تحديد 6 مناطق وراثية جديدة مرتبطة باستسقاء الرأس

حالة تصيب 5 % من كبار السن

تصوير بالرنين المغناطيسي لحالة استسقاء الرأس
تصوير بالرنين المغناطيسي لحالة استسقاء الرأس
TT

تحديد 6 مناطق وراثية جديدة مرتبطة باستسقاء الرأس

تصوير بالرنين المغناطيسي لحالة استسقاء الرأس
تصوير بالرنين المغناطيسي لحالة استسقاء الرأس

حددت دراسة جديدة أجرتها جامعة شرق فنلندا بالتعاون مع شركاء دوليين، متغيرات وراثية جديدة مرتبطة باستسقاء الرأس ذي الضغط الطبيعي. وحددت متغيرات مهمة مرتبطة بالمرض في ستة مواقع جينية مختلفة. وقد سبق أن وجد أن بعض هذه الجينات ترتبط بتركيبات أو وظائف مناطق الدماغ المهمة بالنسبة لاستسقاء الرأس.

دراسة فنلنديةيمثل هذا البحث المنشور في مجلة «علم الأعصاب» Neurology في 14 أغسطس (آب) 2024 أول دراسة واسعة النطاق للارتباط على مستوى الجينوم (GWAS) تركز على استسقاء الرأس ذي الضغط الطبيعي normal pressure hydrocephalus (NPH)؛ ما يوفر رؤى مهمة حول الأسس الجينية لهذه الحالة، حيث تستفيد الدراسة الجديدة من البيانات الواردة من مشروع بحث الجينات الفنلندية FinnGen، وهو مشروع بحثي في علم الجينوم والطب الشخصي يدمج المعلومات الجينومية من المشاركين الفنلنديين مع بيانات السجل الصحي الشاملة بهدف التوسع في فهم تطور الأمراض وآلياتها البيولوجية وتشخيصها وعلاجها وإلقاء نظرة على تكويننا الجيني.

حللت الدراسة 1522 مريضاً بـاستسقاء الرأس وأكثر من و450 ألف من الأشخاص كضوابط أو عنصر تحكم؛ ما يجعلها أكبر دراسة وراثية من نوعها للمرض. كما تم استخدام مجموعة النسخ المتماثل المستمدة من البنك الحيوي في المملكة المتحدة. والبنك الحيوي هو نوع من المستودعات الحيوية التي تخزن عينات بيولوجية عادة ما تكون بشرية لاستخدامها في البحث.

استسقاء الرأس ذو الضغط الطبيعيهذه الحالة متلازمة عصبية مزمنة تؤثر في المقام الأول على كبار السن؛ ما يؤدي إلى أعراض مثل اضطرابات المشي وفقدان الذاكرة ومشاكل التحكم في المثانة. ويمثل العلاج الأساسي الحالي لها في الجراحة التحويلية، وهي عبارة عن عملية جراحية لتوصيل إحدى نهايات أنبوب طويل مزود بصمام يعمل كنظام تصريف السوائل حول الدماغ وتوصل النهاية الأخرى بالتجويف البطني أو القلبي ويتم تصريف السائل الدماغي الشوكي الزائد إلى التجويف البطني أو القلبي ليتم امتصاصه أو التخلص منه وغالباً ما تبقى التحويلة لمدى الحياة، حيث إنها لا تؤثر على الأنشطة اليومية المعتادة.

ولكن الآليات الأساسية للمرض لا تزال غير مفهومة بشكل جيد، وعلى الرغم من أن الأبحاث السابقة قد افترضت وجود مكون وراثي له خاصة في شكله مجهول السبب إلا أن هذه الدراسات كانت محدودة النطاق.

ويتميز المرض بتراكم غير طبيعي للسائل النخاعي (CSF) Cerebrospinal fluid، وهو سائل جسمي شفاف عديم اللون يوجد داخل الأنسجة المحيطة بالدماغ والحبل الشوكي لجميع الفقاريات، في بطينات الدماغ؛ ما يؤدي إلى تضخم البطينين وزيادة الضغط، وعلى عكس الأنواع الأخرى من استسقاء الرأس يحدث عندما يظل ضغط السائل الدماغي النخاعي ضمن المعدل الطبيعي.

وتشير التقديرات إلى أن الاضطراب يؤثر على نحو 5 في المائة من الأفراد الذين تزيد أعمارهم على 65 عاماً؛ ما يجعله حالة شائعة نسبياً بين كبار السن، ومع ذلك ونظراً لأعراضه غير المحددة وتشابهه مع الحالات الأخرى المرتبطة بالعمر غالباً ما لا يتم تشخيصه أو يشخص بشكل خاطئ.

