«تقنيات جينومية» لفهم أعمق لسرطان الجلد العدواني

لعلاج ورم خبيث يرتبط بندبات الحروق والجروح المزمنة

الصورة لحالة من سرطان الخلايا القاعدية... أحد أنواع سرطان الجلد
الصورة لحالة من سرطان الخلايا القاعدية... أحد أنواع سرطان الجلد
TT

«تقنيات جينومية» لفهم أعمق لسرطان الجلد العدواني

الصورة لحالة من سرطان الخلايا القاعدية... أحد أنواع سرطان الجلد
الصورة لحالة من سرطان الخلايا القاعدية... أحد أنواع سرطان الجلد

في دراسة حديثة بجامعة كالغاري الكندية، استخدم الباحثون تقنيات جينومية متقدمة لفهم أعمق لـ«قرحة مارجولين»، وهو نوع نادر وشديد العدوانية من سرطان الجلد يظهر في الجروح المزمنة.

وغالباً ما تتكون «قرحة مارجولين» بسبب الندوب الناتجة عن الحروق الشديدة، كما أن خطر الإصابة بها يزداد مع تقدم العمر عند وجود جرح مزمن. ولذا؛ فقد تساعد معرفة المزيد حول التفاعلات الخلوية في الجرح على إيجاد علاجات منقذة للحياة.

خرائط جينية وتفاعلات خلوية للأورام

وقد أجرى فريق البحث تحليلاً دقيقاً خليةً بخلية لفهم أفضل لكيفية نمو أورام «قرحة مارجولين (MU) Marjolin's ulcer»، ثم رسموا خرائط دقيقة للتعبير الجيني والتفاعلات الخلوية داخل الورم، وذلك باستخدام كل من «تسلسل الحمض النووي الريبي أحادي الخلية (RNA)» و«النسخ المكاني (spatial transcriptomics)»، وهو طريقة لتحديد أنواع الخلايا تُمكّن من رسم خرائط النسخ بدقةِ خليةٍ واحدة أو قريبة من خلية واحدة.

ومن خلال هذا المنظور المحسن، تمكن الباحثون من تتبع كيفية تغيير نوع فرعي صغير من «خلايا الجلد الكيراتينية (keratinocytes)» - وهي النوع الأساسي من الخلايا الموجودة في البشرة، وهي الطبقة الخارجية من الجلد لدى البشر، وتشكل 90 في المائة من خلايا البشرة الجلدية - وظيفته للبدء في التصرف مثل نوع من الخلايا الداعمة أي «الخلايا الليفية» التي تخلق الظروف التي تشجع الخلايا السرطانية على النمو.

و«الخلايا الليفية (fibroblast)» هي نوع من الخلايا البيولوجية تنتج الإطار الهيكلي للأنسجة الحيوانية وتلعب دوراً حاسماً في التئام الجروح.

«قرحة مارجولين»

من المعروف أن نسبة تصل إلى اثنين في المائة من آفات ندبات الحروق المزمنة يمكن أن تتحول إلى أورام خبيثة. وتوصف «قرحة مارجولين» بالتنكس الخبيث العدواني في أي جرح مزمن، ولا يمكن تشخيصها بسهولة، مع معدل وفيات بنسبة 21 في المائة.

وقد أظهرت دراسات متعددة أنه يمكن الوقاية من القرحة من خلال المراقبة المبكرة للجروح، والتقييم في الوقت المناسب لأي تغيرات في الجرح عن طريق الخزعات. ومن الضروري أن يكون مقدمو الرعاية للجروح على دراية بعلامات وأعراض التنكس الخبيث في الجروح المزمنة، وهذا بدوره سيسمح بتشخيص أسرع والتدخل قبل انتشاره، مما يحسن نتائج المرضى.

تغيير وظيفي لخلايا الجلد

وكما يبدو، فإن «الخلايا الكيراتينية السرطانية» تخضع لـ«تغيير وظيفي»؛ حيث تتحول من دورها الأصلي بصفتها «خلايا جلدية خارجية»، إلى تبني خصائص جديدة تشبه «الخلايا الليفية الجلدية» وهي الخلايا الداعمة الموجودة في عمق الجلد. وكما يوضح سارثاك سينها، الباحث في كلية الطب البيطري بجامعة كالغاري والمؤلف الرئيسي للدراسة، التي نُشرت بمجلة «Journal of Investigative Dermatolog» في 9 أغسطس (آب) 2024، فإن هذا التحول يسمح أيضاً لـ«الخلايا الكيراتينية السرطانية» ببدء إنتاج نوع من النسيج الغشائي يتكون من جزيئات كبيرة ومعادن خارج الخلية توفر الدعم الهيكلي والكيميائي الحيوي للخلايا المحيطة التي تشبه تلك الموجودة في الجلد النامي.

