الطاقة العقلية... تأملات وتفسيرات لجوهرها

تحول الموهبة إلى عبقرية

الطاقة العقلية... تأملات وتفسيرات لجوهرها
TT

الطاقة العقلية... تأملات وتفسيرات لجوهرها

الطاقة العقلية... تأملات وتفسيرات لجوهرها

يصعب تعريف الطاقة العقلية، والأصعب من ذلك قياسها، ولكن الجميع يطمح إلى امتلاك المزيد منها.

طاقة العقل لاتخاذ القرارات

رغم أن وزن الدماغ لا يتجاوز 2 في المائة من وزن الجسم، فإنه يستهلك ما بين 20 إلى 25 في المائة من إجمالي الطاقة الأيضية (طاقة التمثيل الغذائي). وهذا يمثل فقط الطاقة اللازمة للحفاظ على عمل 86 مليار خلية عصبية، وبقاء ما يقارب 164 تريليون وصلة عصبية على أهبة الاستعداد.

بمجرد تنشيط الدماغ، يزداد استهلاكه للطاقة سريعاً. إذ يتطلب الانتباه جهداً ذهنياً كبيراً، وكذلك ممارسة ضبط النفس. كما أن اتخاذ القرارات، والتعاطف وحتى التأمل، تستهلك الموارد العقلية، إضافة إلى استقبال المعلومات، ومعالجتها، ومقارنتها بالذاكرة، والحفاظ على التركيز والاهتمام، وكذلك القدرة على تجاهل الإلهاء، كل ذلك مسبب للإرهاق حتى بمجرد التفكير فيه.

ولا يمكنك التفكير كثيراً بشكل جيد أو الضحك، أو الاستجابة للخطر، أو الحلم بالمستقبل، أو حتى تذكر مكان وضع مفاتيح السيارة، من دون طاقة عقلية.

الطاقة العقلية Mental Energy تكمن حرفياً في صميم كل ما تفعله، وتحدد ما إذا كنت تستطيع فعل أي شيء على الإطلاق.

ويستهلك تنشيط الطاقة العقلية، الذي يمتد عبر تقاطع العقل والجسد، الأكسجين، والغلوكوز، ومجموعة كاملة من المغذيات الكبرى والصغرى، ما يتطلب من قلبك زيادة ضخ الدم. وينعكس ذلك في ارتفاع ضغط الدم.

الحلقة المفقودة

رغم أهميتها القصوى، فإن الطاقة العقلية عامل مفقود في معظم تفسيرات العمليات النفسية. وليس من الواضح حتى ماهية الطاقة العقلية بالضبط.

يرى أحد النماذج العلمية أنها تتكون من ثلاثة عناصر: جزء متعلق بالحالة المزاجية (الشعور بالقدرة على القيام بالأنشطة العقلية أو البدنية)، وجزء متعلق بالإدراك (ينعكس في اختبارات الانتباه وسرعة معالجة المعلومات)، وجزء متعلق بالدافع (العزيمة والحماس).

يقيس مقياس حالات المزاج (POMS) Profile of Mood States مستوى الطاقة العقلية من خلال مدى التحبيذ الذي تناله صفات مثل: النشاط والحماس والحركية. ولا يوجد مقياس متفق عليه أو طريقة لتقييم الطاقة العقلية.

ورغم أن الدافع motivation والطاقة العقلية غالباً ما يُستخدمان بالتبادل، فإن هناك سبباً يدعو إلى عدّهما ظاهرتين مختلفتين. يقول عالم النفس روي باومايستر: «أعتقد أن الدافع هو الرغبة، بينما تذهب الطاقة إلى الفعل والتفكير. الدافع هو أحد أسس النفس، ويرتبط ارتباطاً وثيقاً بما تحتاج إليه للبقاء على قيد الحياة والتكاثر. ويمكن أن تكون الرغبة موجودة لدى الأشخاص من ذوي الطاقة العقلية العالية أو المنخفضة».

