تشخيص وراثي لأمراض نادرة جديدة بالذكاء الاصطناعي

تحليل ملامح الوجه يربط النمط الظاهري بالنمط الجيني

تشخيص وراثي لأمراض نادرة جديدة بالذكاء الاصطناعي
TT

تشخيص وراثي لأمراض نادرة جديدة بالذكاء الاصطناعي

تشخيص وراثي لأمراض نادرة جديدة بالذكاء الاصطناعي

حقّقت دراسة حديثة متعددة المراكز على مستوى ألمانيا خطوات كبيرة في تحديد الأمراض الوراثية النادرة وتشخيصها، باستخدام طرق التحليل الجيني المتقدمة.

رصد أمراض وراثية جديدة

واستخدمت الدراسة، التي شملت 16 جامعة ومستشفى جامعياً، بما في ذلك جامعة «بون»، «تسلسل الإكسوم» لفحص المادة الوراثية لـ1577 مريضاً، ما أدى إلى تشخيص حالات 499 فرداً. جدير بالذكر أن 34 من هؤلاء المرضى لديهم أمراض وراثية جديدة لم يُبلّغ عنها سابقاً؛ وهو ما يمثّل مساهمة كبيرة في الفهم والوصف الأوْلي لهذه الأمراض الجديدة.

و«تسلسل الإكسوم» تقنية هندسة وراثية تُستخدم في التحكم بتسلسل جميع مناطق تشفير البروتين للجينات في الجينوم المعروف باسم «الإكسوم».

تقنيات تشخيص متقدمة بالذكاء الاصطناعي

وكانت الدراسة رائدة في استخدام الذكاء الاصطناعي (AI) في تشخيص الأمراض النادرة. ونُشرت نتائجها في مجلة «نتشر جينتكس» (Nature Genetics) في 22 يوليو (تموز) 2024 من فريق بعضوية الدكتورة تيريزا برونيه أحد المؤلفين الرئيسيين من معهد علم الوراثة البشرية معهد الإحصاء الجينومي والمعلوماتية الحيوية لدى جامعة «بون» كلية الطب ومستشفى جامعة «بون» ألمانيا، وزملائها.

واستُخدم نظام الذكاء الاصطناعي «GestaltMatcher»، وهو عبارة عن مجموعة يجري تحديثها باستمرار من الصور الطبية للأفراد المصابين بأمراض نادرة وأنظمة الذكاء الاصطناعي لتفسير هذه البيانات، الذي طوّره الباحثون للمساعدة في تشخيص المتلازمات الوراثية الخلقية من خلال تحليل ملامح الوجه. وقد أثبت هذا النظام فائدته لا سيما في الحالات التي تكون فيها الارتباطات بين النمط الظاهري والآخر الوراثي حاسمة، إذ يمثّل استخدام الذكاء الاصطناعي تقدماً كبيراً في عملية التشخيص السريري؛ ما يتيح إجراء تقييمات أكثر كفاءة ودقة.

مشروع مبتكر لرصد التغيرات الجينية

وكانت الدراسة جزءاً من مشروع «صندوق الابتكار» (TRANSLATE NAMSE) لمدة ثلاث سنوات، الذي يهدف إلى تعزيز رعاية المرضى الذين يعانون من أمراض نادرة من خلال تقنيات التشخيص الحديثة.

وشمل المشروع تحليل بيانات «تسلسل الإكسوم» من 1309 أطفال، وتحديد الأسباب الوراثية في 425 منهم.

واكتشف الباحثون تغيّرات في 370 جيناً مختلفاً، ما يعرّض التنوع الجيني والتعقيد المرتبط بالأمراض النادرة. أما بالنسبة إلى الحالات التي لم تُشخّص فقد جرى التخطيط لمزيد من التحقيقات في إطار مشروع تسلسل الجينوم (MVGenomSeq) وهي تقنيه ستستخدم تسلسل القراءة الطويلة الذي يمكنه تحليل أجزاء أطول من الحامض النووي (دي إن إيه)؛ ما قد يكشف عن التغيرات الجينية التي قد تفشل فيها طرق القراءة الأقصر.

