كيف تُغيّر طفرة الذكاء الاصطناعي التعليم في عام 2025

تعمل على تفكيك «فكرة التعليم» ذاتها

كيف تُغيّر طفرة الذكاء الاصطناعي التعليم في عام 2025
TT

كيف تُغيّر طفرة الذكاء الاصطناعي التعليم في عام 2025

كيف تُغيّر طفرة الذكاء الاصطناعي التعليم في عام 2025

يتخطى الذكاء الاصطناعي مجرد أتمتة سير العمل في عام 2025: إنه يعمل على تفكيك فكرة التعليم ذاتها، كما كتب فيكتور داي(*).

عصر تقادم المعرفة وتقادم التكنولوجيا

وما كان يُنظر إليه في السابق على أنه إنجازات تُحَقق لمرة واحدة، مثل الحصول على درجة البكالوريوس، أو على شهادة مهنية، أو دورة تدريبية سنوية للشركات، لم يعد ضمانة للاستمرارية في عالم تتقادم فيه المعرفة بالسرعة التي تتقادم بها التكنولوجيا نفسها تقريباً.

أزمة في المهارات

أفاد ما يقرب من نصف قادة تطوير المواهب الذين شملهم استطلاع «تقرير التعلم في مكان العمل» لعام 2025 Workplace Learning Report من منصة «لينكدإن-LinkedIn» بأنهم يرون أزمة في المهارات، مع وجود ضغط على المؤسسات لتزويد الموظفين بمهارات الأدوار الحالية والمستقبلية من خلال البناء الديناميكي للمهارات، لا سيما في مجالات الذكاء الاصطناعي، والذكاء الاصطناعي التوليدي.

نمو سوق الذكاء الاصطناعي في التعليم

وبالمثل، من المتوقع أن ينمو سوق الذكاء الاصطناعي في قطاع التعليم الذي يشمل التعليم الأساسي والثانوي، والتعليم العالي، والتدريب المؤسسي، ليصل الإنفاق فيه إلى ما بين 32.27 مليار دولار بحلول عام 2030، و127.2 مليار دولار بحلول عام 2035، مدفوعاً بارتفاع حاد في الطلب على التعلم المخصص في التدريب على مهارات الشركات المتوائمة مع سوق العمل، والحلول التكنولوجية التعليمية القابلة للتوسع.

المهارات تتقادم خلال عامين بدلاً من عقد كامل

يقول هوغو سارازين، الرئيس التنفيذي لشركة «يوديمي»، إحدى كبرى منصات التعلم عبر الإنترنت في العالم: «نشهد تقادم المهارات في غضون عامين إلى ثلاثة أعوام بدلاً من عقود. يُظهر الطلب على منصتنا أن المهنيين يدركون أن التعلم لا يمكن أن يتوقف عند التخرج في عالم يقوده الذكاء الاصطناعي». وهو يتوقع أن تصبح الجامعات على نحو متزايد بمثابة منصات إطلاق، تمنح الشهادات العلمية جنباً إلى جنب مع «عضوية رقمية» -أي استمرار التدريس والتدريب في التكنولوجيا- تمتد مدى الحياة. ويضيف سارازين أن ما يقرب من 5 إلى 8 أشخاص يسجلون في دورة تدريبية عن الذكاء الاصطناعي على المنصة كل دقيقة.

11 مليون تسجيل عالمي في دورات الذكاء الاصطناعي

ووفقاً لتقرير «اتجاهات التعلم والمهارات العالمية لعام 2026» الصادر عن «يوديمي»2026 Global Learning and Skills Trends Report، فقد ارتفعت معدلات التسجيل في الدورات المتعلقة بالذكاء الاصطناعي بمقدار 5 أضعاف خلال العام الماضي، متجاوزة 11 مليون تسجيل على مستوى العالم. كما وجدت الدراسة اهتماماً متزايداً بأدوات الذكاء الاصطناعي، مثل «مايكروسوفت كوبايلوت - Microsoft Copilot»، و«غيت هب كوبايلوت-GitHub Copilot»، ما يؤكد الطلب القوي على الكفاءة العملية، والإتقان في مجال الذكاء الاصطناعي. من المحتمل أن يكون هذا الارتفاع قد عزز نمو سوق «يوديمي»، حيث أعلنت الشركة عن إيرادات بلغت 199.9 مليون دولار للربع الثاني من عام 2025، بزيادة قدرها 3 في المائة عن العام السابق.

