بدعة تناول النساء لهرمون التستوستيرون لتحسين الحالة المزاجية

يزداد ترويجها في المنصات الاجتماعية بدعوى تعزيز الرغبة الجنسية

بدعة تناول النساء لهرمون التستوستيرون لتحسين الحالة المزاجية
TT

بدعة تناول النساء لهرمون التستوستيرون لتحسين الحالة المزاجية

بدعة تناول النساء لهرمون التستوستيرون لتحسين الحالة المزاجية

تقوم وسائل التواصل الاجتماعي بعمل جيد جداً في تعريفنا بالاتجاهات الجديدة، سواء كانت حول استخدام اللهجة العامية الدارجة للشباب، أو أدوات صحية جديدة لحياة أفضل، كما كتبت سارة بريجيل (*). ولكن مجرد انتشار شيء ما على نطاق واسع وتراكم الكثير من الثناء لا يعني بالضرورة أنه عادة، أو سلوك جيد يجب أن نتبناه على نطاق واسع.

ترويج التستوستيرون للنساء

وهذا ما قد ينطبق على حالات انتشار تناول النساء لهرمون التستوستيرون - وهو اتجاه شائع - يزعم مروجوه بأنه صحي، انتشر على الإنترنت وفي الحياة اليومية للنساء.

لطالما تم إعطاء هرمون التستوستيرون للرجال المسنين لمكافحة حالات مثل تساقط الشعر وانخفاض الرغبة الجنسية، وزيادة قوة العضلات والطاقة. ولكن في السنوات الأخيرة، أصبح أيضاً أكثر شيوعاً بين النساء.

انتشار غير مسبوق

ووفقاً لـ«إن بي سي نيوز» ـ NBC News، تُظهر البيانات الأخيرة من شركة IQVIA لتكنولوجيا الصحة، وجود زيادة بنسبة 50 في المائة تقريباً في النساء اللائي يتناولن هرمون التستوستيرون في العقد الماضي (من 2013 إلى 2023).

انحسار التستوستيرون لدى الرجال

ويبلغ هرمون التستوستيرون لدى الذكور ذروته خلال مرحلة البلوغ المبكرة ثم ينخفض ​​تدريجياً، حيث يفقد الرجال نحو 1 في المائة من هرمون التستوستيرون سنوياً بدءاً من الثلاثينات أو الأربعينات من العمر، وفقاً لخبراء «مايوكلينيك».

التستوستيرون والنساء

لكن النساء، اللواتي تعتمد أجسامهن أيضاً على هرمون التستوستيرون ولكنها تنتج كميات أقل منه، يفقدنه مع تقدمهن في السن أيضاً. قد تكون النساء اللاتي تناولن وسائل منع الحمل أو أدوية أخرى تحتوي على هرمون الإستروجين، أو يعانين من حالات معينة، أكثر عرضة لانخفاض مستويات هرمون التستوستيرون. ويمكن أن يؤثر ذلك على مستويات الطاقة، ويعطل النوم، ويؤدي إلى تغيرات في المزاج، وغيرها.

العديد من هذه التغييرات شائعة أثناء انقطاع الطمث، لذلك فمن المنطقي أن تبحث النساء اللاتي لا يشعرن بأفضل حالاتهن عن شكل جديد من العلاج. غالباً ما يتم إعطاء العلاج بالهرمونات البديلة (عادةً الإستروجين والبروجسترون) للنساء في سن اليأس.

دور منصات التواصل الاجتماعي

ولكن على وسائل التواصل الاجتماعي، هناك الآن شريحة متزايدة من النساء يصفن هرمون التستوستيرون بأنه عامل تغيير مطلق.

وتُظهر مئات مقاطع الفيديو على «إنستغرام» و«تيك توك» نساء يتحدثن عن كيفية تغيير حياتهن للأفضل... «لقد لاحظت فرقاً في رغبتي الجنسية وعضلاتي»، هكذا شاركت إحدى مستخدمات «تيك توك»، تاسمين فضل، في مقطع فيديو. وتقول مستخدمة أخرى تدعى Wonky TonkWoman: «لقد غير ذلك حياتي حقاً»، مضيفة أن «عقلها يعمل مرة أخرى» و«قلقها قد اختفى إلى حد كبير».