التقييس والنهج متعدد التخصصات

وفي الدراسة الاستطلاعية كان الهدف الرئيسي تقييم القيمة السريرية لـ«تسلسل الإكسوم» في مجموعة الأمراض النادرة للغاية. وكانت أهداف الدراسة الحالية هي إجراء تحقيق منهجي للبيانات الوراثية المظهرية والجزيئية للمرضى الذين خضعوا لـ«تسلسل الإكسوم»، من أجل تحديد نتيجة كل من التشخيصات النادرة للغاية وارتباطات الأمراض الجينية الجديدة وتحديد ما إذا كان الاستخدام التكميلي لأدوات التعلم الآلي والذكاء الاصطناعي قد أدى إلى تحسين فاعلية التشخيص وكفاءته.

وأُجري التنظير البطني لـ1577 مريضاً (268 شخصاً بالغاً، و1309 أطفال)، وأُجري التشخيص الوراثي الجزيئي لدى 499 مريضاً (74 شخصاً بالغاً، و425 طفلاً)، وحُدّد إجمالي 370 سبباً وراثياً جزيئياً متميزاً.

وتتعلّق غالبية هذه الحالات باضطرابات معروفة، وكان معظمها نادراً للغاية، ومن خلال عملية التشخيص حُدّد 34 ارتباطاً جديداً، و23 ارتباطاً بين النمط الوراثي والآخر الظاهري خصوصاً في الأفراد الذين يعانون من اضطرابات النمو العصبي؛ لتحديد احتمالية أن يؤدي «تسلسل الإكسوم» إلى تشخيص جزيئي لدى مريض معين، استناداً إلى السمات السريرية المعنية فقط.

الاتجاهات المستقبلية والآثار السريرية

يؤكد التطبيق الناجح لمشروع «تسلسل الجينوم»، خصوصاً في فحوصات الأطفال المبكرة، إمكانات الذكاء الاصطناعي في التشخيص والتدخل المبكر. ويمكن أن يكون هذا مفيداً بوجه خاص في أثناء الفحوصات الروتينية في الأعمار من 21 إلى 24 شهراً، ومن 34 إلى 36 شهراً، إذ يمكن اكتشاف العلامات المبكرة للأمراض النادرة.

كما أظهرت التحليلات الحالية أن مفهوم التشخيص المنظم الجديد سهّل تحديد الاضطرابات الوراثية النادرة للغاية وارتباطات الأمراض الجينية الجديدة على المستوى الوطني، وأن أدوات التعلم الآلي والذكاء الاصطناعي حسّنت فاعلية التشخيص وكفاءته للاضطرابات الوراثية النادرة للغاية.

حقائق

34

من المرضى الخاضعين للدراسة رُصدت لديهم أمراض وراثية جديدة لم يُبلّغ عنها سابقًا


مقالات ذات صلة

تكنولوجيا مشهد من الإعلان الخاص بالذكاء الاصطناعي لـ«غوغل» (وسائل إعلام أميركية)

انتقادات لـ«غوغل» بسبب إعلان لبرنامجها للذكاء الاصطناعي

أثارت «غوغل» غضب بعض مشاهدي الألعاب الأولمبية خلال عطلة نهاية الأسبوع بإعلان يظهر برنامجها للذكاء الاصطناعي.

«الشرق الأوسط» (سان فرانسيسكو)
آسيا الرئيس الصيني شي جينبينغ مستقبلاً رئيسة وزراء إيطاليا جيورجيا ميلوني في بكين الاثنين (د.ب.أ)

ميلوني تثني على أهمية الصين محاورةً على الساحة الدولية

رأت رئيسة الوزراء الإيطالية، جيورجيا ميلوني، أن الصين «محاور مهم» في إدارة التوترات الدولية.

تكنولوجيا شعار شركة «أبل» يظهر وسط أفراد يصطفون للحصول على هاتف «آيفون» في مدريد 26 سبتمبر (أيلول) 2014 (أ.ف.ب)

البيت الأبيض: «أبل» توقع على خطة أميركية لإدارة مخاطر الذكاء الاصطناعي

قال البيت الأبيض إن شركة «أبل» وقعت على الالتزامات الطوعية التي دعا إليها الرئيس الأميركي جو بايدن وتحكم استخدام الذكاء الاصطناعي.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد سيدة تسير إلى جوار متجر «آيفون» في مدينة ووهان الصينية (رويترز)

«أبل» تنضم للشركات الملتزمة بقواعد البيت الأبيض للذكاء الاصطناعي

انضمت شركة «أبل» إلى حوالي 12 شركة تكنولوجيا التزمت اتباع مجموعة قواعد للحد من مخاطر الذكاء الاصطناعي.

