نذير العرباوي... رئيس الوزراء الجديد في الجزائر مهمته انتشال البلاد من مشاكلها الداخلية والإقليمية

من أولويات المنصب إمداد الرئيس بعناصر اتخاذ القرار

نذير العرباوي... رئيس الوزراء الجديد في الجزائر مهمته انتشال البلاد من مشاكلها الداخلية والإقليمية
TT

نذير العرباوي... رئيس الوزراء الجديد في الجزائر مهمته انتشال البلاد من مشاكلها الداخلية والإقليمية

نذير العرباوي... رئيس الوزراء الجديد في الجزائر مهمته انتشال البلاد من مشاكلها الداخلية والإقليمية

بعد ثلاثة أيام من تعيين نذير العرباوي وزيراً أول بالجزائر، وضع رئيس البلاد عبد المجيد تبّون خارطة للحكومة تخص المرحلة المقبلة، وذلك في أول اجتماع للوزراء عُقد الثلاثاء 14 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023. وخلال الاجتماع شدد الرئيس على «تفادي الوعود المبالغ فيها، البعيدة عن الالتزامات مع الشعب الجزائري»، وكان يلمح إلى التعهدات التي قطعها هو في حملة انتخابات الرئاسة 2019 وعددها 54. وبالنتيجة، فهم المراقبون أن سبب عزل الوزير الأول السابق أيمن بن عبد الرحمن، بعد سنتين ونصف سنة تقريباً من تسييره الشأن الحكومي، يعود إلى إطلاقه وعوداً لم تتحقق «كان مُبالغاً فيها». لكن اللافت هو أن بن عبد الرحمن (58 سنة) دفع وحده ثمن هذا «الحكم الرئاسي»؛ لأن تبّون أبقى على الطاقم الحكومي كاملاً على الرغم من الجدل الدستوري الذي يثيره عدم إنهاء مهام الحكومة بكامل تعدادها، عند تنحية رأسها؛ إذ يفترض تشكيل حكومة جديدة مع تعيين وزير أول جديد.

رجّح متتبعون في الجزائر أن يكون سبب عزل رئيس الوزراء السابق أيمن بن عبد الرحمن، الذي شغل منصب محافظ البنك المركزي الجزائري سابقاً، عجزه الكبير في إيجاد حل لندرة حادة تشهدها عدة مواد غذائية في السوق، وارتفاع أسعار الكثير منها منذ أكثر من سنة. لكن بن عبد الرحمن لم يكن وحده المسؤول عن هذا الوضع الذي جاء نتيجة لقرار سياسي بوقف استيراد عدد كبير من السلع والمنتجات، وهو ما خلف ندرة سلع أدت إلى الأزمة. مع، هذا، مما يؤخذ على رئيس الوزراء السابق أنه سياسي تعوزه «الشخصية القوية»، كما يتهمه البعض بأنه «يفتقر إلى الكاريزما».

في أي حال، مما جاء في كلام الرئيس تبّون على أنها توجيهات لرئيس الوزراء الجديد نذير العرباوي (73 سنة)، وهو مدير ديوانه بالرئاسة السابق، «وجوب اعتماد السرعة القصوى في تطبيق قرارات مجلس الوزراء التي لم تجسّد أو تأخر تنفيذها»، و«الإبقاء على دعم الطبقتين الهشة والمتوسطة نصب أعين الحكومة، وذلك من خلال الحفاظ على القدرة الشرائية، وجعل البرامج السكنية بكل صيغها ضمن الأولويات، صيانة لكرامة المواطنين وتيسيراً لحياتهم».

تبّون طالب حكومته أيضاً بـ«التحلي باليقظة والحذر من تبذير المال العام، ومن استهلاك ميزانيات إضافية غير مرصودة في البرامج المحددة، بينما هناك ما ينتظر التنفيذ في هذه البرامج». ومن ثم، شدد على «ضرورة تكثيف الاستشارة ما بين أعضاء الحكومة، حول القرارات المؤثرة على التوازنات المالية الكبرى للدولة»، مبرزاً «أهمية تكريس قيمة العمل بشكل أكبر، مع الحفاظ على المهن والحرف الصغيرة؛ كونها خلاقة للثروة ومناصب الشغل». واختتم تبّون بالدعوة إلى «رفع وتيرة تنفيذ ما تبقى من برامج والتزامات، لا سيما في قطاعي التربية الوطنية، واقتصاد المعرفة والمؤسسات الناشئة والمؤسسات المصغّرة».

هذه الخطوط العريضة لحكومة العرباوي ستضعه على المحك خلال سنة من العمل، تأهباً لانتخابات الرئاسة المقرّرة قبل نهاية 2024، التي يعتقد أن الرئيس تبّون سيخوضها طلباً لولاية ثانية.

