«فالج لا تعالج»... أزمة تسعير القمح تهدد رغيف الخبز السوري

سعر الحكومة السورية لشراء المحصول أثار استغراب المزارعين

مزارعون في أحد حقول القمح شمال شرقي سوريا (الشرق الأوسط)
مزارعون في أحد حقول القمح شمال شرقي سوريا (الشرق الأوسط)
TT

«فالج لا تعالج»... أزمة تسعير القمح تهدد رغيف الخبز السوري

مزارعون في أحد حقول القمح شمال شرقي سوريا (الشرق الأوسط)
مزارعون في أحد حقول القمح شمال شرقي سوريا (الشرق الأوسط)

أثار قرار الحكومة السورية بخصوص تسعيرة القمح استغراب مزارعين وحنقهم، فيما أفادت وسائل إعلام محلية بإجماع فروع الاتحاد العام للفلاحين في المحافظات على عدم عدالة التسعيرة. وفي وقت طالبت لجنة الزراعة العليا بإعادة النظر في التسعيرة ورفعها إلى 3 آلاف ليرة للكيلو الواحد حداً أدنى، حذّر رئيس مكتب التسويق والتصنيع في اتحاد الفلاحين أحمد هلال الخلف، «من عزوف الفلاحين في الموسم المقبل عن زراعة هذا المحصول الاستراتيجي واستبداله بزراعات توفر دخلاً أفضل لهم»، في احتجاج منهم على الأسعار التي يعدونها غير منصفة.

واختصر مزارع يتحدر من ريف حمص رأيه بالقرارات الحكومية الخاصة بشراء القمح لهذا العام بالمثل الشعبي «فالج لا تعالج»، مؤكداً خلال اتصال هاتفي عجزه عن فهم الغاية من «قرارات مجحفة بحق المزارع... سعر الحكومة للقمح والشعير لهذا العام أقل من سعر التكلفة». ويتناقض كلامه مع تأكيد الحكومة حين حددت سعر شراء كيلو القمح للعام الحالي بـ2800 ليرة سورية، وسعر كيلو الشعير بـ2200 ليرة، أنها «ضمنت للمزارع هامش ربح بنسبة 35 في المائة»، وأن هذه التسعيرة جاءت نتيجة «احتساب تكلفة الإنتاج الحقيقية في ظل الدعم المقدم للقطاع الزراعي من بذار ومحروقات وأسمدة».

وزيرة سابقة تنتقد

بدورها، انتقدت وزيرة الاقتصاد السابقة لمياء عاصي، عبر صفحتها على موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك»، سياسات الحكومة الزراعية، وقالت «إن الاستمرار بالاستيراد وعدم تشجيع المزارعين على زراعة القمح بات سياسة متبناة ودائمة لصالح المستوردين»، لافتة إلى أن الحكومة هذا العام أعادت تسعيرة القمح بأقل من الأسعار العالمية، ما يؤدي بالنتيجة إلى خفض نسبة الأراضي وكميات الإنتاج المسلمة للحكومة.

جانب من الحصاد في حقل قمح بسوريا (الشرق الأوسط)

وقالت مصادر اقتصادية في دمشق لـ«الشرق الأوسط»، إن سعر شراء كيلو القمح هذا الموسم أقل من الموسم الماضي قياساً إلى سعر صرف الليرة أمام الدولار (9200 ليرة) وتكلفة الإنتاج. وحددت الحكومة العام الماضي سعر شراء كيلو القمح بـ1700 ليرة مع إضافة 300 ليرة لمن يبيعها من خارج مناطق سيطرتها، أي بسعر ألفي ليرة، وكان سعر الصرف وقتذاك أقل من 4000 ليرة مقابل كل دولار أميركي، بينما حددت الحكومة سعر كيلو القمح بـ2800 ليرة في الموسم الحالي، علماً بأن الليرة خسرت كثيراً من قيمتها أمام الدولار هذا العام.

يُضاف إلى ذلك أن المزارعين يعانون أيضاً من ارتفاع في أسعار البذار والمبيدات والري وأجور العمالة، حيث إن الدعم الذي تقدمه الحكومة لا يغطي ربع الاحتياجات، كما يقول مزارعون، كما أن الدعم غالباً ما يأتي متأخراً.

