صحة الفم لا تنحصر في تطابق الابتسامة مع معايير جمالية غير واقعية

تقرير بريطاني يكشف التأثير النفسي للسخرية من شكل الأسنان

صحة الفم لا تنحصر في تطابق الابتسامة مع معايير جمالية غير واقعية
TT
20

صحة الفم لا تنحصر في تطابق الابتسامة مع معايير جمالية غير واقعية

صحة الفم لا تنحصر في تطابق الابتسامة مع معايير جمالية غير واقعية

أصدرت مؤسسة صحة الفم البريطانية (Oral Health Foundation) تقريراً مهماً يكشف التأثير السلبي للسخرية من شكل الأسنان على الصحة النفسية والثقة بالنفس.

تعليقات ساخرة

ويأتي هذا التقرير في أعقاب المشهد الكوميدي الذي عُرض مؤخراً في برنامج «Saturday Night Live» الذي استهدف الممثلة البريطانية إيمي لي وود، بشكل أثار موجة من الانتقادات.

ويسلط التقرير الذي نشر في 15 أبريل (نيسان) 2025، الضوء على أن التعليقات الساخرة بشأن الأسنان ليست مجرد مزاح عابر؛ بل قد تعزز الصور النمطية السلبية وتُرسِّخ ثقافة الخجل من الابتسامة، ما يترك أثراً نفسياً بالغاً؛ خصوصاً لدى الشباب والمراهقين.

ومن أهم الحقائق التي أثارها التقرير:

صحة الفم أكثر من مجرد مظهر

غالباً ما يرتبط مفهوم صحة الفم بالمظهر الخارجي للأسنان؛ إذ يعتقد البعض أن الأسنان الصحية يجب أن تكون مستقيمة وبيضاء بالكامل. ولكن الحقيقة تختلف تماماً؛ حيث تُقاس صحة الفم بمدى خلوِّه من الألم، والعدوى، والأمراض، بالإضافة إلى وجود رائحة فم صحية، وليس بمدى تطابق الابتسامة مع معايير جمالية غير واقعية.

تحسن ملحوظ في صحة الفم بالمملكة المتحدة

رغم الصورة النمطية المنتشرة في الثقافة الشعبية، فقد حققت المملكة المتحدة تقدماً كبيراً في صحة الفم خلال العقود الأخيرة؛ حيث أصبحت الرعاية الوقائية أكثر تطوراً، ووصلت خدمات طب الأسنان إلى عدد أكبر من المواطنين.

وتشير البحوث إلى أن معدلات الاحتفاظ بالأسنان الطبيعية والحدَّ من الحاجة إلى العلاجات المعقدة، تفوق مثيلاتها في بعض الدول الأخرى، مثل الولايات المتحدة.

التأثير النفسي والتوعية المجتمعية

لا تقتصر آثار السخرية من شكل الأسنان على الجوانب الجمالية؛ بل تمتد إلى الصحة النفسية، ولا سيما لدى الفئات الأكثر عرضة للضغوط، مثل الشباب الذين يعانون بالفعل من صعوبة الوصول إلى الرعاية السِّنية الأساسية. من هنا، تبرز الحاجة إلى تعزيز الثقة بالنفس والتعاطف بدلاً من النقد القاسي والسخرية، لما لذلك من تأثير مباشر على احترام الذات والصحة النفسية.

دعوة إلى تغيير ثقافي

واختتم التقرير برسالة واضحة: «لقد حان الوقت للتوقف عن استخدام الأسنان وسيلة للسخرية، والبدء في الحديث بجدية عن أهمية صحة الفم للجميع. فالابتسامة ليست مجرد مظهر؛ بل انعكاس للصحة والثقة بالنفس والراحة النفسية».

تجربتي مع «ابتسامة هوليوود»

وهنا لا بد من الإشارة إلى بعض الملاحظات السريرية لكاتب هذه المقالة؛ حيث يتم في العالم العربي في العشر سنوات الأخيرة صياغة «ابتسامة هوليوود» وهي «عدسات» من الخزف تلصق على الأسنان لتغير من شكل ولون وحجم الأسنان، بعد إزالة جزء من الأسنان السليمة. ومع الأسف فقد لاحظت أن هناك عدداً كبيراً من هذه الابتسامات الصناعية توضع في أفواه غير صحية، فيها التسوس وأمراض اللثة، ما يفاقم أمراض الفم ورائحته الكريهة لديهم.

إذن، يجب أن تكون الأولوية للصحة، قبل جمال وبياض الابتسامات الصناعية.


