العجز اللبناني رئاسياً يدفع نحو «التدويل»

12 جولة انتخاب بلا حسم ولا تفاهم

العجز اللبناني رئاسياً يدفع نحو «التدويل»
TT

العجز اللبناني رئاسياً يدفع نحو «التدويل»

العجز اللبناني رئاسياً يدفع نحو «التدويل»

لم يعد خافياً أنه بعد الجلسة الأخيرة التي عقدها البرلمان اللبناني لانتخاب رئيس جديد للبنان، وحملت الرقم 12، ولم تسفر عن نتيجة، استسلمت معظم القوى السياسية لواقع عجزها عن اجتراح أي حل للشغور في سُدة الرئاسة الأولى، بل ما حصل أنها باتت تنظر إلى أية إشارة أو حركة خارجية على أنها «خشبة خلاص» تنقذها من المأزق الذي تتخبط فيه منذ مطلع ديسمبر (كانون الأول) الماضي. وللعلم، يدعو البطريرك الماروني بشارة الراعي، منذ مدة، لـ«تدويل» الأزمة اللبنانية، بعدما طالب، في ديسمبر 2022، بـ«التوجه للأمم المتحدة ودول القرار لإنقاذ لبنان قبل فوات الأوان»، معتبراً أنه «لا مناص من تدويل القضية اللبنانية بعد فشل الحلول الداخلية»، وكرّر هذه الدعوة قبل أيام، إذ قال: «أنا دعوت إلى عقد مؤتمر دولي خاص بلبنان يطرح القضايا الأساسية؛ وذلك بسبب عجز المسؤولين اللبنانيين عن التحاور لإيجاد حل لبلد يتفتت وشعب يهاجر. لا يحق للمسؤولين تدمير دولة وشعب من خلال تدمير النظام والدستور». عودة إلى جلسة البرلمان الـ12، لم تكن هذه المرة الأولى التي يُشرع الساسة اللبنانيون أبواب بلدهم أمام التدخلات الخارجية، إذ إنهم عند كل استحقاق أساسي ينقسمون، ويبدأ «شد الحبال» إلى أن يستخدم أحد أطراف الصراع ورقة التعطيل، وبهذا يُدخل البلد معه في دوامة من الفراغ الذي أدى مع مرور السنوات إلى تفكك المؤسسات وتحلّلها.

بعد «اتفاق الطائف»، الذي أنهى الحرب الأهلية اللبنانية عام 1989... بقي لبنان تحت «الوصاية السورية» حتى خروج الجيش السوري من البلد عام 2005.

حينذاك، كانت القيادة في دمشق الآمرة الناهية في كل الاستحقاقات وعند أي خلاف. وبعدها، دخل لبنان في إشكالات مختلفة، ما استدعى وساطات خارجية انتهت عام 2008 بتوقيع «اتفاق» في العاصمة القطرية الدوحة وضع حداً لأزمة سياسية أمنية استغرقت 18 شهراً وكادت تفجّر حرباً أهلية جديدة.

غير أن أجواء التفاهم التي أرساها «اتفاق الدوحة» لم تعمر طويلاً، فقد عادت الخلافات والصراعات بين القوى اللبنانية، ما عطّل الحياة السياسية في لبنان أشهراً وسنوات، أبرزها الفترة بعد انتهاء ولاية الرئيس ميشال سليمان.

يومذاك، لم يكن للخارج دور أساسي يلعبه في إنهاء الشغور الرئاسي الذي استمر سنتين ونصف السنة. وللعلم، طال الشغور نتيجة تمسّك حزب الله بمرشحه الزعيم المسيحي العماد ميشال عون، غير أن الأزمات المتلاحقة التي عصفت بعهد عون - وأبرزها الانهيار المالي والاقتصادي - استدعت طلب لبنان النجدة الخارجية، التي لم تأت بعدُ، بل باتت مشروطة بإقرار المسؤولين الإصلاحات المطلوبة.

حتى الساعة، ورغم مرور نحو 3 سنوات ونصف السنة على الانهيار المالي، لم يضع لبنان أية خطة للنهوض. ومع تحوّل الحكومة الحالية لتصريف الأعمال وشغور سُدة الرئاسة، بات كل شيء مجمّداً ومرتبطاً بانتخاب رئيس ليعود انتظام العمل بالمؤسسات ويعود مجلس الوزراء فاعلاً وقادراً على صياغة الخطط وتنفيذها.

أين المبادرة الفرنسية؟ لقد فشلت كل المساعي والمبادرات الداخلية، طوال الأشهر الـ8 الماضية، في حل أزمة الرئاسة، علماً بأنه، في هذا الوقت رُصد أكثر من مبادرة خارجية أيضاً، أبرزها «المبادرة الفرنسية» التي قالت بانتخاب رئيس تيار «المَرَدة» سليمان فرنجية رئيساً للجمهورية، مقابل تعيين السفير نواف سلام رئيساً للحكومة. ثم هناك «المبادرة القطرية» غير المعلَنة، التي قيل إنها تسوّق لانتخاب قائد الجيش العماد جوزيف عون رئيساً.

