نذير العرباوي... رئيس الوزراء الجديد في الجزائر مهمته انتشال البلاد من مشاكلها الداخلية والإقليمية

من أولويات المنصب إمداد الرئيس بعناصر اتخاذ القرار

نذير العرباوي... رئيس الوزراء الجديد في الجزائر مهمته انتشال البلاد من مشاكلها الداخلية والإقليمية
TT

نذير العرباوي... رئيس الوزراء الجديد في الجزائر مهمته انتشال البلاد من مشاكلها الداخلية والإقليمية

نذير العرباوي... رئيس الوزراء الجديد في الجزائر مهمته انتشال البلاد من مشاكلها الداخلية والإقليمية

بعد ثلاثة أيام من تعيين نذير العرباوي وزيراً أول بالجزائر، وضع رئيس البلاد عبد المجيد تبّون خارطة للحكومة تخص المرحلة المقبلة، وذلك في أول اجتماع للوزراء عُقد الثلاثاء 14 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023. وخلال الاجتماع شدد الرئيس على «تفادي الوعود المبالغ فيها، البعيدة عن الالتزامات مع الشعب الجزائري»، وكان يلمح إلى التعهدات التي قطعها هو في حملة انتخابات الرئاسة 2019 وعددها 54. وبالنتيجة، فهم المراقبون أن سبب عزل الوزير الأول السابق أيمن بن عبد الرحمن، بعد سنتين ونصف سنة تقريباً من تسييره الشأن الحكومي، يعود إلى إطلاقه وعوداً لم تتحقق «كان مُبالغاً فيها». لكن اللافت هو أن بن عبد الرحمن (58 سنة) دفع وحده ثمن هذا «الحكم الرئاسي»؛ لأن تبّون أبقى على الطاقم الحكومي كاملاً على الرغم من الجدل الدستوري الذي يثيره عدم إنهاء مهام الحكومة بكامل تعدادها، عند تنحية رأسها؛ إذ يفترض تشكيل حكومة جديدة مع تعيين وزير أول جديد.

رجّح متتبعون في الجزائر أن يكون سبب عزل رئيس الوزراء السابق أيمن بن عبد الرحمن، الذي شغل منصب محافظ البنك المركزي الجزائري سابقاً، عجزه الكبير في إيجاد حل لندرة حادة تشهدها عدة مواد غذائية في السوق، وارتفاع أسعار الكثير منها منذ أكثر من سنة. لكن بن عبد الرحمن لم يكن وحده المسؤول عن هذا الوضع الذي جاء نتيجة لقرار سياسي بوقف استيراد عدد كبير من السلع والمنتجات، وهو ما خلف ندرة سلع أدت إلى الأزمة. مع، هذا، مما يؤخذ على رئيس الوزراء السابق أنه سياسي تعوزه «الشخصية القوية»، كما يتهمه البعض بأنه «يفتقر إلى الكاريزما».

في أي حال، مما جاء في كلام الرئيس تبّون على أنها توجيهات لرئيس الوزراء الجديد نذير العرباوي (73 سنة)، وهو مدير ديوانه بالرئاسة السابق، «وجوب اعتماد السرعة القصوى في تطبيق قرارات مجلس الوزراء التي لم تجسّد أو تأخر تنفيذها»، و«الإبقاء على دعم الطبقتين الهشة والمتوسطة نصب أعين الحكومة، وذلك من خلال الحفاظ على القدرة الشرائية، وجعل البرامج السكنية بكل صيغها ضمن الأولويات، صيانة لكرامة المواطنين وتيسيراً لحياتهم».

تبّون طالب حكومته أيضاً بـ«التحلي باليقظة والحذر من تبذير المال العام، ومن استهلاك ميزانيات إضافية غير مرصودة في البرامج المحددة، بينما هناك ما ينتظر التنفيذ في هذه البرامج». ومن ثم، شدد على «ضرورة تكثيف الاستشارة ما بين أعضاء الحكومة، حول القرارات المؤثرة على التوازنات المالية الكبرى للدولة»، مبرزاً «أهمية تكريس قيمة العمل بشكل أكبر، مع الحفاظ على المهن والحرف الصغيرة؛ كونها خلاقة للثروة ومناصب الشغل». واختتم تبّون بالدعوة إلى «رفع وتيرة تنفيذ ما تبقى من برامج والتزامات، لا سيما في قطاعي التربية الوطنية، واقتصاد المعرفة والمؤسسات الناشئة والمؤسسات المصغّرة».