ضبط النفس وقوة الإرادة

في الواقع، أحدث باومايستر ضجة في عالم علم النفس الحديث في أواخر التسعينات من خلال طرح فكرة أن الطاقة العقلية تلعب دوراً رئيسياً في الحياة العقلية اليومية. وقد قدم أدلة على أن التنظيم الذاتي self - regulation «لا يزال موضع نقاش كبير»، وهو جوهر الوظيفة التنفيذية للدماغ، هو ظاهرة تعتمد على الطاقة.

يعتمد ضبط النفس Self - control (المعروف أيضاً باسم قوة الإرادة) على مصادر طاقة محدودة، وستؤدي المهمة الصعبة التي تتطلب ضبط النفس إلى إعاقة الأداء في مهمة لاحقة، وهو ما يسمى «استنزاف الأنا». ليس الأمر أن الدافع يتراخى، ولكن الطاقة التي يوفرها الغلوكوز تُستنفد إلى حد كبير.

يقول باومايستر: «لقد اخترنا مصطلح (استنزاف الأنا) ego depletion كنوع من الإشادة بسيغموند فرويد، لأننا لم نتمكن من العثور على أي شخص بعد فرويد قال إن الذات مصنوعة من الطاقة، على الأقل جزئياً. لم نكن نؤيد بقية نموذج فرويد». ويشير إلى أن الحياة كلها عبارة عن عملية طاقة.

مهما كانت طبيعة الطاقة العقلية، فهي تلعب دوراً في تشكيل الشخصية والإنجازات على مدار العمر. وقد رأى عالم الوراثة السلوكية الراحل ديفيد ليكين أن الطاقة العقلية هي المكون المصاحب الذي يحول الموهبة إلى عبقرية. وقد عدّها قدرة مشتركة بين المفكرين والمبدعين العظماء، بدءاً من أرخميدس إلى إسحاق نيوتن، وبنجامين فرانكلين، وألكسندر هاميلتون، وثيودور روزفلت، وبابلو بيكاسو.

تكلفة الالتهاب

كما يرتبط مستوى الطاقة العقلية ارتباطاً وثيقاً بالأداء الفكري، كذلك يرتبط أيضاً بوظيفة المناعة.

عند تنشيط الجهاز المناعي بسبب الضغوط، والعدوى - أي تهديد خارجي أو داخلي، بما في ذلك الأفكار المزعجة - يثير الجهاز المناعي استجابة (ردة فعل) التهابية تستنفد كمية كبيرة من الطاقة. وتشير الأدلة إلى أن الالتهاب يحول الانتباه أيضاً نحو الأفكار السلبية، ما يمهد الطريق المحتمل للاكتئاب، وهو أم لجميع حالات الشعور بانخفاض مستوى الطاقة.

وعلى نحو متزايد، يرتبط أي عدد من الاضطرابات في العمليات الأيضية في خلايا الدماغ باضطرابات الصحة العقلية، بما في ذلك الاكتئاب والتدهور الإدراكي.

من المغري الاعتقاد أن النقيض التام للطاقة العقلية هو الإرهاق، وأنهما يمثلان طرفي نقيض على سلسلة واحدة متصلة. ولكن هناك بعض الأدلة على أنهما حالتان منفصلتان مدعومتان بآليات مختلفة وتخدمان احتياجات مختلفة. فالجلوس على المكتب طوال اليوم يقلل من الطاقة من دون أن يزيد بالضرورة من الشعور بالإرهاق. كما ثبت أن التمارين الرياضية المعتدلة تزيد من الطاقة من دون أن تؤثر على مستويات الإرهاق.

يبدو أن أنظمة الناقلات العصبية تختلف بين الشعورين بالنشاط والإرهاق: فالشعور بالنشاط - المدفوع بكل من «الدوبامين» و«النورابينفرين» - يدعم السلوك التقاربي (الإقدام)؛ أما الإرهاق، الذي يسهله كل من «السيروتونين» و«السيتوكينات» الالتهابية، فيدعم السلوك التباعدي (الإحجام). يرى البعض أن نقيض النشاط ليس الإرهاق، وإنما اللامبالاة.

