مايك جونسون... رئيس مجلس النواب الأكثر محافظة في تاريخ الولايات المتحدة

الجمهوريون المعتدلون انضموا للمتشددين بعدما سئموا من المشاحنات والخلل الوظيفي

مايك جونسون... رئيس مجلس النواب الأكثر محافظة في تاريخ الولايات المتحدة
TT

مايك جونسون... رئيس مجلس النواب الأكثر محافظة في تاريخ الولايات المتحدة

مايك جونسون... رئيس مجلس النواب الأكثر محافظة في تاريخ الولايات المتحدة

عد انتخاب النائب الجمهوري اليميني المتشدد، مايك جونسون، رئيسا لمجلس النواب الأميركي، مفاجأة لم يكن يتوقعها، حتى الديمقراطيون أنفسهم. وكان هؤلاء قد شاركوا عمداً في جهود حفنة من النواب الجمهوريين اليمينيين المتشددين، في عزل رئيس المجلس السابق كيفن مكارثي، قبل شهر. كان الديمقراطيون يعتقدون أن من شأن استمرار تعطيل المجلس تعميق انقسامات الجمهوريين وإظهار ضعفهم ويحولهم إلى أضحوكة أمام قاعدتهم والرأي العام الأوسع. ومن ثم، تحميلهم المسؤولية عن إبقاء ثالث أرفع منصب سياسي في البلاد في حالة شغور غير مسبوقة، تمهيدا لإعادة سيطرتهم على المجلس في نوفمبر (تشرين الثاني) 2024. لكن الجمهوريين تمكنوا من تجاوز انقساماتهم، بعد 3 جولات انتخابية فاشلة، أطاحت برموز وازنة في حزبهم، ليستسلم مؤتمرهم ويوافق على انتخاب يميني «هادئ» وقيادي من الدرجة السابعة، ليصبح فجأة رقم 2 في خط الخلافة الرئاسية، بعد نائب الرئيس. الكرة أضحت الآن في ملعب الديمقراطيين، عليهم الخروج من مأزقهم في ظل رهانات سياسية خاطئة تتعلق بتقديراتهم لقوة التيار اليميني الذي يواصل صعوده في البلاد.

خلال صيف عام 2012، قال الرئيس الأميركي الديمقراطي باراك أوباما لمؤيديه، إنه إذا فاز بالبيت الأبيض مرة أخرى، فإن ذلك «سيكسر الحمّى اليمينية» بين الجمهوريين. ولكن، بدلا من ذلك، بعد خسارة المرشح الجمهوري المعتدل ميت رومني سباق الرئاسة أمامه، تبنى الحزب نسخة أكثر تشدداً عبر ترشيح دونالد ترمب في عامي 2016 و2020. وبعد فوزه في الانتخابات الرئاسية عام 2020، قال جو بايدن إنه مع رحيل ترمب، يأمل أن يتمكّن الحزب الجمهوري هذه المرة من كسر هذه «الحمى» أخيراً. لكن الحزب الجمهوري ذهب هذه المرة إلى عمق أكبر، حيث أشاد بمحاولة الرئيس السابق الفاشلة للبقاء في منصبه، ودافع عنه مرارا وتكرارا. وها هو اليوم، ينتخب مايك جونسون، أحد أكبر المُنكرين لنتائج انتخابات 2020، الذي كتب بنفسه المذكرة التي رفعت إلى المحكمة العليا لدعم مراجعة تلك الانتخابات.

الأمر إذاً ليس حمّى بقدر ما هو مسار، لا يزال الحزب الجمهوري يختطّه في عملية انزياح نحو اليمين، بعدما كان يُعد حزب الدفاع عن التقاليد والاستقرار السياسي. فاليوم، لا يوجد أي سبب للاعتقاد بأنه سيعود إلى ما كان عليه، مع انتخاب جونسون. فكيف تمكن هذا الرجل «المغمور»، الذي بالكاد كان معروفاً داخل الولايات المتحدة نفسها بحسب صحيفة «بوليتيكو»، ويجهد الدبلوماسيين الأجانب في واشنطن والعواصم الأجنبية للبحث عنه في محرك البحث «غوغل»؟

المتشدّدون حصلوا على رجُلهم عملياً،

حصل المتشدّدون الجمهوريون في النهاية على رجلهم، رغم أنه لم يكن هو الشخص الأكثر تطرفاً الذي كان خيارهم الأول. وقال النائب اليميني، ماثيو غايتس، الذي قاد عملية إقصاء مكارثي، لصحيفة «وول ستريت جورنال» في هذا الصدد «أعتقد أن التاريخ سيقيّم الأسابيع الثلاثة (المدة التي بقي فيها المجلس من دون رئيس) باعتبارها الأسابيع الأكثر إنتاجية للكونغرس الـ118، لأنه لدينا الآن رجل وخطة».