الفرنسيون يسعون الآن لـ«تنشيط» مبادرتهم، التي كانت قد طُرحت بتفاهم إيراني فرنسي، لكنها لم تجد طريقها للتنفيذ بصيغتها السابقة في ظل رفض كتل نيابية بارزة، أبرزها الكتل المسيحية الكبيرة، القبول بترشيح فرنجية، مرشح «الثنائي الشيعي» المتمثل بحركة «أمل»، وحزب الله.

وبينما يجزم نواب معارضون التقوا المبعوث الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان، خلال زيارته العاصمة بيروت، الأسبوع الماضي، بأنهم استخلصوا من كلامه أن «المبادرة الفرنسية» السابقة صارت من الماضي، تؤكد مصادر «الثنائي الشيعي» أن «المبادرة الفرنسية لا تزال قائمة، وإن كانت مجمدة راهناً بانتظار آلية جديدة لتحريكها، وهو ما فهمناه من لودريان، وما أبلغنا إياه في آن، وبالتحديد لجهة تمسكنا بترشيح فرنجية».

وفي حين يقول «الثنائي»، المتمثل بـ«حزب الله» وحركة «أمل»، إن المَخرج من الاستعصاء، الذي وصل إليه الملف الرئاسي، «يكون بالحوار»، يرفض القسم الأكبر من المعارضة مبدأ الجلوس إلى «طاولة حوار موسعة» مع حزب الله قبل تنازله عن مرشحه سليمان فرنجية. ووفق هؤلاء المعارضين، فإن «الحوار» الذي يريده الحزب هو لمحاولة إقناع بقية القوى أو قسم منها بالسير بفرنجية... وهو ما يرفضونه جملة وتفصيلاً.

من ناحية أخرى، بدا لافتاً ما ورد أخيراً على لسان رئيس كتلة حزب الله النيابية النائب محمد رعد، الذي قال: «نعترف بأنه لا نحن نستطيع أن نأتي بمرشّح من دون تعاونهم، ولا هم يستطيعون أن يأتوا بمرشّحهم من دون تعاوننا». ورأى، من ثم، أن «الحل بأن نأتي ونجلس ونتفاهم ونُقنع بعضنا بعضاً و(صحتين على قلب اللي بيطلع) بالتوافق والتفاهم».

إلا أن الفُرقاء اللبنانيين كافة ينتظرون ما سيعود به لودريان، منتصف يوليو (تموز) الحالي، بعدما بدا في زيارته الأولى مستمعاً. وتُعوِّل القوى الداخلية على الدور الفرنسي، بالتنسيق والتعاون مع المملكة العربية السعودية، لإخراج الملف الرئاسي من عنق الزجاجة... بعدما فشلت، حتى الساعة، مساعي «اللجنة الدولية الخماسية (الولايات المتحدة وفرنسا والمملكة العربية السعودية ومصر وقطر)»، المهتمة بالشأن اللبناني في إحداث أي خرق بجدار الأزمة.

تاريخ طويل من التدويلفي الحقيقة، يُجمع معظم الخبراء ومتابعي الملف اللبناني عن كثب على أن الملف «مُدوَّل» أصلاً، وانتخاب رئيس للجمهورية طالما كان يحصل بتدخل خارجي. بريجيت خير، الدبلوماسية السابقة في الأمم المتحدة، تقول إنه «منذ الحرب اللبنانية والاحتلال السوري والانتخابات الرئاسية مُدوَّلة، خصوصاً من خلال تدخل النظام السوري لفرض الرؤساء فرضاً، وحين انتُخب الرئيسان السياديان رينيه معوض وبشير الجميّل اغتيلا».

وتعتبر خير، في تصريح، لـ«الشرق الأوسط»، أنه «منذ عام 1975 حتى اليوم لم تجرِ انتخابات رئاسية بشكل طبيعي، أي من خلال تحويل المجلس النيابي (هيئة ناخبة)، وفتح دورات متتالية حتى انتخاب رئيس»، لافتة إلى أنه «خلال السنوات الـ15 الماضية ذهبت 3 سنوات هدراً نتيجة الفراغ الرئاسي»، إلا أن خير تبدو متفائلة بـ«قدرة القوى السيادية، في ظل التوازنات البرلمانية الحالية القائمة، في حال ظلّت متكاتفة، على مواجهة حزب الله ومنعه من فرض الرئيس الذي يريده». وتُشدد على «وجوب أن يكون موقع الرئاسة من نصيب السياديين، باعتبار أن لدى حزب الله وحلفائه رئيس برلمان محسوباً عليهم، كما أنهم يضغطون لفرض رئيس الحكومة الذي يريدون».

ومن ثم ترى خير أن «فشل المبادرة الفرنسية مردُّه أن الفرنسيين أصغوا، منذ البداية، لفريق واحد، وأخطأوا بالانطلاق مع الأزمة على قاعدة أن أي رئيس أفضل من الفراغ، لكننا نعتبر الفراغ أسهل من أن يمسك حزب الله مجدداً بالرئاسات الـ3، وتكرار التجربة التي عشناها في عهد عون».