مشادات حادة

شارحاً محاولته التعاطي مع خبر تعيين العرباوي على رأس الحكومة الجديدة، كتب صحافي جزائري مقيم في فرنسا: «ليس من السهل رسم صورة رئيس الوزراء الجديد؛ لأن الناس يخشون الكلام. لقد تقاعد في عام 2020، وعاد إلى العمل بفضل رمطان لعمامرة (وزير الخارجية السابق) الذي أدمجه في ديوان وزارة الخارجية، قبل أن يقترحه سفيراً للجزائر بالأمم المتحدة». ووفق ذلك الصحافي، كان العرباوي يريد أن يكون سفيراً لدى المملكة العربية السعودية، إلا أنه في النهاية وجد نفسه في مقر رئاسة الحكومة الموجود وسط العاصمة.

من جهة ثانية، ما تعرفه الأوساط الجزائرية المهتمة بالشأن العام - وخصوصاً وسائل الإعلام - عن العرباوي أنه دبلوماسي متمرّس، كان أهم وآخر منصب له في قطاع الخارجية رئيس البعثة الجزائرية بالأمم المتحدة. وخلال الفترة القصيرة التي أمضاها في هذه المهمة، نشبت مشادات كلامية حادة بينه وبين نظيره المغربي عمر هلال، حول مسألة الصحراء.

وكان من أقوى فصول التوتر بين السفيرين، يحتفظ الإعلام بهجوم حاد للعرباوي على هلال، العام الماضي، عندما طالب بـ«تمكين سكان القبائل الجزائرية من تقرير مصيرهم»، على اعتبار أن هناك تنظيماً يطالب بانفصال المنطقة يدعى اختصاراً «ماك» تعتبره الجزائر منظمة إرهابية. فرّد عليه الممثل الجزائري قائلاً إن «ممثل المغرب يسعى، من خلال مزاعم وادعاءات بائسة، إلى إحداث حالة من اللبس وخداع الرأي العام الدولي...».

من جانب آخر، قبل التحاقه بنيويورك، تولى العرباوي منصب سفير لدى مصر، وممثلاً للجزائر بالجامعة العربية، ثم عيّن سفيراً في باكستان. ثم إن العرباوي، الذي يتحدر من محافظة تبسة الحدودية مع تونس، وكان حينذاك مديراً للعلاقات الاقتصادية الدولية بوزارة الخارجية. وكذلك عرف بقيادته مفاوضات مع السلطات التونسية أفضت يوم 11 يوليو (تموز) 2011، إلى التوقيع على اتفاق يخص الحدود البحرية مع تونس. ثم إنه في الرصيد المهني لرئيس الوزراء الجديد إشرافه على التكفّل بالأجانب الذين فرّوا من ليبيا إلى الجزائر عبر الحدود البرّية بعد سقوط نظام معمر القذافي في خريف 2011، وتمتعه بتجربة مهمة بوصفه عضواً بمجلس إدارة «المركز المغاربي للدراسات والبحوث».

الإمداد بعناصر اتخاذ القرار

عودة إلى علاقة رئيس الوزراء الجديد بالرئيس تبّون، يقول عارفون بشؤون الحكم إن الرئيس كان قد طلب من مقرّبين منه، مساعدته في إيجاد مدير ديوان له، وحدّد لهم أوصافاً دقيقة على رأسها أنه يكون ملمّاً بالقضايا الدولية، وذلك كي يستعين بخبرته في اتخاذ القرارات ذات البعد الدولي. وحقاً نصحه المقربون بالسفير لدى الأمم المتحدة نذير العرباوي، فقرر فوراً استدعاءه من نيويورك في مارس (آذار) 2023. وبعد 6 أشهر فقط، منح الرئيس مدير ديوانه الجديد صلاحيات كبيرة، في إطار مرسوم يتضمن إجراءات غير مسبوقة تتصل بإعادة هيكلة واسعة لشؤون الرئاسة الجزائرية.

فلقد نصّت المادة السابعة من المرسوم على إعطاء صلاحيات واسعة لمدير الديوان برئاسة الجمهورية، أهمها دراسة الملفات السياسية والعلاقات الدولية وتنفيذها، ومتابعة النشاط الحكومي وإجراء تحليل له. وأيضاً كلفه الرئيس بتنسيق نشاطات المستشارين بالرئاسة، وإبلاغ الرئيس بتطورات الوضع في البلاد سياسياً واقتصادياً، و«إمداده بالعناصر الضرورية لاتخاذ القرار». وأصبح من صلاحية مدير الديوان التواصل مع وسائل الإعلام المحلية والأجنبية، ومع الأحزاب السياسية، وكذلك متابعة عرائض وتظلمات المواطنين والجمعيات بشأن أداء المرافق العمومية، ويُجري تقييماً لها.

