استخراج مواد لاصقة ودهانات من مياه الصرف الصحي

يتم إنتاج كميات كبيرة من الكتل الحيوية من مياه الصرف الصحي يومياً (جامعة ولاية بنسلفانيا)
يتم إنتاج كميات كبيرة من الكتل الحيوية من مياه الصرف الصحي يومياً (جامعة ولاية بنسلفانيا)
TT

استخراج مواد لاصقة ودهانات من مياه الصرف الصحي

يتم إنتاج كميات كبيرة من الكتل الحيوية من مياه الصرف الصحي يومياً (جامعة ولاية بنسلفانيا)
يتم إنتاج كميات كبيرة من الكتل الحيوية من مياه الصرف الصحي يومياً (جامعة ولاية بنسلفانيا)

يتجه فريق بحثي من جامعة آلبورغ في الدنمارك إلى إحداث ثورة في مجال تطبيقات البوليمرات الحيوية المستخرجة من «محطات معالجة مياه الصرف الصحي»، واستغلالها في إنتاج المواد البلاستيكية والألياف النسيجية والمواد اللاصقة والدهانات.

وتُستخرج البوليمرات الاصطناعية المنتجة اليوم من النفط الخام، كما ينتج بعضها كذلك من الأعشاب البحرية المهددة بالانقراض، وذلك للاستخدام في العديد من صناعات البتروكيماويات.

تقول مقالة علمية جديدة نشرت في دورية «كرنت أوبنين إن بايوتكنولوجي» إن البحث أصبح الآن جاهزاً للإنتاج الصناعي والاستخدام العملي لهذه المنتجات.

«إن هذا المنظور الجديد هائل؛ لأنك تأخذ شيئاً يعدّ حالياً نفايات وتصنع منه منتجات عالية القيمة». هذا ما يقوله البروفسور بير هالكجير نيلسن، من قسم الكيمياء والعلوم البيولوجية بجامعة آلبورغ، عن نتائج مشروع بحثي يستخدم الكتلة الحيوية الزائدة في محطات معالجة مياه الصرف الصحي بطرق جديدة مبتكرة.

ويوضح نيلسن في بيان منشور على موقع الجامعة، الجمعة: «يعتمد استخراج البوليمرات الحيوية على إنتاج قدر كبير من الكتلة الحيوية في محطات معالجة مياه الصرف الصحي، وهي عبارة عن بكتيريا تأكل كل ما يدخل محطة المعالجة، بحيث لا يبقى سوى الماء النقي فقط».

وأضاف: «كل يوم، يتم إنتاج أطنان عديدة من الكتلة الحيوية وفق حجم محطة المعالجة، وعادة ما يتم تحويلها إلى مفاعل الغاز الحيوي لإنتاج الطاقة. ويتكون جزء كبير من البكتيريا المعالجة من مادة لاصقة محيطة بها، تعرف بالبوليمرات الحيوية التي يمكن أن تدخل في الصناعة بوصفها بديلاً مستداماً للبوليمرات المستخرجة من النفط».

وتستخدم البوليمرات الحيوية عاملَ لصق في الورق ومواد البناء، ويمكن استخدامها في عمليات تنقية المياه من الحمأة في محطات معالجة مياه الصرف الصحي، كما تبدو مثبطة للحرائق. وبالتالي، هناك سوق كبيرة محتملة لها إذا أمكن إنتاجها تجارياً بطريقة مستدامة، وفقاً لمشروع بحثي يحمل اسم «ريثينك RETHiNk».

ويهدف مشروع RETHiNk إلى التوسع الصناعي في عمليات إعادة تدوير الكتلة الحيوية المستخرجة من محطات معالجة مياه الصرف الصحي في جميع أنحاء العالم.

ومن المزمع إنشاء مصانع لإنتاج البوليمرات الحيوية من محطات معالجة مياه الصرف الصحي الدنماركية، حيث يتم إنتاج مئات الآلاف من الأطنان من البكتيريا سنوياً في الدنمارك وحدها.

وتشير الورقة البحثية إلى أنه، كفائدة إضافية، يمكن حصاد المعادن والمكونات القيمة الأخرى من مياه الصرف الصحي التي تصل إلى محطات المعالجة، مثل الفوسفور، الذي يوجد على قائمة الاتحاد الأوروبي للمواد الخام الحرجة التي قد يكون من الصعب الحصول عليها في المستقبل.

ويذهب نيلسن إلى أنه «يمكننا أخذ 20 إلى 30 في المائة من الكتلة الحيوية وتحويلها إلى بوليمرات تحل محل المنتجات البترولية، وبوصفها بديلاً للعديد من البوليمرات الحيوية التي تنتج حالياً من الأعشاب البحرية المهددة بالانقراض»، مشدداً على أنه «إذا تمكنا من إيجاد طرق أخرى لاستخراج البوليمرات الحيوية، فإن ذلك يشكل ميزة كبيرة للبيئة والتنوع البيولوجي أيضاً».