خضة أمنية تسبق الانتخاب!أما الدكتور سامي نادر، مدير «معهد الشرق الأوسط للشؤون الاستراتيجية»، فيردّ: «خروج الانتخابات الرئاسية من الإطار اللبناني إلى وجود مَن يضع يده على المؤسسات ويفرض قراءته الخاصة للدستور، وهو الفريق المتمثل بـ(الثنائي الشيعي) الممسك بالسلاح وبمفتاح مجلس النواب في آن، ولديه امتداد خارجي وعلاقة بنيوية مع إيران».

ويعتبر نادر، في تصريح، لـ«الشرق الأوسط»، أنه «في مواجهة هذا الواقع، هناك الفريق الآخر الذي يرفض الانصياع... ما يجعلنا في أزمة نظام ننتظر مبادرات الخارج... علماً بأن الانتظار في نهاية المطاف هو نوع من أنواع الموت». ويتابع: «منذ عام 1970 ونحن ننتظر المندوبين مستسلمين، لعجزنا عن إنتاج حل داخلي بسبب سطوة السلاح والتلطي وراء الميثاقية».

أما الدكتور هلال خشّان، أستاذ العلوم السياسية في الجامعة الأميركية ببيروت، فقال، لـ«الشرق الأوسط»، إن «اللبنانيين فقدوا منذ مدة المبادرة والقرار بالملف الرئاسي، كما أنه بتبني حزب الله ترشيح فرنجية... يكون بذلك عملياً هو مرشح إيران باعتبار أن الحزب الواقع منظمة إقليمية»، ثم أوضح أن «توازن القوى الحالي في لبنان لا يسمح لإيران بفرض مرشحها، كما لا يسمح للفريق الآخر بذلك». لذا يتوقع خشان ألا يُنجز انتخاب رئيس «إلا بعد خضة كبيرة، مع ترجيح أن تكون ضربة إسرائيلية، يُصار بعدها إلى انتخاب قائد الجيش العماد جوزيف عون رئيساً للبلاد». ووفق خشّان: «تشعر إسرائيل بأن حزب الله يضعف، وهي تنتظر أن يرتكب خطأ صغيراً لشن حرب هدفها إضعافه، باعتبارها تعد منذ مدة للخيار العسكري».

صيف بلا رئيسفي هذه الأثناء، يقول أحد نواب «التغيير»، لـ«الشرق الأوسط»، إن «المعطيات الراهنة لا توحي بإمكانية تراجع حزب الله قريباً عن مرشحه، رغم علمه بأن حظوظه قد تكون وفق الظروف الحالية شبه معدومة». ويلفت إلى أن «الثنائي الشيعي يراهن على مستجدات إقليمية ودولية تخدم مصالحه وتُعبّد طريق فرنجية إلى بعبدا، وهو يعتقد أن الكتلة الوسطية التي رفضت أن تُصوّت لفرنجية أو للوزير السابق جهاد أزعور، خلال جلسة الانتخاب الأخيرة، قد تُراجع خياراتها، في حال شعرت بأن هناك أجواء خارجية جديدة لمصلحة حزب الله». ويضيف: «لكن، حتى لو حصل ذلك، فإن موقف الكتلتين المسيحيتين الرئيستين الرافض لفرنجية يجعل انتخابه رغم إرادة الأكثرية المسيحية النيابية أمراً مستبعداً تماماً، إلا إذا كان هناك قرار كبير بضرب ما تبقّى من دور ووجود مسيحي في هذا البلد».

ثم يشير المصدر إلى أن «تقاطع قوى المعارضة - التيار الوطني الحر لا يبدو هو الآخر متحمساً لتقديم أي تنازلات في هذا الملف، لعلمه بأن خريطة التوازنات الحالية لا تسمح لحزب الله بفرض مرشحه، وبأن ما كان عليه الوضع عام 2016 - حين مرشحه عون - هو غيره اليوم»... سواءً لجهة أنه لا يمتلك الأكثرية النيابية المطلوبة لانتخاب فرنجية، أو لجهة أن الغطاء المسيحي الذي يتمتع به مرشحه هشّ، في ظل تشدّد «التيار الوطني الحر (العونيون)»، و«القوات اللبنانية» في رفض السير به.

هذا، ويعتبر تقاطع «الوطني الحر» - المعارضة أنه، اليوم، في موقع قوة، بعد نجاح مرشحه أزعور بالحصول على 59 صوتاً في جلسة الانتخاب الأخيرة، مقابل 51 صوتاً لفرنجية. بالمقابل، يشيع «الثنائي الشيعي» أن هذا التقاطع «فرط» فور انتهاء الجلسة 12 لانتخاب رئيس، ويؤكد أن الدعوة لأية جلسة ستؤدي لنتائج مغايرة، وإن كانت لن تؤدي لانتخاب فرنجية.

