الاضطرابات الجوية المفاجئة في السماء الصافية... ما سببها؟

أدلة قوية على أن ازديادها بسبب التغيرات المناخية

طائرة الخطوط الجوية السنغافورية (أ.ف.ب)
طائرة الخطوط الجوية السنغافورية (أ.ف.ب)
TT

الاضطرابات الجوية المفاجئة في السماء الصافية... ما سببها؟

طائرة الخطوط الجوية السنغافورية (أ.ف.ب)
طائرة الخطوط الجوية السنغافورية (أ.ف.ب)

«اضطراب السماء الصافية» ما مدى شيوعه؟ وما سبب خطورته على حركة الطيران العالمية؟

سلطت وفاة رجل بريطاني وإصابة العشرات من الأشخاص الآخرين على متن طائرة تابعة للخطوط الجوية السنغافورية تعرضت لاضطرابات شديدة، الثلاثاء، الضوء على المخاطر المحتملة للطيران في أجواء غير مستقرة.

اضطرابات قوية نادرة

ولا يزال السبب الدقيق لوفاة الرجل البالغ من العمر 73 عاماً قيد التحقيق. وقالت السلطات إنه ربما أصيب بنوبة قلبية، رغم أن ذلك لم يتم تأكيده. واستناداً إلى روايات الشهود، وعدد الإصابات والهبوط الحاد للطائرة، يشير الخبراء إلى المخاطر الكبيرة التي تشكلها الاضطرابات أثناء الرحلة على ركاب الخطوط الجوية وأطقمها.

وفي حين أن الوفيات المرتبطة بالاضطرابات نادرة جداً، إلا أن الإصابات تراكمت على مر السنين. ويشير بعض من خبراء الأرصاد الجوية ومحللي الطيران إلى تزايد التقارير عن حدوث اضطرابات، وإلى التأثيرات المحتملة التي قد يخلفها تغير المناخ على ظروف الطيران.

ومع ذلك، فإن معظم حوادث اصطدام الطائرات بالدوامات الهوائية تكون بسيطة، وقد قامت شركات الطيران بإجراء تحسينات مطردة لتقليل معدلات الحوادث الناتجة عن الاضطرابات بمرور الوقت. وينصح الخبراء المسافرين جواً بتوخي الحذر، مشددين على أهمية ارتداء حزام الأمان كلما أمكن ذلك على اعتبار أنه الخط الأول للحماية.

أسباب اضطراب السماء الصافية

ما هذا الاضطراب؟ الاضطراب هو في الأساس هواء غير مستقر يتحرك بطريقة لا يمكن التنبؤ بها، يربطه معظم الناس بالعواصف الشديدة. لكن النوع الأكثر خطورة هو اضطراب الهواء الصافي، الذي يحدث غالباً دون أي تحذير مرئي في السماء أمامك.

يحدث اضطراب الهواء الصافي في أغلب الأحيان في أو بالقرب من التيارات المتدفقة المرتفعة التي تسمى التيارات النفاثة. والسبب هو «مقاصصة أو قصّ الرياح»، الذي يحدث عندما تتحرك كتلتان هوائيتان ضخمتان قريبتان من بعضهما بعضاً بسرعات مختلفة. وإذا كان الفرق في السرعة كبيراً بدرجة كافية، فلن يتمكن الغلاف الجوي من تحمل الضغط، وينقسم إلى أنماط مضطربة، مثل الدوامات في الماء.

«عندما تحصل على قص رياح قوي بالقرب من التيار النفاث، يمكن أن يتسبب ذلك في فيضان الهواء». ويوضح توماس جين، رئيس قسم علوم الطيران التطبيقية في جامعة إمبري ريدل للطيران في دايتونا بيتش بولاية فلوريدا في حديث نقلته «أسوشييتد بريس»، أن ذلك يخلق هذه الحركات الفوضوية في الهواء.

ما مدى شيوع الإصابات المرتبطة بالاضطرابات؟

من الصعب تتبع العدد الإجمالي للإصابات المرتبطة بالاضطرابات في جميع أنحاء العالم. لكن بعض الدول تنشر بيانات وطنية. أفاد المجلس الوطني لسلامة النقل بأن أكثر من ثلث جميع حوادث الطيران في الولايات المتحدة في الفترة من عام 2009 حتى عام 2018 كانت مرتبطة بالاضطرابات الجوية، وأدى معظمها إلى إصابة واحدة أو أكثر خطيرة، ولكن لم تلحق أي أضرار بالطائرة. بين عامي 2009 و2022، أصيب 163 شخصاً بجروح خطيرة بما يكفي خلال أحداث الاضطرابات التي تتطلب العلاج في المستشفى لمدة يومين على الأقل، وفقاً للإحصاءات. وكان معظمهم من المضيفات، وهن تعرضن للخطر بشكل خاص؛ لأنهن أكثر عرضة للخروج من مقاعدهن أثناء الرحلة.