من ثم، فُهم من توسيع صلاحيات العرباوي، أن الرئيس تبّون صار يعدّه «العقل المدبّر» في مقر الرئاسة، لا يقل أهمية عن «رجل الثقة» لديه، بوعلام بوعلام مستشار الشؤون القانونية والشؤون القضائية، الذي أضاف له في إطار الهيكلة الجديدة «العلاقات مع المؤسسات والتحقيقات والتأهيلات».

وبالفعل، إبان المدة القصيرة التي أمضاها العرباوي في قصر الرئاسة، كتبت مجلة «جون أفريك» الفرنسية، نقلاً عن «أحد معارفه رفض الكشف عن هويته»، أنه «بنى علاقات ثقة تتميز بالاحترام والاعتبار مع الرئيس... فمن حيث الأفكار والقناعات، هو مليء بالحماس الوطني... إنه متشبّع بقيم العدالة الاجتماعية وتعزيز الفئات المحرومة. وتحت سلطة تبون، أظهر ارتباطاً بقيَم الدبلوماسية الجزائرية، ومنها السيادة الوطنية والتعلق بقضايا التحرر». كذلك قال عنه «زميل سابق»، وفق المجلة ذاتها: «إنه مستبد لكنه ليس ديكتاتوراً... هو طاغية مستنير يشاوِر ويتشاور ثم يقرّر. إنه الجندي الذي حلم به رئيس الدولة».

أن الرئيس تبّون أصبح يعتبره «العقل المدبّر» في مقر الرئاسة

مشاكل التنمية والاضطرابات

بعدما استقر رأي الرئيس تبّون على أوصاف الشخص المؤهل ليكون «رقم 2» في السلطة التنفيذية لقيادة المرحلة المقبلة، يتساءل كثيرون عن ماهية التحديات التي تنتظر الوزير الأول الجديد، وكيف سيتعامل معها.

بهذا الخصوص، يقول الدكتور منير قتال، المحامي الدولي وأستاذ القانون العام بجامعة الجزائر، لـ«الشرق الأوسط»، في لقاء معه: «سبق للسيد العرباوي أن تقلد مناصب عدة داخل الدولة، وتدرّج في سلم المسؤوليات، آخرها مديراً لديوان الرئاسة. للسيد الوزير الأول دراية بالقضايا الاستراتيجية، الإقليمية والدولية، وبالكثير من الشؤون التي تخصّ الجزائر داخلياً وخارجياً. والمؤكد أنه يملك بُعد نظر واسعاً، لما ينبغي أن تكون عليه الجزائر في المستقبل، وفقاً للبرنامج المصمم من طرف السيد رئيس الجمهورية».

وفق الدكتور قتال: «سيكون الوزير الأول وجهاً لوجه مع تحديات كثيرة تنتظر حلولاً ملموسة، وهذا هو سبب اختيار الرجل من طرف رئيس الجمهورية للمهمة الجديدة. ومن بين هذه التحديات الملف الاقتصادي والمالي: التحول الاقتصادي وهو مطلوب في المرحلة التي تمر بها البلاد، بل هو ضروري وعاجل، وعلى الحكومة خلق قيمة إضافية وصياغة خطة اقتصادية على المديين المتوسط والبعيد، وخلق نمط اقتصادي يتماشى مع التطورات عبر العالم، والتخلص النهائي من الاقتصاد الريعي والتبعية للمحروقات».

وتابع قتال كلامه، فقال: «من غير المعقول ألا تستغل الجزائر ثرواتها الطبيعية الثمينة والبشرية المتنوعة. فاستغلال هذه الثروات بشكل جيد، وعلى أكمل وجه، سيولّد حتماً نهضة في البلاد، وسيحقق قفزات مهمة نحو اقتصاد صاعد ورائد». وأردف: «ما ينتظر السيد العرباوي هو الاهتمام بالقدرات المالية البلاد، وترشيد النفقات مع خفض مستويات الإنفاق، والحد من فاتورة الاستيراد، وتوجيه بعض الموارد المالية حسب الأهمية والأولويات، وتنويع مصادر الدخل لتجنيب البلاد تبعات انهيار محتمل لأسعار النفط». وأفاض المحلل القانوني والسياسي في شرحه: «مطلوب من الحكومة، بعد تعيين وزير أول جديد، خلق ثقافة جالبة للاستثمار الأجنبي، ومواصلة خطة تطوير البنية التحتية، وتنويع الصادرات من غير المنتجات النفطية، ما يسمح بتنويع مصادر الإيرادات العامة».

التكنولوجيا والعلوم والأموال المهرّبة

وفي القطاعات الأخرى، عدَّ الدكتور قتال أن من الأولويات «متابعة مشروع الرقمنة وتحديث كل القطاعات، وتحديات الذكاء الاصطناعي والحماية السيبرانية؛ إذ إن الحكومة مطالبة بوضع سياسة آمنة وشاملة لعصرنة كل المؤسسات والهيئات، وتبسيط العمليات المالية والمصرفية والإدارية والمرفقية، وحماية البيانات الشخصية والعمومية، ومحاربة كل الجرائم الإلكترونية».