ثم إنه إذا كان الجمهوريون المعتدلون هم من أسقطوا النائب جيم جوردان، الأب الروحي لليمين المتطرف - ويرجع ذلك جزئياً إلى اعتراضهم على دوره في محاولة إلغاء انتخابات 2020 - فلماذا إذاً انضموا إلى التيار اليميني لصالح جونسون، الذي كتب المذكرة إلى المحكمة العليا لإلغائها؟

يقول البعض إن المعتدلين، نظراً لأعدادهم المحدودة، «لم يروا أي طريق آخر للخروج من الاضطرابات التي يشهدها حزبهم، بعدما سئموا من المشاحنات والخلل الوظيفي وأرادوا العودة إلى العمل». ومع ذلك، بدا من الضروري مراجعة المسار الذي أدى في النهاية إلى صعود جونسون، الذي لم يكن يحظى بشهرة وطنية، ليظهر في نهاية المطاف، المرشح الرئيسي لمنصب رئيس البرلمان. وما يستحق الذكر هنا، أنه حتى السيناتورة الجمهورية المعتدلة المخضرمة سوزان كولينز، قالت إنها اضطرت للبحث عنه على موقع غوغل.

أكثر من هذا، بجانب كون جونسون عضواً «من الدرجة الثانية» في قيادة مجلس النواب، إذ انتخب لأول مرة عام 2016، فهو يعد أيضاً المشرّع الأكثر غموضاً الذي وصل إلى رئاسة المجلس منذ انتزع المنصب النائب السابق دينيس هاسترت، الذي جاء من المقاعد الخلفية عام 1998، خلفا لنيوت غينغريتش، بعد تغلبه على توم ديلاي، الذي كان يعد نسخة جيم جوردان في ذلك الوقت. فكيف أصبح هذا الغموض المحيط بالرجل ميزة بالنسبة له؟

أعداء جونسون قليلون

جونسون، على عكس المرشحين الثلاثة الفاشلين لمنصب رئيس مجلس النواب الذين سبقوه، لديه عدد قليل من الأعداء بين الجمهوريين في مجلس النواب. ووفق كتابات عدة، فإن السمة المميّزة له هي «الجمع بين وجهات نظره المتشددة والأسلوب الشخصي اللطيف». غير أن طبيعة جونسون اللطيفة لا تعني أنه مرشح يحظى بالإجماع. وهذا ما حصل في الواقع، حين خسر تصويت الحزب أمام توم أيمير، الذي استقال بعد 4 ساعات فقط، ليحظى لاحقاً بشبه إجماع ويصبح الرئيس الـ56 لمجلس النواب.

في الحقيقة، مايك جونسون ليس معتدلاً ولا مؤسساتياً بل هو العكس تماماً. إنه أحد «تلامذة» جوردان، الآتي من الجناح اليميني المتشدد المناهض للمؤسساتية في الحزب الجمهوري والكونغرس. ومع أنه لم يكن عضواً في «تجمّع الحرية» الذي يرأسه جوردان، إلا أنه قاد لجنة الدراسة الجمهورية التي جعلت مقولة «أن أي دولار يُنفَق على الضمان الاجتماعي هو إنفاق أكثر من اللازم» شعارا لعملها ضد دور الحكومة.

أيضاً، عدّ الكثير من وسائل الإعلام انتخاب جونسون «حدثاً تاريخياً»، وتوقعت أنه قد يكون رئيس المجلس الأكثر محافظة في تاريخ الولايات المتحدة. بيد أن وقائع عدة تظهر أن صعوده لم يأت مصادفةً، بل كان تتويجاً لسلسلة متعمّدة من التحركات التي مكّنته من وضع نفسه في موضع قوة أكبر. ذلك أنه - مثلاً - يعارض حقوق الإجهاض وزواج المثليين، كما أنه لم يعارض أبداً «قاعدة» الحزب الجمهوري... وفي الوقت نفسه، كان يبني صدقيته باعتباره من الموالين لترمب. ومما قاله لصحيفة «الديلي بيست» عام 2018 إنه سعى جاهداً للحفاظ على العلاقات مع كل من «تجمع الحرية» وقيادة الحزب. واستمرت هذه التوجّهات مع تحرك المتشددين ضد سلفه رئيس مجلس النواب السابق كيفن مكارثي، إذ صوّت جونسون ضد تمويل أوكرانيا والإنفاق المؤقت في 30 سبتمبر (أيلول)، وأيد صفقة مكارثي مع الديمقراطيين للحد من الديون، مما منحه المصداقية كلاعب جماعي. وفيما وصفته حملة الرئيس بايدن لعام 2024 بأنه «ماغا مايك» (شعار ترمب اجعل أميركا عظيمة مرة أخرى)، قال عنه ترمب بأنه «سيقوم بعمل رائع».