لا تزال التحقيقات جارية فيما حدث خلال رحلة الخطوط الجوية السنغافورية يوم الثلاثاء. وقالت شركة النقل إن طائرة «بوينغ 777 - 300 إي آر» هبطت 6000 قدم (حوالي 1800 متر) في حوالي ثلاث دقائق بعد اصطدامها باضطرابات شديدة فوق المحيط الهندي.

وتشير الأرقام الأولية للضحايا من المطار ومستشفى في بانكوك، حيث هبطت الطائرة المتجهة من لندن إلى سنغافورة وسط طقس عاصف، إلى أنه بالإضافة إلى حالة الوفاة، أصيب ستة أو سبعة ركاب بجروح خطيرة. وورد أن العشرات من المسافرين الآخرين وأفراد الطاقم أصيبوا بجروح متوسطة أو أقل خطورة.

وقال لاري كورنمان، عالم المشروع في المركز الوطني لأبحاث الغلاف الجوي التابع لمؤسسة العلوم الوطنية الذي درس الاضطرابات منذ فترة طويلة: «ليس من غير المألوف أن تحدث اضطرابات جوية تسبب إصابات طفيفة تصل إلى كسر في العظام على سبيل المثال... لكن الوفيات نادرة جداً جداً - خاصة بالنسبة لطائرات النقل الكبيرة».

ووفقاً لستيوارت فوكس، مدير الطيران والعمليات الفنية في الاتحاد الدولي للنقل الجوي، فإن آخر حالة وفاة مرتبطة بالاضطرابات الجوية الواضحة تم الإبلاغ عنها من شركة طيران كبرى حدثت في عام 1997. وقد تم الإبلاغ عن عدد قليل من الوفيات على الطائرات الصغيرة منذ ذلك الحين، بما في ذلك حالة وفاة على متن طائرة خاصة العام الماضي.

وقد ساعدت إجراءات السلامة الموحدة الآن بشكل كبير في منع مزيد من حالات الإصابات الخطيرة على مر السنين كما أشار فوكس. وهي تشمل مراجعة توقعات الطقس، وإلزام الطيارين بالإبلاغ عندما يواجهون اضطرابات جوية، وتعليق خدمة المقصورة عندما تتعرض الطائرات لأجواء قاسية.

هل يستطيع الطيارون تجنب الاضطرابات الجوية؟

يستخدم الطيارون مجموعة متنوعة من الأساليب لتجنب الاضطرابات، بما في ذلك استخدام شاشة رادار الطقس. في بعض الأحيان يمكنهم ببساطة رؤية العواصف الرعدية والتحليق حولها. لكن الاضطرابات الجوية في السماء الصافية «هي أمر مختلف تماماً»، وفقاً لدوغ موس، طيار طيران سابق ومستشار سلامة. وقال إنه يمكن أن يكون مدمراً، «لأن الوقت الذي يسبق الحادث يمكن أن يكون هادئاً للغاية، ويأخذ الناس على حين غرة». وأضاف موس أن مراقبي الحركة الجوية سيحذرون الطيارين بعد تعرض طائرة أخرى لاضطرابات جوية صافية، وأن كثيراً من الطيارين ينظرون أيضاً إلى التيارات النفاثة في المستوى العلوي على طول طريقهم بحثاً عن علامات قص الرياح، ثم يخططون للطيران فوق تلك المناطق أو أسفلها أو حولها.

وقال موس إن الطائرات الحديثة قوية أمام أي اضطراب، وقد تتعرض مناطق المقصورة، مثل الصناديق العلوية لأضرار تجميلية، «لكنها لا تؤثر على السلامة الهيكلية للطائرات».

هل يسبب التغير المناخي زيادة الاضطرابات؟

ويشير بعض العلماء إلى أن التقارير عن حدوث اضطرابات آخذة في الارتفاع. وهناك عدد من التفسيرات المحتملة لذلك، لكن كثيراً من الباحثين أشاروا إلى التأثيرات المناخية المحتملة.