ويعمل هذا النسيج الجديد بشكل أساسي مثل التربة الخصبة، مما يخلق البيئة المثالية للخلايا السرطانية مثلها مثل البذور التي تتجذر وتنمو بقوة وتنتشر إلى الهياكل القريبة، حيث إن هذا التفاعل بين «البذرة» و«التربة» هو الذي قد يدفع بالسلوك الغازي للورم. وقد تلعب هذه العملية دوراً ليس فقط في «قرحة مارجولين»، ولكن أيضاً في سرطانات الجلد الأخرى، مما يساهم في نتائج سيئة للمرضى.

علاجات واعدة

يقول الدكتور فينسنت غابرييل، المدير الطبي لـ«مركز علاج الحروق» التابع لمؤسسة الإطفاء في كالغاري والمؤلف المشارك في الدراسة، إن معرفة كيفية بدء هذه الأورام و«تفاقمها» قد تساعد أيضاً في تحديد العلاجات المحتملة لمحاولة منع الورم من الانتشار.

ويضيف أن هذه الدراسة تحدد الفرص لاستهداف العملية التي تؤدي إلى «سرطان مارجولين» نفسه، فقد يحد الجمع بين الاستئصال الجراحي والتدخل الطبي من تأثير هذه الأورام العدوانية. وقد تتيح العلاجات الناجحة إنقاذ أولئك الذين قد يكونون عرضة بشكل كبير لهذه السرطانات، خصوصاً أن تشخيص «قرحة مارجولين» قد يكون صعباً؛ لأن خزعة الجرح قد لا تكشف عن جميع الخلايا السرطانية بسبب عدم تجانسها داخل الجرح.

حقائق

21 في المائة

معدل الوفيات بسبب التنكُّس الخبيث العدواني الناجم عن «قرحة مارجولين» في الجروح المزمنة


مقالات ذات صلة

نظام «كريسبر» جديد لإسكات الجينات بدلاً من «قصّها»

علوم نظام «كريسبر» جديد لإسكات الجينات بدلاً من «قصّها»

نظام «كريسبر» جديد لإسكات الجينات بدلاً من «قصّها»

زر «إيقاف مؤقت» على التعليمات الجينية داخل الخلايا

د. وفا جاسم الرجب (لندن)
صحتك أطفال سوريون في مخيم ببلدة سعد نايل في منطقة البقاع (أ.ف.ب)

الحرب تؤثر على جينات الأطفال وتبطئ نموهم

لا يعاني الأطفال الذين يعيشون في بلدان مزقتها الحرب من نتائج صحية نفسية سيئة فحسب، بل قد تتسبب الحرب في حدوث تغييرات بيولوجية ضارة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
علوم  41 منطقة جديدة من الجينوم تعمل على تعديل خطر الإصابة بالانزلاق الغضروفي (غيتي)

الكشف عن العوامل الوراثية المرتبطة بـ«الانزلاق الغضروفي»

تؤثر مناطق الجينوم المكتشفة حديثاً على بنية القرص الفقري والالتهاب ووظيفة الأعصاب.

د. وفا جاسم الرجب (لندن)
علوم «الحمض النووي الريبي الطويل غير المشفَّر» مفتاح لعلاج الصرع والتوحد

«الحمض النووي الريبي الطويل غير المشفَّر» مفتاح لعلاج الصرع والتوحد

اكتشاف مهم للمرضى المعانين من اضطراب نادر في النمو العصبي

د. وفا جاسم الرجب (لندن)
علوم متغيرات وراثية للأم ترتبط بزيادة خطر الإصابة بأمراض الطفل حديث الولادة

متغيرات وراثية للأم ترتبط بزيادة خطر الإصابة بأمراض الطفل حديث الولادة

بتحليل تسلسلات «دي إن إيه» للجينوم الكامل من الاختبارات غير الجراحية

د. وفا جاسم الرجب (لندن)

برامج للتحكّم بأسراب الطائرات من دون طيار الضخمة

برامج للتحكّم بأسراب الطائرات من دون طيار الضخمة
TT

برامج للتحكّم بأسراب الطائرات من دون طيار الضخمة

برامج للتحكّم بأسراب الطائرات من دون طيار الضخمة

أعلنت وحدة الابتكارات الدفاعية، التابعة لوزارة الدفاع الأميركية، أن ثلاث شركات ستُنتج برامج نموذجية للتحكم في أسراب الطائرات من دون طيار (الدرون) الضخمة التي تطوّرها حالياً مجموعة مبادرة «ربليكيتر» Replicator للإنتاج السريع.

تنسيق آلي لطائرات «الدرون»

وقالت الوحدة، في بيان لها، الأربعاء، إن العقود الممنوحة لشركات «Anduril Industries»، و«L3Harris Technologies»، و«Swarm Aero» هي جزء من جهودها التي تسعى إلى «التنسيق الآلي لأسراب من مئات أو آلاف الأصول غير المأهولة عبر مجالات متعددة».

