روابط مشتركة مثيرة للدهشة بين الأوروبيين والمغاربيين القدماء

أدلة جينية ترصدها من بقايا تعود إلى 8000 عام في تونس والجزائر

لوحة تصويرية لعائلة انسان الكهوف في منطقة لابالم في فرنسا في عصور ما قبل التاريخ
لوحة تصويرية لعائلة انسان الكهوف في منطقة لابالم في فرنسا في عصور ما قبل التاريخ
TT
20

روابط مشتركة مثيرة للدهشة بين الأوروبيين والمغاربيين القدماء

لوحة تصويرية لعائلة انسان الكهوف في منطقة لابالم في فرنسا في عصور ما قبل التاريخ
لوحة تصويرية لعائلة انسان الكهوف في منطقة لابالم في فرنسا في عصور ما قبل التاريخ

كشفت دراسة رائدة عن أن الصيادين الأوروبيين أبحروا عبر البحر الأبيض المتوسط إلى شمال أفريقيا قبل أكثر من 8 آلاف عام. ويفتح هذا الاكتشاف فصلاً جديداً في فهمنا للهجرة والتبادل الثقافي بين القارات في عصور ما قبل التاريخ.

وقام باحثون من ائتلاف دولي يضم تونس والجزائر وأوروبا باستخراج وتسلسل الحمض النووي (دي إن إيه) القديم من عظام وأسنان تسعة أفراد عُثر عليهم في مواقع أثرية في شرق المغرب العربي. ويعود تاريخ هذه المواقع في تونس وشمال شرقي الجزائر حالياً إلى فترة تتراوح بين نحو 6 آلاف و10 آلاف عام.

أدلة جينية للهجرة المبكرة

كشفت التحليلات الجينية عن أنه في حين أن سكان المواقع المذكورة من العصر الحجري يحملون في الغالب أصولًا محلية من شمال أفريقيا تعتمد على الصيد وجمع الثمار على غرار تلك الموجودة في البقايا المغربية الأقدم، فإنهم يحملون أيضاً إرثاً وراثياً ملحوظاً بنسبة 6 في المائة من الصيادين وجامعي الثمار الأوروبيين.

ويتجلى هذا المزيج بشكل خاص في جينوم رجل من موقع جبة Djebba التونسي (المعروفة أيضاً باسم ثيجبة بور هي بلدة وموقع أثري قديم يقع في باجة تونس).

ويقدر فريق البحث أن أسلاف هذا الرجل المغاربي اختلطوا بنظرائهم الأوروبيين منذ نحو 8500 عام. وعلى الرغم من اكتشاف إشارات جينية مماثلة وإن كانت أقل وضوحاً لدى امرأة من الموقع نفسه، فإن هذا الاكتشاف يؤكد وجود صلة بحرية منسية منذ زمن طويل عبر البحر الأبيض المتوسط.

وأكد ديفيد رايش عالم الوراثة السكانية في كلية الطب بجامعة هارفارد بالولايات المتحدة والمشارك في قيادة الدراسة المنشورة في مجلة «نيتشر» Nature في 12 مارس (آذار) 2025 على أهمية هذا الاكتشاف، قائلاً: «لم تكن هناك قصة تُذكر عن شمال أفريقيا بل كانت فجوة هائلة». ويعكس تعليقه هذا كيف ركّزت الأبحاث السابقة حول انتشار الزراعة والهجرة البشرية في المنطقة بشكل كبير على الشرق الأوسط وأوروبا ما ترك سردية ما قبل التاريخ في شمال أفريقيا دون دراسة كافية.

عبور بحري

لعقود طويلة تكهّن علماء الآثار والمؤرخون بطبيعة التفاعلات بين مجتمعات ما قبل التاريخ الأوروبية والشمال أفريقية. وأشارت الاكتشافات الأثرية السابقة إلى تبادل ثقافي لكن هذه الدراسة هي الأولى التي تُقدّم أدلة جينية مباشرة على رحلات بحرية عبر البحر الأبيض المتوسط خلال العصر الحجري.