ويوضح جين، من جامعة إمبري ريدل للطيران، أن البعض يتوقع أن تغير المناخ يمكن أن يغير التيار النفاث وقص الرياح، ما سيؤدي بالتالي إلى زيادة الاضطراب في الهواء. وفي بيان الثلاثاء، قال بول ويليامز، أستاذ علوم الغلاف الجوي في جامعة ريدينغ في إنجلترا، إن هناك «أدلة قوية على أن الاضطرابات تزداد بسبب تغير المناخ». وقال ويليامز إن فريقه البحثي اكتشف مؤخراً أن اضطراب الهواء الصافي الشديد في شمال المحيط الأطلسي قد زاد بنسبة 55 في المائة منذ عام 1979، على سبيل المثال.

وقال إن أحدث توقعات الفريق تشير إلى أن الاضطرابات الشديدة في التيارات النفاثة قد تتضاعف أو تزيد ثلاث مرات في العقود المقبلة إذا استمرت الظروف العالمية كما يُتوقع.

ومع ذلك، يقول آخرون إن عوامل أخرى يمكن أن تلعب دوراً أيضاً. ويشير كورنمان إلى أنه قد يكون هناك ازدياد في الحركة الجوية الإجمالية، وهو ما قد يزيد من حدوث الاضطرابات مع ارتفاع عدد مسارات الطيران، بما في ذلك تلك الموجودة في المناطق التي تعاني مزيداً من الاضطرابات.

كيف يمكن للمسافرين البقاء آمنين؟

باختصار، اربط حزام الأمان. قد يكون من الصعب التنبؤ بالاضطرابات الجوية، لكنّ الخبراء يؤكدون أن خط الدفاع الأول في الهواء هو إبقاء حزام الأمان مربوطاً، كلما أمكن ذلك. وقال جوين: «الطائرات مصممة عموماً لتحمل الاضطرابات الجوية»، مشيراً إلى أن عدم ارتداء الركاب لأحزمة الأمان يمثل مصدراً كبيراً للإصابات الناجمة عن الاضطرابات الجوية أثناء الرحلة.

وقال إنه على الرغم من عدم وجود أي احتياطات مضمونة، فإن ارتداء حزام الأمان يزيد بشكل كبير من فرص الفرد في تجنب الإصابات الخطيرة... ارتدِ حزام الأمان «فهو مجرد حل سريع حقاً لمنع الإصابة».

* خدمة «تريبيون ميديا».


مقالات ذات صلة

45 حريق غابات أجّجتها الرياح القوية في اليونان

بيئة حرائق تلتهم أشجار الزيتون في بيلوبونيز باليونان (إ.ب.أ)

45 حريق غابات أجّجتها الرياح القوية في اليونان

سُجّل 45 حريق غابات في اليونان لليوم الثالث على التوالي الذي يشهد رياحاً شديدة أدّت إلى عمليات إجلاء وقائية في عدد من القرى.

«الشرق الأوسط» (أثينا)
المشرق العربي طفل سوري يبيع الثلج في دمشق لمكافحة موجة الحر (رويترز)

موجة حر تقض مضاجع أهالي دمشق والشوارع والسطوح ملاذهم

تشهد دمشق ومحيطها موجة حر شديدة هي الأولى من نوعها هذا العام، لم تخفف منها زيادة ساعات وصل التيار الكهربائي.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
بيئة أشخاص على مسار للسكك الحديدية بينما يتصاعد الدخان من مصانع الصلب بالقرب من أحد الأحياء الفقيرة في دكا ببنغلاديش في 29 أغسطس 2023 (رويترز)

تلوث الهواء يسبّب وفاة ألفي طفل يومياً

قال تقرير الأربعاء إن نحو ألفي طفل يموتون يومياً بسبب مشكلات صحية مرتبطة بتلوث الهواء، الذي يعد الآن ثاني أكبر عامل خطر للوفاة المبكرة في جميع أنحاء العالم.