واستطرد: «عليه أيضاً السهر على جودة التعليم وإيجاد تمويلات جديدة لقطاع التعليم العالي ودعم البحث العلمي، بجانب إيجاد آليات ونماذج جديدة لتمويله خاصة من طرف القطاع الخاص وتشجيعه على المساهمة فعلياً في تقوية الاقتصاد والتقدم العلمي. ثم إنه مطالب بمواصلة جهود استعادة الأموال المهرّبة إلى الخارج، وذلك عبر تفعيل الآليات القانونية التي تسمح بذلك، وتعزيز التدابير الوقائية من الفساد... وكل هذا من دون تناسي سد الثغرات التي يأتي منها القلق الاجتماعي، والتصدي للبطالة، وحل أزمة السكن، ورفع القدرة الشرائية للمواطن، ومعالجة مشكلة ندرة المياه بسبب الجفاف».

واختتم بالقول إن على رئيس الوزراء الجديد «العمل على توسيع التجربة الجزائرية في مجال تعزيز حقوق الإنسان ودور مؤسسات المجتمع المدني. وهذا، بالتوازي مع ضرورة التعامل مع التحديات الأمنية التي تواجه الجزائر على المستوى الإقليمي». فُهم من توسيع صلاحيات العرباوي،

 


مقالات ذات صلة

الشرطة الفرنسية توقف ثلاثة جزائريين في حملة على المؤثرين

أوروبا عنصر من الشرطة الفرنسية (أ.ف.ب)

الشرطة الفرنسية توقف ثلاثة جزائريين في حملة على المؤثرين

قالت وكالة «أسوشييتد برس» الأميركية للأنباء إن الشرطة الفرنسية ألقت القبض على ثلاثة جزائريين.

«الشرق الأوسط» (باريس)
رياضة عربية شباب قسنطينة الجزائري تصدر مجموعته بالكونفدرالية (نادي شباب قسنطينة)

«الكونفدرالية الأفريقية»: قسنطينة الجزائري ينتزع صدارة مجموعته برباعية

حقق فريق شباب قسنطينة الجزائري فوزاً عريضاً على ضيفه أونزي برافوش الأنجولي بنتيجة 4 - صفر في الجولة الرابعة بالمجموعة الأولى لكأس الكونفدرالية الأفريقية.

«الشرق الأوسط» (قسنطينة)
شمال افريقيا الحراك الجزائري في فبراير 2019 (الشرق الأوسط)

اعتقال جزائريين في فرنسا بتهمة «التحريض على العنف»

اعتقلت الشرطة الفرنسية «مؤثرين» جزائريين لتحريضهما على قتل مواطنين لهما يقيمون بفرنسا، بحجة أنهم «يبحثون عن زرع الاضطرابات في الجزائر»

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
شمال افريقيا شل نشاط 51 إرهابياً في الجزائر خلال عام 2024

شل نشاط 51 إرهابياً في الجزائر خلال عام 2024

أعلنت وزارة الدفاع الجزائرية، السبت، عبر حساباتها بالإعلام الاجتماعي، أن قوات الجيش شلت نشاط 51 إرهابياً واعتقلت 457 شخصاً بشبهة دعم المتطرفين المسلحين، في…

شمال افريقيا ممثل السياسة الخارجية في «الاتحاد الأوروبي» سابقاً جوزيب بوريل في لقاء سابق مع الرئيس تبون (الرئاسة الجزائرية)

الجزائر و«بروكسل» لبحث «أزمة اتفاق الشراكة»

يبحث وفد من الاتحاد الأوروبي مع مسؤولين جزائريين، مطلع العام الجديد، «أزمة اتفاق الشراكة»، بغرض حل «تعقيدات إدارية» تواجه صادرات دول الاتحاد إلى الجزائر.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)

أفريقيا... ساحة تنافس جديد بين الهند والصين

Chinese Foreign Minister Wang Yi (C) speaks during a press conference with Senegal's Foreign Minister Yassine Fall (L) and Congo Foreign Minister Jean-Claude Gakosso (R) at the Forum on China-Africa Cooperation (FOCAC) in Beijing on September 5, 2024. (Photo by GREG BAKER / AFP)
Chinese Foreign Minister Wang Yi (C) speaks during a press conference with Senegal's Foreign Minister Yassine Fall (L) and Congo Foreign Minister Jean-Claude Gakosso (R) at the Forum on China-Africa Cooperation (FOCAC) in Beijing on September 5, 2024. (Photo by GREG BAKER / AFP)
TT

أفريقيا... ساحة تنافس جديد بين الهند والصين

Chinese Foreign Minister Wang Yi (C) speaks during a press conference with Senegal's Foreign Minister Yassine Fall (L) and Congo Foreign Minister Jean-Claude Gakosso (R) at the Forum on China-Africa Cooperation (FOCAC) in Beijing on September 5, 2024. (Photo by GREG BAKER / AFP)
Chinese Foreign Minister Wang Yi (C) speaks during a press conference with Senegal's Foreign Minister Yassine Fall (L) and Congo Foreign Minister Jean-Claude Gakosso (R) at the Forum on China-Africa Cooperation (FOCAC) in Beijing on September 5, 2024. (Photo by GREG BAKER / AFP)

منذ فترة ولايته الأولى عام 2014، كان رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي أكبر مناصر للعلاقات بين الهند وأفريقيا.

