فينومينولوجيا العقل اللبناني

مبنى في بيروت لا يزال يحمل آثار الحرب التي اندلعت في 13 أبريل 1975 (أ.ف.ب)
مبنى في بيروت لا يزال يحمل آثار الحرب التي اندلعت في 13 أبريل 1975 (أ.ف.ب)
TT

فينومينولوجيا العقل اللبناني

مبنى في بيروت لا يزال يحمل آثار الحرب التي اندلعت في 13 أبريل 1975 (أ.ف.ب)
مبنى في بيروت لا يزال يحمل آثار الحرب التي اندلعت في 13 أبريل 1975 (أ.ف.ب)

في البداية، لا بد من تبرير عنوان هذا المقال المكثف. في الواقع، إن لبنان منذ نشأته ككيان وكدولة وكوطن عانى وما زال يعاني من أزمات وحروب أهلية وتدخلات أجنبية وأخوية ومن اعتداءات إسرائيلية. أضف إلى ذلك، أن تركيبة المجتمع اللبناني التعددية القائمة على العديد من الطوائف والمذاهب الدينية ساهمت في تأجيج الأزمات وفي استدراج التدخلات الخارجية من أجل فرض موازين القوى التي تخدم مصالح الأقوى في المعادلات الإقليمية والدولية، وما نشهده في هذه المرحلة من تأزم في موضوع انتخاب رئيس الجمهورية اللبنانية هو أوضح دليل على ما ذكرناه.
وانطلاقاً من هذا الإطار البنيوي سوف نرصد ما يمكن تسميته بالعقل اللبناني الذي وُلد وترعرع في ظل الصيغة الطائفية والمذهبية والتعددية والمتفاعلة مع العوامل الخارجية. ولكي نفهم ما يجري في هذا البلد الصغير بحجمه والكبير بأزماته وبتأثيره على محيطه، سوف نلجأ إلى المنهج الفينومينولوجي (الظاهراتي) لرصد العقل اللبناني ومفارقاته. ولكن لا بد من الإشارة إلى أن المنهج الفينومينولوجي يعود بشكل أساسي إلى الفيلسوف الألماني إدمون هوسرل (1859-1938). هذا المنهج يقوم على رصد الظاهرة من خلال العودة إلى الأشياء ذاتها من دون إسقاط أي أفكار مسبقة عليها، كما يقوم على مفهوم القصدية؛ بمعنى أن الوعي يقصد الظاهرة كما هي أو كما تظهر له؛ إذ إنه يعتبر أن كل وعي هو وعي لشيء ما. بالنسبة إلى هوسرل، فإن الكينونة هي ما يظهر أمام وعينا؛ إذ إنه بعكس كانط لا يؤمن بأن هناك أشياء في ذاتها غير قابلة للانكشاف أمام العقل.
إذن، بواسطة المنهج الفينومينولوجي سوف نحاول رصد العقل اللبناني من خلال مفارقاته وظهوراته في التجربة اللبنانية المتحركة باستمرار. ولكن ما المقصود بالعقل اللبناني؟ المقصود هنا بالعقل اللبناني تلك البنية التي تتضمن المبادئ الأساسية والقيم والأفكار السائدة والعادات والتقاليد والموروثات الثقافية والدينية التي تحكم العلاقات فيما بين المواطنين اللبنانيين الذين اختاروا أن يخضعوا لها بكامل حريتهم. إذن، فإن اللبنانيين على اختلاف طوائفهم ومذاهبهم ومواقعهم وإثنياتهم ارتضوا أن يعيشوا معاً، وأن يخضعوا للقوانين اللبنانية وللدولة اللبنانية ودستورها. هذا من حيث المبدأ، ولكن حين نخرج إلى الواقع والممارسة والعيش معاً تبدأ المفارقات بالبروز وبالتأثير في خلق الأزمات وصولاً إلى الحرب الأهلية، وإلى استدراج الأطراف الخارجية للاستقواء على الشريك الداخلي. وإذا نظرنا إلى المواطن اللبناني نظرة فينومينولوجية نجد أن العقل الذي يوجهه