مقالات ذات صلة

الصحة النفسية مرتع جديد للمعالجين المزيفين في فرنسا

أوروبا الصحة العقلية أصبحت سوقاً سريعة التوسع يُعتمد فيها على مدربين يلجأون إلى ممارسات علاجية غير منضبطة في فرنسا (أ.ف.ب)

الصحة النفسية مرتع جديد للمعالجين المزيفين في فرنسا

يغزو أشخاص يدّعون أنهم «مدربون نفسيون» أو «مستشارون نفسيون» أو غير ذلك قطاع الصحة النفسية في فرنسا، مستغلين الطلب المتزايد وغياب التنظيم، ما ينذر بمخاطر كبيرة.

«الشرق الأوسط» (باريس)
صحتك 6 معلومات حول تناول البروتينات لبناء العضلات

6 معلومات حول تناول البروتينات لبناء العضلات

عضلات جسمك إما أن تستخدمها، فتحافظ على وجودها، أو تهمل استخدامها، فتفقدها.

د. حسن محمد صندقجي (الرياض)
صحتك المراهقون لا يفضلون أدوية إنقاص الوزن

المراهقون لا يفضلون أدوية إنقاص الوزن

على الرغم من الشهرة الكبيرة التي تتمتع بها أدوية إنقاص الوزن، فإن المخاوف من استخدامها والتشكك في فاعليتها ما زالت كبيرة بين المراهقين الأميركيين

د. هاني رمزي عوض (القاهرة)
صحتك تعزيز استراتيجيات إدارة اضطرابات الدهون في الدم

تعزيز استراتيجيات إدارة اضطرابات الدهون في الدم

تُعد اضطرابات الدهون في الدم من أبرز عوامل الخطر القابلة للتعديل، لا سيّما في الأمراض القلبية الوعائية، ولدى مرضى السكري، وفرط ضغط الدم.

د. عبد الحفيظ يحيى خوجة (جدة)
صحتك أفكار جديدة حول اختبارات الدم المهمة

أفكار جديدة حول اختبارات الدم المهمة

لا تتفاجأ إذا رأيت طبيبك يدخل بعض التغييرات على فحوصات الدم الروتينية الخاصة بك. إذ قد تُضاف بعض الفحوصات إلى قائمة الفحوصات المختبرية أو تُحذف منه هذا العام

هايدي غودمان (كمبردج - ولاية ماساشوستس الأميركية)

علماء يستكشفون المنطقة المسؤولة عن الوعي في الدماغ

هناك بقعة زرقاء في الدماغ تلعب دوراً رئيسياً في إدراكنا (د.ب.أ)
هناك بقعة زرقاء في الدماغ تلعب دوراً رئيسياً في إدراكنا (د.ب.أ)
TT
20

علماء يستكشفون المنطقة المسؤولة عن الوعي في الدماغ

هناك بقعة زرقاء في الدماغ تلعب دوراً رئيسياً في إدراكنا (د.ب.أ)
هناك بقعة زرقاء في الدماغ تلعب دوراً رئيسياً في إدراكنا (د.ب.أ)

الوعي هو جوهر الوجود البشري، لأنه القدرة على الرؤية والسمع والحلم والتخيل والشعور بالألم أو المتعة أو الخوف أو الحب وغيرها، لكن أين يقع هذا الوعي تحديداً في الدماغ؟ سؤال لطالما حيّر العلماء والأطباء، وتقدم دراسة جديدة رؤى حديثة عن تلك المسألة.

في مسعى لتحديد أجزاء الدماغ المسؤولة عن الوعي، أجرى علماء الأعصاب قياسات للنشاط الكهربائي والمغناطيسي، بالإضافة إلى تدفق الدم، في أدمغة 256 شخصاً في 12 مختبراً في أنحاء الولايات المتحدة وأوروبا والصين أثناء مشاهدة المشاركين صوراً متنوعة. وتتبعت القياسات النشاط في أجزاء مختلفة من الدماغ.

ووجد الباحثون أن الوعي قد لا ينشأ في الجزء «الذكي» من الدماغ، وهي المناطق الأمامية حيث تحدث عملية التفكير التي نمت تدريجياً في عملية التطور البشري، لكنه قد ينشأ في المناطق الحسية في الجزء الخلفي من الدماغ الذي يعالج الإبصار والسمع، وفقاً لوكالة «رويترز».

وقال عالم الأعصاب، كريستوف كوك، من معهد ألين في سياتل: «لماذا كل هذا مهم؟». وكوك أحد المعدّين الرئيسيين للدراسة المنشورة هذا الأسبوع في دورية «نيتشر» العلمية.

