ما الذي يجب أن نخشاه من الذكاء الاصطناعي في الطب؟

آمال ومخاطر توظيفه بميدان الرعاية الصحية

ما الذي يجب أن نخشاه من الذكاء الاصطناعي في الطب؟
TT

ما الذي يجب أن نخشاه من الذكاء الاصطناعي في الطب؟

ما الذي يجب أن نخشاه من الذكاء الاصطناعي في الطب؟

هل تعتبر التهديدات المرتبطة بالذكاء الاصطناعي بنفس القدر من السوء الذي يخشاه البعض، أم هل يكون الذكاء الاصطناعي حميداً نسبياً؟ هل يمكن أن يكون الجواب في مكانٍ ما بينهما؟

إن وجهات النظر حول الذكاء الاصطناعي كثيرة. وسواء كان ذلك في الطب أو الأمن أو التعليم، فإن التطبيقات الجديدة التي تبحث عن ميزة الذكاء الاصطناعي تستمر في النمو. ولقد أدى هذا إلى ظهور الدعوات المنادية بضبط النفس ووضع التنظيمات الحقوقية بنيّة حسنة، أو على أقل تقدير إبطاء النمو والانتشار.

الذكاء الاصطناعي في الطب

وللتخفيف عن بعض هذه المخاوف، ينبغي النظر في أحد المجالات التي يثبت فيها الذكاء الاصطناعي مقدرته على تقديم فوائد وإمكانات كبيرة: الطب وتقديم الرعاية الصحية.

يسلط مقال نُشر مؤخراً في «ميدسكيب ميديكال نيوز» الضوء على الدراسات التي تمنح الذكاء الاصطناعي ميزة في تقديم رعاية طبية أكثر دقة وموثوقية. وقد جادل إريك توبول، مؤسس ومدير معهد «سكريبس» للأبحاث الانتقالية، بأن مستقبل الطب يكمن في الذكاء الاصطناعي، مع فوائد مثل الإقلال من الأخطاء الطبية وتقديم تشخيصات وخطط علاجية أكثر قوة.

قد يدفع البعض بأن الذكاء الاصطناعي ليس له مشاعر، وبالتالي لا يمكن أن يحل محل الوظائف التي تتطلب التفاعلات الإنسانية والتعاطف والحساسية. وفي حين أنه من الصحيح القول إن الذكاء الاصطناعي ليس لديه مشاعر أو أخلاقيات، فإن الأنظمة الطبية للذكاء الاصطناعي لا تحتاج إلى الشعور؛ لأن مرضاها لديهم ذلك. وما يريده المرضى ويحتاجونه بالتأكيد من أطبائهم هو وقتهم واهتمامهم، الأمر الذي يستلزم الصبر، وهو جانب تمتلكه أنظمة الذكاء الاصطناعي بكثرة. وفي الواقع، قد يفسر البعض الصبر على أنه بديل عن التعاطف الإنساني والحساسية، في حين أن عدم الصبر قد يفسر على أنه نقيض لهذه الخصائص البشرية.

الشركات والذكاء الاصطناعي

مع شراء الشركات أكثر فأكثر للمؤسسات الطبية، فإن لها تأثيراً قوياً في نهاية المطاف على الممارسات الطبية لتلك المؤسسات، وعلى تقديم خدمات الرعاية الصحية. وتعتبر الشركات مصالح المساهمين والمستثمرين فيها هدفها الأسمى.

ولهذا يتم الضغط على الأطباء ومقدمي الرعاية الصحية للحصول على المزيد من أرباح الرعاية الصحية خلال فترات زمنية ضيقة. وسيوفر ذلك فرصة لمزيد من التشخيص الخاطئ وضعف تقديم الرعاية الصحية.

آمال ومخاطر

• آمال واعدة: يمكن للنظم الطبية للذكاء الاصطناعي معالجة المعلومات بسرعة لا نهائية أكثر من أي طبيب بشري. كما أن الأنظمة الطبية التي تعتمد على الذكاء الاصطناعي لديها إمكانية الوصول إلى البيانات والمعرفة الطبية. وقد استطاعت استيعابها لمرات عديدة أكثر من الأطباء البشريين ومقدمي الخدمات السريرية.