الذكاء الاصطناعي + التفكير النقدي= المكاسب والأرباح

ويقول سارازين: «تدرك الشركات أن الموظفين القادرين على استخدام الذكاء الاصطناعي بطلاقة، مع التفكير النقدي في مخاطره ومخرجاته وتأثيراته، هم من سيحققون أكبر المكاسب التجارية. نحن نشهد تحول الميزانيات من فعاليات التدريب السنوية إلى بناء المهارات المستمر والمتكامل الذي يندرج ضمن سير العمل اليومي، مما يساعد الموظفين على تعلم المهارات بالتحديد عندما يحتاجون إليها».

«اللياقة المهارية» والقدرة على التكيف في عصر الذكاء الاصطناعي

يصف سارازين هذا التحول بأنه بزوغ فجر عصر «اللياقة المهارية-skill fitness»، حيث يصبح التعلم أشبه بالتمرين الرياضي: فطلاقة استخدام الذكاء الاصطناعي هي القوة، والتفكير النقدي هو تمارين القلب، والتواصل هو المرونة. لم يعد التعليم محطة توقف عابرة، بل صار نظاماً مستمراً مدى الحياة. ويقول: «في مجال اللياقة البدنية، لا تذهب إلى صالة الألعاب الرياضية مرة واحدة ثم تعلن أنك لائق مدى الحياة. ولكن، هذه هي الطريقة التقليدية التي تعاملنا بها اعتيادياً مع التعلم». غير أن المهارات تترسخ فقط عندما تتم ممارستها في سياقها المناسب -والذكاء الاصطناعي يُمكّن هذا النوع من الممارسة على نطاق واسع.

لعب الأدوار... بالذكاء الاصطناعي

تتيح أداة «لعب الأدوار بالذكاء الاصطناعي-AI Role Play» من شركة «يوديمي»، التي أُطلقت في مايو (أيار) من العام الجاري، للموظفين التدرب على سيناريوهات من العالم الحقيقي، مثل التفاوض، أو محادثات التقييم المرجعي، أو حل النزاعات من خلال محاكاة مدفوعة بالذكاء الاصطناعي. ويتوقع سارازين قائلاً: «في العام المقبل، سوف تشهد حالات استخدام التجربة والاختبارات التشغيلية باستخدام الذكاء الاصطناعي انفجاراً، متجاوزة المحادثات وصولاً إلى التنفيذ الفعلي».

القدرة على التكيف

جيل الألفية الجديدة «Gen Z»، المستعد للهيمنة على القوى العاملة، يدرك أن ميزته الحقيقية في عالم مشبع بالذكاء الاصطناعي هي القدرة على التكيف. وفقاً لتقرير «يوديمي» عن «الجيل زد في مكان العمل» Gen Z in the Workplace report، فإن نسبة 84 في المائة من المهنيين من هذا الجيل يمنحون الأولوية الآن لتطوير المهارات التكيفية، مثل اتخاذ القرار، والتواصل، والتفكير النقدي على حساب التدريب التقني البحت. ويقول سارازين: «نشأ الجيل زد مع تكنولوجيا تتطور باستمرار. إنهم بصدد أن يصبحوا الجيل الأول الذي يتميز بولع أصيل في استخدام الذكاء الاصطناعي، مع بقائه متمحوراً حول الجانب الإنساني بصورة واضحة».

