هيكل روبوتي خارجي ذاتي التوازن للمصابين بالشلل

يصمم بمستشعرات ومشغلات في الورك والركبة والكاحل

هيكل روبوتي خارجي ذاتي التوازن للمصابين بالشلل
TT
20

هيكل روبوتي خارجي ذاتي التوازن للمصابين بالشلل

هيكل روبوتي خارجي ذاتي التوازن للمصابين بالشلل

في معرض الإلكترونيات الاستهلاكية في يناير (كانون الثاني) الماضي، جربت إحدى السيدات المصابات بالشلل، بعد إزالة الجراحين ورماً حميداً في الحبل الشوكي لها، الهيكل الروبوتي الخارجي المدعوم بالطاقة من إنتاج شركة «هيومان إن موشن روبوتيكس» الكندية، ورقصت به. وأعلنت لجمهور من الحضور في قاعة المعرض: «العودة إلى المشي أمر رائع بعد إصابة الحبل الشوكي، لكن العودة إلى الرقص أمر يُغير قواعد اللعبة».

هيكل روبوتي خارجي مستقل

سوف تبدأ الشركة التجارب السريرية لهيكل «إكسوموشن» XoMotion الروبوتي الخارجي في أواخر أبريل (نيسان)، حيث ستختبر في البداية نسخة مخصصة لمرافق إعادة التأهيل كنقطة انطلاق نحو هيكل خارجي للاستخدام الشخصي يمكن للمصابين إحضاره إلى المنزل.

وهيكل «إكسوموشن» هو ثاني هيكل خارجي ذاتي التوازن، الذي يقود إلى استغناء المستخدمين عن الحاجة إلى الاستناد إلى العكازات أو المشايات، ويمكنهم إبقاء أيديهم حرة لممارسة مهام أخرى. وهو الهيكل الثاني من نوعه في العالم. ومنذ سنوات طور اثنان من الأكاديميين في جامعة سيمون فريزر في فانكوفر، فكرة مبتكرة لهيكل خارجي. وأراد البروفسور سياماك أرزانبور وزميله إدوارد بارك الاعتماد على الروبوتات المتطورة لبناء جهاز ذاتي التوازن. في ذلك الوقت، كان لدى العديد من الشركات هياكل روبوتية خارجية متاحة للاستخدام في إعدادات إعادة التأهيل، ولكن التكنولوجيا كانت بها العديد من القيود، ومن أبرزها أن جميع تلك الهياكل الخارجية كانت تتطلب عكازات لتثبيت الجزء العلوي من جسم المستخدم في أثناء المشي. الأكثر من ذلك، كان المستخدمون بحاجة إلى مساعدة للدخول والخروج من الهيكل الخارجي، وعادة ما لا تستطيع الأجهزة التعامل مع المنعطفات أو الدرجات أو المتحدرات.

ويقول البروفسور أرزانبور، الرئيس التنفيذي لشركة «هيومان إن موشن»، في حديث نقلته مجلة «سيكترم» الصادرة عن جمعية المهندسين الكهربائيين الأميركيين، إن فريقه كان دائماً ينجذب إلى التحدي الهندسي المتمثل في صنع هيكل روبوتي خارجي ذاتي التوازن. ويضيف أن الباحثين أدركوا ما يحتاج إليه المستخدمون بعدما التقوا بهم. وفي الولايات المتحدة، يعمل أرون جايارامان، الذي يباشر أبحاثاً حول الهياكل الخارجية في مختبر «شيرلي ريان» للقدرات في شيكاغو مع شركة «هيومان إن موشن» في تجاربها السريرية هذا الربيع. ويقول إن الهياكل الخارجية ذاتية التوازن أكثر ملاءمة للاستخدام المنزلي من الهياكل الخارجية التي تتطلب دعماً للذراع. ويضيف: «إن الاضطرار إلى استخدام أجهزة مساعدة مثل المشايات والعكازات يجعل من الصعب الانتقال عبر الأسطح مثل الأرض المستوية أو المتحدرات أو الأرصفة أو الأسطح غير المستوية».

