الآشوريون عرفوا علاج جذور الأسنان قبل أكثر من 3000 عام

رسالة أثرية تكشف عن تطور الطب القديم في حضارة وادي الرافدين

الآشوريون عرفوا علاج جذور الأسنان قبل أكثر من 3000 عام
TT

الآشوريون عرفوا علاج جذور الأسنان قبل أكثر من 3000 عام

الآشوريون عرفوا علاج جذور الأسنان قبل أكثر من 3000 عام

عندما ننظر إلى تاريخ الطب القديم، نجد أن الحضارات القديمة كانت متقدمة في مجالات عدة بفضل براعة وابتكار أطبائها.

ومن بين هذه الحضارات، تبرز حضارة وادي الرافدين، بإنجازاتها العظيمة في الطب والعلاج. ومن أكثر الاكتشافات إثارة للإعجاب هي الرسائل الطبية الآشورية التي تكشف عن ممارسات طبية متقدمة تُستخدم لمعالجة التحديات الصحية المعقدة.

رسالة تشخيص قبل نحو 3000 عام

من بين هذه الرسائل المذهلة تأتي رسالة تعود إلى القرن السابع قبل الميلاد، أرسلها طبيب إلى الملك الآشوري نابو ناصر. تحتوي هذه الرسالة على تفاصيل مذهلة حول كيفية تعامل الأطباء مع مشكلات صحية تتعلق بالأسنان التي كانت تسبب آلاماً شديدة للملك، لا في السن فحسب، بل وفي باقي الجسم إذ كان يعاني من الصداع وآلام الأطراف.

وفي الرسالة، يشخّص الطبيب السبب وراء الأوجاع التي يعاني منها الملك على أنها نتيجة لمشكلة في الأسنان، ويوضح أن التسوس، الذي كان يُعتقد آنذاك أنه بسبب الديدان، هو السبب وراء هذه الأعراض.

علاج جذور الأسنان

قدم الطبيب توصيات للعلاج، مشيراً إلى خيارين رئيسيين: الأول هو علاج السن عبر «قنوات داخلية»، حيث يتم تنظيف التسوس، وهو أقرب ما يكون لما نعرفه اليوم بعلاج الجذور. أما الخيار الثاني فهو قلع السن المصابة بالكامل إذا كانت الحالة متقدمة.

تقدم الفكر الطبي في حضارة آشور

وتكشف الرسالة عن وعي الأطباء الآشوريين بأثر صحة الفم على باقي أعضاء الجسم، وهي فكرة لم تكتشفها الأبحاث الطبية الحديثة إلا في القرن التاسع عشر. وهذا الوعي يعكس تفوق الأطباء الآشوريين في فهم العلاقة المتبادلة بين صحة الفم والصحة العامة للجسم.

كما تُظهر النصوص المسمارية التي وثقت هذه الرسائل تنوع الممارسات الطبية في ذلك الوقت، حيث لم تقتصر على استخدام الأعشاب والزيوت، بل شملت أيضاً الطقوس الروحية والتقنيات الجراحية البسيطة.

تاريخية الوثيقة واكتشافها

هذه الوثيقة الثمينة، التي نشرها وترجمها العلامة البروفسور طه باقر في القرن العشرين (وتم نشرها حصرياً في المجلات العلمية لكنها لم تنشر في أي وسيلة إعلامية للعامة وهذه أول مرة يتم نشرها على أي صحيفة أو مجلة تستهدف العامة)، تؤكد مكانة الطب الآشوري بين حضارات العالم القديم. وعثر على هذه الرسالة في تل قوينجق شمال مدينة الموصل في العراق، وتعتبر من أهم الوثائق التي تبرز التقدم الطبي لدى الآشوريين.

إن هذا التراث الطبي الثري يُعد مصدر فخر للإنسانية، ويذكرنا بأهمية الاستمرار في البحث والتعلم من الحضارات السابقة لتطوير مستقبل أكثر صحة ورخاء.


مقالات ذات صلة

أمير القصيم: السعودية حاضنة للعلم والمعرفة

صحتك الأمير فيصل بن مشعل في صورة تذكارية مع المشاركين من أنحاء العالم (إمارة القصيم)

أمير القصيم: السعودية حاضنة للعلم والمعرفة

قال الأمير الدكتور فيصل بن مشعل أمير منطقة القصيم، إن «السعودية، بفضل رؤيتها الطموح، أصبحت حاضنة للعلم والمعرفة».

«الشرق الأوسط» (بريدة)
صحتك وفقاً لمنظمة الصحة العالمية يعاني 3.8 % من سكان العالم من الاكتئاب ما يؤثر على نحو 280 مليون شخص (رويترز)

اكتشاف المئات من عوامل الخطر الوراثي المسببة للاكتئاب

حددت دراسة عالمية 300 عامل خطر جيني غير معروفة سابقاً للاكتئاب لأنها شملت عينة سكانية واسعة جداً، ما يوسّع فهم العلم لمسببات الاكتئاب.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك ستسمح البيانات التي تم جمعها في الدراسة للعلماء في جميع أنحاء العالم بإجراء أبحاث متعلقة بالصحة واستكشاف كيف تؤدي أنماط الحياة والبيئة والجينات من خلال البروتينات إلى إصابة بعض الأشخاص بأمراض معينة (رويترز)

الإعداد لأكبر دراسة بروتينية ستحدث ثورة في اختبارات السرطان والخرف

ستنطلق أكبر دراسة في العالم للبروتينات التي تدور في جسم الإنسان في بريطانيا هذا الشهر، في مشروع قد يُحدث ثورة في اكتشاف الأمراض.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك البروتينات الضارة محرك مهم لشيخوخة الدماغ والتدهور المعرفي المرتبط بالعمر (رويترز)

كيف يمكننا إبطاء شيخوخة الدماغ ومنع الخرف؟

تشمل نصائح إبطاء شيخوخة الدماغ: تشجيع ممارسة الرياضة، النظام الغذائي الصحي، تقليل تعرّض الناس لتلوث الهواء والتدخين، التأكد من أن الناس ليسوا معزولين اجتماعياً.