«الشرق الأوسط» (باريس)
الرياضة الحلقات الأولمبية على برج «إيفل» التاريخي خلال بروفة حفل افتتاح دورة الألعاب الأولمبية 2024 في باريس على نهر السين يوم 17 يونيو 2024 (إ.ب.أ)

أولمبياد باريس: تحذير من انهيار الرياضيين بسبب الحرارة الشديدة

حذَّر تقريرٌ جديدٌ مدعومٌ من علماء مناخ ورياضيين (الثلاثاء) من مخاطر درجات الحرارة المرتفعة للغاية في أولمبياد باريس هذا العام

«الشرق الأوسط» (باريس)
علوم الشرق الأوسط... البقاء في مستقبل أكثر حرارة وجفافاً

الشرق الأوسط... البقاء في مستقبل أكثر حرارة وجفافاً

يدمج المطورون مبادئ التصميم المستدام التي تنسق الممارسات القديمة والهندسة المعمارية الحديثة لتقليل الحرارة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

10 اتجاهات للذكاء الاصطناعي الأكثر تأثيراً في عام 2024

نظم الذكاء الاصطناعي متعدد الوسائط تولِّد الأصوات والنصوص والصور والفيديو وتبدع الفنون الرقمية
نظم الذكاء الاصطناعي متعدد الوسائط تولِّد الأصوات والنصوص والصور والفيديو وتبدع الفنون الرقمية
TT

10 اتجاهات للذكاء الاصطناعي الأكثر تأثيراً في عام 2024

نظم الذكاء الاصطناعي متعدد الوسائط تولِّد الأصوات والنصوص والصور والفيديو وتبدع الفنون الرقمية
نظم الذكاء الاصطناعي متعدد الوسائط تولِّد الأصوات والنصوص والصور والفيديو وتبدع الفنون الرقمية

لا تزال اتجاهات الذكاء الاصطناعي تعيد تعريف المشهد التكنولوجي والعلمي؛ إذ إن الابتكارات التي تعزز بشكل كبير قدرات البرمجيات تؤثر بصورة كبيرة على الأنشطة البشرية في مختلف القطاعات.

مع مُضيِّنا قُدماً في عام 2024، فإن البقاء في صدارة الاتجاهات الرئيسية لتطوير هذه التكنولوجيا اليوم أمر ضروري لكل المهنيين والشركات التي تهدف إلى الاستفادة من أحدث التقنيات، لدفع عجلة النمو والابتكار.

اتجاهات الذكاء الاصطناعي

فيما يلي نظرة سريعة على أهم اتجاهات الذكاء الاصطناعي للعام الحالي، وآثارها المحتملة، وفقاً لتقرير عرضته مجلة «إي ويك» الإلكترونية:

1- حضور متزايد: يعزز الذكاء الاصطناعي التوليدي حضوره الذي يحظى بشعبية كبيرة بالفعل، فإنشاء المحتوى الأكثر الدقة والأتمتة والتنفيذ الأكثر كفاءة في قطاعات مثل المجال الطبي، يتطور بسرعة.

2- للمستخدمين وصنّاع القرار: يعمل الذكاء الاصطناعي متعدد الوسائط على زيادة ربط أنواع البيانات بتفاعلات أكثر ثراء؛ إذ إن تعزيز قدرة الذكاء الاصطناعي على فهم أشكال متعددة من البيانات والتفاعل معها واستخدامها، يعمل على تحسين تجارب المستخدمين وعمليات صنع القرار.

3- الأمن الرقمي: يعزز الأمن السيبراني الموجه بالذكاء الاصطناعي الأمن الرقمي؛ إذ يقدم الذكاء الاصطناعي مزيداً من الدقة في الكشف عن التهديدات، وحلولاً أكثر استقلالية للأمن السيبراني، للمساعدة في الاستجابة للتهديدات السيبرانية بشكل أكثر كفاءة.

4- توسيع نطاق الذكاء الاصطناعي المدمج، والذكاء الاصطناعي الذي يركز على تجارب المستخدم: إن الإدماج المباشر للذكاء الاصطناعي في واجهات المستخدم والعمليات التشغيلية، يعزز الكفاءة وتجربة المستخدم إلى حد بعيد.

المشاركة الجماعية والجوانب الأخلاقية

5- تطور عملية المشاركة الجماعية في مجال الذكاء الاصطناعي، وإمكانية الوصول إلى أدواته على نطاق واسع: إن زيادة إمكانية الوصول إلى أدوات الذكاء الاصطناعي القوية، بما يتجاوز شركات التكنولوجيا الكبرى، تعزز الابتكار عبر جميع أحجام الأعمال.

6- دمج الرؤية الحاسوبية والأتمتة الفائقة في التصنيع: يعمل الذكاء الاصطناعي على تحويل التصنيع التقليدي، عبر الأتمتة المتطورة والدقة المعززة.