مشغلات الورك والركبة والكاحل

لكن، كيف تعمل الهياكل الخارجية ذاتية التوازن؟ تستخدم الهياكل الخارجية ذاتية التوازن الكثير من نفس التكنولوجيا الموجودة في العديد من الروبوتات الشبيهة بالبشر التي تظهر في السوق الآن. وهي تحتوي على حزم من المشغلات عند مفاصل الكاحل والركبة والورك، مع مجموعة من المستشعرات لاكتشاف كل من المواضع المتغيرة للهيكل الخارجي والبيئة المحيطة، ومعالجات سريعة للغاية لمعالجة جميع بيانات المستشعر وتوليد تعليمات لحركات الجهاز التالية. وبينما تكون الهياكل الخارجية ذاتية التوازن أضخم حجماً من تلك التي تتطلب دعامات للذراع، يقول البروفسور أرزانبور إن الاستقلالية التي تمنحها لمستخدميها تجعل التكنولوجيا فائزة بصورة واضحة. كما يلاحظ أيضاً أن النماذج ذاتية التوازن يمكن استخدامها من قبل مجموعة واسعة من الأشخاص، بمن في ذلك الأشخاص ذوو القوة والحركة المحدودة في الجزء العلوي من الجسم.

إمكانات واعدة وتحديات

•أوامر توجيه للهيكل الروبوتي. عندما يريد المصاب ارتداء هيكل «إكسوموشن»، يمكنه استدعاؤه من الجانب الآخر من الغرفة باستخدام تطبيق وإصدار أمر له بالجلوس بجوار كرسيه المتحرك. وإذا كان المصاب قادراً على نقل نفسه، فإنه يربط نفسه بالجهاز من دون مساعدة، ثم يستخدم عصا تحكم بسيطة متصلة بالهيكل الخارجي للتحكم في حركته. ويمكن أن يعمل الهيكل الخارجي مع مجموعة متنوعة من آليات التحكم المختلفة، ولكن الاتصال السلكي يعدّ الأكثر أماناً. وعندما يضع الجهاز في «وضع الرقص»، الذي ابتكره المهندسون، يمكن إسقاط وحدة التحكم والاعتماد على مستشعرات الهيكل الخارجي لالتقاط التحولات الدقيقة لجذع المصاب وترجمتها إلى حركات للساق.

• تحديات منزلية. ما التحديات التي تواجه الهياكل الخارجية للاستخدام المنزلي؟ هيكل «إكسوموشن» ليس أول هيكل خارجي يوفر إمكانية الاستخدام من دون الاستعانة باليدين. يعود هذا الشرف إلى شركة «ويندركرافت» الفرنسية، التي حصلت بالفعل على موافقة تنظيمية لنموذج إعادة التأهيل الخاص بها في أوروبا والولايات المتحدة، وهي تبدأ الآن التجارب السريرية لنموذج للاستخدام المنزلي. لكن البروفسور أرزانبور يقول إن هيكل «إكسوموشن» يقدم العديد من التطورات التقنية مقارنة بجهاز شركة «ويندركرافت»، بما في ذلك محاذاة دقيقة للمفاصل الآلية والمفاصل البيولوجية للمستخدم؛ لضمان عدم تعرض الجسم لإجهاد لا داعي له، بالإضافة إلى مستشعرات عزم الدوران في المشغلات لجمع بيانات أكثر دقة حول حركات الجهاز.

من جهته، يقول سايكات بال، الأستاذ المساعد في معهد نيوجيرسي للتكنولوجيا والمشارك في التجارب السريرية لشركة شركة «ويندركرافت»، إن الحصول على الموافقة على نموذج للاستخدام المنزلي يمثل تحدياً لأي شركة للهياكل الخارجية. ويضيف بال قائلاً: «بالنسبة لأي جهاز سوف يُستخدم في المنزل، ستكون المعايير مختلفة عن العيادة. كل منزل يبدو مختلفاً، وله مسافات مختلفة. المشكلة الهندسية أكثر تعقيداً بعدة مرات عندما تنقل الجهاز إلى المنزل». ويعتقد مهندسو شركة «هيومان إن موشن» أنهم سيحلون المشاكل في غضون عامين، مما يمكن المصابين من اصطحاب هيكل «إكسوموشن» إلى المنزل معها.


