السيناتور تيم سكوت... المرشح الأسود الوحيد المحافظ في التنافس على البيت الأبيض

السيناتور تيم سكوت... المرشح الأسود الوحيد المحافظ في التنافس على البيت الأبيض
TT

السيناتور تيم سكوت... المرشح الأسود الوحيد المحافظ في التنافس على البيت الأبيض

السيناتور تيم سكوت... المرشح الأسود الوحيد المحافظ في التنافس على البيت الأبيض

لا يوجد مرشح بين كوكبة المرشحين الرئاسيين الأميركيين عن الحزب الجمهوري مثل تيم سكوت (57 سنة)، السيناتور الأسود عن ولاية ساوث كارولينا، والمرشح الأسود الوحيد الحالي في حلبة انتخابات 2024، التي يَبرز فيها الرئيس السابق دونالد ترمب. سكوت سليل أسرة من العبيد المحرَّرين، والابن الثاني لأم مطلقة، عزَبٌ، ولا يعاقر الكحول. وقد بدأ مشواره العملي بائع تأمين، وعاش حياة صعبة قبل نجاحه الفريد في اقتحام عالم السياسة، ثم إنه شهد في المتاجر، وعلى الطرق، والإنترنت، وحتى في مبنى «الكابيتول» بالولايات المتحدة نفسها، التفرقة العنصرية، لكنه مع ذلك كان دائماً راضياً ومتفائلاً، بل ربما يكون السياسي البارز الوحيد الذي لا يرى في البلاد عنصرية، ولا يعدّ نفسه ضحية لها. ومن أقواله «أميركا ليست دولة عنصرية... في أميركا فقط يمكن لقصتي أن تستمر بالطريقة التي ظهرت بها». هذه رسالة قد تفيد الآن محاولته الرئاسية، لكن مع استبعاد أن تنجح في إقناع الناخبين الجمهوريين في اختياره، لعلّه يراهن على تغيرٍ ما في المدى البعيد.

تيم سكوت هو، اليوم، السيناتور الجمهوري الأسود الوحيد في «مجلس الشيوخ الأميركي»، والشخص الأسود الوحيد الذي خدم على الإطلاق في مجلسي «الكونغرس»، هو واحد من 11 شخصاً أسود فقط في تاريخ البلاد، نالوا عضوية «مجلس الشيوخ»، وواحد من ثلاثة فقط (إلى جانب الديمقراطييْن كوري بوكر ورافائيل وارنوك) أعضاء حالياً في هذا المجلس.

الجدير بالذكر أن سكوت هو أيضاً أول جمهوري أسود يُنتخب لمنصب سياسي في ولاية ساوث كارولينا. وكان عام 1996، قد تحدّى عضو مجلس شيوخ الولاية؛ وهو الديمقراطي روبرت فورد، الذي كان يعمل لدى مارتن لوثر كينغ «الابن»، واعتُقل 73 مرة خلال حركة الحقوق المدنية، لكنه خسر أمامه بفارق كبير (35 في المائة مقابل 65 في المائة)، وكان قريباً من السيناتور التاريخي الراحل ستروم ثورموند؛ أحد دعاة الفصل العنصري، في «مجلس الشيوخ» عام 1996. وحول علاقته السياسية بثورموند أوضح سكوت، ذات مرة: «إن الناس يغيّرون رأيهم».

خطواته السياسية

بعد ذلك تقلّب سكوت في عدد من المواقع السياسية الصغيرة على مستوى مدينته تشارلستون (حتى عام 2009)، أو على مستوى الولاية؛ حيث انتُخب عضواً في مجلس نوابها (بين 2009 و2011). وللعلم، في دورة عام 2010 التي حدّدها «حزب الشاي» - الجناح المحافظ في «الحزب الجمهوري» - في منطقة ثلاثةُ أرباع سكانها من البيض، ترشّح سكوت وتغلّب على بول ثورموند (أصغر أبناء ستروم ثورموند في الانتخابات التمهيدية). وبدعم من سارة بالين وكيفن مكارثي وإريك كانتور، أصبح سكوت رسمياً عام 2011 أول جمهوري أسود يُنتخب لعضوية «مجلس النواب الأميركي» منذ عام 1897.