ويفترض الباحثون أن الصيادين وجامعي الثمار الأوروبيين الذين ربما نشأوا في مناطق قريبة من جزيرة صقلية أو حتى من الجزر الصغيرة المنتشرة بين أوروبا وأفريقيا، كانوا قد أبحروا في البحر الأبيض المتوسط في زوارق خشبية طويلة. وربما انخرط هؤلاء البحارة الأوائل في التنقل بين الجزر مستخدمين معالم مرئية لعبور المياه وهو إنجازٌ صعبٌ بالنظر إلى القيود التكنولوجية في ذلك العصر. وعلى الرغم من أن العديد من محطات التوقف الساحلية المحتملة قد غمرتها مياه ارتفاع منسوب مياه البحر منذ ذلك الحين، فإن بقايا هذه الرحلة القديمة لا تزال تتردد في الحمض النووي للشعوب الحديثة.

ويشير جوليو لوكاريني عالم آثار متخصص في التراث الأفريقي في معهد علوم التراث التابع للمجلس الوطني الإيطالي للبحوث والمشارك في الدراسة، إلى اكتشاف حجر السج obsidian، وهو زجاج بركاني يُستخدم في صناعة الأدوات من بانتيليريا (وهي إحدى جزر مضيق صقلية) في المواقع الأثرية التونسية.

ويشير إلى أن وجود حجر السج في بانتيليريا في شمال أفريقيا يُقدم دليلاً ملموساً يدعم البيانات الجينية. مشيراً إلى أن هذه المجتمعات البحرية لم تكن معزولة بل كانت جزءاً من شبكة مترابطة تمتد عبر البحر الأبيض المتوسط.

إرث من المرونة والتكيف

كما يُلقي استمرار وجود أصول الصيادين وجامعي الثمار المحليين في شعوب شرق المغرب العربي الضوء على كيفية تكيف هذه المجتمعات مع بيئتها. فبينما شهدت المناطق المجاورة تحولاً سريعاً نحو الممارسات الزراعية مع وصول المزارعين الأوروبيين والشرق أوسطيين، استمر سكان تونس وشمال شرقي الجزائر في الاعتماد على وسائل البحث عن الطعام والصيد التقليدية. واعتمدوا على صيد الحيوانات المحلية مثل القواقع البرية وجمع النباتات البرية حتى مع دمجهم الأغنام والماعز والأبقار المدجنة في اقتصاداتهم في مرحلة لاحقة.

ومن جهتها، تؤكد عالمة الوراثة السكانية روزا فريجل من جامعة لا لاغونا في تينيريفي بإسبانيا التي لم تشارك بالدراسة، أهمية هذه النتائج. وتقول إن هذا الاكتشاف يُظهر أن البحر الأبيض المتوسط لم يكن عائقاً كبيراً أمام سكان العصر الحجري. وإن الدليل على التأثير الجيني الأوروبي في شمال أفريقيا لا يُثري فهمنا للهجرات في عصور ما قبل التاريخ فحسب بل يُشكك أيضاً في الافتراضات الراسخة حول عزلة السكان القدماء. وقد تكشف الدراسات المستقبلية عن أنماط أكثر تعقيداً للحركة والتفاعل مما يُقدم رؤى أعمق في ديناميكيات المجتمعات البشرية المبكرة.

عالم الجينوم القديم

وتُمثل هذه الدراسة نقطة تحول في مجال علم الجينوم القديم. فمن خلال دمج البيانات الجينية مع الأدلة الأثرية أصبح العلماء الآن أكثر قدرة على رسم خريطة الشبكة المعقدة للهجرة والتفاعل البشري خلال العصر الحجري. وتمتد آثار هذه النتائج إلى ما وراء البحر الأبيض المتوسط مما يدفع الباحثين إلى إعادة زيارة مناطق أخرى قد تختبئ فيها تواريخ خفية مماثلة.

ومع استمرار تطور مجال أبحاث الحمض النووي القديم تُمثل قصة أوروبا وشمال أفريقيا في العصر الحجري تذكيراً قوياً بروح الاستكشاف البشرية الدائمة. فحتى قبل آلاف السنين من الرحلات الملحمية التي رواها هوميروس في ملحمة الأوديسة كان أسلافنا يبحرون في مياه شاسعة وغادرة مدفوعين برغبة إنسانية فطرية في الاستكشاف والتواصل والتكيف. في عالم تحددنا فيه الحدود الحديثة في كثير من الأحيان تكشف هذه الرحلات القديمة عن تراث مشترك يتجاوز الجغرافيا وهو إرث منسوج عبر آلاف السنين يذكرنا بأن السعي إلى الاكتشاف قديم، قدم الحضارة نفسها.