دفع إلى السوق السوداء

وتوضح المصادر الاقتصادية ذاتها أن تكلفة إنتاج كيلو القمح تبلغ في الواقع بين 2500 ليرة و3200 ليرة، «ما يعني في أقل تقدير، واستناداً إلى سعر الصرف وتكلفة الإنتاج، أن التسعيرة يجب أن لا تقل عن 3500 ليرة حداً أدنى». وتتابع أن فرض سعر أقل من التكلفة «سيدفع بالإنتاج إلى السوق السوداء أو إلى التهريب خارج البلاد... وستضطر الحكومة لاستيراد القمح وشرائه بالعملة الصعبة».

يذكر أن المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة تحتاج سنوياً إلى مليوني طن من القمح، وكانت سوريا لغاية عام 2011 تنتج نحو 3.5 ملايين طن. ووصل إنتاج القمح في عموم المناطق السورية الموسم الماضي إلى مليون ونصف المليون طن، منها 500 ألف طن في مناطق سيطرة الحكومة، و200 ألف في مناطق المعارضة شمال غربي البلاد، و800 ألف طن في مناطق الإدارة الذاتية في الشمال الشرقي، ما اضطر حكومة دمشق إلى استيراد أكثر من مليون طن من القمح خلال العام الماضي، منها 500 ألف طن من روسيا. وأوكلت إلى القطاع الخاص مهمة استيراد القمح من دول أخرى.

ومع اندلاع الحرب وتضرر الزراعة، تراجع إنتاج القمح وتحوّلت سوريا من دولة مصدّرة للقمح إلى دولة مستوردة له. ومع أن إنتاج القمح تحسّن منذ عام 2018 إلا أنه ما زال لا يغطي الاحتياج، حيث تراجعت مساحة الأراضي المزروعة بالقمح للموسم الحالي بنسبة 20 في المائة عن العام الماضي، بسبب تأثير الجفاف على أكثر من 70 في المائة من المساحات المزروعة في مناطق نهر الفرات، وتضررت نحو 17 ألف دونم من محصولي القمح والشعير في دير الزور بسبب هطولات المطر الربيعية.

حقائق

الحرب أنهت «الاكتفاء الذاتي» لسوريا من قمحها

  • حافظت سوريا حتى سنة 2011 على الاكتفاء الذاتي في مادتي القمح والشعير.
  • على مستوى سوريا، كان يزرع حتى عام 2010 نحو 1.7 مليون هكتار.
  • متوسط إنتاج القمح خلال آخر 20 عاماً قبل الحرب (1990-2010) كان يزيد على 4 ملايين طن.
  • احتفظت سوريا بالمخزون الاستراتيجي حتى 2010 وكان يكفي لمدة عامين متتاليين.
  • شكّلت مساحة القمح المزروعة المروية على الآبار الجوفية نحو 43% من الأراضي.
  • المساحة الفعلية التي تعتمد على الأمطار الشتوية بلغت 57%.
  • في سنة 2006 سجلت سوريا أعلى رقم في إنتاج القمح بمقدار 4.9 ملايين طن.
  • عام 2021 سجلت البلاد أدنى منتج في القمح بعد عامين من الجفاف، وبلغ آنذاك نحو 100 ألف طن فقط.
  • مناطق الإدارة الذاتية (شمال شرق) مكتفية ذاتياً بمحصول القمح والشعير، وتحتاج إلى نصف مليون طن لتأمين الطحين وعلف الحيوانات والبذار، وتبيع الفائض للحكومة السورية.
  • مدينة إدلب (شمال غرب) وريف حلب الشمالي والغربي (مناطق العمليات التركية) غير مكتفية ذاتياً نظراً لوجود أكثر من 4 ملايين نسمة يعيشون هناك، تحتاج لأكثر من نصف مليون طن من القمح سنوياً.


مقالات ذات صلة

الأمم المتحدة: الغارات على تدمر هي «على الأرجح» الأسوأ في سوريا

المشرق العربي هاربون من الحرب بلبنان يعبرون منطقة المصنع التي استهدفتها إسرائيل (أ.ف.ب)

الأمم المتحدة: الغارات على تدمر هي «على الأرجح» الأسوأ في سوريا

قالت نجاة رشدي، نائبة المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى سوريا، أمام مجلس الأمن: «ازدادت الغارات الإسرائيلية في سوريا بشكل كبير، سواء من حيث الوتيرة أو النطاق».

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
خاص عدد كبير من المصريين يفضل المأكولات السورية (الشرق الأوسط)

خاص كيف أرضى السوريون ذائقة المصريين... وأثاروا قلقهم

تسبب الوجود السوري المتنامي بمصر في إطلاق حملات على مواقع التواصل الاجتماعي بين الحين والآخر تنتقد مشروعاتهم الاستثمارية.