7- خطورة ارتفاع الذكاء الاصطناعي في اقتصاد الظل: هناك حاجة إلى سياسات أكثر قوة للتصدي للتحديات التي يفرضها استخدام تكنولوجيات الذكاء الاصطناعي غير المصرح بها داخل المؤسسات.

8- النمو في الذكاء الاصطناعي مفتوح المصدر: يحدث قدر أكبر من الابتكار والتعاون، بسبب توفر مصادر وأدوات الذكاء الاصطناعي مفتوحة المصدر.

9- تعزيز الامتثال والتوقعات الأخلاقية: تعمل الشركات على تطوير أدوات ذكاء اصطناعي مسؤولة وأكثر أخلاقية، للتوافق مع المعايير واللوائح العالمية.

10- تقلص حجم نماذج اللغة: تكتسب نماذج الذكاء الاصطناعي وظائف أكبر، حتى مع تصاميمها الأصغر حجماً، مما يوفر أداء أعلى بموارد أقل.

شعبية الذكاء الاصطناعي

ويمكن الخوض بشكل أعمق في الاتجاهات الثلاثة الأولى.

أولاً– يعزز الذكاء الاصطناعي التوليدي حضوره الذي يحظى بشعبية كبيرة بالفعل. وقد أدى تطويره إلى إحداث تغيير كبير في مختلف قطاعات الصناعة، وخصوصاً قطاعات مثل الرعاية الصحية والصناعات الإبداعية.

> في مجال الرعاية الصحية: يساعد في تشخيص الأمراض، وتسريع اكتشاف الأدوية، من خلال محاكاة الأنظمة البيولوجية المعقدة، وبالتالي تحديد الحالات المرشحة المحتملة لتطوير الأدوية بصورة أسرع.

> في المجالات الإبداعية: يعزز إنشاء المحتوى عبر مختلف الوسائط، مثل الفن الرقمي والموسيقى وإنتاج الفيديو، مما يتيح التخصيص عالي المستوى، وتوليد المحتوى الذي يتوافق بشكل وثيق مع تفضيلات المستخدم أو المستهلك.

> مخاوف أخلاقية: يزداد اهتمام المستخدمين بمجال الذكاء الاصطناعي التوليدي، ويرجع ذلك في المقام الأول إلى قدرته على أتمتة وتعزيز العمليات الإبداعية، ما يعني توفيراً كبيراً للوقت والتكلفة وإمكانات جديدة للتخصيص.

ومع ذلك، فإن تبنِّي الذكاء الاصطناعي التوليدي على نطاق واسع يثير مخاوف أخلاقية؛ لا سيما فيما يتعلق بدقة إنتاجه وأصالته، واحتمال ضياع الوظائف في المجالات الإبداعية. كما تشكل هذه التكنولوجيا أيضاً مخاطر إساءة الاستخدام، مثل خلق المحتوى المزيف تزييفاً عميقاً، والذي يمكن أن تكون له آثار اجتماعية خطيرة.

> ثورة التصميم والتسويق: بالنسبة للشركات، يَعِد الذكاء الاصطناعي التوليدي بمواصلة إحداث ثورة في تصميم المنتجات، والتسويق، وإشراك العملاء من خلال تمكين خلق تجارب المستخدمين الأكثر تكيفاً وابتكاراً.

ومع ذلك، يجب على الشركات أن تكون حذرة في استخدام الذكاء الاصطناعي التوليدي. ويجب عليها التعامل مع الاعتبارات الأخلاقية وردود الفعل السلبية المحتملة من إساءة استخدام تكنولوجيات الذكاء الاصطناعي، وضمان استخدام الذكاء الاصطناعي التوليدي بطريقة تعزز سلامة العلامة التجارية وثقة العملاء.

تفاعلات أكثر ثراء

ثانياً- يعمل الذكاء الاصطناعي متعدد الوسائط على زيادة ربط أنواع البيانات بتفاعلات أكثر ثراء.

يعالج الذكاء الاصطناعي متعدد الوسائط أنواعاً متعددة من مدخلات البيانات، مثل النصوص والصور والصوتيات، ويدمجها.