على خلفية ذلك، تجدر الإشارة إلى أن الحكومة الهندية بذلت جهداً استثنائياً للتواصل مع الدول الأفريقية عبر زيارات رفيعة المستوى من القيادة العليا، أي الرئيس ونائب الرئيس ورئيس الوزراء، إلى ما مجموعه 40 بلداً في أفريقيا بين عامي 2014 و2019. ولا شك أن هذا هو أكبر عدد من الزيارات قبل تلك الفترة المحددة أو بعدها.

من ثم، فإن الزيارة التي قام بها مؤخراً رئيس الوزراء الهندي مودي إلى نيجيريا قبل سفره إلى البرازيل لحضور قمة مجموعة العشرين، تدل على أن زيارة أبوجا (في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي) ليست مجرد زيارة ودية، وإنما خطوة استراتيجية لتعزيز القوة. مما يؤكد على التزام الهند ببناء علاقات أعمق مع أفريقيا، والبناء على الروابط التاريخية، والخبرات المشتركة، والمنافع المتبادلة.

صرح إتش. إس. فيسواناثان، الزميل البارز في مؤسسة «أوبزرفر» للأبحاث وعضو السلك الدبلوماسي الهندي لمدة 34 عاماً، بأنه «من خلال تعزيز الشراكات الاقتصادية، وتعزيز التعاون الدفاعي، وتعزيز التبادل الثقافي، تُظهِر الهند نفسها بصفتها لاعباً رئيسياً في مستقبل أفريقيا، في الوقت الذي تقدم فيه بديلاً لنهج الصين الذي غالباً ما يتعرض للانتقاد. إن تواصل الهند في أفريقيا هو جزء من أهدافها الجيوسياسية الأوسع نطاقاً للحد من نفوذ الصين».

سافر مودي إلى 14 دولة أفريقية خلال السنوات العشر الماضية من حكمه بالمقارنة مع عشر زيارات لنظيره الصيني شي جينبينغ. بيد أن زيارته الجديدة إلى نيجيريا تعد أول زيارة يقوم بها رئيس وزراء هندي لهذه الدولة منذ 17 عاماً. كانت الأهمية التي توليها نيجيريا للهند واضحة من حقيقة أن رئيس الوزراء الهندي مُنح أعلى وسام وطني في البلاد، وسام القائد الأكبر، وهو ثاني شخصية أجنبية فقط تحصل على هذا التميز منذ عام 1969، بعد الملكة إليزابيث الثانية؛ مما يؤكد على المكانة التي توليها نيجيريا للهند.

نجاح الهند في ضم الاتحاد الأفريقي إلى قمة مجموعة العشرين

كان الإنجاز الكبير الذي حققته الهند هو جهدها لضمان إدراج الاتحاد الأفريقي عضواً دائماً في مجموعة العشرين، وهي منصة عالمية للنخبة تؤثر قراراتها الاقتصادية على ملايين الأفارقة. وقد تم الإشادة برئيس الوزراء مودي لجهوده الشخصية في إدراج الاتحاد الأفريقي ضمن مجموعة العشرين من خلال اتصالات هاتفية مع رؤساء دول مجموعة العشرين. وكانت جهود الهند تتماشى مع دعمها الثابت لدور أكبر لأفريقيا في المنصات العالمية، وهدفها المتمثل في استخدام رئاستها للمجموعة في منح الأولوية لشواغل الجنوب العالمي.

يُذكر أن الاتحاد الأفريقي هو هيئة قارية تتألف من 55 دولة.

دعا مودي، بصفته مضيف مجموعة العشرين، رئيس الاتحاد الأفريقي، غزالي عثماني، إلى شغل مقعده بصفته عضواً دائماً في عصبة الدول الأكثر ثراء في العالم، حيث صفق له القادة الآخرون وتطلعوا إليه.

وفقاً لراجيف باتيا، الذي شغل أيضاً منصب المدير العام للمجلس الهندي للشؤون العالمية في الفترة من 2012 - 2015، فإنه «لولا الهند لكانت مبادرة ضم الاتحاد الأفريقي إلى مجموعة العشرين قد فشلت. بيد أن الفضل في ذلك يذهب إلى الهند لأنها بدأت العملية برمتها وواصلت تنفيذها حتى النهاية. وعليه، فإن الأفارقة يدركون تمام الإدراك أنه لولا الدعم الثابت من جانب الهند ورئيس الوزراء مودي، لكانت المبادرة قد انهارت كما حدث العام قبل الماضي أثناء رئاسة إندونيسيا. لقد تأثرت البلدان الأفريقية بأن الهند لم تعد تسمح للغرب بفرض أخلاقياته».