تكامل حذر لأجل مستقبل مسؤول

بينما من المتوقع أن تجعل عمليات دمج الذكاء الاصطناعي التعلم أسهل، يحذر الخبراء من أنه من الأهمية بمكان الفصل بين التقدم الحقيقي والضجيج التسويقي. يقول شاي ريشيف، خبير التعليم ورئيس جامعة يونيفيرسيتي أوف ذي بيبول: «في حين أن التكنولوجيا تحمل وعداً كبيراً لتحسين جودة التعليم، إلا أن تأثيرها الكامل لا يزال قيد القياس». ثم يتابع قائلاً: «يجب على المؤسسات المسؤولة ضمان أن المطالبات مدعومة بأدلة حقيقية، وأن نشرها يفيد الطلاب عالمياً بالفعل، لا سيما أولئك الذين يلجأون إلى الخيارات عبر الإنترنت بدافع الضرورة». وأضاف أنه بينما يمثل التخصيص من خلال الذكاء الاصطناعي فرصة قوية، فإنه يحمل أيضاً مخاطر العزلة والتحيز. ثم قال: «إذا كانت مجموعات البيانات الأساسية ضمن أنظمة التعليم التي تعمل بالذكاء الاصطناعي معيبة، أو إذا عززت الخوارزميات من أوجه التفاوت القائمة، فقد تضخم التكنولوجيا المشكلات بدلاً من حلها». وأعربت كافيتا غاي، الرئيسة التنفيذية لشركة «نيكتير»، عن نفس القلق، مشيرة إلى أن طرح خدمة تعليمية واحدة تعمل بالذكاء الاصطناعي ومصممة بشكل سيئ يمكن أن تثير عناوين رئيسة حول «الذكاء الاصطناعي يضر بالتعلم»، حتى وإن كان الواقع أكثر تعقيداً. وتقول غاي: «الأمر كله يتعلق بمدى مسؤولية المؤسسات في نشر مثل هذه الخدمة وصيانتها». ثم تضيف: «المسار المسؤول هو إجراء تجارب تشغيلية منضبطة، مع قياس النتائج، والتكرار (بغرض التحسين)».

التعليم الرسمي له دور حاسم في وضع أساسات قوية

كما أشارت غاي إلى أنه بينما سهّلت أدوات الذكاء الاصطناعي من اكتساب مهارات العمل والمهارات التقنية، لا يزال التعليم الرسمي والشهادات الجامعية يضطلعان بدور حاسم في تطوير أساسات قوية وعمق في الخبرة. ثم تقول: «الخطر الحقيقي يكمن في أن يتوقف الطلاب والمهنيون عن تعلم كيفية تمييز شكل العمل (الجيد). ومن دون هذا الأساس، لا يمكنهم الحكم على الجودة، أو تقييم الابتكار». وتضيف: «تكمن الفرصة الحقيقية في استخدام الذكاء الاصطناعي على أنه (معلم سقراطي)؛ يرشد الأفراد عبر الأخطاء، ولا يُنفذ العمل نيابة عنهم. هذا ما يحافظ على حيوية التفكير النقدي في عالم يضع الذكاء الاصطناعي أولاً».

التعليم الجديد: تنمية ثقافة مواكبة التقدم التكنولوجي

يؤكد هذا المنظور على حقيقة أعمق: قد يصبح التعليم قريباً أقل تركيزاً على استهلاك المحتوى، وأكثر تركيزاً على تنمية الثقافة. سوف تحتاج المؤسسات والجامعات إلى التعامل مع التعلم على أنه قيمة مشتركة ومنهج جماعي يواكب التغير التكنولوجي. يقول سارازين: «تماماً مثل الكهرباء أو الإنترنت، أعتقد أن الذكاء الاصطناعي سوف يصبح بنية تحتية غير مرئية. لن تفكر في (استخدام الذكاء الاصطناعي للتعلم)، لأن التعلم سيكون ببساطة مُعززاً بالذكاء الاصطناعي بصورة افتراضية». ثم يختتم قائلاً: «بدلاً من التنافس، سوف يُكمل الذكاء الاصطناعي والجامعات بعضهما البعض، ما يساعد المتعلمين على بناء المهارات بتنسيق يناسب احتياجاتهم الفريدة على أفضل وجه».

* مجلة «فاست كومباني» خدمات «تريبيون ميديا»


مقالات ذات صلة

بين «غوغل» و«يوتيوب»... كيف بدا المشهد الرقمي العربي في 2025؟

تكنولوجيا شكل تسارع التحول الرقمي واتساع تأثير الذكاء الاصطناعي ملامح المشهد العربي في عام 2025 (شاترستوك)

بين «غوغل» و«يوتيوب»... كيف بدا المشهد الرقمي العربي في 2025؟

شهد عام 2025 تحوّلًا رقميًا واسعًا في العالم العربي، مع هيمنة الذكاء الاصطناعي على بحث غوغل وصعود صنّاع المحتوى على يوتيوب، وتقدّم السعودية في الخدمات الرقمية.