> تفهُّم القدرات الحسية والمعرفية البشرية: وقد اكتسب ذلك الاتجاه من الذكاء الاصطناعي زخماً، مع إدراك الشركات قيمة إنشاء أنظمة ذكاء اصطناعي أكثر دقة ووعياً بالسياق، يمكنها أن تفهم وتتفاعل بطرق تعكس القدرات الحسية والمعرفية البشرية. يتيح دمج أنواع البيانات المختلفة فهماً واستجابة أكثر شمولاً من أنظمة الذكاء الاصطناعي. والفائدة هي تحسين تجارب المستخدمين ودعم اتخاذ القرار. ومع ذلك، فإن تعقيد تصميم هذه الأنظمة يقدم تحديات من حيث تكامل البيانات، وقوة المعالجة، والحفاظ على الخصوصية عبر تدفقات البيانات المختلفة.

> تفاعل مع البشر والمنتجات: مع نمو الذكاء الاصطناعي متعدد الوسائط، يمكننا أن نتوقع رؤية واجهات خدمة العملاء المعززة بشكل كبير وقدرات التفاعل مع المنتج.

الذكاء الاصطناعي متعدد الوسائط سيجعلها أكثر سهولة واستجابة؛ حيث يمكنه الاستفادة بشكل أفضل من الحواس البشرية المتعددة في وقت واحد. وبوسعنا أن نتوقع أيضاً أن نرى تقنيات مثل تطبيقات الإبداع وأدوات البحث تصبح أكثر سلاسة ودقة. إضافة إلى ذلك، يمكن أن يساعد الذكاء الاصطناعي المتعدد الوسائط الشركات على اتخاذ أوضاع أمان أكثر قوة؛ حيث إن الجمع بين أنواع البيانات يمكن أن يؤدي إلى اكتشاف أكثر شمولاً للتهديدات.

الأمن الرقمي

ثالثاً- يعزز الأمن السيبراني الموجه بالذكاء الاصطناعي الأمن الرقمي.

لقد تم دمج الذكاء الاصطناعي في بعض حلول الأمن السيبراني لبضع سنوات على الأقل الآن، ولكن أدوات الأمن السيبراني التي تعمل بالذكاء الاصطناعي أصبحت الآن أكثر شعبية بسرعة مع توسيع قدراتها.

> أمن رقمي بالذكاء الاصطناعي: من المتوقع أن ينمو سوق الأمن السيبراني الموجه بالذكاء الاصطناعي، من نحو 24 مليار دولار في عام 2023 إلى ما يقرب من 134 مليار دولار بحلول عام 2030. ويستخدم الأمن السيبراني الموجه بالذكاء الاصطناعي التعلم الآلي للتنبؤ بالتهديدات السيبرانية، واكتشافها، والاستجابة لها بسرعة وكفاءة أكبر من الطرق التقليدية. كما أن التهديدات السيبرانية لا تتباطأ؛ لا سيما مع تقاطع الذكاء الاصطناعي التوليدي والأمن السيبراني الذي يقدم مجموعة جديدة كاملة من التحديات القائمة على الذكاء الاصطناعي. وتصبح هذه التهديدات أكثر تعقيداً يوماً بعد يوم، وهو ما يتطلب تدابير أمنية أكثر ديناميكية وتكيفاً. ويعزز الذكاء الاصطناعي قدرات الكشف عن التهديدات، ويمكن أن يستجيب بشكل مستقل للتهديدات في الوقت الحقيقي. وهذا من شأنه أن يقلص إلى حد بعيد من فرصة المهاجمين لإلحاق الأذى.

> نقاط ضعف الذكاء الاصطناعي: في بعض الحالات، قد يشكل الاعتماد على الذكاء الاصطناعي للأمن مخاطر تتعلق بنقاط الضعف، والتحيزات المحتملة للذكاء الاصطناعي؛ حيث يمكن للمهاجمين استغلال هذه الثغرات في أنظمة الذكاء الاصطناعي، وتحويلها إلى تهديدات، واستخدام التحيزات لإحداث أقصى قدر من الضرر.

يمكن أن يساعد تطبيق حلول الأمن السيبراني الموجهة بالذكاء الاصطناعي الشركات على حماية البيانات والأنظمة المهمة بشكل أكثر فعالية، والحفاظ على الامتثال للمتطلبات التنظيمية المتطورة. ومع ذلك، تحتاج المؤسسات إلى تحديث ومراقبة أنظمة الذكاء الاصطناعي باستمرار، للحماية من التهديدات الناشئة، وضمان أن التدابير الأمنية لا ينتهي بها المطاف إلى الإخلال بخصوصية المستخدم أو سلامة النظام عن غير قصد.