بعدها، صادقت نيكي هيلي - التي كانت آنذاك حاكمة الولاية والمرشحة الرئاسية الحالية - على تعيين سكوت، بعد انتخابات خاصة، عضواً في «مجلس الشيوخ الأميركي» عام 2014؛ وذلك لملء مقعد السيناتور جيم ديمينت، الذي استقال لتولّي رئاسة مركز «هيريتيدج فاونديشن»؛ أحد أبرز مراكز أبحاث اليمين المحافظ الأميركية. ولاحقاً، انتُخب عام 2016 لولاية كاملة، وأُعيد انتخابه عام 2022، غير أن أبرز تجليات طموحه السياسي كانت، في 12 أبريل (نيسان) الماضي 2023، عندما شكَّل سكوت لجنة استكشافية تشكل الإعلان الفعلي عن ترشحه للانتخابات التمهيدية الرئاسية للحزب الجمهوري لعام 2024. وحقاً، قدَّم أوراق ترشحه إلى «لجنة الانتخابات الفيدرالية»، يوم 19 مايو (أيار)، وأعلن ترشحه رسمياً بعد 3 أيام.

النشأة والمسيرة

بعد نحو 150 سنة من جلب أسلافه المستعبَدين إلى ساوث كارولينا، وُلد تيموثي يوجين سكوت، في الضاحية الشمالية من مدينة تشارلستون يوم 19 سبتمبر (أيلول) 1965. وكان في السابعة من عمره عندما وقع الطلاق بين والديه، وانتقل في سن السابعة للعيش مع أمه - التي كانت تعمل مساعِدة ممرضة - وشقيقه الأكبر في بيت جدّه لأمه في بيئة فقيرة متواضعة. وفي ذلك البيت تقاسم مع أمه وشقيقه، الذي أصبح فيما بعد رقيباً أول في الجيش، غرفة بسرير واحد. أما الجد فما كان يجيد القراءة والكتابة؛ لكونه ترك المدرسة في الصف الثالث، ليعمل في جمع القطن مقابل 50 سنتاً في اليوم، لكنه مع ذلك كان متابعاً نهماً لما يُنشَر في الصحف اليومية.

معجزة الأسود على بطاقة الاقتراع

أيضاً، كان تيم الصغير وجدّه شغوفين بالمصارعة المحترفة في منتصف السبعينيات، وشجّعا هيوستن هاريس، الذي كان يحمل اسم «بوبو برازيل»، وهو أول رجل أسود في «تحالف المصارعة الوطني». وكتب سكوت، حينها: «لقد ساعدَنا نجاحه على رؤية العالم الذي كان جدّي يسعى من أجله، وأنه يمكننا فعل المزيد. يمكننا أن نتقدم أكثر».

وفي عام 2008، عندما ترشّح وفاز بمقعد في مجلس الولاية المحلي، كان قد اصطحب جده للتصويت في الانتخابات الرئاسية، ذلك العام. غير أن الجد لم يتمكن من قراءة بطاقة الاقتراع، فأشار إلى اسم باراك أوباما. وبينما كان يقوده إلى المنزل، نظر إلى جده، الذي كانت الدموع تنهمر على وجهه. وقال جده: «تيمي، المعجزة ليست في فوزه أم لا... المعجزة هي أنه على ورقة الاقتراع!... تيمي، لأكثر من نصف حياتي، لم يكن يُسمَح لي بالتصويت».

