الجينات وبكتيريا الأمعاء تتنبآن بمخاطر الأمراض

اختباراتها يمكن أن ترصد أمراض السكري والسرطان مبكراً

الجينات وبكتيريا الأمعاء تتنبآن بمخاطر الأمراض
TT

الجينات وبكتيريا الأمعاء تتنبآن بمخاطر الأمراض

الجينات وبكتيريا الأمعاء تتنبآن بمخاطر الأمراض

أظهرت دراسة حديثة أن درجات المخاطر المستندة إلى اختبارات الجينات البشرية وبكتيريا الأمعاء يمكن أن تحسن التنبؤ بالأمراض مقارنة بعوامل الخطر التقليدية وحدها.

تحسين التنبؤ بمخاطر الأمراض

عندما يتعلق الأمر بالتنبؤ بخطر إصابة شخص ما بمرض الشريان التاجي أو السكري من النوع الثاني أو الزهايمر أو سرطان البروستاتا، فإن الجمع بين عوامل الخطر التقليدية التي يستخدمها الأطباء اليوم مع التقنيات الجديدة التي تحدد حجم المخاطر الجينية، أو ما يعرف بدرجات المخاطر المتعددة الجينات، وفحوصات ميكروبيوم الأمعاء، أدى إلى تنبؤات أقوى للأمراض المزمنة الشائعة.

وتساعد اختبارات «درجات المخاطر المتعددة الجينات» (PRSs) polygenic risk scores، في تقدير خطر الإصابة بمرض أي فرد بناءً على تركيبته الجينية الفريدة، ورغم أنها لا تقدم تنبؤات مطلقة فإنها تساهم برؤى قيمة لاتخاذ القرار الصحي الشخصي.

وتعد هذه الدراسة واحدة من أولى الدراسات التي نظرت في التأثير المشترك لعلم الوراثة وميكروبيوم الأمعاء على مخاطر الأمراض وتمهد الطريق لنهج أكثر دقة وقوة للتنبؤ بالمرض. وقد نُشرت في مجلة «نتشر ايجنغ» Nature Aging في 25 مارس (آذار) 2024 وأشرف عليها يانغ ليو من قسم علم الجينوم لأنظمة كمبريدج بيكر قسم الصحة العامة والرعاية الأولية جامعة كمبريدج البريطانية. واستندت إلى بيانات جمعت من أكثر من خمسة آلاف شخص بالغ. وهي ثمرة تعاون بين معهد بيكر للقلب والسكري وجامعة كمبريدج والمعهد الفنلندي للصحة والرعاية الاجتماعية.

وتتمثل أهم عوامل الخطر التقليدية في: العمر والجنس، ومؤشر كتلة الجسم، وضغط الدم، ومستويات الكوليسترول، ومستويات السكر التراكمي HbA1c ويعرف أيضاً بالهيموغلوبين السكري glycated hemoglobin، وقد أدى جمعها مع درجات المخاطر الجينية وبيانات الميكروبيوم المعوي إلى تحسن التنبؤ بالأمراض المذكورة أعلاه، كما أظهر إمكانات التحليل واسع النطاق لوراثة الشخص وبكتيريا الأمعاء في تحسين الأداء التنبؤي.

نهج تحليل بيولوجي متعدد

واستخدمت في البحث تقنيات متعددة الأوميك Multi – omic، وهي نهج تحليل بيولوجي قوي يوفر رؤية شاملة لصحة الإنسان من خلال الجمع بين البيانات عبر مستويات بيولوجية مختلفة، مما يؤدي إلى رؤى أعمق حول التطور الطبيعي والاستجابات الخلوية وتحليل البيانات المتعلقة بالأمراض، بدءاً من الجينوم والبروتين والحامض النووي الريبي إلى علم الإبيجينوم epigenome (الجينات المتأثرة بالبيئة) والميكروبيوم microbiome، كما يوضح كذلك مؤشرات حيوية جديدة لمختلف الأمراض الشائعة المرتبطة بالعمر، حيث يسمح هذا النهج الشامل بإجراء تقييم أكثر دقة وشخصية لمخاطر الأمراض.

واعتمدت الدراسة على بيانات من أكثر من 5670 شخصاً بالغاً من مجموعة فينريسك FINRISK 2002 القائمة على السكان، ما يوفر تحليلاً قوياً للتنبؤ بالمرض خلال فترة بلغت نحو 18 عاماً من متابعة سجلات الصحة الإلكترونية. ومجموعة فينريسك 2002 هي دراسة مهمة أجريت في فنلندا، كان هدفها الأساسي هو تقييم مشروع منطقة شمال كاريليا، وهي دراسة على مجتمع كبير تهدف إلى الحد من الوفيات الناجمة عن أمراض القلب والأوعية الدموية في المقاطعة الواقعة شرق فنلندا. وركز المشروع على عوامل الخطر الرئيسية مثل ارتفاع نسبة الكوليسترول في الدم، وارتفاع ضغط الدم، وانتشار التدخين من خلال التغييرات السلوكية.