فتحية الدخاخني (القاهرة )
المشرق العربي دخان الغارات في تدمر (متداولة)

ارتفاع حصيلة الغارات الإسرائيلية على تدمر إلى 79 قتيلاً موالياً لإيران

طائرات إسرائيلية استهدفت ثلاثة مواقع في تدمر، من بينها موقع اجتماع لفصائل إيرانية مع قياديين من حركة «النجباء» العراقية وقيادي من «حزب الله» اللبناني.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
المشرق العربي سكان يفرّون بعد غارة إسرائيلية استهدفت منطقة المصنع على الجانب اللبناني من المعبر الحدودي مع سوريا أمس (أ.ف.ب)

«المرصد السوري» يعلن ارتفاع عدد قتلى الهجوم الإسرائيلي على تدمر أمس إلى 79

ارتفع عدد قتلى الهجوم الذي شنّته إسرائيل، أمس، على مدينة تدمر في ريف حمص الشرقي بوسط البلاد إلى 79 قتيلاً.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
شؤون إقليمية الرئيس التركي رجب طيب إردوغان خلال مؤتمر صحافي في ختام مشاركته بقمة الـ20 بالبرازيل ليل الثلاثاء - الأربعاء (الرئاسة التركية)

تركيا تؤكد استعدادها لمرحلة «ما بعد أميركا في سوريا»

أكد الرئيس التركي رجب طيب إردوغان أن تركيا مستعدة للوضع الجديد الذي سيخلقه الانسحاب الأميركي من سوريا، وعازمة على جعل قضية الإرهاب هناك شيئاً من الماضي.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)

غزة... تاريخ من المواجهات والحروب قبل السابع من أكتوبر

TT

غزة... تاريخ من المواجهات والحروب قبل السابع من أكتوبر

مخيم نازحين في دير البلح عند شاطئ غزة (أرشيفية - أ.ب)
مخيم نازحين في دير البلح عند شاطئ غزة (أرشيفية - أ.ب)

في المنطقة الجنوبية من الساحل الفلسطيني على البحر المتوسط، على مساحة لا تزيد على 360 كيلومتراً مربعاً، بطول 41 كم، وعرض يتراوح بين 5 و15 كم، يعيش في قطاع غزة نحو مليوني نسمة، ما يجعل القطاع البقعة الأكثر كثافة سكانية في العالم.

تبلغ نسبة الكثافة وفقاً لأرقام حديثة أكثر من 27 ألف ساكن في الكيلومتر المربع الواحد، أما في المخيمات فترتفع الكثافة السكانية إلى حدود 56 ألف ساكن تقريباً بالكيلومتر المربع.

تأتي تسمية القطاع «قطاع غزة» نسبة لأكبر مدنه، غزة، التي تعود مشكلة إسرائيل معها إلى ما قبل احتلالها في عام 1967، عندما كانت تحت الحكم المصري.

فقد تردد ديفيد بن غوريون، أول رئيس وزراء لإسرائيل، في احتلال القطاع بعد حرب 1948، قبل أن يعود بعد 7 سنوات، في أثناء حملة سيناء، لاحتلاله لكن بشكل لم يدُم طويلاً، ثم عاد واحتله وزير الدفاع الإسرائيلي موشيه ديان عام 1967.

خيام النازحين الفلسطينيين على شاطئ دير البلح وسط قطاع غزة الأربعاء (إ.ب.أ)

في عام 1987، أطلق قطاع غزة شرارة الانتفاضة الشعبية الأولى، وغدا مصدر إزعاج كبيراً لإسرائيل لدرجة أن رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق، إسحاق رابين، تمنى لو يصحو يوماً ويجد غزة وقد غرقت في البحر.

لكن غزة لم تغرق كما يشتهي رابين، ورمتها إسرائيل في حضن السلطة الفلسطينية عام 1994 على أمل أن تتحول هذه السلطة إلى شرطي حدود. لكن هذا كان أيضاً بمثابة وهم جديد؛ إذ اضطرت إسرائيل إلى شن أولى عملياتها العسكرية ضد غزة بعد تسليمها السلطة بنحو 8 سنوات، وتحديداً في نهاية أبريل (نيسان) 2001.

وفي مايو (أيار) 2004، شنت إسرائيل عملية «قوس قزح»، وفي سبتمبر (أيلول) 2004، عادت ونفذت عملية «أيام الندم». ثم في 2005، انسحبت إسرائيل من قطاع غزة ضمن خطة عرفت آنذاك بـ«خطة فك الارتباط الأحادي الجانب».