وبضفته طالباً جديداً في مدرسة «آر بي ستال» الثانوية، في شمال تشارلستون، فشل تيم سكوت في مواد اللغة الإنجليزية واللغة الإسبانية والجغرافيا والتربية المدنية، وهو ما فرض على أمه إرساله إلى مدرسة صيفية، كما فرض عليه البحث عن عمل ليدفع مصاريفها.

وقبل سنته الأخيرة الدراسية، في أواخر أغسطس (آب) من عام 1982، غفا سكوت أثناء قيادته سيارة أمه، فانقلب بالسيارة وكُسر كاحله، وتعرَّض لإصابة في ظهره، ما قلّل من اهتمام الجامعات الكبرى به بوصفه لاعب كرة قدم، ومن ثم كانت وظيفته الأولى في دار سينما محلية، ليفرقع الفشار «البوب كورن». وفي فترات الاستراحة كان يذهب إلى محل الوجبات السريعة «شيك- فيل-إيه» القريب، ويطلب دائماً الوجبة نفسها، بطاطا مقلية وماء؛ لأنه كان الشيء الوحيد الذي يمكنه تحمُّل تكلفته.

يومذاك، لاحظه مالك المحل، وهو رجل أبيض محافظ يُدعى جون مونيز. وسرعان ما صار مونيز مرشداً له وقدوة غيّر مسار حياته، وكان ينقل له «مبادئ الأعمال المحافظة»... وحول هذه المحطة من مسيرته يقول سكوت: «لقد مكّنني من أن أفكر في طريقي للخروج من هذا الفقر». وحقاً، رغم العوز واضطراره للعمل من أجل الإنفاق على ضرورات الحياة، بدأ مسيرته مع التعليم العالي، فالتحق، عام 1988، بالكلية المعمدانية في تشارلستون، مستفيداً من منحة رياضية، إلا أنه لم يبق في الكلية سوى سنة واحدة انتقل بعدها إلى جامعة تشارلستون سوذرن (وهي أيضاً تتبع الكنيسة المعمدانية البروتستانتية، حيث تخرَّج بدرجة البكالوريوس في العلوم السياسية.

بعد ذلك، بدأ سكوت بيع التأمين، وبرزت قدراته بوصفه رجل أعمال، بعدما أسّس شركة عقارية، لديها اليوم 3 آلاف عميل، كما أنه لم ينس - وهو العزَب حتى هذه اللحظة - شراء منزل لوالدته. ولكن، عودةً إلى السياسة، فإنه يقول، في كتاب نشره عام 2022، إنه همس لنفسه، ذات ليلة، وهو في السرير: «الرئيس تيم سكوت»، ثم قال لصديق له: «أنا سأفعل ذلك... سأترشح للرئاسة».

وتابع: «في بعض الأحيان كنت أتلقى رسائل مليئة بالكراهية مع إهانات عنصرية، هي معلّقة الآن على خزانتي». ويضيف: «وأحياناً شعرت بمزيد من العنصرية... حتى من أصدقائي السود»، الذين أطلقوا عليه اسم «أوريو» (على اسم البسكويت الشهير الأسود المحشو بكِريما بيضاء). وتفسيره لذلك «لأنني لم أكن أحقق توقعات التفكير الجماعي داخل المدرسة».

أيضاً كتب سكوت عن تعرضه للتوقيف من قِبل رجال الشرطة، أكثر من 20 مرة، خلال 20 سنة، شارحاً «لم يُوقفوني لأنني تجاوزت الحد الأقصى للسرعة، بل لكوني أسود». وفي السياق نفسه ذكر أن شرطة «الكابيتول»، بدورها، أوقفته 5 مرات بينما كان في طريقه إلى مبنى «الكابيتول» للإدلاء بصوته... «وفي كل مرة، بعد أن أُظهِر للضابط أوراق اعتمادي، كانوا يعتقلونني. وفي كل مرة، كان عليّ أن أطلب من زملائي البيض التعريف عني».