ولا يزال السبب الدقيق للاستسقاء غير مفهوم تماماً، ويعتقد أنه نتيجة لعدم التوازن بين إنتاج وامتصاص السائل الدماغي النخاعي في الدماغ. وتشمل بعض الأسباب المحتملة إصابات الدماغ السابقة أو العدوى أو النزيف أو الأورام التي تعطل التدفق الطبيعي للسائل الدماغي النخاعي. بالإضافة إلى ذلك، يمكن لبعض الحالات الطبية مثل التهاب السحايا أو النزف أو جراحة الدماغ أن تزيد أيضاً من خطر الإصابة بالمرض.

ويعد التعرف المبكر على المرض وتشخيصه أمراً بالغ الأهمية للإدارة الفعالة وتحسين نوعية الحياة للأفراد المتضررين من خلال فهم الأعراض والسعي للحصول على العناية الطبية المناسبة يمكن للمرضى المسنين ومقدمي الرعاية لهم التغلب على التحديات التي يفرضها المرض بشكل أكثر فاعلية.متغيرات جينيةووفقاً للبروفيسور فيل لينونين من قسم جراحة المخ والأعصاب مستشفى جامعة كوبيو ومعهد الطب السريري لجراحة الأعصاب ومعهد الطب الحيوي من جامعة شرق فنلندا والمشارك الرئيسي في الدراسة، فإن نجاح الدراسة يرجع في جزء كبير منه إلى الالتزام طويل الأمد للمرضى وأسرهم الذين بدأوا المشاركة في الجهود البحثية منذ أكثر من 15 عاماً في كوبيو فنلندا. وتم تعزيز الدراسة بشكل أكبر من خلال التعاون الوطني لجراحة الأعصاب.

وقد حدد البحث متغيرات جينية مهمة مرتبطة بالاستسقاء عبر ستة مواقع جينية مختلفة. ومن المعروف أن بعض هذه الجينات تشارك في هياكل ووظائف الدماغ المهمة، بما في ذلك حاجز السائل الدموي النخاعي والحاجز الدموي الدماغي، بالإضافة إلى ذلك تم ربط هذه الجينات بتضخم البطينات الجانبية للدماغ، وهي سمة مميزة للمرض. وأكد البروفيسور ميكو هيلتونين، الذي تتعاون مجموعته البحثية بشكل وثيق مع فريق البروفيسور لينونين، على أن مواقع الجينات التي تم تحديدها حديثاً توفر أساساً متيناً للتحقيقات المستقبلية في الآليات البيولوجية للمرض. وتعزز النتائج فهم استسقاء الرأس ذي الضغط الطبيعي كمرض متعدد العوامل يتأثر بعوامل وراثية مختلفة.


مقالات ذات صلة

علاجات «الخصوبة الذاتية»... الفوائد والمحاذير

علوم علاجات منزلية للخصوبة سهلة وبكلفة زهيدة (أدوبي ستوك)

علاجات «الخصوبة الذاتية»... الفوائد والمحاذير

في سن 32، كانت تيسا ميلز وزوجها يواجهان صعوبة في الإنجاب. فقد أمضيا عامين في المحاولة وخضعا لسلسلة من الفحوصات.

شالين غوبتا (واشنطن)
يوميات الشرق التوتر يشكل جزءاً من حياتنا اليومية (جامعة ستانفورد)

جهاز منزلي لقياس التوتر

طوّر باحثون من الصين والمملكة المتحدة جهازاً جديداً للكشف عن مستويات التوتر في الدم من المنزل.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
صحتك قد يعرضك ارتفاع ضغط الدم لخطر السكتات الدماغية (أرشيفية - أ.ف.ب)

أربعة أطعمة على مرضى ضغط الدم المرتفع تجنبها

يرصد التقرير بعض الأطعمة التي تؤثر في ارتفاع ضغط الدم.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك ممرضة تحمل اختباراً للدم (أرشيفية - رويترز)

اختبار دم يتنبأ بالنوبات القلبية والسكتات الدماغية قبل حدوثها بـ30 عاماً

يقول الأطباء إن اختبار الدم البسيط «ثلاثي الأبعاد» يمكنه التنبؤ بدقة بخطر إصابة المريض بنوبة قلبية وسكتة دماغية قبل 30 عاماً من حدوثها