من هو جونسون؟

نشأ مايكل «مايك» جونسون، (51 سنة) في مدينة شريفيبورت بولاية لويزيانا. وكان والده رجل إطفاء كاد أن يُقتل عام 1984 في انفجار مصنع أدى إلى إعاقته. وقال جونسون لصحيفة مسقط رأسه لاحقاً «لقد غيّرت هذه الحادثة مسار حياة عائلتنا». وذكر أنه كان يحلم بأن يصبح رجل إطفاء، إلا أنه بدلاً من ذلك التحق بجامعة ولاية لويزيانا وأصبح محامياً دستورياً.

ثم إنه قال في خطابه بعيد انتخابه رئيساً لمجلس النواب بشيء من الاعتزاز «أنا أول خريج جامعي في عائلتي»، وفي حينه، سجلت صحيفة «وول ستريت جورنال» أنه «بدا لطيفاً وخفيف الظل وذكياً».

بعدما خدم جونسون لفترة وجيزة في المجلس التشريعي لولاية لويزيانا، وقبل ترشحه كنائب عن ولاية لويزيانا في مجلس النواب الأميركي، وفوزه عام 2016، دافع جونسون أمام المحكمة العليا في لويزيانا عن الحظر الذي فرضته الولاية على زواج المثليين.

والواقع أن جونسون مسيحي إنجيلي محافظ ومتشدد، يعتز بأن «إيمانه يحدد كل ما يفعله». وهو متزوّج من كيلي لاري ولديهما أربعة أطفال. وفي نفي مُسبق لأي شعور عنصري، قال إنه في وقت مبكّر من حياته الزوجية تبنّى وزوجته صبياً أميركياً من أصل أفريقي يبلغ من العمر 14 سنة واعتبراه جزءاً من عائلتهما. وللعلم، فإنه يقدّم وزوجته «بودكاست» عن الدين والسياسة تحت مسمى «الحقيقة تُقال».

قناعاته الاقتصادية اليمينية

عام 2018، قال جونسون إن ضابط الإنفاق العام هو «أولويته الأولى»، مضيفا أن تخفيضات «تقديمات الضمان الاجتماعي والرعاية الطبية والمساعدات الطبية والفوائد على الديون... كان من الواجب أن تحدث بالأمس (أي إنها تأخرت كثيراً عن الوقت الملائم)» لأنها (أي التقديمات) تشكل «تهديداً وجودياً للتجربة الأميركية».

وحقاً، في عامي 2019 و2021، عارض جونسون قانون رفع الحد الأدنى للأجور، إلى 15 دولاراً في الساعة، باعتباره «تشريعاً مدمّراً للوظائف». ومن جهة ثانية، أيّد الأمر التنفيذي الذي أصدره الرئيس السابق دونالد ترمب عام 2017 بحظر الهجرة من سبع دول ذات غالبية مسلمة، قائلاً «هذه ليست محاولة لحظر أي دين، بل هي بالأحرى محاولة لحماية وطننا بشكل مناسب. نحن نعيش في عالم خطير، وهذا الإجراء المهم سيساعدنا على تحقيق التوازن بين الحرية والأمن».

رفضه نتائج انتخابات 2020

في سياق متصل، وبعيداً عن نزعته المحافظة بشأن قضايا السياسة، انضم مايك جونسون بشكل وثيق إلى جهود ترمب لإلغاء نتائج انتخابات عام 2020، ولعب دوراً ريادياً بارزاً في حث الجمهوريين على التوقيع على مذكرة إلغاء النتائج. وأيضاً حشد الدعم لدعوى قضائية في ولاية تكساس سعت إلى إلغاء النتائج في أربع ولايات متأرجحة فاز بها جو بايدن، ورفضت المحكمة العليا تلك القضية.

جونسون، يُعد بالفعل أحد أعضاء الكونغرس الجمهوريين الذين يثيرون قلق العديد من خبراء الديمقراطية، بسبب رفضه تقبّل ما يدعونه «أحد المبادئ الأساسية للنظام الأميركي»... أي الاستعداد لقبول هزيمة حزبهم. وفي هذا الاتجاه اعتبر العالم السياسي خوان لينز شخصيات مثله بأنهم «الجهات الفاعلة شبه المخلصة من السياسيين الذين لا يبادرون إلى شن هجمات (مباشرة) على الديمقراطية، لكنهم ينسجمون معها».

