«نمو البلوغ المتسارع» يرتبط بمخاطر صحية للبالغين

تحليل الطفرات الجينية يُمهِّد الطريق لعلاج متفرّد لكل شخص

«نمو البلوغ المتسارع» يرتبط بمخاطر صحية للبالغين
TT

«نمو البلوغ المتسارع» يرتبط بمخاطر صحية للبالغين

«نمو البلوغ المتسارع» يرتبط بمخاطر صحية للبالغين

كشفت دراسة جديدة عن وجود صلة وراثية بين نمو الطول السريع خلال فترة البلوغ وزيادة المخاطر الصحية في هذه المرحلة العمرية، مثل الرجفان الأذيني والسكري من النوع الثاني وسرطان الرئة.

كما كشفت النتائج عن كيف يمكن لعوامل وراثية محددة مرتبطة بنمو البلوغ أن يكون لها تأثيرات طويلة المدى على الصحة، مما يؤكد أهمية الأساليب الطبية الشخصية القائمة على الملامح الجينية. ويقدم البحث رؤى مهمة حول كيفية تأثير النمو المبكر في الحياة على إدارة مخاطر أمراض البالغين المختلفة.

نمو البلوغ

استخدمت الدراسة بيانات واسعة النطاق لأفراد من خلفيات متنوعة، لتحليل أنماط نمو البلوغ وتأثيراتها الصحية على المدى الطويل، وتم التعرف على العلاقة الجينية بين نمو الطول خلال فترة البلوغ والصحة طويلة المدى في مرحلة البلوغ من خلال دراسة جديدة من جامعة «ساري» في المملكة المتحدة وجامعة «بنسلفانيا» في الولايات المتحدة، نُشرت في مجلة «جينوم بيولوجي Genome Biology» في 16 يناير (كانون الثاني) 2024.

إصابات خطيرة في الكِبَر

كانت إحدى النتائج الملحوظة، الارتباط بين كون الفرد أطول في وقت مبكر من سن البلوغ ومروره بمرحلة نمو أسرع في سن البلوغ من جهة، مع زيادة خطر الإصابة بالرجفان الأذيني (atrial fibrillation) في وقت لاحق من الحياة من جهة أخرى. وهذا الرجفان هو حالة تتميز بمعدل ضربات القلب غير المنتظم والسريع بشكل غير طبيعي. بالإضافة إلى ذلك وُجد أن الأفراد الذين لديهم وتيرة أسرع لنمو الطول في سن البلوغ لديهم كثافة معادن أعلى في العظام وزيادة في مستويات مقاومة الأنسولين وزيادة خطر الإصابة بمرض السكري من النوع الثاني وسرطان الرئة.

ولمعالجة الفجوة المعرفية في هذا المجال استخدم الباحثون تحليلاً لمنحنى النمو على 56 ألف شخص من خلفيات أسلاف متنوعة يحتوي على قياسات طولهم من سن الخامسة إلى مرحلة البلوغ. ومنحت هذه البيانات للباحثين رؤية شاملة لأنماط النمو عبر مجموعات سكانية مختلفة وفترات زمنية مختلفة.

وقالت الدكتورة زانا بالخياروفا، المؤلفة المشاركة في الدراسة من قسم الطب السريري والتجريبي بجامعة «ساري» بالمملكة المتحدة، إن الدراسة تؤكد أهمية التحليلات الجينية واسعة النطاق في الكشف عن تعقيدات صحة الإنسان وهي تكشف عن رؤى جديدة حول العوامل الوراثية التي تؤثر في النمو خلال فترة البلوغ وتأثيراتها على المدى الطويل. ومع كل اكتشاف يقترب الباحثون أكثر من الطب الذي يلبِّي الاحتياجات الفريدة لكل فرد.

علاقات جينية لنمو الطول

وحدد الباحثون 26 جيناً مرتبطاً بمختلف جوانب نمو البلوغ بما في ذلك حجم طفرة النمو وتوقيتها وشدتها. ومن أجل إجراء مزيد من التحقيق في التأثير مدى الحياة للمتغيرات الجينية المرتبطة بمسارات نمو البلوغ حلّل الباحثون أيضاً الارتباط الجيني والأنماط الظاهرية، وهي الخصائص التي تمكن ملاحظتها للفرد من بيانات من بنك «Penn Medicine Biobank» والبنك الحيوي في المملكة المتحدة.

وباستخدام هذه البيانات وجد الفريق لأول مرة العلاقات الجينية بين نمو الطول لدى الأطفال ومجموعة واسعة من النتائج الصحية على مدى عمر الشخص.