التوغلات الصينية في أفريقيا

تهيمن الصين في الواقع على أفريقيا، وقد حققت توغلات أعمق في القارة السمراء لأسباب استراتيجية واقتصادية على حد سواء. بدأت العلاقات السياسية والاقتصادية الحديثة بين البر الصيني الرئيسي والقارة الأفريقية في عهد ماو تسي تونغ، بعد انتصار الحزب الشيوعي الصيني في الحرب الأهلية الصينية. زادت التجارة بين الصين وأفريقيا بنسبة 700 في المائة خلال التسعينات، والصين حالياً هي أكبر شريك تجاري لأفريقيا. وقد أصبح منتدى التعاون الصيني - الافريقي منذ عام 2000 المنتدى الرسمي لدعم العلاقات. في الواقع، الأثر الصيني في الحياة اليومية الأفريقية عميق - الهواتف المحمولة المستخدمة، وأجهزة التلفزيون، والطرق التي تتم القيادة عليها مبنية من قِبل الصينيين.

كانت الصين متسقة مع سياستها الأفريقية. وقد عُقدت الدورة التاسعة من منتدى التعاون الصيني - الأفريقي في سبتمبر (أيلول) 2024، في بكين.

كما زوّدت الصين البلدان الأفريقية بمليارات الدولارات في هيئة قروض ساعدت في بناء البنية التحتية المطلوبة بشدة. علاوة على ذلك، فإن تعزيز موطئ قدم لها في ثاني أكبر قارة من حيث عدد السكان في العالم يأتي مع ميزة مربحة تتمثل في إمكانية الوصول إلى السوق الضخمة، فضلاً عن الاستفادة من الموارد الطبيعية الهائلة في القارة، بما في ذلك النحاس، والذهب، والليثيوم، والمعادن الأرضية النادرة. وفي الأثناء ذاتها، بالنسبة للكثير من الدول الأفريقية التي تعاني ضائقة مالية، فإن أفريقيا تشكل أيضاً جزءاً حيوياً من مبادرة الحزام والطريق الصينية، حيث وقَّعت 53 دولة على المسعى الذي تنظر إليه الهند بريبة عميقة.

كانت الصين متسقة بشكل ملحوظ مع قممها التي تُعقد كل ثلاث سنوات؛ وعُقدت الدورة التاسعة لمنتدى التعاون الصيني - الأفريقي في سبتمبر 2024. وفي الوقت نفسه، بلغ إجمالي تجارة الصين مع القارة ثلاثة أمثال هذا المبلغ تقريباً الذي بلغ 282 مليار دولار.

الهند والصين تناضلان من أجل فرض الهيمنة

تملك الهند والصين مصالح متنامية في أفريقيا وتتنافسان على نحو متزايد على الصعيدين السياسي والاقتصادي.

في حين تحاول الصين والهند صياغة نهجهما الثنائي والإقليمي بشكل مستقل عن بعضهما بعضاً، فإن عنصر المنافسة واضح. وبينما ألقت بكين بثقلها الاقتصادي الهائل على تطوير القدرة التصنيعية واستخراج الموارد الطبيعية، ركزت نيودلهي على كفاءاتها الأساسية في تنمية الموارد البشرية، وتكنولوجيا المعلومات، والتعليم، والرعاية الصحية.

مع ذلك، قال براميت بول شاودهوري، المتابع للشؤون الهندية في مجموعة «أوراسيا» والزميل البارز في «مركز أنانتا أسبن - الهند»: «إن الاستثمارات الهندية في أفريقيا هي إلى حد كبير رأسمال خاص مقارنة بالصينيين. ولهذا السبب؛ فإن خطوط الائتمان التي ترعاها الحكومة ليست جزءاً رئيسياً من قصة الاستثمار الهندية في أفريقيا. الفرق الرئيسي بين الاستثمارات الهندية في أفريقيا مقابل الصين هو أن الأولى تأتي مع أقل المخاطر السياسية وأكثر انسجاماً مع الحساسيات الأفريقية، لا سيما فيما يتعلق بقضية الديون».