هذه الخطوط العريضة لحكومة العرباوي ستضعه على المحك خلال سنة من العمل، تأهباً لانتخابات الرئاسة المقرّرة قبل نهاية 2024، التي يعتقد أن الرئيس تبّون سيخوضها طلباً لولاية ثانية.

مشادات حادة

شارحاً محاولته التعاطي مع خبر تعيين العرباوي على رأس الحكومة الجديدة، كتب صحافي جزائري مقيم في فرنسا: «ليس من السهل رسم صورة رئيس الوزراء الجديد؛ لأن الناس يخشون الكلام. لقد تقاعد في عام 2020، وعاد إلى العمل بفضل رمطان لعمامرة (وزير الخارجية السابق) الذي أدمجه في ديوان وزارة الخارجية، قبل أن يقترحه سفيراً للجزائر بالأمم المتحدة». ووفق ذلك الصحافي، كان العرباوي يريد أن يكون سفيراً لدى المملكة العربية السعودية، إلا أنه في النهاية وجد نفسه في مقر رئاسة الحكومة الموجود وسط العاصمة.

من جهة ثانية، ما تعرفه الأوساط الجزائرية المهتمة بالشأن العام - وخصوصاً وسائل الإعلام - عن العرباوي أنه دبلوماسي متمرّس، كان أهم وآخر منصب له في قطاع الخارجية رئيس البعثة الجزائرية بالأمم المتحدة. وخلال الفترة القصيرة التي أمضاها في هذه المهمة، نشبت مشادات كلامية حادة بينه وبين نظيره المغربي عمر هلال، حول مسألة الصحراء.

وكان من أقوى فصول التوتر بين السفيرين، يحتفظ الإعلام بهجوم حاد للعرباوي على هلال، العام الماضي، عندما طالب بـ«تمكين سكان القبائل الجزائرية من تقرير مصيرهم»، على اعتبار أن هناك تنظيماً يطالب بانفصال المنطقة يدعى اختصاراً «ماك» تعتبره الجزائر منظمة إرهابية. فرّد عليه الممثل الجزائري قائلاً إن «ممثل المغرب يسعى، من خلال مزاعم وادعاءات بائسة، إلى إحداث حالة من اللبس وخداع الرأي العام الدولي...».

من جانب آخر، قبل التحاقه بنيويورك، تولى العرباوي منصب سفير لدى مصر، وممثلاً للجزائر بالجامعة العربية، ثم عيّن سفيراً في باكستان. ثم إن العرباوي، الذي يتحدر من محافظة تبسة الحدودية مع تونس، وكان حينذاك مديراً للعلاقات الاقتصادية الدولية بوزارة الخارجية. وكذلك عرف بقيادته مفاوضات مع السلطات التونسية أفضت يوم 11 يوليو (تموز) 2011، إلى التوقيع على اتفاق يخص الحدود البحرية مع تونس. ثم إنه في الرصيد المهني لرئيس الوزراء الجديد إشرافه على التكفّل بالأجانب الذين فرّوا من ليبيا إلى الجزائر عبر الحدود البرّية بعد سقوط نظام معمر القذافي في خريف 2011، وتمتعه بتجربة مهمة بوصفه عضواً بمجلس إدارة «المركز المغاربي للدراسات والبحوث».

الإمداد بعناصر اتخاذ القرار

عودة إلى علاقة رئيس الوزراء الجديد بالرئيس تبّون، يقول عارفون بشؤون الحكم إن الرئيس كان قد طلب من مقرّبين منه، مساعدته في إيجاد مدير ديوان له، وحدّد لهم أوصافاً دقيقة على رأسها أنه يكون ملمّاً بالقضايا الدولية، وذلك كي يستعين بخبرته في اتخاذ القرارات ذات البعد الدولي. وحقاً نصحه المقربون بالسفير لدى الأمم المتحدة نذير العرباوي، فقرر فوراً استدعاءه من نيويورك في مارس (آذار) 2023. وبعد 6 أشهر فقط، منح الرئيس مدير ديوانه الجديد صلاحيات كبيرة، في إطار مرسوم يتضمن إجراءات غير مسبوقة تتصل بإعادة هيكلة واسعة لشؤون الرئاسة الجزائرية.

