جين بشري فريد يعزز وظيفة المناعة لدى غالبية البشر

يمكّن الخلايا المناعية من اختراق الأنسجة المصابة بالعدوى بكفاءة أكبر

جين بشري فريد يعزز وظيفة المناعة لدى غالبية البشر
TT

جين بشري فريد يعزز وظيفة المناعة لدى غالبية البشر

جين بشري فريد يعزز وظيفة المناعة لدى غالبية البشر

اكتشف باحثون من جامعة بوفالو في الولايات المتحدة أن الشكل النشط لجين «CHRFAM7A» يعزز مجموعة واسعة من السمات الوقائية.

جين لدى ثلاثة أرباع البشر

تم العثور على هذا الجين لدى 75 في المائة من البشر. وهو جين بشري فريد نشأ بعد انفصال الإنسان عن سلفه المشترك مع الشمبانزي منذ ملايين السنين.

وكانت دراسات سابقة للباحثين في الجامعة قد حددت كيفية قيام الجين بحماية الإنسان ضد اضطرابات الذاكرة، مثل مرض ألزهايمر، لكن دوره في وظيفة المناعة لم يكن مفهوماً جيداً، إلى أن اكتشف الباحثون في الدراسة الجديدة أن هذا الجين يعزز وظيفة المناعة أيضاً.

ونشرت نتائج الدراسة في مجلة «eBioMedicine» في 2 أبريل (نيسان) 2024، التي أجريت بقيادة كينغا سيجيتي المؤلفة الرئيسية، وأستاذ علم الأعصاب في كلية جاكوبس للطب والعلوم الطبية الحيوية، وزملائها في جامعة كاليفورنيا بالولايات المتحدة.

ميزة مناعية

بما أن الجينات البشرية الفريدة تمنح الناس سمات خاصة بالإنسان، فإن من الصعب إيجاد نماذج حيوانية تقليدية للأمراض المرتبطة بهذا الجين؛ لأنها تفتقر إليه. ولهذا لا يمكن لها أن تعكس بدقة كيفية عمل بعض الأدوية اللازمة في البشر.

وقد اعتقد الباحثون دائماً في حقيقة أن هذه الطفرة الوراثية تقتصر على البشر حصراً . ونظراً لأنها ساعدت الناس على البقاء أحياء لمدة طويلة، فقد أصبح المزيد والمزيد من الناس حاملين لها. وكانت نتائج دراسة سابقة بقيادة كينغا سيجيتي وزملائها والمنشورة في 28 يوليو (تموز) 2023 في مجلة «eBioMedicine» قد أشارت إلى أن جين «CHRFAM7A» يوفر ميزة مناعية فريدة من خلال تمكين الخلايا المناعية من اختراق الأنسجة المصابة بكفاءة أكبر.

وتعد هذه القدرة ضرورية للوصول إلى المناطق التي تكون فيها إمدادات الدم محدودة، أو تلك المعرضة للخطر بسبب المرض مما يسمح لجهاز المناعة بالسيطرة على العدوى بسرعة أكبر، بحيث لا يسمح للبكتيريا أو الفيروسات بالتكاثر السريع.

أهداف دوائية جديدة

يؤثر جين «CHRFAM7A» على إشارات الكالسيوم، وهي عملية أساسية لكثير من الوظائف البيولوجية ما يشير إلى أنه يمكن أن يؤثر على كثير من العمليات البيولوجية والمرضية الأخرى. وتسلط كينغا سيجيتي الضوء على أن الشكل النشط لجين «CHRFAM7A» يوفر الحماية ضد اضطرابات متعددة، مما يشير إلى أهداف دوائية جديدة محتملة.

وقد استخدم فريق البحث الخلايا الجذعية متعددة القدرات المهندسة وراثياً والمصممة للتعبير عن طفرة جين «CHRFAM7A» التي تم بعد ذلك تمييزها إلى الخلايا المستجيبة الأولى للجهاز المناعي المعروفة باسم الوحيدات أو الخلايا الوحيدة «monocytes» لاختبار فاعليتها في اختراق نماذج الأنسجة.