وهنا نشير إلى أن جونسون «ابتكر» نظرية قانونية لتبرير اعتراض ترمب على نتائج 2020، وأيدها العديد من زملائه في مجلس النواب، تزعم أن فنزويلا متورّطة بطريقة ما في العبث بآلات التصويت في الولايات المتحدة. وبسبب مواجهة جائحة «كوفيد - 19» التي فرضت تغييرات في طريقة التصويت، حثّ الجمهوريين على منع المصادقة على نتيجة الانتخابات بحجة أنها كانت غير شرعية وغير دستورية. وعندما سُئل، خلال مؤتمره الصحافي الأول كرئيس للمجلس، عما إذا كان لا يزال متمسكاً بجهوده لإلغاء انتخابات 2020، تجاهل السؤال، وصرخت النائبة فيرجينيا فوكس من ولاية نورث كارولينا على الصحافيين طالبة منهم بأن يصمتوا.

هذا عن الانتخابات الفائتة... ولكن إذا خسر ترمب مرة أخرى انتخابات 2024، وادعى حصول تزوير، قد يكون مايك جونسون في وضع أفضل لمساعدته. وبحسب موقع «بوليتيكو»، تساءل مايكل والدمان الباحث في «مركز برينان للعدالة» عن نيات رئيس مجلس النواب قائلاً «هل سيدافع هذا الرجل عن الدستور؟ أم أنه سيفعل ما فعله في المرة السابقة؟».


مقالات ذات صلة

غوتيريش: البشرية أطلقت العنان للشرور

الولايات المتحدة​ الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش (أ.ف.ب)

غوتيريش: البشرية أطلقت العنان للشرور

اعتبر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، الأربعاء، أن البشرية «أطلقت العنان لكل الشرور»، متحدثاً عن «التقنيات الخارجة عن السيطرة».

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (رويترز)

ترمب يحتفي بإنجاز «اتفاق الرهائن»: سيتم إطلاق سراحهم قريباً

أعلن الرئيس الأميركي المنتخبب دونالد ترمب اليوم (الأربعاء) عبر منصته «تروث سوشيال» التوصل الى اتفاق لإطلاق سراح الرهائن في الشرق الأوسط.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ صورة تظهر أيقونتي تطبيقي الهواتف الذكية «تيك توك» و«شاوهونغشو» في بكين... 14 يناير 2025 (أ.ب)

«لاجئو تيك توك» في أميركا يجتاحون تطبيق «شاوهونغشو» الصيني المنافس

في ظل القلق من احتمال حظر تطبيق «تيك توك» الصيني في أميركا، يُقبل مستخدمون أميركيون للإنترنت بأعداد كبيرة على تحميل تطبيق صيني آخر هو «شاوهونغشو».

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ إيفانكا ترمب وزوجها جاريد كوشنر (رويترز)

إيفانكا ترمب تكشف سبب عدم رغبتها في العودة للبيت الأبيض

أصبح من الواضح أن إيفانكا ترمب، ابنة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، لا تخطط للعودة إلى البيت الأبيض لمساعدة والدها في إدارة البلاد خلال ولايته الثانية.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي جو بايدن (أ.ب)

مع نهاية ولايته... بايدن يشكر الأميركيين على «حبهم ودعمهم»

شكر الرئيس جو بايدن الأميركيين على «حبهم ودعمهم» على مر السنوات، في رسالة صادقة، نُشرت قبل خطاب الوداع الرسمي.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

أفريقيا... ساحة تنافس جديد بين الهند والصين

Chinese Foreign Minister Wang Yi (C) speaks during a press conference with Senegal's Foreign Minister Yassine Fall (L) and Congo Foreign Minister Jean-Claude Gakosso (R) at the Forum on China-Africa Cooperation (FOCAC) in Beijing on September 5, 2024. (Photo by GREG BAKER / AFP)
Chinese Foreign Minister Wang Yi (C) speaks during a press conference with Senegal's Foreign Minister Yassine Fall (L) and Congo Foreign Minister Jean-Claude Gakosso (R) at the Forum on China-Africa Cooperation (FOCAC) in Beijing on September 5, 2024. (Photo by GREG BAKER / AFP)
TT

أفريقيا... ساحة تنافس جديد بين الهند والصين

Chinese Foreign Minister Wang Yi (C) speaks during a press conference with Senegal's Foreign Minister Yassine Fall (L) and Congo Foreign Minister Jean-Claude Gakosso (R) at the Forum on China-Africa Cooperation (FOCAC) in Beijing on September 5, 2024. (Photo by GREG BAKER / AFP)
Chinese Foreign Minister Wang Yi (C) speaks during a press conference with Senegal's Foreign Minister Yassine Fall (L) and Congo Foreign Minister Jean-Claude Gakosso (R) at the Forum on China-Africa Cooperation (FOCAC) in Beijing on September 5, 2024. (Photo by GREG BAKER / AFP)

منذ فترة ولايته الأولى عام 2014، كان رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي أكبر مناصر للعلاقات بين الهند وأفريقيا.

