برنامج الدردشة الذكي «الصديق» لطلاب المدارس العامة... يسقط

حرمان نصف مليون تلميذ أميركي من خدماته بعد انهيار الشركة المطورة له

ألبرتو كارفاليو المشرف على مدارس لوس أنجليس يتحدث عن نظام الذكاء الاصطناعي «إد»
ألبرتو كارفاليو المشرف على مدارس لوس أنجليس يتحدث عن نظام الذكاء الاصطناعي «إد»
TT

برنامج الدردشة الذكي «الصديق» لطلاب المدارس العامة... يسقط

ألبرتو كارفاليو المشرف على مدارس لوس أنجليس يتحدث عن نظام الذكاء الاصطناعي «إد»
ألبرتو كارفاليو المشرف على مدارس لوس أنجليس يتحدث عن نظام الذكاء الاصطناعي «إد»

استأجرت مدارس لوس أنجليس شركة ناشئة لبناء نظام دردشة تعليمي بالذكاء الاصطناعي لأولياء الأمور والطلاب. وبعد بضعة أشهر، انهارت الشركة.

موقع برنامج «إد»

برنامج «سيغير التعليم»

في خطاب ألقاه في أبريل (نيسان)، قام ألبرتو كارفاليو، المشرف على مدارس لوس أنجليس، بالترويج لنظام الذكاء الاصطناعي برنامج الدردشة الآلي الذي قال إنه «سيغير التعليم».

كان من المفترض أن تكون المنصة المسماة «إد» Ed «صديقاً تعليمياً» لنصف مليون طالب في المدارس العامة في لوس أنجليس (انظر «الشرق الأوسط» 19 - 6 - 2024).

في الدردشات المكتوبة، كان «إد» يوجّه الطلاب نحو الموارد الأكاديمية وموارد الصحة العقلية، أو يخبر أولياء الأمور ما إذا كان أطفالهم قد حضروا الفصل في ذلك اليوم، ويقدم أحدث نتائج اختباراتهم. وسيكون «إد» أيضاً قادراً على اكتشاف المشاعر والاستجابة لها مثل العداء والسعادة والحزن.

وقد تحدث ألبرتو كارفاليو، مشرف المنطقة، عن «إد» بعبارات جريئة. وفي ذلك الخطاب للترويج للبرنامج، ووعد بأنه «سيعمل على إضفاء الطابع الديمقراطي» و«تحويل التعليم». ورداً على المشككين في الذكاء الاصطناعي، تساءل: «لماذا لا نسمح لهذا النهج التعليمي الترفيهي بجذب انتباههم (الطلاب) وجذب انتباههم، ويكون بمثابة الحافز لهم؟».

قالت إحدى الفتيات في الصف السابع التي اختبرت برنامج الدردشة الآلي - الذي تجسّده شمس مبتسمة متحركة -: «أعتقد أن (إد) يحبني»، كما قال السيد كارفاليو.

انهيار شركة الذكاء الاصطناعي

وافقت لوس أنجليس على دفع ما يصل إلى 6 ملايين دولار لشركة «أل هير» AllHere الناشئة لتطوير «إد» Ed، وهو جزء صغير من الميزانية السنوية للمنطقة البالغة 18 مليار دولار.

لكن بعد شهرين فقط من العرض الذي قدمه كارفاليو في أبريل أثناء مؤتمر تكنولوجي مبهر، تركت مؤسسة الشركة ورئيستها التنفيذية منصبها، ومنحت معظم موظفيها إجازة. ونشرت على موقعها على الإنترنت أن الإجازات كانت بسبب «وضعنا المالي الحالي».

مخاطر الاستثمار

وتقوم الشركات بتسويق نفسها بشكل كبير للمدارس، التي تنفق عشرات المليارات من الدولارات سنوياً على التكنولوجيا. لكن الانهيار المفاجئ لـ«أل هير» يوضح بعض مخاطر استثمار أموال دافعي الضرائب في الذكاء الاصطناعي، وهي تكنولوجيا ذات إمكانات هائلة، ولكن سجلها ضئيل، خاصة عندما يتعلق الأمر بالأطفال.

مشكلات خصوصية التلاميذ

هناك العديد من المشكلات المعقدة، بما في ذلك خصوصية بيانات الطلاب ودقة أي معلومات مقدمة عبر برامج الدردشة الآلية. و«إد» قد يتعارض أيضاً مع اهتمام متزايد آخر لقادة التعليم وأولياء الأمور، وهو تقليل الوقت الذي يقضيه الأطفال أمام الشاشات.