وهذا يعني أن النظام الطبي للذكاء الاصطناعي قد يكتشف حالة غير عادية يمكن أن تسرع التشخيص، وتحديد خطة علاج مناسبة وإنقاذ الأرواح - وكل ذلك بتكلفة أقل - بل إنه قد يُحدد حالة جديدة من خلال القضاء بشكل شامل على إمكانية الإصابة بجميع الأمراض المعروفة المحتملة، ما يخلق معرفة جديدة بصورة فعالة من خلال عملية الاستبعاد.

• قصور ومخاطر: مع ذلك، فإن النظم الطبية للذكاء الاصطناعي تعاني من أوجه قصور ومخاطر.

إن الكم الهائل من البيانات التي تُستخدم لتدريب الأنظمة الطبية العاملة في مجال الذكاء الاصطناعي كان مصدره الأطباء، ومؤسسات الرعاية الصحية المرتكزة على البشر.

وإذا ما حدث أن غرقت مصادر البيانات البشرية في بحر من البيانات التي يولدها الذكاء الاصطناعي نفسه، فقد نجد في مرحلةٍ ما، أن أنظمة الذكاء الاصطناعي الطبية سوف تعتمد بالمقام الأول على البيانات المولدة من قبلها داخل مؤسسات الرعاية الطبية. والسؤال هنا: هل يؤدي هذا إلى الإضرار بجودة الرعاية التي تقدمها النظم الطبية للذكاء الاصطناعي؟

وهناك الفهم الأساسي لكيفية عمل أنظمة الذكاء الاصطناعي الطبية؛ إذ تستند الكثير من المخرجات إلى الملاحظة على الرابطات الإحصائية المعقدة. ولا يوجد إلا القليل من العاملين في المجال الطبي، إن وُجدوا، الذين يفهمون هذه النماذج، وكيف تُستخدم هذه النماذج البيانات وكيفية الحصول على نواتجها.

بطبيعة الحال، يستند قسم كبير من الطب السريري إلى الأدلة، التي تستند بدورها إلى تجارب سريرية أو تجارب رصدية ممتدة. وعند النظر إليها في هذا السياق، فإن الأنظمة الطبية التي تعتمد الذكاء الاصطناعي تتبنى نهجاً مماثلاً، في ظل الفترة الزمنية اللازمة لاستخلاص رؤيتها بشكل مركز.

البيانات المتحيزة وخرق الخصوصية

• تحيّز البيانات: هناك قضايا تحيز البيانات والخصوصية. والبيانات الطبية متحيزة بطبيعتها؛ لأنها تأتي من عالم متحيز.

إن تنظيف مثل هذه البيانات من شأنه أن يغير البيانات نفسها، مع عواقب غير متوقعة قد تسفر عن تحيز أنظمة الذكاء الاصطناعي الطبية أيضاً بطرق غير متوقعة، بل قد يعرض هذا للخطر فاعلية مثل هذه الأنظمة. وفي الأمد القريب، إذا كان لنا أن نتعامل مع قضايا تحيز البيانات، فلا بد من التعامل مع مخرجاتها؛ أي تماماً كما تتعامل معها الأنظمة البشرية اليوم. أما الهدف على المدى الطويل فأكثر تعقيداً، وهو أن تتخلص نظم الذكاء الاصطناعي ذاتها من هذه التحيزات، كما نقول، بطريقة غير متحيزة.

* أستاذ علوم الكومبيوتر،

وطبيبة الصحة العامة، بجامعة إلينوي

في أوربانا-شامبين... خدمات «تريبيون ميديا»• خصوصية البيانات: المسألة الأخرى المثيرة للقلق هي خصوصية البيانات، التي تبدو مبالغاً فيها وكثيراً ما تتضخم، الأمر الذي يؤجج المخاوف. ولا بد من أخذ ضمانات الخصوصية في الحسبان دوماً. ولكن لا توجد طرق مضمونة لضمان الخصوصية العامة والكاملة، فكثير من الناس يضحون من دون قصد بالخصوصية الشخصية من أجل الراحة الشخصية، وغالباً ما يكون ذلك من غير تفكير.