مقالات ذات صلة

الخصوصية في محادثات الذكاء الاصطناعي... تحت المجهر

تكنولوجيا يمكنك حماية بياناتك وخصوصيتك وملفاتك من تدريبات نماذج اللغة الكبيرة المعروفة

الخصوصية في محادثات الذكاء الاصطناعي... تحت المجهر

في عصر يشهد فيه الذكاء الاصطناعي انتشارا واسعا، تزداد المخاوف المتعلقة بخصوصية البيانات. وتثير نماذج اللغة الكبيرة مثل «غوغل جيميناي» و«تشات جي بي تي»

خلدون غسان سعيد (جدة)
تكنولوجيا لوحة مفاتيح متطورة للألعاب الإلكترونية

لوحة مفاتيح متطورة للألعاب الإلكترونية

عندما يتعلق الأمر بلوحات المفاتيح، يبحث اللاعبون دائماً عن ميزة، أو عن جماليات أفضل.

جايسون كاتشو ( واشنطن)
تكنولوجيا سماعات الرأس "فوكس إيه 5 برو"

سماعات بذكاء اصطناعي عازل للضجيج وطقم يحوّل الهاتف إلى نظام للتصوير

إليكم جهازين جديدين. عزل «ذكي» للضجيج * تصمم سماعات الرأس «فوكس إيه 5 برو» الجديدة بتقنيات الإلغاء التكيفي للضوضاء التي تعتمد على الذكاء الاصطناعي، إضافة إلى…

غريغ إيلمان (واشنطن)
علوم لوحة تصويرية لعائلة انسان الكهوف في منطقة لابالم في فرنسا في عصور ما قبل التاريخ

روابط مشتركة مثيرة للدهشة بين الأوروبيين والمغاربيين القدماء

كشفت دراسة رائدة عن أن الصيادين الأوروبيين أبحروا عبر البحر الأبيض المتوسط إلى شمال أفريقيا قبل أكثر من 8 آلاف عام.

د. وفا جاسم الرجب (لندن)
تكنولوجيا أعلنت «غوغل» عن «بيكسل 9a» بسعر 499 دولاراً بتصميم جديد وشاشة أكثر سطوعاً ومعالج تينسور G4 وذكاء اصطناعي متطور (غوغل)

«غوغل» تكشف رسمياً عن «بيكسل 9a» بتحديثات قوية... إليك جميع الميزات

هو أحدث هواتف سلسلة «A» من «غوغل» التي تقدم مزيجاً رائعاً من الأداء القوي والذكاء الاصطناعي المتطور والكاميرا المحسنة.

عبد العزيز الرشيد (الرياض)

التنافس بين الصين وأميركا في مجال الذكاء الاصطناعي... متعدد الأوجه

التنافس بين الصين وأميركا في مجال الذكاء الاصطناعي... متعدد الأوجه
TT
20

التنافس بين الصين وأميركا في مجال الذكاء الاصطناعي... متعدد الأوجه

التنافس بين الصين وأميركا في مجال الذكاء الاصطناعي... متعدد الأوجه

في 13 مارس (آذار) الحالي، أصدرت شركة «أوبن إيه آي» مقترحاً لخطة عمل الولايات المتحدة للذكاء الاصطناعي. وأكدت في تقريرها أنه على الرغم من أن الولايات المتحدة تحتل حالياً مكانة رائدة في مجال الذكاء الاصطناعي، فإن نجاح شركة «ديب سيك» الصينية يشير إلى أن هذه الميزة ليست بالأهمية نفسها التي تبدو عليها، وأنها تتضاءل تدريجياً، كما كتب دينغدينغ تشين، وينغفان تشين، ورونيو هوانغ *.

وتهدف خطة عمل الذكاء الاصطناعي إلى ضمان استمرار تفوق ابتكارات الذكاء الاصطناعي في الولايات المتحدة على ابتكارات الصين، ما يضمن ريادة الولايات المتحدة في هذا المجال.