مهما كانت ماهية الطاقة العقلية، فهناك شيء واحد واضح: إنه شيء يطمح إليه الناس بشكل أكبر. ربما لأننا نعيش في أوقات مقلقة ونكافح لفهمها - حتى قرارات ما ينبغي وضعه في القمامة تضعنا وجهاً لوجه أمام تهديدات وجودية - فهناك متطلبات لا هوادة فيها على الطاقة العقلية. أو ربما يكون ذلك مجرد ثمن امتلاك قشرة دماغية كبيرة في عصر الحمل الزائد للمعلومات.

الحفاظ على الطاقة العقلية

هناك طرق معروفة للحفاظ على الطاقة العقلية. ربما يكون الأسهل منها هو الاستخدام الحكيم لأي طاقة عقلية يمتلكها الأفراد بالفعل.

العادات ليست سوى أوعية عظيمة للحفاظ على الطاقة العقلية، فهي تحول دون الحاجة إلى اتخاذ عدد لا يحصى من القرارات. والعادات الجيدة أفضل من ذلك، لأنها تمنع أيضاً الحاجة إلى صرف الطاقة في إزالة الأضرار الناجمة عن العادات السيئة.

إضافة إلى ذلك، من الممكن توليد الطاقة العقلية من الداخل عبر تقنية تُعرف باسم «التباين العقلي» mental contrasting. وقد شرعت الدكتورة غابرييل أوتينغن، عالمة النفس بجامعة نيويورك، في تطوير التباين العقلي بوصفه وسيلة لحشد الطاقة اللازمة لتحويل الأهداف إلى إنجازات.

تستلزم هذه التقنية تصور المستقبل الذي تريد تحقيقه، مثلاً في تأليف كتاب - وأفضل نتيجة لذلك الهدف المنشود - مشاعر الإنجاز والافتخار. ثم يأتي الجزء الحاسم وهو تجنب الخيال الخالص من خلال مقارنة رغباتك بحقيقة العمل اللازم لتحقيقها.

الأحكام التي يصدرها الناس بعد ذلك حول مدى احتمالية تحقيق المستقبل المنشود هي أحكام مُحفزة، ويمكن قياس تعبئة الطاقة جسدياً في اختبارات قوة قبضة اليد. علاوة على ذلك، وجدت الدكتورة أوتينغن أن التباين العقلي يؤدي إلى حالة من التنبيه الشامل يمكن فيها تحويل الطاقة إلى مهام عقلية لا علاقة لها بالخيال الذي أوجدها.

إمدادات الطاقة

يُستمد معظم مخزون الطاقة العقلية، يوماً بعد يوم، من مصادر خارجية، أي من النظام الغذائي.

وتُعد المغذيات الكبرى - البروتينات، والكربوهيدرات، والدهون - ضرورية، وكذلك الحال في المجموعة الكاملة للمغذيات الصغرى. وبما أن الدماغ هو مصدر الطاقة الرئيسي، فهو يحتاج بالتأكيد إلى إمدادات ثابتة من جميع هذه العناصر.

يلجأ كثير من الناس إلى المكملات الغذائية المصممة لتعزيز الطاقة العقلية. وأهم العناصر الغذائية المهمة لنشاط الدماغ هي فيتامين «بي»، وفيتامين «سي»، وفيتامين «دي»، وأحماض أوميغا 3 الدهنية، والمغنيسيوم. وهناك أيضاً أدلة على أن الحمض الأميني «إل – ثيانين»، وهو مكون طبيعي موجود في الشاي، يزيد بشكل موثوق من يقظة الدماغ.

* «سايكولوجي وداي»، خدمات «تريبيون ميديا».