مقالات ذات صلة

منصّتان وشركة... «حلول شبابية» سعودية مبتكرة لمختلف التحديات البيئية

يوميات الشرق تكريم الفائزين الثلاثة ضمن مبادرة «حلول شبابية» بالتزامن مع «كوب 16» (واس)

منصّتان وشركة... «حلول شبابية» سعودية مبتكرة لمختلف التحديات البيئية

لم تكن الحلول التي قُدِّمت في مؤتمر «كوب 16» للقضايا البيئية والمناخيّة الملحّة، وقضايا تدهور الأراضي والجفاف، قصراً على الحكومات والجهات الخاصة ذات الصلة.

غازي الحارثي (الرياض)
بيئة شجرة تذبل بسبب الجفاف في تشيلي (رويترز)

ثلاثة أرباع أراضي العالم باتت «جافة بشكل دائم» خلال العقود الثلاثة الماضية

بات ما يزيد قليلاً على 75 في المائة من أراضي العالم «أكثر جفافاً بشكل دائم» على مدى العقود الثلاثة الماضية، وفق تقرير تدعمه الأمم المتحدة صدر، الاثنين.

«الشرق الأوسط» (باريس)
بيئة الاستفادة من التقنيات الحديثة في تشجير البيئات الجافة واستعادة الأراضي المتدهورة من أهداف المعرض والمنتدى الدولي لتقنيات التشجير (تصوير: تركي العقيلي) play-circle 00:55

السعودية تستهدف تحويل 60 % من مناطقها إلى «غابات مُنتجة»

يواصل «المعرض والمنتدى الدولي لتقنيات التشجير» استقبال الحضور اللافت من الزوّار خلال نسخته الثانية في العاصمة السعودية الرياض، بتنظيم من المركز الوطني لتنمية…

غازي الحارثي (الرياض)
علوم صورة لكوكب الأرض (رويترز)

أشبه بـ«حمام بخار»... نظرية جديدة تفسّر كيفية نشوء الماء على كوكبنا

رجّحت نظرية جديدة أن يكون الماء أصبح متوافراً على كوكب الأرض بفعل ما يشبه حمام بخار، بعد وقت قصير من تكوين النظام الشمسي.

«الشرق الأوسط» (باريس)
خاص مدير «مبادرة الأراضي العالمية» في «مجموعة العشرين» الدكتور مورالي ثوماروكودي (تصوير: تركي العقيلي) play-circle 02:36

خاص مسؤول في «مجموعة الـ20»: التزام دولي باستعادة 1.1 مليار هكتار من الأراضي هذا العام

نبّه مدير «مبادرة الأراضي العالمية» في «مجموعة العشرين» الدكتور مورالي ثوماروكودي، إلى مدى خطورة تدهور الأراضي.

آيات نور (الرياض)

لأول مرة: الذكاء الاصطناعي يصمم توربين رياح لتوليد الطاقة بين المباني

لأول مرة: الذكاء الاصطناعي يصمم توربين رياح لتوليد الطاقة بين المباني
TT

لأول مرة: الذكاء الاصطناعي يصمم توربين رياح لتوليد الطاقة بين المباني

لأول مرة: الذكاء الاصطناعي يصمم توربين رياح لتوليد الطاقة بين المباني

صمم نظام ذكاء اصطناعي جديد توربين رياح لأول مرة في التاريخ، وفقاً لمطوره.

نظام ذكاء هندسي ثوري

وأعلنت شركة «EvoPhase» البريطانية أن الذكاء الاصطناعي الخاص بها تخلى عن جميع القواعد الراسخة في هندسة مثل هذه الأجهزة. وبناءً على اختباراتها، فإن اختراعها أكثر كفاءة بسبع مرات من التصميمات الحالية.

تتكون «شفرة برمنغهام» The Birmingham Blade -كما تسمي الشركة التوربين- من ست أذرع موازية للأرض متصلة بمحور عمودي مركزي. وتحتوي كل ذراع على شفرة رأسية، وسطح به موجتان تغيران زاوية هجومهما عبر ارتفاعها وطولها.

لعمل مع سرعات رياح منخفضة

يتم تحسين توربينات الرياح التقليدية لسرعات رياح تبلغ نحو 33 قدماً في الثانية. في المقابل، تم تصميم «الشفرة» لسرعات الرياح المتوسطة المنخفضة النموذجية للمناطق الحضرية مثل برمنغهام، والتي تبلغ نحو 12 قدماً في الثانية. هذا يزيد قليلاً عن ثمانية أميال (13كلم تقريباً) في الساعة.