نسيم رمضان (لندن)
الاقتصاد هاتف ذكي وشاشة كمبيوتر يعرضان شعارَي «واتساب» والشركة الأم «ميتا» في غرب فرنسا (أ.ف.ب)

تحقيق أوروبي في قيود «ميتا» على منافسي الذكاء الاصطناعي عبر «واتساب»

خضعَت شركة «ميتا بلاتفورمز» لتحقيق جديد من جانب الاتحاد الأوروبي لمكافحة الاحتكار، على خلفية خطتها لإطلاق ميزات ذكاء اصطناعي داخل تطبيق «واتساب».

«الشرق الأوسط» (بروكسل)
الاقتصاد من داخل معرض وظيفي للموظفين الفيدراليين المفصولين حديثاً في كانساس سيتي مارس 2025 (رويترز)

انخفاض طلبات إعانة البطالة الأميركية إلى أدنى مستوى منذ 3 سنوات

انخفض عدد المتقدمين الجدد للحصول على إعانات البطالة بالولايات المتحدة الأسبوع الماضي إلى أدنى مستوى له منذ أكثر من ثلاث سنوات في إشارة إلى صمود سوق العمل.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
عالم الاعمال الذكاء الاصطناعي يعيد رسم خريطة الاستثمارات الخيرية عالمياً

الذكاء الاصطناعي يعيد رسم خريطة الاستثمارات الخيرية عالمياً

أكد خبراء في منتدى القطاع غير الربحي الدولي، الذي انطلق في العاصمة السعودية الرياض، أن الذكاء الاصطناعي يقود استثمارات خيرية تتجاوز 10 مليارات دولار عالمياً.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
علوم هل يمكن لنظم الذكاء الاصطناعي التكيف مع ثقافات متعددة؟

هل يمكن لنظم الذكاء الاصطناعي التكيف مع ثقافات متعددة؟

ضرورة ملاءمته لنبرة الحديث وممارسات العمل والافتراضات الثقافية

إنريكي دانس (واشنطن)

هل يمكن لنظم الذكاء الاصطناعي التكيف مع ثقافات متعددة؟

هل يمكن لنظم الذكاء الاصطناعي التكيف مع ثقافات متعددة؟
TT

هل يمكن لنظم الذكاء الاصطناعي التكيف مع ثقافات متعددة؟

هل يمكن لنظم الذكاء الاصطناعي التكيف مع ثقافات متعددة؟

في سباق محتدم لنشر نماذج اللغات الكبيرة والذكاء الاصطناعي التوليدي في الأسواق العالمية، تفترض العديد من الشركات أن «النموذج الإنجليزي ← المترجم» كافٍ لذلك.

اللغة- ثقافة وأعراف

ولكن إذا كنتَ مسؤولاً تنفيذياً أميركياً تستعد للتوسع في آسيا أو أوروبا أو الشرق الأوسط أو أفريقيا، فقد يكون هذا الافتراض أكبر نقطة ضعف لديك. ففي تلك المناطق، ليست اللغة مجرد تفصيل في التغليف: إنها الثقافة والأعراف والقيم ومنطق العمل، كلها مُدمجة في شيء واحد.

وإذا لم يُبدّل نظام الذكاء الاصطناعي الخاص بك تسلسل رموزه الكمبيوترية فلن يكون أداؤه ضعيفاً فحسب؛ بل قد يُسيء التفسير أو يُسيء المواءمة مع الوضع الجديد أو يُسيء خدمة سوقك الجديدة.

الفجوة بين التعدد اللغوي والثقافي في برامج الدردشة الذكية

لا تزال معظم النماذج الرئيسية مُدربة بشكل أساسي على مجموعات النصوص باللغة الإنجليزية، وهذا يُسبب عيباً مزدوجاً عند نشرها بلغات أخرى. وعلى سبيل المثال، وجدت دراسة أن اللغات غير الإنجليزية والمعقدة لغويا غالباً ما تتطلب رموزاً أكثر (وبالتالي تكلفةً وحساباً) لكل وحدة نصية بمقدار 3-5 أضعاف مقارنةً باللغة الإنجليزية.

ووجدت ورقة بحثية أخرى أن نحو 1.5 مليار شخص يتحدثون لغات منخفضة الموارد يواجهون تكلفة أعلى وأداءً أسوأ عند استخدام نماذج اللغة الإنجليزية السائدة.