بعد الانسحاب شنت إسرائيل حربين سريعين، الأولى في 25 سبتمبر (أيلول) 2005 باسم «أول الغيث»، وهي أول عملية بعد خطة فك الارتباط بأسبوعين، وبعد عام واحد، في يونيو (حزيران) 2006، شنت إسرائيل عملية باسم «سيف جلعاد» في محاولة فاشلة لاستعادة الجندي الإسرائيلي الذي خطفته «حماس» آنذاك جلعاد شاليط، بينما ما زالت السلطة تحكم قطاع غزة.

عام واحد بعد ذلك سيطرت حماس على القطاع ثم توالت حروب أكبر وأوسع وأضخم تطورت معها قدرة الحركة وقدرات الفصائل الأخرى، مثل «الجهاد الإسلامي» التي اضطرت في السنوات الأخيرة لخوض حروب منفردة.

ظلت إسرائيل تقول إن «طنجرة الضغط» في غزة تمثل تهديداً يجب التعامل معه حتى تعاملت معها «حماس» في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) بانفجار لم تتوقعه أو تستوعبه إسرائيل وجر حرباً دموية على غزة، وأخرى على لبنان، وسلسلة مواجهات باردة في جبهات أخرى في حرب تبدو نصف إقليمية، وما أسهل أن تتحول إلى نصف عالمية.

أبرز الحروب

«الرصاص المصبوب» حسب التسمية الإسرائيلية أو «الفرقان» فلسطينياً:

بدأت في 27 ديسمبر (كانون الأول) 2008، وشنت خلالها إسرائيل إحدى أكبر عملياتها العسكرية على غزة وأكثرها دموية منذ الانسحاب من القطاع في 2005. واستهلتها بضربة جوية تسببت في مقتل 89 شرطياً تابعين لحركة «حماس»، إضافة إلى نحو 80 آخرين من المدنيين، ثم اقتحمت إسرائيل شمال وجنوب القطاع.

خلفت العمليات الدامية التي استمرت 21 يوماً، نحو 1400 قتيل فلسطيني و5500 جريح، ودمر أكثر من 4000 منزل في غزة، فيما تكبدت إسرائيل أكثر من 14 قتيلاً وإصابة 168 بين جنودها، يضاف إليهم ثلاثة مستوطنين ونحو ألف جريح.

وفي هذه الحرب اتهمت منظمة «هيومان رايتس ووتش» إسرائيل باستخدام الفسفور الأبيض بشكل ممنهج في قصف مناطق مأهولة بالسكان خلال الحرب.

«عمود السحاب» إسرائيلياً أو «حجارة السجيل» فلسطينياً:

أطلقت إسرائيل العملية في 14 نوفمبر (تشرين الثاني) 2012 باغتيال رئيس أركان «حماس»، أحمد الجعبري. واكتفت إسرائيل بالهجمات الجوية ونفذت مئات الطلعات على غزة، وأدت العمليات إلى مقتل 174 فلسطينياً وجرح 1400.

شنت «حماس» أعنف هجوم على إسرائيل آنذاك، واستخدمت للمرة الأولى صواريخ طويلة المدى وصلت إلى تل أبيب والقدس وكانت صادمة للإسرائيليين. وأطلق خلال العملية تجاه إسرائيل أكثر من 1500 صاروخ، سقط من بينها على المدن 58 صاروخاً وجرى اعتراض 431. والبقية سقطت في مساحات مفتوحة. وقتل خلال العملية 5 إسرائيليين (أربعة مدنيين وجندي واحد) بالصواريخ الفلسطينية، بينما أصيب نحو 500 آخرين.

مقاتلون من «كتائب القسام» التابعة لـ«حماس» في قطاع غزة (أرشيفية - «كتائب القسام» عبر «تلغرام»)

«الجرف الصامد» إسرائيلياً أو «العصف المأكول» فلسطينياً:

بدأتها إسرائيل يوم الثلاثاء في 8 يوليو (تموز) 2014، ظلت 51 يوماً، وخلفت أكثر من 1500 قتيل فلسطيني ودماراً كبيراً.

اندلعت الحرب بعد أن اغتالت إسرائيل مسؤولين من حركة «حماس» اتهمتهم أنهم وراء اختطاف وقتل 3 مستوطنين في الضفة الغربية المحتلة.