تنافس متعدد الأوجه

مع ذلك، فإن اختزال التنافس في إطار تبسيطي لـ«مَن يقود الذكاء الاصطناعي» يتجاهل التعقيدات المحيطة به. فالتنافس بين الولايات المتحدة والصين في مجال الذكاء الاصطناعي ليس لعبة محصلتها صفر؛ بل هو تنافسٌ متعدد الأوجه ومعقد، تُشكِّله عوامل كثيرة، كالاعتبارات الجيوسياسية، والوصول إلى البيانات، والمواهب، والبيئات التنظيمية، والبنية التحتية التكنولوجية.

تصاميم ذكية متنوعة

دفعت المنافسة بين الصين والولايات المتحدة في مجال الذكاء الاصطناعي تطوير تقنيات الذكاء الاصطناعي إلى منافسة أكثر تنوعاً وتميزاً. ويُجسِّد تطوير نماذج الذكاء الاصطناعي الكبيرة الطبيعة المتطورة لهذه المنافسة. على سبيل المثال، صُمم «GPT-4.5» من «أوبن إيه آي» خصيصاً للمهام المعقدة عالية الأداء، متفوقاً في توليد النصوص المعقدة وفهمها من خلال موارد حاسوبية هائلة. يسمح هذا التخصص له بالتعامل مع المهام التي تتطلب فهماً عميقاً للغة والسياق والفروق الدقيقة.

من ناحية أخرى، يتبنى «Perceiver» من «ديب مايند» نهجاً مختلفاً؛ حيث يُقدِّم نسخة من أداة تحويلية قادرة على معالجة البيانات متعددة الوسائط -مثل الصور والأصوات والفيديو- ما يجعله متعدد الاستخدامات عبر مجموعة متنوعة من أنواع المدخلات.

أنظمة ذكية متكيفة ليست بنمط واحد مهيمن

أدى التنافس في تطوير نماذج الذكاء الاصطناعي بين البلدين إلى استكشاف هياكل معمارية متنوعة مُحسنة لحالات استخدام مختلفة، بدلاً من مجرد تجاوز حدود الحوسبة. تُبرز هذه المناهج الوطنية المتباينة الطبيعة الديناميكية والمتطورة لبحوث الذكاء الاصطناعي؛ حيث تظهر أساليب وتطبيقات مبتكرة. وهذا يُشير إلى أن مستقبل الذكاء الاصطناعي ستُحدده أنظمة متعددة متخصصة وقابلة للتكيف، وليست بنية معمارية واحدة مهيمنة.

التطوير المتنوع لنماذج الذكاء الاصطناعي الكبيرة

يزداد تنوع المشهد التقني لنماذج الذكاء الاصطناعي الكبيرة، ما يجعل من غير العملي إجراء مقارنات بناءً على منظور أحادي البعد فقط. يشمل نموذج الذكاء الاصطناعي مجموعة متنوعة من المجالات، مثل الذكاء الاصطناعي التوليدي، والتعلم الآلي، والتعلم العميق، والرؤية الحاسوبية، ونماذج الذكاء الاصطناعي الهجين؛ حيث يستخدم كل منها أطراً معمارية مختلفة.

وبينما يعتمد معظم نماذج الذكاء الاصطناعي التوليدية الرائدة في الولايات المتحدة، مثل «ChatGPT-O3» من «OpenAI» و«Grok-3» من «xAI»، على هياكل لأدوات تحويلية، فإن هذا لا يعني بالضرورة أن هذه النماذج ستستمر في الهيمنة على مستقبل تطوير الذكاء الاصطناعي.

الريادة التكنولوجية

يُظهر التطور السريع لتقنيات الذكاء الاصطناعي، إلى جانب تغير المتطلبات في مختلف القطاعات، أن الريادة التكنولوجية لا يمكن تحديدها فقط من خلال التفوق الحالي لأي بنية معمارية واحدة؛ بل سيُشكل مستقبل الذكاء الاصطناعي مجموعة من النماذج المتخصصة التي يُعالج كل منها مهامَّ ومتطلبات فريدة.