يتميز بمفارقات واضحة، أهمها ازدواجية الولاء والانتماء من خلال أولوية الانتماء إلى الطائفة والمذهب، أو إلى العشيرة، أو إلى الأمة العربية، أو إلى الأمة الأوروبية وغيرها. أضف إلى ذلك ظاهرة تعدد الجنسيات الأجنبية؛ إذ يتباهى اللبنانيون بالحصول على جنسيات أجنبية. هذا الوضع سوف يؤدي حتماً إلى تعدد الثقافات المرجعية التي من المفترض أن تؤسس الأوطان. وأهم مفارقة تكمن في ظاهرة لافتة تتمثل في انتماء المسؤولين الرسميين في الدولة إلى جنسيات أجنبية. أمام هذا الواقع الذي يعيشه اللبنانيون سوف يجدون أنفسهم واقعين ومتخبطين في أزمات ومـآزق لا يمكن تجاوزها إلا من خلال التسويات والمساومات التي تعيش لفترة، ثم تتجدد الأزمة ويتم الانتقال إلى تسوية أخرى أكثر كلفة على المجتمع وعلى الاقتصاد. من هذه الزاوية أيضاً يمكننا اعتبار أن العقل اللبناني محكوم بالتسويات نتيجة المفارقات التي تحكمه بنيوياً وتاريخياً. من هنا، فإن كينونة لبنان تلازمت مع كينونة التسوية، فبقدر ما تكون التسوية حيّة ومتجدّدة؛ أي بقدر ما تشكّل ظاهرة، بقدر ما يكون لبنان محافظاً على حياته وهويته النظريّة على الأقل.
انطلاقاً من ذلك، فإن العقلية اللبنانية التي تأسست على اعتبار لبنان ذا الهويّة الواحدة لعناصره المختلفة والمتنوعة الحاصلة نتيجة لتسوية ومساومات محكومة بأن تبقى حيّة، هذه العقليّة محكومة أيضاً بأن تكون تسووية ومساومة. وكل فكر يترعرع ضمن هذه البنية ومؤمن بلبنان كوطن نهائي، هو فكر محكوم بأن يكون مساوماً؛ لأن للمساومة مكانة أنطولوجيّة في تحديده كفكر لبناني. وبالفعل، فإن هذه المكانة الأنطولوجيّة للتسوية تنعكس على جميع ميادين الفكر اللبناني. فإذا أجرينا رصداً فينومينولوجيّاً لنشاط الفكر في لبنان نلاحظ أن ظاهرة التسوية تعبره من أبسط مستوياته إلى أعقدها. في الفكر التجاري والاقتصادي تظهر المساومات بوضوح، وخصوصاً حين يتعلّق الأمر بالقوانين التي تحاول تنظيم وتوجيه أو تقييد الاقتصاد الحر. وفي الفكر السياسي تظهر المساومة من خلال التنظير لأشكال غريبة في أسلوب ممارسة الحكم يتميّز بها لبنان من دون سواه من الكيانات والدول. وفي الفكر الدستوري تظهر المساومة من خلال اللَّف والدوران حول الدستور، ومن خلال تشريع القوانين الاعتباطيّة والموسميّة والظَّرفيَّة لخدمة حالات خاصَّة. وفي الفكر الديني نرى المساومة والتسويات بين المذاهب المتعدِّدة تغطّي بساطة الدِّين وتغلِّفه بطبقات من التفسيرات والاجتهادات والتأويلات التي تكيِّفه حسب الطلب وحسب الظروف السياسيّة والاجتماعية والاقتصاديّة. وتظهر المساومة والتسوية في الموقف من لبنان: هل هو وطن نهائي؟ فإذا كان كذلك، فإن أصحاب الفكر الديني المؤمنين بمذاهب مختلفة يجدون أنفسهم أمام خيارات صعبة تلزمهم بالتسوية مع الآخرين من أجل فكرة الوطن والمصالح العامة. وفي الفكر الاجتماعي، يرى اللبناني نفسه أمام تنظير يحاول تبرير الفوارق الاجتماعية بين منطقة وأخرى، وبين طائفة وأخرى، في حين أننا إذا أردنا أن نكون لبنانيين فعلاً يجب أن ننتمي إلى مجتمع واحد، وهذا يقتضي منّا التسوية والمساومة حول فهم مشترك للظاهرات الاجتماعيّة التي تسود في مجتمعنا، والعمل على إيجاد الأطر الكفيلة بدمج اللبنانيّين فيما بينهم على تنوّعهم الدّيني والاجتماعي والثقافي. وفي الفكر الفلسفي، أخيراً، تتجلّى المساومة والتسوية في تيّار «الفلسفة اللبنانية»؛ إذ كان الفيلسوف كمال يوسف الحاج يعتبر أن كلّ ما هو علماني وعروبي وشيوعي غريب عن «الذات اللبنانية»، وبالتالي إذا أراد هذا الغريب أن يكون لبنانيّاً فعليه أن يقبل بالنّظام الطّائفي؛ إذ إنَّ «الأرض والسّماء قد تزولان ولا تزول الطَّائفيّة من لبنان. والطيّون لا يجب أن يناطح الأرز، والغراب لا يجب أن يداعي الحمام»؛ فكلٌّ له مكانه بقدر مدى انتمائه إلى الذات اللبنانيّة المسيحيّة المارونيّة.
وإذا اعترف غير المسيحيين بسيادة الذات المسيحيّة في لبنان وتدجَّنوا تحت لوائها، فإن الفيلسوف كمال الحاج يقدِّم لهم بالمقابل تنازلاً تكتيكيّاً؛ إذ يعترف لهم بوجود الأمة العربية كبُعد اقتصادي للبنان، ولكن بالمقابل هو ينكر وجود «القوميّة العربيّة» التي لم تستطع أن تتجسّد في كيان سياسيّ، بل يعترف «بالقوميّة اللبنانيّة» المتجسِّدة في الدولة اللبنانية.
ونظراً لضيق المجال، فسنكتفي بهذا النموذج المعبّر عن مدى اختراق المساومة أو التسوية الانتقائية والتَّوفيقيّة لمساحات الفكر الناتج داخل إطار بنية ما سُمِّيَ بلبنان. أما تيَّارات الفكر الأخرى من عروبيّة وقوميّة اجتماعية وشيوعيَّة واشتراكيَّة، فعلى رغم صلابة عقائدها ومحاولاتها التَّرفُّع عن المساومة، فإنها بحكم الواقع التَّاريخي وبحكم لبنانيَّتها؛ فقد كانت دائماً تقع في المساومة في وجهها اللبناني؛ إذ إنه عندما يتعلَّق الأمر بمقابلة الفكر بالواقع اللبناني لا بد للمساومة من دور ومكانة أنطولوجيَّة.
والآن بعدما استعرضنا عناصر إشكاليتنا ومراحلها، فإن السُّؤال المطروح يأخذ وجهين: وجهاً معرفيّاً وآخر أخلاقيّاً. معرفيّاً يمكن أن نتساءل: هل نعرف فكرنا؟ هل نعرف أن فكرنا محكوم بظاهرة المساومة أو التسوية؟ ماذا يفيد أن نعرف كون عقلنا، نحن اللبنانيين، عقلاً تسووياً أو مساوماً؟ أما أخلاقيّاً، فيمكن أن نتساءل: هل من المعيب أن يكون فكرنا مساوماً؟ هل المساومة في كينونتها هي شرّ أو خير؟ نحن رصدنا فينومينولوجيا التسوية والمساومة في العقل والفكر اللبنانيين، وليس علينا إطلاق أحكام – قيمة؛ إذ إن الفينومينولوجيا لا تدَّعي بذاتها صياغة وصفات أخلاقيَّة، بل هي تنشغل فقط بما هو كائن وظاهر، ولكنها تفتح باباً لطرح التساؤلات الأخلاقيَّة. إذا سلَّمنا بأننا مساومون، فإنَّ الأحكام تختلف باختلاف المنظار والمعيار. وهناك معيار الوحدة ومعيار الاختلاف. المساومة في ذاتها ليست عيباً ولا حسنة، بل المهم لماذا نساوم، فالمساومة نشاط فكري، والفكر حياة، والحياة كينونة تصير. وإذا لم تكن الفلسفة إشكالية، فهي ليست فلسفة.
- باحث وأستاذ جامعي لبناني