وتربط أحزاب المعارضة، ومعها «العونيون» التراجع عن مرشحهم بتراجع «الثنائي الشيعي» عن فرنجية، وهذا ما لا يبدو حاصلاً قريباً، إذ تؤكد مصادر مطّلعة عن كثب على الملف، أن «رئيس المجلس النيابي نبيه برّي لن يدعو لجلسة جديدة لانتخاب رئيس، في حال لم تتوافر معطيات جديدة تؤدي لنتائج مختلفة عن النتيجة الأخيرة التي لا تسمح بالخروج من حالة الاستعصاء الحالية». وتضيف المصادر نفسها: «بات مستبعَداً جداً حدوث أي خرق يُذكَر في جدار الأزمة قبل نهاية الصيف، علماً بأن هناك من يتحدث عن خط أحمر لا يبدو أن هناك أحداً مستعدّاً لتجاوزه وهو نهاية العام الحالي».

وترجح المصادر أن تكون ورقتا فرنجية وأزعور قد احترقتا حتى حينه، لتتقدم حظوظ مرشح ثالث إما أن يكون قائد الجيش جوزيف عون، أو أن يكون مرشحاً وسطياً كالوزير السابق زياد بارود، والوزير السابق ناجي البستاني، والوزير السابق ناصيف حتي، أو سواهم.

مجموعة مبادرات داخلية لم تصل إلى نتيجة

> منذ شغور سُدة الرئاسة اللبنانية، في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، سارع عدد من الفرقاء السياسيين في الداخل اللبناني لإعداد مبادرات تقرِّب وجهات النظر بين القوى المختلفة؛ لحثِّها على التفاهم على اسم رئيس يشكل نقطة تقاطع بينها.

بعض هذه المبادرات اتخذ بُعداً وطنياً، بينما اتخذ بعضها الآخر بُعداً مسيحياً لاعتبار عدد من المرجعيات أن الكلمة الفصل في هذا الملف يجب أن تكون للمسيحيين، كما هي الكلمة الفصل بانتخابات رئيس للمجلس النيابي للشيعة، والكلمة الفصل في تعيين رئيس للحكومة للسنّة.

أما أبرز المبادرات الداخلية لحل الأزمة الرئاسية فهي:

- «مبادرة الإنقاذ الرئاسية» التي أطلقها نواب «التغيير»، مطلع شهر سبتمبر (أيلول) الماضي. ولحظت وثيقة المبادرة أربعة أجزاء: الرؤية، والمقاربة، والمعايير، والمبادرة. ولقد جال نواب «التغيير» بمبادرتهم على الكتل السياسية، لكن أي خرق لم يسجل في جدار الأزمة؛ لأن الأسماء التي طُرحت لم تلقَ إجماعاً، حتى إنها أدت إلى انقسام تكتل التغييريين النيابي، على خلفية تأييد كل مجموعة من النواب مرشحاً مختلفاً عن المجموعة الأخرى.

- في أكتوبر الماضي أطلق «التيار الوطني الحر» ما عُرف بـ«ورقة الأولويات الرئاسية» التي جال بها على قسم كبير من القوى السياسية. لكن خلافات رئيس «التيار» مع قسم كبير من هذه القوى جعل تقبّلهم لما يطرحه صعباً جداً، حتى إن «القوات اللبنانية» لم توافق على لقاء وفد «التيار»، الذي لم يكن يطرح أصلاً أسماء، بل ما هو أشبه ببرنامج رئاسي اعتبر أن التفاهم عليه يسهل التفاهم على اسم رئيس.

- طرح النائب الدكتور غسان سكاف أكثر من مبادرة جال بها على القوى، لكنها أيضاً لم تصل إلى نتيجة.

- في فبراير (شباط) الماضي، جال المطران أنطوان بونجم، راعي أبرشيّة أنطلياس المارونيّة، على القوى المسيحية، بمبادرة ببركة البطريرك الماروني بشارة الراعي؛ لتقريب وجهات النظر بينهم. إلا أن جهوده باءت بالفشل، خصوصاً في ظل رفض القسم الأكبر منهم الجلوس إلى طاولة حوار مسيحي مسيحي في بكركي، على غرار ما حصل في الاستحقاق الرئاسي الماضي، وهو ما دفع الراعي إلى الدعوة لخلوة روحية بدل حوار بين القادة المسيحيين للتفاهم على مقاربة واحدة للملف الرئاسي.

- وأخيراً، نجحت جهود حزب «الكتائب اللبنانية» بتحقيق تقاطع بين قوى المعارضة و«التيار الوطني الحر» أدى لترشيحهم الوزير السابق جهاد أزعور، وهو ترشيح رفضه «الثنائي الشيعي» وحلفاؤه بحجة أن أزعور «مرشح تحدٍّ».

بناءً عليه، ترى مصادر مواكبة للملف الرئاسي أن «أي مبادرة داخلية سيكون مصيرها الفشل، ما دام الانقسام عمودياً في البلد، وما دام حزب الله رغم المناداة بالحوار يريده حصراً لإقناع بقية القوى بانتخاب مرشحه».

وتضيف، لـ«الشرق الأوسط» أنه «في حال بقي الانقسام على حاله، فحتى المبادرات الخارجية سيكون مصيرها الفشل، ما قد يؤدي بالبلاد والعباد في نهاية المطاف إلى إعادة نظر بالنظام القائم من خلال تعديله أو تغييره».