مقالات ذات صلة

تقنية جديدة تحوّل إشارات الدماغ إلى كلام طبيعي في أقل من ثانية

تكنولوجيا التقنية تستخدم الذكاء الاصطناعي لتقليل زمن الاستجابة إلى أقل من ثانية واحدة (Noah Berger)

تقنية جديدة تحوّل إشارات الدماغ إلى كلام طبيعي في أقل من ثانية

نجح باحثون بتطوير تقنية تُحول إشارات الدماغ إلى كلام مسموع في الزمن الحقيقي، ما يعيد الأمل لفاقدي القدرة على النطق.

نسيم رمضان (لندن)
خاص تساهم تقنيات  الذكاء الاصطناعي وأنظمة الكاميرات المتقدمة في تحسين جودة التعلّم الهجين وتعزز التفاعل في البيئات التعليمية (غيتي)

خاص التعليم والتدريب الهجين في السعودية... كيف تصنع التكنولوجيا فرقاً؟

يتطور التعليم السعودي بالذكاء الاصطناعي والواقع الافتراضي لدعم التعلم الهجين والاقتصاد المعرفي تماشياً مع «رؤية 2030».

نسيم رمضان (الرياض)
تكنولوجيا يرى خبراء صعوبة  إجراء تحليل دقيق للعبة باستخدام الذكاء الاصطناعي إلا عندما يتداخل اللاعبون الرقميون والحقيقيون بشكل مثالي (ETH)

ثورة في التحكيم والتحليل... مشروع لخفض تكلفة الذكاء الاصطناعي في كرة القدم

تسعى جامعة «ETH» زيورخ و«فيفا» لنشر تقنيات الذكاء الاصطناعي منخفضة التكلفة في كرة القدم لتعزيز التحكيم وتحليل الأداء بشكل شامل وعادل.

نسيم رمضان (لندن)
تحليل إخباري تهدد الرسوم الجمركية الجديدة على التكنولوجيا برفع أسعار الأجهزة للمستهلكين بشكل مباشر (رويترز) play-circle 02:37

تحليل إخباري كيف تهدد الرسوم الجمركية الأميركية الجديدة مستقبل المستهلك التكنولوجي؟

تهدد الرسوم الجمركية الأميركية الجديدة بارتفاع أسعار الأجهزة التكنولوجية وتعطل سلاسل التوريد وتقلص الابتكار، كما تضع المستهلك أمام خيارات أقل وتكاليف أعلى.

نسيم رمضان (لندن)
تكنولوجيا «كوبايلوت» هو محور الحدث المرتقب في الذكرى الـ50 لـ«مايكروسوفت» ويمثل انتقال الشركة من ريادة البرمجيات إلى قيادة الذكاء الاصطناعي (شاترستوك)

في الذكرى الخمسين لتأسيسها... هل يتحوّل «كوبايلوت» إلى عقل «مايكروسوفت» الجديد؟

يُتوقع أن تكشف «مايكروسوفت» عن توسعات كبيرة في مساعدها الذكي «كوبايلوت» ضمن احتفالها بمرور 50 عاماً، مؤكدة انتقالها نحو ريادة الذكاء الاصطناعي.

نسيم رمضان (لندن)

مستقبل الذكاء الاصطناعي: الأمم المتحدة تحذر من تأثيراته الاجتماعية

تقرير التكنولوجيا والابتكار لعام 2025
تقرير التكنولوجيا والابتكار لعام 2025
TT
20

مستقبل الذكاء الاصطناعي: الأمم المتحدة تحذر من تأثيراته الاجتماعية

تقرير التكنولوجيا والابتكار لعام 2025
تقرير التكنولوجيا والابتكار لعام 2025

من المتوقع أن يصل سوق الذكاء الاصطناعي إلى 4.8 تريليون دولار - أي ما يُعادل حجم الاقتصاد الألماني تقريباً - إلا أن فوائده لا تزال مُركزة للغاية.

انطلاقة الذكاء الاصطناعي وتخلف الدول النامية

وذكر تقرير التكنولوجيا والابتكار لعام 2025 «Technology and Innovation Report 2025» الصادر عن «مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية» (الأونكتاد) في جنيف، تلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه، أن أقل من ثلث الدول النامية لديها استراتيجيات للذكاء الاصطناعي، بينما تفتقر 118 دولة إلى التمثيل في حوكمة الذكاء الاصطناعي، مما يُحد من الشمولية العالمية.