ابتكارات لنظم ذكية متنوعة

تعمل شركات التكنولوجيا في كل من الصين والولايات المتحدة باستمرار على ابتكار نماذج الذكاء الاصطناعي وتحسينها، مُصدرة منتجات واسعة النطاق ذات تطبيقات مُتنوعة ومزايا مُتميزة. على سبيل المثال، يُعزز نظام «Claude 3.5 Sonnet» من «أنثروبيك» قدرات التفكير البصري من خلال تحسين قدرة الذكاء الاصطناعي على نسخ النصوص من صور غير مُكتملة أو مُشوشة، ما يُمثل تقدماً كبيراً في مجال الذكاء الاصطناعي مُتعدد الوسائط. وبالمثل، يُجسد استخدام «DeepSeek» نموذج «MoE» (مزيج الخبراء) مفتوح المصدر، كيفية تعزيز الكفاءة من خلال تخصيص الموارد ديناميكياً للخبراء المُتخصصين في مهام مُحددة، ما يُحسِّن كلاً من استخدام الموارد وأداء المهام.

من ناحية أخرى، يُمثل نموذج «Hunyuan Turbo S» من «تنسنت» نهجاً مختلفاً؛ إذ يستفيد من بنية «Hybrid Mamba Transformer» لتحقيق التوازن بين التفكير السريع والسطحي والتفكير البطيء والمدروس، ما يُحقق مرونة فريدة في صنع القرار.

تُوضح هذه الأمثلة اتساع نطاق النهج الذي يتبعه مطورو الذكاء الاصطناعي؛ حيث يُمثل كل نموذج آفاقاً جديدة في تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي. وعلى الرغم من تفوق هذه النماذج في مجالات مختلفة، فإنها لا تستبعد بعضها بعضاً؛ بل تعكس مشهداً سريع التطور؛ حيث تُحرك الابتكارات اتجاهات معمارية متعددة ومتباينة.

فرص التعاون بين الصين والولايات المتحدة

للحفاظ على هيمنتها في مجال الذكاء الاصطناعي، شددت الولايات المتحدة ضوابط التصدير، وقيدت تعاونها مع الصين. في يناير (كانون الثاني) 2025، قدَّم مكتب الصناعة والأمن Bureau of Industry and Security» (BIS)» إطار عمل لنشر الذكاء الاصطناعي، ما حدَّ من وصول الصين إلى تقنيات الذكاء الاصطناعي الأميركية المتقدمة، بما في ذلك الرقائق المتطورة، والحوسبة السحابية.

ومع ذلك، يتجاهل هذا النهج الفوائد المحتملة للتعاون؛ إذ تتمتع كلتا الدولتين بنقاط قوة فريدة، ويمكن للتعاون أن يدفع عجلة الابتكار في البحث والأمن ومعايير الذكاء الاصطناعي العالمية، ما يعود بالنفع في نهاية المطاف على منظومة الذكاء الاصطناعي الأوسع.

تدفق متبادل للمواهب في الذكاء الاصطناعي

هناك تدفق كبير للمواهب في مجال الذكاء الاصطناعي بين الصين والولايات المتحدة، مع درجة عالية من التكامل العابر للحدود في بحوث الذكاء الاصطناعي.

وقد وجدت بدور الشبلي وآخرون، من خلال تحليل مجموعات بيانات لأكثر من 350 ألف عالم ذكاء اصطناعي، و5 ملايين ورقة بحثية في هذا المجال، أن معظم علماء الذكاء الاصطناعي المهاجرين إلى الصين يأتون من الولايات المتحدة، بينما يأتي معظم المهاجرين إلى الولايات المتحدة من الصين، ما يُبرز بوضوح التدفق الثنائي للكفاءات.

بحوث صينية- أميركية مشتركة

إضافة إلى ذلك، ورغم وجود اتجاه تنازلي، فلا تزال الأدبيات العلمية حول بحوث الذكاء الاصطناعي الناتجة عن التعاون الصيني الأميركي، تتفوق بشكل ملحوظ على مثيلاتها الناتجة عن تعاون الولايات المتحدة مع دول أخرى.