لا يرى عنصرية في أميركا ولا يعدّ نفسه ضحية

ترمب ليس عنصرياً

بعد إطلاق النار على كنيسة الأم إيمانويل، في مدينته تشارلستون عام 2015، انضمّ سكوت إلى نيكي هيلي في دعم إزالة علم الكونفدرالية من مبنى «الكابيتول» بالولاية. وقال يومذاك، في بيان: «لا أعتقد أن الغالبية العظمى من أولئك الذين يدعمون العلم، لديهم كراهية في قلوبهم، لكن من الواضح أن هذه هي الخطوة الصحيحة إلى الأمام، بالنسبة لولايتنا».

أيضاً إبان الأحداث التي أعقبت تجمّع العنصريين البيض في مدينة تشارلوتسفيل بولاية فيرجينيا، صيف 2017، انزعج من تعليق للرئيس السابق دونالد ترمب، بأنه «كان هناك أشخاص طيبون على كلا الجانبين»، فقال «أعتقد أن الرئيس قد تخلّى هنا عن سلطته الأخلاقية للقيادة». إلا أنه حين سئل، فيما بعد، عمّا إذا كان يؤمن بأن ترمب عنصري، أجاب «لا أعتقد، هل هو غير حساس عنصرياً؟ نعم... لكن هل هو عنصري؟ لا». ثم، في مقابلة مع الإعلامي اليميني شون هانيتي، على محطة «فوكس نيوز»، قال: «ربما لا توجد خلافات كثيرة معه على الإطلاق. أنا ممتنّ جداً لوجود ترمب في منصبه».

وكتب، في كتابه: «لا يهمُّني لمَن صوَّتَّ أو ما رأيك في انتخابات 2020، لكن ما حدث في 6 يناير (كانون الثاني) كان خطأ». ومع ذلك فهو لم يلُم ترمب، على وجه التحديد، واكتفى بوصف ذلك التمرد بـ«أن هذا اليوم المأساوي - على حد تعبيره - كان تتويجاً لداء أفراد اتخذوا خيارات سيئة».

مواقف مختلفة

اجتماعياً، يصف تيم سكوت نفسه بأنه «مؤيد للحياة، ومعارض صريح للإجهاض». وخلال مقابلة عام 2023، قال إنه سيوقّع على قانون حظر الإجهاض الفيدرالي لمدة 20 أسبوعاً، إذا ما انتُخب رئيساً. بيد أنه تهرَّب من الأسئلة حول ما إذا كان يؤيد حظر الإجهاض لمدة 6 أسابيع، وهي القضية التي تقسِّم المرشحين الجمهوريين وتُحرجهم في مواجهة تنامي الرفض الوطني لتقييد الإجهاض، حتى في الولايات التي يسيطر عليها الجمهوريون.

أيضاً يعارض سكوت زواج المثليين، وكان قد صوّتَ ضد قانون احترام الزواج لعام 2022، الذي ينصّ على الاعتراف القانوني الفيدرالي بزواج المثليين. وفي المناظرة الجمهورية الأولى، التي أُجريت الشهر الماضي، قال «إذا جعلك الله رجلاً، فأنت تلعب الرياضة ضد الرجال».

وفي موضوع الهجرة، يدعم سكوت تشديد العقوبات على أصحاب العمل الذين يشغِّلون مهاجرين غير شرعيين عن علم. ويدعم تعزيز «الاستيعاب الثقافي»، من خلال جعل اللغة الإنجليزية اللغة الرسمية، وتعليمها للمهاجرين الجدد.

واستراتيجياً، دعا سكوت، الذي عارض التدخل العسكري في ليبيا عام 2011، إلى استمرار الوجود العسكري في أفغانستان، وهو يبرر فيقول «لأن الانسحاب المبكر سيفيد تنظيم القاعدة»، ثم إنه ينظر إلى إيران باعتبارها «أخطر دولة في العالم»، ويعتقد أن على الولايات المتحدة مساعدة الجماعات الإيرانية المؤيِّدة للديمقراطية هناك.