والخلايا الوحيدة هي أحد أنواع خلايا الدّم البيضاء التي تساعد على تنظيم الاستجابة المناعية في الجسم، خاصّة في حالات العدوى والالتهاب، وتمثل ما يقارب 5 في المائة من عدد خلايا الدم البيضاء في جسم الإنسان البالغ الطبيعي.

وتعمل هذه النتائج على توسيع فهم العلماء للسمات الوقائية للجين، وتفتح إمكانيات لأهداف دوائية جديدة تهدف إلى تعزيز وظيفة المناعة، وعلاج الاضطرابات المتعددة.

التهابات مناعية

وظهر أن جين «CHRFAM7A» مرتبط بحالات متعددة مختلفة من الأمراض الناجمة عن نشاط جهاز المناعة المتزايد، بما في ذلك الاستجابة الالتهابية الجهازية «systemic inflammatory response»، ومرض التهاب الأمعاء (IBD) «inflammatory bowel disease»، وعاصفة السيتوكينات المرتبطة بـ«كوفيد»، «COVID-associated cytokine storm»، والاضطرابات المعرفية العصبية المرتبطة بفيروس نقص المناعة البشرية «HIV-associated neurocognitive disorders»، والتهاب المفاصل العظمي «osteoarthritis»، كما يقوم الفريق بمزيد من التحقيق في دور الجين في الدماغ، ومرض التهاب الأمعاء، والانتشار السرطاني.


مقالات ذات صلة

نظام «كريسبر» جديد لإسكات الجينات بدلاً من «قصّها»

علوم نظام «كريسبر» جديد لإسكات الجينات بدلاً من «قصّها»

نظام «كريسبر» جديد لإسكات الجينات بدلاً من «قصّها»

زر «إيقاف مؤقت» على التعليمات الجينية داخل الخلايا

د. وفا جاسم الرجب (لندن)
صحتك أطفال سوريون في مخيم ببلدة سعد نايل في منطقة البقاع (أ.ف.ب)

الحرب تؤثر على جينات الأطفال وتبطئ نموهم

لا يعاني الأطفال الذين يعيشون في بلدان مزقتها الحرب من نتائج صحية نفسية سيئة فحسب، بل قد تتسبب الحرب في حدوث تغييرات بيولوجية ضارة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
علوم  41 منطقة جديدة من الجينوم تعمل على تعديل خطر الإصابة بالانزلاق الغضروفي (غيتي)

الكشف عن العوامل الوراثية المرتبطة بـ«الانزلاق الغضروفي»

تؤثر مناطق الجينوم المكتشفة حديثاً على بنية القرص الفقري والالتهاب ووظيفة الأعصاب.

د. وفا جاسم الرجب (لندن)
علوم الصورة لحالة من سرطان الخلايا القاعدية... أحد أنواع سرطان الجلد

«تقنيات جينومية» لفهم أعمق لسرطان الجلد العدواني

«قرحة مارجولين» الخبيثة لا يمكن تشخيصها بسهولة.

د. وفا جاسم الرجب
علوم «الحمض النووي الريبي الطويل غير المشفَّر» مفتاح لعلاج الصرع والتوحد

«الحمض النووي الريبي الطويل غير المشفَّر» مفتاح لعلاج الصرع والتوحد

اكتشاف مهم للمرضى المعانين من اضطراب نادر في النمو العصبي

د. وفا جاسم الرجب (لندن)

الكشف عن العوامل الوراثية المرتبطة بـ«الانزلاق الغضروفي»

 41 منطقة جديدة من الجينوم تعمل على تعديل خطر الإصابة بالانزلاق الغضروفي (غيتي)
41 منطقة جديدة من الجينوم تعمل على تعديل خطر الإصابة بالانزلاق الغضروفي (غيتي)
TT