وكانت نائبة مدير وحدة الابتكارات الدفاعية للاستراتيجية والسياسة والشراكات الأمنية الوطنية، أديتي كومار، قالت في وقت سابق من هذا الشهر في حديث مع «ديفنس وان» إنه في حين تحظى أجهزة «ربليكيتر» بالكثير من الاهتمام، فإن برنامجها مهم بالقدر نفسه. وأضافت أن الجدول الزمني القصير لوحدة الدفاع الجوي لاختبار منصات وبرامج تكامل الطائرات دون طيار الجديدة يشكّل تحدياً آخر.

هياكل مملوكة للحكومة

وتابعت أديتي كومار: «نحن نشتري هذه القدرة بشكل مستقل عن أنظمة الأجهزة، وبالتالي نحتاج إلى أن نكون قادرين على الحصول على هياكل مفتوحة، وهياكل مملوكة للحكومة؛ لضمان أن البرنامج الذي نحضره تجري ترقيته ثم دمجه في جميع أنواع أنظمة الأجهزة التي قد تتطلّب بعد ذلك إصلاحات الأجهزة الخاصة بها لتمكين ذلك».

اختبارات ميدانية متكاملة

وكانت منصة «لاتيس» Lattice من شركة «أندوريل» Anduril واحدة من الجهات الفائزة. وقالت الشركة، في بيان، إنها أكملت مجموعة متنوعة من الاختبارات في العالم الحقيقي مع الشركاء العسكريين:

* تمرين «مسائل المعارك المتكاملة 24.1»، Integrated Battle Problem 24.1 لأسطول المحيط الهادئ الأميركي؛ حيث استخدم مشغلو البحرية منصة «لاتيس» لدمج أكثر من اثني عشر نظاماً غير مأهول وموجزات بيانات.

* «حارس الصحراء 1.0» Desert Guardian 1.0، البرنامج التابع للقيادة المركزية الأميركية هو أيضاً من الأمثلة الأخرى؛ حيث دمجت الشركة 10 فرق استشعار مختلفة في «لاتيس»، كما دمجت تبادل البيانات في الوقت الفعلي، ونفّذت الاندماج وتعيين المهام عبر أنظمة استشعار متنوعة للكشف بشكل أسرع عن التهديدات المحمولة جواً وغيرها.

* اختبار «الحافة 23» EDGE23 للجيش، سمحت «لاتيس» لجندي واحد «بإدارة فريق متكامل من الطائرات غير المأهولة المتعددة لتحديد موقع صاروخ أرض - جو وتحديده وتدميره».

كما منحت وحدة الابتكارات الدفاعية عقوداً إلى شركات، بهدف تطوير نظم لضمان الاتصالات للطائرات دون طيار في بيئة حرب كهرومغناطيسية ثقيلة.

هل يمنع «ربليكيتر» الحرب العالمية الثالثة؟

أطلقت وزارة الدفاع «ربليكيتر» Replicator خصوصاً لردع العمل العسكري الصيني في المحيط الهادئ. وفي حدث لمؤسسة بالاس يوم الأربعاء، ناقش رئيس القيادة البحرية الأميركية في المحيط الهادئ، الأدميرال سام بابارو، الدور الذي يمكن أن تلعبه الأنظمة المستقلة في الردع؛ أي مثل الدور الذي تقدمه الطائرات من دون طيار البحرية الأوكرانية في البحر الأسود.

وقال بابارو: «لا يحتاج المرء في الواقع إلى تحقيق التفوّق الجوي والبحري الكامل على مساحة عندما يحاول الخصم الحصول عليها. ربما يحتاج المرء فقط إلى حرمان الطرف الآخر من ذلك، ويمكنه القيام بذلك بتكلفة منخفضة... لقد رأينا ذلك بالفعل في الممارسة العملية، وتعلمنا ذلك من أوكرانيا في البحر الأسود، حيث تم تدمير طرّاد (سلافا) وإغراقه -بواسطة طائرة من دون طيار بحرية أوكرانية- ومن المهم أن نتعلّم هذا الدرس من ذلك ومن البحر الأسود».

مهمات الردع والهجوم

كما أوضح بابارو كيف يمكنه استخدام مستويات مختلفة من الاستقلالية لمهام مختلفة بصفتها جزءاً من جهود الردع هذه. وقال إنه بالنسبة إلى المهام الهجومية، فإن الحفاظ على السيطرة البشرية أمر بالغ الأهمية. ولكن بالنسبة إلى الدفاع عن الأسطول، فإن مزيداً من الاستقلالية يمكن أن يساعد في تسريع وقت رد الفعل.

وأضاف: «على سبيل المثال، إذا كانت غارة من الصواريخ الباليستية تقترب من وحدتك، فهذا هو الوقت الذي قد ترغب فيه في تشغيل نظامك بالكامل، وحمل تلك الأسهم التي تُوجه نحوه من ناحية أخرى. أما إذا كنت تنفّذ هجوماً معقداً على نظام عدو، فهذه هي الحالة التي قد ترغب فيها في القيام بذلك بحذر شديد، لأنك بذلك تقتل أرواحاً».

* مجلة «ديفنس وان»: خدمات «تريبيون ميديا».