حتى أن بعضهن يوثقن رحلتهن منذ البداية، فيظهرن أنهن تلقين حقناً من قِبَل الأطباء، ثم يطلعن المتابعين على تقدمهن.

تحذيرات طبية من مخاطر العلاج بالتستوستيرون

لكن آخرين يدرسون الجوانب السلبية للعلاج. إذ أشارت إحدى الطبيبات على «تيك توك» إلى حقيقة أنه نظراً لعدم وجود أبحاث كافية حول تناول النساء للتستوستيرون، فإن تحديد الجرعة الآمنة يمكن أن يكون تحدياً.

في ذلك الفيديو، تشرح الدكتورة بريان كالونين، وهي طبيبة علاج طبيعي، أنها رأت تحاليل مختبرات النساء تعود بمستويات مرتفعة جداً من هرمون التستوستيرون. وبينما تقول إن العديد من المريضات يرين الفوائد، فقد رأت أيضاً مريضات يتساقط شعرهن.

وتتساءل الطبيبة: «إذا لم تكن الأبحاث (حول هذا الشأن) موجودة، فهل يمكننا أن نفعل ذلك، وهل ينبغي علينا الاستمرار فيه؟».

وفي مقطع فيديو آخر، تخبر الدكتورة جيمي جيليام، طبيبة الطب التكاملي، المتابعين أنها لن تخبر أي شخص أبداً بالخضوع لعلاج استبدال الهرمونات دون الحصول على تحاليل مختبرية تشمل لوحة هرمونية كاملة. كما تلاحظ أن ليس كل شخص مرشح بسبب التاريخ الطبي السابق، وتقول إن الآخرين قد «يحتاجون إلى مراقبة دقيقة» أثناء تناول الهرمونات.

ترويج الإنترنت لنتائج مذهلة

ولكن لأن العديد من النساء يبلغن عبر الإنترنت، عن توصلهن إلى نتائج مذهلة - إذ يقلن إنهن توقفن عن النضال من أجل النوم، ولديهن الكثير من الطاقة، ويرغبن في ممارسة الجنس مرة أخرى، ويمكنهن تقوية عضلاتهن، ويمكنهن فقدان الوزن بسهولة أكبر - فإن المزيد من النساء اللاتي شاهدن المحتوى أخذن يطلبن التستوستيرون من طبيبهن.

وقالت الدكتورة ريبيكا دنسمور-سو، كبيرة المسؤولين الطبيين في «جينيف» Gennev، وهي شركة طب عن بعد لمرضى انقطاع الطمث، لشبكة «إن بي سي نيوز» عن عدد النساء اللاتي يرغبن الآن في تناول التستوستيرون: «يبدو الأمر وكأنه وباء تقريباً». وأضافت: «يقال لهن إن هذه هي حبوب الدواء المعجزة التي كن يبحثن عنها».

مخاطر مصاحبة

حالياً، لا يوجد مصدر للتستوستيرون للنساء معتمد من إدارة الغذاء والدواء، لذلك لا يزال يعتبر خارج نطاق الأدوية المجازة. ويجب على النساء توخي الحذر لتجنب المواقع الإلكترونية التي تبيع التستوستيرون من دون وصفة طبية.

وبصرف النظر عن احتمال تساقط الشعر، هناك مخاطر أخرى تأتي مع العلاج أيضاً. يقول الدكتور خوان دومينغيز، اختصاصي الغدد الصماء العصبية، لصحيفة «فاست كومباني»: «حب الشباب، وخشونة الصوت، والتغيرات التي تطرأ على الدورة الشهرية» ليست سوى بعض الأعراض التي قد تعاني منها النساء اللاتي يتناولن هرمون التستوستيرون. ويدرس دومينغيز كيفية تأثير الهرمونات على السلوك. وتشمل المشكلات الأكثر خطورة ارتفاع معدلات الإصابة بسرطان الثدي ومشكلات القلب، فضلاً عن مشكلات تخثر الدم.