الفرنسيون يسعون الآن لـ«تنشيط» مبادرتهم التي طُرحت بتفاهم إيراني ـ فرنسي


مقالات ذات صلة

"تايم "تختار دونالد ترمب شخصية العام 2024

الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أ.ب)

"تايم "تختار دونالد ترمب شخصية العام 2024

اختارت مجلة تايم الأميركية دونالد ترمب الذي انتخب لولاية ثانية على رأس الولايات المتحدة شخصية العام 2024.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
حصاد الأسبوع شاحنات ومعدّات عسكرية عراقية تتحرك عند الحدود مع سوريا (آ ف ب)

الحدود العراقية ــ السورية... وذكريات صيف 2014

شأن معظم دول المنطقة والإقليم، تسببت الأزمة السورية المتصاعدة في تراجع الاهتمام الرسمي والشعبي العراقي بالحرب التي تشنّها إسرائيل على غزة ولبنان، بعد أن كانت

فاضل النشمي (بغداد)
حصاد الأسبوع ليندنر اختلف مع سياسة ميركل المتعلقة بالهجرة وفتحها أبواب ألمانيا أمام مئات آلاف اللاجئين السوريين

كريستيان ليندنر... الزعيم الليبرالي الذي أسقط عزله الحكومة الألمانية

رجل واحد حمله المستشار الألماني أولاف شولتس مسؤولية انهيار حكومته، وما نتج عن ذلك من فوضى سياسية دخلت فيها ألمانيا بينما هي بأمس الحاجة للاستقرار وتهدئة

راغدة بهنام ( برلين)
حصاد الأسبوع شيل

ألمانيا... الحزب الديمقراطي الحر «شريك الحكم» شبه الدائم

مع أن «الحزب الديمقراطي الحر»، الذي يعرف في ألمانيا بـ«الحزب الليبرالي»، حزب صغير نسبياً، مقارنةً بالقطبين الكبيرين «الاتحاد الديمقراطي المسيحي» (المحافظ)

«الشرق الأوسط» (برلين)
حصاد الأسبوع لقاء ترمب وبوتين على هامش "قمة العشرين" عام 2017 (آ ف ب)

موسكو تترقّب إدارة ترمب... وتركيزها على سوريا والعلاقة مع إيران

لم تُخفِ موسكو ارتياحها للهزيمة القاسية التي مُنيت بها الإدارة الديمقراطية في الولايات المتحدة. إذ في عهد الرئيس جو بايدن تدهورت العلاقات بين البلدين إلى أسوأ

رائد جبر (موسكو)

الحدود العراقية ــ السورية... وذكريات صيف 2014

شاحنات ومعدّات عسكرية عراقية تتحرك عند الحدود مع سوريا (آ ف ب)
شاحنات ومعدّات عسكرية عراقية تتحرك عند الحدود مع سوريا (آ ف ب)
TT

الحدود العراقية ــ السورية... وذكريات صيف 2014

شاحنات ومعدّات عسكرية عراقية تتحرك عند الحدود مع سوريا (آ ف ب)
شاحنات ومعدّات عسكرية عراقية تتحرك عند الحدود مع سوريا (آ ف ب)

شأن معظم دول المنطقة والإقليم، تسببت الأزمة السورية المتصاعدة في تراجع الاهتمام الرسمي والشعبي العراقي بالحرب التي تشنّها إسرائيل على غزة ولبنان، بعد أن كانت تحظى بأولوية قصوى، خصوصاً بعد التهديدات الإسرائيلية بتوجيه ضربات عسكرية ضد الفصائل المسلحة العراقية التي استهدفتها بأكثر من 200 هجمة صاروخية خلال الأشهر الماضية. وأظهر رئيس الوزراء محمد شيّاع السوداني، موقفاً داعماً للحكومة السورية في ظروفها الحالية منذ اليوم الأول للهجوم الذي شنَّته الفصائل السورية المسلحة وتمكّنت من السيطرة على محافظة حلب ومدن أخرى، إذ أجرى اتصالاً بالرئيس السوري بشار الأسد وكذلك الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان، وأكد دعمه لدمشق.

أعلن رئيس الحكومة العراقي محمد شيّاع السوداني، يوم الثلاثاء الماضي، موقفاً أكثر وضوحاً بالنسبة لدعم نظام دمشق، وذلك خلال اتصال - مماثل لاتصاليه مع القيادتين السورية والإيرانية - أجراه مع الرئيس التركي رجب طيب إردوغان.

ومما قاله السوداني إن «العراق لن يقف متفرجاً على التداعيات الخطيرة الحاصلة في سوريا، خصوصاً عمليات التطهير العرقي للمكوّنات والمذاهب هناك»، طبقاً لبيان حكومي.

كذلك شدّد الزعيم العراقي على أنه سبق لبلاده أن «تضرّرت من الإرهاب ونتائج سيطرة التنظيمات المتطرّفة على مناطق في سوريا، ولن يُسمَح بتكرار ذلك»، مؤكداً «أهمية احترام وحدة سوريا وسيادتها، وأن العراق سيبذل كل الجهود من أجل الحفاظ على أمنه وأمن سوريا».