«الشرق الأوسط» (لندن)
الولايات المتحدة​ يمر أحد الركاب أمام لافتة تحذر من مرض «جدري القرود» في مطار سوكارنو هاتا الدولي بتانجيرانغ في 26 أغسطس 2024 (أ.ف.ب)

«يونيسف» تطرح مناقصة طارئة لتأمين لقاحات «جدري القردة»

طرحت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) مناقصة طارئة لتأمين لقاحات «جدري القردة» للدول المتضررة من الأزمات.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

تقنية جينومية جديده لتتبع الجراثيم المقاومة للمضادات الحيوية في المستشفيات

الفحص المختبري للبكتيريا المقاومة للمضادات الحيوية
الفحص المختبري للبكتيريا المقاومة للمضادات الحيوية
TT

تقنية جينومية جديده لتتبع الجراثيم المقاومة للمضادات الحيوية في المستشفيات

الفحص المختبري للبكتيريا المقاومة للمضادات الحيوية
الفحص المختبري للبكتيريا المقاومة للمضادات الحيوية

طور باحثون دوليون تقنية جينومية جديدة تتيح تتبع انتشار عدة جراثيم مقاومة للمضادات الحيوية في المستشفيات بشكل متزامن، ما قد يسهم في السيطرة أو حتى منع العدوى الشائعة في المستشفيات بشكل أسرع وأكثر فاعلية من ذي قبل.

التسلسل العميق لمسببات الأمراض

في دراسة حديثة نُشرت في 20 أغسطس (آب) 2024 في مجلة Lancet Microbe أجراها فريق من معهد «ويلكوم سانجر» من المملكة المتحدة وجامعة أوسلو في النرويج ومؤسسة سان ماتيو في إيطاليا، تم تطوير نهج جديد يعرف بـ«التسلسل العميق لجميع مسببات الأمراض».

ويسمح هذا النهج بالتقاط بيانات تسلسل الجينوم الكامل لمجموعة واسعة من مسببات الأمراض في وقت واحد ويمكنه توفير هذه البيانات الجينومية بالسرعة التي تستطيع فيها المستشفيات معالجة العينات. والتسلسل العميق هو مجموعة من التقنيات المستخدمة لتحديد وقياس أنواع الحمض النووي الريبي (أر إن إيه) RNA بطريقة متوازية على نطاق واسع ما يسمح بتغطية عميقة وتحليل مفصل للتعبير الجيني للمسببات المرضية.

التقاط بكتيريا المستشفيات

وفي إطار دراسة إثبات المفهوم - وهي إدراك طريقة معينة أو فكرة لإظهار الجدوى منها بهدف معاينة إمكانية التطبيق أو التنفيذ أو الاستخدام - تم التقاط مجموعة كاملة من البكتيريا المسببة للأمراض في وحدات العناية المركزة والأجنحة العادية في مستشفى إيطالي خلال الموجة الأولى من جائحة كوفيد - 19 في عام 2020 وأخذ الفريق عينات من 256 مريضاً وتم تحديد 52 نوعاً من البكتيريا في هذه العينات منها 66 بالمائة من سلالات مختلفة من أكثر سبعة أنواع من عدوى البكتيريا الأكثر شيوعاً في المستشفيات.

التأثير على وحدات العناية المركزة

وتشكل العدوى المكتسبة من المستشفيات خطراً كبيراً على المرضى وخاصة في وحدات العناية المركزة. وخلال الموجة الأولى من جائحة كوفيد - 19 زاد عدد المرضى بشكل كبير ما زاد من صعوبة فاعلية تدابير مكافحة العدوى. وهدفت الدراسة إلى تقييم المخاطر ومدى انتقال مسببات الأمراض في ظل الضغط الكبير على وحدات العناية المركزة وذلك من خلال تصميم نهج جديد للتسلسل الجينومي العميق deep genomic sequencing approach، والذي يمكن دمجه مع أنظمة المراقبة السريرية الروتينية وسير العمل التشخيصي.

ويشير التسلسل الجينومي العميق إلى تسلسل منطقة جينومية عدة مرات وأحياناً مئات أو حتى آلاف المرات. ويتيح نهج التسلسل من الجيل التالي للباحثين اكتشاف أنواع أو خلايا أو ميكروبات مستنسخة نادرة لا تشكل سوى 1 بالمائة من العينة الأصل.