نهج تحليل بيولوجي قوي يوفر رؤية شاملة لصحة الإنسان

اختبار جيني للتنبؤ بمخاطر القلب

وكانت دراسة سابقة نُشرت في مجلة «Nature Middle East» في 12 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023. قد أشارت إلى تطوير طريقة جديدة للتنبؤ بمخاطر أمراض القلب لدى العرب باستخدام البيانات الوراثية، حيث إنهم يتحملون عبئاً كبيراً من أمراض القلب والأوعية الدموية.

ومن أجل معالجة هذا القصور قام باحثون من جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية «كاوست» في المملكة العربية السعودية بالتعاون مع باحثين من الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية بتطوير طريقة تستخدم بيانات «دراسات الارتباط على مستوى الجينوم» genome - wide association study (GWAS) والأدوات الحاسوبية للتنبؤ بخطر الإصابة بأمراض القلب بدقة كبيرة.

وقد تم تطبيق هذه الطريقة على مجموعات عربية، ومن الممكن توسيع نطاقها لتشمل مجموعات عرقية أخرى. ويُعد هذا البحث خطوة مهمة نحو تحسين الرعاية الصحية والتشخيص المبكر لأمراض القلب في المجتمعات المتنوعة.

وأخيراً، فإن التنبؤ المبكر بأمراض مثل مرض الشريان التاجي ومرض الزهايمر وسرطان البروستاتا ومرض السكري من النوع الثاني يتيح تنفيذ استراتيجيات الوقاية، حيث يتضمن ذلك تحديد المخاطر الشخصية والطرق غير الجراحية للكشف المبكر عن الأمراض.

وبشكل عام، تؤكد نتائج هذه الدراسة على أهمية دمج بيانات الأوميك المتعددة لتعزيز التنبؤ بالأمراض، مما يمهد الطريق لاستراتيجيات أكثر تخصيصاً وفاعلية في مجال الرعاية الصحية، لا سيما في الكشف المبكر عن الأمراض المزمنة الشائعة والوقاية منها.


مقالات ذات صلة

فيروس الهربس قد يزيد خطر الإصابة بألزهايمر

صحتك فحوص تصوير مقطعي لشخص مصاب بألزهايمر (رويترز)

فيروس الهربس قد يزيد خطر الإصابة بألزهايمر

كشفت دراسة جديدة عن أن مرض ألزهايمر قد يكون ناجماً في بعض الأحيان عن فيروس الهربس الذي ينتقل من الأمعاء إلى الدماغ.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك أحد حمامات الصين (أرشيفية - أ.ف.ب)

كم مرة يجب عليك التبول يومياً وفقاً للخبراء؟

هل هناك عدد محدَّد لمرات التبول في اليوم؟ وماذا ينصح الخبراء الصحيون في هذا الأمر؟

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك تتم إزالة اللوزتين جراحياً لمئات الآلاف من الأطفال حول العالم كل عام (رويترز)

استئصال اللوزتين قد يزيد فرص إصابتك بالاضطرابات العقلية

كشفت دراسة جديدة أن استئصال اللوزتين يمكن أن يزيد من خطر إصابة المريض باضطرابات عقلية في وقت لاحق من الحياة.

«الشرق الأوسط» (بكين)
صحتك مسافرون  بمطار هامبورج، مع بدء إجازة عيد الميلاد (د.ب.أ)

نشاط واحد قد يعزز من صحة عقلك بشكل كبير... ما هو؟

الخبراء يقولون إن هناك ترابطاً بين الإجازات والفوائد الصحية المؤثرة على صحتك الإدراكية والعقلية، إليك كيف يمكن للسفر أن يحسِّن من صحة دماغك.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
يوميات الشرق الثقة هي الأساس لأي علاقة ذات مغزى وتعمل كأساس حيوي يعزز الألفة والارتباط العاطفي (رويترز)

نصائح للتحكم في النفس بنجاح

قدَّم موقع «سيكولوجي توداي» نصائح للتحكُّم في النفس؛ حيث قال إن التحكم في النفس يشير إلى مقاومة الرغبات

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

نهاية الإنترنت... كما نعرفها

نهاية الإنترنت... كما نعرفها
TT

نهاية الإنترنت... كما نعرفها

نهاية الإنترنت... كما نعرفها

يبدو أن الإنترنت ينهار... ولكن ليس حرفياً، أي من الناحية البنيوية؛ لأنها لا تزال شبكة سليمة؛ إذ إن هناك الكثير من كابلات الألياف الضوئية التي تبطن قاع المحيط، وأبراج الهاتف الخلوي التي ترتفع في الأفق فوق معالم المدن، إضافة إلى مراكز البيانات المليئة بالخوادم، كما كتب سكوت نوفر(*).

انهيار أسس الويب «النفعي»

لكن الأسس ذاتها للويب النفعي utilitarian web - المنصات التي تدعم تجاربنا اليومية عبر الإنترنت - تبدو مهتزة، تنبض بالهزات الأولى للانهيار.

