شيخوخة الخدّ... تتنبأ بخطر الوفاة

تطوير ساعة جينية جديدة تعتمد على دراسة خلايا الخدود

شيخوخة الخدّ... تتنبأ بخطر الوفاة
TT

شيخوخة الخدّ... تتنبأ بخطر الوفاة

شيخوخة الخدّ... تتنبأ بخطر الوفاة

يختلف معدل تقدمنا ​​في العمر من شخص إلى آخر. وفي حين يستفيد بعض الأفراد مثل المعمّرين من جينات استثنائية، فإن نمط الحياة والعوامل السلوكية يمكن أن يسرّعا الشيخوخة بشكل كبير.

عوامل تسرّع الشيخوخة

ومن المعروف أن الإجهاد وسوء التغذية وقلة النوم والتدخين والإفراط في تناول الكحول تؤثر على عملية الشيخوخة من خلال طبع التأثيرات البيئية على جينومنا من خلال العلامات الجينية.

ويمكن قياس هذه العلامات لتحديد كيفية تقدم أجسامنا في العمر بيولوجياً والتي يشار إليها غالباً بالشيخوخة الجزيئية.

ساعات جينية لتقدير العمر البيولوجي

وفي العقد الماضي طوَّر الباحثون ساعات جينية تقدّر العمر البيولوجي من خلال تحليل «مَثْيَلَة الحمض النووي» DNA methylation - وهو عملية تعديل جيني رئيسي تتم من خلالها إضافة مجموعات الميثيل إلى جزيء الحمض النووي (دي إن إيه) DNA في مواقع جينومية محددة. واعتمدت هذه الساعات على عينات الدم التي قد يكون جمعها صعباً ومجهداً.

ومع ذلك، في وقت سابق من هذا العام قدَّم العلماء ساعة جديدة غير جراحية من الجيل الثاني تسمى «شيخوخة الخد» CheekAge التي تستخدم بيانات مثيلة من خلايا الخد؛ ما يوفر طريقة أسهل لتقييم العمر البيولوجي.

ساعة جينية مطورة

وتم تصميم شيخوخة الخد لتقدير العمر الجيني باستخدام بيانات مثيلة الحمض النووي من الخلايا الخد (مسحات الخد)، حيث تقدم ساعة شيخوخة الخد بديلاً غير جراحي للساعات المستندة إلى عينات الدم؛ ما يجعلها أكثر سهولة في الوصول إليها لكبار السن أو الاستخدام المنزلي. وتم تدريب الساعة على أكثر من 8000 عينة. وكان الهدف منها ربط التنبؤ بالعمر بعوامل نمط الحياة والصحة، على سبيل المثال ممارسة الرياضة، والنظام الغذائي والإجهاد، وما إلى ذلك.

دراسة لمقارنة دقة التنبؤات

وقد أظهرت دراسة حديثة نُشرت في مجلة Frontiers in Aging في 1 أكتوبر (تشرين الأول) 2024 أن شيخوخة الخد يمكنها التنبؤ بخطر الوفاة حتى عند استخدام بيانات المثيلة من أنسجة أخرى غير خلايا الخد. ويشير هذا إلى وجود إشارات شيخوخة بيولوجية مشتركة عبر أنسجة مختلفة؛ ما قد يربط بين بعض التغيرات الجينية وزيادة خطر الوفاة.

وفحصت الدراسة التي قادها الدكتور مكسيم شوخيريف، مدير معهد سالك للدراسات البيولوجية الولايات المتحدة، وزملاؤه، بيانات من 1513 فرداً تراوحت أعمارهم بين 67.8 و90.6 عام لاستكشاف العلاقة بين العمر «فوق الجيني» (العمر الذي يتجاوز عمل الجينات)، الذي تم قياسه بواسطة ساعة شيخوخة الخد، وخطر الوفاة. وكان المشمولون بالدراسة جزءاً من برنامج دراسات مجموعة الولادة في منطقة لوثيان جنوب شرقي أسكوتلندا Lothian Birth Cohorts (LBC) (وهي عبارة عن دراستين مستمرتين لمجموعة من الأشخاص تتضمنان في المقام الأول البحث في كيفية ارتباط ذكاء الطفولة بالذكاء والصحة في سن الشيخوخة).

