دراسة تكشف السبب وراء اللون الأحمر للمريخ

يتميز كوكب المريخ بلونه الأحمر (رويترز)
يتميز كوكب المريخ بلونه الأحمر (رويترز)
TT
20

دراسة تكشف السبب وراء اللون الأحمر للمريخ

يتميز كوكب المريخ بلونه الأحمر (رويترز)
يتميز كوكب المريخ بلونه الأحمر (رويترز)

يتميز كوكب المريخ بلونه الأحمر، حيث يطلق عليه اسم الكوكب الأحمر. والآن يقول بعض العلماء إنهم اكتشفوا المصدر المحتمل لهذا اللون المميز.

ويعد المريخ أحد أكثر الكواكب التي تمت دراستها جيداً في نظامنا الشمسي نظراً لقربه من الأرض ولكثرة المركبات الفضائية التي زارته على مدار العقود القليلة الماضية. وقد زودت المركبات المدارية والمركبات التي تهبط على سطحه العلماء ببيانات تُظهر أن اللون الأحمر للمريخ يأتي من معادن الحديد الصدئة الموجودة داخل الغبار الذي يغطي الكوكب.

وبحسب شبكة «سي إن إن» الأميركية، فقد أشار العلماء سابقا إلى أنه في مرحلة ما، تفاعل الحديد الموجود داخل الصخور على المريخ مع الماء أو الماء والأكسجين في الهواء، مما أدى إلى تكوين أكسيد الحديد - بنفس الطريقة التي يتكون بها الصدأ على الأرض.

وعلى مدى مليارات السنين، تحلل أكسيد الحديد إلى غبار واستقر عبر الكوكب كله بعد أن حركته الرياح المريخية.

ولم تكشف التحليلات السابقة لأكسيد الحديد على المريخ، والتي استندت فقط إلى ملاحظات المركبات الفضائية، عن أي دليل على وجود الماء، مما دفع الباحثين إلى الاعتقاد بأن المعدن المسؤول عن لون المريخ هو الهيماتيت (أحد أهم المعادن الرئيسية المكونة لخام الحديد)، والذي يتكون في ظل ظروف جافة.

وكان يُعتقد أن المعدن قد تشكل من خلال تفاعلات مع الغلاف الجوي للمريخ في عملية حدثت على مدى مليارات السنين.

إلا أن هناك دراسة جديدة لفتت إلى أن السبب في اللون الأحمر للمريخ هو معدن يتكون في وجود الماء البارد، وليس الهيماتيت.

وهذا المعدن هو الفيريهيدريت، والذي من المحتمل أن يكون قد تشكل على المريخ عندما كان الماء لا يزال موجوداً على السطح قبل أن يصبح الكوكب أكثر برودة وأقل ملاءمة للسكن.

واقترحت بعض الأبحاث السابقة أن الفيريهيدريت هو السبب المحتمل لاحمرار المريخ، لكن الدراسة الجديدة جمعت بين الأساليب المعملية والبيانات الرصدية لأول مرة لتقديم الأدلة على هذا الأمر.

وفي الدراسة التي نشرت في مجلة «نيتشر»، استخدم أدوماس فالنتيناس، الأستاذ في قسم علوم الأرض والبيئة والكواكب في جامعة براون الأميركية، وفريقه البيانات التي جمعتها مركبة الفضاء الأوروبية «مارس اكسبريس» ومركبة «إكسو مارس تريس غاز أوربيتال»، بالإضافة إلى مركبة «مارس ريكونيسانس أوربيتال» التابعة لوكالة ناسا ومركبات «كيرويوزيتي» و«باث فايندر» و«أوبورتيونيتي».

وكشفت كاميرا CaSSIS الملونة الموجودة على متن مركبة «إكسو مارس تريس غاز أوربيتال»، التي تمتلك نظاما للتصوير الملون والمجسم للسطح، عن الحجم الدقيق لجزيئات الغبار على المريخ وتكوينها، مما سمح للباحثين بإنشاء نسختهم الخاصة على الأرض.

وقام العلماء بإنشاء غبار المريخ الخاص بهم في المختبر باستخدام أنواع مختلفة من أكسيد الحديد. تم وضع الغبار المتماثل في مطحنة متخصصة لإنشاء حبيبات مساوية في الحجم لتلك الموجودة على المريخ بسمك يعادل 1/100 من شعرة الإنسان.

وقام الفريق بتحليل الغبار باستخدام أجهزة الأشعة السينية وأجهزة قياس الانعكاس، على غرار التقنيات التي تستخدمها المركبات المدارية التي تدرس المريخ أثناء دورانها حول الكوكب. ثم قارن العلماء بيانات المختبر ببيانات المركبات الفضائية.

وقال فالنتيناس إن مطياف الانعكاس «أوميغا» التابع لمركبة مارس إكسبريس أظهر أن حتى أكثر أجزاء المريخ غباراً تحتوي على أدلة على وجود معادن غنية بالمياه، في حين أشارت البيانات من CaSSIS إلى وجود الفيريهيدريت وليس الهيماتيت على المريخ.