استشارة الاختصاصيين المؤهلين

ويضيف دومينغيز: «يتمتع الجسم بنظامه الخاص للتحكم في مستويات الهرمونات الداخلية، وان إدخال تغييرات على هذا النظام يمكن أن يخل بهذا التوازن بسهولة».

ومن المثير للقلق أن المعدلات التي يتم بها تناول هرمون التستوستيرون الآن قد تشير إلى أن المخاطر ضئيلة - على غرار تناول مكمل عشبي مثل إل- ثيانين أو المغنيسيوم (كلاهما يمكن أن يحسن جودة النوم). ولكن في حين قد يكون هناك الكثير من الإيجابيات، فإن علاج هرمون التستوستيرون للنساء ليس شيئاً يجب القيام به دون حذر ورعاية من المتخصصين المؤهلين، كما يقول دومينغيز.

* مجلة «فاست كومباني»، خدمات «تريبيون ميديا».


مقالات ذات صلة

هل تشعر بعدم القدرة على ممارسة الرياضة؟ «كورونا» قد يكون السبب

صحتك سيدة تعاني من «كورونا طويل الأمد» في فلوريدا (رويترز)

هل تشعر بعدم القدرة على ممارسة الرياضة؟ «كورونا» قد يكون السبب

كشفت دراسة علمية جديدة عن أن الكثير من مرضى «كورونا» طويل الأمد يعانون من انخفاض القدرة على ممارسة الرياضة أو بذل أي مجهود.

«الشرق الأوسط» (برلين)
صحتك تتسبب السمنة في زيادة مخاطر الإصابة بالعديد من الأمراض المزمنة (أرشيفية - أ.ف.ب)

بروتين حيوي بالجسم ربما يعوق حرق الدهون

اكتشفت مجموعة من الباحثين أن هناك بروتيناً حيوياً بالجسم قد يقف عائقاً أمام حرق الدهون، في اكتشاف قالوا إنه قد يساعدهم في تطوير علاجات جديدة لإنقاص الوزن.

«الشرق الأوسط» (مدريد)
صحتك المشاركون الذين حصلوا على قسط كافٍ من الراحة كانوا أكثر قدرة على تقييد الذكريات غير المرغوب فيها (أرشيفية - رويترز)

دراسة: النوم الجيد يساعد في الحد من تدفق الذكريات المؤلمة

تنظر دراسة جديدة في العلاقة بين النوم والذكريات المؤلمة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك قطع من السلمون (أرشيفية - رويترز)

4 أطعمة تزيد من مستويات فيتامين «د» في الجسم

للتعويض عن نقص ضوء الشمس، يمكن أن توفر بعض الأطعمة دفعة إضافية من فيتامين «د».

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
تكنولوجيا «هلاوس الذكاء الاصطناعي» قد تكون ميزة في بعض الأحيان (رويترز)

«هلاوس الذكاء الاصطناعي» قد تساعد في تطوير أدوية جديدة

بعض العلماء يرون أن هلاوس الذكاء الاصطناعي قد تكون مفيدة، على عكس المتوقع، حيث يمكن أن تساعد في تغذية الابتكار وفي تطوير أدوية وعلاجات جديدة.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)

ثورة «كريسبر»: كيف يمكن لتعديل الجينات أن يُغيّر مستقبلنا؟

ثورة «كريسبر»: كيف يمكن لتعديل الجينات أن يُغيّر مستقبلنا؟
TT

ثورة «كريسبر»: كيف يمكن لتعديل الجينات أن يُغيّر مستقبلنا؟

ثورة «كريسبر»: كيف يمكن لتعديل الجينات أن يُغيّر مستقبلنا؟

تعد تقنية «كريسبر - كاس9» واحدة من أهم الاكتشافات العلمية في القرن الحادي والعشرين، حيث أحدثت ثورة في مجال الهندسة الوراثية. وتمكّن هذه التقنية العلماء من تعديل الجينات بدقة كبيرة وبشكل غير مسبوق؛ ما يفتح آفاقاً جديدة لتحسين حياة البشر وحماية البيئة.