محمد شياع السوداني (آ ف ب)

السوداني كان قد انهمك بسلسلة اتصالات خلال الأيام القليلة الماضية مع عدد من قادة الدول، بخصوص الوضع في سوريا؛ من «أجل دعم الاستقرار في المنطقة، وعدم حصول أي تداعيات فيها، خصوصاً مع ما تشهده من حرب إجرامية صهيونية مستمرة منذ أكثر من عام» بحسب بيان حكومي.

وأظهرت قوى «الإطار التنسيقي» الشيعية موقفاً مماثلاً وداعماً لحكومة السوداني في مواقفها حيال سوريا، لكنها أعربت خلال اجتماع، الثلاثاء الماضي أيضاً، عن قلقها جراء الأوضاع في سوريا بعد «احتلال الإرهابيين مناطق مهمة» طبقاً لبيان صدر عن الاجتماع. وعدّت «أمن سوريا امتداداً للأمن القومي العراقي للجوار الجغرافي بين البلدين، والامتدادات المختلفة لذلك الجوار».

الحدود المشتركة مؤمّنة

للعلم، مع الشرارة الأولى لاندلاع الأزمة السورية، اتخذت السلطات العراقية على المستوى الأمني إجراءات عديدة «لتأمين» حدودها الممتدة لأكثر من 600 كيلومتر مع سوريا. وصدرت بيانات كثيرة حول جاهزية القوات العراقية وقدرتها على التصدّي لأي محاولة توغّل داخل الأراضي العراقية من قبل الفصائل المسلحة من الجانب السوري، مثلما حدث صيف عام 2014، حين تمكَّنت تلك الجماعات من كسر الحدود المشتركة والسيطرة على مساحات واسعة من العراق.

اللواء يحيى رسول، الناطق باسم القائد العام للقوات المسلحة العراقية، أوضح (الثلاثاء) أبرز الإجراءات المُتَّخذة لتحصين الحدود مع سوريا. وقال في تصريحات صحافية إن «الحدود مؤمَنة ومُحكمة بشكل كبير من تحكيمات وتحصينات، وهناك وجود لقوات الحدود على خط الصفر الذي يربطنا مع الجارة سوريا مدعومة بالأسلحة الساندة والجهد الفني، المتمثل بالكاميرات الحرارية وأبراج المراقبة المحصّنة». وأضاف رسول: «لا خوف على الحدود العراقية، فهي مؤمّنة ومحكمة ومحصّنة، وأبطالنا منتشرون على طولها»، مشيراً إلى أنه «تم تعزيز الحدود بقطاعات من الألوية المدرعة وهي موجودة أيضاً عند الحدود».

أيضاً، وصل وفد أمني برئاسة الفريق أول قوات خاصة الركن عبد الأمير رشيد يارالله، رئيس أركان الجيش، يوم الأربعاء، إلى الشريط الحدودي العراقي - السوري. وذكر بيان عسكري أن «هدف الزيارة جاء لمتابعة انتشار القطعات الأمنية وانفتاح خطوط الصد».

غموض في الموقف

إلا أنه حتى مع المواقف الحكومية الداعمة لدمشق في أزمتها الراهنة، يبدو جلياً «الالتباس» بالنسبة لكثرة من المراقبين، وبالأخص لجهة شكل ذلك الدعم وطبيعته، وما إذا كانت السلطات الحكومية العراقية ستنخرط بقوة لمساعدة نظام الأسد عسكرياً، أم أنها ستبقى عند منطقة الدعم السياسي والدبلوماسي، تاركة أمر الانخراط والمساعدة الميدانية للفصائل المسلحة.

وهنا يلاحظ إياد العنبر، أستاذ العلوم السياسية في جامعة بغداد، وجود «التباس واضح حيال الموقف من الحدث السوري، وهذا الالتباس نختبره منذ سنوات، وليس هناك تمييز واضح بين العراق الرسمي وغير الرسمي». وتابع العنبر لـ«الشرق الأوسط» أن «مستويات تفعيل المساهمة العراقية في الحرب غير واضحة، وإذا ما قررت الحكومة البقاء على المستوى الدبلوماسي بالنسبة لقضة دعم سوريا، أم أن هناك مشاركة عسكرية».

غير أن إحسان الشمري، أستاذ الدراسات الاستراتيجية والدولية في جامعة بغداد، يعتقد بأن «العراق الرسمي عبَر عتبة التردّد، وبات منخرطاً في الأزمة السورية». وفي لقاء مع «الشرق الأوسط» بنى الشمري فرضيته على مجمل المواقف الرسمية التي صدرت عن رئيس الوزراء، والناطق الرسمي، وزعماء «الإطار التنسيقي»، وشرح قائلاً إن «هذه المواقف بمجملها كسرت مبدأ الحياد وعدم التدخل في شؤون الدول الأخرى الذي يتمسّك به العراق، إلى جانب كونها انخراطاً رسمياً عراقياً بالأزمة السورية».

نتنياهو غير مضمون

ولكن، بعيداً عن الانشغال الراهن بالأزمة السورية، ما زالت التهديدات الإسرائيلية بين أهم القضايا التي تشغل الرأي العام ببعدَيه السياسي والشعبي. وحتى مع الترحيب العراقي بقرار وقف إطلاق النار بين إسرائيل و«حزب الله»، ما زالت مخاوف البلاد من ضربة إسرائيلية محتملة قائمةً.