والنتيجة: قد يتعثر نموذج يعمل جيداً للمستخدمين الأميركيين، عند عمله في الهند أو الخليج العربي أو جنوب شرق آسيا، ليس لأن مشكلة العمل أصعب، ولكن لأن النظام يفتقر إلى البنية التحتية الثقافية واللغوية اللازمة للتعامل معها.

«ميسترال سابا» نظام الذكاء الاصطناعي الفرنسي مصمم خصيصاً للغات العربية وجنوب آسيا

مثال «ميسترال سابا» الإقليمي جدير بالذكر

لنأخذ نموذج «ميسترال سابا» (Mistral Saba)، الذي أطلقته شركة ميسترال للذكاء الاصطناعي الفرنسية كنموذج مصمم خصيصاً للغات العربية وجنوب آسيا (التاميلية والمالايالامية... إلخ). تشيد «ميسترال» بأن «(سابا) يوفر استجابات أكثر دقة وملاءمة من النماذج التي يبلغ حجمها 5 أضعاف» عند استخدامه في تلك المناطق. لكن أداءه أيضاً أقل من المتوقع في معايير اللغة الإنجليزية.

وهذه هي النقطة المهمة: السياق أهم من الحجم. قد يكون النموذج أصغر حجماً ولكنه أذكى بكثير بالنسبة لمكانه.

بالنسبة لشركة أميركية تدخل منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا أو سوق جنوب آسيا، هذا يعني أن استراتيجيتك «العالمية» للذكاء الاصطناعي ليست عالمية ما لم تحترم اللغات والمصطلحات واللوائح والسياق المحلي.

تكاليف الرموز والتحيز اللغوي

من منظور الأعمال، تُعدّ التفاصيل التقنية للترميز أمراً بالغ الأهمية. تشير مقالة حديثة إلى أن تكاليف الاستدلال في اللغة الصينية قد تكون ضعف تكلفة اللغة الإنجليزية، بينما بالنسبة للغات مثل الشان أو البورمية، يمكن أن يصل تضخم عدد الرموز إلى 15 ضعفاً.

هذا يعني أنه إذا استخدم نموذجك ترميزاً قائماً على اللغة الإنجليزية ونشرتَه في أسواق غير إنجليزية، فإن تكلفة الاستخدام سترتفع بشكل كبير، أو تنخفض الجودة بسبب تقليل الرموز. ولأن مجموعة التدريب الخاصة بك كانت تركز بشكل كبير على اللغة الإنجليزية، فقد يفتقر «نموذجك الأساسي» إلى العمق الدلالي في لغات أخرى.

أضف إلى هذا المزيج اختلافات الثقافة والمعايير: النبرة، والمراجع، وممارسات العمل، والافتراضات الثقافية، وما إلى ذلك، وستصل إلى مجموعة تنافسية مختلفة تماماً: ليس «هل كنا دقيقين» بل «هل كنا ملائمين».

التوسع في الخارج

لماذا يهم هذا الأمر المديرين التنفيذيين الذين يتوسعون في الخارج؟

إذا كنت تقود شركة أميركية أو توسّع نطاق شركة ناشئة في الأسواق الدولية، فإليك ثلاثة آثار:

-اختيار النموذج ليس حلاً واحداً يناسب الجميع: قد تحتاج إلى نموذج إقليمي أو طبقة ضبط دقيقة متخصصة، وليس فقط أكبر نموذج إنجليزي يمكنك ترخيصه.

-يختلف هيكل التكلفة باختلاف اللغة والمنطقة: فتضخم الرموز وعدم كفاءة الترميز يعنيان أن تكلفة الوحدة في الأسواق غير الإنجليزية ستكون أعلى على الأرجح، ما لم تخطط لذلك.

-مخاطر العلامة التجارية وتجربة المستخدم ثقافية: فبرنامج الدردشة الآلي الذي يسيء فهم السياق المحلي الأساسي (مثل التقويم الديني، والمصطلحات المحلية، والمعايير التنظيمية) سيُضعف الثقة بشكل أسرع من الاستجابة البطيئة.

بناء استراتيجية ذكاء اصطناعي متعددة اللغات واعية ثقافياً

للمديرين التنفيذيين الجاهزين للبيع والخدمة والعمل في الأسواق العالمية، إليكم خطوات عملية:

• حدّد اللغات والأسواق كميزات من الدرجة الأولى. قبل اختيار نموذجك الأكبر، اذكر أسواقك ولغاتك ومعاييرك المحلية وأولويات عملك. إذا كانت اللغات العربية أو الهندية أو الملايوية أو التايلاندية مهمة، فلا تتعامل معها كـ«ترجمات» بل كحالات استخدام من الدرجة الأولى.