جينات مقاومة المضادات الحيوية

وأظهرت النتائج أن جميع المرضى في وحدات العناية المركزة تقريباً كانوا يحملون بكتيريا واحدة على الأقل قادرة على التسبب في مرض شديد وأن جينات مقاومة المضادات الحيوية كانت موجودة في 40 بالمائة من هذه الحالات على الأقل. كما تمكن الفريق من رسم خريطة لانتشار البكتيريا في المستشفيات خلال فترة أخذ العينات التي استمرت خمسة أسابيع، ما سمح لهم بالتنبؤ بالبكتيريا الأكثر احتمالاً للتسبب في العدوى المكتسبة أثناء الإقامة في المستشفى.

وتعزز هذه التقنية الجديدة من فاعلية الرعاية الصحية من خلال تقديم وسيلة أسرع وأكثر شمولاً لتتبع الجراثيم المقاومة للمضادات الحيوية مما قد يساعد في تحسين تشخيص العدوى والسيطرة عليها في المستشفيات

تطبيقات أوسع

وقال البروفسور جوكا كوراندر رئيس قسم الإحصاء الحيوي كلية الطب جامعة أوسلو، والمؤلف المشارك الرئيسي للدراسة إن هذه الطريقة تلتقط المعلومات الجينية عن سلالات بكتيرية متعددة وفي نفس الوقت لديها القدرة على تحويل المراقبة الجينية لمسببات الأمراض، ما يمكننا من التقاط المعلومات الأساسية بشكل أسرع وأكثر شمولاً من أي وقت مضى دون فقدان الدقة. ويمكن الآن استخدام هذا النهج بثقة في الأبحاث المستقبلية لالتقاط النطاق الكامل للبكتيريا عالية الخطورة في منطقة ما، ونأمل أن تساعد المستشفيات في تتبع انتشار البكتيريا المقاومة للعلاج والحد منه.

وأوضح الدكتور هاري ثورب المؤلف الأول للدراسة في قسم الإحصاء الحيوي كلية الطب جامعة أوسلو والباحث الزائر في معهد ويلكوم سانجر أن الدراسة تعكس كيفية استخدام علم الجينوم لخلق صورة شاملة للبكتيريا المقاومة للمضادات الحيوية في وحدات العناية المركزة وأماكن أخرى داخل المستشفيات. وأشار إلى أن البكتيريا المقاومة للمضادات الحيوية تتطور وتنتشر بسرعة مما يتطلب من أساليب التتبع أن تواكب هذا التطور وبيَّن أن معرفة تسلسل جميع البكتيريا في العينة توفر صورة أكثر شمولاً للتنوع البكتيري في منطقة ما وهو أمر أساسي للتنبؤ بالمخاطر وفهم العوامل الخارجية التي تسهم في انتشار سلالة معينة.

بكتيريا مقاومة أثناء جائحة «كوفيد»

من جانبه أكد البروفسور فاوستو بالدانتي مدير وحدة علم الأحياء الدقيقة والفيروسات في مؤسسة سان ماتيو أن وحدته كانت أول من اكتشف حالة إصابة بكوفيد - 19 في العالم الغربي مشيراً إلى أنهم شهدوا بداية الوباء جنباً إلى جنب مع الجهود العلمية العالمية الضخمة التي ركزت على فيروس «سارس كوف 2». ومع ذلك أظهرت الدراسة التي أجراها الباحثون أن البكتيريا المقاومة للمضادات الحيوية لم تختفِ خلال تلك الفترة. بل أضاف أن الوجود المتزامن لأنواع متعددة من البكتيريا المقاومة للأدوية في أجنحة العناية المركزة التي استقبلت مرضى كوفيد - 19 قد يكون جزءاً مهماً من الصورة السريرية المعقدة للمرض الجديد في تلك الأيام الحرجة.

وفي تعليق له على الدراسة أشار البروفسور نيكولاس تومسون عالم الطفيليات والميكروبات معهد ويلكوم سانجر في كمبريدج المملكة المتحدة إلى أن العدوى المقاومة للمضادات الحيوية لا تزال تمثل مشكلة مستمرة في المستشفيات رغم الجهود الكبيرة التي يبذلها العاملون في الرعاية الصحية للحد منها. وأكد على أهمية رؤية وتتبع هذه البكتيريا من خلال دمج نهج التسلسل الجينومي العميق في أنظمة الرعاية الصحية مما يسهم في تشخيص العدوى بشكل أفضل وتحديد تفشيها والسيطرة عليها، خاصة في وحدات العناية المركزة.