«الشرق الأوسط» (سان فرانسيسكو)

استطلاع دولي: الذكاء الاصطناعي يزيد عبء العمل

استطلاع دولي: الذكاء الاصطناعي يزيد عبء العمل
TT

استطلاع دولي: الذكاء الاصطناعي يزيد عبء العمل

استطلاع دولي: الذكاء الاصطناعي يزيد عبء العمل

هل طفرة الإنتاجية مبالغ فيها؟ الأخبار تقول إن ما يقرب من نصف الموظفين لا يعرفون كيفية استخدام الذكاء الاصطناعي لتلبية متطلبات أصحاب العمل، وفقاً لاستطلاع جديد.

إنتاجية وعبء

يتم الترحيب بالذكاء الاصطناعي بوصفه معززاً جديداً للإنتاجية سيحل محل الوظائف، ولكن وفقاً لدراسة جديدة، يجد الموظفون أن الذكاء الاصطناعي يزيد بالفعل من عبء عملهم.

وكتبت شالين غوبتا (*) أن مؤسسة «أبورك» (Upwork) وهي منصة مستقلة، قامت باستطلاع رأي 2500 من العاملين في جميع أنحاء الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وأستراليا وكندا، الذين يقومون ببعض أعمال الكومبيوتر على الأقل، بما في ذلك المديرون التنفيذيون والموظفون والمستقلون.

نتائج الاستطلاع

فيما يلي النتائج الرئيسية:

وعود الذكاء الاصطناعي: من بين القادة التنفيذيين الذين شملهم الاستطلاع، قال 96 في المائة إنهم يتوقعون أن يؤدي الذكاء الاصطناعي إلى زيادة الإنتاجية. وقال نحو 37 في المائة من الرؤساء التنفيذيين إنهم يتوقعون أن يستخدم الموظفون الذكاء الاصطناعي لزيادة إنتاجهم، و30 في المائة لتولي نطاق أوسع من المسؤوليات، و20 في المائة للعمل لساعات أطول.

نحو 39 في المائة من الشركات التي شملتها الدراسة تلزم موظفيها باستخدام الذكاء الاصطناعي، و46 في المائة تشجع الموظفين على استخدام الذكاء الاصطناعي.

مهارات وإرهاق

التنفيذ: أقل من 26 في المائة من القادة الذين يتوقعون استخدام الذكاء الاصطناعي لتحسين الإنتاجية، يقدمون برامج تدريب على الذكاء الاصطناعي، و13 في المائة فقط لديهم استراتيجية ذكاء اصطناعي تم تنفيذها بشكل جيد.

وفي الوقت نفسه، يقول 37 في المائة من القادة إن القوى العاملة لديهم تتمتع بمهارات عالية في مجال الذكاء الاصطناعي؛ لكن 17 في المائة فقط من الموظفين يوافقون على ذلك. ويقول 38 في المائة إنهم يشعرون بالإرهاق بسبب استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي في العمل.

قلة معرفة وعمل أكثر

النتيجة: بينما يعتقد 65 في المائة من الموظفين أن الذكاء الاصطناعي يمكنه تحسين الإنتاجية، يقول ما يقرب من النصف (47 في المائة) من الموظفين الذين يستخدمون الذكاء الاصطناعي، إنهم لا يعرفون كيفية استخدامه لتلبية توقعات إنتاجية أصحاب العمل.

يقول كثيرون إن ذلك يؤدي في الواقع إلى زيادة عبء العمل: يقضي 39 في المائة وقتاً أطول في مراجعة المحتوى الذي ينتجه الذكاء الاصطناعي أو الإشراف عليه، ويقضي 23 في المائة ساعات إضافية في تعلم استخدام الذكاء الاصطناعي، ويُطلَب من 21 في المائة منهم العمل أكثر.

تصورات غير واقعية

توقعات غير واقعية: بشكل عام، يشعر 40 في المائة من الموظفين بأن توقعات شركاتهم فيما يتعلق باستخدام الذكاء الاصطناعي غير واقعية. ويشير مؤلفو التقرير إلى أنه «للاستفادة حقاً من قوة الذكاء الاصطناعي، يجب علينا أن نغير بشكل أساسي الطريقة التي ننظم بها المواهب والعمل. إن تحقيق توازن أكبر بين الإنتاجية والرفاهية يتطلب طرقاً جديدة للعمل. والقيام بالمزيد بموارد أقل، وتجاهل مجموعات المواهب البديلة، والالتزام بقياس الإنتاجية من أعلى إلى أسفل، لن ينجح ببساطة في عصر الذكاء الاصطناعي.

(*) خدمات «تريبيون ميديا»