هل يمكن لنظم الذكاء الاصطناعي التكيف مع ثقافات متعددة؟

هل يمكن لنظم الذكاء الاصطناعي التكيف مع ثقافات متعددة؟
TT

هل يمكن لنظم الذكاء الاصطناعي التكيف مع ثقافات متعددة؟

هل يمكن لنظم الذكاء الاصطناعي التكيف مع ثقافات متعددة؟

في سباق محتدم لنشر نماذج اللغات الكبيرة والذكاء الاصطناعي التوليدي في الأسواق العالمية، تفترض العديد من الشركات أن «النموذج الإنجليزي ← المترجم» كافٍ لذلك.

اللغة- ثقافة وأعراف

ولكن إذا كنتَ مسؤولاً تنفيذياً أميركياً تستعد للتوسع في آسيا أو أوروبا أو الشرق الأوسط أو أفريقيا، فقد يكون هذا الافتراض أكبر نقطة ضعف لديك. ففي تلك المناطق، ليست اللغة مجرد تفصيل في التغليف: إنها الثقافة والأعراف والقيم ومنطق العمل، كلها مُدمجة في شيء واحد.

وإذا لم يُبدّل نظام الذكاء الاصطناعي الخاص بك تسلسل رموزه الكمبيوترية فلن يكون أداؤه ضعيفاً فحسب؛ بل قد يُسيء التفسير أو يُسيء المواءمة مع الوضع الجديد أو يُسيء خدمة سوقك الجديدة.

الفجوة بين التعدد اللغوي والثقافي في برامج الدردشة الذكية

لا تزال معظم النماذج الرئيسية مُدربة بشكل أساسي على مجموعات النصوص باللغة الإنجليزية، وهذا يُسبب عيباً مزدوجاً عند نشرها بلغات أخرى. وعلى سبيل المثال، وجدت دراسة أن اللغات غير الإنجليزية والمعقدة لغويا غالباً ما تتطلب رموزاً أكثر (وبالتالي تكلفةً وحساباً) لكل وحدة نصية بمقدار 3-5 أضعاف مقارنةً باللغة الإنجليزية.

ووجدت ورقة بحثية أخرى أن نحو 1.5 مليار شخص يتحدثون لغات منخفضة الموارد يواجهون تكلفة أعلى وأداءً أسوأ عند استخدام نماذج اللغة الإنجليزية السائدة.

والنتيجة: قد يتعثر نموذج يعمل جيداً للمستخدمين الأميركيين، عند عمله في الهند أو الخليج العربي أو جنوب شرق آسيا، ليس لأن مشكلة العمل أصعب، ولكن لأن النظام يفتقر إلى البنية التحتية الثقافية واللغوية اللازمة للتعامل معها.

«ميسترال سابا» نظام الذكاء الاصطناعي الفرنسي مصمم خصيصاً للغات العربية وجنوب آسيا

مثال «ميسترال سابا» الإقليمي جدير بالذكر

لنأخذ نموذج «ميسترال سابا» (Mistral Saba)، الذي أطلقته شركة ميسترال للذكاء الاصطناعي الفرنسية كنموذج مصمم خصيصاً للغات العربية وجنوب آسيا (التاميلية والمالايالامية... إلخ). تشيد «ميسترال» بأن «(سابا) يوفر استجابات أكثر دقة وملاءمة من النماذج التي يبلغ حجمها 5 أضعاف» عند استخدامه في تلك المناطق. لكن أداءه أيضاً أقل من المتوقع في معايير اللغة الإنجليزية.

وهذه هي النقطة المهمة: السياق أهم من الحجم. قد يكون النموذج أصغر حجماً ولكنه أذكى بكثير بالنسبة لمكانه.

بالنسبة لشركة أميركية تدخل منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا أو سوق جنوب آسيا، هذا يعني أن استراتيجيتك «العالمية» للذكاء الاصطناعي ليست عالمية ما لم تحترم اللغات والمصطلحات واللوائح والسياق المحلي.