وكثيراً ما يخلط الناس بين الخصوصية الشخصية والسيطرة الشخصية على بياناتهم. ومع ذلك فإن السماح بالوصول إلى بياناتنا الشخصية بموافقتنا، كما نفعل عندما نستخدم وسائل التواصل الاجتماعي، لا يبقينا أكثر أماناً مما لو كان الآخرون يصلون إلى بياناتنا من دون علم منا.

تحتاج النظم الطبية للذكاء الاصطناعي إلى بيانات مجهولة المصدر كمدخلات؛ لذا فإن حماية سلامة عملية إخفاء الهوية هي ما نستطيع أن نتوقعه بشكل معقول.

إن كل ما لا يمكن فهمه بسهولة يمكن أن يثير الخوف... والذكاء الاصطناعي مؤهل لذلك بالتأكيد.

وفي عالم مليء بعدم اليقين والمخاطر، تقدم أنظمة الذكاء الاصطناعي بكافة أنواعها فوائد هائلة. ومع ذلك فإن حالة عدم اليقين والمخاطر المحيطة بنا لن تزول بأعجوبة مع الذكاء الاصطناعي؛ لذا فإن الحيطة والحذر مطلوبان.



هل يمكن لنظم الذكاء الاصطناعي التكيف مع ثقافات متعددة؟

هل يمكن لنظم الذكاء الاصطناعي التكيف مع ثقافات متعددة؟
TT

هل يمكن لنظم الذكاء الاصطناعي التكيف مع ثقافات متعددة؟

هل يمكن لنظم الذكاء الاصطناعي التكيف مع ثقافات متعددة؟

في سباق محتدم لنشر نماذج اللغات الكبيرة والذكاء الاصطناعي التوليدي في الأسواق العالمية، تفترض العديد من الشركات أن «النموذج الإنجليزي ← المترجم» كافٍ لذلك.

اللغة- ثقافة وأعراف

ولكن إذا كنتَ مسؤولاً تنفيذياً أميركياً تستعد للتوسع في آسيا أو أوروبا أو الشرق الأوسط أو أفريقيا، فقد يكون هذا الافتراض أكبر نقطة ضعف لديك. ففي تلك المناطق، ليست اللغة مجرد تفصيل في التغليف: إنها الثقافة والأعراف والقيم ومنطق العمل، كلها مُدمجة في شيء واحد.

وإذا لم يُبدّل نظام الذكاء الاصطناعي الخاص بك تسلسل رموزه الكمبيوترية فلن يكون أداؤه ضعيفاً فحسب؛ بل قد يُسيء التفسير أو يُسيء المواءمة مع الوضع الجديد أو يُسيء خدمة سوقك الجديدة.

الفجوة بين التعدد اللغوي والثقافي في برامج الدردشة الذكية

لا تزال معظم النماذج الرئيسية مُدربة بشكل أساسي على مجموعات النصوص باللغة الإنجليزية، وهذا يُسبب عيباً مزدوجاً عند نشرها بلغات أخرى. وعلى سبيل المثال، وجدت دراسة أن اللغات غير الإنجليزية والمعقدة لغويا غالباً ما تتطلب رموزاً أكثر (وبالتالي تكلفةً وحساباً) لكل وحدة نصية بمقدار 3-5 أضعاف مقارنةً باللغة الإنجليزية.

ووجدت ورقة بحثية أخرى أن نحو 1.5 مليار شخص يتحدثون لغات منخفضة الموارد يواجهون تكلفة أعلى وأداءً أسوأ عند استخدام نماذج اللغة الإنجليزية السائدة.

والنتيجة: قد يتعثر نموذج يعمل جيداً للمستخدمين الأميركيين، عند عمله في الهند أو الخليج العربي أو جنوب شرق آسيا، ليس لأن مشكلة العمل أصعب، ولكن لأن النظام يفتقر إلى البنية التحتية الثقافية واللغوية اللازمة للتعامل معها.