وأوضح: «إذا أردنا أن نفهم ركيزة الوعي ومن يملكها، البالغون والأطفال قبل اكتساب اللغة، والجنين في الثلث الثاني من الحمل، والكلب والفأر والحبار والغراب والذبابة، فنحن بحاجة إلى تحديد الآليات الأساسية في الدماغ».

وعُرضت صور وجوه أشخاص وأشياء مختلفة على المشاركين في الدراسة.

وذكر كوك: «الوعي هو الشعور الذي نحس به عند رؤية رسم محمصة خبز أو وجه شخص. الوعي ليس السلوك المرتبط بهذا الشعور، على سبيل المثال الضغط على زر أو قول (أرى فلاناً)».

واختبر الباحثون نظريتين علميتين رائدتين حول الوعي. بموجب نظرية «مساحة العمل العصبية الشاملة»، يتجسد الوعي في مقدمة الدماغ، ثم تنتشر المعلومات المهمة على نطاق واسع في جميع أنحائه.

أما بموجب نظرية «المعلومات المتكاملة»، فينبع الوعي من تفاعل أجزاء مختلفة من الدماغ وتعاونها، إذ تعمل هذه الأجزاء معاً لدمج المعلومات المستقبلة في حالة الوعي. ولم تتفق النتائج مع أي من النظريتين.

أين يقع الوعي؟

قال كوك متسائلاً: «أين توجد العلامات العصبية التي تدل على الوعي في الدماغ؟ ببساطة شديدة، هل هي في مقدمة القشرة المخية، أي الطبقة الخارجية من الدماغ، مثل القشرة الجبهية، مثلما تنبأت نظرية مساحة العمل العصبية الشاملة؟».

طبيب ينظر إلى فحوص التصوير المقطعي للدماغ في معهد بانر لألزهايمر بفينيكس (أ.ب)
طبيب ينظر إلى فحوص التصوير المقطعي للدماغ في معهد بانر لألزهايمر بفينيكس (أ.ب)

والقشرة الجبهية الأمامية هي التي تجعل جنسنا البشري فريداً، فهي التي تحفز العمليات المعرفية العليا مثل التخطيط واتخاذ القرار والتفكير والتعبير عن الشخصية وتعديل السلوك الاجتماعي.

ومضى كوك في تساؤلاته: «أم أن علامات (الوعي) موجودة في المناطق الخلفية من القشرة؟». والقشرة الخلفية هي المنطقة التي تحدث فيها معالجة السمع والإبصار.

وقال: «هنا، تصبّ الأدلة بشكل قاطع في مصلحة القشرة الخلفية. إما أن المعلومات المتعلقة بالوعي لم يُعثر عليها في الأمام، وإما أنها كانت أكثر ضعفاً من تلك الموجودة في الخلف. وهذا يدعم فكرة أن الفصوص الجبهية، وإن كانت ضرورية للذكاء والحكم والاستدلال... إلخ، لا تشارك بشكل حاسم في الرؤية، أي في الإدراك البصري في حالة الوعي».

ومع ذلك، لم تتمكن الدراسة من تحديد ما يكفي من الاتصالات التي تستمر للمدة التي تستغرقها تجربة الوعي في الجزء الخلفي من الدماغ لدعم نظرية المعلومات المتكاملة.

وهناك تطبيقات عملية لتكوين فهم أعمق لديناميات الوعي في الدماغ.

وقال كوك إن ذلك سيكون مهماً لطريقة تعامل الأطباء مع المرضى في حالات الغيبوبة أو متلازمة اليقظة بلا استجابة، وهي حالة يكونون فيها مستيقظين، ولكن لا تظهر عليهم أي علامات على الوعي بسبب إصابة دماغية أو سكتة دماغية أو سكتة قلبية أو جرعة زائدة من المخدرات أو أسباب أخرى.

ومن بين هؤلاء المرضى، يموت ما بين 70 إلى 90 بالمائة بسبب اتخاذ قرار بسحب العلاج الذي يدعم الحياة.

وقال كوك: «مع ذلك، نعلم الآن أن نحو ربع المرضى في حالة الغيبوبة أو متلازمة اليقظة بلا استجابة يكونون واعين وعياً خفياً، ومع ذلك لا يستطيعون الإشارة إلى ذلك»، في إشارة إلى بحث منشور العام الماضي في دورية «نيو إنغلاند» الطبية.

وأضاف: «ستمكننا معرفة آثار الوعي في الدماغ من أن نرصد بشكل أفضل هذا الشكل غير الظاهر من (الوجود) دون القدرة على الإشارة».