لذا يجب على الاقتصادات النامية الاستثمار في البنية التحتية للذكاء الاصطناعي وبياناته ومهاراته لتسخير كامل إمكاناته.

الذكاء الاصطناعي والتحولات الاقتصادية

يُحدث الذكاء الاصطناعي تحولات في الاقتصادات، ويخلق فرصاً، ولكنه يُشكل أيضاً مخاطر تفاقم عدم المساواة. ويُحذر التقرير من أنه على الرغم من أن الذكاء الاصطناعي يُمكن أن يكون أداة قوية للتقدم، فإنه ليس شاملاً بطبيعته. وينبغي على الدول التحرك فوراً - من خلال الاستثمار في البنية التحتية الرقمية، وبناء القدرات، وتعزيز حوكمة الذكاء الاصطناعي - لتسخير إمكانات الذكاء الاصطناعي لتحقيق التنمية المستدامة.

من المتوقع أن يصل سوق الذكاء الاصطناعي إلى 4.8 تريليون دولار أمريكي
من المتوقع أن يصل سوق الذكاء الاصطناعي إلى 4.8 تريليون دولار أمريكي

الإنسان محور التطويرات

وأكدت ريبيكا غرينسبان، الأمينة العامة لـ«الأونكتاد»، على أهمية ضمان أن يكون الإنسان محور تطوير الذكاء الاصطناعي، داعيةً إلى تعاون دولي أقوى «لتحويل التركيز من التكنولوجيا إلى الإنسان، وتمكين الدول من المشاركة في إنشاء إطار عالمي للذكاء الاصطناعي».

4.8 تريليون دولار عام 2033

إن الفوائد الاقتصادية للذكاء الاصطناعي هائلة، ولكن يجب تقاسمها.

ومن المتوقع أن تصل القيمة السوقية للذكاء الاصطناعي إلى 4.8 تريليون دولار بحلول عام 2033، ليصبح قوة بارزة في التحول الرقمي. ومع ذلك، لا يزال الوصول إلى البنية التحتية والخبرة في مجال الذكاء الاصطناعي متركزاً في عدد قليل من الاقتصادات.

100 شركة الأكبر عالمياً

وتحتل 100 شركة فقط، معظمها في الولايات المتحدة والصين، الصدارة بتمويل 40 في المائة من الإنفاق العالمي على البحث والتطوير للشركات. وتبلغ القيمة السوقية لكل من شركات التكنولوجيا العملاقة الرائدة، مثل «أبل» و«إنفيديا» و«مايكروسوفت»، نحو 3 تريليونات دولار، وهو ما ينافس الناتج المحلي الإجمالي للقارة الأفريقية بأكملها.

وقد تؤدي الهيمنة على السوق، على المستويين الوطني ومستوى الشركات، إلى توسيع الفجوات التكنولوجية، ما يعرض العديد من الدول النامية لخطر فقدان فوائدها.

الاستثمار في المهارات

ويعيد الذكاء الاصطناعي تشكيل الوظائف، لذا فإن الاستثمار في المهارات أمر بالغ الأهمية. يمكن أن يؤثر الذكاء الاصطناعي على 40 في المائة من الوظائف حول العالم، مما يُحقق مكاسب في الإنتاجية، ولكنه يُثير أيضاً مخاوف بشأن الأتمتة واستبدال الوظائف.

وغالباً ما تُفضّل فوائد الأتمتة المُعتمدة على الذكاء الاصطناعي رأس المال على العمالة، مما قد يُوسّع فجوة التفاوت ويُقلّل من الميزة التنافسية للعمالة منخفضة التكلفة في الاقتصادات النامية.

ومع ذلك، لا يقتصر دور الذكاء الاصطناعي على استبدال الوظائف فحسب، بل يُمكنه أيضاً إنشاء صناعات جديدة وتمكين العمال. ويُعدّ الاستثمار في إعادة تأهيل المهارات وتطويرها وتكييف القوى العاملة أمراً ضرورياً لضمان تعزيز الذكاء الاصطناعي لفرص العمل بدلاً من القضاء عليها.

سياسات فعالة للذكاء الاصطناعي

ويعدُّ الذكاء الاصطناعي عنصراً أساسياً في السياسات الصناعية وسياسات الابتكار الحديثة. إذ إنه يُعيد تعريف الفرص الاقتصادية، ويضع التكنولوجيا والابتكار والخدمات كثيفة المعرفة في صميم استراتيجيات التنمية الوطنية.