ناريندرا مودي وشي جينبينغ في اجتماع سابق (أ.ب)

على عكس الصين، التي ركزت على إقامة البنية التحتية واستخراج الموارد الطبيعية، فإن الهند من خلال استثماراتها ركزت على كفاءاتها الأساسية في تنمية الموارد البشرية، وتكنولوجيا المعلومات، والأمن البحري، والتعليم، والرعاية الصحية. والحقيقة أن الشركات الصينية كثيراً ما تُتهم بتوظيف أغلب العاملين الصينيين، والإقلال من جهودها الرامية إلى تنمية القدرات المحلية، وتقديم قدر ضئيل من التدريب وتنمية المهارات للموظفين الأفارقة. على النقيض من ذلك، يهدف بناء المشاريع الهندية وتمويلها في أفريقيا إلى تيسير المشاركة المحلية والتنمية، بحسب ما يقول الهنود. تعتمد الشركات الهندية أكثر على المواهب الأفريقية وتقوم ببناء قدرات السكان المحليين. علاوة على ذلك، وعلى عكس الإقراض من الصين، فإن المساعدة الإنمائية التي تقدمها الهند من خلال خطوط الائتمان الميسرة والمنح وبرامج بناء القدرات هي برامج مدفوعة بالطلب وغير مقيدة. ومن ثم، فإن دور الهند في أفريقيا يسير جنباً إلى جنب مع أجندة النمو الخاصة بأفريقيا التي حددتها أمانة الاتحاد الأفريقي، أو الهيئات الإقليمية، أو فرادى البلدان، بحسب ما يقول مدافعون عن السياسة الهندية.

ويقول هوما صديقي، الصحافي البارز الذي يكتب عن الشؤون الاستراتيجية، إن الهند قطعت في السنوات الأخيرة شوطاً كبيراً في توسيع نفوذها في أفريقيا، لكي تظهر بوصفها ثاني أكبر مزود للائتمان بالقارة. شركة الاتصالات الهندية العملاقة «إيرتل» - التي دخلت أفريقيا عام 1998، هي الآن أحد أكبر مزودي خدمات الهاتف المحمول في القارة، كما أنها طرحت خطاً خاصاً بها للهواتف الذكية من الجيل الرابع بأسعار زهيدة في رواندا. وكانت الهند رائدة في برامج التعليم عن بعد والطب عن بعد لربط المستشفيات والمؤسسات التعليمية في كل البلدان الأفريقية مع الهند من خلال شبكة الألياف البصرية. وقد ساعدت الهند أفريقيا في مكافحة جائحة «كوفيد – 19» بإمداد 42 بلداً باللقاحات والمعدات.

تعدّ الهند حالياً ثالث أكبر شريك تجاري لأفريقيا، حيث يبلغ حجم التجارة الثنائية بين الطرفين نحو 100 مليار دولار. وتعدّ الهند عاشر أكبر مستثمر في أفريقيا من حيث حجم الاستثمارات الأجنبية المباشرة. كما توسع التعاون الإنمائي الهندي بسرعة منذ أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، وكانت البلدان الأفريقية هي المستفيد الرئيسي من برنامج الخطوط الائتمانية الهندية.

قالت هارشا بانغاري، المديرة الإدارية لبنك الهند للاستيراد والتصدير: «على مدى العقد الماضي، قدمت الهند ما يقرب من 32 مليار دولار أميركي في صورة ائتمان إلى 42 دولة أفريقية، وهو ما يمثل 38 في المائة من إجمالي توزيع الائتمان. وهذه الأموال، التي تُوجه من خلال بنك الهند للاستيراد والتصدير، تدعم مجموعة واسعة من المشاريع، بما في ذلك الرعاية الصحية والبنية التحتية والزراعة والري».

رغم أن الصين تتصدر الطريق في قطاع البنية التحتية، فإن التمويل الصيني للبنية التحتية في أفريقيا قد تباطأ بشكل كبير خلال السنوات الأخيرة. برزت عملية تطوير البنية التحتية سمةً مهمة من سمات الشراكة التنموية الهندية مع أفريقيا. وقد أنجزت الهند حتى الآن 206 مشاريع في 43 بلداً أفريقياً، ويجري حالياً تنفيذ 65 مشروعاً، يبلغ مجموع الإنفاق عليها نحو 12.4 مليار دولار. وتقدم الهند أيضاً إسهامات كبيرة لبناء القدرات الأفريقية من خلال برنامجها للتعاون التقني والتكنولوجي، والمنح الدراسية، وبناء المؤسسات في القارة.

وتجدر الإشارة إلى أن الهند أكثر ارتباطاً جغرافياً من الصين بالقارة الأفريقية، وهي بالتالي تتشاطر مخاوفها الأمنية أيضاً. وتعتبر الهند الدول المطلة على المحيط الهندي في افريقيا مهمة لاستراتيجيتها الخاصة بمنطقة المحيطين الهندي والهادئ، ووقّعت الهند مع الكثير منها اتفاقيات للدفاع والشحن تشمل التدريبات المشتركة. كما أن دور قوات حفظ السلام الهندية موضع تقدير كبير.