«ميسترال سابا» نظام الذكاء الاصطناعي الفرنسي مصمم خصيصاً للغات العربية وجنوب آسيا

مثال «ميسترال سابا» الإقليمي جدير بالذكر

لنأخذ نموذج «ميسترال سابا» (Mistral Saba)، الذي أطلقته شركة ميسترال للذكاء الاصطناعي الفرنسية كنموذج مصمم خصيصاً للغات العربية وجنوب آسيا (التاميلية والمالايالامية... إلخ). تشيد «ميسترال» بأن «(سابا) يوفر استجابات أكثر دقة وملاءمة من النماذج التي يبلغ حجمها 5 أضعاف» عند استخدامه في تلك المناطق. لكن أداءه أيضاً أقل من المتوقع في معايير اللغة الإنجليزية.

وهذه هي النقطة المهمة: السياق أهم من الحجم. قد يكون النموذج أصغر حجماً ولكنه أذكى بكثير بالنسبة لمكانه.

بالنسبة لشركة أميركية تدخل منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا أو سوق جنوب آسيا، هذا يعني أن استراتيجيتك «العالمية» للذكاء الاصطناعي ليست عالمية ما لم تحترم اللغات والمصطلحات واللوائح والسياق المحلي.

تكاليف الرموز والتحيز اللغوي

من منظور الأعمال، تُعدّ التفاصيل التقنية للترميز أمراً بالغ الأهمية. تشير مقالة حديثة إلى أن تكاليف الاستدلال في اللغة الصينية قد تكون ضعف تكلفة اللغة الإنجليزية، بينما بالنسبة للغات مثل الشان أو البورمية، يمكن أن يصل تضخم عدد الرموز إلى 15 ضعفاً.

هذا يعني أنه إذا استخدم نموذجك ترميزاً قائماً على اللغة الإنجليزية ونشرتَه في أسواق غير إنجليزية، فإن تكلفة الاستخدام سترتفع بشكل كبير، أو تنخفض الجودة بسبب تقليل الرموز. ولأن مجموعة التدريب الخاصة بك كانت تركز بشكل كبير على اللغة الإنجليزية، فقد يفتقر «نموذجك الأساسي» إلى العمق الدلالي في لغات أخرى.

أضف إلى هذا المزيج اختلافات الثقافة والمعايير: النبرة، والمراجع، وممارسات العمل، والافتراضات الثقافية، وما إلى ذلك، وستصل إلى مجموعة تنافسية مختلفة تماماً: ليس «هل كنا دقيقين» بل «هل كنا ملائمين».

التوسع في الخارج

لماذا يهم هذا الأمر المديرين التنفيذيين الذين يتوسعون في الخارج؟

إذا كنت تقود شركة أميركية أو توسّع نطاق شركة ناشئة في الأسواق الدولية، فإليك ثلاثة آثار:

-اختيار النموذج ليس حلاً واحداً يناسب الجميع: قد تحتاج إلى نموذج إقليمي أو طبقة ضبط دقيقة متخصصة، وليس فقط أكبر نموذج إنجليزي يمكنك ترخيصه.

-يختلف هيكل التكلفة باختلاف اللغة والمنطقة: فتضخم الرموز وعدم كفاءة الترميز يعنيان أن تكلفة الوحدة في الأسواق غير الإنجليزية ستكون أعلى على الأرجح، ما لم تخطط لذلك.

-مخاطر العلامة التجارية وتجربة المستخدم ثقافية: فبرنامج الدردشة الآلي الذي يسيء فهم السياق المحلي الأساسي (مثل التقويم الديني، والمصطلحات المحلية، والمعايير التنظيمية) سيُضعف الثقة بشكل أسرع من الاستجابة البطيئة.

بناء استراتيجية ذكاء اصطناعي متعددة اللغات واعية ثقافياً

للمديرين التنفيذيين الجاهزين للبيع والخدمة والعمل في الأسواق العالمية، إليكم خطوات عملية:

• حدّد اللغات والأسواق كميزات من الدرجة الأولى. قبل اختيار نموذجك الأكبر، اذكر أسواقك ولغاتك ومعاييرك المحلية وأولويات عملك. إذا كانت اللغات العربية أو الهندية أو الملايوية أو التايلاندية مهمة، فلا تتعامل معها كـ«ترجمات» بل كحالات استخدام من الدرجة الأولى.