تقنية «كريسبر»

ومع التقدم المتسارع في العلوم يمكن القول إن «كريسبر» ليست مجرد تقنية، بل أداة حيوية تسهم في تشكيل مستقبل البشرية بأبعاد علمية واجتماعية.

«كريسبر - كاس9» CRISPR-Cas9 أداة تم اكتشافها من خلال دراسة البكتيريا، حيث تستخدمها هذه الكائنات آليةً دفاعية ضد الفيروسات؛ إذ تحفظ البكتيريا مقاطع من الحمض النووي «دي إن إيه» DNA الخاص بالفيروسات التي تهاجمها، وتستخدمها لاحقاً لتحديد وتدمير أي فيروس مشابه. وبناءً على ذلك؛ اعتمد العلماء على هذه الميزة الطبيعية لتطوير أداة تتيح تعديل الحمض النووي «دي إن إيه» في الكائنات الحية الأخرى؛ ما يجعلها تقنية ثورية ذات استخدامات واسعة.

«تحرير الجينوم»

لقد ساعدت دراسات إضافية من مجموعات بحثية مختلفة في تحديد بنية إنزيم (بروتين) «كاس9» وتفاصيل عملية القطع؛ إذ تبين أنه عندما يصل مركب «كريسبر - كاس9» إلى الموقع الصحيح على جزيء الحمض النووي «دي إن إيه» المكون من خيطين ملتفين معاً، فإنه يفصل أولاً بين الخيطين ثم تلتصق قطعة الحمض النووي الريبي من «كريسبر» بالتسلسل المطابق في الحمض النووي «دي إن إيه»، ثم بعد ذلك يستخدم المركب «مقصات جزيئية» صغيرة لقطع كلا الخيطين من الحمض النووي «دي إن إيه».

وبعد القطع تُفعل آليات إصلاح الحمض النووي «دي إن إيه» داخل الخلية، حيث يمكن للعلماء الاستفادة من قدرة «كريسبر» على استهداف موقع معين في الحمض النووي «دي إن إيه» للقطع والإصلاح لتعديل أو تغيير أو استبدال أي جزء من الحمض النووي «دي إن إيه».

ويمكن استخدام تحرير الجينات باستخدام أنظمة «كريسبر - كاس9» في جميع الخلايا الحية، بما في ذلك البشر والحيوانات والكائنات الدقيقة والنباتات، وهذا يجعلها تقنية «عابرة للتخصصات» تؤثر على الأبحاث الأساسية، كما أن لها تطبيقات كبيرة محتملة في مجالات الطب والزراعة وحتى تغير المناخ.

وتتكون التقنية من عنصرين رئيسيين، هما الدليل الجيني (الحمض النووي الريبي) الذي يعمل بمثابة خريطة لتحديد الجزء المحدد من الحمض النووي «دي إن إيه» الذي يجب تعديله؛ إذ يقوم هذا الدليل بتوجيه الإنزيم إلى الموقع المستهدف بدقة متناهية، وإنزيم «كاس9» الذي يُعدّ «المقص» الذي يقطع الحمض النووي «دي إن إيه» في الموقع المحدد؛ ما يتيح للعلماء حذف أو استبدال الجين المعطوب بجين سليم.

ولا تقتصر هذه التقنية على تعديل الحمض النووي «دي إن إيه» فقط، بل تمتد لاستخدامات معقدة تشمل إدخال جينات جديدة وتحفيز أو تعطيل وظائف جينية معينة.

تطبيقات «كريسبر» العملية

لقد غيرت تقنية «كريسبر» مجالات عدة من الطب إلى الزراعة وحتى حماية البيئة مع كل يوم يمر تُظهر التقنية إمكانات جديدة تُدهش المجتمع العلمي وتفتح آفاقاً لا حدود لها.