وأخيراً، في نوفمبر (تشرين الثاني) 2017، وردّاً على جهود الصين لشراء شركات التكنولوجيا الأميركية، كان سكوت واحداً من 9 رعاة لمشروع قانون مِن شأنه توسيع قدرة الحكومة الفيدرالية على منع المشتريات الأجنبية للشركات الأميركية، وذلك من خلال تعزيز لجنة الاستثمار الأجنبي في الولايات المتحدة، والسماح لها بمراجعة، وربما رفض الاستثمارات الصغيرة، وإضافة عوامل الأمن القومي.

شرطة «الكابيتول» أوقفته 5 مرات وفي كل مرة كان يطلب من زملائه البيض التعريف عنه


مقالات ذات صلة

تطوّر العلاقات السعودية ـ الصينية... شراكة استراتيجية على مختلف الأصعدة

حصاد الأسبوع الرئيس الصيني شي جينبينغ مستقبلاً خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز في بكين في مارس 2017 (أ.ف.ب)

تطوّر العلاقات السعودية ـ الصينية... شراكة استراتيجية على مختلف الأصعدة

عقدت أخيراً في الرياض الجولة الثانية من المشاورات السياسية بين وزارة الخارجية السعودية ووزارة الخارجية الصينية، وترأس الجانب السعودي نائب وزير الخارجية وليد

وارف قميحة (بيروت)
حصاد الأسبوع صادرات السيارات الألمانية إلى أميركا في قلب التأزم المحتمل مع ترمب (أ ف ب)

ألمانيا تتأهّب لانتخابات تعِد اليمين باستعادة الحكم

عوضاً عن بدء ألمانيا استعداداتها للتعامل مع ولاية جديدة للرئيس الأميركي «العائد» دونالد ترمب والتحديات التي ستفرضها عليها إدارته الثانية، فإنها دخلت أخيراً في

راغدة بهنام (برلين)
حصاد الأسبوع  زارا فاغنكنيشت (رويترز)

وضع الليبراليين مُقلق في استطلاعات الرأي

يحلّ حزب «البديل من أجل ألمانيا» اليميني المتطرف راهناً في المركز الثاني في استطلاعات الرأي للانتخابات الألمانية المقبلة، وتصل درجة التأييد له إلى 18 في

حصاد الأسبوع روبيو play-circle 01:45

ترمب يختار روبيو وزيراً للخارجية بعدما تأكد من ولائه وتبنّيه شعارات «ماغا»

بينما يراقب العالم السياسات الخارجية للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، التي ستتحدّد على أساس شعاره «جعل أميركا عظيمة مرة أخرى» (ماغا)، بادر ترمب إلى تشكيل.

إيلي يوسف (واشنطن)
حصاد الأسبوع مواقف روبيو غير قاطعة من حرب أوكرانيا (غيتي)

نظرة إلى سجلّ سياسات روبيو الخارجية

يعد نهج وزير الخارجية الأميركي المرشح ماركو روبيو في السياسة الخارجية بأنه «تدخلي» و«متشدد». ذلك أن روبيو دعم غزو العراق عام 2003، والتدخل العسكري في ليبيا،

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

نظرة إلى سجلّ سياسات روبيو الخارجية

مواقف روبيو غير قاطعة من حرب أوكرانيا (غيتي)
مواقف روبيو غير قاطعة من حرب أوكرانيا (غيتي)
TT

نظرة إلى سجلّ سياسات روبيو الخارجية

مواقف روبيو غير قاطعة من حرب أوكرانيا (غيتي)
مواقف روبيو غير قاطعة من حرب أوكرانيا (غيتي)

يعد نهج وزير الخارجية الأميركي المرشح ماركو روبيو في السياسة الخارجية بأنه «تدخلي» و«متشدد». ذلك أن روبيو دعم غزو العراق عام 2003، والتدخل العسكري في ليبيا، كما أيّد تصدي المملكة العربية السعودية للمتمردين الحوثيين في اليمن.

