغرب.

ورغم أن منظمة «إيكواس» في آخر قمة عقدتها خلال ديسمبر الحالي، تركت الباب مفتوحاً أمام تراجع دول الساحل عن القرار، ومنحتها مهلة 6 أشهر، إلا أن القادة العسكريين لدول الساحل ردوا على المنظمة بأن قرارهم «لا رجعة فيه».