ولقد قال الناطق باسم الحكومة باسم العوادي، الأربعاء قبل الماضي، في تصريحات صحافية، إنه «مع عملية وقف إطلاق النار في لبنان، نحن أنهينا الجزء الأسهل، فالمعركة انتهت والحرب لم تنتهِ، فالأصعب أنك ستدخل بالمخططات غير المعلومة. ونحن (العراق) واقعون في المنطقة الحرام، لكن السياسة العقلانية المتوازنة استطاعت أن تجنبنا الضرر».

وأجاب، من ثم، عن طبيعة الرد العراقي إذا ما هاجمت إسرائيل أراضيه، بالقول: «إلى حد أيام قليلة كانت تأتي نتائج جيدة من المعادلات التي اشتغل عليها رئيس الوزراء، لكن رغم ذلك فلا أحد يضمن ما الذي يدور في بال حكومة نتنياهو، وما هو القادم مع الإدارة الأميركية الجديدة، وكيف سيتصرف نتنياهو».

وتابع العوادي، أن «الإسرائيليين عملوا على تفكيك الساحات، وتوجيه ضربات إلى اليمن وسوريا، لكن الطرف العراقي هو الوحيد الذي لم يستطيعوا الوصول إليه بفضل المعادلة... وقد يكونون وضعونا للحظات الأخيرة أو الأيام الأخيرة بنوع ما، وهذا وارد جداً، وتتعامل الحكومة العراقية مع ذلك».

شبح هجوم إسرائيلي

وحقاً، لا يزال شبح هجوم إسرائيلي واسع يخيم على بغداد، إذ تناقلت أوساط حزبية تحذيرات جدية من شنِّ ضربات جوية على العراق. وفي وقت سابق، قال مصدر مقرّب من قوى «الإطار التنسيقي» الشيعية، لـ«الشرق الأوسط»، إنَّ «مخاوف الأحزاب الشيعية من جدية التهديد دفعتها إلى مطالبة رئيس الحكومة للقيام بما يلزم لمنع الهجمات». وأكَّد المصدر أنَّ «فصائل عراقية مسلّحة لجأت أخيراً إلى التحرك في أجواء من التكتم والسرية، وقد جرى بشكل مؤكد إبدال معظم المواقع العسكرية التابعة لها».

وفي سياق متصل، تتحدَّث مصادر صحافية عمَّا وصفتها بـ«التقديرات الحكومية» التي تشير إلى إمكانية تعرّض البلاد لـ«300 هجوم إسرائيلي». وفي مطلع الأسبوع الماضي، شدَّدت وزارة الخارجية العراقية، في رسالة إلى مجلس الأمن، على أهمية «تدخل المجتمع الدولي لوقف هذه السلوكيات العدوانية لإسرائيل».

كما أنَّه حيال التهديدات الجدية والخشية الحقيقية من عمل عسكري إسرائيل ضد البلاد، اهتدت بعض الشخصيات والأجواء المقرّبة من الحكومة والفصائل إلى «رمي الكرة» في الملعب الأميركي، مستندين بذلك إلى اتفاقية «الإطار الاستراتيجي» المُوقَّعة منذ عام 2011، بين بغداد وواشنطن، وهو العام الذي خرجت فيه القوات الأميركية من العراق.

التهديدات الإسرائيلية من أهم القضايا التي تشغل الرأي العام العراقي

هادي العامري (رووداو)

العامري يلوم واشنطن

أيضاً، وجد هادي العامري، زعيم منظمة «بدر»، بنهاية أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، الفرصة ليحمّل واشنطن مسؤولية حماية الأجواء العراقية، بعدما شنَّت إسرائيل هجوماً عسكرياً ضد إيران، مستخدمةً الأجواء العراقية في هجماتها. ويومذاك، حمّل العامري الجانب الأميركي «المسؤولية الكاملة» على انتهاك إسرائيل سيادة الأجواء العراقية في طريقها لضرب إيران. وقال، إن «الجانب الأميركي أثبت مجدّداً إصراره على الهيمنة على الأجواء العراقية، وعمله بالضد من مصالح العراق وشعبه وسيادته، بل سعيه لخدمة الكيان الصهيوني وإمداده بكل ما يحتاج إليه لممارسة أساليبه العدوانية، وتهديده للسلام والاستقرار في المنطقة».

وأضاف العامري: «لهذا باتت الحاجة ماسة أكثر من أي وقت مضى لإنهاء الوجود العسكري الأميركي في العراق بأشكاله كافة». وللعلم، فإن منظمة «بدر» - التي يقودها العامري - وردت ضمن لائحة المنظمات التي اتهمتها إسرائيل بشنِّ هجمات ضدها خلال الشكوى التي قدمتها إلى مجلس الأمن في 18 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وبناءً على تصريحات العامري السالفة، وتصريحات أخرى لشخصيات مقرّبة من الفصائل المسلحة وقوى «الإطار التنسيقي» الشيعية، تبلورت خلال الأسبوع الأخير، قناعة داخل أوساط هذه القوى مفادها، بأن واشنطن «ملزمة وبشكل مباشر بحماية الأجواء العراقية» من أي هجوم محتمل من إسرائيل أو غيرها، أخذاً في الاعتبار الاتفاقية الاستراتيجية الموقعة و«سيطرتها على الأجواء العراقية».