تكاليف الرموز والتحيز اللغوي

من منظور الأعمال، تُعدّ التفاصيل التقنية للترميز أمراً بالغ الأهمية. تشير مقالة حديثة إلى أن تكاليف الاستدلال في اللغة الصينية قد تكون ضعف تكلفة اللغة الإنجليزية، بينما بالنسبة للغات مثل الشان أو البورمية، يمكن أن يصل تضخم عدد الرموز إلى 15 ضعفاً.

هذا يعني أنه إذا استخدم نموذجك ترميزاً قائماً على اللغة الإنجليزية ونشرتَه في أسواق غير إنجليزية، فإن تكلفة الاستخدام سترتفع بشكل كبير، أو تنخفض الجودة بسبب تقليل الرموز. ولأن مجموعة التدريب الخاصة بك كانت تركز بشكل كبير على اللغة الإنجليزية، فقد يفتقر «نموذجك الأساسي» إلى العمق الدلالي في لغات أخرى.

أضف إلى هذا المزيج اختلافات الثقافة والمعايير: النبرة، والمراجع، وممارسات العمل، والافتراضات الثقافية، وما إلى ذلك، وستصل إلى مجموعة تنافسية مختلفة تماماً: ليس «هل كنا دقيقين» بل «هل كنا ملائمين».

التوسع في الخارج

لماذا يهم هذا الأمر المديرين التنفيذيين الذين يتوسعون في الخارج؟

إذا كنت تقود شركة أميركية أو توسّع نطاق شركة ناشئة في الأسواق الدولية، فإليك ثلاثة آثار:

-اختيار النموذج ليس حلاً واحداً يناسب الجميع: قد تحتاج إلى نموذج إقليمي أو طبقة ضبط دقيقة متخصصة، وليس فقط أكبر نموذج إنجليزي يمكنك ترخيصه.

-يختلف هيكل التكلفة باختلاف اللغة والمنطقة: فتضخم الرموز وعدم كفاءة الترميز يعنيان أن تكلفة الوحدة في الأسواق غير الإنجليزية ستكون أعلى على الأرجح، ما لم تخطط لذلك.

-مخاطر العلامة التجارية وتجربة المستخدم ثقافية: فبرنامج الدردشة الآلي الذي يسيء فهم السياق المحلي الأساسي (مثل التقويم الديني، والمصطلحات المحلية، والمعايير التنظيمية) سيُضعف الثقة بشكل أسرع من الاستجابة البطيئة.

بناء استراتيجية ذكاء اصطناعي متعددة اللغات واعية ثقافياً

للمديرين التنفيذيين الجاهزين للبيع والخدمة والعمل في الأسواق العالمية، إليكم خطوات عملية:

• حدّد اللغات والأسواق كميزات من الدرجة الأولى. قبل اختيار نموذجك الأكبر، اذكر أسواقك ولغاتك ومعاييرك المحلية وأولويات عملك. إذا كانت اللغات العربية أو الهندية أو الملايوية أو التايلاندية مهمة، فلا تتعامل معها كـ«ترجمات» بل كحالات استخدام من الدرجة الأولى.

• فكّر في النماذج الإقليمية أو النشر المشترك. قد يتعامل نموذج مثل «Mistral Saba» مع المحتوى العربي بتكلفة أقل ودقة أكبر وبأسلوب أصلي أكثر من نموذج إنجليزي عام مُعدّل بدقة.

• خطط لتضخم تكلفة الرموز. استخدم أدوات مقارنة الأسعار. قد تبلغ تكلفة النموذج في الولايات المتحدة «س» دولاراً أميركياً لكل مليون رمز، ولكن إذا كان النشر تركياً أو تايلاندياً، فقد تكون التكلفة الفعلية ضعف ذلك أو أكثر.

• لا تحسّن اللغة فقط، بل الثقافة ومنطق العمل أيضاً. لا ينبغي أن تقتصر مجموعات البيانات المحلية على اللغة فحسب، بل ينبغي أن تشمل السياق الإقليمي: اللوائح، وعادات الأعمال، والمصطلحات الاصطلاحية، وأطر المخاطر.