إلا أن بريت فوغان، المتحدث باسم منطقة المدارس في لوس أنجليس، ميّز بين الطلاب المشتتين «الذين يستهلكون أوقاتهم بالهواتف أثناء اليوم الدراسي» والطلاب الذين يستخدمون أجهزة الكومبيوتر المحمولة أو الأجهزة اللوحية للتفاعل مع منصة «إد» التي قال إنها «تهدف إلى توفير مسارات تعليمية فردية لمعالجة تعلم الطلاب».

الانتظار والترقب أفضل

وقالت ناتالي ميلمان، أستاذة تكنولوجيا التعليم في جامعة جورج واشنطن، إنها تنصح المدارس في كثير من الأحيان باتباع نهج «الانتظار والترقب» لشراء التكنولوجيا الجديدة. بينما وقالت إنها تستحق الاستخدام والاختبار، وحذّرت من أن المدارس «تتحدث بشكل غامض عن هذه الأداة المجيدة. ونحن في حاجة إلى التأكد من أننا ننتقد ما يمكن أن تفعله، واحتمالية الضرر والتضليل».

«الصديق التعليمي» كان تجريبياً

وكان من المفترض أن يكون «إد» «صديقاً تعليمياً» لنصف مليون طالب في المدارس العامة في لوس أنجليس. و قال أنتوني أغيلار، رئيس التعليم الخاص بالمنطقة، إنه على الرغم من انهيار «أل هير»، ظلت النسخة المبتورة من «إد» متاحة للعائلات في 100 مدرسة «ذات أولوية» بالمنطقة، والتي يعاني طلابها الصعوبات الأكاديمية والحضور.

لكن هذا البرنامج ليس برنامج دردشة تفاعلياً متطوراً. إنه موقع ويب يجمع المعلومات من العديد من التطبيقات الأخرى التي تستخدمها المنطقة لتتبع الواجبات والدرجات وخدمات الدعم. ويمكن للطلاب الذين يستخدمون الموقع أيضاً إكمال بعض الأنشطة التعليمية على المنصة، مثل المسائل الرياضية.

وقال السيد أغيلار إن برنامج «إد» الذي روّج له السيد كارفاليو تم اختباره مع الطلاب الذين تبلغ أعمارهم 14 عاماً فما فوق، ولكن تم إيقافه عن العمل لتحسين كيفية إجابته عن أسئلة المستخدم.

توقف تطوير النظام

وكان الهدف هو أن يكون برنامج الدردشة الآلي متاحاً في سبتمبر (أيلول) المقبل، وهو تحدٍ نظراً لأنه كان من المفترض أن توفر «أل هير» الدعم الفني المستمر والتدريب لموظفي المدرسة، وفقاً لعقدها المبرم مع المنطقة. وقالت المنطقة إنها تأمل أن يتم الاستحواذ على «أل هير» وأن يواصل المالك الجديد تقديم الخدمات.

واشتهرت الشركة بأنها تقدم رسائل نصية آلية من المدارس إلى العائلات. وقد ظهرت مؤسستها ورئيستها التنفيذية، جوانا سميث - غريفين، البالغة من العمر الآن 33 عاماً، في مجلة «فوربس» و«سي بي إس» وغيرهما من وسائل الإعلام، وقالت إنها باعتبارها معلمة سابقة كان طلابها غالباً ما يتغيبون، فقد أسست AllHere في عام 2016 للمساعدة في حل المشكلة. وبدا أن الرسائل النصية الآلية تواكب اللحظة التي بدأت فيها جائحة «كوفيد - 19»، وتحول التغيب المزمن عن العمل أزمة وطنية. وفي ربيع عام 2020، استحوذت شركة AllHere على التكنولوجيا التي طورها بيتر بيرغمان، الخبير الاقتصادي وخبير تكنولوجيا التعليم. وهي التي مكّنت المدارس من إرسال «دفعات» إلى أولياء الأمور عبر رسائل نصية حول الحضور والواجبات المفقودة والدرجات، وغيرها من القضايا.

وقالت الشركة حينها إنها ستوفر الذكاء الاصطناعي للمدارس مع إبقاء «الإنسان في الحلقة»؛ ما يعني أن المشرفين البشريين سيشرفون على الذكاء الاصطناعي لضمان السلامة والأمن - وهو اقتراح يحتمل أن يكون مكلفاً ويتطلب عمالة كثيفة.