فلقد نصّت المادة السابعة من المرسوم على إعطاء صلاحيات واسعة لمدير الديوان برئاسة الجمهورية، أهمها دراسة الملفات السياسية والعلاقات الدولية وتنفيذها، ومتابعة النشاط الحكومي وإجراء تحليل له. وأيضاً كلفه الرئيس بتنسيق نشاطات المستشارين بالرئاسة، وإبلاغ الرئيس بتطورات الوضع في البلاد سياسياً واقتصادياً، و«إمداده بالعناصر الضرورية لاتخاذ القرار». وأصبح من صلاحية مدير الديوان التواصل مع وسائل الإعلام المحلية والأجنبية، ومع الأحزاب السياسية، وكذلك متابعة عرائض وتظلمات المواطنين والجمعيات بشأن أداء المرافق العمومية، ويُجري تقييماً لها.

من ثم، فُهم من توسيع صلاحيات العرباوي، أن الرئيس تبّون صار يعدّه «العقل المدبّر» في مقر الرئاسة، لا يقل أهمية عن «رجل الثقة» لديه، بوعلام بوعلام مستشار الشؤون القانونية والشؤون القضائية، الذي أضاف له في إطار الهيكلة الجديدة «العلاقات مع المؤسسات والتحقيقات والتأهيلات».

وبالفعل، إبان المدة القصيرة التي أمضاها العرباوي في قصر الرئاسة، كتبت مجلة «جون أفريك» الفرنسية، نقلاً عن «أحد معارفه رفض الكشف عن هويته»، أنه «بنى علاقات ثقة تتميز بالاحترام والاعتبار مع الرئيس... فمن حيث الأفكار والقناعات، هو مليء بالحماس الوطني... إنه متشبّع بقيم العدالة الاجتماعية وتعزيز الفئات المحرومة. وتحت سلطة تبون، أظهر ارتباطاً بقيَم الدبلوماسية الجزائرية، ومنها السيادة الوطنية والتعلق بقضايا التحرر». كذلك قال عنه «زميل سابق»، وفق المجلة ذاتها: «إنه مستبد لكنه ليس ديكتاتوراً... هو طاغية مستنير يشاوِر ويتشاور ثم يقرّر. إنه الجندي الذي حلم به رئيس الدولة».

أن الرئيس تبّون أصبح يعتبره «العقل المدبّر» في مقر الرئاسة

مشاكل التنمية والاضطرابات

بعدما استقر رأي الرئيس تبّون على أوصاف الشخص المؤهل ليكون «رقم 2» في السلطة التنفيذية لقيادة المرحلة المقبلة، يتساءل كثيرون عن ماهية التحديات التي تنتظر الوزير الأول الجديد، وكيف سيتعامل معها.

بهذا الخصوص، يقول الدكتور منير قتال، المحامي الدولي وأستاذ القانون العام بجامعة الجزائر، لـ«الشرق الأوسط»، في لقاء معه: «سبق للسيد العرباوي أن تقلد مناصب عدة داخل الدولة، وتدرّج في سلم المسؤوليات، آخرها مديراً لديوان الرئاسة. للسيد الوزير الأول دراية بالقضايا الاستراتيجية، الإقليمية والدولية، وبالكثير من الشؤون التي تخصّ الجزائر داخلياً وخارجياً. والمؤكد أنه يملك بُعد نظر واسعاً، لما ينبغي أن تكون عليه الجزائر في المستقبل، وفقاً للبرنامج المصمم من طرف السيد رئيس الجمهورية».

وفق الدكتور قتال: «سيكون الوزير الأول وجهاً لوجه مع تحديات كثيرة تنتظر حلولاً ملموسة، وهذا هو سبب اختيار الرجل من طرف رئيس الجمهورية للمهمة الجديدة. ومن بين هذه التحديات الملف الاقتصادي والمالي: التحول الاقتصادي وهو مطلوب في المرحلة التي تمر بها البلاد، بل هو ضروري وعاجل، وعلى الحكومة خلق قيمة إضافية وصياغة خطة اقتصادية على المديين المتوسط والبعيد، وخلق نمط اقتصادي يتماشى مع التطورات عبر العالم، والتخلص النهائي من الاقتصاد الريعي والتبعية للمحروقات».

وتابع قتال كلامه، فقال: «من غير المعقول ألا تستغل الجزائر ثرواتها الطبيعية الثمينة والبشرية المتنوعة. فاستغلال هذه الثروات بشكل جيد، وعلى أكمل وجه، سيولّد حتماً نهضة في البلاد، وسيحقق قفزات مهمة نحو اقتصاد صاعد ورائد». وأردف: «ما ينتظر السيد العرباوي هو الاهتمام بالقدرات المالية البلاد، وترشيد النفقات مع خفض مستويات الإنفاق، والحد من فاتورة الاستيراد، وتوجيه بعض الموارد المالية حسب الأهمية والأولويات، وتنويع مصادر الدخل لتجنيب البلاد تبعات انهيار محتمل لأسعار النفط». وأفاض المحلل القانوني والسياسي في شرحه: «مطلوب من الحكومة، بعد تعيين وزير أول جديد، خلق ثقافة جالبة للاستثمار الأجنبي، ومواصلة خطة تطوير البنية التحتية، وتنويع الصادرات من غير المنتجات النفطية، ما يسمح بتنويع مصادر الإيرادات العامة».