صمم بهدف التبديل والتقييم النشطين. لا تفترض أن نموذجك العالمي سيعمل محلياً. انشر اختبارات تجريبية، وقيّم النموذج بناءً على معايير محلية، واختبر قبول المستخدمين، وأدرج الحوكمة المحلية في عملية الطرح.

المنظور الأخلاقي والاستراتيجية الأوسع

عندما تُفضّل نماذج الذكاء الاصطناعي المعايير الإنجليزية والناطقة بالإنجليزية، فإننا نُخاطر بتعزيز الهيمنة الثقافية.

كمسؤولين تنفيذيين، من المغري التفكير «سنترجم لاحقاً». لكن الترجمة وحدها لا تُعالج تضخم القيمة الرمزية، وعدم التوافق الدلالي، وعدم الأهمية الثقافية. يكمن التحدي الحقيقي في جعل الذكاء الاصطناعي مُتجذراً محلياً وقابلاً للتوسع عالمياً.

إذا كنت تُراهن على الذكاء الاصطناعي التوليدي لدعم توسعك في أسواق جديدة، فلا تُعامل اللغة كحاشية هامشية. فاللغة بنية تحتية، والطلاقة الثقافية ميزة تنافسية. أما التكاليف الرمزية وتفاوتات الأداء فليست تقنية فحسب، بل إنها استراتيجية.

في عالم الذكاء الاصطناعي، كانت اللغة الإنجليزية هي الطريق الأقل مقاومة. ولكن ما هي حدود نموك التالية؟ قد يتطلب الأمر لغةً وثقافةً وهياكل تكلفة تُمثل عوامل تمييز أكثر منها عقبات.

اختر نموذجك ولغاتك واستراتيجية طرحك، لا بناءً على عدد المعاملات، بل على مدى فهمه لسوقك. إن لم تفعل، فلن تتخلف في الأداء فحسب، بل ستتخلف أيضاً في المصداقية والأهمية.

* مجلة «فاست كومباني»، خدمات «تريبيون ميديا».


الذكاء الاصطناعي... نجم المؤتمر السنوي لطب الأسنان في نيويورك

آلاف المشاركين وشركات تعرض أحدث تقنيات الذكاء الاصطناعي
آلاف المشاركين وشركات تعرض أحدث تقنيات الذكاء الاصطناعي
TT

الذكاء الاصطناعي... نجم المؤتمر السنوي لطب الأسنان في نيويورك

آلاف المشاركين وشركات تعرض أحدث تقنيات الذكاء الاصطناعي
آلاف المشاركين وشركات تعرض أحدث تقنيات الذكاء الاصطناعي

في مدينةٍ لا تهدأ، وتحديداً في مركز «جاڤِتس» على ضفاف نهر هدسون، اختتمت أمس أعمال اجتماعات نيويورك السنوية لطبّ الأسنان، التي استمرت 5 أيام، أحد أكبر التجمعات العالمية للمهنة، بمشاركة نحو 50 ألف طبيب وخبير من أكثر من 150 دولة.

لم يكن الحدث مجرد مؤتمر، بل منصّة حيّة لمستقبل طبّ الأسنان؛ فبين أروقته تتقدّم التكنولوجيا بخطى ثابتة: من الروبوتات الجراحية إلى أنظمة الذكاء الاصطناعي القادرة على قراءة الأشعة في ثوانٍ، وصولاً إلى تجارب التجديد الحيوي التي قد تغيّر شكل العلاج خلال سنوات قليلة.