• فكّر في النماذج الإقليمية أو النشر المشترك. قد يتعامل نموذج مثل «Mistral Saba» مع المحتوى العربي بتكلفة أقل ودقة أكبر وبأسلوب أصلي أكثر من نموذج إنجليزي عام مُعدّل بدقة.

• خطط لتضخم تكلفة الرموز. استخدم أدوات مقارنة الأسعار. قد تبلغ تكلفة النموذج في الولايات المتحدة «س» دولاراً أميركياً لكل مليون رمز، ولكن إذا كان النشر تركياً أو تايلاندياً، فقد تكون التكلفة الفعلية ضعف ذلك أو أكثر.

• لا تحسّن اللغة فقط، بل الثقافة ومنطق العمل أيضاً. لا ينبغي أن تقتصر مجموعات البيانات المحلية على اللغة فحسب، بل ينبغي أن تشمل السياق الإقليمي: اللوائح، وعادات الأعمال، والمصطلحات الاصطلاحية، وأطر المخاطر.

صمم بهدف التبديل والتقييم النشطين. لا تفترض أن نموذجك العالمي سيعمل محلياً. انشر اختبارات تجريبية، وقيّم النموذج بناءً على معايير محلية، واختبر قبول المستخدمين، وأدرج الحوكمة المحلية في عملية الطرح.

المنظور الأخلاقي والاستراتيجية الأوسع

عندما تُفضّل نماذج الذكاء الاصطناعي المعايير الإنجليزية والناطقة بالإنجليزية، فإننا نُخاطر بتعزيز الهيمنة الثقافية.

كمسؤولين تنفيذيين، من المغري التفكير «سنترجم لاحقاً». لكن الترجمة وحدها لا تُعالج تضخم القيمة الرمزية، وعدم التوافق الدلالي، وعدم الأهمية الثقافية. يكمن التحدي الحقيقي في جعل الذكاء الاصطناعي مُتجذراً محلياً وقابلاً للتوسع عالمياً.

إذا كنت تُراهن على الذكاء الاصطناعي التوليدي لدعم توسعك في أسواق جديدة، فلا تُعامل اللغة كحاشية هامشية. فاللغة بنية تحتية، والطلاقة الثقافية ميزة تنافسية. أما التكاليف الرمزية وتفاوتات الأداء فليست تقنية فحسب، بل إنها استراتيجية.

في عالم الذكاء الاصطناعي، كانت اللغة الإنجليزية هي الطريق الأقل مقاومة. ولكن ما هي حدود نموك التالية؟ قد يتطلب الأمر لغةً وثقافةً وهياكل تكلفة تُمثل عوامل تمييز أكثر منها عقبات.

اختر نموذجك ولغاتك واستراتيجية طرحك، لا بناءً على عدد المعاملات، بل على مدى فهمه لسوقك. إن لم تفعل، فلن تتخلف في الأداء فحسب، بل ستتخلف أيضاً في المصداقية والأهمية.

* مجلة «فاست كومباني»، خدمات «تريبيون ميديا».


الذكاء الاصطناعي... نجم المؤتمر السنوي لطب الأسنان في نيويورك

آلاف المشاركين وشركات تعرض أحدث تقنيات الذكاء الاصطناعي
آلاف المشاركين وشركات تعرض أحدث تقنيات الذكاء الاصطناعي
TT

الذكاء الاصطناعي... نجم المؤتمر السنوي لطب الأسنان في نيويورك

آلاف المشاركين وشركات تعرض أحدث تقنيات الذكاء الاصطناعي
آلاف المشاركين وشركات تعرض أحدث تقنيات الذكاء الاصطناعي

في مدينةٍ لا تهدأ، وتحديداً في مركز «جاڤِتس» على ضفاف نهر هدسون، اختتمت أمس أعمال اجتماعات نيويورك السنوية لطبّ الأسنان، التي استمرت 5 أيام، أحد أكبر التجمعات العالمية للمهنة، بمشاركة نحو 50 ألف طبيب وخبير من أكثر من 150 دولة.

لم يكن الحدث مجرد مؤتمر، بل منصّة حيّة لمستقبل طبّ الأسنان؛ فبين أروقته تتقدّم التكنولوجيا بخطى ثابتة: من الروبوتات الجراحية إلى أنظمة الذكاء الاصطناعي القادرة على قراءة الأشعة في ثوانٍ، وصولاً إلى تجارب التجديد الحيوي التي قد تغيّر شكل العلاج خلال سنوات قليلة.