على خلفية ذلك، تجدر الإشارة إلى أن الحكومة الهندية بذلت جهداً استثنائياً للتواصل مع الدول الأفريقية عبر زيارات رفيعة المستوى من القيادة العليا، أي الرئيس ونائب الرئيس ورئيس الوزراء، إلى ما مجموعه 40 بلداً في أفريقيا بين عامي 2014 و2019. ولا شك أن هذا هو أكبر عدد من الزيارات قبل تلك الفترة المحددة أو بعدها.

من ثم، فإن الزيارة التي قام بها مؤخراً رئيس الوزراء الهندي مودي إلى نيجيريا قبل سفره إلى البرازيل لحضور قمة مجموعة العشرين، تدل على أن زيارة أبوجا (في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي) ليست مجرد زيارة ودية، وإنما خطوة استراتيجية لتعزيز القوة. مما يؤكد على التزام الهند ببناء علاقات أعمق مع أفريقيا، والبناء على الروابط التاريخية، والخبرات المشتركة، والمنافع المتبادلة.

صرح إتش. إس. فيسواناثان، الزميل البارز في مؤسسة «أوبزرفر» للأبحاث وعضو السلك الدبلوماسي الهندي لمدة 34 عاماً، بأنه «من خلال تعزيز الشراكات الاقتصادية، وتعزيز التعاون الدفاعي، وتعزيز التبادل الثقافي، تُظهِر الهند نفسها بصفتها لاعباً رئيسياً في مستقبل أفريقيا، في الوقت الذي تقدم فيه بديلاً لنهج الصين الذي غالباً ما يتعرض للانتقاد. إن تواصل الهند في أفريقيا هو جزء من أهدافها الجيوسياسية الأوسع نطاقاً للحد من نفوذ الصين».

سافر مودي إلى 14 دولة أفريقية خلال السنوات العشر الماضية من حكمه بالمقارنة مع عشر زيارات لنظيره الصيني شي جينبينغ. بيد أن زيارته الجديدة إلى نيجيريا تعد أول زيارة يقوم بها رئيس وزراء هندي لهذه الدولة منذ 17 عاماً. كانت الأهمية التي توليها نيجيريا للهند واضحة من حقيقة أن رئيس الوزراء الهندي مُنح أعلى وسام وطني في البلاد، وسام القائد الأكبر، وهو ثاني شخصية أجنبية فقط تحصل على هذا التميز منذ عام 1969، بعد الملكة إليزابيث الثانية؛ مما يؤكد على المكانة التي توليها نيجيريا للهند.

نجاح الهند في ضم الاتحاد الأفريقي إلى قمة مجموعة العشرين

كان الإنجاز الكبير الذي حققته الهند هو جهدها لضمان إدراج الاتحاد الأفريقي عضواً دائماً في مجموعة العشرين، وهي منصة عالمية للنخبة تؤثر قراراتها الاقتصادية على ملايين الأفارقة. وقد تم الإشادة برئيس الوزراء مودي لجهوده الشخصية في إدراج الاتحاد الأفريقي ضمن مجموعة العشرين من خلال اتصالات هاتفية مع رؤساء دول مجموعة العشرين. وكانت جهود الهند تتماشى مع دعمها الثابت لدور أكبر لأفريقيا في المنصات العالمية، وهدفها المتمثل في استخدام رئاستها للمجموعة في منح الأولوية لشواغل الجنوب العالمي.

يُذكر أن الاتحاد الأفريقي هو هيئة قارية تتألف من 55 دولة.

دعا مودي، بصفته مضيف مجموعة العشرين، رئيس الاتحاد الأفريقي، غزالي عثماني، إلى شغل مقعده بصفته عضواً دائماً في عصبة الدول الأكثر ثراء في العالم، حيث صفق له القادة الآخرون وتطلعوا إليه.

وفقاً لراجيف باتيا، الذي شغل أيضاً منصب المدير العام للمجلس الهندي للشؤون العالمية في الفترة من 2012 - 2015، فإنه «لولا الهند لكانت مبادرة ضم الاتحاد الأفريقي إلى مجموعة العشرين قد فشلت. بيد أن الفضل في ذلك يذهب إلى الهند لأنها بدأت العملية برمتها وواصلت تنفيذها حتى النهاية. وعليه، فإن الأفارقة يدركون تمام الإدراك أنه لولا الدعم الثابت من جانب الهند ورئيس الوزراء مودي، لكانت المبادرة قد انهارت كما حدث العام قبل الماضي أثناء رئاسة إندونيسيا. لقد تأثرت البلدان الأفريقية بأن الهند لم تعد تسمح للغرب بفرض أخلاقياته».