يقول السفير الهندي السابق والأمين المشترك السابق لشؤون أفريقيا في وزارة الخارجية، السفير ناريندر تشوهان: «إن الانتقادات الموجهة إلى المشاركة الاقتصادية للصين مع أفريقيا قد تتزايد من النقابات العمالية والمجتمع المدني بشأن ظروف العمل السيئة والممارسات البيئية غير المستدامة والتشرد الوظيفي الذي تسببه الشركات الصينية. ويعتقد أيضاً أن الصين تستغل نقاط ضعف الحكومات الأفريقية، وبالتالي تشجع الفساد واتخاذ القرارات المتهورة. فقد شهدت أنغولا، وغانا، وغامبيا، وكينيا مظاهرات مناهضة للمشاريع التي تمولها الصين. وهناك مخاوف دولية متزايدة بشأن الدور الذي تلعبه الصين في القارة الأفريقية».

القواعد العسكرية الصينية والهندية في أفريقيا

قد يكون تحقيق التوازن بين البصمة المتزايدة للصين في أفريقيا عاملاً آخر يدفع نيودلهي إلى تعزيز العلاقات الدفاعية مع الدول الافريقية.

أنشأت الصين أول قاعدة عسكرية لها في الخارج في جيبوتي، في القرن الأفريقي، عام 2017؛ مما أثار قلق الولايات المتحدة؛ إذ تقع القاعدة الصينية على بعد ستة أميال فقط من قاعدة عسكرية أميركية في البلد نفسه.

تقول تقارير إعلامية إن الصين تتطلع إلى وجود عسكري آخر في دولة الغابون الواقعة في وسط أفريقيا. ونقلت وكالة أنباء «بلومبرغ» عن مصادر قولها إن الصين تعمل حالياً على دخول المواني العسكرية في تنزانيا وموزمبيق الواقعتين على الساحل الشرقي لأفريقيا. وذكرت المصادر أنها عملت أيضاً على التوصل إلى اتفاقيات حول وضع القوات مع كلا البلدين؛ الأمر الذي سيقدم للصين مبرراً قانونياً لنشر جنودها هناك.

تقليدياً، كان انخراط الهند الدفاعي مع الدول الأفريقية يتركز على التدريب وتنمية الموارد البشرية.

في السنوات الأخيرة، زادت البحرية الهندية من زياراتها للمواني في الدول الأفريقية، ونفذت التدريبات البحرية الثنائية ومتعددة الأطراف مع الدول الأفريقية. من التطورات المهمة إطلاق أول مناورة ثلاثية بين الهند وموزمبيق وتنزانيا في دار السلام في أكتوبر (تشرين الأول) عام 2022.

هناك مجال آخر مهم للمشاركة الدفاعية الهندية، وهو الدفع نحو تصدير معدات الدفاع الهندية إلى القارة.

ألقى التركيز الدولي على توسع الوجود الصيني في أفريقيا بظلاله على تطور مهم آخر - وهو الاستثمار الاستراتيجي الهندي في المنطقة. فقد شرعت الهند بهدوء، لكن بحزم، في بناء قاعدة بحرية على جزر أغاليغا النائية في موريشيوس.

تخدم قاعدة أغاليغا المنشأة حديثاً الكثير من الأغراض الحيوية للهند. وسوف تدعم طائرات الاستطلاع والحرب المضادة للغواصات، وتدعم الدوريات البحرية فوق قناة موزمبيق، وتوفر نقطة مراقبة استراتيجية لمراقبة طرق الشحن حول الجنوب الأفريقي.

وفي سابقة من نوعها، عيَّنت الهند ملحقين عسكريين عدة في بعثاتها الدبلوماسية في أفريقيا.

وفقاً لغورجيت سينغ، السفير السابق لدى إثيوبيا والاتحاد الأفريقي ومؤلف كتاب «عامل هارامبي: الشراكة الاقتصادية والتنموية بين الهند وأفريقيا»: «في حين حققت الهند تقدماً كبيراً في أفريقيا، فإنها لا تزال متخلفة عن الصين من حيث النفوذ الإجمالي. لقد بذلت الهند الكثير من الجهد لجعل أفريقيا في بؤرة الاهتمام، هل الهند هي الشريك المفضل لأفريقيا؟ صحيح أن الهند تتمتع بقدر هائل من النوايا الحسنة في القارة الأفريقية بفضل تضامنها القديم، لكن هل تتمتع بالقدر الكافي من النفوذ؟ من الصعب الإجابة عن هذه التساؤلات، سيما في سياق القوى العالمية الكبرى كافة المتنافسة على فرض نفوذها في المنطقة. ومع ذلك، فإن عدم القدرة على عقد القمة الرابعة بين الهند وأفريقيا حتى بعد 9 سنوات من استضافة القمة الثالثة لمنتدى الهند وأفريقيا بنجاح في نيودلهي، هو انعكاس لافتقار الهند إلى النفوذ في أفريقيا. غالباً ما تم الاستشهاد بجائحة «كوفيد - 19» والجداول الزمنية للانتخابات بصفتها أسباباً رئيسية وراء التأخير المفرط في عقد قمة المنتدى الهندي الأفريقي».