ثم قارن الباحثون شيخوخة الخد بساعات الجيل الأول التي استخدمت بيانات الدم. ووجدوا أن أداءها كان أفضل في التنبؤ بالوفاة لأي سبب لكل زيادة في الانحراف المعياري في شيخوخة الخد وارتفع خطر الوفاة لأي سبب بنسبة 21 في المائة.

الوفيات والارتباطات الجينية

كما حدد الباحثون أيضاً مواقع المثيلة المحددة الأكثر ارتباطاً بالوفاة؛ إذ كان الكثير من هذه المواقع يقع بالقرب من الجينات التي ارتبطت بأمراض مرتبطة بالشيخوخة مثل السرطان وأمراض القلب وهشاشة العظام. وعلى سبيل المثال، يعدّ الجين PDZRN4 مثبطاً محتملاً للأورام في حين تم ربط الجين ALPK2 بالسرطان وصحة القلب والأوعية الدموية في الدراسات التي أُجريت على الحيوانات. وتثير هذه النتائج احتمالية أن تؤثر جينات مثل هذه على كل من عمر الإنسان وخطر الإصابة بالأمراض المرتبطة بالعمر.

وسيكون لهذا العمل آثار كبيرة على البحوث المستقبلية في الشيخوخة والوفيات من خلال تحسين ساعة شيخوخة الخد واستكشاف الارتباطات المحتملة الأخرى، مثل حدوث أمراض معينة مرتبطة بالعمر أو طول فترة الصحة، أي فترة الحياة الخالية من الأمراض المزمنة. وقد يكتشف الباحثون طرقاً جديدة لتتبع وإدارة عملية الشيخوخة البيولوجية، حيث يمكن أن تصبح شيخوخة الخد بنهجه غير الجراحي أيضاً أداة قيّمة لدراسة الشيخوخة وتطوير استراتيجيات شخصية لتحسين طول العمر والصحة.


مقالات ذات صلة

علماء يزعمون التوصل إلى طريقة تعيد البشرية للحياة بعد الانقراض

يوميات الشرق صورة للبلورة نشرها الباحثون بجامعة ساوثهامبتون

علماء يزعمون التوصل إلى طريقة تعيد البشرية للحياة بعد الانقراض

تمكن علماء بريطانيون من تخزين بيانات الحمض النووي لإنسان على بلورة، وزعموا أن هذه البيانات قد تُستخدم لإعادة البشرية إلى الحياة إذا انقرضت.

«الشرق الأوسط» (لندن)
علوم شكل تصويري لطبيب يفحص أمراض المناعة الذاتية

الآلية الجزيئية وراء مرض التصلب العصبي المتعدد

اختراق علمي يرصد دور بروتين مناعي في حدوثها

د. وفا جاسم الرجب (لندن)
علوم متغير وراثي نادر مرتبط بانقطاع الطمث المبكر

متغير وراثي نادر مرتبط بانقطاع الطمث المبكر

ترثه المرأة من الوالدين

د. وفا جاسم الرجب (لندن)
علوم الفحص المختبري للبكتيريا المقاومة للمضادات الحيوية

تقنية جينومية جديده لتتبع الجراثيم المقاومة للمضادات الحيوية في المستشفيات

طور باحثون دوليون تقنية جينومية جديدة تتيح تتبع انتشار عدة جراثيم مقاومة للمضادات الحيوية في المستشفيات بشكل متزامن، ما قد يسهم في السيطرة أو حتى منع العدوى…

د. وفا جاسم الرجب (لندن)
علوم جهاز لاختبار وظائف الرئة

أبحاث علمية تشير إلى «وراثة» مرض الانسداد الرئوي المزمن

متغيرات جينية ترتبط بالمرض لها تأثير كبير على وظائف الرئة لدى الأطفال الصغار

د. وفا جاسم الرجب (لندن)

ابتكار بلاستيك متين قابل لإعادة التدوير

الطرق الحالية لتدوير البلاستيك تنتج مواد بجودة أقل من المواد الأصلية (رويترز)
الطرق الحالية لتدوير البلاستيك تنتج مواد بجودة أقل من المواد الأصلية (رويترز)
TT