وتم تحسين التصميم للعمل بين المباني الشاهقة التي تنتج أنماط اضطراب تؤثر على فاعلية تصميمات التوربينات الحضرية الأخرى. وإذا ثبت أن هذا صحيح، فقد يفتح التصميم الباب أمام إنتاج كهرباء غير محدود في المباني المكتبية والسكنية بتكلفة تكاد تكون معدومة.

يقول ليونارد نيكوسان، كبير مسؤولي التكنولوجيا في الشركة، في بيان صحافي: «كان استخدام الذكاء الاصطناعي ضرورياً للتحرر من التحيزات طويلة الأمد التي أثرت على تصميمات التوربينات خلال القرن الماضي. سمح لنا الذكاء الاصطناعي باستكشاف إمكانيات التصميم خارج نطاق التجارب البشرية التقليدية».

وفقاً لنيكوسان، تمكن المصممون من «توليد واختبار وتحسين أكثر من 2000 تصميم لتوربينات الرياح في غضون أسابيع قليلة، ما أدى إلى تسريع عملية التطوير لدينا بشكل كبير وتحقيق ما كان يستغرق سنوات وملايين الجنيهات من خلال الطرق التقليدية».

سحر «التصميم التطوري»

«التصميم التطوري الموجه بالذكاء الاصطناعي» هو منهجية تقوم على نفس فكرة الانتقاء الطبيعي. تبدأ العملية بتوليد آلاف المتغيرات التصميمية التي يتم تقييمها وفقاً لوظيفة «البقاء للأفضل»، والتي تحدد مدى نجاح كل متغير في تلبية أهداف المشروع. ويختار الذكاء الاصطناعي أفضل البدائل لاستخدامها أساساً لتكرارات جديدة، وإعادة الجمع بين الميزات وتنويعها لتطوير إصدارات محسنة.

تتكرر هذه الخطوات حتى يصل الذكاء الاصطناعي إلى حل يحقق تحسين جميع العلامات المهمة مثل الكفاءة الديناميكية الهوائية، والاستقرار الهيكلي، والوزن، أو الاكتناز.

تقول الشركة إن عمليتها تتجنب التحيزات البشرية الموجودة في الهندسة التقليدية. بطبيعتها، تكون الهندسة التقليدية محدودة بالأفكار والمعرفة السابقة.

من ناحية أخرى، يستكشف الذكاء الاصطناعي مجموعة واسعة من الاحتمالات دون القيود في العقل البشري. عندما تجمع بين جيل الذكاء الاصطناعي والتكرار التطوري، يمكن أن يؤدي هذا إلى نتائج مبتكرة تتحدى غالباً الفطرة السليمة ولكنها لا تزال تعمل.

إن نهج التصميم التطوري هذا ليس جديداً تماماً، إذ استخدمت صناعة الطيران والفضاء برامج بهذه القدرات لسنوات. ومثلاً استخدمت شركة «إيرباص»، بالتعاون مع شركة «أوتوديسك»، عملية مماثلة لتصميم حاجز مقصورة خفيف الوزن للغاية لطائراتها من طراز A320وظهرت النتيجة مستوحاة من هياكل العظام الطبيعية، ما أدى إلى انخفاض الوزن بنسبة 45 في المائة مقارنة بالهياكل المماثلة المصممة بالطرق التقليدية.

كما طبقت شركة «جنرال إلكتريك» الخوارزميات التطورية في إعادة تصميم حامل محرك نفاث جديد، مما أدى إلى انخفاض وزن القطعة بنسبة 80 في المائة. وتستخدم وكالة «ناسا» أيضاً هذه التقنية منذ سنوات، ففي عام 2006 استخدمت الوكالة خوارزمية تطورية لتصميم «هوائي متطور».

نجاح توربين «برمنغهام بليد»

لقد طبق فريق المصممين بقيادة الدكتور كيت ويندوز - يول من جامعة برمنغهام هذه العملية التطورية لحل مشكلة تكافح العديد من تصميمات التوربينات لمعالجتها: كيفية العمل بكفاءة في البيئات الحضرية، حيث تكون الرياح أبطأ وأكثر اضطراباً بسبب المباني.

ويقول نيكوسان: «كنا بحاجة إلى توربين يمكنه التقاط سرعات الرياح المنخفضة نسبياً في برمنغهام مع إدارة الاضطرابات الناجمة عن المباني المحيطة. وكان لا بد أن يكون التصميم أيضاً مضغوطاً وخفيف الوزن ليناسب التركيبات على الأسطح».

* مجلة «فاست كومباني» خدمات «تريبيون ميديا»