«الشرق الأوسط» (برلين)

حان الوقت للتوقف عن صنع أجهزة الذكاء الاصطناعي القابلة للارتداء

حان الوقت للتوقف عن صنع أجهزة الذكاء الاصطناعي القابلة للارتداء
TT

حان الوقت للتوقف عن صنع أجهزة الذكاء الاصطناعي القابلة للارتداء

حان الوقت للتوقف عن صنع أجهزة الذكاء الاصطناعي القابلة للارتداء

حسناً، أيها الإخوة التقنيون؛ لقد سئمت بالفعل من أجهزة الذكاء الاصطناعي القابلة للارتداء الخاصة بكم؛ لأنكم تعلمون أن الأمر قد ذهب إلى أبعد من ذلك.

أداة «أومي» الذكية

كارثة الذكاء الاصطناعي «الملبوس»

أنا أتحدث عن قلادات: «فريند إيه آي» Friend AI، و«ليمتليس»Limitless ، و«أومي إيه آي»Omi AI ، وأساور «بي إيه آي» Bee AI، و«نوت بن» NotePin، وحتى دبوس «هيومين إيه آي»Humane AI ، وكتلة كاميرا الشاشة «رابيت إيه آي» Rabbit AI. هذه هي الأجهزة السابقة والمستقبلية لكارثة الأجهزة القابلة للارتداء التي تعمل بالذكاء الاصطناعي والتي حدثت بالفعل.

إن أفكار هذه الأجهزة كانت رائعة في رأسكم؛ نعم؛ لكن أجهزتكم لن تُباع حتى في ساحة الخردة.

خسائر استثمارات ملبوسات الذكاء الاصطناعي

أطلقت «هيومين» دبوسها في أوائل عام 2024، بعد جمعت ما يقرب من 230 مليون دولار من المستثمرين. كانت تريد بيع 100 ألف وحدة خلال العام؛ لكنها باعت 10 آلاف وحدة فقط (تم إرجاع نحو 30 في المائة منها).

إلا أن إطلاق «رابيت» لم يكن محرجاً بالقدر نفسه؛ لكنه كان سيئاً على أي حال. باعت الشركة ما يقدر بنحو 50 ألف وحدة بسعر 199 دولاراً لكل وحدة، ما أدى إلى مبيعات تقرب من 10 ملايين دولار، مقابل 64.7 مليون دولار في الاستثمار.

حاول مصممو هذين المنتجين -على ما يبدو- صياغة رؤية -وإن كانت ضبابية ومضللة ومميتة في النهاية- لما يمكن أن يكون عليه الجيل القادم من أجهزة الحوسبة. حتى أن «الأرنب» جاء بتصميم أجهزة عتيق جميل؛ لكنه لم يكن كافياً في النهاية.

تشترك كل هذه الأجهزة الإلكترونية في شيء واحد: لم ينجح أي منها في تحويل قدرة الذكاء الاصطناعي على اللغة الطبيعية إلى ثورة تجربة المستخدم الرابعة الموعودة.

ابتداع «أومي»

خذ «أومي» مثالاً؛ حيث يدَّعي مخترعه أنه سيجسد «مستقبل الحوسبة»! لن يكون كذلك، لا الآن، ولا في غضون 5 سنوات، ولا في مليون عام؛ لأنه «يقرأ عقلك» عبر قطب كهربائي يتم تنشيطه بالتركيز. هذا الزر المتوهج في الجبهة لا يجهِّز عقل أي شخص للعمل. إنه مجرد ميكروفون غبي يتحدث إلى أداة الذكاء الاصطناعي السحابية من خلال هاتفك.

الذكاء الاصطناعي مرحلة ثورية مبكرة

لا تفهمني خطأ. ما زلت أعتقد أن الذكاء الاصطناعي سيكون المفتاح للثورة الرابعة والحاسمة في تجربة المستخدم. سوف يزيل يوماً ما الحواجز بين المستخدمين وأجهزة الكومبيوتر، وسيمنح الناس إمكانية الوصول الكامل إلى قوة الحوسبة التي ستكون غير مرئية حقاً؛ لأنها لن يمكن تمييزها عن التفاعل مع البشر الآخرين والأشياء في العالم الحقيقي.

رؤى زائفة للمستقبل

لكننا لا نزال في المراحل المبكرة؛ إذ إن نماذج الذكاء الاصطناعي غير كافية. فهي غير قادرة على معالجة وفهم العالم في الوقت الفعلي مثل الدماغ البشري، لذا فهي لا تستطيع حقاً الحصول على الفروق الدقيقة التي تحتاجها لتكون مفيدة حقاً لأي شخص. بالإضافة إلى أن الأجهزة لا تمتلك أي قوة قريبة من القوة التي تحتاجها لتقديم ردود فعل فورية محلياً.

ولكن ما أعرفه هو أن هذه الأشياء الجديدة (المعلقات، والدبابيس، وأساور المعصم) ليست سوى رؤى مستقبلية زائفة لمستقبل غير حقيقي.

* مجلة «فاست كومباني»، خدمات «تريبيون ميديا».