للبدء، يبدو أن لا شيء يعمل بعد الآن... كان محرك بحث «غوغل» يوفر ذات يوم مساعدة على مستوى الدليل الإرشادي لسكان الإنترنت. الآن أصبح مليئاً بالإعلانات والأشرطة الجانبية وطُعم للنقر المحسّن لمحركات البحث، والتخمينات المدعومة بالذكاء الاصطناعي للإجابات المحتملة لأسئلة الناس.

نتائج بحث «غوغل» لا ترتبط بالجودة

في وقت سابق من هذا العام، وجدت مجموعة من الباحثين الألمان أن «غوغل» صنفت صفحات مراجعات المنتجات في مرتبة عالية عندما كانت تحتوي على نص منخفض الجودة، وأطنان من الروابط التابعة لمواقع التجارة الإلكترونية، وكانت مليئة بحيل تحسين محركات البحث التي لا تتوافق تماماً مع الجودة.

بعبارة أخرى، كانت «غوغل» تسمح لأدنى المستويات بالاستيلاء على منصتها.

«أمازون» تزخر بمنتجات «الراعين»

على أمازون، تتناثر الأرفف الرقمية بالمنتجات المدعومة من «الرعاة» لها، والنسخ الرخيصة من المنتجات الرائجة شعبياً. وعلى «أمازون» أو «غوغل»، ستحتاج غالباً إلى وقت أطول قليلاً للحصول على أي شيء مفيد أو ذي صلة عن بُعد عند البحث عن شيء تريده.

لقد أطلقت شكاوى مكافحة الاحتكار الحكومية ضد كلتا الشركتين عليها في الأساس؛ لأنهما تجنيان الرسوم من المعلنين، الذين يدفعون من أجل جذب انتباه المستخدمين، ما أدى إلى تدهور هذه الخدمات في هذه العملية. عندما تجعل شركات التكنولوجيا العملاقة الكبيرة خدماتها المعتمدة أسوأ، فهذا أمر سيئ للمستهلكين، حتى لو لم يكن عليهم دفع المزيد.

انحدار منصات التواصل الاجتماعي

على وسائل التواصل الاجتماعي، يكون الوضع أكثر خطورة. يعد «فيسبوك» جيداً وظيفياً للقتال مع أصدقاء المدرسة الثانوية حول السياسة، والحصول على تذكيرات عيد الميلاد وغيرها، لم تعد هناك أخبار تقريباً على المنصة.

وكما خمنت، فإن إعلانات منصة «إكس» منخفضة الجودة، فهي عبارة عن مستنقع يمينى مليء بمنافقى إيلون ماسك، وملصقات احتيال رجال التكنولوجيا، وأسوأ الإعلانات التي رأيتها على الإطلاق. أما «تيك توك» أحد الأماكن القليلة المثيرة للاهتمام والمصادفة والمبهجة (عادةً) على الإنترنت، فهي منصة معرضة لخطر الحظر من الولايات المتحدة في الشهر المقبل ما لم تتدخل المحكمة العليا المحافظة أو الرئيس المنتخب دونالد ترمب نفسه لإنقاذها.

الذكاء الاصطناعي والتزييف في المنصات

ويعني صعود الذكاء الاصطناعي التوليدي أن كل واحدة من هذه المنصات أصبحت الآن مشبعة بما يسمى عادةً بالهراء، والصور المزيفة السيئة المهينة المصممة غالباً لخداع أو إثارة غضب الناس. إنك قد تجد مجموعات على موقع «فيسبوك» تتفاخر بالمناظر الطبيعية الخلابة دون أن تدرك أنها تتلاشى إذا أمعنت النظر، وأن عارضة الأزياء الجميلة على موقع «إنستغرام» في الصورة لديها أصابع كثيرة للغاية.

جشع الشركات وانحسار الابتكار

إن الإنترنت، بطبيعة الحال، شبكة تسيطر عليها أكبر الشركات وأغناها وأقواها في العالم. إنه ليس إنترنت ميتاً، بل إنه حي ومهمل، ملعون فقط بسبب جشع الشركات وكسلها ولامبالاتها.

ولم تعد شركات وادي السيليكون العملاقة تتنافس ولم تعد تبتكر، وبدلاً من ذلك، تعمل على خفض التكاليف، وتعزيز هوامش الربح وحجب المنافسين من أجل الحفاظ على عادات الاستهلاك والهيمنة على السوق. تمنحنا المنصات عبر الإنترنت الراحة، لكنها لا تقدم أي جديد، ولديها فائدة متلاشية في حياتنا الرقمية بشكل متزايد.

في عام 2025، ربما ينفجر كل شيء. ولكن من المؤمل أن يبدأ الناس في إعادة التفكير في اعتمادهم على المنصات الرقمية التي تعاملهم بازدراء تام، كما لو كانوا مستهلكين، وكأنهم «مستخدمون». إذا كانت هذه نهاية الإنترنت كما نعرفها، فإنني أشعر بأنني بخير.

مجلة «فاست كومباني»، خدمات «تريبيون ميديا».