لوضع سياسات فعّالة للذكاء الاصطناعي، ينبغي على الدول مراعاة ثلاث نقاط قوة رئيسية: البنية التحتية، والبيانات، والمهارات. وستحدد المواقع الاستراتيجية في هذه المجالات مدى قدرة الدول على تبني الذكاء الاصطناعي بفعالية، وتعزيز الابتكار المحلي، ومواءمة تطويره مع احتياجاتها الاجتماعية والاقتصادية. ويقدم «الأونكتاد» الخبرة لمساعدة الدول النامية على تقييم نقاط قوتها وتصميم سياسات تُسهم في بناء أنظمة ابتكار مرنة.

حوكمة الذكاء الاصطناعي العالمية

يجب أن تكون حوكمة الذكاء الاصطناعي العالمية شاملة. إذ يُشكل الذكاء الاصطناعي مستقبل العالم الاقتصادي، ومع ذلك، فإن 118 دولة - معظمها في دول الجنوب - غائبة عن المناقشات الرئيسية حول حوكمة الذكاء الاصطناعي.

ومع تبلور لوائح الذكاء الاصطناعي والأطر الأخلاقية، يجب أن يكون للدول النامية دور فاعل لضمان خدمة الذكاء الاصطناعي للتقدم العالمي، وليس فقط لمصالح قلة قليلة. يمكن للتعاون الدولي الأقوى أن يُنشئ إطار عمل عالمي للذكاء الاصطناعي يُعطي الأولوية للإنصاف والشفافية والمنافع المشتركة.

خطة عمل لتطوير شامل للذكاء الاصطناعي

ويقدم تقرير «الأونكتاد» خريطة طريق لضمان أن يُسهم الذكاء الاصطناعي في دفع عجلة النمو الشامل بدلاً من تعميق الانقسامات. وتشمل التوصيات السياسية الرئيسية للمجتمع الدولي ما يلي:

الالتزام بقطاع الذكاء الاصطناعي: على غرار إطار العمل البيئي والاجتماعي والحوكمة environmental, social, and governance framework (ESG)، يُمكن لآلية شفافية مماثلة للذكاء الاصطناعي أن تُحسّن المساءلة، وتُترجم الالتزامات العالمية إلى نتائج مؤثرة.

البنية التحتية المشتركة: يُمكن لمرفق عالمي مُشترك أن يُوفر وصولاً عادلاً إلى البنية التحتية للذكاء الاصطناعي.

ابتكار مفتوح وبناء القدرات

الابتكار المفتوح: يُمكن لنماذج مثل البيانات المفتوحة والمصادر المفتوحة أن تُضفي طابعاً ديمقراطياً على المعرفة والموارد، مما يُعزز الابتكار الشامل للذكاء الاصطناعي. كما يُمكن لتنسيق موارد الذكاء الاصطناعي مفتوحة المصدر، القيّمة ولكن المُجزأة، أن يُعزز إمكانية الوصول إليها ويُعزز التعاون العالمي.

بناء القدرات: يُمكن لمبادرات تبادل معارف وموارد الذكاء الاصطناعي، وخاصةً التعاون فيما بين بلدان الجنوب، أن تُعزز قدرة البلدان النامية على الاستفادة من فوائد الذكاء الاصطناعي ومواجهة التحديات المشتركة.

الذكاء الاصطناعي والتقدم العالمي - حان وقت العمل

يمكن للذكاء الاصطناعي أن يكون مُحفزاً للتقدم والابتكار والازدهار المُشترك - ولكن فقط إذا ساهمت البلدان بفعالية في تشكيل مساره. هذا يعني تحويل التركيز من التكنولوجيا إلى الإنسان، ووضعه في صميم تطوير الذكاء الاصطناعي. أما الاستثمارات الاستراتيجية، والحوكمة الشاملة، والتعاون الدولي، فهي عوامل أساسية لضمان استفادة الجميع من الذكاء الاصطناعي، بدلاً من تعميق الانقسامات القائمة.

وتجدر الإشارة إلى أن مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (الأونكتاد) يكرس جهوده لتعزيز التنمية الشاملة والمستدامة من خلال التجارة والاستثمار لتحقيق الرخاء.