طارق متري لـ«الشرق الأوسط»: لا بديل عن الـ1701 وإنْ بصياغة جديدة

وزير الخارجية اللبناني الأسبق طارق متري
وزير الخارجية اللبناني الأسبق طارق متري
TT

طارق متري لـ«الشرق الأوسط»: لا بديل عن الـ1701 وإنْ بصياغة جديدة

وزير الخارجية اللبناني الأسبق طارق متري
وزير الخارجية اللبناني الأسبق طارق متري

يشكّل قرار مجلس الأمن الدولي 1701 الركيزة الأساسية لأي حلّ دبلوماسي للحرب الإسرائيلية على لبنان، رغم التصدعات التي أصابته جراء الخروق المتكررة لمضامينه منذ إقراره في شهر أغسطس (آب) 2006. وعلى رغم أن الأحداث المتسارعة تجاوزته وسياسة التدمير التي تنفذها إسرائيل على كامل الأراضي اللبنانية جعلت من الصعب البناء عليه، فإن وزير الخارجية الأسبق طارق متري، تحدث عن «استحالة الاتفاق على قرار بديل عنه بفعل الانقسام الحاد داخل مجلس الأمن الدولي وامتلاك الولايات المتحدة الأميركية وروسيا حق النقض (الفيتو) لتعطيل أي قرار بديل». وشدد متري على أنه «لا بديل لهذا القرار وإن كان يحتاج إلى مقدمة جديدة وإعادة صياغة».

ثغرات تسهل الخرق

ثمة بنود ملتبسة في هذا القرار الدولي، تسببت بخرقه مراراً من إسرائيل و«حزب الله» على السواء؛ لكون كلّ منهما يفسّر هذه البنود بحسب رؤيته ومصلحته. ومتري هو أحد مهندسي الـ1701 عندما مثَّل لبنان وزيراً للخارجية بالوكالة في حكومة الرئيس فؤاد السنيورة، وأشار إلى أن «كل قرارات مجلس الأمن يشوبها بعض الغموض، ومن يقرأ 1701 بتأنٍ يتبيّن أنه ينطوي على لهجة قوية، لكن منطوقه يحمل بعض التأويل». وقال متري في حديثه لـ«الشرق الأوسط»: «مشكلة القرار 1701 الأساسية والتي كانت سبباً وراء تفسيره من نواحٍٍ مختلفة، أنه يدعو إلى وقف الأعمال العدائية وليس وقف إطلاق النار، وكذلك شابه الغموض أو عدم الوضوح، خصوصاً في الفقرة (8) التي تتحدث عن ترتيبات أمنية في المنطقة الفاصلة ما بين مجرى نهر الليطاني والخطّ الأزرق وجعلها خالية من المسلحين»، مشيراً إلى أن «هذا القرار صدر تحت الفصل السادس، لكن الالتباس الأكبر الذي شابه عندما تطرق إلى مهمة القوات الدولية (يونيفيل)؛ إذ أطلق يدها باتخاذ الإجراءات الضرورية كافة لمنع أي تواجد عسكري أو ظهور مسلّح غير شرعي كما لو أنه جاء تحت الفصل السابع». ويتابع متري قوله: «لكن للأسف هذه القوات لم تقم بدورها، وبدلاً عن أن تكون قوّة مراقبة وتدخل، باتت هي نفسها تحت المراقبة» (في إشارة إلى تعقبها من قِبل مناصري «حزب الله» واعتراضها).

ظروف صدور القرار

فرضت تطورات حرب يوليو (تموز) 2006 إصدار هذا القرار تحت النار والمجازر التي ارتكبتها إسرائيل، ولم يخفِ الوزير متري أن «القرار 1701 لم يشبع درساً، وكان همّ كلّ الأطراف الاتفاق على ما يوقف الأعمال العدائية ولو كان ملتبساً». ويقول متري إن القرار «لم يكن ليصدر لو لم تتخذ حكومة لبنان برئاسة فؤاد السنيورة قراراً بإرسال 15 ألف جندي إلى الجنوب. لكن لأسباب متعددة لم يستطع لبنان أن يفي بوعده بإرسال هذا العدد من الجنود، أولاً لعدم توفر الإمكانات وانشغال الجيش بكثير من المهمات بينها حفظ الأمن الداخلي».

صحيح أن القرار الدولي كان عرضة للخرق الدائم وهذا كان موضع تقييم دائم من مجلس الأمن الدولي الذي لطالما حذّر من تجاوزه، لكنه بقي إطاراً ضابطاً للوضع الأمني على طول الخطّ الأزرق الفاصل ما بين لبنان وفلسطين المحتلّة.