التوغلات الصينية في أفريقيا

تهيمن الصين في الواقع على أفريقيا، وقد حققت توغلات أعمق في القارة السمراء لأسباب استراتيجية واقتصادية على حد سواء. بدأت العلاقات السياسية والاقتصادية الحديثة بين البر الصيني الرئيسي والقارة الأفريقية في عهد ماو تسي تونغ، بعد انتصار الحزب الشيوعي الصيني في الحرب الأهلية الصينية. زادت التجارة بين الصين وأفريقيا بنسبة 700 في المائة خلال التسعينات، والصين حالياً هي أكبر شريك تجاري لأفريقيا. وقد أصبح منتدى التعاون الصيني - الافريقي منذ عام 2000 المنتدى الرسمي لدعم العلاقات. في الواقع، الأثر الصيني في الحياة اليومية الأفريقية عميق - الهواتف المحمولة المستخدمة، وأجهزة التلفزيون، والطرق التي تتم القيادة عليها مبنية من قِبل الصينيين.

كانت الصين متسقة مع سياستها الأفريقية. وقد عُقدت الدورة التاسعة من منتدى التعاون الصيني - الأفريقي في سبتمبر (أيلول) 2024، في بكين.

كما زوّدت الصين البلدان الأفريقية بمليارات الدولارات في هيئة قروض ساعدت في بناء البنية التحتية المطلوبة بشدة. علاوة على ذلك، فإن تعزيز موطئ قدم لها في ثاني أكبر قارة من حيث عدد السكان في العالم يأتي مع ميزة مربحة تتمثل في إمكانية الوصول إلى السوق الضخمة، فضلاً عن الاستفادة من الموارد الطبيعية الهائلة في القارة، بما في ذلك النحاس، والذهب، والليثيوم، والمعادن الأرضية النادرة. وفي الأثناء ذاتها، بالنسبة للكثير من الدول الأفريقية التي تعاني ضائقة مالية، فإن أفريقيا تشكل أيضاً جزءاً حيوياً من مبادرة الحزام والطريق الصينية، حيث وقَّعت 53 دولة على المسعى الذي تنظر إليه الهند بريبة عميقة.

كانت الصين متسقة بشكل ملحوظ مع قممها التي تُعقد كل ثلاث سنوات؛ وعُقدت الدورة التاسعة لمنتدى التعاون الصيني - الأفريقي في سبتمبر 2024. وفي الوقت نفسه، بلغ إجمالي تجارة الصين مع القارة ثلاثة أمثال هذا المبلغ تقريباً الذي بلغ 282 مليار دولار.

الهند والصين تناضلان من أجل فرض الهيمنة

تملك الهند والصين مصالح متنامية في أفريقيا وتتنافسان على نحو متزايد على الصعيدين السياسي والاقتصادي.

في حين تحاول الصين والهند صياغة نهجهما الثنائي والإقليمي بشكل مستقل عن بعضهما بعضاً، فإن عنصر المنافسة واضح. وبينما ألقت بكين بثقلها الاقتصادي الهائل على تطوير القدرة التصنيعية واستخراج الموارد الطبيعية، ركزت نيودلهي على كفاءاتها الأساسية في تنمية الموارد البشرية، وتكنولوجيا المعلومات، والتعليم، والرعاية الصحية.

مع ذلك، قال براميت بول شاودهوري، المتابع للشؤون الهندية في مجموعة «أوراسيا» والزميل البارز في «مركز أنانتا أسبن - الهند»: «إن الاستثمارات الهندية في أفريقيا هي إلى حد كبير رأسمال خاص مقارنة بالصينيين. ولهذا السبب؛ فإن خطوط الائتمان التي ترعاها الحكومة ليست جزءاً رئيسياً من قصة الاستثمار الهندية في أفريقيا. الفرق الرئيسي بين الاستثمارات الهندية في أفريقيا مقابل الصين هو أن الأولى تأتي مع أقل المخاطر السياسية وأكثر انسجاماً مع الحساسيات الأفريقية، لا سيما فيما يتعلق بقضية الديون».

ناريندرا مودي وشي جينبينغ في اجتماع سابق (أ.ب)