وبالتوازي، سبق أن حمّل فادي الشمري، المستشار السياسي لرئيس الوزراء، الولايات المتحدة، أيضاً وفقاً لـ«اتفاقية الإطار الاستراتيجي والاتفاقية الأمنية»، مسؤولية «الردع، والرد على أي هجمات خارجية تمسّ الأمن الداخلي العراقي».

الرد الأميركي قاطع

في المقابل، تخلي واشنطن مسؤوليتها حيال هذا الأمر. ورداً على المزاعم العراقية المتعلقة بـ«الحماية الأميركية»، قالت ألينا رومانوسكي، السفيرة الأميركية في بغداد، صراحةً إن بلادها غير معنية بذلك. وأردفت رومانوسكي، خلال مقابلة تلفزيونية سابقة، أن التحالف الدولي دُعي إلى العراق لـ«محاربة (داعش) قبل 10 سنوات، وقد حققنا إنجازات على مستوى هزيمة هذا التنظيم، لكنه ما زال يمثل بعض التهديد، ودعوة الحكومة العراقية لنا تتعلق بهذا الجانب حصراً. أما اتفاقية الإطار الاستراتيجي فتلزمنا ببناء القدرات العسكرية العراقية، لكنها لا تتطرق لمسألة حماية الأجواء والدفاع بالنيابة». ونفت السفيرة أن تكون بلادها قد «فرضت سيطرتها على سماء العراق».

والاثنين قبل الماضي، قالت رومانوسكي، خلال لقاء «طاولة مستديرة» لعدد من وسائل الإعلام: «أود أن أكون واضحة جداً، ومنذ البداية، بأن الإسرائيليين وجّهوا تحذيرات ردع للميليشيات المدعومة إيرانياً والموجودة هنا في العراق، التي تعتدي على إسرائيل». وأضافت: «هذه الميليشيات هي التي بدأت الاعتداء على إسرائيل. ولأكون واضحة جداً في هذه النقطة، فإن الإسرائيليين حذّروا حكومة العراق بأن يوقف هذه الميليشيات عن اعتداءاتها المتكررة والمستمرة على إسرائيل... إن رسالتنا إلى حكومة العراق هي أن تسيطر على هذه الميليشيات المنفلتة، والتي لا تعتد بأوامر الحكومة وأوامر القائد العام للقوات المسلحة رئيس الوزراء. إن إسرائيل دولة لها سيادتها، وهي سترد على أي اعتداء من أي مكان ضدها».

جدعون ساعر (آ ف ب)

 

حقائق

قلق عراقي جدّي من التهديدات الإسرائيلية مع مطالبة واشنطن بالتدخّل

خلال الأسبوع قبل الماضي، بعث وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر رسالةً إلى مجلس الأمن تكلّم فيها عمّا أسماه بـ«حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها»، وحمّل فيها الحكومة العراقية المسؤولية عن الهجمات التي تشنها الفصائل العراقية عليها، داعياً مجلس الأمن للتحرك والتأكد من أن الحكومة العراقية تفي بالتزاماتها. ساعر اتّهم بالتحديد «عصائب أهل الحق» و«كتائب حزب الله» و«ألوية بدر» وحركة «النُّجباء» و«أنصار الله الأوفياء» و«كتائب سيد الشهداء»، بمهاجمة إسرائيل، ومعظم هذه الفصائل مشاركة في الحكومة العراقية الحالية ولها نفوذ كبير داخلها. هنا، تجدر الإشارة إلى أنه سبق لرئاسة الوزراء العراقية توجيه وزارة الخارجية لمتابعة ملف التهديدات الإسرائيلية في المحافل الأممية والدولية وأمام هيئات منظمة الأمم المتحدة، واتخاذ كل الخطوات اللازمة، وفق مبادئ القانون الدولي، لحفظ حقوق العراق وردع تهديدات إسرائيل العدوانية. كذلك طالبت رئاسة الوزراء بـ«دعوة جامعة الدول العربية إلى اتخاذ موقف حازم وموحّد ضد تهديدات سلطات الكيان المحتل، يتضمن إجراءات عملية تستند إلى وحدة المصير والدفاع المشترك». وهذا بجانب «مطالبة مجلس الأمن الدولي بالنظر في الشكاوى المقدمة من جمهورية العراق ضد سلطات الكيان المحتل، واتخاذ إجراءات رادعة تكفل تحقيق الاستقرار والسِّلم الإقليمي والدولي»، وباتخاذ الولايات المتحدة مع العراق، من خلال الحوارات الأمنية والعسكرية ضمن إطار القسم الثالث من «اتفاقية الإطار الاستراتيجي»، خطوات فعالة «لردع سلطات الكيان المحتل» مع دعوة «التحالف الدولي والدول الأعضاء فيه إلى كبح هذه التهديدات والحدّ من اتساع رقعة الحرب».