الكشف عن العوامل الوراثية المرتبطة بـ«الانزلاق الغضروفي»

 41 منطقة جديدة من الجينوم تعمل على تعديل خطر الإصابة بالانزلاق الغضروفي (غيتي)
41 منطقة جديدة من الجينوم تعمل على تعديل خطر الإصابة بالانزلاق الغضروفي (غيتي)

سلطت دراسة حديثة الضوء على التقدم الكبير في فهم الأسس الجينية للانزلاق الغضروفي القطني، ووجدت 41 منطقة جديدة من الجينوم تعمل على تعديل خطر الإصابة بالانزلاق الغضروفي، بالإضافة إلى 23 منطقة كانت حُددت سابقاً.

كما توفر الدراسة رؤى جديدة بشأن كيفية تأثير هذه المناطق على بنية القرص الموجود بين الفقرات (القرص الفقري)، والالتهاب، ووظيفة الأعصاب. وتتعلق النتائج الرئيسية بالجينات المرتبطة بالأعصاب، والتي تعزز فهمنا كيفية تسبب الانزلاق الغضروفي في ألم طويل الأمد وتجارب ألم متفاوتة.

الجينات و«الانزلاق الغضروفي»

يعدّ الانزلاق الغضروفي القطني أحد أكثر التغيرات البنيوية شيوعاً في أسفل الظهر، والسبب الأكثر شيوعاً لألم العصب الوركي في الساق، وقد حُقق في عوامل الخطر الوراثية للانزلاق الغضروفي في دراسة دولية قادتها مجموعة بحثية من فلندا.

وحللت الدراسة، التي نُشرت في مجلة «Nature Communications» يوم 7 نوفمبر (تشرين الثاني) 2024، برئاسة يوهانس كيتونين، من وحدة أبحاث الصحة السكانية بكلية الطب والمركز الحيوي في جامعة أولو، البيانات الجينية والصحية لنحو 830 ألف مشارك من بنوك حيوية قوية، مثل «البنك الحيوي الفلندي والإستوني» و«البنك الحيوي البريطاني»، وقيّمت دور مجموعات البيانات الكبيرة في الكشف عن العلاقات الجينية المعقدة. وكان لاكتشاف 5 مناطق جينومية جديدة مرتبطة بحالات أكثر شدة تتطلب الجراحة أهمية كبيرة للتأكيد على إمكانية تصميم التدخلات الطبية.

وحددت الدراسة، بالإضافة إلى ذلك، ارتباطات جديدة بالقرب من الجينات المرتبطة بالجهاز العصبي ووظيفة الأعصاب. وقد أدت النتائج المتعلقة بوظائف الجهاز العصبي إلى زيادة فهمنا العلاقة بين الانزلاق الغضروفي العرضي والألم المنتشر.

جينات الاستعداد الوراثي

وقال فيلي سالو، الباحث في جامعة أولو والمحلل الرئيسي في الدراسة، إنهم وجدوا جينات الاستعداد الوراثي التي يمكنها تفسير إطالة الألم جزئياً وكذلك الاختلافات التي لوحظت سريرياً في الألم الذي يعانيه المرضى.

وهذا ما يساعد في تطوير أساليب إدارة الألم لمرضى الانزلاق الغضروفي الذين يعانون آلاماً شديدة، وبالتالي تحسين نوعية حياتهم، كما يقول المختص في الطب الطبيعي الذي شارك في البحث، جوهاني ماتا، من وحدة أبحاث العلوم الصحية والتكنولوجيا بكلية الطب في جامعة أولو بفنلندا.