الذكاء الاصطناعي نجم المؤتمر بلا منافس

كان الذكاء الاصطناعي العنوان الأبرز لهذا العام، إذ جاء المؤتمر في لحظةٍ تتسارع فيها التحوّلات العلمية بسرعة تفوق قدرة المناهج التقليدية على مواكبتها. وقد برزت تقنيات محورية: أنظمة تحليل الأشعة الفورية، والمساعد السريري الذكي، والتخطيط الرقمي للابتسامة. وعلى امتداد القاعات، كان واضحاً أن هذه التقنيات لم تعد تجارب مختبرية، بل هي حلول جاهزة تغيّر طريقة ممارسة المهنة أمام أعيننا.

الروبوتات تدخل غرفة العمليات

شكّلت الجراحة الروبوتية محوراً لافتاً هذا العام، بعد أن عرضت شركات متخصصة أنظمة دقيقة تعتمد على بيانات الأشعة ثلاثية الأبعاد وتتكيف لحظياً مع حاجة الإجراء. وقد أظهرت العروض قدرة هذه الروبوتات على تنفيذ خطوات معقدة بثباتٍ يفوق اليد البشرية، مع تقليل هامش الخطأ ورفع مستوى الأمان الجراحي.

التجديد الحيوي... من الخيال إلى التجربة

عرضت جامعات نيويورك وكورنيل أبحاثاً حول بروتينات مثل «BMP-2»، وهو بروتين ينشّط نمو العظم، و«FGF-2» عامل يساعد الخلايا على الانقسام والتئام الأنسجة خصوصاً الألياف، إلى جانب تقنيات الخلايا الجذعية لإحياء الهياكل الدقيقة للسن.

في حديث مباشر مع «الشرق الأوسط»

وأثناء جولة «الشرق الأوسط» في معرض اجتماع نيويورك لطبّ الأسنان، التقت الدكتورة لورنا فلامر–كالديرا، الرئيس المنتخب لاجتماع نيويورك الكبرى لطب الأسنان، التي أكدت أنّ طبّ الأسنان يشهد «أكبر تحوّل منذ ثلاثة عقود»، مشيرة إلى أنّ المملكة العربية السعودية أصبحت جزءاً فاعلاً في هذا التحوّل العالمي.

وأضافت الدكتورة لورنا، خلال حديثها مع الصحيفة في أروقة المؤتمر، أنّ اجتماع نيويورك «يتطلّع إلى بناء شراكات متقدمة مع جهات في السعودية، أسوة بالتعاون القائم مع الإمارات ومؤسسة (إندكس) وجهات دولية أخرى»، موضحة أنّ هناك «فرصاً واسعة للتعاون البحثي والتعليمي في مجالات الزراعة الرقمية والذكاء الاصطناعي والعلاجات المتقدمة»، وأن هذا التوجّه ينسجم بطبيعة الحال مع طموحات «رؤية السعودية 2030».

العرب في قلب الحدث

شارك وفود من السعودية والإمارات وقطر والكويت والبحرين ومصر والعراق في جلسات متقدمة حول الذكاء الاصطناعي والزراعة الرقمية، وكان حضور الوفود لافتاً في النقاشات العلمية، ما عكس الدور المتنامي للمنطقة في تشكيل مستقبل طبّ الأسنان عالمياً.

نيويورك... حيث يبدأ الغد

منذ بدايات اجتماع نيويورك قبل أكثر من قرن، بقيت المدينة مرآةً لتحوّلات المهنة ومختبراً مفتوحاً للمستقبل. وعلى امتداد 5 أيام من الجلسات والمحاضرات والورش العلمية، رسّخ اجتماع نيويورك السنوي مكانته كأكبر تجمع عالمي لطبّ الأسنان، وكمنصّة تُختبر فيها التقنيات التي ستعيد رسم ملامح المهنة في السنوات المقبلة. كما يقول ويليام جيمس، مؤسس الفلسفة البراغماتية الأميركية، إنّ أميركا ليست مكاناً، بل تجربة في صناعة المستقبل... وفي نيويورك تحديداً، يبدو مستقبل طبّ الأسنان قد بدأ بالفعل.