عقبات التكنولوجيا المدرسية شائعة

وقال ستيفن أغيلار، أستاذ التعليم في جامعة جنوب كاليفورنيا الذي عمل سابقاً مطوراً للبرمجيات التعليمية - وهو ليس على صلة قرابة بالسيد أغيلار من مدارس لوس أنجليس - إن فشل جهود التكنولوجيا المدرسية الطموحة «مشكلة شائعة إلى حد ما»، بما في ذلك بعض المشروعات التي لم يتم تسليمها. وأضاف: «المناطق (التعليمية) لديها الكثير من الاحتياجات المعقدة والكثير من المخاوف المتعلقة بالسلامة». «لكن المشرفين عليها غالباً ما يفتقرون إلى الخبرة الفنية اللازمة لفحص ما يشترونه».

وليست هذه هي المرة الأولى التي تقوم فيها لوس أنجليس بـرهان كبير على تكنولوجيا التعليم، مع عوائد مشكوك فيها. فابتداءً من عام 2013، وتحت إشراف مشرف سابق، أنفقت المنطقة عشرات الملايين من الدولارات لشراء أجهزة «آيباد» محملة مسبقاً بمواد المنهج الدراسي، لكن الجهود شابتها مخاوف أمنية وحوادث فنية.

* ساهمت في الموضوع أيضاً سوزان سي بيتشي - خدمة «نيويورك تايمز»


مقالات ذات صلة

صحتك نقص الموظفين المدربين على تحليل ما يسمى تخطيط كهربية القلب أثناء المشي يؤدي إلى مأزق كبير في الرعاية الصحية (رويترز)

الذكاء الاصطناعي يتفوق على البشر في تحليل بيانات أجهزة مراقبة القلب

أظهرت دراسة كبرى أن الذكاء الاصطناعي أفضل من البشر في تحليل مراقبة إيقاع القلب على المدى الطويل.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
تكنولوجيا شركة «تنسنت» تعلن أنها تجرب نموذجها الخاص للذكاء الاصطناعي بجانب «ديب سيك» (رويترز)

«تنسنت» الصينية تعلن أنها تجرب نموذجها الخاص للذكاء الاصطناعي بجانب «ديب سيك»

أعلنت شركة التكنولوجيا الصينية العملاقة «تنسنت»، اليوم (الاثنين)، أنها بدأت تجربة نموذجها الخاص للذكاء الاصطناعي بعد دمج «ديب سيك» في بعض منتجاتها.

«الشرق الأوسط» (بكين)
الاقتصاد توقيع مذكرة تفاهم لتطوير رقائق وأشباه موصلات متقدمة للذكاء الاصطناعي في سلطنة عُمان (العمانية)

لأول مرة في الخليج... مصنع لرقائق وأشباه موصلات متقدمة للذكاء الاصطناعي بسلطنة عمان

وقّعت سلطنة عُمان، اليوم، مذكرة تفاهم لتطوير مشروع رقائق وأشباه موصلات متقدمة للذكاء الاصطناعي مع شركة «إي أو إن إيتش برايفت هولدينجس».

«الشرق الأوسط» (مسقط)
الاقتصاد جانب من الجلسة الحوارية في «مؤتمر العلا لاقتصادات الأسواق الناشئة» (الشرق الأوسط)

وزير الاقتصاد السعودي: تبنّي الذكاء الاصطناعي يعزز استدامة النمو الاقتصادي

أكد وزير الاقتصاد والتخطيط السعودي، فيصل الإبراهيم، أن البلاد تعمل على بناء سوق مفتوحة للمبتكرين المحليين والدوليين، مما يعزز فرص النمو المستدام.

«الشرق الأوسط» (العُلا)

تهديدات الذكاء الاصطناعي في طب الأسنان: بين الابتكار والمخاطر الأخلاقية

(غيتي) يفتقر الذكاء الاصطناعي إلى الحدس والخبرة الواقعية للأطباء
(غيتي) يفتقر الذكاء الاصطناعي إلى الحدس والخبرة الواقعية للأطباء
TT

تهديدات الذكاء الاصطناعي في طب الأسنان: بين الابتكار والمخاطر الأخلاقية

(غيتي) يفتقر الذكاء الاصطناعي إلى الحدس والخبرة الواقعية للأطباء
(غيتي) يفتقر الذكاء الاصطناعي إلى الحدس والخبرة الواقعية للأطباء

يشهد قطاع طب الأسنان ثورة رقمية بفضل تقنيات الذكاء الاصطناعي التي أصبحت جزءاً لا يتجزأ من التشخيص، وخطط العلاج، وإدارة المرضى. وتوفر هذه الأدوات دقة، وسرعة غير مسبوقة، ما يساعد على تحسين جودة الرعاية الصحية للفم. ولكن في المقابل، تحمل هذه التكنولوجيا تهديدات وتحديات أخلاقية قد تؤثر سلباً على مستقبل طب الأسنان إذا لم يتم التعامل معها بحذر.