الذكاء الاصطناعي نجم المؤتمر بلا منافس

كان الذكاء الاصطناعي العنوان الأبرز لهذا العام، إذ جاء المؤتمر في لحظةٍ تتسارع فيها التحوّلات العلمية بسرعة تفوق قدرة المناهج التقليدية على مواكبتها. وقد برزت تقنيات محورية: أنظمة تحليل الأشعة الفورية، والمساعد السريري الذكي، والتخطيط الرقمي للابتسامة. وعلى امتداد القاعات، كان واضحاً أن هذه التقنيات لم تعد تجارب مختبرية، بل هي حلول جاهزة تغيّر طريقة ممارسة المهنة أمام أعيننا.

الروبوتات تدخل غرفة العمليات

شكّلت الجراحة الروبوتية محوراً لافتاً هذا العام، بعد أن عرضت شركات متخصصة أنظمة دقيقة تعتمد على بيانات الأشعة ثلاثية الأبعاد وتتكيف لحظياً مع حاجة الإجراء. وقد أظهرت العروض قدرة هذه الروبوتات على تنفيذ خطوات معقدة بثباتٍ يفوق اليد البشرية، مع تقليل هامش الخطأ ورفع مستوى الأمان الجراحي.

التجديد الحيوي... من الخيال إلى التجربة

عرضت جامعات نيويورك وكورنيل أبحاثاً حول بروتينات مثل «BMP-2»، وهو بروتين ينشّط نمو العظم، و«FGF-2» عامل يساعد الخلايا على الانقسام والتئام الأنسجة خصوصاً الألياف، إلى جانب تقنيات الخلايا الجذعية لإحياء الهياكل الدقيقة للسن.

في حديث مباشر مع «الشرق الأوسط»

وأثناء جولة «الشرق الأوسط» في معرض اجتماع نيويورك لطبّ الأسنان، التقت الدكتورة لورنا فلامر–كالديرا، الرئيس المنتخب لاجتماع نيويورك الكبرى لطب الأسنان، التي أكدت أنّ طبّ الأسنان يشهد «أكبر تحوّل منذ ثلاثة عقود»، مشيرة إلى أنّ المملكة العربية السعودية أصبحت جزءاً فاعلاً في هذا التحوّل العالمي.

وأضافت الدكتورة لورنا، خلال حديثها مع الصحيفة في أروقة المؤتمر، أنّ اجتماع نيويورك «يتطلّع إلى بناء شراكات متقدمة مع جهات في السعودية، أسوة بالتعاون القائم مع الإمارات ومؤسسة (إندكس) وجهات دولية أخرى»، موضحة أنّ هناك «فرصاً واسعة للتعاون البحثي والتعليمي في مجالات الزراعة الرقمية والذكاء الاصطناعي والعلاجات المتقدمة»، وأن هذا التوجّه ينسجم بطبيعة الحال مع طموحات «رؤية السعودية 2030».

العرب في قلب الحدث

شارك وفود من السعودية والإمارات وقطر والكويت والبحرين ومصر والعراق في جلسات متقدمة حول الذكاء الاصطناعي والزراعة الرقمية، وكان حضور الوفود لافتاً في النقاشات العلمية، ما عكس الدور المتنامي للمنطقة في تشكيل مستقبل طبّ الأسنان عالمياً.

نيويورك... حيث يبدأ الغد

منذ بدايات اجتماع نيويورك قبل أكثر من قرن، بقيت المدينة مرآةً لتحوّلات المهنة ومختبراً مفتوحاً للمستقبل. وعلى امتداد 5 أيام من الجلسات والمحاضرات والورش العلمية، رسّخ اجتماع نيويورك السنوي مكانته كأكبر تجمع عالمي لطبّ الأسنان، وكمنصّة تُختبر فيها التقنيات التي ستعيد رسم ملامح المهنة في السنوات المقبلة. كما يقول ويليام جيمس، مؤسس الفلسفة البراغماتية الأميركية، إنّ أميركا ليست مكاناً، بل تجربة في صناعة المستقبل... وفي نيويورك تحديداً، يبدو مستقبل طبّ الأسنان قد بدأ بالفعل.