في المقابل، أدان روبيو هجوم حركة «حماس» في أكتوبر (تشرين الأول) 2023 على غلاف قطاع غزة، وأعرب بقوة عن دعمه لإسرائيل و«عن حقها في الدفاع عن النفس»، داعياً إلى القضاء التام على «حماس» في القطاع الفلسطيني المحتل.

وعندما سُئل عما إذا كانت هناك طريقة ما لوقف «حماس» من دون التسبّب في خسائر بشرية جسيمة في صفوف مدنيي غزة، قال روبيو - بالحرف - إن إسرائيل لا تستطيع التعايش «مع هؤلاء المتوحشين... يجب القضاء عليهم». وتابع في الاتجاه نفسه ليقول: «إن (حماس) مسؤولة بنسبة 100 في المائة» عن الخسائر البشرية الفلسطينية في غزة.

أما فيما يتعلق بإيران فالمعروف عن روبيو أنه يدعم العقوبات الصارمة وإلغاء الاتفاق النووي معها. وإزاء هذه الخلفية يرى محللون أن اختياره لمنصب وزير الخارجية ربما يعني تطبيقاً أكثر صرامة للعقوبات النفطية على كلّ من إيران وفنزويلا.

ومن جهة ثانية، بصفة ماركو روبيو نائباً لرئيس لجنة الاستخبارات في مجلس الشيوخ وعضواً في لجنة العلاقات الخارجية، فإنه يناقش في الكثير من الأحيان التهديدات العسكرية والاقتصادية الأجنبية، ولعل من أبرزها ما تعدّه واشنطن تهديد الصين. وهو يحذّر بشدّة من أن كلاً من الصين وإيران وكوريا الشمالية وروسيا تتعاون بشكل متزايد ضد الولايات المتحدة. وسبق له أن قال في خطاب ألقاه خلال مارس (آذار) الماضي: «إنهم جميعاً يشتركون في هدف واحد. إنهم يريدون إضعاف أميركا، وإضعاف تحالفاتنا، وإضعاف مكانتنا وقدراتنا وإرادتنا».

وحول الصين بالذات، فيما يتعلق بالأمن القومي وحقوق الإنسان، فإنه يحذر من الصين. وفي حين يأمل روبيو بنمو اقتصادي أكبر نتيجة للتجارة معها، فإنه يعتقد أن على واشنطن دعم الديمقراطية والحرية والاستقلال الحقيقي لشعب هونغ كونغ.

أما بالنسبة لروسيا، فقد أدان روبيو غزو روسيا لأوكرانيا، خلال فبراير (شباط) 2022، بيد أنه صوّت مع 15 جمهورياً في مجلس الشيوخ ضد حزمة مساعدات عسكرية بقيمة 95 مليار دولار لأوكرانيا وإسرائيل وشركاء آخرين جرى تمريرها في أبريل (نيسان).

ثم في نوفمبر (تشرين الثاني) 2024، وصف الأوكرانيين بأنهم «شجعان وأقوياء بشكل لا يصدق»، لكنه قال إن الحرب في أوكرانيا وصلت إلى «طريق مسدود»، و«يجب إنهاؤها» عبر التفاوض لتجنب المزيد من الضحايا، بدلاً من التركيز على استعادة كل الأراضي التي استولت عليها موسكو.

في المقابل، يدعم وزير الخارجية المرشّح الشراكةَ التجارية والتعاون مع الحلفاء عبر المحيط الهادئ، ويدعو إلى تعزيز الوجود العسكري الأميركي في تلك المنطقة، لافتاً إلى أن الولايات المتحدة «تخاطر بالاستبعاد من التجارة العالمية ما لم تكن أكثر انفتاحاً على التجارة».