وقالت الدكتورة آنا أولريش من قسم التمثيل الغذائي والهضم والتكاثر في «إمبريال كوليدج لندن» بالمملكة المتحدة والمشاركة أيضاً في الدراسة، إن النتائج التي توصل الباحثون إليها تتحدى فكرة نمط النمو الأمثل الذي يناسب الجميع. وبدلاً من ذلك فإنها تؤكد التفاعل المعقَّد بين علم الوراثة والصحة وتسلِّط الضوء على أهمية النهج الشخصي لإدارة الصحة. وتؤكد البروفسورة إنجا بروكوبينكو، كبيرة الباحثين في الدراسة وأستاذة e - One Health ورئيسة قسم الإحصاءات المتعددة في جامعة «ساري»، أن «هذه الدراسة تمثل خطوة كبيرة إلى الأمام في فهم الأساس الجيني لنمو البلوغ وأثره البعيد، والتوصل إلى آثاره على الصحة مدى الحياة، ولكونها تكشف عن الأسرار المشفرة في حمضنا النووي فإننا نقترب من المستقبل، إذ تُحدث التدخلات المصممة بناءً على السمات الجينية الفردية ثورةً في الرعاية الصحية».

وأشارت إلى أهمية الأساليب الشخصية لإدارة الصحة من خلال فهم التفاعل المعقَّد بين علم الوراثة والصحة، إذ يهدف الباحثون إلى إحداث ثورة في الرعاية الصحية من خلال تدخلات مخصصة تعتمد على الملامح الجينية الفردية.


مقالات ذات صلة

نظام «كريسبر» جديد لإسكات الجينات بدلاً من «قصّها»

علوم نظام «كريسبر» جديد لإسكات الجينات بدلاً من «قصّها»

نظام «كريسبر» جديد لإسكات الجينات بدلاً من «قصّها»

زر «إيقاف مؤقت» على التعليمات الجينية داخل الخلايا

د. وفا جاسم الرجب (لندن)
صحتك أطفال سوريون في مخيم ببلدة سعد نايل في منطقة البقاع (أ.ف.ب)

الحرب تؤثر على جينات الأطفال وتبطئ نموهم

لا يعاني الأطفال الذين يعيشون في بلدان مزقتها الحرب من نتائج صحية نفسية سيئة فحسب، بل قد تتسبب الحرب في حدوث تغييرات بيولوجية ضارة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
علوم  41 منطقة جديدة من الجينوم تعمل على تعديل خطر الإصابة بالانزلاق الغضروفي (غيتي)

الكشف عن العوامل الوراثية المرتبطة بـ«الانزلاق الغضروفي»

تؤثر مناطق الجينوم المكتشفة حديثاً على بنية القرص الفقري والالتهاب ووظيفة الأعصاب.

د. وفا جاسم الرجب (لندن)
علوم الصورة لحالة من سرطان الخلايا القاعدية... أحد أنواع سرطان الجلد

«تقنيات جينومية» لفهم أعمق لسرطان الجلد العدواني

«قرحة مارجولين» الخبيثة لا يمكن تشخيصها بسهولة.

د. وفا جاسم الرجب
علوم «الحمض النووي الريبي الطويل غير المشفَّر» مفتاح لعلاج الصرع والتوحد

«الحمض النووي الريبي الطويل غير المشفَّر» مفتاح لعلاج الصرع والتوحد

اكتشاف مهم للمرضى المعانين من اضطراب نادر في النمو العصبي

د. وفا جاسم الرجب (لندن)

​الذكاء الاصطناعي في علاج جذور الأسنان

​الذكاء الاصطناعي في علاج جذور الأسنان
TT

​الذكاء الاصطناعي في علاج جذور الأسنان

​الذكاء الاصطناعي في علاج جذور الأسنان

حقق الذكاء الاصطناعي تقدماً كبيراً في اكتشاف وتوقع جوانب مختلفة في علاج جذور الأسنان المسماة من قِبل عامة الجمهور بـ«حشوات العصب» Endodontics.

الذكاء الاصطناعي يرصد جذر الأسنان

في مجال الاكتشاف، تم استخدام الذكاء الاصطناعي لتحديد الآفات والخراجات حول قمة جذور الأسنان، وكسر التاج والجذر، وتحديد طول الجذر، وكشف تشريح الجذور والقنوات. تشمل مهام التنبؤ تقدير الحاجة إلى إعادة العلاج. تُعد الخراجات حول قمة جذور الأسنان، شائعة وتُشكّل تحديات في التشخيص وتخطيط العلاج للأطباء. ويمكن أن يُحسّن التعرف المبكر على هذه الآفات من نتائج العلاج من خلال منع انتشار المرض إلى الأنسجة المحيطة.

إن علاج جذور الأسنان أو حشوات العصب، المعروف أيضاً باسم «علاج العصب»، فرع من فروع طب الأسنان يركز على تشخيص، ومعالجة أمراض لب الأسنان (العصب) والجذور.

يتضمن هذا العلاج إزالة اللب التالف أو المصاب داخل السن (لب السن المحتوي على العصب والشريان والوريد والأوعية اللمفاوية وكثير من الخلايا لكن الكل يسمي اللب بالعصب!)، وتنظيف وتعقيم القنوات الجذرية، ثم حشوها بمواد طبية خاصة لمنع العدوى المستقبلية، وحماية الأسنان من مزيد من التلف.

أهمية علاج جذور الأسنان

- تخفيف الألم: يساعد علاج الجذور في تخفيف الألم الشديد الناتج عن التهابات العصب، إذ قالت العرب: «لا ألم إلا ألم الضرس».