وقال فالنتيناس: «لقد وجدنا أن الفيريهيدريت المخلوط بالبازلت، وهو صخر بركاني، يناسب بشكل أفضل شكل المعادن التي رصدتها المركبات الفضائية على المريخ».

وأضاف: «النتيجة الرئيسية التي توصلنا إليها هي أنه نظراً لأن الفيريهيدريت لا يمكن أن يتشكل إلا في وجود الماء، فإن المريخ صدأ في وقت أبكر مما كنا نعتقد سابقاً».

وكانت دراسة أخرى نشرت أول من أمس (الاثنين) قد وجدت أدلة تشير إلى أن الكوكب الأحمر كان يضم شواطئ ومحيطات بأمواج ورياح.

وأوضح الباحثون في ورقتهم العلمية التي اعتمدت على بيانات جمعها المسبار الصيني «تشورونغ» أن هناك «ملاحظات متعددة تشير إلى أن كميات كبيرة من المياه السائلة كانت موجودة على سطح المريخ في الماضي، ولكن طبيعة هذه المياه ومصيرها لا يزالان غير مؤكدين».


مقالات ذات صلة

غبار المريخ «خطر» على رواد الفضاء

يوميات الشرق سمٌّ في غباره (إ.ب.أ)

غبار المريخ «خطر» على رواد الفضاء

من بعيد، يبدو المريخ ساحراً، لكنّ إرسال رواد فضاء لاستكشافه ربما يكون أصعب مما اعتُقد سابقاً، وذلك لاحتوائه على غبار سامّ.

«الشرق الأوسط» (لندن)
أوروبا كوكب المريخ (رويترز)

مبعوث بوتين للتعاون الدولي يتوقع إجراء بلاده محادثات مع ماسك بشأن رحلات إلى المريخ

أعلن كيريل دميترييف أن روسيا ترى آفاقاً واعدة للتعاون مع الولايات المتحدة، بما في ذلك في قطاع الفضاء.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
الولايات المتحدة​ منصة إطلاق «ستارشيب» قيد البناء في مركز كيندي الفضائي في فلوريدا (إ.ب.أ)

ماسك يعلن أنّ الصاروخ «ستارشيب» سينطلق إلى المريخ في نهاية 2026

أعلن مؤسس «سبايس إكس» إيلون ماسك، اليوم (السبت)، أن الصاروخ «ستارشيب» الضخم الذي تصنّعه الشركة سيُطلَق باتجاه المريخ في نهاية عام 2026.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
علوم رسم تخيلي لمستعمرة على كوكب المريخ

هل يخضع رواد الفضاء إلى تعديلات جينية بهدف استعمار المريخ؟

يبدو هذا السؤال افتراضياً، إذ ليس بمقدورنا أن نعرف ماهية الخصائص المثلى للحياة على المريخ، لذا فإن الجواب عليه: لا.

بات فرينش ومايك فولوز وسيمون ديلز (لندن)
يوميات الشرق اكتشاف خليج قديم على كوكب المريخ (ناسا)

أدلة جديدة على وجود «خليج المريخ»

كشف فريق دولي من العلماء عن أدلة جديدة على وجود «خليج المريخ»، الذي يُعتقد أنه كان موطناً لشواطئ رملية مشمسة ذات أمواج متلاطمة، تماماً كما نعرفها على الأرض.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

بكتيريا مُهندَسة جينياً... تُنتج بلاستيكاً حيوياً يُشابه النايلون

بكتيريا مُهندَسة جينياً... تُنتج بلاستيكاً حيوياً يُشابه النايلون
TT
20

بكتيريا مُهندَسة جينياً... تُنتج بلاستيكاً حيوياً يُشابه النايلون

بكتيريا مُهندَسة جينياً... تُنتج بلاستيكاً حيوياً يُشابه النايلون

في خطوة رائدة في مجال تطوير المواد المستدامة، نجح فريق من العلماء في كوريا الجنوبية بتعديل بكتيريا الإشريكية القولونية وراثياً؛ لإنتاج بلاستيك حيوي قوي ومرن يُشبه النايلون. ويُعدّ هذا الابتكار أول نوع من البوليمرات الحيوية يحتوي على روابط «أميد» شبيهة بالنايلون، ما يفتح آفاقاً جديدة في مواجهة أزمة التلوث البلاستيكي العالمية.

آفاق جديدة في البلاستيك الحيوي

قاد مهندس الجزيئات الحيوية سانغ يوب لي فريق البحث في المعهد الكوري المتقدم للعلوم والتكنولوجيا. وقال في دراسة نُشرت في مجلة «Nature Chemical Biology»، في 17 مارس (آذار) 2025، إن فريقه قام بتعديل بكتيريا الإشريكية القولونية لإنتاج بوليمر هجيني يُدعى «بوليمرات أميدية متعددة الإستر (PEA)» Poly(ester amide) وهو نوع من البوليمرات الاصطناعية القابلة للتحلل الحيوي.