• فكّر في النماذج الإقليمية أو النشر المشترك. قد يتعامل نموذج مثل «Mistral Saba» مع المحتوى العربي بتكلفة أقل ودقة أكبر وبأسلوب أصلي أكثر من نموذج إنجليزي عام مُعدّل بدقة.

• خطط لتضخم تكلفة الرموز. استخدم أدوات مقارنة الأسعار. قد تبلغ تكلفة النموذج في الولايات المتحدة «س» دولاراً أميركياً لكل مليون رمز، ولكن إذا كان النشر تركياً أو تايلاندياً، فقد تكون التكلفة الفعلية ضعف ذلك أو أكثر.

• لا تحسّن اللغة فقط، بل الثقافة ومنطق العمل أيضاً. لا ينبغي أن تقتصر مجموعات البيانات المحلية على اللغة فحسب، بل ينبغي أن تشمل السياق الإقليمي: اللوائح، وعادات الأعمال، والمصطلحات الاصطلاحية، وأطر المخاطر.

صمم بهدف التبديل والتقييم النشطين. لا تفترض أن نموذجك العالمي سيعمل محلياً. انشر اختبارات تجريبية، وقيّم النموذج بناءً على معايير محلية، واختبر قبول المستخدمين، وأدرج الحوكمة المحلية في عملية الطرح.

المنظور الأخلاقي والاستراتيجية الأوسع

عندما تُفضّل نماذج الذكاء الاصطناعي المعايير الإنجليزية والناطقة بالإنجليزية، فإننا نُخاطر بتعزيز الهيمنة الثقافية.

كمسؤولين تنفيذيين، من المغري التفكير «سنترجم لاحقاً». لكن الترجمة وحدها لا تُعالج تضخم القيمة الرمزية، وعدم التوافق الدلالي، وعدم الأهمية الثقافية. يكمن التحدي الحقيقي في جعل الذكاء الاصطناعي مُتجذراً محلياً وقابلاً للتوسع عالمياً.

إذا كنت تُراهن على الذكاء الاصطناعي التوليدي لدعم توسعك في أسواق جديدة، فلا تُعامل اللغة كحاشية هامشية. فاللغة بنية تحتية، والطلاقة الثقافية ميزة تنافسية. أما التكاليف الرمزية وتفاوتات الأداء فليست تقنية فحسب، بل إنها استراتيجية.

في عالم الذكاء الاصطناعي، كانت اللغة الإنجليزية هي الطريق الأقل مقاومة. ولكن ما هي حدود نموك التالية؟ قد يتطلب الأمر لغةً وثقافةً وهياكل تكلفة تُمثل عوامل تمييز أكثر منها عقبات.

اختر نموذجك ولغاتك واستراتيجية طرحك، لا بناءً على عدد المعاملات، بل على مدى فهمه لسوقك. إن لم تفعل، فلن تتخلف في الأداء فحسب، بل ستتخلف أيضاً في المصداقية والأهمية.

* مجلة «فاست كومباني»، خدمات «تريبيون ميديا».


الذكاء الاصطناعي... نجم المؤتمر السنوي لطب الأسنان في نيويورك

آلاف المشاركين وشركات تعرض أحدث تقنيات الذكاء الاصطناعي
آلاف المشاركين وشركات تعرض أحدث تقنيات الذكاء الاصطناعي
TT

الذكاء الاصطناعي... نجم المؤتمر السنوي لطب الأسنان في نيويورك

آلاف المشاركين وشركات تعرض أحدث تقنيات الذكاء الاصطناعي
آلاف المشاركين وشركات تعرض أحدث تقنيات الذكاء الاصطناعي

في مدينةٍ لا تهدأ، وتحديداً في مركز «جاڤِتس» على ضفاف نهر هدسون، اختتمت أمس أعمال اجتماعات نيويورك السنوية لطبّ الأسنان، التي استمرت 5 أيام، أحد أكبر التجمعات العالمية للمهنة، بمشاركة نحو 50 ألف طبيب وخبير من أكثر من 150 دولة.