• علاج الأمراض الوراثية. يُمكن استخدام «كريسبر» في علاج الأمراض الوراثية عن طريق تصحيح الطفرات الجينية المسؤولة عن أمراض مثل التليف الكيسي ومرض فقر الدم المنجلي. على سبيل المثال تم استخدام «كريسبر» لعلاج مرض فقر الدم المنجلي من خلال إعادة برمجة الخلايا الجذعية لإنتاج خلايا دم طبيعية؛ ما يفتح باب الأمل لملايين المرضى حول العالم. وتُستخدم تقنية «كريسبر» أيضاً لتعديل الخلايا المناعية؛ ما يُمكنها من التعرف على الخلايا السرطانية ومهاجمتها بشكل أكثر فاعلية، وقد يساهم هذا الاستخدام في تطوير علاجات شخصية فعالة تعتمد على التركيبة الجينية للمريض.

• تصحيح الطفرات. كما تمتد قدرات «كريسبر» إلى ما هو أبعد من تحرير الجينات، حيث يفتح تحرير القاعدة أو التحرير الأساسي (يحول قاعدة الحمض النووي «دي إن إيه» DNA قاعدة أخرى مباشرة دون قطع شريط الحمض) والتحرير الأولي (يستخدم إنزيم Cas9 المعدل ودليل التحرير الأساسي للحمض النووي الريبي RNA لإجراء عمليات الإدراج والحذف الدقيقة وجميع التحويلات الممكنة من القاعدة إلى القاعدة).

والتعديل الجيني (يغير التعبير الجيني دون تغيير تسلسل الحمض النووي نفسه) القائم على «كريسبر» يفتح آفاقاً علاجية جديدة وتسمح هذه التقنيات للعلماء بتصحيح الطفرات وإسكات الجينات الضارة أو إدخال تغييرات وقائية وتحويل التركيز من إدارة الأعراض إلى علاج الأمراض المحتملة.

علاجات وأدوية جديدة

• اكتشاف الأدوية. تقود «كريسبر» إلى تحولات في اكتشاف الأدوية وتمهد الطريق لعلاجات مبتكرة ذات إمكانات علاجية. وكان اعتماد كاسجيفي Casgevy أول علاج مجاز من إدارة الغذاء والدواء الأميركية تم تطويره باستخدام «كريسبر- كاس9» بمثابة علامة فارقة في الطب بصفته أول علاج جيني لأمراض الدم مثل فقر الدم المنجلي والثلاسيميا من نوع بيتا. ومنذ ذلك الحين تقدمت الكثير من العلاجات القائمة على «كريسبر» والتي تستهدف السرطان والاضطرابات الوراثية والعدوى الفيروسية وأمراض المناعة الذاتية إلى التجارب.

• أثر «كريسبر» في تطوير العلاجات. ساعدت «كريسبر» في تحسين علاجات السرطان من خلال القضاء على الجينات التي تعيق وظيفة الخلايا التائية أو تحسين قدرتها على مهاجمة السرطان. وتمكن «كريسبر» من علاجات الخلايا التائية CAR- T الأكثر فاعلية وأقل سمية وتضيف تقنية «كريسبر» مفاتيح إيقاف يمكن التحكم فيها إلى علاجات CAR-T؛ مما يسمح بعلاج أكثر أماناً وشخصية.

• أهداف جديدة للأدوية. تساعد «كريسبر» في تحديد الجينات والبروتينات في الخلايا السرطانية وتكشف عن أهداف للأدوية المتقدمة مثل PROTACs، ويوفر تنوع «كريسبر» أداةً لتصحيح الجينات وإسكاتها. الأمل في علاج الأمراض والالتهابات أحادية الجين والأكثر وعداً هو تكامله مع تقنيات أخرى مثل CAR-T وPROTACs؛ مما يتيح تحقيق اختراقات تعالج حالات لم تكن قابلة للعلاج من قبل مع تقارب هذه التقنيات، فإنها تحمل القدرة على إعادة تشكيل الطب وتقديم علاجات مبتكرة لا تدير الأمراض فحسب بل وتعالجها أيضاً.