و«الانزلاق الغضروفي القطني» هو إصابة للغضروف بين فقرتين من العمود الفقري، وعادة ما يحدث بسبب الإجهاد المفرط أو صدمة للعمود الفقري، ويعدّ من أكثر التغيرات البنيوية شيوعاً في أسفل الظهر، كما أنه السبب الأكثر شيوعاً لـ«الألم المنتشر» الذي يسمى «عرق النسا»؛ إذ يحدث «الألم المنتشر» بسبب تهيج الأعصاب الذي يحدث بسبب ضيق العصب الناجم عن الانزلاق، وخصوصاً بسبب زيادة العوامل الالتهابية في منطقة الانزلاق الغضروفي.

والانزلاق الغضروفي شائع جداً حتى لدى الأشخاص الذين لا تظهر عليهم أعراض. ويزداد تكراره مع تقدم العمر، ويسبب أعراضاً لبعض الأشخاص فقط عندما يهيج العصب؛ فالعوامل المرتبطة بتطور الانزلاق الغضروفي معروفة نسبياً، لكن التحقيق في خلفيتها الوراثية لم يحظ باهتمام كبير.

التنبؤ بالإعاقة والألم بعد الجراحة

ووفقاً لدراسة نُشرت في 7 فبراير (شباط) 2024 بمجلة «JAMA»، وقادها بيورنار بيرج، من «مركز صحة الجهاز العضلي الهيكلي الذكي» بكلية العلوم الصحية في جامعة أوسلو النرويجية، فقد طور بيرج وزملاؤه نماذج التنبؤ بالإعاقة والألم بعد 12 شهراً من جراحة الانزلاق الغضروفي القطني، وأكدوا صحة هذه النماذج.

كما أكدت الدراسة على إمكانات التعلم الآلي في تعزيز عملية اتخاذ القرار السريري وإرشاد المرضى فيما يتعلق بنتائج جراحة الانزلاق الغضروفي القطني، فقد استخدم البحث مجموعة بيانات شاملة من السجل النرويجي لجراحة العمود الفقري، وحلل أكثر من 22 ألفاً و700 حالة لتطوير نماذج التنبؤ بالإعاقة والألم بعد الجراحة.

واكتشف الباحثون أن معدلات عدم نجاح العلاج كانت على النحو التالي: 33 في المائة للحالات التي قيست باستخدام «مؤشر أوزويستري للإعاقة (ODI)»، و27 في المائة للحالات التي قيست باستخدام «مقياس التصنيف العددي (NRS)» لألم الظهر، و31 في المائة للحالات التي قيست باستخدام المقياس نفسه؛ أي «مقياس التصنيف العددي لألم الساق».

وهذا يشير إلى أن نسبة كبيرة من المرضى لم يحققوا نتائج ناجحة في تقليل الإعاقة أو تخفيف الألم بعد جراحة الانزلاق الغضروفي القطني.

دعم التشخيصات

و«مؤشر أوزويستري للإعاقة Oswestry Disability Index (ODI)» مشتق من استبيان لآلام أسفل الظهر يستخدمه الأطباء والباحثون لقياس الإعاقة الناجمة عن آلام أسفل الظهر ونوعية الحياة. و«أوزويستري» مدينة تاريخية في شروبشاير بإنجلترا.

أما «مقياس التقييم الرقمي (NRS) Numeric Rating Scale» فيقيس مستوى الألم من 0 إلى 10 (حيث يشير 0 إلى عدم وجود ألم، و10 إلى ألم شديد).

ويشير استخدام البيانات قبل الجراحة بوصفها متنبئات إلى أنه يمكن دمج هذه النماذج في سير العمل السريري عبر أنظمة السجلات الطبية الإلكترونية، مما يدعم «التشخيصات الشخصية» ويساعد في اتخاذ القرارات المشتركة للجراحة.

ويؤكد المؤلفون على الحاجة إلى مزيد من التحقق الخارجي بسجلات جراحة العمود الفقري الأخرى؛ لتوسيع نطاق التطبيق. كما يمثل هذا التطور خطوة مهمة نحو الطب الدقيق في جراحة العمود الفقري، مما قد يحسن نتائج المرضى ويحسن التخطيط الجراحي.