دراسة لـ«ناسا» تظهر التأثير السلبي للأقمار الاصطناعية على عمل التلسكوبات الفضائية

تلسكوب «هابل» الفضائي (أرشيفية - رويترز)
تلسكوب «هابل» الفضائي (أرشيفية - رويترز)
TT

دراسة لـ«ناسا» تظهر التأثير السلبي للأقمار الاصطناعية على عمل التلسكوبات الفضائية

تلسكوب «هابل» الفضائي (أرشيفية - رويترز)
تلسكوب «هابل» الفضائي (أرشيفية - رويترز)

أدت الزيادة الكبيرة في أعداد الأقمار الاصطناعية المتمركزة في مدار منخفض حول الأرض إلى تطورات في مجال الاتصالات، منها توفير خدمات النطاق العريض في المناطق الريفية والنائية في أنحاء العالم.

لكنها تسببت أيضا في زيادة حادة في التلوث الضوئي في الفضاء، ما يشكل تهديدا لعمل المراصد الفلكية المدارية. وتشير دراسة جديدة أجرتها إدارة الطيران والفضاء الأميركية (ناسا) وتركز على أربعة تلسكوبات فضائية، منها تلسكوبان يعملان حاليا وآخران يجري العمل عليهما، إلى أن نسبة كبيرة من الصور التي سيجري التقاطها بواسطة هذه المراصد على مدى العقد المقبل قد تتأثر بالضوء المنبعث أو المنعكس من الأقمار الاصطناعية التي تشترك معها في المدار المنخفض.

وخلص الباحثون إلى أن نحو 40 بالمئة من الصور التي يلتقطها تلسكوب «هابل» الفضائي ونحو 96 بالمئة من تلك التي يلتقطها مرصد «سفير إكس»، يمكن أن تتأثر بضوء الأقمار الاصطناعية. وقال الباحثون إن «هابل» سيكون أقل تأثرا بسبب مجال رؤيته الضيق.

والتلسكوبات المدارية عنصر أساسي في استكشاف الفضاء، نظرا لما تمتلكه من قدرة على رصد نطاق أوسع من الطيف الكهرومغناطيسي مقارنة بالتلسكوبات الأرضية، كما أن غياب التداخل مع العوامل الجوية يمكنها من التقاط صور أكثر وضوحا للكون، مما يتيح التصوير المباشر للمجرات البعيدة أو الكواكب خارج نظامنا الشمسي.

وقال أليخاندرو بورلاف، وهو عالم فلك من مركز أميس للأبحاث التابع لوكالة ناسا في كاليفورنيا وقائد الدراسة التي نشرت في مجلة نيتشر «في حين أن معظم تلوث الضوء حتى الآن صادر من المدن والمركبات، فإن زيادة مجموعات الأقمار الاصطناعية للاتصالات بدأ يؤثر بوتيرة أسرع على المراصد الفلكية في جميع أنحاء العالم».

وأضاف «في الوقت الذي ترصد فيه التلسكوبات الكون في مسعى لاستكشاف المجرات والكواكب والكويكبات البعيدة، تعترض الأقمار الاصطناعية في كثير من الأحيان مجال الرؤية أمام عدساتها، تاركة آثارا ضوئية ساطعة تمحو الإشارة الخافتة التي نستقبلها من الكون. كانت هذه مشكلة شائعة في التلسكوبات الأرضية. ولكن، كان يعتقد، قبل الآن، أن التلسكوبات الفضائية، الأكثر كلفة والمتمركزة في مواقع مراقبة مميزة في الفضاء، خالية تقريبا من التلوث الضوئي الناتج عن أنشطة الإنسان».

وفي 2019، كان هناك نحو ألفي قمر اصطناعي في مدار أرضي منخفض. ويبلغ العدد الآن نحو 15 ألف قمر. وقال بورلاف إن المقترحات المقدمة من قطاع الفضاء تتوقع تمركز نحو 650 ألف قمر اصطناعي في مدار أرضي منخفض خلال العقد المقبل.