التكنولوجيا والعلوم والأموال المهرّبة

وفي القطاعات الأخرى، عدَّ الدكتور قتال أن من الأولويات «متابعة مشروع الرقمنة وتحديث كل القطاعات، وتحديات الذكاء الاصطناعي والحماية السيبرانية؛ إذ إن الحكومة مطالبة بوضع سياسة آمنة وشاملة لعصرنة كل المؤسسات والهيئات، وتبسيط العمليات المالية والمصرفية والإدارية والمرفقية، وحماية البيانات الشخصية والعمومية، ومحاربة كل الجرائم الإلكترونية».

واستطرد: «عليه أيضاً السهر على جودة التعليم وإيجاد تمويلات جديدة لقطاع التعليم العالي ودعم البحث العلمي، بجانب إيجاد آليات ونماذج جديدة لتمويله خاصة من طرف القطاع الخاص وتشجيعه على المساهمة فعلياً في تقوية الاقتصاد والتقدم العلمي. ثم إنه مطالب بمواصلة جهود استعادة الأموال المهرّبة إلى الخارج، وذلك عبر تفعيل الآليات القانونية التي تسمح بذلك، وتعزيز التدابير الوقائية من الفساد... وكل هذا من دون تناسي سد الثغرات التي يأتي منها القلق الاجتماعي، والتصدي للبطالة، وحل أزمة السكن، ورفع القدرة الشرائية للمواطن، ومعالجة مشكلة ندرة المياه بسبب الجفاف».

واختتم بالقول إن على رئيس الوزراء الجديد «العمل على توسيع التجربة الجزائرية في مجال تعزيز حقوق الإنسان ودور مؤسسات المجتمع المدني. وهذا، بالتوازي مع ضرورة التعامل مع التحديات الأمنية التي تواجه الجزائر على المستوى الإقليمي». فُهم من توسيع صلاحيات العرباوي،

 


مقالات ذات صلة

الجزائر تعتزم شراء أسهم بقيمة 1.5 مليار دولار في بنك «بريكس»

الاقتصاد أعلام الجزائر ترفرف في أحد شوارع العاصمة (رويترز)

الجزائر تعتزم شراء أسهم بقيمة 1.5 مليار دولار في بنك «بريكس»

كشف الرئيس الجزائري، عبد المجيد تبون، عن أن بلاده تعتزم شراء أسهم في بنك «بريكس» للتنمية، بقيمة مليار ونصف مليار دولار.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا الوفد الجزائري خلل مشاركته في اجتماعات الجمعية العامة (الخارجية الجزائرية)

الاحتقان بين الجزائر ومالي يصل إلى ذروته

تعرف العلاقات بين الجزائر وجارتها الجنوبية مالي احتقاناً حاداً منذ إلغاء باماكو بشكل أحادي «اتفاق المصالحة والسلام»، الذي وقعته مع المعارضة.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا الرئيسان الجزائري والفرنسي عبد المجيد تبون وإيمانويل ماكرون في أغسطس 2022 (الرئاسة الجزائرية)

حملة فرنسية لمراجعة «اتفاق الهجرة» مع الجزائر

جرى التوقيع على اتفاق الهجرة في 27 ديسمبر (كانون الأول) 1968، بهدف تنظيم حركة العمال الجزائريين بفرنسا بعد استقلال البلاد في 1962.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا السكان المتضررون طالبوا الرئيس تبون بـ«تدخل سريع لإنقاذهم من الوباء» (د.ب.أ)

السلطات الجزائرية تعلن مناطق شاسعة «بؤرة وباء»

أعلنت السلطات الجزائرية، السبت، مناطق شاسعة بأقصى الجنوب الشرقي «بؤرة وباء»، وذلك إثر تفشي الملاريا والدفتيريا وسط السكان.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا وزير خارجية الجزائر أحمد عطاف (إ.ب.أ)