- إنقاذ الأسنان: يمكن أن يمنع العلاج الفقدان الكامل للسن المتضررة، مما يحافظ على الأسنان الطبيعية بدلاً من اللجوء إلى التعويضات الصناعية.

- منع العدوى: العلاج الفوري والعناية الجيدة تمنعان انتشار العدوى إلى الأنسجة المحيطة والعظام، وقد تم تسجيل بعض حالات الوفاة من انتقال الصديد من خراجات الأسنان إلى الدورة الدموية.

وحسب المكتب العربي في منظمة الصحة العالمية فإن هناك أكثر من 130 مليون عربي بالغ يعانون من تسوس أو نخر الأسنان، ونسبة كبيرة منهم ستحتاج إلى حشوات العصب.

الذكاء الاصطناعي يسابق جراحي الأسنان

* رصد الخراجات: أجرى العالم البريطاني أندرياس وزملاؤه دراسة مقارنة ما بين أداء خوارزمية الذكاء الاصطناعي و24 جراح فم ووجه في اكتشاف الخراجات حول قمة جذور الأسنان على الأشعة البانورامية. وخلصت الدراسة إلى أن خوارزميات الذكاء الاصطناعي القائمة على التعلم العميق تفوقت على بعض الجراحين. وبالمثل، أظهرت دراسة أخرى أن نماذج الشبكات العصبية التلافيفية CNN، (وهي من مكونات الذكاء الاصطناعي المستلهمة من العصب البصري لتحديد الأشكال)، أدت أداءً أفضل من ثلاثة أطباء استشاريي أشعة فم ووجه، في اكتشاف الخراجات حول قمة جذور الأسنان أثناء المحاكاة على الأشعة داخل الفم.

وفي دراسة أخرى نشرت في مجلة «طب الأسنان» البريطانية أخيراً، استخدم العالم أورهان وزملاؤه أكثر من 100 أشعة مقطعية للأسنان لاختبار نظام الذكاء الاصطناعي، وذكروا دقة اكتشاف عالية مقارنة باختصاصي الأشعة.

تشخيص كسور الجذور وأطوالها

* تشخيص كسور الجذور الأفقية والعمودية: وهو مهمة تتطلب الخبرة، ويفشل تقريباً 75 في المائة من الأطباء في تحديدها على الأشعة. تم تطوير نماذج من الذكاء الاصطناعي لاكتشاف كسور الجذور تلقائياً على الصور الشعاعية للأسنان ثنائية وثلاثية الأبعاد.

أظهرت دراسة لفوكودا وزملائه أن الذكاء الاصطناعي يمكن أن يكون أداة واعدة لتشخيص الكسور الجذرية العمودية على الأشعة البانورامية. وأظهرت دراسة أخرى للدكتور جوهاري من «هارفارد» وزملائه أداءً ممتازاً باستخدام خوارزمية الذكاء الاصطناعي للكشف عن الكسور الجذرية العمودية بدقة 96.6 في المائة.

* تحديد طول الجذر بدقة: خطوة حاسمة لنجاح علاج قناة الجذر أو حشوات العصب، حيث إن 60 في المائة من فشل علاج حشوات العصب بسبب عدم الحساب الدقيق لطول قناة العصب، ما يؤدي إلى قصر أو زيادة الحشوة، ويؤدي بدوره إلى فشل العلاج، وتفاقم الخراج مع خطورة ذلك.

أظهرت الدراسات أن الشبكات العصبية الاصطناعية (وهي من مكونات الذكاء الاصطناعي) يمكن استخدامها لتحديد طول الجذر بدقة. أبلغ الدكتور ساغيري وزملاؤه في بحث منشور أخيراً في مجلة «طب الأسنان» الأميركية أن الذكاء الاصطناعي يمكن استخدامه أداة إضافية لتحديد موقع خروج العصب من قمة جذر الأسنان، وقد أثبت ذلك عدم وجود فروق في قياسات طول الجذر عند مقارنة الذكاء الاصطناعي مع القياسات الفعلية بعد إجراء القياسات الفعلية.

معدلات نجاح عالية

وهكذا فقد أظهرت خوارزميات الذكاء الاصطناعي القائمة على CNN معدلات نجاح عالية في الكشف التلقائي عن الأسنان وتجزئتها على الأشعة ثنائية وثلاثية الأبعاد.

ويتمتع الذكاء الاصطناعي بمستوى عالٍ، مقارنة بالمراقبين البشريين، ولكن مع أوقات معالجة أسرع بكثير. وبما أن تحديد تشريح الجذور والقنوات هو أمر ضروري لنجاح علاج قناة الجذر، فإن لدى تطبيقات الذكاء الاصطناعي القدرة على المساهمة في هذه المهام.

*رئيس جمعية الذكاء الاصطناعي بطب الأسنان في الشرق الأوسط.

حقائق

130 مليون عربي بالغ يعانون من تسوس أو نخر الأسنان ونسبة كبيرة منهم ستحتاج إلى حشوات العصب