جسر دمَّرته حرب 2006 شمال بيروت (غيتي)

وذكّر متري بأن «الفترة التي فصلت إقرار القانون ووقف الأعمال العدائية في عام 2006، وبين 7 أكتوبر (2023) لم يبادر (حزب الله) إلى الاصطدام بأحد، ولم يكن سلاحه ظاهراً كما غابت نشاطاته العسكرية، واعتبر نفسه مطبّقاً للقرار 1701 على النحو المطلوب، في حين أن إسرائيل خرقت السيادة اللبنانية جوّاً آلاف المرات، حتى أنها امتنعت عن إعطاء لبنان خرائط الألغام؛ وهو ما تسبب بسقوط عشرات الضحايا من المدنيين اللبنانيين». كذلك أشار متري إلى أن «دبلوماسيين غربيين تحدثوا عما يشبه الاتفاق الضمني بأن كلّ ما هو غير ظاهر من السلاح جنوبي الليطاني ينسجم القرار مع 1701، وأن (حزب الله) لم يقم بعمليات تخرق الخطّ الأزرق، بل كانت هناك عمليات في مزارع شبعا وتلال كفرشوبا».

هل ما زال القرار قابلاً للحياة؟

يتردد طارق متري في الإجابة عن مستقبل هذا القرار؛ لأن «النوايا الفعلية لحكومة بنيامين نتنياهو غير واضحة». وسرعان ما يلفت إلى وجود تناقضات كبيرة في السياسة الدولية اليوم، ويقول: «الأميركيون يحذّرون نتنياهو من الغزو البرّي، لكنّ الأخير يزعم أنه يريد القيام بعمليات محدودة لضرب أهداف لـ(حزب الله)، وهذا غير مضمون»، مذكراً بأن «جناح اليمين المتطرف داخل الحكومة الإسرائيلية يدعو لاحتلال جزء من جنوب لبنان، لكنّ هؤلاء قلّة غير مؤثرة؛ لأن القرار في جنوب لبنان ونوعيّة الغزو البرّي تتخذه المؤسسة العسكرية»، متحدثاً عن «وجود إشارات متضاربة، إذ أنه عندما قدّم الأميركيون والفرنسيون ورقتهم لوقف النار، جاء التصعيد الإسرائيلي سريعاً في لبنان». وأضاف: «قبل الانتخابات الرئاسية يفضل الأميركيون ألا تندلع الحرب، وفي الوقت نفسه يغضون النظر عمّا تلحقه إسرائيل من أذى بحق المدنيين اللبنانيين».

سيناريو 2006

وتنطلق مخاوف وزير الخارجية السابق التجارب الإسرائيلية السابقة، قائلاً: «في عام 2006 زعمت إسرائيل أن الغاية من عملياتها في لبنان ضرب (حزب الله)، لكنها دمرت لبنان، واليوم تطبّق السيناريو نفسه، إن كانت لا تزال تحيّد مطار بيروت الدولي عن الاستهداف وتتجنّب تدمير الجسور، والفرنسيون متفهمون لذلك».

آثار القصف الإسرائيلي على بيروت خلال الحرب مع «حزب الله» عام 2006 (رويترز)

وشدد في الوقت نفسه على «مسؤولية لبنان بفتح نافذة دبلوماسية؛ إذ ليس لديه خيار سوى تطبيق القرار 1701 والاستعداد لإرسال الجيش إلى الجنوب». وتابع: «إسرائيل تعرف أن الحكومة اللبنانية ضعيفة وإذا حصلت على التزام لبناني بتطبيق القرار ستطالب بالأكثر».

وفي حين يسود اعتقاد بأن القرار 1701 لم يعد الوثيقة الدولية الصالحة لإنهاء الحرب القائمة على لبنان اليوم، استبعد طارق متري إصدار مجلس الأمن الدولي قراراً بديلاً عنه. ورأى أنه «يمكن لمجلس الأمن الدولي أن يجدد المطالبة بتنفيذه مع إعادة صياغته ووضع مقدّمة جديدة له». وتحدث عن «استحالة صدور قرار جديد لأن مجلس الأمن الدولي مشلول ولا يمكن إصدار الاتفاق على بديل، لأن الفيتو الأميركي والروسي موجودون ولا إمكانية لقرار آخر». وأكد أن «التقدم الإسرائيلي ميدانياً سيقفل الباب أمام الحلّ الدبلوماسي، أما إذا تمكن (حزب الله) من الصمود أمام التدخل الإسرائيلي فهذا قد يفتح باباً أمام الحلول السياسية».