دراسة لـ«ناسا» تظهر التأثير السلبي للأقمار الاصطناعية على عمل التلسكوبات الفضائية

تلسكوب «هابل» الفضائي (أرشيفية - رويترز)
تلسكوب «هابل» الفضائي (أرشيفية - رويترز)
TT

دراسة لـ«ناسا» تظهر التأثير السلبي للأقمار الاصطناعية على عمل التلسكوبات الفضائية

تلسكوب «هابل» الفضائي (أرشيفية - رويترز)
تلسكوب «هابل» الفضائي (أرشيفية - رويترز)

أدت الزيادة الكبيرة في أعداد الأقمار الاصطناعية المتمركزة في مدار منخفض حول الأرض إلى تطورات في مجال الاتصالات، منها توفير خدمات النطاق العريض في المناطق الريفية والنائية في أنحاء العالم.

لكنها تسببت أيضا في زيادة حادة في التلوث الضوئي في الفضاء، ما يشكل تهديدا لعمل المراصد الفلكية المدارية. وتشير دراسة جديدة أجرتها إدارة الطيران والفضاء الأميركية (ناسا) وتركز على أربعة تلسكوبات فضائية، منها تلسكوبان يعملان حاليا وآخران يجري العمل عليهما، إلى أن نسبة كبيرة من الصور التي سيجري التقاطها بواسطة هذه المراصد على مدى العقد المقبل قد تتأثر بالضوء المنبعث أو المنعكس من الأقمار الاصطناعية التي تشترك معها في المدار المنخفض.

وخلص الباحثون إلى أن نحو 40 بالمئة من الصور التي يلتقطها تلسكوب «هابل» الفضائي ونحو 96 بالمئة من تلك التي يلتقطها مرصد «سفير إكس»، يمكن أن تتأثر بضوء الأقمار الاصطناعية. وقال الباحثون إن «هابل» سيكون أقل تأثرا بسبب مجال رؤيته الضيق.

والتلسكوبات المدارية عنصر أساسي في استكشاف الفضاء، نظرا لما تمتلكه من قدرة على رصد نطاق أوسع من الطيف الكهرومغناطيسي مقارنة بالتلسكوبات الأرضية، كما أن غياب التداخل مع العوامل الجوية يمكنها من التقاط صور أكثر وضوحا للكون، مما يتيح التصوير المباشر للمجرات البعيدة أو الكواكب خارج نظامنا الشمسي.

وقال أليخاندرو بورلاف، وهو عالم فلك من مركز أميس للأبحاث التابع لوكالة ناسا في كاليفورنيا وقائد الدراسة التي نشرت في مجلة نيتشر «في حين أن معظم تلوث الضوء حتى الآن صادر من المدن والمركبات، فإن زيادة مجموعات الأقمار الاصطناعية للاتصالات بدأ يؤثر بوتيرة أسرع على المراصد الفلكية في جميع أنحاء العالم».

وأضاف «في الوقت الذي ترصد فيه التلسكوبات الكون في مسعى لاستكشاف المجرات والكواكب والكويكبات البعيدة، تعترض الأقمار الاصطناعية في كثير من الأحيان مجال الرؤية أمام عدساتها، تاركة آثارا ضوئية ساطعة تمحو الإشارة الخافتة التي نستقبلها من الكون. كانت هذه مشكلة شائعة في التلسكوبات الأرضية. ولكن، كان يعتقد، قبل الآن، أن التلسكوبات الفضائية، الأكثر كلفة والمتمركزة في مواقع مراقبة مميزة في الفضاء، خالية تقريبا من التلوث الضوئي الناتج عن أنشطة الإنسان».

وفي 2019، كان هناك نحو ألفي قمر اصطناعي في مدار أرضي منخفض. ويبلغ العدد الآن نحو 15 ألف قمر. وقال بورلاف إن المقترحات المقدمة من قطاع الفضاء تتوقع تمركز نحو 650 ألف قمر اصطناعي في مدار أرضي منخفض خلال العقد المقبل.