على عكس الصين، التي ركزت على إقامة البنية التحتية واستخراج الموارد الطبيعية، فإن الهند من خلال استثماراتها ركزت على كفاءاتها الأساسية في تنمية الموارد البشرية، وتكنولوجيا المعلومات، والأمن البحري، والتعليم، والرعاية الصحية. والحقيقة أن الشركات الصينية كثيراً ما تُتهم بتوظيف أغلب العاملين الصينيين، والإقلال من جهودها الرامية إلى تنمية القدرات المحلية، وتقديم قدر ضئيل من التدريب وتنمية المهارات للموظفين الأفارقة. على النقيض من ذلك، يهدف بناء المشاريع الهندية وتمويلها في أفريقيا إلى تيسير المشاركة المحلية والتنمية، بحسب ما يقول الهنود. تعتمد الشركات الهندية أكثر على المواهب الأفريقية وتقوم ببناء قدرات السكان المحليين. علاوة على ذلك، وعلى عكس الإقراض من الصين، فإن المساعدة الإنمائية التي تقدمها الهند من خلال خطوط الائتمان الميسرة والمنح وبرامج بناء القدرات هي برامج مدفوعة بالطلب وغير مقيدة. ومن ثم، فإن دور الهند في أفريقيا يسير جنباً إلى جنب مع أجندة النمو الخاصة بأفريقيا التي حددتها أمانة الاتحاد الأفريقي، أو الهيئات الإقليمية، أو فرادى البلدان، بحسب ما يقول مدافعون عن السياسة الهندية.

ويقول هوما صديقي، الصحافي البارز الذي يكتب عن الشؤون الاستراتيجية، إن الهند قطعت في السنوات الأخيرة شوطاً كبيراً في توسيع نفوذها في أفريقيا، لكي تظهر بوصفها ثاني أكبر مزود للائتمان بالقارة. شركة الاتصالات الهندية العملاقة «إيرتل» - التي دخلت أفريقيا عام 1998، هي الآن أحد أكبر مزودي خدمات الهاتف المحمول في القارة، كما أنها طرحت خطاً خاصاً بها للهواتف الذكية من الجيل الرابع بأسعار زهيدة في رواندا. وكانت الهند رائدة في برامج التعليم عن بعد والطب عن بعد لربط المستشفيات والمؤسسات التعليمية في كل البلدان الأفريقية مع الهند من خلال شبكة الألياف البصرية. وقد ساعدت الهند أفريقيا في مكافحة جائحة «كوفيد – 19» بإمداد 42 بلداً باللقاحات والمعدات.

تعدّ الهند حالياً ثالث أكبر شريك تجاري لأفريقيا، حيث يبلغ حجم التجارة الثنائية بين الطرفين نحو 100 مليار دولار. وتعدّ الهند عاشر أكبر مستثمر في أفريقيا من حيث حجم الاستثمارات الأجنبية المباشرة. كما توسع التعاون الإنمائي الهندي بسرعة منذ أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، وكانت البلدان الأفريقية هي المستفيد الرئيسي من برنامج الخطوط الائتمانية الهندية.

قالت هارشا بانغاري، المديرة الإدارية لبنك الهند للاستيراد والتصدير: «على مدى العقد الماضي، قدمت الهند ما يقرب من 32 مليار دولار أميركي في صورة ائتمان إلى 42 دولة أفريقية، وهو ما يمثل 38 في المائة من إجمالي توزيع الائتمان. وهذه الأموال، التي تُوجه من خلال بنك الهند للاستيراد والتصدير، تدعم مجموعة واسعة من المشاريع، بما في ذلك الرعاية الصحية والبنية التحتية والزراعة والري».

رغم أن الصين تتصدر الطريق في قطاع البنية التحتية، فإن التمويل الصيني للبنية التحتية في أفريقيا قد تباطأ بشكل كبير خلال السنوات الأخيرة. برزت عملية تطوير البنية التحتية سمةً مهمة من سمات الشراكة التنموية الهندية مع أفريقيا. وقد أنجزت الهند حتى الآن 206 مشاريع في 43 بلداً أفريقياً، ويجري حالياً تنفيذ 65 مشروعاً، يبلغ مجموع الإنفاق عليها نحو 12.4 مليار دولار. وتقدم الهند أيضاً إسهامات كبيرة لبناء القدرات الأفريقية من خلال برنامجها للتعاون التقني والتكنولوجي، والمنح الدراسية، وبناء المؤسسات في القارة.

وتجدر الإشارة إلى أن الهند أكثر ارتباطاً جغرافياً من الصين بالقارة الأفريقية، وهي بالتالي تتشاطر مخاوفها الأمنية أيضاً. وتعتبر الهند الدول المطلة على المحيط الهندي في افريقيا مهمة لاستراتيجيتها الخاصة بمنطقة المحيطين الهندي والهادئ، ووقّعت الهند مع الكثير منها اتفاقيات للدفاع والشحن تشمل التدريبات المشتركة. كما أن دور قوات حفظ السلام الهندية موضع تقدير كبير.