لم يكن الحدث مجرد مؤتمر، بل منصّة حيّة لمستقبل طبّ الأسنان؛ فبين أروقته تتقدّم التكنولوجيا بخطى ثابتة: من الروبوتات الجراحية إلى أنظمة الذكاء الاصطناعي القادرة على قراءة الأشعة في ثوانٍ، وصولاً إلى تجارب التجديد الحيوي التي قد تغيّر شكل العلاج خلال سنوات قليلة.

الذكاء الاصطناعي نجم المؤتمر بلا منافس

كان الذكاء الاصطناعي العنوان الأبرز لهذا العام، إذ جاء المؤتمر في لحظةٍ تتسارع فيها التحوّلات العلمية بسرعة تفوق قدرة المناهج التقليدية على مواكبتها. وقد برزت تقنيات محورية: أنظمة تحليل الأشعة الفورية، والمساعد السريري الذكي، والتخطيط الرقمي للابتسامة. وعلى امتداد القاعات، كان واضحاً أن هذه التقنيات لم تعد تجارب مختبرية، بل هي حلول جاهزة تغيّر طريقة ممارسة المهنة أمام أعيننا.

الروبوتات تدخل غرفة العمليات

شكّلت الجراحة الروبوتية محوراً لافتاً هذا العام، بعد أن عرضت شركات متخصصة أنظمة دقيقة تعتمد على بيانات الأشعة ثلاثية الأبعاد وتتكيف لحظياً مع حاجة الإجراء. وقد أظهرت العروض قدرة هذه الروبوتات على تنفيذ خطوات معقدة بثباتٍ يفوق اليد البشرية، مع تقليل هامش الخطأ ورفع مستوى الأمان الجراحي.

التجديد الحيوي... من الخيال إلى التجربة

عرضت جامعات نيويورك وكورنيل أبحاثاً حول بروتينات مثل «BMP-2»، وهو بروتين ينشّط نمو العظم، و«FGF-2» عامل يساعد الخلايا على الانقسام والتئام الأنسجة خصوصاً الألياف، إلى جانب تقنيات الخلايا الجذعية لإحياء الهياكل الدقيقة للسن.

في حديث مباشر مع «الشرق الأوسط»

وأثناء جولة «الشرق الأوسط» في معرض اجتماع نيويورك لطبّ الأسنان، التقت الدكتورة لورنا فلامر–كالديرا، الرئيس المنتخب لاجتماع نيويورك الكبرى لطب الأسنان، التي أكدت أنّ طبّ الأسنان يشهد «أكبر تحوّل منذ ثلاثة عقود»، مشيرة إلى أنّ المملكة العربية السعودية أصبحت جزءاً فاعلاً في هذا التحوّل العالمي.

وأضافت الدكتورة لورنا، خلال حديثها مع الصحيفة في أروقة المؤتمر، أنّ اجتماع نيويورك «يتطلّع إلى بناء شراكات متقدمة مع جهات في السعودية، أسوة بالتعاون القائم مع الإمارات ومؤسسة (إندكس) وجهات دولية أخرى»، موضحة أنّ هناك «فرصاً واسعة للتعاون البحثي والتعليمي في مجالات الزراعة الرقمية والذكاء الاصطناعي والعلاجات المتقدمة»، وأن هذا التوجّه ينسجم بطبيعة الحال مع طموحات «رؤية السعودية 2030».

العرب في قلب الحدث

شارك وفود من السعودية والإمارات وقطر والكويت والبحرين ومصر والعراق في جلسات متقدمة حول الذكاء الاصطناعي والزراعة الرقمية، وكان حضور الوفود لافتاً في النقاشات العلمية، ما عكس الدور المتنامي للمنطقة في تشكيل مستقبل طبّ الأسنان عالمياً.

نيويورك... حيث يبدأ الغد

منذ بدايات اجتماع نيويورك قبل أكثر من قرن، بقيت المدينة مرآةً لتحوّلات المهنة ومختبراً مفتوحاً للمستقبل. وعلى امتداد 5 أيام من الجلسات والمحاضرات والورش العلمية، رسّخ اجتماع نيويورك السنوي مكانته كأكبر تجمع عالمي لطبّ الأسنان، وكمنصّة تُختبر فيها التقنيات التي ستعيد رسم ملامح المهنة في السنوات المقبلة. كما يقول ويليام جيمس، مؤسس الفلسفة البراغماتية الأميركية، إنّ أميركا ليست مكاناً، بل تجربة في صناعة المستقبل... وفي نيويورك تحديداً، يبدو مستقبل طبّ الأسنان قد بدأ بالفعل.