شنت إسرائيل خلال الحرب أكثر من 60 ألف غارة على القطاع ودمرت 33 نفقاً تابعاً لـ«حماس» التي أطلقت في هذه المواجهة أكثر من 8000 صاروخ وصل بعضها للمرة الأولى في تاريخ المواجهات إلى تل أبيب والقدس وحيفا وتسببت بشل الحركة هناك، بما فيها إغلاق مطار بن غوريون.

قتل في الحرب 68 جندياً إسرائيلياً، و4 مدنيين، وأصيب 2500 بجروح.

قبل نهاية الحرب أعلنت «كتائب القسام» أسرها الجندي الإسرائيلي شاؤول آرون، خلال تصديها لتوغل بري لجيش الاحتلال في حي الشجاعية شرق مدينة غزة، وما زال في الأسر.

«صيحة الفجر»:

عملية بدأتها إسرائيل صباح يوم 12 نوفمبر عام 2019، باغتيال قائد المنطقة الشمالية في سرايا القدس (الذراع العسكرية لحركة الجهاد الإسلامي) في غزة، بهاء أبو العطا، في شقته السكنية في حي الشجاعية شرق مدينة غزة، وردت «حركة الجهاد الإسلامي» بهجوم صاروخي استمر بضعة أيام، أطلقت خلالها مئات الصواريخ على مواقع وبلدات إسرائيلية.

كانت أول حرب لا تشارك فيها «حماس» وتنجح إسرائيل في إبقائها بعيدة.

طفل فلسطيني يسير أمام أنقاض المباني في مدينة غزة (أ.ف.ب)

«حارس الأسوار» أو «سيف القدس»:

بدأت شرارتها من القدس بعد مواجهات في حي الشيخ جراح، واقتحام القوات الإسرائيلية للمسجد الأقصى ثم تنظيم مسيرة «الأعلام» نحو البلدة القديمة، وهي المسيرة التي حذرت «حماس» من أنها إذا تقدمت فإنها ستقصف القدس، وهو ما تم فعلاً في يوم العاشر من مايو (أيار) عام 2021.

شنت إسرائيل هجمات مكثفة على غزة وقتلت في 11 يوماً نحو 250 فلسطينياً، وأطلقت الفصائل أكثر من 4 آلاف صاروخ على بلدات ومدن في إسرائيل، ووصلت الصواريخ إلى تخوم مطار رامون، وقتل في الهجمات 12 إسرائيلياً.

 

«الفجر الصادق» أو «وحدة الساحات»:

كررت إسرائيل هجوماً منفرداً على «الجهاد» في الخامس من أغسطس (آب) 2022 واغتالت قائد المنطقة الشمالية لـ«سرايا القدس» (الذراع العسكرية لحركة الجهاد الإسلامي) في غزة، تيسير الجعبري، بعد استنفار أعلنته «الجهاد» رداً على اعتقال مسؤول كبير في الحركة في جنين في الضفة الغربية، وهو بسام السعدي.

ردت «حركة الجهاد الإسلامي» بمئات الصواريخ على بلدات ومدن إسرائيلية، وقالت في بيان إنها عملية مشتركة مع كتائب المقاومة الوطنية وكتائب المجاهدين وكتائب شهداء الأقصى (الجناح العسكري لحركة فتح)، في انتقاد مبطن لعدم مشاركة «حماس» في القتال. توقفت العملية بعد أيام قليلة إثر تدخل وسطاء. وقتل في الهجمات الإسرائيلية 24 فلسطينياً بينهم 6 أطفال.

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أمام خريطة لغزة خلال مؤتمره الصحافي في القدس ليلة الاثنين (إ.ب.أ)

«السهم الواقي» أو «ثأر الأحرار»:

حرب مفاجئة بدأتها إسرائيل في التاسع من مايو 2023، باغتيال 3 من أبرز قادة «سرايا القدس» (الذراع العسكرية لحركة الجهاد الإسلامي في قطاع غزة)، أمين سر المجلس العسكري لسرايا القدس، جهاد غنام (62 عاماً)، وقائد المنطقة الشمالية في السرايا خليل البهتيني (44 عاماً)، وعضو المكتب السياسي أحد مسؤولي العمل العسكري في الضفة الغربية، المبعد إلى غزة، طارق عز الدين (48 عاماً).

وحرب عام 2023 هي ثالث هجوم تشنه إسرائيل على «الجهاد الإسلامي» منفرداً، الذي رد هذه المرة بتنسيق كامل مع «حماس» عبر الغرفة المشتركة وقصف تل أبيب ومناطق أخرى كثيرة بوابل من الصواريخ تجاوز الـ500 صاروخ على الأقل.

... ثم الحرب الحالية في السابع من أكتوبر 2023.