الجزائر تعيد فرض تأشيرات دخول على مواطني المغرب

قررت الجزائر «إعادة العمل الفوري» بفرض تأشيرات دخول على حاملي جوازات السفر المغربية، وفق ما أكدت وزارة الخارجية، على خلفية نشاطات «تمسّ باستقرار» البلاد.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)

«الليكود»... حزب يميني يتبنى فكرة «إسرائيل الكبرى»

فلاديمير زيئيف جابوتنسكي
فلاديمير زيئيف جابوتنسكي
TT

«الليكود»... حزب يميني يتبنى فكرة «إسرائيل الكبرى»

فلاديمير زيئيف جابوتنسكي
فلاديمير زيئيف جابوتنسكي

يعتبر «الليكود» (التكتل) واحداً من أبرز الأحزاب الإسرائيلية، وهو تكتل مجموعة من الأحزاب اليمينية تشكّل عام 1973، بقيادة رئيس الوزراء الراحل مناحيم بيغن، وكان عموده الفقري حزب «حيروت» الذي أسّسه بيغن عام 1948، ومعه الحزب الليبرالي. وتعود جذور «حيروت» الأولى إلى «حركة الصهاينة المراجعين» أو حزب الإصلاح الذي أسّسه فلاديمير- زيئيف جابوتنسكي، القيادي اليميني المتطرف البولندي الأصل، في عام 1925، ويتبعه تنظيم الـ«بيتار» الشبابي الرياضي وتنظيم الـ«إرغون» العسكري.

مناحيم بيغن

تحول «الليكود» إلى حزب واحد عام 1988. وجاء في بيانه التأسيسي تعريفه بأنه «عبارة عن حركة وطنية - ليبرالية تسعى من أجل جمع الشتات اليهودي في أرض الوطن. ويعمل من أجل حرية الإنسان والعدالة الاجتماعية»، بحسب «المركز الفلسطيني للدراسات الإسرائيلية».

تعود فكرة تأسيس «الليكود» إلى الجنرال أرييل شارون، الذي انضم بعد تسريحه من الجيش عام 1973 إلى الحزب الليبرالي، وأتت المبادرة منه. وفعلاً نجح شارون في جمع تكتل ضم أحزاب «حيروت»، و«الليبرالي»، و«المركز الحرّ»، وحركة العمل من أجل أرض إسرائيل الكاملة، تحت زعامة بيغن. ونافس «الليكود» يومذاك حزب العمل، واستطاع زيادة عدد مقاعده في انتخابات الكنيست الثامنة، وإن بقي في المعارضة. ولكن في انتخابات الكنيست التاسعة عام 1977، استطاع إلحاق هزيمة كبيرة بحزب العمل، ليشكل الحكومة للمرة الأولى في تاريخه.

من جهة ثانية، شهد الحزب انشقاقات متعددة على مدار تاريخه، بدءاً من انشقاق أعضاء «المركز الحرّ»، خلال انتخابات الكنيست الثامنة، ثم انشقاق أعضاء آخرين اعتراضاً على اتفاقية «كامب ديفيد». وأيضاً شهد انقساماً عند الانسحاب من غزة عام 2005، دفع بنيامين (بيبي) نتنياهو لقيادة حملة لإقصاء شارون من رئاسة الحزب.

أريئيل شارون

تنظيمياً، ظل بيغن زعيماً للحزب حتى استقال في عام 1983، ليخلفه يتسحاق شامير، وفي عهده تراجعت مكانة «الليكود» في الانتخابات الحادية عشرة للكنيست، ليتقاسم الحكومة مع حزب العمل، ويتناوب رئاستها مع شيمعون بيريس. ولكن في انتخابات الكنيست الـ14 عاد «الليكود» إلى السلطة برئاسة نتنياهو، قبل أن يخسر الانتخابات التالية في مواجهة حزب العمل بقيادة إيهود باراك. غير أنه مع استقالة باراك عام 2001 أُجريت انتخابات لرئاسة الحكومة فاز بها شارون مرشح «الليكود».

ختاماً، يوصف «الليكود» اليوم بأنه «حزب يميني ليبرالي يؤمن بفكر المحافظين الجدد»، ويرى البعض أنه أُسّس على فكرة «إسرائيل الكبرى، مع منح الفلسطينيين حكماً ذاتياً». ولقد تغيرت تركيبة الحزب في التسعينات، فباتت تضم صفوفه كثرة من ممثلي المستوطنين المتطرفين الذين يتبنون خطاباً أكثر تشدداً وتعنّتاً وصداميةً داخل إسرائيل وخارجها.