دراسة لـ«ناسا» تظهر التأثير السلبي للأقمار الاصطناعية على عمل التلسكوبات الفضائية

تلسكوب «هابل» الفضائي (أرشيفية - رويترز)
تلسكوب «هابل» الفضائي (أرشيفية - رويترز)
TT

دراسة لـ«ناسا» تظهر التأثير السلبي للأقمار الاصطناعية على عمل التلسكوبات الفضائية

تلسكوب «هابل» الفضائي (أرشيفية - رويترز)
تلسكوب «هابل» الفضائي (أرشيفية - رويترز)

أدت الزيادة الكبيرة في أعداد الأقمار الاصطناعية المتمركزة في مدار منخفض حول الأرض إلى تطورات في مجال الاتصالات، منها توفير خدمات النطاق العريض في المناطق الريفية والنائية في أنحاء العالم.

لكنها تسببت أيضا في زيادة حادة في التلوث الضوئي في الفضاء، ما يشكل تهديدا لعمل المراصد الفلكية المدارية. وتشير دراسة جديدة أجرتها إدارة الطيران والفضاء الأميركية (ناسا) وتركز على أربعة تلسكوبات فضائية، منها تلسكوبان يعملان حاليا وآخران يجري العمل عليهما، إلى أن نسبة كبيرة من الصور التي سيجري التقاطها بواسطة هذه المراصد على مدى العقد المقبل قد تتأثر بالضوء المنبعث أو المنعكس من الأقمار الاصطناعية التي تشترك معها في المدار المنخفض.

وخلص الباحثون إلى أن نحو 40 بالمئة من الصور التي يلتقطها تلسكوب «هابل» الفضائي ونحو 96 بالمئة من تلك التي يلتقطها مرصد «سفير إكس»، يمكن أن تتأثر بضوء الأقمار الاصطناعية. وقال الباحثون إن «هابل» سيكون أقل تأثرا بسبب مجال رؤيته الضيق.

والتلسكوبات المدارية عنصر أساسي في استكشاف الفضاء، نظرا لما تمتلكه من قدرة على رصد نطاق أوسع من الطيف الكهرومغناطيسي مقارنة بالتلسكوبات الأرضية، كما أن غياب التداخل مع العوامل الجوية يمكنها من التقاط صور أكثر وضوحا للكون، مما يتيح التصوير المباشر للمجرات البعيدة أو الكواكب خارج نظامنا الشمسي.

وقال أليخاندرو بورلاف، وهو عالم فلك من مركز أميس للأبحاث التابع لوكالة ناسا في كاليفورنيا وقائد الدراسة التي نشرت في مجلة نيتشر «في حين أن معظم تلوث الضوء حتى الآن صادر من المدن والمركبات، فإن زيادة مجموعات الأقمار الاصطناعية للاتصالات بدأ يؤثر بوتيرة أسرع على المراصد الفلكية في جميع أنحاء العالم».

وأضاف «في الوقت الذي ترصد فيه التلسكوبات الكون في مسعى لاستكشاف المجرات والكواكب والكويكبات البعيدة، تعترض الأقمار الاصطناعية في كثير من الأحيان مجال الرؤية أمام عدساتها، تاركة آثارا ضوئية ساطعة تمحو الإشارة الخافتة التي نستقبلها من الكون. كانت هذه مشكلة شائعة في التلسكوبات الأرضية. ولكن، كان يعتقد، قبل الآن، أن التلسكوبات الفضائية، الأكثر كلفة والمتمركزة في مواقع مراقبة مميزة في الفضاء، خالية تقريبا من التلوث الضوئي الناتج عن أنشطة الإنسان».

وفي 2019، كان هناك نحو ألفي قمر اصطناعي في مدار أرضي منخفض. ويبلغ العدد الآن نحو 15 ألف قمر. وقال بورلاف إن المقترحات المقدمة من قطاع الفضاء تتوقع تمركز نحو 650 ألف قمر اصطناعي في مدار أرضي منخفض خلال العقد المقبل.