ووفقاً لقاعدة بيانات أنشأتها جامعة جورجتاون؛ بلغ عدد المقالات المشتركة بين الصين والولايات المتحدة 47715 مقالاً، وهو رقم أعلى بكثير من ثاني أكبر متعاون، المملكة المتحدة، التي بلغ عدد المقالات المشتركة معها 18400 مقال. كما أظهرت الدراسات أن أوراق البحوث التي تتضمن تعاوناً بين الولايات المتحدة والصين تميل إلى أن يكون لها تأثير أكبر من تلك التي تقودها دولة واحدة بمفردها.

ومع ذلك، اتخذت الحكومة الأميركية خطوات للحد من تبادل المواهب والتعاون بين البلدين، ولا سيما في مجالات مثل الذكاء الاصطناعي. وقد طُرح أخيراً مشروع قانون يُسمَّى «قانون إيقاف تأشيرات الحزب الشيوعي الصيني»، ويهدف إلى استبعاد الطلاب الصينيين من المشاركة في المشاريع الأكاديمية الأميركية. وتُهدد هذه الإجراءات بإلحاق الضرر ببيئة التعاون بين الولايات المتحدة والصين في مختلف مجالات البحث والابتكار.

من ناحية أخرى، هناك إمكانات كبيرة للتعاون بين شركات الذكاء الاصطناعي الصينية والأميركية، ولا سيما في مجالات مثل الأمن والحوكمة والمعايير التكنولوجية الدولية.

ابتكارات صينية متميزة

ومع التقدم السريع لنماذج الذكاء الاصطناعي الكبيرة في الصين، فإنها تُضيِّق الفجوة بشكل متزايد مع تلك التي تقودها الشركات الأميركية. على سبيل المثال، أظهر الإصدار الأخير من «Ernie 4.5» من «Baidu» قدرات رائعة في فهم الوسائط المتعددة ومعالجة اللغات، بينما يُمكِّن برنامج «Hunyuan 3D-2.0» مفتوح المصدر من «Tencent» الذي أُطلق في 18 مارس، من تحويل النصوص والصور إلى نماذج ثلاثية الأبعاد، ما يُمثل تقدماً ملحوظاً في المحتوى المُولَّد بالذكاء الاصطناعي (AIGC).

علاوة على ذلك، يُبرز التعاون المستمر بين شركات الذكاء الاصطناعي الصينية والأميركية إمكانات التآزر التكنولوجي.

وأخيراً، دخلت شركة «أبل» في شراكة مع «علي بابا» لتطوير ميزات متقدمة للذكاء الاصطناعي، بينما تستكشف «فورد» دمج نماذج الذكاء الاصطناعي في تصميم السيارات، بما في ذلك نماذج من شركتي «أوبن إيه آي» و«أنثروبيك» الأميركيتين، و«ديب سيك» الصينية. تساعد نماذج الذكاء الاصطناعي هذه في أتمتة مهام، مثل إنشاء نماذج ثلاثية الأبعاد من الرسومات، وإجراء تحليلات الإجهاد على مكونات السيارة، مما يُقلل بشكل كبير من أوقات المحاكاة والاختبار.

التنافس: تحدٍّ متعدد الأبعاد وتعاوني

في الختام، بينما يُصوَّر التنافس بين الصين والولايات المتحدة في مجال الذكاء الاصطناعي غالباً على أنه تنافس على الهيمنة العالمية، فإنه في الواقع تحدٍّ متعدد الأبعاد وتعاوني.

وتدفع كلتا الدولتين عجلة الابتكار التكنولوجي في مجال الذكاء الاصطناعي قُدماً، وبدلاً من مجرد التنافس، تتوفر لهما فرص كثيرة للتعاون. ومن خلال التركيز على الأهداف المشتركة في سلامة الذكاء الاصطناعي والحوكمة والابتكار، لا تستطيع الولايات المتحدة والصين فقط تطوير أجنداتهما التكنولوجية الخاصة؛ بل تُسهمان أيضاً في تشكيل مشهد عالمي مسؤول ومبتكر للذكاء الاصطناعي.

* «ذا دبلومات»، خدمات «تريبيون ميديا».