ويتميز هذا البوليمر بقدرته على الجمع بين خاصية البوليستر القابل للتحلل الحيوي وبعض خصائص النايلون، من خلال الروابط الأميدية، في حين أن النايلون التقليدي يعتمد بالكامل على الوقود الأحفوري وروابط «أميد» غير قابلة للتحلل.

اختراق أدوات الطبيعة

وقد واجه الباحثون تحدياً رئيسياً يتمثل في عدم وجود إنزيمات طبيعية لتجميع بوليمرات تشبه النايلون. وللتغلب على هذه العقبة دمجوا جينات مُعدّلة من بكتيريا مختلفة في البلازميدات (وهي خيوط دائرية من الحمض النووي دي إن إيه DNA) أُدخلت إلى بكتيريا الإشريكية القولونية. وقادت هذه الجينات المعدلة الميكروبات لإنتاج إنزيمات جديدة قادرة على ربط السلاسل الجزيئية في البوليمرات. وقد أدت هذه العملية إلى إنتاج مادة ذات خصائص تضاهي البولي إيثيلين، أحد أكثر أنواع البلاستيك انتشاراً، رغم استمرار التساؤلات حول متانتها مقارنة بالنايلون التقليدي.

توسع الإنتاج والتحديات الاقتصادية

ونجح الفريق في استخدام مفاعلات حيوية على نطاق صناعي لإنتاج نحو 54 غراماً من البوليمرات لكل لتر، ما يُظهر إمكانية التوسع في الإنتاج. ومع ذلك لا تزال عملية حصاد البوليمر تتطلب تفتيت البكتيريا وتنقية المنتج، مما يزيد من تعقيد العملية وتكاليفها. وأقرّ سانغ يوب لي بأن تكلفة الإنتاج الحالية لا تستطيع منافسة تكلفة البلاستيك المُصنّع من الوقود الأحفوري التي تبلغ نحو دولار واحد للكيلوغرام. إلا أن الباحثين متفائلون بأن تحسين تقنيات الإنزيمات والتخمير وطرق الاسترداد قد يُخفض من التكاليف في المستقبل.

أمل لحل أزمة البلاستيك العالمية

وتأتي هذه الدراسة في وقت يواجه فيه العالم أزمة حادة بسبب النفايات البلاستيكية؛ حيث يتم إنتاج أكثر من 400 مليون طن من البلاستيك سنوياً وتبقى نسبة كبيرة منها في النظم البيئية على شكل جسيمات دقيقة. وتُعتبر النايلونات التقليدية المستخدمة في الملابس وقطع غيار السيارات من المساهمات الرئيسيات في هذه المشكلة. وعلى الرغم من أن البوليمرات الأميدية المتعددة الإستر ليست قابلة للتحلل الحيوي تماماً، فإن تركيبها الحيوي يمثل نموذجاً أكثر مراعاةً للبيئة مقارنة بالمواد التقليدية.

ويُعبر خبراء في هذا المجال عن تفاؤلهم بهذا الابتكار. فقد أشار كولين سكوت، مهندس الإنزيمات وعالم الأحياء التركيبية في بيرث بجامعة غرب أستراليا، إلى أن الدراسة تُظهر كيف يمكن لعلم الأحياء التركيبي إعادة تصور المواد بما يتناسب مع الاقتصاد التدويري. وأوضح سييتشي تاجوتشي، خبير الإنتاج الحيوي بجامعة كوبي في اليابان، أن دمج الأحماض الأمينية في البوليمرات غالباً ما يعوق نموها، لكنه أشار إلى أن الاختبارات الأولية أظهرت أن البلاستيك الحيوي المستخرج مستقر حرارياً وقابل للتشكيل ومناسب للتطبيقات المتعددة مثل المنسوجات والتغليف والطلاء.

تحديات التسويق

ورغم الإشارات الإيجابية للابتكار يواجه البوليمر الجديد بعض العقبات التقنية والاقتصادية، فعملية استخلاص وتنقية البوليمر تتطلب طاقة كبيرة، وقد يحدّ التركيب الهجين للبوليمر من قابليته لإعادة التدوير مقارنةً بالنايلون التقليدي. ومع ذلك يستمر البحث والتطوير لتحسين متانة البوليمر وجعله منافساً حقيقياً للمواد البلاستيكية القائمة على الوقود الأحفوري.

خطوة نحو مستقبل مستدام

وبينما يظل التسويق التجاري لهذا النوع من البلاستيك في مراحل مبكرة، يُظهر هذا الابتكار الإمكانيات الكبيرة لعلم الأحياء التركيبية في إعادة هندسة المواد بما يتوافق مع التحديات البيئية الراهنة. وفي وقت يُكافح فيه العالم التلوث البلاستيكي، يُعَدّ هذا العمل بمثابة خطوة واعدة نحو تطوير حلول صديقة للبيئة قادرة على المساهمة في الاقتصاد التدويري وإنقاذ الكوكب. ومع مزيد من التحسينات والبحوث قد يصبح إنتاج البلاستيك الحيوي بهذه التقنية خياراً مستقبلياً يوفر بديلاً مستداماً للبلاستيك التقليدي.