ابتكار بلاستيك متين قابل لإعادة التدوير

الطرق الحالية لتدوير البلاستيك تنتج مواد بجودة أقل من المواد الأصلية (رويترز)
الطرق الحالية لتدوير البلاستيك تنتج مواد بجودة أقل من المواد الأصلية (رويترز)

تمكن باحثون من جامعة أوساكا في اليابان من تطوير بوليمرات متينة وعالية الأداء يمكن تفكيكها بسهولة وإعادة تدويرها إلى مواد نقية.

وأوضح الباحثون، أن هذا الابتكار يمكن أن يُوسّع استخدامات البلاستيك القابل لإعادة التدوير ويقلل من مشكلة التلوث البلاستيكي، ونشرت النتائج، الاثنين، في دورية «Chemical Science».

ويعدّ البلاستيك من أهم مكونات الحياة العصرية، حيث يدعم مجالات مثل الطب والتكنولوجيا وسلامة الأغذية بفضل قوته. ومع ذلك، يبقى البلاستيك مصدراً كبيراً للتلوث وصعباً في إعادة التدوير.

وتمكن معالجة هذه المشكلة المتزايدة من خلال تطوير أنواع من البلاستيك تُسهّل عملية إعادة التدوير. ويتكون البلاستيك من جزيئات تعرف بالبوليمرات، وهي سلاسل طويلة من وحدات صغيرة متكررة تسمى «المونومرات».

وتستخدم الطرق الحالية لإعادة التدوير الفيزيائي البوليمرات دون تفكيكها؛ ما يؤدي عادةً إلى الحصول على مواد مُعاد تدويرها بجودة أقل من المواد الأصلية. أما إعادة التدوير الكيميائي، وهي طريقة أحدث، فتقوم بتفكيك سلاسل البوليمرات إلى وحداتها المونومرية ثم إعادة تجميعها؛ ما ينتج بلاستيكاً بجودة تعادل الجودة الأصلية.

لكن تكمن المشكلة في أن البوليمرات المصممة لإعادة التدوير الكيميائي عادةً ما تكون ضعيفة، حيث تكون الروابط بين الوحدات هشة لضمان سهولة التفكيك.

ونجح الفريق في تطوير بوليمرات قوية قابلة لإعادة التدوير كيميائياً دون التضحية بمقاومتها للحرارة والمواد الكيميائية.

يقول الباحث المشارك في الدراسة بجامعة أوساكا، الدكتور ساتوشي أوغاوا: «كنا نعلم أنه يجب أن نجعل الروابط بين المونومرات قوية في الظروف القاسية، لكن سهلة الكسر في ظروف محددة لإعادة التدوير. وفوجئنا أن لا أحد قد جرب إدخال مجموعة موجهة تعمل مثل القفل، بحيث لا تنكسر الروابط إلا بوجود محفز معدني».

وأضاف عبر موقع الجامعة، أن المجموعة الموجهة عملت مثل القفل الذي لا يُفتح إلا بالمفتاح الصحيح. وعلى الرغم من أن البوليمرات صمدت أمام درجات الحرارة العالية والمواد الكيميائية القاسية، فإنه عند بدء عملية إعادة التدوير الكيميائية، تصرف المحفز النيكل مثل المفتاح، ففتح الروابط بسهولة، وأُطلقت المونومرات، وتمكن الباحثون من إعادة تركيب البوليمر الأصلي من جديد.

وأشار الفريق إلى أن النتائج تمثل خطوة هائلة إلى الأمام، حيث تمكنوا من تصنيع بوليمر بهذه القوة يمكن تفكيكه وإعادة تدويره بسهولة ودقة إلى مادة نقية بعدد قليل من الخطوات.

ونوَّه الباحثون بأن هذا التصميم الثوري يمكن أن يُستخدم في إنتاج بوليمرات عالية الأداء قابلة لإعادة التدوير كيميائياً بلا حدود ودون فقدان الجودة؛ مما قد يسهم في التخلص من مشكلة التلوث البلاستيكي بشكل نهائي.