يقول السفير الهندي السابق والأمين المشترك السابق لشؤون أفريقيا في وزارة الخارجية، السفير ناريندر تشوهان: «إن الانتقادات الموجهة إلى المشاركة الاقتصادية للصين مع أفريقيا قد تتزايد من النقابات العمالية والمجتمع المدني بشأن ظروف العمل السيئة والممارسات البيئية غير المستدامة والتشرد الوظيفي الذي تسببه الشركات الصينية. ويعتقد أيضاً أن الصين تستغل نقاط ضعف الحكومات الأفريقية، وبالتالي تشجع الفساد واتخاذ القرارات المتهورة. فقد شهدت أنغولا، وغانا، وغامبيا، وكينيا مظاهرات مناهضة للمشاريع التي تمولها الصين. وهناك مخاوف دولية متزايدة بشأن الدور الذي تلعبه الصين في القارة الأفريقية».

القواعد العسكرية الصينية والهندية في أفريقيا

قد يكون تحقيق التوازن بين البصمة المتزايدة للصين في أفريقيا عاملاً آخر يدفع نيودلهي إلى تعزيز العلاقات الدفاعية مع الدول الافريقية.

أنشأت الصين أول قاعدة عسكرية لها في الخارج في جيبوتي، في القرن الأفريقي، عام 2017؛ مما أثار قلق الولايات المتحدة؛ إذ تقع القاعدة الصينية على بعد ستة أميال فقط من قاعدة عسكرية أميركية في البلد نفسه.

تقول تقارير إعلامية إن الصين تتطلع إلى وجود عسكري آخر في دولة الغابون الواقعة في وسط أفريقيا. ونقلت وكالة أنباء «بلومبرغ» عن مصادر قولها إن الصين تعمل حالياً على دخول المواني العسكرية في تنزانيا وموزمبيق الواقعتين على الساحل الشرقي لأفريقيا. وذكرت المصادر أنها عملت أيضاً على التوصل إلى اتفاقيات حول وضع القوات مع كلا البلدين؛ الأمر الذي سيقدم للصين مبرراً قانونياً لنشر جنودها هناك.

تقليدياً، كان انخراط الهند الدفاعي مع الدول الأفريقية يتركز على التدريب وتنمية الموارد البشرية.

في السنوات الأخيرة، زادت البحرية الهندية من زياراتها للمواني في الدول الأفريقية، ونفذت التدريبات البحرية الثنائية ومتعددة الأطراف مع الدول الأفريقية. من التطورات المهمة إطلاق أول مناورة ثلاثية بين الهند وموزمبيق وتنزانيا في دار السلام في أكتوبر (تشرين الأول) عام 2022.

هناك مجال آخر مهم للمشاركة الدفاعية الهندية، وهو الدفع نحو تصدير معدات الدفاع الهندية إلى القارة.

ألقى التركيز الدولي على توسع الوجود الصيني في أفريقيا بظلاله على تطور مهم آخر - وهو الاستثمار الاستراتيجي الهندي في المنطقة. فقد شرعت الهند بهدوء، لكن بحزم، في بناء قاعدة بحرية على جزر أغاليغا النائية في موريشيوس.

تخدم قاعدة أغاليغا المنشأة حديثاً الكثير من الأغراض الحيوية للهند. وسوف تدعم طائرات الاستطلاع والحرب المضادة للغواصات، وتدعم الدوريات البحرية فوق قناة موزمبيق، وتوفر نقطة مراقبة استراتيجية لمراقبة طرق الشحن حول الجنوب الأفريقي.

وفي سابقة من نوعها، عيَّنت الهند ملحقين عسكريين عدة في بعثاتها الدبلوماسية في أفريقيا.

وفقاً لغورجيت سينغ، السفير السابق لدى إثيوبيا والاتحاد الأفريقي ومؤلف كتاب «عامل هارامبي: الشراكة الاقتصادية والتنموية بين الهند وأفريقيا»: «في حين حققت الهند تقدماً كبيراً في أفريقيا، فإنها لا تزال متخلفة عن الصين من حيث النفوذ الإجمالي. لقد بذلت الهند الكثير من الجهد لجعل أفريقيا في بؤرة الاهتمام، هل الهند هي الشريك المفضل لأفريقيا؟ صحيح أن الهند تتمتع بقدر هائل من النوايا الحسنة في القارة الأفريقية بفضل تضامنها القديم، لكن هل تتمتع بالقدر الكافي من النفوذ؟ من الصعب الإجابة عن هذه التساؤلات، سيما في سياق القوى العالمية الكبرى كافة المتنافسة على فرض نفوذها في المنطقة. ومع ذلك، فإن عدم القدرة على عقد القمة الرابعة بين الهند وأفريقيا حتى بعد 9 سنوات من استضافة القمة الثالثة لمنتدى الهند وأفريقيا بنجاح في نيودلهي، هو انعكاس لافتقار الهند إلى النفوذ في أفريقيا. غالباً ما تم الاستشهاد بجائحة «كوفيد - 19» والجداول الزمنية للانتخابات بصفتها أسباباً رئيسية وراء التأخير المفرط في عقد قمة المنتدى الهندي الأفريقي».