مشكلات الدقة والموثوقية

تعتمد أنظمة الذكاء الاصطناعي على كميات هائلة من البيانات لاكتشاف الأنماط، واتخاذ القرارات. وفي مجال طب الأسنان، يمكن للذكاء الاصطناعي تحليل صور الأشعة السينية، واكتشاف التسوس، واقتراح خطط علاجية. ولكن دقة هذه الأنظمة تعتمد بشكل كامل على جودة وتنوع البيانات التي تم تدريبها عليها. فإذا كانت قاعدة البيانات غير شاملة، أو كانت منحازة، فقد يؤدي ذلك إلى تشخيصات خاطئة، ما قد يتسبب في علاجات غير ضرورية، أو تفويت مشكلات صحية خطيرة. وهكذا، وعلى عكس أطباء الأسنان البشر، يفتقر الذكاء الاصطناعي إلى الحدس، والخبرة الواقعية، مما يجعله عرضة للأخطاء في الحالات المعقدة.

فقدان المهارات البشرية

مع تطور تقنيات الذكاء الاصطناعي، هناك خطر متزايد من أن يعتمد أطباء الأسنان بشكل مفرط على هذه الأدوات دون التحقق من دقة نتائجها. وقد يؤدي ذلك إلى تراجع مهاراتهم التشخيصية مع مرور الوقت. كما أن الجيل الجديد من أطباء الأسنان قد يعتمد على الذكاء الاصطناعي بدلاً من تطوير قدراته التشخيصية الذاتية. وهذا التوجه قد يؤدي إلى انخفاض جودة الرعاية الصحية على المدى الطويل.

مخاطر الخصوصية والأمن السيبراني

تعتمد أنظمة الذكاء الاصطناعي في طب الأسنان على تخزين ومعالجة بيانات المرضى الحساسة، مثل السجلات الطبية، وصور الأشعة، والتفاصيل الشخصية.

ويؤدي ذلك إلى زيادة خطر التعرض لهجمات إلكترونية، أو تسرب البيانات، إذ يمكن للمتسللين استهداف عيادات الأسنان، وسرقة معلومات المرضى، مما قد يتسبب في سرقة الهوية، أو قضايا قانونية. ولذا ومن دون تدابير أمنية قوية، قد يصبح الذكاء الاصطناعي في طب الأسنان نقطة ضعف في حماية البيانات الصحية.

تحديات أخلاقية في اتخاذ القرارات

يفتقر الذكاء الاصطناعي إلى القدرة على اتخاذ قرارات أخلاقية كما يفعل البشر. فقد يوصي بعلاجات بناءً على الإحصائيات فقط، دون مراعاة ظروف المريض الشخصية، أو إمكانياته المالية.

على سبيل المثال، قد يقترح الذكاء الاصطناعي علاجاً مكلفاً باعتباره «الأفضل» دون أن يأخذ في الاعتبار قدرة المريض على تحمل تكاليفه. كما أن استخدام الذكاء الاصطناعي في تقييم مطالبات التأمين الصحي قد يؤدي إلى رفض غير عادل لبعض الحالات بناءً على خوارزميات آلية بدلاً من التقييم البشري.

تهديد فرص العمل والتغيرات في الأدوار المهنية

بدأ الذكاء الاصطناعي بالفعل في تقليل الحاجة إلى بعض الوظائف في قطاع طب الأسنان، مثل تحليل صور الأشعة، ووضع خطط العلاج. وعلى الرغم من أن الذكاء الاصطناعي لن يحل محل أطباء الأسنان بالكامل، فإنه قد يقلل الحاجة إلى بعض التخصصات المساندة، ما يؤدي إلى فقدان وظائف، أو تغيير طبيعة الأدوار المهنية، حيث يصبح الأطباء مشرفين على الذكاء الاصطناعي بدلاً من القيام بالمهام التشخيصية بأنفسهم.

تحديات المستقبل

رغم الفوائد الهائلة التي يمكن أن يقدمها الذكاء الاصطناعي لطب الأسنان، فإن التحديات المرتبطة به لا يمكن تجاهلها. فالدقة، والأخلاقيات، وأمن البيانات، وتأثيره على القوى العاملة، كلها قضايا تحتاج إلى حلول متوازنة. ولضمان أن يكون الذكاء الاصطناعي أداة مفيدة، وليس مصدراً للخطر، يجب استخدامه بحذر، تحت إشراف بشري، وضمن أطر تنظيمية واضحة. فالتكنولوجيا يمكنها تحسين الرعاية الصحية، لكنها لا يمكن أن تحل محل الخبرة، والثقة اللتين يوفرهما طبيب الأسنان للمرضى.