تحديات مستقبلية

• «الآثار الجانبية». على الرغم من الإمكانات الهائلة لتقنية «كريسبر» فإن هناك تحديات عدة تواجه تطبيقاتها، حيث إن هذه التحديات ليست مجرد عقبات تقنية، بل تشمل أيضاً أبعاداً قانونية وأخلاقية واجتماعية؛ ففي بعض الحالات قد تُحدث «كريسبر» تعديلات غير مقصودة في أجزاء أخرى من الحمض النووي ما يُعرف باسم «الآثار الجانبية».

وهذه الأخطاء قد تكون خطيرة إذا تم استخدامها في البشر؛ ما يستدعي تطوير تقنيات أكثر دقة لتجنبها. كما تواجه «كريسبر» تحديات قانونية بسبب غياب معايير موحدة لاستخدام التقنية، خصوصاً في حالات التعديل الجيني للبشر، وهناك جدل مستمر حول كيفية وضع إطار قانوني يضمن استخدام التقنية بشكل آمن ومسؤول، وعلى الرغم من أن التقنية نفسها ليست مكلفة نسبياً إلا أن تطبيقاتها على نطاق واسع قد تكون باهظة بسبب التحديات التقنية والبنية التحتية المطلوبة مما يجعل الوصول إلى التقنية محدوداً في بعض المناطق

• الأبعاد الأخلاقية لتقنية «كريسبر». يثير استخدام «كريسبر» تساؤلات أخلاقية عميقة، خصوصاً عندما يتعلق الأمر بتعديل الجينات البشرية؛ إذ إن هذه الأبعاد تتطلب حواراً مستمراً بين العلماء وصانعي القرار والجمهور لضمان تحقيق التوازن بين الابتكار والمسؤولية، حيث يمكن أن يؤدي تعديل الأجنة إلى تحسين الصفات الوراثية، لكن هذا يثير تساؤلات حول الأخلاق والعدالة هل من المقبول تعديل جينات الأجنة لتحديد صفات مثل الذكاء أو المظهر؟ وما هو الخط الفاصل بين العلاج والتحسين؟ وهناك قلق من أن تصبح التقنية متاحة فقط للنخبة؛ ما قد يزيد من الفجوة بين الأغنياء والفقراء تحقيق العدالة في توزيع فوائد التقنية يعدّ تحدياً كبيراً.

• التأثير على البيئة. قد يؤدي تعديل الكائنات الحية إلى تأثيرات غير متوقعة على النظم البيئية؛ ما يستدعي دراسة شاملة قبل تطبيق التقنية على نطاق واسع.

ورغم ذلك تُعد تقنية «كريسبر» بوابة لمستقبل مليء بالإمكانات مع التقدم المستمر في البحث والتطوير، ويمكننا توقع تحقيق إنجازات إضافية مثل علاج المزيد من الأمراض الوراثية، مثل مرض هنتنغتون (داء هنتنغتون هو مرض عقلي وراثي نادر وغالباً ما ينتقل عبر وراثة جين متغير من أحد الوالدين ويؤدي إلى تحلل الخلايا العصبية في الدماغ بمرور الوقت، ويؤثر الداء في حركات الشخص المصاب وقدرات التفكير لديه وصحته العقلية)، والضمور العضلي، كما أن هذه الإنجازات ستغير حياة ملايين المرضى وتفتح أبواب الأمل.

في النهاية، تُعدّ تقنية «كريسبر» واحدة من أعظم الابتكارات العلمية التي قد تُحدث تغييراً جذرياً في حياتنا. ورغم التحديات الأخلاقية والتقنية، فإن الإمكانات الهائلة لهذه الأداة تجعلها محور اهتمام الباحثين وصانعي السياسات مع التقدم العلمي والتنظيم المسؤول ويمكن لتقنية «كريسبر» أن تساهم في بناء مستقبل أكثر صحة واستدامة للبشرية هذه التقنية ليست مجرد أداة علمية بل فرصة لإعادة تشكيل الطريقة التي نتفاعل بها مع العالم من حولنا.